الفصل الثاني عشر

هو اليوم المُنتظر ، اليوم الذي إنتظرته أصالة  لشهور وسنوات  ، اليوم كتب كتابها على منْ تمنته  طوال حياتها ،  الحبيب الأولي ، الحبيب الذي سكن القلب دون أسباب، فنال منه ما نال من الحب والاحتواء .
إستيقظت من نومها أو تقاطعت نومها ، هي في الأساس لم تنم ، فلا نوم قد زار العين ولا هدوء قد رافق العقل .
صخب من الضجيج بالعقل لا مثيل له ، فرحه  تشعر أنها غير مكتملة .
فرحه بها جزء من الخوف والرعب بألا يكتمل ما تتمناه لأي سبب من الأسباب .
هي في الأساس لم تتمنى شيء وتم تحقيقه .
أمسكت هاتفها مُقرره حديث ليلى وإخبارها عما حدث ليلة أمس .
لكن قبل أن تتصل بها إبتسمت لنفسها ثم تحدثت ( كل مُر سيمر مهما طال بقاءه أو زاد آلامه لا بد وأن يمُر ) .

صباح الخير يا ليلى .
ليلى : صباح الجنه يا ست أصالة ، والله لسه مكلمه زين من شويه عشان نيجي لوالدك ، لكن زين قال إن يوسف كلمه وحكى له على كل إللي حصل امبارح مع والدك .
وقال إن كتب كتابكم اليوم ، ألف مليون مبروك يا قلبي ، ألف مليون مبروك .
أصالة بفرح : يبنتي اصبري عليا يا بنتي
إنتِ مش سبتي ليا حاجه أقولها  .
ليلى بمرح  : فرحانه ليكي يا قلبي والله فرحانه ليكي .
أصالة : عارفه والله يا قلبي ، الله يبارك فيكي .
عقبالك يارب إنتِ وزين إن شاء الله .
ليلى بهدوء : يارب يا أصالة ،  يسمع من بوقك ربنا .
أصالة : إن شاء الله كل شيء هيكون زي ما بتتمنوا ، المهم إنتِ معايا طول اليوم النهارده مليش دعوه هاااا .
ليلى بفرحه : من غير ما تقولي يا حبيبتي ، أنا شويه و هلبس و آجي ليكي على طول .
أصالة : ربنا ما يحرمني منك يا حبيبتي ، يلا اجهزي ، سلام .
ليلى : سلام .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

آسر : سمعت الأخبار الجديده ؟!
سديم : أخبار عن مين بالظبط ؟!
آسر : عن الولد والبنت إللي كانوا هنا امبارح !
سديم : قصدك على يوسف يعني ؟!
ماله ؟!
آسر : كتب كتابه اليوم على البنت إللي كانت معاه هنا .
سديم بإبتسامه : طب ده كويس ، كده مشت الأمور كما خُطط لها بالظبط .
آسر بغضب : إزاي مش فاهم ؟؟
كده مصيبه أصلًا ، فين الحاجه الكويسه في الموضوع ؟!
سديم : مصيبه في إيه مش فاهم ؟
آسر : البنت دي هتمنعه من إنه يكمل المشوار ، هتمنعه من إنه يحضر الملك الأعظم ، هتمنعه من إنه يدخل السرداب من الأساس ، أنت نسيت هي عملت إيه هنا امبارح ؟!
سديم : لأ مش نسيت يا آسر ، بس الموضوع مش بالخوف والقلق ده .
إللي بيحصل ده مصلحه كبيره لينا .
آسر بعدم فهم : إللي بيحصل مصلحه لينا ؟؟
إللي هو إزاي مش فاهم ؟
سديم : عشان أنت مش بتفكر ولا بتشوف إلا تحت رجليك ، مش بتعرف تشوف وتفكر لبعيد .
عشان نحضر الملك أجاويد  ويرجع بالقوه القصوى بتاعته لازم الشخص إللي بيحضره يكون قوي وبمواصفات خاصه  عشان يستمد القوه منه  والمواصفات دي في يوسف وأصالة مع بعض .
يعني واحد من غير التاني هتكون القوه ناقصه  .
ولو القوه ناقصه و الشخص ضعيف الملك الأعظم هيكون مش كامل ، قواه ناقصه .
يوسف لو كان حضر الملك لوحده مكنش هيكون بالقوه   إللي هيحضره بيها بوجود البنت دي معاه .
آسر : ماشي ماشي مش عندي مشكله في كل ده ، أنا متفق جدًا عليه .
لكن أنا تفكيري فيما بعد ، في دخول السرداب نفسه .
الطبيعي والمنطقي إنها هتصمم تدخل معاه ، و ده في حد ذاته شيء جنوني ومش هينفع .
لو قررت تدخل السرداب هتموت  ؟!
سديم بإبتسامه : عارف إنها هتموت ، لكن إللي يهمنا هو تحضير الملك بالقوى العظمي وبعد كده مش محتاجين أي حاجه ، إحنا مش محتاجين أي حاجه غير إن الملك أجاويد يتحرر من قيوده ، وإللي هيقدر يحرره ويحضره هو يوسف ، بعد كده مش محتاجين حاجه .
آسر بغضب : أنت بتقول إيه يا سديم ؟؟
أوعى تقول إنك عايز تضحي بيها ؟!
البنت لو دخلت معاه السرداب هتموت ومش هتقدر تتحمل !!
مش هتقدر تتحمل لا ظلمات السرداب التلاته ولا  أي تعويذه موجوده هناك سواء من تعاويذ الملك هتان أو الرصد الناري .
لا يا سديم ده مش أسلوبنا ولا دي طريقتنا ، إحنا مش مؤذيين ، مش ينفع تضحي بيها .
تحرك سديم من موضوعه حتى صار مقابل تمامًا لآسر فـ تحدث بغضب : اسمع يا آسر،  اسمع إللي هقوله كويس .
إحنا عانينا كتييير أوي هنا .
تعبنا وإحنا متشردين لسنين بعيد عن عالم أرنغل ، اتحرمنا من كل شيء يخصنا وكل شيء ينتمي لينا  عشان ندور على الملك أجاويد أو بمعني أصح ندور على الشخص إللي قادر يحرر الملك أجاويد عشان يرجع ملكنا إللي اتاخد  .
أنا مش هضيع أي فرصه تانيه عشان خاطر أي حد أيًا كان .
يوسف هيحضر أجاويد وقريب جدًا مهما كان التمن ، وكمان هو إللي هيدخل بيه السرداب .
أنا مش عايز أي حد تان غيره ، لكن لو هي صممت تدخل معاه مش همنعها هي  إللي هتكون استعجلت موتها .
آسر : بس هي ملهاش أي ذنب إنها تموت ؟!
ليه تموت ؟!
سديم : وإحنا مش لينا أي ذنب في الحال إللي إحنا فيه ، مش لينا أي ذنب في إن عالمنا بيدمر وإحنا مش قادرين نعمل حاجه .
مش لينا أي ذنب في إننا منفيين هنا  ومش قادرين نرجع .

آسر : بسـ.....
قاطعه سديم متحدثًا بلهجه أمر : انتهى الكلام يا آسر ، روح هناك وخليك مع يوسف في كل مكان يتحرك ليه ، خليك حوليه واحميه من أي خطر .
روح وراقب كل حاجه وعرفني كل التفاصيل أول بـ أول .
آسر بإستسلام : حاضر ... حاضر .

غادر آسر المكان  متجهًا حيث يتواجد يوسف ، يراقبه ، يراقب تحركاته وكل ما يفعل كما أُمِر من قائده .
أما عن سديم فـ ظل في موضعه يُحاول أن يجد أي طريقه يُعجل بيها إحضار الملك الأعظم ... يعلم جيدًا أن الأمر إن طال أكثر من ذلك ستعلم كتائب  الجن الناري بالأمر ولن يترددوا للحظه بقتل يوسف و إنهاء الأمر عن بكره أبيه .
هو بداخله لا يود أن يضحى بأي شخص ليس له ذنب في الأمر ، لكن إن أُضطر إلى ذلك فلن يتردد للحظه في إنهاء حياه أي شخص يمنع من عوده الملك أجاويد إلى عالم أرنغل .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أنا خلصت شغلي يا سلمى ، هروح بقى عشان أستلم شغلي في الصيدليه .
النهارده أول يوم ومش عايز أتأخر بقى .
سلمى بفرحه : وهو كذلك يا عم زين ، بالتوفيق يارب العالمين .
زين : ربنا يبارك فيكي يارب  ، اه صح النهارده كتب كتاب يوسف صاحبي إللي كنت كلمتك عنه ، متنسيش تيجي ها ؟!
سلمى بقلق : يوسف بتاع السرداب ؟؟
زين ببتسامه : ايووووه بالظبط كده ، كتب كتابه اليوم .
سلمى بحالتها القلقه : إلا هو صحيح عمل إيه في الموضوع ده ؟
وصل لحاجه ؟؟
زين : ولا حاجه يا ستي ، آخر حاجه قابل عجوز كده وحكي له حاجات كتير أوي عن السرداب وبعد ما خلاص كنا بنحاول نشيل الموضوع من عقله جه العجوز ده وسيطر عليه تمامًا ورجع تان الموضوع من الأول وأقوى من الأول .
في تلك اللحظه زادت ضربات قلب سلمى قلق ورعب أضعاف ما في قلبها ثم تحدثت : معلومات جديده وعجوز ؟؟
مش قولت ليا يعني ؟
قال له معلومات إيه؟
أو فين العجوز ده ؟

زين : مش افتكرت والله ،  معلومات زي العالم التان و إللي فيه وحاجات عبيطه كده وكمان ملك منتظر اسمه أجاويد  بيقول له إن هو إللي هيحرر العالم التان ويوحده وهبل كده  كتير ... العجوز بيقولوا إنه  عند سور الازبكيه .
سلمى بإبتسامه قلقه :  كلام  عبيط صحيح ، يلا ربنا يهديه ، إن شاء الله هاجي مش تقلق ، يلا روح أنت بقى عشان مش تتأخر عن الشغل الجديد .
زين : اه صح ، يلا سلام لأجل .
سلمى : سلام لأجل .

فور أن غادر زين المكان أمسكت سلمى هاتفها ومن ثم أخرجت أحد الأرقام وبدأت في  مهاتفته .

: عندي معلومات جديده ومعلومات خطيره جدًا .
:- معلومات إيه !!
:- عن الولد إللي حضرتك كنت شاكك فيه .
:- يوسف ؟!
:- اه ،  صاحبه لسه مكلمني دلوقت وقال ليا معلومات خطيره جدًا .
قال إن الولد ده عرف معلومات كتير عن السرداب وعن العالم التان ، عرف حاجات كتير جدًا والأخطر من كده عرف اسم الملعون أجاويد .
:-  كنت حاسس إن الموضوع مش مجرد صدفه ،  جه الوقت خلاص إللي لازم نخلص على الولد ده .
:- عندك حق ، كل لحظه بتعدي وهو موجود الخطر بيزيد علينا وعلى الملك دواني .
لكن في خبر حلو بعيد عن كل  ده .
:- خبر حلو بعد كل ده ؟!
سلمى بإبتسامه : اه ، عرفت مكان سديم وآسر .
: -  بتتكلمي بجد ؟!
سلمى بثقه :- اه ، في مكان اسمه سور الأزبكية .
:- يااااااه ، أخيرًا  ، اخيرًا آخر جنود كتيبه الجن المائي ، تعبت وأنا بدور عليهم ، موتهم هو الحل .
الأول نخلص من يوسف وبعد كده سبيهم ليا أنا .
سلمى : تمام جدًا ، أنا زين دعاني للفرح وكده هروح ولا أعمل إيه ؟!
:- طبعًا هتروحي ، عايز  الفرح ده يتحول لموت ودم ، عايز كل شخص هناك يكون آخر يوم له .
الكل يموت ، عايز دم .
سلمى بإبتسامه ماكره : يااااه ، غالي والطلب رخيص ، اعتبره حصل ، من زمان مش شربت  دم ولا قتلت حد ، يااااه دي فرصتي .
فرصتي إللي فضلت مستنياها كتير في التخلص من كل المجموعه دي .
:- حلو أوي ، الفرصه جتلك ، وريني هتعملي إيه .
:- خلاص تمام  هوريك هعمل إيه ، يلا سلام  .
:- سلام .

إزيك يا عروسه ؟!
اصالة بفرحه : أهلين يا أخويا ، خير عايز إيه؟!
يوسف بصدمة : أخويا ؟؟
إنتِ عبيطه يا بنتي ، أنا بعد ساعات هكون جوزك أخوكي إيه دي ؟
اصالة بمكر : لما نكتب الكتاب بعدها ابقى اعمل إللي أنت عايزه ، المهم يعني عايز إيه؟!
يوسف : مش عارف والله عايز إيه ، بس أنا مش لاقي حاجه أعملها قولت أكلمك ، إنتِ بتعملي إيه؟!
اصالة : ولا حاجه برده قاعده مستنيه ليلى تيجي ، وبابا خرج من بدري يخلص شويه ورق له كده عشان يكون فاضي بليل .
يوسف : طيب مش ناويه تكلمي والدتك عشان تكون موجوده ؟!
اصالة بحزن : والدتي ؟!
تفتكر مش حاولت أكلمها؟!
رنيت عليها كتير لكن مش بترد عليا ، هي أكتر حد كنت محتاجاه في يوم زي ده ، لكن للأسف بقى .
تنهد يوسف بحزن وأجاب: خير يا عم خير ، إن شاء الله ليلى هتقوم بالواجب  وبعدين منا موجود أهو  .
كده يبقى متعادلين لا والدتك ولا والدتي ، أنا كنت بتمنى أمى تكون موجوده ، كنت بتمنى تكون جنبي في يوم زي ده .
أكيد كانت هتبقى فرحانه صح ؟!
أصالة بحزن : أكيد  ، الله يرحمها يارب ، إن شاء الله هي في مكان أفضل وكمان حاسه بيك فـ لازم تكون فرحان عشانها .
يوسف : إن شاء الله ،  أنا كلمت زين وبلغته بكل حاجه وهو قال هيخلص شغل الصيدليه وييجي ، عشان هو أول يوم له في الشغل وكده فـ مش ينفع يستأذن .
اصالة : اه ليلى قالت ليا  ، أنت ناوي تعمل إيه دلوقت ؟!
يوسف : مش عارف والله ، بس أهو هظبط نفسي وكده لحد بليل أجيب بابا وزين ونيجي .
اصالة : خلاص تمام ، هسيبك دلوقت وأنا برده أروح أروق البيت وأظبط الدنيا لحد ما ليلى تيجي .
يوسف : خلاص تمام ، يلا سلام لأجل يا ست البنات .
اصالة: سلام يا عم الناس.

أغلق يوسف الهاتف مع أصالة ومن ثم اتجه إلى الصالون حيث يتواجد والده ، جلس بجواره مُقَبِّلًا يديه ومن ثم تحدث : أخبارك إيه يا سياده اللواء ؟!
عامر بحنان : الحمد لله يا عريس ، أنت عامل إيه ؟!
يوسف : بخير طول ما أنت بخير  .
عامر : يارب دايم يارب ، فرحان ؟!
يوسف : جدًا يا بابا ، فرحان جدًا ....
أخيرًا أصالة هتكون ليا بعد كل التعب والمشاكل إللي عشناها دي ، الموضوع كان صعب جدًا ، لحظه ما قالت ليا إنها هتسافر حسيت إن قلبي اتخلع من مكانه والله .
حسيت إن الدنيا كلها وقفت ومبقتش تتحرك ، مش كنت عارف أفكر أو أعمل إيه .
بس الحمد لله ، الحمد لله .
عامر : الحمد لله يا حبيبي ، خلي بالك منها هي بتحبك جدًا ، مش محتاج إني  أوصيك عليها يا يوسف ها ؟!
يوسف : مش محتاج يا بابا ، أصالة في قلبي وفي عيني .
بس إيه الصندوق إللي جنبك ده ؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي