الفصل الحادي عشر(11) .
في غرفة رؤوف في المشفى . . . . . . .
لين ببكاء و هي تقبل كل انش في وجه والده ثم امسك بيده بين يديها وتقبله و دموعها تتساقط بغزاره : و حشتني أووي يا بابا أووي أنا كنت بموت و انت مش جنبي اوعي تعمل كده تاني يا بابا أوتي تعمل كده و إلا والله أنا هزعل منك أووي و مش هكلمك انا بقولك اهو .
رؤوف و هو يداعب شعرها بعيون دامعه : انت كمان وحشتيني أوي يا حبيبتي انت عامله ايه و صفاء عامله ايه .
لين و هي تقبل يده مره أخري : أنا كويسه الحمد لله وداده كمان كويسه بس هي لسه تعبانه شويه عشان كده ما جاء معايا .
رؤوف بحب : ها بقي قوليلي عملتي ايه في الفترة الي فاتت .
لين بفرحه و حب : أنا فضلت فترة في المستشفي و بعدين اتحسنت و رشا و باباها و مامتها كانوا ديماً جنبي ما سبونيش و لا ثانيه و كمان قاسم كان ديماً معايا كان بيجي يزورني كل يوم و بعدين خفيت الحمد لله و قاسم كان عايز ياخدني أعيش عندهم بس انا اخترت اروح مع رشا و بعدها بشوية داده صفاء اتحسنت ف قاسم جابلنا خدامه و رجعنا بيتنا من تاني و أنا قدمت في كلية حقوق ايوه حقوق ما تبصليش كده و يلا شد حيلك عشان أنا عايزة اتعلم كما يجب أن يكون التعليم ..
و جلست تتحدث مع والدها و تحكي له ما حدث معها في الأيام الماضية و تحكي له عما فعله قاسم معها و ما يفعله من أجل أن يظل العمل بالمكتب كما هو حتي يكون عند عودته كما تركه و جلست تحكي و تتحدث غافلة عن أعين رؤوف التي اطمئنت و ظهر بها التصميم علي شي مبهم لم تعلمه هي بل لم تلاحظه حتي .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في المشفي . . . . . . . .
كان قاسم يجلس في الاستراحه الخاصه بالمشفي بعد أن صدمه كلام الطبيب الذي استطاع أن يحول فرحته الي حزن و لكنه بعد فترة كبيرة تنهد بحزن و قام من مكانه و ذهب إلي غرفة الدكتور رؤوف كي يقوم بالاطمئنان عليه . . . . . . . . و حاول بقدر ما يستطيع أن يرسم الابتسامة و الفرحه علي وجهه كي لا تشعر لين بأن هناك خطب ما . .. . . و ما أن وصل إلي باب الغرفه حتي أمسك بمقبض الباب بيده و قام بأخذ نفس عميق و قام بالطرق علي الباب . . . . و دخل الي الغرفه و الابتسامه الهادئه مرتسمه علي وجهه فوجد لين تجلس علي طرف الفراش عند قدم والدها تقوم بتدليكها له فذهب هو في اتجاه الفراش الذي يستلقي عليه رؤوف و نظر له بحب و لهفه و التقط يده يقبلها و قبل رأسها و هو يعبر عن فرحته بعودته إليهم سالماً .
قاسم بحب و هو ما زال يمسك بكف رؤوف بين يديه : الحمد لله علي سلامتك يا دكتور احنا كلنا كنا من غيرك تايهين و مش عارفين نعمل اي حاجه .
رؤوف و هو ينظر له بحب و امتنان علي ما فعله مع ابنته أثناء مرضه : الله يسلمك يا قاسم . . . . انا عايز اشكرك جداً علي اللي عملته مع بنتي لو قعدت اشكرك طول عمري مش هوفيك حقك . . . . . انت اثبت لي اني كنت علي حق لما قولت انك اكتر واحد ممكن اني استأمنه علي لين .
قاسم و هو يحاول مقاطعته : شكر ايه يا دكتور بس ! . . . . . . . هو احنا بنا شكر . . . و بعدين أنا الي عمري ما هقدر ارد ربع جمايلك و مساندتك ليا . . . . . . و بعدين أنا معملتش حاجه تستاهل الشكر . . . اي حد كان مكاني كان هيعمل الي عملته و أكثر .
لين بمقاطعه و هي تنظر له باحترام : ازاي بس دا انت تعبت معانا أوي و كفايه أوي تعبك في المكتب عشان تحافظ علي الشغل . . . . . و كمان تعبك في حل مشاكلي و مساعدتي لأ مش اي حد كان هيعمل كده .
رؤوف و قد تحولت ملامحه الجديه مع بعض الإرهاق الذي ترتسم علي وجهه و هو يعتدل في جلسته : لين حبيبتي معلش ممكن تسيبني مع قاسم شوية عشان أنا عايز أكلمه في موضوع مهم لوحدنا .
لين بعبوس و هي تنظر لوالدها بغيظ : يعني ايه يا سي بابا بتطردني و لا ايه . . . . . . بس علي العموم أنا هسيبكم دلوقتي بس عشان رايحه اشرب نسكافيه في الكافيتيريا . . . . . و بعدين لينا كلام تاني مع بعض .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و بالفعل نهضت لين من جوار والدها و خرجت من الغرفه و قامت بإغلاق الباب خلفها و ما أن اغلقته حتي التفت قاسم الي رؤوف بفضول و انتباه في إنتظار سماع ما يريد قوله و بعد عدة ثواني تنهد رؤوف و نظر إلي قاسم بتردد و قال له : أنا عارف يا قاسم انك وقفت جنبي و جنب بنتي في أوقاتنا الصعبه و كمان حافظت علي اسمي و شغلي . . . . . صمت قليلاً ليلتقط أنفاسه فهو يشعر بألم كبير في صدره و لكنه يحاول إخفائة و التغلب عليه ثم أردف مكملاً حديثة . . . . . . . بس انا دلوقتي طمعان في انك تحقق لي اخر أمنيه قبل اما أموت أنا حاسس ان أجلي قرب و يمكن ربنا أراد أن يمد في عمري السوية دول لحد ما اطمن علي لين .
قاسم بشفقه و حزن : ما تقولش كده يا دكتور ربنا يقومك بالسلامه و إن شاء الله هتطمن علي لين و تفرح بيها و انا بالنسبه ليا أنا هفضل جنبكم علي طول و هكون جنبها في اي حاجة تحتاجها .
رؤوف و هو متردد و لكنه قرر أن يلقي ما في فمه و ليحدث ما يحدث : قاسم أنا عايزك تتجوز لين ! ! ! . . للحظه لم يستوعب قاسم ما تفوه به رؤوف أحقاً ما سمعه . . . أم أنه لم يفهم المقصود من كلامه اهو بالفعل أنه يطلب منه أن يتزوج هذه الصغيرة لا لا من المؤكد أنه قد فهم الحديث بشكل خاطئ .
قاسم باستغراب و ذهول : حضرتك بتقول ايه .
رؤوف بجديه و هو يعيد عرض الطلب مرة أخري : أنا مش هطمن علي لين غير و هي معاك يا قاسم أنا عارف ان ايامي معدودة في الدنيا و مفيش وقت
أضيعه . . . . ثم صمتت قليلا و هو يدلك صدره بألم ثم أردف بترجي . . . . . . . أنا بترجاك يا قاسم وافق علي الجوازة دي .
قاسم بلهفه و هو يقاطع رؤوف : أرجوك يا دكتور رؤوف ما تترجانيش أنا اتشرف بنسب حضرتك . . . . ثم صمت قليلاً لا يعرف ماذا يقول . . . . . بس لين ؟ ! ! . . . لين في اختلاف و فرق كبير بيني و بينها و أهمها السن دا الفرق بنا أكتر من عشر سنين ازاي تدمر حياتها بالجواز دي ازاي امنعها حقها في أنها تعيش و تقابل و تحب و تتحب و تختار شريك حياتها ازاي .
رؤوف بالم و إرهاق : كل ده مش هيفرق و هي لوحدها في الدنيا من غير سند و لا ضهر يحميها و يحسسها بالأمان لين دي هشه و بريئة جداً . . . . هي عمرها ما عملت حاجه من غير مساعدتي و الي زيها هتضيع و يتداس عليها في الدنيا الوحشة بتاعتنا دي . . . . . أنا بس عايزاك تعرف أن أنا مش سهل عليا اني تجبرك أو اني بفرض بنتي عليك بالطريقة دي . . . . . . بس اني اكون مطمن عليها و أتأكد أنها في ايد أمينه أهم عندي من اي حاجه .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ساد الصمت في أرجاء الغرفة للحظات قبل أن يتكلم رؤوف بتفهم : أنا مش هضغط عليك يا ابني و انت كمان ما تضغطش علي نفسك دي بردوا حياتك مش لعبه . . . . و من حقك انك تاخد قراراتك فيها بتركيز أنا عارف اني أناني و ما فكرتش غير في بنتي بس بكرة تبقي اب و تعرف أنا حاسس بإيه دلوقتي . . . فكر يا بني براحتك و بعدين رد عليا و تأكد أنه مهما كان قرارك الموده و الاحترام الي بينا مش هيخسوا و انت هتفضل ابني و تلميذي المفضل .
قاسم بجمود و هو ينظر إلي الحائط بجوار رؤوف : أنا موافق يا دكتور . . انا موافق .
رؤوف بلهفه : بجد يا قاسم انت موافق . . . . . . . و لكنه صمت قليلاً ثم أردف . . . . . . .علي كل حال فكر براحتك يا بني و خد الوقت الي انت محتاجه و بعدين رد عليا . . . . أنا عارف اني بفرض عليك حاجات انت مش حاطتها في حساباتك سامحني يا بني بس معنديش حد غيرك أئتمنه علي بنتي و اسمي و تعبي سامحني يا بني سامحني .
قاطعها الباب الذي فتح فجأة و لم تكن سوي مشاكسة أبيها المدلله تدخل من باب في الغرفه و هي ما زالت عابسه من طرد أبيها لها من الغرفة و لكنها ما أن جلست حتي لاحظت الجو المتوتر و الوجوم المرتسم علي وجههما فسألت باستغراب .
لين باستغراب : ايه في ايه مالكم هو في حاجه حصلت .
قاسم و هو ينظر إليه بدون أن يتفوه و لو بحرف واحد . . . . . و لكنه بعد ثواني قليله نهض من مكانه : طب أنا مضطر اني امشي دلوقتي عشان في شغل كتير محتاج يخلص النهارده عشان عندي محكمة الصبح . . . . . . و ان شاء الله هاجي اطمن عليك بكرة بعد إذنكم .
رؤوف و هو ينظر لها بأمل : ماشي يا بني بس انا هستناك و فكر براحتك يا قاسم و أنا متأكد انك هتعمل الي فيه الخير .
قاسم و هو يومي برأسه بنعم : إن شاء الله بعد إذنكم .
خرج رؤوف من الغرفة مسرعا و ترك خلفه لين و رؤوف اللذان ينظران لأثره باستغراب و تمني .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في منزل هند . . . .
كانت هند تجلس بغرفتها و هي تفكر في قاسم و في الوضع الحالي لأبيها و التي كانت تجهله تماماً فهي لا تستطيع أن تتخيل أن تعيش في مستوي أقل من الذي عاشت فيه منذ ولادته وها هي بكل غباء قد أنهت اخر أمل لها في النجاه من واقع مرير .
ظلت تفكر و تفكر تريد أن تحاول إعادة الود بينها و بين قاسم باي طريقه و لكنها لا تجد الطريقه المناسبة فهي و بكل غباء قد أغلقت جميع الطرق التي من الممكن أن تجمع بينهم مرة أخري بحديثها السخيف التي أودعت به كل مخاوفها و ترددها و مكنونات قلبها دون أي حساب لهذا الوضع الذي وصلت إليه . . . فتنهدت بعنف ثم احتضنت وسادتها بين يديها و أخذت تفكر و تفكر في طريقه لإصلاح ما أفسده غباءها و تسرعها حتي وقعت عينيها علي هاتفها فظلت تنظر إليه بتردد ثم تنظر أمامها و هي تهز راسها نافية ثم تعود مره أخري و تنظر إليها و أخيراً قد جمعت أمرها و التقطت هاتفها و أصابعها متردده و كتبت رساله و لكنها جلست فتره ليست بقليلة قبل أن تقوي قلبها و ترسلها إليه ثم ألقت الهاتف بجوارها و قامت بأخذ مجله من فوق المنضده المجاورة لفراشها و أخذت تتصفحها محاولة اشغال نفسها و لكن مرت فتره طويله و لم يقوم قاسم بالرد علي رسالتها مما جعلها تشعر بالغضب و لكنه تحكمت في غضبها و قررت مراسلتنا مره أخري و لكن هذه المره قام بالرد عليها فابتسمت بثقه و اعتدلت في جلستها و جلست تراسله و لكن طريقته كانت جافه كأنه يحادثها رغماً عنه مما جعلها تشعر بالضيق و الغضب و ألقت بهاتفها بجوارها و استلقت علي الفراش تنظر إلي سقف غرفتها و هي شبه متيقنه أنه لا توجد فرصه لها في العوده مره أخري .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في منزل سالم الشريف كان قاسم يجلس كعادته في غرفته شارداً يفكر في حياته التي ضربها الريح فتناثرت في عدة اتجاهات حتي بات غير قادر علي فهم ما يحدث حوله قاطع شروده صوت هاتفه ينبه بوصول رساله فالتقط هاتفة و نظر إلي شاشتة باستغراب و هو عاقد حاجبية و ازداد استغرابه عندما شاهد اسم هند فهي من قامت بإرسال الرسالة فقام بفتحها باستغراب فوجدها عبارة ترحيب :
هند : هاي قاسم ، أخبارك ايه .
استغرب قاسم من رسالتها بشده فهي منذ أخر لقاء بينهم و هو لا يعلم عنها أي شئ فقد انقطعت عنه جميع الوسائل للاتصال بها فجرحها له و كلامها القاسي خطأ لن يغفره أو ينساه لها فلم يقوم بالرد علي رسالتها بل قرر تجاهلها و قام بوضع الهاتف بجواره و هو يعود بتفكيره الي طلب الدكتور رؤوف و بعد فترة قد وصل إلي قراره و هو الموافقة على طلب الدكتور رؤوف ف لين هذه الرقيقة البريئة يشعر اتجاهها بالمسؤلية و الرغبة في حمايتها من كل ما يمكن أن يتسبب في أذيتها و لكنه لم يفكر بها كزوجة أو حبيبة بل كإبنتة أو شقيقتة فالفروق الكبيره التي توجد بينهم لا تساعد علي تقبله فكرة الارتباط بها و أهمها هو فرق السن بينهما فهي من حقها أن تحب و تختار شريك حياتها لكن ما باليد حيلة فهو مدان للدكتور رؤوف بالكثير و هو لا يستطيع التغاضي عن توسل الدكتور رؤوف و لكن قاطعه مره أخري صوت الهاتف الذي يعلن عن وصول رسالة أخري و كانت هي الأخري من هند .
هند : قاسم أنا كنت عايزة اعتذر لك عن طريقة كلامي في أخر مرة اتقابلنا فيها .
نظر قاسم للرسالة طويلاً ثم ابتسم بسخريه و هو يقوم بكتابة الرد علي رسالتها : ما تعتذريش ساعات العصبية بتقول كلام جوانا مش قادرين نواجه بيه بس الحمد لله أنا الي عايز اشكرك انتي ساعدتيني من غير ما تحسي .
هند باستغراب : مش فاهمه حاجة ! ؟ قصدك ايه .
قاسم بإبتسامة هادئة : هتعرفي قريب معلش مضطر اقفل دلوقتي عشان ورايا شغل باي .
هند باستغراب و هي عاقده حاجبيها و تضيق عينيها تحاول فهم ما الذي كان يقصده قاسم بكلامه و لكنها بعد عدة دقائق ألقت هاتفها بجوارها و استلقت علي الفراش تنظر إلي سقف غرفتها و هي شبه متيقنه أنه لا توجد فرصه لها في العوده مره أخري .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لين ببكاء و هي تقبل كل انش في وجه والده ثم امسك بيده بين يديها وتقبله و دموعها تتساقط بغزاره : و حشتني أووي يا بابا أووي أنا كنت بموت و انت مش جنبي اوعي تعمل كده تاني يا بابا أوتي تعمل كده و إلا والله أنا هزعل منك أووي و مش هكلمك انا بقولك اهو .
رؤوف و هو يداعب شعرها بعيون دامعه : انت كمان وحشتيني أوي يا حبيبتي انت عامله ايه و صفاء عامله ايه .
لين و هي تقبل يده مره أخري : أنا كويسه الحمد لله وداده كمان كويسه بس هي لسه تعبانه شويه عشان كده ما جاء معايا .
رؤوف بحب : ها بقي قوليلي عملتي ايه في الفترة الي فاتت .
لين بفرحه و حب : أنا فضلت فترة في المستشفي و بعدين اتحسنت و رشا و باباها و مامتها كانوا ديماً جنبي ما سبونيش و لا ثانيه و كمان قاسم كان ديماً معايا كان بيجي يزورني كل يوم و بعدين خفيت الحمد لله و قاسم كان عايز ياخدني أعيش عندهم بس انا اخترت اروح مع رشا و بعدها بشوية داده صفاء اتحسنت ف قاسم جابلنا خدامه و رجعنا بيتنا من تاني و أنا قدمت في كلية حقوق ايوه حقوق ما تبصليش كده و يلا شد حيلك عشان أنا عايزة اتعلم كما يجب أن يكون التعليم ..
و جلست تتحدث مع والدها و تحكي له ما حدث معها في الأيام الماضية و تحكي له عما فعله قاسم معها و ما يفعله من أجل أن يظل العمل بالمكتب كما هو حتي يكون عند عودته كما تركه و جلست تحكي و تتحدث غافلة عن أعين رؤوف التي اطمئنت و ظهر بها التصميم علي شي مبهم لم تعلمه هي بل لم تلاحظه حتي .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في المشفي . . . . . . . .
كان قاسم يجلس في الاستراحه الخاصه بالمشفي بعد أن صدمه كلام الطبيب الذي استطاع أن يحول فرحته الي حزن و لكنه بعد فترة كبيرة تنهد بحزن و قام من مكانه و ذهب إلي غرفة الدكتور رؤوف كي يقوم بالاطمئنان عليه . . . . . . . . و حاول بقدر ما يستطيع أن يرسم الابتسامة و الفرحه علي وجهه كي لا تشعر لين بأن هناك خطب ما . .. . . و ما أن وصل إلي باب الغرفه حتي أمسك بمقبض الباب بيده و قام بأخذ نفس عميق و قام بالطرق علي الباب . . . . و دخل الي الغرفه و الابتسامه الهادئه مرتسمه علي وجهه فوجد لين تجلس علي طرف الفراش عند قدم والدها تقوم بتدليكها له فذهب هو في اتجاه الفراش الذي يستلقي عليه رؤوف و نظر له بحب و لهفه و التقط يده يقبلها و قبل رأسها و هو يعبر عن فرحته بعودته إليهم سالماً .
قاسم بحب و هو ما زال يمسك بكف رؤوف بين يديه : الحمد لله علي سلامتك يا دكتور احنا كلنا كنا من غيرك تايهين و مش عارفين نعمل اي حاجه .
رؤوف و هو ينظر له بحب و امتنان علي ما فعله مع ابنته أثناء مرضه : الله يسلمك يا قاسم . . . . انا عايز اشكرك جداً علي اللي عملته مع بنتي لو قعدت اشكرك طول عمري مش هوفيك حقك . . . . . انت اثبت لي اني كنت علي حق لما قولت انك اكتر واحد ممكن اني استأمنه علي لين .
قاسم و هو يحاول مقاطعته : شكر ايه يا دكتور بس ! . . . . . . . هو احنا بنا شكر . . . و بعدين أنا الي عمري ما هقدر ارد ربع جمايلك و مساندتك ليا . . . . . . و بعدين أنا معملتش حاجه تستاهل الشكر . . . اي حد كان مكاني كان هيعمل الي عملته و أكثر .
لين بمقاطعه و هي تنظر له باحترام : ازاي بس دا انت تعبت معانا أوي و كفايه أوي تعبك في المكتب عشان تحافظ علي الشغل . . . . . و كمان تعبك في حل مشاكلي و مساعدتي لأ مش اي حد كان هيعمل كده .
رؤوف و قد تحولت ملامحه الجديه مع بعض الإرهاق الذي ترتسم علي وجهه و هو يعتدل في جلسته : لين حبيبتي معلش ممكن تسيبني مع قاسم شوية عشان أنا عايز أكلمه في موضوع مهم لوحدنا .
لين بعبوس و هي تنظر لوالدها بغيظ : يعني ايه يا سي بابا بتطردني و لا ايه . . . . . . بس علي العموم أنا هسيبكم دلوقتي بس عشان رايحه اشرب نسكافيه في الكافيتيريا . . . . . و بعدين لينا كلام تاني مع بعض .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و بالفعل نهضت لين من جوار والدها و خرجت من الغرفه و قامت بإغلاق الباب خلفها و ما أن اغلقته حتي التفت قاسم الي رؤوف بفضول و انتباه في إنتظار سماع ما يريد قوله و بعد عدة ثواني تنهد رؤوف و نظر إلي قاسم بتردد و قال له : أنا عارف يا قاسم انك وقفت جنبي و جنب بنتي في أوقاتنا الصعبه و كمان حافظت علي اسمي و شغلي . . . . . صمت قليلاً ليلتقط أنفاسه فهو يشعر بألم كبير في صدره و لكنه يحاول إخفائة و التغلب عليه ثم أردف مكملاً حديثة . . . . . . . بس انا دلوقتي طمعان في انك تحقق لي اخر أمنيه قبل اما أموت أنا حاسس ان أجلي قرب و يمكن ربنا أراد أن يمد في عمري السوية دول لحد ما اطمن علي لين .
قاسم بشفقه و حزن : ما تقولش كده يا دكتور ربنا يقومك بالسلامه و إن شاء الله هتطمن علي لين و تفرح بيها و انا بالنسبه ليا أنا هفضل جنبكم علي طول و هكون جنبها في اي حاجة تحتاجها .
رؤوف و هو متردد و لكنه قرر أن يلقي ما في فمه و ليحدث ما يحدث : قاسم أنا عايزك تتجوز لين ! ! ! . . للحظه لم يستوعب قاسم ما تفوه به رؤوف أحقاً ما سمعه . . . أم أنه لم يفهم المقصود من كلامه اهو بالفعل أنه يطلب منه أن يتزوج هذه الصغيرة لا لا من المؤكد أنه قد فهم الحديث بشكل خاطئ .
قاسم باستغراب و ذهول : حضرتك بتقول ايه .
رؤوف بجديه و هو يعيد عرض الطلب مرة أخري : أنا مش هطمن علي لين غير و هي معاك يا قاسم أنا عارف ان ايامي معدودة في الدنيا و مفيش وقت
أضيعه . . . . ثم صمتت قليلا و هو يدلك صدره بألم ثم أردف بترجي . . . . . . . أنا بترجاك يا قاسم وافق علي الجوازة دي .
قاسم بلهفه و هو يقاطع رؤوف : أرجوك يا دكتور رؤوف ما تترجانيش أنا اتشرف بنسب حضرتك . . . . ثم صمت قليلاً لا يعرف ماذا يقول . . . . . بس لين ؟ ! ! . . . لين في اختلاف و فرق كبير بيني و بينها و أهمها السن دا الفرق بنا أكتر من عشر سنين ازاي تدمر حياتها بالجواز دي ازاي امنعها حقها في أنها تعيش و تقابل و تحب و تتحب و تختار شريك حياتها ازاي .
رؤوف بالم و إرهاق : كل ده مش هيفرق و هي لوحدها في الدنيا من غير سند و لا ضهر يحميها و يحسسها بالأمان لين دي هشه و بريئة جداً . . . . هي عمرها ما عملت حاجه من غير مساعدتي و الي زيها هتضيع و يتداس عليها في الدنيا الوحشة بتاعتنا دي . . . . . أنا بس عايزاك تعرف أن أنا مش سهل عليا اني تجبرك أو اني بفرض بنتي عليك بالطريقة دي . . . . . . بس اني اكون مطمن عليها و أتأكد أنها في ايد أمينه أهم عندي من اي حاجه .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ساد الصمت في أرجاء الغرفة للحظات قبل أن يتكلم رؤوف بتفهم : أنا مش هضغط عليك يا ابني و انت كمان ما تضغطش علي نفسك دي بردوا حياتك مش لعبه . . . . و من حقك انك تاخد قراراتك فيها بتركيز أنا عارف اني أناني و ما فكرتش غير في بنتي بس بكرة تبقي اب و تعرف أنا حاسس بإيه دلوقتي . . . فكر يا بني براحتك و بعدين رد عليا و تأكد أنه مهما كان قرارك الموده و الاحترام الي بينا مش هيخسوا و انت هتفضل ابني و تلميذي المفضل .
قاسم بجمود و هو ينظر إلي الحائط بجوار رؤوف : أنا موافق يا دكتور . . انا موافق .
رؤوف بلهفه : بجد يا قاسم انت موافق . . . . . . . و لكنه صمت قليلاً ثم أردف . . . . . . .علي كل حال فكر براحتك يا بني و خد الوقت الي انت محتاجه و بعدين رد عليا . . . . أنا عارف اني بفرض عليك حاجات انت مش حاطتها في حساباتك سامحني يا بني بس معنديش حد غيرك أئتمنه علي بنتي و اسمي و تعبي سامحني يا بني سامحني .
قاطعها الباب الذي فتح فجأة و لم تكن سوي مشاكسة أبيها المدلله تدخل من باب في الغرفه و هي ما زالت عابسه من طرد أبيها لها من الغرفة و لكنها ما أن جلست حتي لاحظت الجو المتوتر و الوجوم المرتسم علي وجههما فسألت باستغراب .
لين باستغراب : ايه في ايه مالكم هو في حاجه حصلت .
قاسم و هو ينظر إليه بدون أن يتفوه و لو بحرف واحد . . . . . و لكنه بعد ثواني قليله نهض من مكانه : طب أنا مضطر اني امشي دلوقتي عشان في شغل كتير محتاج يخلص النهارده عشان عندي محكمة الصبح . . . . . . و ان شاء الله هاجي اطمن عليك بكرة بعد إذنكم .
رؤوف و هو ينظر لها بأمل : ماشي يا بني بس انا هستناك و فكر براحتك يا قاسم و أنا متأكد انك هتعمل الي فيه الخير .
قاسم و هو يومي برأسه بنعم : إن شاء الله بعد إذنكم .
خرج رؤوف من الغرفة مسرعا و ترك خلفه لين و رؤوف اللذان ينظران لأثره باستغراب و تمني .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في منزل هند . . . .
كانت هند تجلس بغرفتها و هي تفكر في قاسم و في الوضع الحالي لأبيها و التي كانت تجهله تماماً فهي لا تستطيع أن تتخيل أن تعيش في مستوي أقل من الذي عاشت فيه منذ ولادته وها هي بكل غباء قد أنهت اخر أمل لها في النجاه من واقع مرير .
ظلت تفكر و تفكر تريد أن تحاول إعادة الود بينها و بين قاسم باي طريقه و لكنها لا تجد الطريقه المناسبة فهي و بكل غباء قد أغلقت جميع الطرق التي من الممكن أن تجمع بينهم مرة أخري بحديثها السخيف التي أودعت به كل مخاوفها و ترددها و مكنونات قلبها دون أي حساب لهذا الوضع الذي وصلت إليه . . . فتنهدت بعنف ثم احتضنت وسادتها بين يديها و أخذت تفكر و تفكر في طريقه لإصلاح ما أفسده غباءها و تسرعها حتي وقعت عينيها علي هاتفها فظلت تنظر إليه بتردد ثم تنظر أمامها و هي تهز راسها نافية ثم تعود مره أخري و تنظر إليها و أخيراً قد جمعت أمرها و التقطت هاتفها و أصابعها متردده و كتبت رساله و لكنها جلست فتره ليست بقليلة قبل أن تقوي قلبها و ترسلها إليه ثم ألقت الهاتف بجوارها و قامت بأخذ مجله من فوق المنضده المجاورة لفراشها و أخذت تتصفحها محاولة اشغال نفسها و لكن مرت فتره طويله و لم يقوم قاسم بالرد علي رسالتها مما جعلها تشعر بالغضب و لكنه تحكمت في غضبها و قررت مراسلتنا مره أخري و لكن هذه المره قام بالرد عليها فابتسمت بثقه و اعتدلت في جلستها و جلست تراسله و لكن طريقته كانت جافه كأنه يحادثها رغماً عنه مما جعلها تشعر بالضيق و الغضب و ألقت بهاتفها بجوارها و استلقت علي الفراش تنظر إلي سقف غرفتها و هي شبه متيقنه أنه لا توجد فرصه لها في العوده مره أخري .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
في منزل سالم الشريف كان قاسم يجلس كعادته في غرفته شارداً يفكر في حياته التي ضربها الريح فتناثرت في عدة اتجاهات حتي بات غير قادر علي فهم ما يحدث حوله قاطع شروده صوت هاتفه ينبه بوصول رساله فالتقط هاتفة و نظر إلي شاشتة باستغراب و هو عاقد حاجبية و ازداد استغرابه عندما شاهد اسم هند فهي من قامت بإرسال الرسالة فقام بفتحها باستغراب فوجدها عبارة ترحيب :
هند : هاي قاسم ، أخبارك ايه .
استغرب قاسم من رسالتها بشده فهي منذ أخر لقاء بينهم و هو لا يعلم عنها أي شئ فقد انقطعت عنه جميع الوسائل للاتصال بها فجرحها له و كلامها القاسي خطأ لن يغفره أو ينساه لها فلم يقوم بالرد علي رسالتها بل قرر تجاهلها و قام بوضع الهاتف بجواره و هو يعود بتفكيره الي طلب الدكتور رؤوف و بعد فترة قد وصل إلي قراره و هو الموافقة على طلب الدكتور رؤوف ف لين هذه الرقيقة البريئة يشعر اتجاهها بالمسؤلية و الرغبة في حمايتها من كل ما يمكن أن يتسبب في أذيتها و لكنه لم يفكر بها كزوجة أو حبيبة بل كإبنتة أو شقيقتة فالفروق الكبيره التي توجد بينهم لا تساعد علي تقبله فكرة الارتباط بها و أهمها هو فرق السن بينهما فهي من حقها أن تحب و تختار شريك حياتها لكن ما باليد حيلة فهو مدان للدكتور رؤوف بالكثير و هو لا يستطيع التغاضي عن توسل الدكتور رؤوف و لكن قاطعه مره أخري صوت الهاتف الذي يعلن عن وصول رسالة أخري و كانت هي الأخري من هند .
هند : قاسم أنا كنت عايزة اعتذر لك عن طريقة كلامي في أخر مرة اتقابلنا فيها .
نظر قاسم للرسالة طويلاً ثم ابتسم بسخريه و هو يقوم بكتابة الرد علي رسالتها : ما تعتذريش ساعات العصبية بتقول كلام جوانا مش قادرين نواجه بيه بس الحمد لله أنا الي عايز اشكرك انتي ساعدتيني من غير ما تحسي .
هند باستغراب : مش فاهمه حاجة ! ؟ قصدك ايه .
قاسم بإبتسامة هادئة : هتعرفي قريب معلش مضطر اقفل دلوقتي عشان ورايا شغل باي .
هند باستغراب و هي عاقده حاجبيها و تضيق عينيها تحاول فهم ما الذي كان يقصده قاسم بكلامه و لكنها بعد عدة دقائق ألقت هاتفها بجوارها و استلقت علي الفراش تنظر إلي سقف غرفتها و هي شبه متيقنه أنه لا توجد فرصه لها في العوده مره أخري .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .