الفصل الثاني عشر
و في منزل فهد محمد الشاذلي في غرفته هو و زوجته ريناد .
كانت ريناد تزرع الغرفه مجيئا و ذهابا فى غضب ، ، تتذكر قبلة فهد و حور لتشتعل نيران الحقد فى قلبها ، ، نعم هى ابدا لم تحب فهد و لم تكن لتهتم و ان خانها مئات المرات و لكن ليس مع تلك الحور ، ، انها غريمتها منذ زمن لطالما كانت حوو محط اعجاب الجميع فى الجامعة برقتها و جمالها المميز و أخلاقها الطيبة ، ، فأحبها الكثيرون و أرادوها زوجة لهم حتى عماد ، ، الرجل الوحيد الذى أحبته رينادو تعلقت هي به ، ، تعلق بحور أيضا و صد كل محاولات ريناد للتقرب منه و ظل على عشق حور رغم رفضها له ، ، لتقرر ريناد الانتقام من حور و سرقه من تحبه منها و فهد هو ذلك الرجل الوحيد الذى نطقت عينا حور بحبه و شغفها به ، ، لتلعب ريناد بأوراقها و جميع أسلحتها جيدا لتوقع فهد بشباكها و تلقي لعنت سحرها عليه و تتزوجه لتشعر فى يوم زفافها بالانتصار الساحق على تلك الحور ، ، و هي منذ ذلك اليوم و هى دائما تراها تتعذب كل يوم فى قرب زوجها فهد تموت الف مرة ، ، و زوجها لا يدرى عن معاناتها شيئا و حتى يوم الحفلة ، ، هي لاحظت شيئا غريبا بينهما لتصدم بقبلتهما و التي كانت مليئة بالحب و الشغف ، ، نعم لم يقبلها فهد مطلقا بمثل ذلك الشغف و العشق الذي وضح وضوح الشمس الي حور ، ، و أحست ريناد بهزيمتها مرة أخرى لتقرر على الفور بضرورة ايجاد خطة بديلة تسترجع بها زوجها ، ، فهى تشعر انها على وشك ان تفقده نهائيا و انه سوف يطلقها لكي يتزوج بتلك الحور الحقيرة ، ، فا فهد ليس بخائن و ما دام ان استسلم لمشاعره تجاه حور ، ، و اذا سيطلب الطلاق منها على الفور و ربما اليوم او الغد ستفقد فهد بثرائه و وسامته و كل شئ به لتصرخ قائلة فى حقد و خبث: و دا في أحلامك يا حور هانم ، ، دا مستحيل يحصل ان انا اسيبك تنتصري عليا يا حور و تاخدي مني كل حاجه دا مستحيل خالص يحصل يا انا يا انتي .
سمعت ريناد في تلك اللحظه باب المنزل و هو يفتح ، ، لتدرك علي الفور عودة فهد الذى دلف الى الغرفه بالفعل ، ، ابتسمت ريناد و هي تنظر اليه لتراه يتجنب النظر اليه تماما ، ، رفعت حاجبها الأيسر و هي تتوجس خيفة من انه يقرم بتطليقها الان أسرعت اليه قائلة بدلال : حمد الله على السلامة يا قلبي .
ثم حاولت تقبيله لتراه يبتعد قليلا متفاديا قبلتها و هو يقول بحزم و جديه : الله يسلمك يا ريناد انا عاوز اتكلم معاكي في موضوع مهم جدا .
أدركت ريناد انها لابد و ان تتحرك سريعا لتقول بابتسامة مفتعلة : انا للي لازم اقولك يا فهد على خبر ، ، ها يخليك تطير من الفرحه انا علي فكرا حامل يا فهد دي كانت مفاجأة ليك انت يا فهد .
و في تلك اللحظه نظر اليها فهد فى صدمة فهو لم يتوقع ان يحدث هذا اطلاقا ، ، في لحظة واحدة انقلبت حياته رأسا على عقب و قد ، ، جاء هو يطلب منها ان ينفصلو عن بعض ، ، ليكمل هو حياته مع من عشقها قلبه لتصدمه ريناد هي بذلك الخبر ليدرك أنه لن يستطيع التخلى عن طفله لو علي سبيل سعادته هو و حوره ، ، حقا لن يستطيع أن يترك طفله يتربى بعيدا عنه ، ، لذا يجب أن يدفن حبه فى أعماق قلبه و يحاول هو أن يصلح حياته الزوجية مع ريناد من اجل ذلك الطفل القادم فهل سيستطيع ؟ و ماذا عن حوريه قلبه و حده هو فقط ؟ و هو كيف سيخبرها هل سيخبرها بقراره الذى اتخذه بحزم و دون حاجة للتفكير؟ كيف هو سيستطيع ان يحطم قلبها مجددا ؟ انه حقا لا يدرى ما ذا يفعل ثم أفاق من أفكاره على ضم ريناد له و هي تقول بفرحة مصطنعة اجادت رسمها علي وجهها :
انا فرحانة جدا يا فهد مش قادره اعبر عن فرحتي بالبيبي دا .
ليغمض فهد عيونه على دمعتين نزلا منهما و هو يقول بحزن: و انا كمان يا ريناد فرحان الف مليون مبروك ، ، يا حبيبتي ربنا يقومك بالسلامة ان شاء الله .
ليضمها فهد اليه و اما ريناد و هي تقوم بضمه اليها و هي تبتسم فى خبث و انتصار و فرحه و شماته ، ، الي ان تعرف حور بهاذا الخبر الذي سينزل اليها كالصاعقه .
- -
و على الجانب الاخر في منزل محمد الشاذلي في غرفه سهيله .
اندفعت فريده الى غرفه سهيله بعد ان علمت بإفاقتها ، ، ثم أسرعت الى سهيله تحتضنها بينما وقف فادي بجوار الباب فى خجل و صمت لم يتحدث ، ، احتضنت سهيله فريده بحنان ثم نظرت الى فادي بحب قائلة: و انت مش ها تيجي تسلم عليا يا فادي ؟ انت و حشتني .
و في اللحظه تلك اندفع فادي الى احضان سهيله يبكى قائلا: انا اسف جدا و الله مكنش قصدي حاجه من اللي حصلك دا ، ، ارجوكي سا محيني .
اغروقت عينا سهيله بالدموع و هى تخرجه من حضنها و تضم وجهه بين يديها تمسح دموعه بأصابعها قائلة بحنان: أسامحك على ايه بس يا قلبي ، ، انت مش عملت حاجة ةيا فادي فاهمنى ؟ و اللي حصلى دا مش ذنبك دا قدر يا حبيبي قدر و مكتوب .
ابتسمت سهيله بحب و قالت : و بعدين يا حبيبي العيون الجميله دي مش عاوزه اشوفهم خالص بيدمعو تاني ابدا اتفقنا يا روح قلبي ؟
أومأ فادي برأسه و هو يبتسم قائلا: اتفقنا يا مس سهيله .
ثم قال فادي بتردد: هو انا ممكن يعني .
و صمت فادي لتستحثه سهيله قائلة: ممكن اي بس يا حبيبي ؟
ترقرقت الدموع بعيونه الجميله قائلا: ممكن انا اقولك يا ماما يا ميس سهيله ؟
لتدمع عيون سهيله و هي تقول باابتسامة حانية: اكيد طبعا يا حبيبي ممكن ، ، و دي حاجه تسعدني يا فادي .
و اللحظه التاليه اندفع فادي الى حضنها لتضمه فى حنان و تقول فريده برجاء: و انا كمان ممكن اقولك زيه يا ماما ؟
فتحت لها سهيله ذراعها الاخر لتنضم اليهم قائلة: ممكن طبعا ، ، تعالي يا قمر انتي يا روح ماما من جوا .
لتنضم اليهم فريده و هي فرحه بأن اصبح لها أما غافلين هما عن عيون دامعة ، ، و يقف صاحبهم شاهدا على افتقار ولديه الى حنان الأم و احساسهم بسهيله كبديل لها ، ، لتلمع عينيه بتصميم و قد استقر رأيه على قرار سيغير حياتهم جميعا للأبد .
- -
و على الجانب الاخر في غرفه المكتب الخاصه بمحمد الشاذلي .
نظر محمد الشاذلي الى ولده ريان بغضب ثم تحدث قائلا بصرامة: اتفضل عيد كلامك اللي انت قولته ، ، الحقيقه سمعت منك كلام انا مش قادر أصدقه .
قال ريان فى تصميم: لا صدق يا بابا ، ، و اللي انت حضرتك سمعته دا انا فعلا اللي قلته انا بحب تغريد و عاوز اتجوزها .
قال محمد الشاذلي بغضب: دا انت اكيد اتجننت عاوز تتجوز تغريد بنت حمديه الداده ؟
قال ريان: انا قولتك حضرتك يا بابا من فضلك تخلي صوتك واطي .
جز محمد الشاذلي على أسنانه قائلا: و الله عال جدا يا سي ريان زفت انت ها تيجي علي اخر الزمنو تعملني ازاي اتكلم ؟
قال ريان بسرعة: العفو يا بابا انا أكيد مقصدش ، ، بس انا مش عاوز طنط حمديه تسمع الكلام اللى حضرتك بتقوله و تتضايق هي منه .
وصل محمد الشاذلي الى قمة غضبه ليقول بصوت جهورى: انت خايف على مشاعر الست حمديه ماشي طيب .
و مشى باتجاه باب غرفه المكتب ليفتحه و هو ينادى صارخا: حمديه اتتي يا ست حمديه .
قال ريان راجيا: انت ها تعمل اي يا بابا ؟ علشان خاطري يا بابا بلاش تخسرني خالص.
نظر اليه محمد الشاذلي شذرا و هو ينادى قائلا: حمديه .
أسرعت حمديه اليه و هي تنقل بصرها بين محمد الشاذلي و ريان ، ، و هي تقول بقلق من نبرة صوت السيد محمد الشاذلي الغاضبة:
خير يا محمد بيه ؟
قال محمد الشاذلي بغضب: دا مش خير أبدا يا ست حمديه .
قال ريان بمرارة: علشان خاطرى يا بابا .
قاطعه محمد الشاذلي قائلا: انت تخرس خالص .
جاءت الست مريم مهرولة على صوت صراخ زوجها لترى محمد الشاذلي يقول فى غضب شديد و هو يوجه حديثه الى حمديه:
الهانم بنتك هى و الاستاذ ده عاوزين يتجوزوا.
نظرت حمديه الى محمد الشاذلي بصدمة لتنظر الى ريان الذى ترقرقت دموعه فى عينيه ليخفض عينيه فى خجل ، ، من تصرف والده و كلماته ، ، رجعت بنظرها الى محمد الشاذلي الذى قال فى صرامة: اعملى حسابك ان ده مستحيل يحصل أبدا ، ، انا كلمت أختى على بنتها لريان و انتى يا حمديه ابعدى بنتك عن ابنى ، ، و الا مش هيحصل طيب أبدا و دا أول و آخر انذار ليكوا فاهمين ؟ و اعملي حسابك يا حمديه ان ده آخر يوم ليكى فى البيت ده .
نظرت اليه حمديه قائلة بكبرياء لا يعكس ذلك الانكسار الذى حطم قلبها: لا اطمن يا محمد بيه ، ، لا انا و لا بنتى ممكن يبقالنا علاقة بالبيت ده تانى بعد اللى سمعته منك ، ، و بالنسبة للدكتورة تغريد بنتى فأكيد مش هديها غير لعيلة تشيلها فوق الراس و تفتخر بيها بعد اذنكم .
و استدارت مغادرة بهدوء لتجد الست مريم و قد نزلت دموعها حزنا ، ، تنظر لحمديه بحسرة و الم و أسف ، ، ابتسمت حمديه بحزن قائلة لها بعينيها أن لا عليكى ، ، ثم غادرت علي الفور ، ، نظرت الست مريم الى محمد الشاذلي بخيبة أمل ليتجنب هو النظر اليها ، ، و بعدها خرج ريان غاضبا كالسهم لتصرخ الست مريم قائلة: انت رايح فين يا ابني استنا ؟
لم تجد لسؤالها جواب فقد اختفى فى ثواني ليزفر محمد الشاذلي و هو يدخل الى غرفة المكتب و يغلقها خلفه ، ، لتهز الست مريم رأسها فى يأس قائلة من وسط دموعها:
ايه اللى انت عملته ده بس محمد ؟
- -
انتي رايحة فين يا فتحيه ؟
نطق صديق بتلك العبارة بتساؤل لتنظر اليه فتحيه و هي تعدل من هندامها قائلة:
انا مروحة يا صديق ، ، انا اتأخرت اوى النهارده و حور اكيد قلقت علية يا حبي .
زفر صديق و هو يقترب منها قائلا:
انا مبقتش اشوفك زى الاول يا فتحيه و حجتك دايما حور ، ، انا مش قادر استحمل العيشة بالشكل ده ، ، انا عاوزك على طول جنبى .
اقتربت منه فتحيه و هي تضع يدها على وجنته تملس عليها بنعومة قائلة:
انا كمان يا حبيبي ، ، نفسى افضل جنبك علي طول بس انت عارف ظروفى و عارف وضعى كمان .
أمسكها صديق من خصرها و قربها اليه قائلا:
طيب و ليه مش نعلن جوازنا يا فتحيه و نعيش فى النور احسن ؟
ابتعدت عنه علية قائلة فى صدمة : دا مستحيل طبعا انت عارف أخويا مش بيطيق سيرتك و طول عمركوا بتكرهوا بعض ، ، و انا مقدرش اقوله انى اتجوزتك من وراه .
قال لها صديق : يبقى مش بتحبيني يا فتحيه.
اقتربت منه فتحيه قائلة و قد نزلت دموعها حزنا:
أنا يا صديق أنا مبحبكش ده انا اخويا لما زمان رفضك و جوزوني واحد تانى كنت هموت نفسى و لحقوني فى اخر لحظة ، ، و لما اتجوزت مخلتش جوزى يقرب منى ولما ، ، لما اضطريت أوافق كنت بتخيله انت عشان اقدر استحمل لمسته ليا ، ، و اول ما رجعت من السفر جيتلك علطول و مهمنيش اكون خاينة ، ، و اول ما مات اتجوزتك و على قد مابقدر بتلاقينى عندك ، ، ده حتى يوم حفلة رجوع ابن اخويا ، ، اول ما كلمتنى و قلتلي و حشتني سيبت الدنيا و جيتلك جرى ، ، انا مش بس بحبك انا بموت فيك يا صديق قلبي .
ضمها اليه صديق يربت على ظهرها قائلا: خلاص بقا متعيطيش حقك علية .
ابتعدت فتحيه عنه قائلة بعتاب: آخر مرة أسمع منك الكلام ده .
ابتسم قائلا: آخر مرة بقا .
قبلته فتحيه على وجنته قائلة :ماشى سلام بقى عشان اتأخرت يا بيبي .
ابتسم لتبتعد مغادرة ، ، ثم ما لبثت ان تذكرت شيئا لتعود و تضع على الطاولة ظرف أخرجته من حقيبتها قائلة: صح انا كنت هنسى ، ، الفلوس اللى انت قلتلى عليها يلا اشوفك بعدين سلام بقا .
ثم غادرت ليتجه صديق الى الطاولة و يمسك الظرف ليفتحه و يسحب المال منه ، ، لتلمع عيناه و هو يقول فى سخرية: و يخليكى ليا يا حبيبتي هاهاه .
- -
و على الجانب الاخر، ، في منزل تغريد السيد .
اندفعت تغريد الى الداخل و هي ترى والدتها تبكى بحرقة لتجلس على ركبتيها و تكون فى محازاتها قائلة فى جزع: مالك يا ماما حصل ايه ؟
نظرت اليها حمديه قائلة فى مرارة: عارفه يا تغريد زمان لما أهل ابوكى طردونى و رموني فى الشارع ، ، و انتي على ايدى حتة لحمة حمرا ، ، انا حلفت ان محدش هيزلنى و لا يكسر نفسى تانى بس النهارده انا انزليت و انكسرت تانى اكتر من الاول .
ترقرقت الدموع بعيون تغريد و هي تقول بألم:
ما عاش و لا كان اللى يكسرك يا ماما طيب مين بس اللى عمل فيكى كدة ؟
قالت حمديه بمرارة:
انتى السبب يا بنت بطنى انتى و ريان بيه .
أدركت تغريد ما حدث لتبتعد فى صدمة قائلة:
احنا السبب ازاي يا ماما ؟
نهضت حمديه بدورها و هي تقول بحدة: أيوة يا تغريد انتوا السبب ، ، عارفه بسببكم اتقالى ما لكيش عيش فى البيت اللى عشت فيه سنين كافية خيرى شرى ، ، بسببكم اتهانت كرامتى كان عقلكم فين ها كان فين ؟
قالت تغريد بألم:
مش بايدينا يا ماما مش بايدينا و انتى المفروض تبقى اكتر واحدة حاسة بينا ، ، فاكرة زمان لما حبيتى بابا ، ، فكرتوا لثانية واحدة فى اى حاجة غير انكوا تكونوا مع بعض ؟
قالت حمديه بمرارة:
و أديكى شفتى اتعذبنا قد ايه ، ، و أد ايه شفت المر عشان اعرف اربيكى بعد موت أبوكى .
قالت تغريد بالم: أنا .
قاطعتها حمديه قائلة بصرامة:
انتى لازم تنسيه ، ، ابوه خلاص خطبله بنت عمته يعنى خلاص موضوعكم انتهى .
أحست تغريد بقلبها يتمزق الى اشلاء و هي تهز راسها نفيا تقول بتوسل:
عشان خاطرى يا ماما متكدبيش علية ، ، قولى ان الكلام ده مش حقيقى .
أحست حمديه بوجع فى قلبها على فلذة كبدها وزهى تراها تتألم على هذا النحو و لكن لابد و أن تنهى تلك المهزلة و تجعل ابنتها تبتعد تماما عن ريان لتقول فى حزم:
بصى لعينية يا تغريد و اتأكدي ان كل كلمة و كل حرف انا قولته حقيقى ، ، أبو ريان بنفسه اللى قالى الكلام ده قبل ما يطردنى انا كمان قلتله ان بنتى ، ، الدكتورة تغريد بنتي مش هديها غير للى يشيلوها فوق راسهم ، ، هتنسى ريان يا تغريد و ده آخر كلام عندى .
تراجعت تغريد و هي تهز رأسها نفيا فى لوعة لتندفع الى غرفتها و هي تشهق بالبكاء لتقول حمديه بوجع: انتي هتتعذبى يا ضنايا بس هترتاحى بعدين ، ، أحسن ما تعيشى زى ما أمك عاشت و تتعذبى طول عمرك كدة أحسن يا بنت قلبى كدة أحسن .
# يتبع
فاطمه محمد
كانت ريناد تزرع الغرفه مجيئا و ذهابا فى غضب ، ، تتذكر قبلة فهد و حور لتشتعل نيران الحقد فى قلبها ، ، نعم هى ابدا لم تحب فهد و لم تكن لتهتم و ان خانها مئات المرات و لكن ليس مع تلك الحور ، ، انها غريمتها منذ زمن لطالما كانت حوو محط اعجاب الجميع فى الجامعة برقتها و جمالها المميز و أخلاقها الطيبة ، ، فأحبها الكثيرون و أرادوها زوجة لهم حتى عماد ، ، الرجل الوحيد الذى أحبته رينادو تعلقت هي به ، ، تعلق بحور أيضا و صد كل محاولات ريناد للتقرب منه و ظل على عشق حور رغم رفضها له ، ، لتقرر ريناد الانتقام من حور و سرقه من تحبه منها و فهد هو ذلك الرجل الوحيد الذى نطقت عينا حور بحبه و شغفها به ، ، لتلعب ريناد بأوراقها و جميع أسلحتها جيدا لتوقع فهد بشباكها و تلقي لعنت سحرها عليه و تتزوجه لتشعر فى يوم زفافها بالانتصار الساحق على تلك الحور ، ، و هي منذ ذلك اليوم و هى دائما تراها تتعذب كل يوم فى قرب زوجها فهد تموت الف مرة ، ، و زوجها لا يدرى عن معاناتها شيئا و حتى يوم الحفلة ، ، هي لاحظت شيئا غريبا بينهما لتصدم بقبلتهما و التي كانت مليئة بالحب و الشغف ، ، نعم لم يقبلها فهد مطلقا بمثل ذلك الشغف و العشق الذي وضح وضوح الشمس الي حور ، ، و أحست ريناد بهزيمتها مرة أخرى لتقرر على الفور بضرورة ايجاد خطة بديلة تسترجع بها زوجها ، ، فهى تشعر انها على وشك ان تفقده نهائيا و انه سوف يطلقها لكي يتزوج بتلك الحور الحقيرة ، ، فا فهد ليس بخائن و ما دام ان استسلم لمشاعره تجاه حور ، ، و اذا سيطلب الطلاق منها على الفور و ربما اليوم او الغد ستفقد فهد بثرائه و وسامته و كل شئ به لتصرخ قائلة فى حقد و خبث: و دا في أحلامك يا حور هانم ، ، دا مستحيل يحصل ان انا اسيبك تنتصري عليا يا حور و تاخدي مني كل حاجه دا مستحيل خالص يحصل يا انا يا انتي .
سمعت ريناد في تلك اللحظه باب المنزل و هو يفتح ، ، لتدرك علي الفور عودة فهد الذى دلف الى الغرفه بالفعل ، ، ابتسمت ريناد و هي تنظر اليه لتراه يتجنب النظر اليه تماما ، ، رفعت حاجبها الأيسر و هي تتوجس خيفة من انه يقرم بتطليقها الان أسرعت اليه قائلة بدلال : حمد الله على السلامة يا قلبي .
ثم حاولت تقبيله لتراه يبتعد قليلا متفاديا قبلتها و هو يقول بحزم و جديه : الله يسلمك يا ريناد انا عاوز اتكلم معاكي في موضوع مهم جدا .
أدركت ريناد انها لابد و ان تتحرك سريعا لتقول بابتسامة مفتعلة : انا للي لازم اقولك يا فهد على خبر ، ، ها يخليك تطير من الفرحه انا علي فكرا حامل يا فهد دي كانت مفاجأة ليك انت يا فهد .
و في تلك اللحظه نظر اليها فهد فى صدمة فهو لم يتوقع ان يحدث هذا اطلاقا ، ، في لحظة واحدة انقلبت حياته رأسا على عقب و قد ، ، جاء هو يطلب منها ان ينفصلو عن بعض ، ، ليكمل هو حياته مع من عشقها قلبه لتصدمه ريناد هي بذلك الخبر ليدرك أنه لن يستطيع التخلى عن طفله لو علي سبيل سعادته هو و حوره ، ، حقا لن يستطيع أن يترك طفله يتربى بعيدا عنه ، ، لذا يجب أن يدفن حبه فى أعماق قلبه و يحاول هو أن يصلح حياته الزوجية مع ريناد من اجل ذلك الطفل القادم فهل سيستطيع ؟ و ماذا عن حوريه قلبه و حده هو فقط ؟ و هو كيف سيخبرها هل سيخبرها بقراره الذى اتخذه بحزم و دون حاجة للتفكير؟ كيف هو سيستطيع ان يحطم قلبها مجددا ؟ انه حقا لا يدرى ما ذا يفعل ثم أفاق من أفكاره على ضم ريناد له و هي تقول بفرحة مصطنعة اجادت رسمها علي وجهها :
انا فرحانة جدا يا فهد مش قادره اعبر عن فرحتي بالبيبي دا .
ليغمض فهد عيونه على دمعتين نزلا منهما و هو يقول بحزن: و انا كمان يا ريناد فرحان الف مليون مبروك ، ، يا حبيبتي ربنا يقومك بالسلامة ان شاء الله .
ليضمها فهد اليه و اما ريناد و هي تقوم بضمه اليها و هي تبتسم فى خبث و انتصار و فرحه و شماته ، ، الي ان تعرف حور بهاذا الخبر الذي سينزل اليها كالصاعقه .
- -
و على الجانب الاخر في منزل محمد الشاذلي في غرفه سهيله .
اندفعت فريده الى غرفه سهيله بعد ان علمت بإفاقتها ، ، ثم أسرعت الى سهيله تحتضنها بينما وقف فادي بجوار الباب فى خجل و صمت لم يتحدث ، ، احتضنت سهيله فريده بحنان ثم نظرت الى فادي بحب قائلة: و انت مش ها تيجي تسلم عليا يا فادي ؟ انت و حشتني .
و في اللحظه تلك اندفع فادي الى احضان سهيله يبكى قائلا: انا اسف جدا و الله مكنش قصدي حاجه من اللي حصلك دا ، ، ارجوكي سا محيني .
اغروقت عينا سهيله بالدموع و هى تخرجه من حضنها و تضم وجهه بين يديها تمسح دموعه بأصابعها قائلة بحنان: أسامحك على ايه بس يا قلبي ، ، انت مش عملت حاجة ةيا فادي فاهمنى ؟ و اللي حصلى دا مش ذنبك دا قدر يا حبيبي قدر و مكتوب .
ابتسمت سهيله بحب و قالت : و بعدين يا حبيبي العيون الجميله دي مش عاوزه اشوفهم خالص بيدمعو تاني ابدا اتفقنا يا روح قلبي ؟
أومأ فادي برأسه و هو يبتسم قائلا: اتفقنا يا مس سهيله .
ثم قال فادي بتردد: هو انا ممكن يعني .
و صمت فادي لتستحثه سهيله قائلة: ممكن اي بس يا حبيبي ؟
ترقرقت الدموع بعيونه الجميله قائلا: ممكن انا اقولك يا ماما يا ميس سهيله ؟
لتدمع عيون سهيله و هي تقول باابتسامة حانية: اكيد طبعا يا حبيبي ممكن ، ، و دي حاجه تسعدني يا فادي .
و اللحظه التاليه اندفع فادي الى حضنها لتضمه فى حنان و تقول فريده برجاء: و انا كمان ممكن اقولك زيه يا ماما ؟
فتحت لها سهيله ذراعها الاخر لتنضم اليهم قائلة: ممكن طبعا ، ، تعالي يا قمر انتي يا روح ماما من جوا .
لتنضم اليهم فريده و هي فرحه بأن اصبح لها أما غافلين هما عن عيون دامعة ، ، و يقف صاحبهم شاهدا على افتقار ولديه الى حنان الأم و احساسهم بسهيله كبديل لها ، ، لتلمع عينيه بتصميم و قد استقر رأيه على قرار سيغير حياتهم جميعا للأبد .
- -
و على الجانب الاخر في غرفه المكتب الخاصه بمحمد الشاذلي .
نظر محمد الشاذلي الى ولده ريان بغضب ثم تحدث قائلا بصرامة: اتفضل عيد كلامك اللي انت قولته ، ، الحقيقه سمعت منك كلام انا مش قادر أصدقه .
قال ريان فى تصميم: لا صدق يا بابا ، ، و اللي انت حضرتك سمعته دا انا فعلا اللي قلته انا بحب تغريد و عاوز اتجوزها .
قال محمد الشاذلي بغضب: دا انت اكيد اتجننت عاوز تتجوز تغريد بنت حمديه الداده ؟
قال ريان: انا قولتك حضرتك يا بابا من فضلك تخلي صوتك واطي .
جز محمد الشاذلي على أسنانه قائلا: و الله عال جدا يا سي ريان زفت انت ها تيجي علي اخر الزمنو تعملني ازاي اتكلم ؟
قال ريان بسرعة: العفو يا بابا انا أكيد مقصدش ، ، بس انا مش عاوز طنط حمديه تسمع الكلام اللى حضرتك بتقوله و تتضايق هي منه .
وصل محمد الشاذلي الى قمة غضبه ليقول بصوت جهورى: انت خايف على مشاعر الست حمديه ماشي طيب .
و مشى باتجاه باب غرفه المكتب ليفتحه و هو ينادى صارخا: حمديه اتتي يا ست حمديه .
قال ريان راجيا: انت ها تعمل اي يا بابا ؟ علشان خاطري يا بابا بلاش تخسرني خالص.
نظر اليه محمد الشاذلي شذرا و هو ينادى قائلا: حمديه .
أسرعت حمديه اليه و هي تنقل بصرها بين محمد الشاذلي و ريان ، ، و هي تقول بقلق من نبرة صوت السيد محمد الشاذلي الغاضبة:
خير يا محمد بيه ؟
قال محمد الشاذلي بغضب: دا مش خير أبدا يا ست حمديه .
قال ريان بمرارة: علشان خاطرى يا بابا .
قاطعه محمد الشاذلي قائلا: انت تخرس خالص .
جاءت الست مريم مهرولة على صوت صراخ زوجها لترى محمد الشاذلي يقول فى غضب شديد و هو يوجه حديثه الى حمديه:
الهانم بنتك هى و الاستاذ ده عاوزين يتجوزوا.
نظرت حمديه الى محمد الشاذلي بصدمة لتنظر الى ريان الذى ترقرقت دموعه فى عينيه ليخفض عينيه فى خجل ، ، من تصرف والده و كلماته ، ، رجعت بنظرها الى محمد الشاذلي الذى قال فى صرامة: اعملى حسابك ان ده مستحيل يحصل أبدا ، ، انا كلمت أختى على بنتها لريان و انتى يا حمديه ابعدى بنتك عن ابنى ، ، و الا مش هيحصل طيب أبدا و دا أول و آخر انذار ليكوا فاهمين ؟ و اعملي حسابك يا حمديه ان ده آخر يوم ليكى فى البيت ده .
نظرت اليه حمديه قائلة بكبرياء لا يعكس ذلك الانكسار الذى حطم قلبها: لا اطمن يا محمد بيه ، ، لا انا و لا بنتى ممكن يبقالنا علاقة بالبيت ده تانى بعد اللى سمعته منك ، ، و بالنسبة للدكتورة تغريد بنتى فأكيد مش هديها غير لعيلة تشيلها فوق الراس و تفتخر بيها بعد اذنكم .
و استدارت مغادرة بهدوء لتجد الست مريم و قد نزلت دموعها حزنا ، ، تنظر لحمديه بحسرة و الم و أسف ، ، ابتسمت حمديه بحزن قائلة لها بعينيها أن لا عليكى ، ، ثم غادرت علي الفور ، ، نظرت الست مريم الى محمد الشاذلي بخيبة أمل ليتجنب هو النظر اليها ، ، و بعدها خرج ريان غاضبا كالسهم لتصرخ الست مريم قائلة: انت رايح فين يا ابني استنا ؟
لم تجد لسؤالها جواب فقد اختفى فى ثواني ليزفر محمد الشاذلي و هو يدخل الى غرفة المكتب و يغلقها خلفه ، ، لتهز الست مريم رأسها فى يأس قائلة من وسط دموعها:
ايه اللى انت عملته ده بس محمد ؟
- -
انتي رايحة فين يا فتحيه ؟
نطق صديق بتلك العبارة بتساؤل لتنظر اليه فتحيه و هي تعدل من هندامها قائلة:
انا مروحة يا صديق ، ، انا اتأخرت اوى النهارده و حور اكيد قلقت علية يا حبي .
زفر صديق و هو يقترب منها قائلا:
انا مبقتش اشوفك زى الاول يا فتحيه و حجتك دايما حور ، ، انا مش قادر استحمل العيشة بالشكل ده ، ، انا عاوزك على طول جنبى .
اقتربت منه فتحيه و هي تضع يدها على وجنته تملس عليها بنعومة قائلة:
انا كمان يا حبيبي ، ، نفسى افضل جنبك علي طول بس انت عارف ظروفى و عارف وضعى كمان .
أمسكها صديق من خصرها و قربها اليه قائلا:
طيب و ليه مش نعلن جوازنا يا فتحيه و نعيش فى النور احسن ؟
ابتعدت عنه علية قائلة فى صدمة : دا مستحيل طبعا انت عارف أخويا مش بيطيق سيرتك و طول عمركوا بتكرهوا بعض ، ، و انا مقدرش اقوله انى اتجوزتك من وراه .
قال لها صديق : يبقى مش بتحبيني يا فتحيه.
اقتربت منه فتحيه قائلة و قد نزلت دموعها حزنا:
أنا يا صديق أنا مبحبكش ده انا اخويا لما زمان رفضك و جوزوني واحد تانى كنت هموت نفسى و لحقوني فى اخر لحظة ، ، و لما اتجوزت مخلتش جوزى يقرب منى ولما ، ، لما اضطريت أوافق كنت بتخيله انت عشان اقدر استحمل لمسته ليا ، ، و اول ما رجعت من السفر جيتلك علطول و مهمنيش اكون خاينة ، ، و اول ما مات اتجوزتك و على قد مابقدر بتلاقينى عندك ، ، ده حتى يوم حفلة رجوع ابن اخويا ، ، اول ما كلمتنى و قلتلي و حشتني سيبت الدنيا و جيتلك جرى ، ، انا مش بس بحبك انا بموت فيك يا صديق قلبي .
ضمها اليه صديق يربت على ظهرها قائلا: خلاص بقا متعيطيش حقك علية .
ابتعدت فتحيه عنه قائلة بعتاب: آخر مرة أسمع منك الكلام ده .
ابتسم قائلا: آخر مرة بقا .
قبلته فتحيه على وجنته قائلة :ماشى سلام بقى عشان اتأخرت يا بيبي .
ابتسم لتبتعد مغادرة ، ، ثم ما لبثت ان تذكرت شيئا لتعود و تضع على الطاولة ظرف أخرجته من حقيبتها قائلة: صح انا كنت هنسى ، ، الفلوس اللى انت قلتلى عليها يلا اشوفك بعدين سلام بقا .
ثم غادرت ليتجه صديق الى الطاولة و يمسك الظرف ليفتحه و يسحب المال منه ، ، لتلمع عيناه و هو يقول فى سخرية: و يخليكى ليا يا حبيبتي هاهاه .
- -
و على الجانب الاخر، ، في منزل تغريد السيد .
اندفعت تغريد الى الداخل و هي ترى والدتها تبكى بحرقة لتجلس على ركبتيها و تكون فى محازاتها قائلة فى جزع: مالك يا ماما حصل ايه ؟
نظرت اليها حمديه قائلة فى مرارة: عارفه يا تغريد زمان لما أهل ابوكى طردونى و رموني فى الشارع ، ، و انتي على ايدى حتة لحمة حمرا ، ، انا حلفت ان محدش هيزلنى و لا يكسر نفسى تانى بس النهارده انا انزليت و انكسرت تانى اكتر من الاول .
ترقرقت الدموع بعيون تغريد و هي تقول بألم:
ما عاش و لا كان اللى يكسرك يا ماما طيب مين بس اللى عمل فيكى كدة ؟
قالت حمديه بمرارة:
انتى السبب يا بنت بطنى انتى و ريان بيه .
أدركت تغريد ما حدث لتبتعد فى صدمة قائلة:
احنا السبب ازاي يا ماما ؟
نهضت حمديه بدورها و هي تقول بحدة: أيوة يا تغريد انتوا السبب ، ، عارفه بسببكم اتقالى ما لكيش عيش فى البيت اللى عشت فيه سنين كافية خيرى شرى ، ، بسببكم اتهانت كرامتى كان عقلكم فين ها كان فين ؟
قالت تغريد بألم:
مش بايدينا يا ماما مش بايدينا و انتى المفروض تبقى اكتر واحدة حاسة بينا ، ، فاكرة زمان لما حبيتى بابا ، ، فكرتوا لثانية واحدة فى اى حاجة غير انكوا تكونوا مع بعض ؟
قالت حمديه بمرارة:
و أديكى شفتى اتعذبنا قد ايه ، ، و أد ايه شفت المر عشان اعرف اربيكى بعد موت أبوكى .
قالت تغريد بالم: أنا .
قاطعتها حمديه قائلة بصرامة:
انتى لازم تنسيه ، ، ابوه خلاص خطبله بنت عمته يعنى خلاص موضوعكم انتهى .
أحست تغريد بقلبها يتمزق الى اشلاء و هي تهز راسها نفيا تقول بتوسل:
عشان خاطرى يا ماما متكدبيش علية ، ، قولى ان الكلام ده مش حقيقى .
أحست حمديه بوجع فى قلبها على فلذة كبدها وزهى تراها تتألم على هذا النحو و لكن لابد و أن تنهى تلك المهزلة و تجعل ابنتها تبتعد تماما عن ريان لتقول فى حزم:
بصى لعينية يا تغريد و اتأكدي ان كل كلمة و كل حرف انا قولته حقيقى ، ، أبو ريان بنفسه اللى قالى الكلام ده قبل ما يطردنى انا كمان قلتله ان بنتى ، ، الدكتورة تغريد بنتي مش هديها غير للى يشيلوها فوق راسهم ، ، هتنسى ريان يا تغريد و ده آخر كلام عندى .
تراجعت تغريد و هي تهز رأسها نفيا فى لوعة لتندفع الى غرفتها و هي تشهق بالبكاء لتقول حمديه بوجع: انتي هتتعذبى يا ضنايا بس هترتاحى بعدين ، ، أحسن ما تعيشى زى ما أمك عاشت و تتعذبى طول عمرك كدة أحسن يا بنت قلبى كدة أحسن .
# يتبع
فاطمه محمد