الفصل الرابع عشر
ممرضة دمرت حياتي
الحلقة الرابعة عشر
..................
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
قامت حنين بالإتصال على حلا ، عندما قلقت بسبب تأخيرها لهذا الوقت المتأخر من الليل .
فسمع الحاج غنيم رنة هاتفها ، فقال محدثا نفسه...أعمل إيه دلوقتي ؟
ده أكيد أهلها بيسألوا عليها ، أرد ولا مردش ؟
ولو رديت هقولهم إيه بس؟
ولو مردتش هيقلقوا عليها .
أستر يارب .
لا أنا هرد ، بس هقولهم إيه ؟
هقولهم اللي حصل طبعا ،أنها وقعت وأنا جبتها المستشفى
وهي بخير عشان ميقلقوش عليها .
فأجاب غنيم على المكالمة قائلا ...السلام عليكم .
حنين بفزع ...أنت مين ؟
وبترد على تليفون أختي ليه ؟
هي فين ؟ طمني ، هي حصلها حاجة ؟
أرجوك ، اتكلم بسرعة ، فين حلا ؟
غنيم ...اديني فرصة أكلم حضرتك .
أنا الحاج غنيم ، صاحب المحل .
وحلا كويسة بس وهي ماشية وقعت ، وأنا جبتها المستشفى عشان أطمن عليها ، بس هي بخير متقلقيش .
فضربت حنين على صدرها بفزع قائلة ...حلا في المستشفى .
لا أكيد جرالها حاجة وأنت مش عايز تقول الحقيقة .
غنيم ...والله كويسة وهي شوية رتوش كده واتعالجت .
ولو مش مصدقاني ، تعالي شوفيها بنفسك واطمني .
حنين ...آه طبعا جاية مسافة السكة .
بس هي مستشفى إيه ؟
غنيم ...مستشفى التحرير.
حنين ...تمام ، مسافة السكة هتلاقيني عندك .
غنيم ...في انتظارك .
والدة حنين ببكاء... بتي حصلها إيه ؟
قولي يا حنين .
حنين....مش عارفه يا ماما ، بيقول وقعت وكويسة .
واهدي كده ، لغاية ما نشوف فيه إيه بالظبط ،ونطمن بنفسنا .
والدة حنين ...طيب أنا هلبس وجاية معاكي .
حنين...وهتسيبي بابا لوحده ، مينفعش .
والد حنين ...ياريتني كنت قادر أنا أمشي ،مكنتش هنزل حد فيكم في الوقت ده .
بس أقول إيه ؟
لطفك يارب ، ونجيها عشان خاطري .
روحي معاها يا أم حنين ، متسبيش بنتك لوحدها في الوقت ده، وأنا مش محتاج حاجة ولا هحتاج حاجة إلا لما أطمن على حلا .
فتقدمت حنين من والدها وقبلت رأسه بحنو قائلة ...ربنا يخليك لينا يا بابا .
ومتقلقش خير إن شاء الله ،ومش بعيد ترجع معانا كمان .
والد حنين ...يارب .
ثم انطلقتا مسرعتين نحو مستشفى التحرير .
في ذلك الحين ،كان قد ولج غنيم إلى حلا غرفتها بعد أن استافقت .
ولكنها عندما رأته أزاحت بوجهها عنه ، فعز عليه ذلك وانفطر قلبه .
واقترب منها لا يعلم ما يقول ،ولكنه حاول أن يستجمع شجاعته قائلا ...حلا اسمعيني ارجوكي ، ومتديريش وشك عني .
دي ملامحك الحلوة دي هي إللي حلت أيامي .
بس كل اللي أقدر أقوله ، أنك غالية اوي عندي ،ومش هسمح لحد أنه يمسك حتى بكلمة .
ومستعد أبيع كل الدنيا عشانك يا حلا .
بس أرجوكي متعمليش فيا كده ، وكفاية دموع أرجوكي.
متصوريش أنا لما بشوف دموعك دي بيحصلى إيه ؟
أنا عارف أني ربيت غلط ، ودلعتهم زيادة وعودتهم إني أجبلهم
كل حاجة بأي تمن ،ومكنتش أعرف يعني إيه عقاب لما يغلطوا .
وعشان كده اتعودوا أنهم يخدوا وبس ، فطلعوا انانيين ،مش همهم غير مصلحتهم وبس .
بس لغاية كده ، ولازم أوفقهم عند حدهم .
وأنتِ أهم حاجة في حياتي يا حلا .
فاستدارت حلا له والدموع لم تتوقف من عينها قائلة ...غنيم متقولش كده ، عشان الكل هيغلطك .
لأن مفروض مفيش أغلى من الضنا ، لأنهم مش هيتعوضوا .
لكن أنا ممكن تشوف غيري ، لكن هما لأ .
وعشان كده ، معلش سامحني أنا مقدرش أقف بينك وبينهم ، وأنا اللي مفروض أمشي .
سامحني يا غنيم ، لكن مينفعش أدخل وسطهم وهما كارهيني كده .
وفاكرين أني طمعانة في حقهم .
عشان كده لازم انسحب من حياتك خالص ، حتى المحل مش هينفع أرجع أشتغل فيه بعد اللي حصل .
إنساني يا غنيم , وخليني ذكرى حلوة بس في حياتك .
شعر غنيم أن الأرض تحت قدمه تهتز وتكاد لا تحمله فأمسك بالحائط وبصوت ضعيف قال ...أنتِ كده هتحكمي عليا بالإعدام ، لأني هموت فعلا لو بعدت عنك .
أرجوكي ، اديني فرصة تانية ، أثبتلك أني قدها .
وأنهم مع الوقت هيرضوا بالأمر الواقع ، وهيتقبلوا وجودك معايا .
حركت حلا رأسها بآسى ثم نفت ...لا مش هقدر أتحمل نظراتهم وكرههم ليا .
غنيم ...يعني إيه ؟
هتخليهم يقدروا يفرقوا بينا ، بحسبك أقوى من كده .
ومش هتتخلي عني بالسهولة دي.
حلا ..الظروف هي اللي أقوى مننا يا غنيم سامحني.
غنيم بقلب يعتصر ألما...لا مش هسامحك على قلبي اللي قدمتهولك، وأنتِ رفضتيه .
فبكت حلا ، ولم يستطع غنيم التأثير بها أو الكلام أكثر من ذلك ، لكنه في قرارة نفسه لن يتركها ، فهي مصدر السعادة التي حرم منها لسنوات طويلة ، ولن يتخلى عنها بتلك السهولة .
أثناء ذلك ، ولج إليهما حنين ووالدتها بعد أن علموا رقم الغرفة من الاستقبال .
ولجوا بلهفة كبيرة والقلق واضحٌ على ملامحهم .
والدة حنين ....بنتي حبيبتي ، حصلك إيه بس يا نور عيني ، ثم شرعت في البكاء .
ليطمئنها غنيم قائلا ... متقلقيش يا حاجة ، هي تمام .
أمسكت حنين بيدها وقبلتها قائلة...حلا ، بجد أنتِ كويسة !
طيب حاسه بإيه ؟ وازاي حصل ده ؟
غنيم ...اتكلمي يا حلا وطمنيهم عليكي .
حلا بصوت مبحوح من البكاء ...أنا بخير متقلقوش .
وهو نصيب ، قدر الله وماشاء الله فعل.
ثم طرق باب الغرفة وكيل النيابة والكاتب لديه .
واستأذنوا لفتح تحقيق معها .
وكيل النيابة...حضرتك عاملة إيه دلوقتي ؟
حلا ...الحمد لله.
وكيل النيابة...ممكن تقوليلى اللي حصل بالظبط .
ومين السبب في اللي حصلك ده ؟
تأمل غنيم وجهها ودق قلبه خوفا ، فهم أولاده مهما فعلوا .
ورأت حلا الخوف في عينيه ، فصدق حدسها وحديثها عندما قالت له ...ليس هناك أغلى من الولد .
فرددت ...مفيش يا باشا .
محدش عملي حاجة ، أنا كنت ماشية عادي، ومخدتش بالي
من حجر قدامي ،فاتكعبلت فيه ، قمت اتكفيت على وشي واتفتحت دماغي، زي ما حضرتك شايف .
وأهو لسه حية أرزق ، والحمد لله على كل حال .
ابتسم غنيم واطمئن قلبه ، ليردد وكيل النيابة...يعني معنى
ده أن حضرتك مش بتتهمي حد.
حلا...لا يا باشا .
وكيل النيابة...تمام ، نقفل المحضر على كده .
وألف حمد لله على سلامتك .
حلا ...الله يسلمك يا باشا.
ثم غادروا .
فنظرت حنين إلى حلا بشك ، فهي تعلمها من نظرة العين .
وترى في عينيها الكثير .
حنين ...هو فيه إيه بالظبط يا حلا ؟
حاسه الموضوع كبير ، وأنتِ مش عايزة تتكلمي .
حلا ...مش موضوع ولا حاجة يا حنين ،متشغليش بالك .
ثم ولج إليهم الطبيب ، ليطمئن على حالتها .
والدة حنين ...ياريت تطمنا يا دكتور ،وتقولنا هتطلع امتى .
الطبيب ...هي بخير الآن ، ومفيش مانع تخرج معاكم ، بس لازم الراحة كام يوم فى السرير .
وتنتظم في أخد العلاج .
وتيجي بعد تلت أيام ، نغير على الجرح .
حلا محدثة نفسها ...جرح الجسم بيخف بسرعة ، لكن جرح القلب هيفضل طول عمره ، رحمتك بيه يارب .
والدة حنين ...الحمد لله أنها جت على قد كده ، ويلا
يا حنين ،ساعدي أختك تقوم عشان نروح .
زمان أبوكي على آخره وممكن بعد الشر يحصله حاجة من القلق .
حنين ..بعد الشر .
ثم أمسكت بيد حلا وساعدتها على الجلوس .
وعيني غنيم لا تفارقها ، وود أن يحملها بين يديه ، ويمسح
على قلبها .
ولكن ما باليد حيلة .
غنيم ...الحمد لله ، حمد لله على سلامتك يا حلا
وياريت تسمحولي أوصلكم لغاية البيت .
حلا بغصة مريرة...ملوش لزوم ، كفاية تعبك لغاية كده .
نظر لها غنيم بعتاب ، فأدرات وجهها عنه .
ليتابع بحزن ...مفيش تعب ولا حاجة .
اتفضلوا معايا .
والدة حنين....ربنا يكرمك ويعلي مراتبك .
بس حضرتك الحاج اللي بتشتغل عنده حلا .
غنيم ...أيوه يا حاجة .
والدة حنين ...والله مكتوب على وشك الإمارة ،وحلا ديما تشكر فيك ، الهي يزيدك من نعيم الله .
غنيم ...اللهم آمين .
اتفضلوا معايا .
فخرجوا معه ، ولاذت حلا بالصمت طول الطريق ،مما أحزن غنيم أكثر .
وعندما وصل بهم إلى البيت ردد ....ياريت لو تسمحولي بزيارة أطمن فيها على حلا .
فرددت حلا بجفاء ...ملوش لزوم ، أنا بخير الحمد لله.
يلا يا ماما ، عشان محتاجة أرتاح .
حنين محدثة نفسها ...لا الأمر كده ، فيه إن بجد وأنا لازم أعرف
كل حاجة .
بس صعب عليه والله الراجل ، ده اتكسف ووشه جاب الوان .
يا ترى حصل إيه ؟
وبالفعل تركهم غنيم عائدا إلى البيت حزينا مهموما وحيدا ، خائفا أن تضيع حلا من بين يديه بعد أن وجدها .
ولا يدرى ما يفعل ؟؟
ولكنه توضأ وقام لله ثم سجد داعيا أن يفرج عنه ما هو به ، وأن يجعلها من نصيبه ويهدي ابناءه .
ساعدت حنين حلا بالجلوس على الفراش ، ثم أخذت تتأملها بعين كلها تساؤل ولكن حلا كانت تهرب من عينيها
وكأنها لا تريد الحديث معها .
حنين ...ليه عينيكي بتهرب مني يا حلا ؟
مخبية عني ؟
ده إحنا ستر وغطا على بعض يا حبيبتي .
احكيلي يمكن أعرف أهونها عليكي يا حلا .
وأنا قلبي حاسس إن الموضوع متعلق بحبيب القلب غنيم .
صح ولا أنا غلطانة ؟؟
عملك إيه الراجل ده وأنا أروح أعلقه على شماعة المحل .
فانهارت حلا وأجهشت بالبكاء قائلة ..أرجوكي يا حنين، أنا مش قادرة أتكلم دلوقتي ، أرجوكي خلينا أستريح عشان تعبانة ،وبكرة بإذن الله نتكلم .
فاقتربت منها حنين بعد أن لمعت عيناها بالدموع هي الأخرى قائلة....خلاص يا قلب أختك ،هدي نفسك بس كده خالص .
وأنا هروح أعملك أجدع كوباية لمون يروقوا بالك .
ويرجعوا الدموية في وشك .
حلا ...ملوش لزوم ، أنا هنام ،بس معلش غطيني عشان بردانة .
حنين بنظرة حنان ... بس كده عيوني ، فاحكمت تغطيتها كما أرادت ثم تركتها وهي تملء عينيها بها ، لتذهب للاطمئنان على والدها .
ولجت حنين إلى والداها ، فباغتها بقوله ...ها يا بنتي، أختك عاملة إيه دلوقتي طمنيني ؟
حنين ...متقلقش هي كويسة ،ودلوقتي نامت .
وأنت نام يا حبيبي ،يلا تصبح على خير .
والد حنين ...ربنا يطمن قلبك يا بتي ويسعدك أنتِ واختك .
وأنا هنام بس مستني أمك توضيني، عشان أصلي ركعتين شكر حمد أن ربنا نجا أختك.
فابتسمت حنين لطيبة قلب ذلك الرجل ، ثم تركته وذهبت لغرفتها لتنال قسطا من الراحة هي الأخرى .
ولكن جافاها النوم بسبب القلق من أفعال دكتور طلعت ، واحتارت في كيفية التعامل معه حتى لا تخسر عملها الجديد .
...........
لم تستطع روان النوم تلك الليلة بسبب ما حدث لها ،وأنها أصبحت ضحية من ضحايا خالد ذلك الجزار الذي يذبح ضحاياه ولا يصح
أن يطلق عليه طبيب أبداً .
فالطب مهنة مشرفة ، أقسم بها الأطباء بالشرف ،ولكن خالد خان هذا الشرف وأساء إلى مهنته بسبب تصرفاته غير الأخلاقية .
انتظرت روان حتى أشرق الصباح ، فقامت وارتدت ملابسها لتخرج باحثة عن عمل .
فأخذت تتردد بين مستشفى وأخرى وسارت على قدميها لفترات طويلة حتى أنهكها التعب ولم تجد مكان مناسبا ومرتبا يعينها
على الحياة الكريمة .
وظلت هكذا حتى غروب الشمس ،وبينما قد أصابها اليأس قررت العودة إلى منزلها .
خطر في بالها بعد أن رأت إعلان لدكتور باطنة يطلب سكرتيرة ومساعدة له في العمل .
روان ...طيب ده كويس وزي الفل برده .
أهو العيادة الخاصة ،هيكون الشغل فيها أنضف من المستشفى برده .
بس على الله يكون المرتب كويس .
يلا نتكل على الله ونطلع نشوف اللي فيها .
ثم أخرجت مرآتها ، لتهندم من هيئتها ، وأخرجت قلم الشفايف ووضعت منه شيئا ، ثم أحكمت قميصها القصير ، فضيقته حتى أبرز معالم أنوثتها .
روان ...أهو ظبطت نفسي يمكن أعجب ويشغلني بسرعة .
ثم ذهبت إلى تلك العيادة ، حيث دكتور أمجد فراج .
فاستأذنت العاملة في العيادة الدخول إليه ، بعد أن عرفتها
على نفسها .
العاملة ...تمام يا آنسة ، ثواني أديله خبر ، وتتفضلي.
وبعد لحظات جاءت إليها ، لتخبرها ، أنه ينتظرها بالداخل .
فولجت إليه ،فوجدته شابا في مقتبل العمر .
روان ..يخربيت حلاوته ،إيه ده ؟
شكله كيوت ورقيق اوى .
فابتسمت روان وررققت من صوتها قائلة ... مساء الخير .
فرفع نظره لها أمجد ليقول ....مساء النور يا آنسة .
أتشرف باسمك .
روان ...أسمى روان يا عسل .
يوه قصدى يا دكتور .
فابتسم امجد لها .
ثم بدأ ينظر إليها من رأسها إلى مخمص قدميها بإعجاب .
ليقول بعدها ....؟؟
.......فماذا يا ترى سيحدث مع ذلك الطبيب الوسيم ؟
وهل انتهت علاقة غنيم بحلا على ذلك ؟
أم مازال القدر يخبىء لهما الكثير ؟
أما طلعت فهل سيستمر في مضايقة حنين ام لا ؟
سنعلم في الحلقة المقبلة بإذن الله.
........
شيماء سعيد ❤️ أم فاطمة
الحلقة الرابعة عشر
..................
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
قامت حنين بالإتصال على حلا ، عندما قلقت بسبب تأخيرها لهذا الوقت المتأخر من الليل .
فسمع الحاج غنيم رنة هاتفها ، فقال محدثا نفسه...أعمل إيه دلوقتي ؟
ده أكيد أهلها بيسألوا عليها ، أرد ولا مردش ؟
ولو رديت هقولهم إيه بس؟
ولو مردتش هيقلقوا عليها .
أستر يارب .
لا أنا هرد ، بس هقولهم إيه ؟
هقولهم اللي حصل طبعا ،أنها وقعت وأنا جبتها المستشفى
وهي بخير عشان ميقلقوش عليها .
فأجاب غنيم على المكالمة قائلا ...السلام عليكم .
حنين بفزع ...أنت مين ؟
وبترد على تليفون أختي ليه ؟
هي فين ؟ طمني ، هي حصلها حاجة ؟
أرجوك ، اتكلم بسرعة ، فين حلا ؟
غنيم ...اديني فرصة أكلم حضرتك .
أنا الحاج غنيم ، صاحب المحل .
وحلا كويسة بس وهي ماشية وقعت ، وأنا جبتها المستشفى عشان أطمن عليها ، بس هي بخير متقلقيش .
فضربت حنين على صدرها بفزع قائلة ...حلا في المستشفى .
لا أكيد جرالها حاجة وأنت مش عايز تقول الحقيقة .
غنيم ...والله كويسة وهي شوية رتوش كده واتعالجت .
ولو مش مصدقاني ، تعالي شوفيها بنفسك واطمني .
حنين ...آه طبعا جاية مسافة السكة .
بس هي مستشفى إيه ؟
غنيم ...مستشفى التحرير.
حنين ...تمام ، مسافة السكة هتلاقيني عندك .
غنيم ...في انتظارك .
والدة حنين ببكاء... بتي حصلها إيه ؟
قولي يا حنين .
حنين....مش عارفه يا ماما ، بيقول وقعت وكويسة .
واهدي كده ، لغاية ما نشوف فيه إيه بالظبط ،ونطمن بنفسنا .
والدة حنين ...طيب أنا هلبس وجاية معاكي .
حنين...وهتسيبي بابا لوحده ، مينفعش .
والد حنين ...ياريتني كنت قادر أنا أمشي ،مكنتش هنزل حد فيكم في الوقت ده .
بس أقول إيه ؟
لطفك يارب ، ونجيها عشان خاطري .
روحي معاها يا أم حنين ، متسبيش بنتك لوحدها في الوقت ده، وأنا مش محتاج حاجة ولا هحتاج حاجة إلا لما أطمن على حلا .
فتقدمت حنين من والدها وقبلت رأسه بحنو قائلة ...ربنا يخليك لينا يا بابا .
ومتقلقش خير إن شاء الله ،ومش بعيد ترجع معانا كمان .
والد حنين ...يارب .
ثم انطلقتا مسرعتين نحو مستشفى التحرير .
في ذلك الحين ،كان قد ولج غنيم إلى حلا غرفتها بعد أن استافقت .
ولكنها عندما رأته أزاحت بوجهها عنه ، فعز عليه ذلك وانفطر قلبه .
واقترب منها لا يعلم ما يقول ،ولكنه حاول أن يستجمع شجاعته قائلا ...حلا اسمعيني ارجوكي ، ومتديريش وشك عني .
دي ملامحك الحلوة دي هي إللي حلت أيامي .
بس كل اللي أقدر أقوله ، أنك غالية اوي عندي ،ومش هسمح لحد أنه يمسك حتى بكلمة .
ومستعد أبيع كل الدنيا عشانك يا حلا .
بس أرجوكي متعمليش فيا كده ، وكفاية دموع أرجوكي.
متصوريش أنا لما بشوف دموعك دي بيحصلى إيه ؟
أنا عارف أني ربيت غلط ، ودلعتهم زيادة وعودتهم إني أجبلهم
كل حاجة بأي تمن ،ومكنتش أعرف يعني إيه عقاب لما يغلطوا .
وعشان كده اتعودوا أنهم يخدوا وبس ، فطلعوا انانيين ،مش همهم غير مصلحتهم وبس .
بس لغاية كده ، ولازم أوفقهم عند حدهم .
وأنتِ أهم حاجة في حياتي يا حلا .
فاستدارت حلا له والدموع لم تتوقف من عينها قائلة ...غنيم متقولش كده ، عشان الكل هيغلطك .
لأن مفروض مفيش أغلى من الضنا ، لأنهم مش هيتعوضوا .
لكن أنا ممكن تشوف غيري ، لكن هما لأ .
وعشان كده ، معلش سامحني أنا مقدرش أقف بينك وبينهم ، وأنا اللي مفروض أمشي .
سامحني يا غنيم ، لكن مينفعش أدخل وسطهم وهما كارهيني كده .
وفاكرين أني طمعانة في حقهم .
عشان كده لازم انسحب من حياتك خالص ، حتى المحل مش هينفع أرجع أشتغل فيه بعد اللي حصل .
إنساني يا غنيم , وخليني ذكرى حلوة بس في حياتك .
شعر غنيم أن الأرض تحت قدمه تهتز وتكاد لا تحمله فأمسك بالحائط وبصوت ضعيف قال ...أنتِ كده هتحكمي عليا بالإعدام ، لأني هموت فعلا لو بعدت عنك .
أرجوكي ، اديني فرصة تانية ، أثبتلك أني قدها .
وأنهم مع الوقت هيرضوا بالأمر الواقع ، وهيتقبلوا وجودك معايا .
حركت حلا رأسها بآسى ثم نفت ...لا مش هقدر أتحمل نظراتهم وكرههم ليا .
غنيم ...يعني إيه ؟
هتخليهم يقدروا يفرقوا بينا ، بحسبك أقوى من كده .
ومش هتتخلي عني بالسهولة دي.
حلا ..الظروف هي اللي أقوى مننا يا غنيم سامحني.
غنيم بقلب يعتصر ألما...لا مش هسامحك على قلبي اللي قدمتهولك، وأنتِ رفضتيه .
فبكت حلا ، ولم يستطع غنيم التأثير بها أو الكلام أكثر من ذلك ، لكنه في قرارة نفسه لن يتركها ، فهي مصدر السعادة التي حرم منها لسنوات طويلة ، ولن يتخلى عنها بتلك السهولة .
أثناء ذلك ، ولج إليهما حنين ووالدتها بعد أن علموا رقم الغرفة من الاستقبال .
ولجوا بلهفة كبيرة والقلق واضحٌ على ملامحهم .
والدة حنين ....بنتي حبيبتي ، حصلك إيه بس يا نور عيني ، ثم شرعت في البكاء .
ليطمئنها غنيم قائلا ... متقلقيش يا حاجة ، هي تمام .
أمسكت حنين بيدها وقبلتها قائلة...حلا ، بجد أنتِ كويسة !
طيب حاسه بإيه ؟ وازاي حصل ده ؟
غنيم ...اتكلمي يا حلا وطمنيهم عليكي .
حلا بصوت مبحوح من البكاء ...أنا بخير متقلقوش .
وهو نصيب ، قدر الله وماشاء الله فعل.
ثم طرق باب الغرفة وكيل النيابة والكاتب لديه .
واستأذنوا لفتح تحقيق معها .
وكيل النيابة...حضرتك عاملة إيه دلوقتي ؟
حلا ...الحمد لله.
وكيل النيابة...ممكن تقوليلى اللي حصل بالظبط .
ومين السبب في اللي حصلك ده ؟
تأمل غنيم وجهها ودق قلبه خوفا ، فهم أولاده مهما فعلوا .
ورأت حلا الخوف في عينيه ، فصدق حدسها وحديثها عندما قالت له ...ليس هناك أغلى من الولد .
فرددت ...مفيش يا باشا .
محدش عملي حاجة ، أنا كنت ماشية عادي، ومخدتش بالي
من حجر قدامي ،فاتكعبلت فيه ، قمت اتكفيت على وشي واتفتحت دماغي، زي ما حضرتك شايف .
وأهو لسه حية أرزق ، والحمد لله على كل حال .
ابتسم غنيم واطمئن قلبه ، ليردد وكيل النيابة...يعني معنى
ده أن حضرتك مش بتتهمي حد.
حلا...لا يا باشا .
وكيل النيابة...تمام ، نقفل المحضر على كده .
وألف حمد لله على سلامتك .
حلا ...الله يسلمك يا باشا.
ثم غادروا .
فنظرت حنين إلى حلا بشك ، فهي تعلمها من نظرة العين .
وترى في عينيها الكثير .
حنين ...هو فيه إيه بالظبط يا حلا ؟
حاسه الموضوع كبير ، وأنتِ مش عايزة تتكلمي .
حلا ...مش موضوع ولا حاجة يا حنين ،متشغليش بالك .
ثم ولج إليهم الطبيب ، ليطمئن على حالتها .
والدة حنين ...ياريت تطمنا يا دكتور ،وتقولنا هتطلع امتى .
الطبيب ...هي بخير الآن ، ومفيش مانع تخرج معاكم ، بس لازم الراحة كام يوم فى السرير .
وتنتظم في أخد العلاج .
وتيجي بعد تلت أيام ، نغير على الجرح .
حلا محدثة نفسها ...جرح الجسم بيخف بسرعة ، لكن جرح القلب هيفضل طول عمره ، رحمتك بيه يارب .
والدة حنين ...الحمد لله أنها جت على قد كده ، ويلا
يا حنين ،ساعدي أختك تقوم عشان نروح .
زمان أبوكي على آخره وممكن بعد الشر يحصله حاجة من القلق .
حنين ..بعد الشر .
ثم أمسكت بيد حلا وساعدتها على الجلوس .
وعيني غنيم لا تفارقها ، وود أن يحملها بين يديه ، ويمسح
على قلبها .
ولكن ما باليد حيلة .
غنيم ...الحمد لله ، حمد لله على سلامتك يا حلا
وياريت تسمحولي أوصلكم لغاية البيت .
حلا بغصة مريرة...ملوش لزوم ، كفاية تعبك لغاية كده .
نظر لها غنيم بعتاب ، فأدرات وجهها عنه .
ليتابع بحزن ...مفيش تعب ولا حاجة .
اتفضلوا معايا .
والدة حنين....ربنا يكرمك ويعلي مراتبك .
بس حضرتك الحاج اللي بتشتغل عنده حلا .
غنيم ...أيوه يا حاجة .
والدة حنين ...والله مكتوب على وشك الإمارة ،وحلا ديما تشكر فيك ، الهي يزيدك من نعيم الله .
غنيم ...اللهم آمين .
اتفضلوا معايا .
فخرجوا معه ، ولاذت حلا بالصمت طول الطريق ،مما أحزن غنيم أكثر .
وعندما وصل بهم إلى البيت ردد ....ياريت لو تسمحولي بزيارة أطمن فيها على حلا .
فرددت حلا بجفاء ...ملوش لزوم ، أنا بخير الحمد لله.
يلا يا ماما ، عشان محتاجة أرتاح .
حنين محدثة نفسها ...لا الأمر كده ، فيه إن بجد وأنا لازم أعرف
كل حاجة .
بس صعب عليه والله الراجل ، ده اتكسف ووشه جاب الوان .
يا ترى حصل إيه ؟
وبالفعل تركهم غنيم عائدا إلى البيت حزينا مهموما وحيدا ، خائفا أن تضيع حلا من بين يديه بعد أن وجدها .
ولا يدرى ما يفعل ؟؟
ولكنه توضأ وقام لله ثم سجد داعيا أن يفرج عنه ما هو به ، وأن يجعلها من نصيبه ويهدي ابناءه .
ساعدت حنين حلا بالجلوس على الفراش ، ثم أخذت تتأملها بعين كلها تساؤل ولكن حلا كانت تهرب من عينيها
وكأنها لا تريد الحديث معها .
حنين ...ليه عينيكي بتهرب مني يا حلا ؟
مخبية عني ؟
ده إحنا ستر وغطا على بعض يا حبيبتي .
احكيلي يمكن أعرف أهونها عليكي يا حلا .
وأنا قلبي حاسس إن الموضوع متعلق بحبيب القلب غنيم .
صح ولا أنا غلطانة ؟؟
عملك إيه الراجل ده وأنا أروح أعلقه على شماعة المحل .
فانهارت حلا وأجهشت بالبكاء قائلة ..أرجوكي يا حنين، أنا مش قادرة أتكلم دلوقتي ، أرجوكي خلينا أستريح عشان تعبانة ،وبكرة بإذن الله نتكلم .
فاقتربت منها حنين بعد أن لمعت عيناها بالدموع هي الأخرى قائلة....خلاص يا قلب أختك ،هدي نفسك بس كده خالص .
وأنا هروح أعملك أجدع كوباية لمون يروقوا بالك .
ويرجعوا الدموية في وشك .
حلا ...ملوش لزوم ، أنا هنام ،بس معلش غطيني عشان بردانة .
حنين بنظرة حنان ... بس كده عيوني ، فاحكمت تغطيتها كما أرادت ثم تركتها وهي تملء عينيها بها ، لتذهب للاطمئنان على والدها .
ولجت حنين إلى والداها ، فباغتها بقوله ...ها يا بنتي، أختك عاملة إيه دلوقتي طمنيني ؟
حنين ...متقلقش هي كويسة ،ودلوقتي نامت .
وأنت نام يا حبيبي ،يلا تصبح على خير .
والد حنين ...ربنا يطمن قلبك يا بتي ويسعدك أنتِ واختك .
وأنا هنام بس مستني أمك توضيني، عشان أصلي ركعتين شكر حمد أن ربنا نجا أختك.
فابتسمت حنين لطيبة قلب ذلك الرجل ، ثم تركته وذهبت لغرفتها لتنال قسطا من الراحة هي الأخرى .
ولكن جافاها النوم بسبب القلق من أفعال دكتور طلعت ، واحتارت في كيفية التعامل معه حتى لا تخسر عملها الجديد .
...........
لم تستطع روان النوم تلك الليلة بسبب ما حدث لها ،وأنها أصبحت ضحية من ضحايا خالد ذلك الجزار الذي يذبح ضحاياه ولا يصح
أن يطلق عليه طبيب أبداً .
فالطب مهنة مشرفة ، أقسم بها الأطباء بالشرف ،ولكن خالد خان هذا الشرف وأساء إلى مهنته بسبب تصرفاته غير الأخلاقية .
انتظرت روان حتى أشرق الصباح ، فقامت وارتدت ملابسها لتخرج باحثة عن عمل .
فأخذت تتردد بين مستشفى وأخرى وسارت على قدميها لفترات طويلة حتى أنهكها التعب ولم تجد مكان مناسبا ومرتبا يعينها
على الحياة الكريمة .
وظلت هكذا حتى غروب الشمس ،وبينما قد أصابها اليأس قررت العودة إلى منزلها .
خطر في بالها بعد أن رأت إعلان لدكتور باطنة يطلب سكرتيرة ومساعدة له في العمل .
روان ...طيب ده كويس وزي الفل برده .
أهو العيادة الخاصة ،هيكون الشغل فيها أنضف من المستشفى برده .
بس على الله يكون المرتب كويس .
يلا نتكل على الله ونطلع نشوف اللي فيها .
ثم أخرجت مرآتها ، لتهندم من هيئتها ، وأخرجت قلم الشفايف ووضعت منه شيئا ، ثم أحكمت قميصها القصير ، فضيقته حتى أبرز معالم أنوثتها .
روان ...أهو ظبطت نفسي يمكن أعجب ويشغلني بسرعة .
ثم ذهبت إلى تلك العيادة ، حيث دكتور أمجد فراج .
فاستأذنت العاملة في العيادة الدخول إليه ، بعد أن عرفتها
على نفسها .
العاملة ...تمام يا آنسة ، ثواني أديله خبر ، وتتفضلي.
وبعد لحظات جاءت إليها ، لتخبرها ، أنه ينتظرها بالداخل .
فولجت إليه ،فوجدته شابا في مقتبل العمر .
روان ..يخربيت حلاوته ،إيه ده ؟
شكله كيوت ورقيق اوى .
فابتسمت روان وررققت من صوتها قائلة ... مساء الخير .
فرفع نظره لها أمجد ليقول ....مساء النور يا آنسة .
أتشرف باسمك .
روان ...أسمى روان يا عسل .
يوه قصدى يا دكتور .
فابتسم امجد لها .
ثم بدأ ينظر إليها من رأسها إلى مخمص قدميها بإعجاب .
ليقول بعدها ....؟؟
.......فماذا يا ترى سيحدث مع ذلك الطبيب الوسيم ؟
وهل انتهت علاقة غنيم بحلا على ذلك ؟
أم مازال القدر يخبىء لهما الكثير ؟
أما طلعت فهل سيستمر في مضايقة حنين ام لا ؟
سنعلم في الحلقة المقبلة بإذن الله.
........
شيماء سعيد ❤️ أم فاطمة