الفصلالخامسعشر

ممرضة دمرت حياتي

الحلقة الخامسة عشر

.......................

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

ابتسمت روان لذلك الطبيب الشاب وررققت من صوتها قائلة ...مساء الخير .

رفع أمجد نظره نحو مصدر الصوت ليقول ....مساء النور، ثم بدأ يتطلع إليها من رأسها إلى مخمص قدميها بإعجاب .
ليقول بعدها ...أهلا بيكي يا آنسة ...؟

روان ...اسمي روان .

أمجد ....اسم جميل زي صاحبته .

ابتسمت روان وتصنعت الخجل قائلة ...ميرسي دكتور أمجد .

أمجد ...حضرتك طلبتي تشتغلي معايا وأنا وافقت ، تقدري تستلمي من دلوقتي لو حبيتي ، أو من بكرة حسب اللي يريحك .

روان ...ياريت أبدأ من دلوقتي يا دكتور .

أمجد ....تمام ، وطبعا حضرتك عندك فكرة عن طبيعة
شغلنا في استقبال المريض ، وراحته على سرير الكشف ورفع قميصه استعدادا للكشف ، أو عمل سونار .

روان ..آه طبعا يا دكتور ،متقلقش خلاص .
بس يعني ...؟

أمجد ..قولي إيه ؟

روان بدلال ....بس صراحة اللي هتيجي هنا تعالج بطنها ، هتطلع تعبانة بقلبها .

فضحك أمجد ، فنظرت له روان بهيام وحدثت نفسها ...يا خراشي ، ده أحلو أكتر لما ضحك .

حدث أمجد نفسه ...البنت دي شكلها متظبطة كويس من كلامها وحركاتها ،وشكل الشغل معاها هيكون ممتع للغاية .

وبدأت فعلا روان العمل ، وأكثرت من الضحكات والدلال أمام أمجد ، لتثير غرائزه .
و ما أن إنتهى اليوم حدثها بقوله ...أنتِ كنتِ فين من زمان
يا روان ، صراحة الشغل معاكي انتهى بسرعة ومحستش بالوقت ولا الجهد خالص .
أنتِ إيه يا بنتي ، شعلة نشاط ، وصراحة شعلة جمال كمان وخفة وروحك جميلة .
ده المريض دخل تعبان ، طلع زي الحصان بس من كلامك ، وجمالك.

ردت روان متصنعة الخجل ....بس بقا بكثف .
ثم ضحكت .

أمجد ...أموت أنا في الضحكة الحلوة دي .
بصي أنا عشان الضحكة الحلوة دي هزود مرتبك خمسية كمان .

فابتسمت روان ورددت ....مش عارفه أقولك إيه ؟
ميرسي أوي أوي يا دكتور .

نظر أمجد فى ساعته ، فوجد الوقت قد مضى سريعا فحدثها بقوله ...الوقت بيعدي معاكى بسرعة الصاروخ .

فنظرت روان للساعة هي الأخرى ، فوضعت يدها على وجهها قائلة ...يا خراشي ، ده أنا كده هتروق فى البيت .
عشان التأخير ده كله .
ولسه كمان قدامي رخمة المواصلات ، ومضايقة اللي يسوى وميسواش في الطريق .
ناس معندهاش دم .
أمجد بمكر ..لا وأنا ميخلصنيش تتبهدلي في الوقت المتأخر ده .
تسمحيلي أوصلك بعربيتي .

ابتسمت روان قائلة...بس مش حابة أكون تقيلة عليك أو أضايقك .

أمجد ...لا أبدا ، على الرحب والسعة كما يقولون .

فضحكت روان مرددة ...كما تأمر سيدي .

أمجد ضاحكا....إذا تفضلي سيدتي.

فغادرت معه روان إلى سيارته ، وجلست بجانبه .
فانطلق أمجد ، وأثناء الطريق كان يختلس النظر إليها بين الحين والآخر .
وكانت روان تبتسم وتظن أنه وقع في حبها من أول نظرة ،ولكنه سيكون أشرس من خالد .
فهي تساهلت كالعادة ،والتساهل لا يأتي بزواج ، ولكن العفة والحياء هما الذين يأتون بزوج صالح.
ثم أشغل امجد الكاسيت على أغنية رومانسية .
بعترف قدام عينيك من النهارده أنا عمري ليك سيبني أحبك
يا حبيبي، وأنسى روحي بين إيديك

أشعلت كلمات الأغنية قلب روان ،ووجدت نفسها بالفعل تهيم حبا بأمجد من أول لقاء ، وكأنها أصيبت بلعنة العشق .
لاحظ أمجد انسجامها مع كلمات الأغنية ، فلمس يديها ، فأصابت لمسته تلك قشعريرة في جسدها ، فمالت برأسها على كتفه أثناء القيادة .

أمجد محدثا نفسه ...إيه البنت الواقعة دي ، دي ممكن تسلم
من أول مقابلة على كده .
ثم رفعها يدها إلى فمه يقبلها بحنو مرددا ...أنا مكنتش أتصور أنك بالجمال والرقة دى كلها .
لاااا انا خايف فعلا أحبك يا رورو ، انا حاسس زى ما يكون اتكهربت كده .
أنتِ عملتي إيه فيا يا بنتي .

فضحكت روان بغرور قائلة ....دي جاذبية مش هتقدر تقاومها ، فحبني زى ما أنت عايز ، ومتخفش ، أنا مش بعض .

فضحك أمجد ...لا خلاص كده ، أنا وقعت فيكي بجد يا رورو .
ثم قطع انساجمهم صوت رن هاتف روان من زوجة أبيها .
فقطبت روان جبينها وزفرت بنفور مرددة...ده وقته يا زفتة هانم ، عايزة مني إيه دي ؟

أمجد بسخرية ...دى مين اللي شكلك بتحبيها أوي دي ؟

زفرت روان بضيق ...دي الهانم مرات أبويا ، الله يجحمها في نار جهنم .
أمجد ...ليه كده ؟ هي وحشة أوي معاكي للدرجاتي !

روان ..دي مش وحشة بعقل ، دي مورياني النجوم في عز الضهر .
هحكيلك كل حاجة بس استنى لما أرد عليها ، أشوف عايزة مني إيه ؟
إلهي تكون بتفلفص ، وعايزاي أنجدها ، عشان والله أروح أكمل عليها .
ثم استجابت لها قائلة ببرود ...نعم يا مرات أبويا .

مديحة بسخرية ...أهلا بالبرنسيسة هانم ، إيه ساعة عقبال متردي !

روان ...معلش سيادتك ، عقبال ما سمعته .
تؤمري بأي حاجة ؟

مديحة بسخرية...ده إيه الأدب اللي نزل عليكي فجأة ده !
غريبة !
ده أنتِ لسانك متبري منك ديما .
طالعة للي جبتك .
فانفعلت روان بحدة قائلة...أنا مش قولتلك متجبيش سيرة أمي على لسانك تاني يا ست أنتِ .

مديحة باستفزاز ....والله براحتي ، أنا مغلطتش في الخضرة الشريفة يعني.
المهم نستيني كنت عايزة أقولك إيه ؟

روان...قولي ثم دعت عليها في نفسها قائلة...إلهي ما توعي تخلصي الكلام وتقعي ساكتة مكانك .

مديحة ...أخوكي الصغير ، عمر ، نفسه هفته على حتة هريسة.
قولتله مفيش غير أختك الحنينة ، هتجبلك معاها وهي جاية .

روان محدثة نفسها ...إلهي أجبلك سم أنت وعيالك ، وأخلص منكم في ليلة واحدة .

روان ...ما تنزلي تجبيله أنتِ ؟

مديحة ...خلاصة القول ، هتجبيها وأنتِ جاية ،وإلا كنتش بايتة فيها .
روان...يخربيت الذل اللي أنا عايشة فيه معاكم .
امتى ربنا يخلصني منكم .

مديحة باستهزاء...لما تلاقي حد يبص في خلقتك الأول ، أو ياخدك ربنا ونستريح أحسن .

فاغلقت روان بغضب في وجهها الخط .

مرددة ...خدك عزرائيل يا شيخة .

أمجد بضحك...شكلك بتحبيها أوووووي .

روان ...آه لدرجة أني عايزة أخنقها بايدي الاتنين دول .
وأشرب من دمها هي وعيالها .

أمجد ...طيب ليه ده كله ؟

روان والدموع بدأت تنساب من عينيها ...كانت السبب في موت أمي بحسرتها واتجوزت أبويا بعدها .
وأبويا ضعيف أوي معاها وبيحبها معرفش على إيه ؟
مع أنها شبه الغفير وأمي كانت أحلى منها كتير .

أمجد.....عشان مش كل حاجة في الدنيا دي الحلاوة ، ممكن تكون مريحاه وشايفة طلباته كويس .

روان ...يمكن ، بس مظنش ، دي تلاقيها عملاله عمل كمان .
مخلياه مش قادر يتكلم معاها كلمة ، ومش قادر يدافع عني أنا بنته اللي من لحمه ودمه .
وعياله منها هما اللي الكل في الكل .
لغاية مكرهتهم ، وفي الآخر عايزاني اشتري ليه هريسة .
على حسابي أنا ، مهي منها لله ,بتاخد نص مرتبي أتاوة كده ، عشان بس الكنبة اللي بنام على آخر الليل .

أمجد ...متزعليش نفسك يا رورو ، والهريسة هجبها أنا
على حسابي .
ومرتبك هيزيد عشان تديها جزء والباقي يفضل زي ما هو ليكي .

لمعت عيني روان من الفرحة وأدركت أنها حصلت على كنز ثمين .

أمجد بمكر ...ولو عايزة حاجة تخليها تندم أنك تشترلها حاجة تانية ، ممكن أقولك تعملي إيه ؟

روان ...بجد أعمل إيه ، ياريت والله ؟
قولي وجميلك ده هيفضل في رقبتى طول عمري .

أمجد ...مفيش جميل ولا حاجة ، أنا مش عايز منك غير قلبك .

فخجلت روان وابتسمت ، فبادرها أمجد بقوله ....تصوري عسل أوي وأنتِ مكسوفة كده .
وبصي يا ستي ،إحنا هنجيب الهريسة تمام .

روان ...تمام .
أمجد ...بعدها هنجيب بودرة كده ،زي السكر المطحون
من الصيدلية ، هنحطها في الحشو اللي بنص الهريسة ، عشان ميبنش .
روان بفزع ... بودرة إيه دي ، إلا تكون سم ونروح في داهية .

فضحك أمجد ....لا مش عبيط أنا للدرجاتي.
وسيبي التقيل لورا .
دي بودرة هتسيب بطنهم ،وهيفضلوا طول الليل على الحمام لغاية ميتصفوا خالص .
وطبعا هتقولك تنجديها ، تقومي عطيالها علاج يوقف الإسهال ده ، عشان برده الموضوع ميتطورش لأكتر من كده .

لمعت عيني روان بالفرحة قائلة ...ماشي كلامك .
وأهي قرصة ودن ،عشان متطلبش حاجة تاني مني .
يلا بينا لتنفيذ الخطة.

أمجد ....يلا بينا .
وبالفعل اشتروا الهريسة ومن الصيدلة اشتروا البودرة المسهلة وقامت روان بوضعها في الحشو .
ثم أوصلها أمجد إلى أقرب مكان من إقامتها مودعا إياها بقبلة
في الهواء ، انعشت مشاعر روان .
ثم أمسكت روان بعلبة الهريسة كأنها ممسكة بكنز ثمين لا يقدر بثمن .
واتجهت بها إلى شقتهم ، وطرقت الباب ، فأسرع الصغير عمر وأخيه الأكبر لفتح الباب .
ومن ورائهم مديحة قائلة بسخرية ...تلاقيها المعدولة
رجعت ، في انصاص الليالي كالعادة .
ماهي مش لاقية حد يلمها .
افتح يا ابني خلينا نعدي اليوم ده على خير .
ففتح الصغير عمر وتهلل وجهه عندما رآها تحمل علبة الهريسة.
فخطفها منها على عجل وأسرع بها للداخل ، وأسرع وراءه أخوه .

روان بنفور ...طيب حتى قول شكرا ، تربية معفنة صحيح .

مديحة بحدة ...بتقولي حاجة يا معدولة .

روان ...لا مبقولش ، أديني دخلة أتخمد ، ومع ابنك الهريسة أهو ، إلهي يطمر بس .

مديحة ..تشكري يا ست روان .
ويلا أدخلي نامى ، نامت عليكي حيطة ، عشان نخلص .

ابتسمت روان بمكر ...يلا حلال فيكم ، اللي هيحصلكوا .
ثم ابتسمت عند تذكرها لأمجد قائلة ...يخربيته حتة سكر وشكلي هحبه بجد .

عندنا تذكرت مديحة الهريسة صاحت بصوت عالي قائلة...واد
يا عمر يا ابن المفجوعة هات حتة لأمك يا ولا .
وعندما تأخر في اجابتها ولجت وراءه ، لتأخذ لنفسها قطعة قبل أن تنتهي .
ثم تذوقتها بحلاوة قائلة ...أول مرة تجيب حاجة نضيفة البت دي .
وشكلها نضيف من مكان غالي ، يا ترى جابت فلوس منين ، كل ده من القبض معقولة ؟
ولا شكلها بتخنصر حاجة من ورايا .
ده يبقى يومها أسود على دماغها .

أنهى عمر وأخيه ومديحة أكل الهريسة بنهم ، ثم بعد مرور بعض من الوقت ، تقلصت معدتهم وشعروا بحاجتهم إلى الخلاء .
مديحة ...إيه بطني اللي سابت فجأة دي أنا والعيال .
أكيد بت فوزية بصلنا في الهريسة اللي جبتها .
يخربيتها ، أنا غلطانة لو أقولها تجيب حاجة تانية .
وظلت هكذا تتناوب على دورة المياة طول الليل هي وطفليها حتى خارت قواها وسارت بتثاقل إلى غرفة روان ، لتفزعها من النوم قائلة ..أنتِ يا زفتة يلي اسمك روان .
فقامت روان من نومها قائلة بنعاس ...إيه فيه إيه ؟
بتصحينى ليه يلى ما تسمى.

فأمسكتها مديحة من ملابسها قائلة بحدة ...أنتِ شكلك كنتي عايزة تسميني أنا وعيالي ولا إيه ؟
من ساعة ما كلنا الهريسة وإحنا مبطلناش ، راحين جايين على الحمام .

روان ...يا فتاح يا عليم ، إيه الكلام ده على الصبح .
يا سلام يعني لو عايزة أسمكم بجد ، كنتم زمانكم في الأرافة دلوقتي ،مش بتكلميني لسه أهو .

مديحة ...أمال إيه ؟
بطني أنا والعيال سايبة من امبارح من ساعة ما أكلنا الهريسة .

روان ...مهي أصلوا نوع نضيف وغالي بالسمنة البلدي .
وانتوا قعدتوا زي المصروعين وخلصتوها كلها مرة واحدة .
وهي تقيلة على المعدة مستحملتوهاش.

مديحة ...فعلا كان طعمها حلو أوي يا بت .
وشكلها غالية ، أوعي تكوني بتخنصري فلوس من ورايا .

روان ...فين يا حسرة ، هو أنتِ بتخلي حاجة .
هي آه غالية بس الحظ كان عاملين عليها عرض بنص التمن امبارح .

مديحة ...طيب كويس .
المهم دلوقتي معندكيش حاجة تمسك البطن شوية ، إلا خلاص معدتش قادرة أنا والعيال .

روان ...لا سلامتك يا مرات أبويا ، آه عندي برشام .
ثم أخرجته من خزانة ملابسها .
وأعطتها إياه...خدي بالشفا .
ثم حدثت نفسها ....إلهي تولعي وأنتِ وقفة .
ثم نظرت إلى ساعتها ،فوجدت الوقت مايزال مبكرا على موعد العيادة .

روان ...أعمل إيه دلوقتي ؟
مهو أنا مش هطيق أقعد مع الست دي ولا عيالها عقبال ما يجي الوقت .
أنا هنزل أتمشى أحسن ، ثم رن هاتفها .
فنظرت للشاشة فوجدته أمجد ليتهلل وجهها فرحا فردت عليه قائلو ...أهلا يا دكتور .

أمجد ...دكتور دي في العيادة بس ، إنما لوحدنا أنا أمجد وبس .

روان بدلال ...بس يعني ميصحش .

أمجد ...لا يصح ويصح أوي كمان .

روان ...ماشي يا أمجد .

أمجد ...الله أول مرة حد ينطق اسمي بالحلاوة دي.
وبقولك لو أنتِ فاضية ،ما تيجي العيادة نتكلم شوية قبل الشغل .

شهقت روان وحدثت نفسها ....يخربيتك ده طلع من إياهم، فماذا ستفعل معه روان ؟
....
أما حلا فقد جافاها النوم طيلة الليل وهي تفكر ما ستفعل ؟
فهي لا تستطيع العودة إلى العمل مع غنيم بعد ما حدث .
فعليها البحث عن عمل آخر لتستطيع العيش .
ولكنها حتى إذا حصلت على عمل آخر .
هل ستستطيع العيش بدون قلب ، فهو معه .
وما ظنت يوما أن تبتعد عنه بتلك الطريقة .
ولكن ما باليد حيلة .
ثم أجهشت بالبكاء ، لتسمع حنين أنينها وتقوم فزعة إليها قائلة .....؟
ما ستقول لها حنين ؟
وهل ستقص لها حلا ما حدث ؟
سنعلم في الحلقات القادمة بإذن الله .
......
أم فاطمة ❤️ شيماء سعيد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي