الفصلالرابععشر

اليوم هو يوم التقديم للجامعات، أنا متحمسة جداً، أما أمي فقد كان القلق بادئاً على ملامحها، صامتة لا تشاركنا الحديث ولا الضحك، تنظر بعينيها فقط، والتي كانت تشيء بالكثير..
أفهمها جيداً، هي قلقة علي، لا توجد كليات لطب الأسنان في المدينة التي نسكن فيها، لذلك سوف أضطر أن أسافر لمدينة أخرى لكي أحقق حلمي، رغم أنني لم أفارق مني منذ أن ولدت، لم يمضي يوماً كاملاً في حياتي بدونها، دائما حولي، تمهد لي كل الطرق، لم أشعر بالوحدة في يوم، ولا أستطيع أن أفكر في الأمر، أحاول بقدر الإمكان ألا أفكر، لأن قلقي سوف يكون مضاعفاً حينها..
حاولت أن أطمئنها ولكن ابتسمت وقالت: لن أحرمك من تحقيق أحلامك يا ابنتي، ولكنني في نفس الوقت لن أستطيع منع نفسي من القلق عليك، أنت بضعة مني، أخاف عليك أكثر من خوفي على نفسي..
عندما رأت حزني قالت بسخرية: فتاة قليلة عقل مثلك كيف ستعيش في مجتمع جديد..
لم أضحك هذه المرة، لأنني شعرت بالقلق أيضاً، تنهدت أمي ثم قالت: صحيح أنني أخاف عليك، لأنني أم وهكذا قلب الأم، كثير القلق على ابنائها، ولكن في نفس الوقت أعرف أنني لم أجعل قلقي وحرصي عليك يؤثر عليك سلباً، أنت فتاة قوية، ومسئولة وتحسنين التصرف في أي مكان، ولأول مرة سوف أعترف، أنك فتاة عاقلة، ولديك مبادئ وقيم، وأيضاً هذا الأمر لا بد منه، أن يأتي ذلك اليوم وتواجهي مصاعب الحياة أو بعضها لوحدك، من دوني، ولعل في سفرك هذا خيرا كثيرا لك، فتفائلي خيراً يا حلوتي، ولا تجعلي حماسك ينطفي..
ضممتها بقوة وقد شعرت ببعض الراحة، ألم أخبركم بأن أمي أروع أم!
معها حق، الآن بعد حديثها أشعر بحماس، حبي للاستكشاف ومعرفة كل ما هو جديد، وقريبا سوف يكون كل ما حولي مختلف، مدينة جديدة، مجتمع جديد، أسلوب حياة جديد، يا إلهي!
ذهبنا أنا ووالدي إلى واحد من مراكز التقديم في المدينة، كتبت رغبتي الأولى في إستمارة التقديم، في جامعة في مدينة قريبة من مدينتنا، وفي نفس الوقت قوية وقيل أن نظامها رائع، وأعتقد بأنني سوف أكون من المقبولين بإذن الله، وأتممت بقية الرغبات بجامعات أخرى، ولكني شبه متأكدة من قبولي في الجامعة الأولى، لأن معدلي أكبر من المعدل المطلوب لكي يتم قبولي فيها..
لا أعرف كثيراً عن طب الأسنان، ولكنني أحببته بعد زيارتي لعيادة الأسنان ورؤيتي لتلك الطبيبة..
أفكر هل يمكنني في يوم أن أكون قدوة لأحدهم! يراني فيعجب بمجالي ويجعله حلم من أحلامه، ويكون لي دور في تغيير كبير في حياته، أحب جداً أن يكون لي أثر طيب، أن أكون خفيفة على كل الناس..
أخبرني والدي بأن أنتظره في السيارة، لديه أمر مهم، أنتظرته حتى عاد، كان يحمل كيساً، وضعه جانباً فتوقعت أن يكون شيئاً خاصا يريده فلم أسأله..
عندما وصلنا إلى المنزل، وجدنا أمي تنتظرنا بقلق، أخبرها أبي بأن الأمور سارت على ما يرام الحمد لله..
كنت متجهه إلى غرفتي لأبدل ملابسي، فأوقفني والدي قائلا: خذي يا يقين هذا لك
قلت متعجبة: ما هذا؟
رد والدي بابتسامة: افتحيه
فتحته وهنا دهشت، كان هاتفاً، اتسعت عيناي، نظرت إلى أمي فقالت بابتسامة: أعتقد أنه الوقت المناسب ليصبح لديك هاتف..
لا أستطيع أن أصف مدى سعادتي! كنت قد ألححت على أمي في السابق بأنني أريد هاتفاً، فكل صديقاتي لديهن، قالت بأنه لم يحن الوقت بعد، وأن الهاتف هذا عبارة عن مصيدة، مضاره أكثر من فوائده، يلتقم الوقت ويستعبد الإنسان فيصبح لا يستطيع العيش بدونه، لذلك منعتني منه حتى أكمل دراستي..
فتحته بسعادة، ومنذ أن امتلكت هذا الهاتف، تغيرت حياتي كثيرا..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي