جزيرة مهجورة
مر يومهما الأول على خير، نعم لا يخلو من بعض مضايقات سيلا و لكن اوس كان يحاول جاهدا ان لا يقفد اعصابه عليها.
ساعدا بعضهما ببناء منزل صلب يحتميان فيه عن العواصف و الأمطار فكما قلنا هذه الجزيرة المهجورة هي جزيرة استوائية اي ان الأمطار و العواصف تأتي و تذهب من دون سابق إنذار.
-لماذا لا بنبي فقط كوخا عاديا كما في الأفلام السينمائية، القليل من أوراق الموز فقط و بعظ العيدان.
-هل انت مجنون تظن ان جسدك قادر على تحمل البرد و الصقيع، انت حقا مجنون في السينما عندما ينتهون من المشهد يجري كل منهم الى اول معطف يدفأه اما انت يا هذا سيصيبك مرض السل و جميع أمراض الرأة و العظام لن تغدو قادرا حتى على التنفس.
تأملها و ابتسم
-سيلا الكاشف ،هل ستعتنين بي إن مرضت او أصابني شيء.
-لا.
امتغض وجهه
-أ تتكلمين بجد سيلا.
-و هل اعرفك لأمزح معك، اسمع وضعتنا الضروف مع بعض لكن هذا لا يعني ان نصبح أصدقاء، انا و انت سنحاول التعايش مع بعض إلى أن تمر طائرة لعينة و تأخذنا من هنا، و اقصد بهذا اننا سنتعاون على فعل اشياء كثيرة و لكن ان مرضت و اثقلت كاهلي انا لن انظر خلفي و اتمنى منك أن تفعل مثلي تماما أ فهمت.
-حبست مع أنثى ليس لديها قلب و انا اقول لماذا منذ أن وقعنا هنا و لم تنطق ابدا اسم زوجها او ابنها او حتى والدها توضح لنا أن الانسة لا تحب سوى نفسها و لا يهمها أحدا البته.
رمقته بنظرة مستفزة
-اجل معك حق.
لم توجعها كلماته و لمذا ستفعل لو عرف فقط مقدار اشتياقها لوالدها و ابنها ،لكن من هو لكي يعرف و من هو حتى تجعله يعرف انه ليس سوى ذكر غبي لا يهمها أمره، بسببه عانت هي و عانت الكثيرات غيرها.
تكلمت بجدية
-الان أخبرني هل سنصنع بيتا واحدا سميكا او كل منا فليفعل ما يشاء.
-انا للأسف يا مدام سيلا سأساعدك حتى أن اردتي حرقي.
ابتسمت هي دون ارادتها، تعاون الاثنان على بناء بيت صغير مكون من غرفتين و مطبخ كل واحد منهما لديه غرفة، استعانت سيلا في بنائه على الطين و الطوب و رمال الشاطئ و جذوع الأشجار السميكة و قصب البامبو و أوراق الموز، ضلا يبنيان فيه طوال النهار حتى لا يضيعان الوقت، جعلا المنزل في وسط الغابة قريب من الشاطئ لكن ليس كثيرا حتى لا تداهمهما الرياح العاتية المنبعثة من الشاطئ حاولا بناء البيت في موقع استراتيجي حيت ان الغابة ستقوم بحمايتهم و لو قليلا من قوة الرياح كما أن اغلب الاكل موجود بقرب تلك البقعة، و أيضا الشلال بالقرب منهم، اي انه الموقع الأنسب لهم.
انتهيا و أخيرا من بناء البيت لكن طبعا لكي يتحجر الطين و يتصلب يلزمه بعض من الوقت و أثناء ذلك كانت سيلا تراقب المكان شيء ينقص هنا ما هو هي لا تدري، عليها التركيز بعض الشيء، لأنها ببساطة لا يعرف ان كم من الوقت سيقضيان في هذه الجزيرة لدا عليهما توفير احسن بيئة و كذلك عليهما ان يكونا مستعدان لأي اخطار او اي شيء مفاجئ.
اخدت مفكرتها و جلست مقاصدة لأوس الذي ازال قميصك و يتصبب عرقا من شدة العمل فسيلا لا ترحم و هو يوافقها عليهما التعب في أول يوم لهما و تجهيز كل شيئ حتى تكون بقية الايام اكثر راحة لهما.
تأملت هي اوس و اردفت بهدوء
-يمكنك اخد قسط من الراحة انا سأكمل صناعة الأواني.
-لكن عزيزتي انت ايضا تعبتي كثيرا لذا عليك اخد قسط من الراحة.
تكلمت بغضب
-انا يا هذا سيدة متزوجة اي انك لن تناديني بعزيزتي هذه مرة أخرى.
-تعالي و اغلقي لي فمي عزيزتي.
كانت تحمل كرة طين في يديها فظربته بها مباشرة لوجهه، زمجر هو ازال الطين من وجهه و قهقه
-انت في عداد الموتى آنسة سيلا.
قبل أن تستوعب كلامه هجم عليها و اغرقها بالطين ملامسة جسديهما معا لم توقظ فيها الا بعض الذكريات الحارقة تلك الجريمة التي صمتت عليها لسنين، كان يأخد الطين و يضعه في وجهها في شعرها في فمها، مع كل لمسة مع كل نفس ذكرياتها تتخبط على عقلها كالامواج القاسية، ذكريات تمنت لو انمحت من ذاكرتها لو سالت خارج جسدها مع سيلان دموعها، شهقت و تنفست بعنف لأن الطين حرفيا دخل في قصبتها الهوائية و بكل قوتها و أعنف ما لديها دفعت جسده العملاق من عليها و صفعته حتى استدار وجهه للجهة الأخرى، ذلك الهمجي لم يكفيه انها هنا في هذه الجزيرة المهجورة بسببه لا بل و أيضا تحاول التعامل معه بطريقة حضارية لأنه ان ترك لها الأمر كانت يتصنع بلحمه طعما للأسماك.
تفاجئ هو من ردة فعلها فقد ظن انه يمازحها هل هذه الفتاة مجنونة، هل لديها اضطراب نفسي ام ماذا، اكيد هي فتاة من برج الجوزاء لديها اكثر من الف شخص بداخلها يتصارعون لكنها مزاجية و حادة و منتقمة اكيد سيلا الكاشف من نساء برج العقرب الجميلات جدا.
وقفت هي حاولت نزع اكبر كمية من الطين من على وجهها و ملابسها ثم توجهت إلى الشلال لتغتسل من هذه القذارة و لكن قبل ذلك حذرته.
-انا ذاهبة للإستحمام ان لمحتك تتلصص على سأصنع منك لحما مقددا.
-لست مغرما بك لتلك الدرجة.
رمقته بنظرة غير مفهومة و ابتسمت بإستهزاء بينما تكاد تنفجر، كيف ستعيش مع هذا الحقير هذه المدة التي لا تعرف طولها، مجنون مخبول و متحرش لعين، قلبها يعتصر كلما تتذكر انه معها في نفس المكان لا بل سيعيشان في نفس الكوخ أيضا، يا خيبتاه بعد كل ما فعلته به يلعب بها الحظ لعبته القذرة و يرميها معه في نفس الجزيرة، لو كانت هنا لوحدها لكان افضل بكثير.
اتصلت إدارة الفندق التي حجزت به سيلا بكل الجزر الأخرى فلم يجدو لها أثر و آخر مشهد ظهرت به عندما جرها اوس من يدها و تشاجر معها، قامت الشرطة باجرائتها و بحوثها فاكتشفو اختفاء اوس أيضا، بلغت الشرطة رئيس الوزراء والد سيلا ضرغام الكاشف.
-اخبرتها ،اخبرتها مرارا و تكرارا ان تشيح بصرها عن ما يفعله اوس ثائر لكنها عنيدة، ماذا سيكون قد فعل بإبنتي، أقسم أن كسر لها ظفرا واحد لأقيم عليه الحد هو و سلالته لأقتله و ابيذ امبراطوريته.
بكى غيث كثيرا على اختفاء امه
-جدي أين مامي، لماذا ذهبت و تركتني، هل نامي ماتت، هل قتلها الاشرار.
صرخ ضرغام في وجهه
-اصمت غيث، اصمت امك لن تترك ابدا و ان فعلت اعلم ان الامر ليس بيدها، امك تحبك انت جزء منها انت قطعة من قلبها، امك تريد العيش فقط من أجلك، انا اعرف ابنتي هي فتاة جيدة و لطيفة مع الجميع، أو على الأقل كانت لطيفة، اعدك غيث أعدك ان جدك سيجد ابنته، سأجد سيلا و سأحاسب الفاعل أعدك غيث.
انهارت دفاعاته و احتطن الطفل الصغير ثم اجهش باكيا فما يشعر به لا يمكن وصفه، شعور يقتله كلما فكر ان ابنته سيلا قد تكون في هذه الثناء جثة هامدة في مكان ما،قلبه يتمزق حينما يضع امامه هذا الافتراض، هي حية ابنته حية هو يعرف ذلك لا تزال أنفاسها في الجو عبيرها و عبقها لا يزالان في الهواء فكيف كيف ستكون ميتة، عقله يكاد ينفجر يدعي ربه ان يجدها سالمة غانمة، يدعو ربه فقط أن تكون شقت طريقها لتعبث في قضية أخرى كالعادة و لا شيء سيء قد حصل لها، حاول كتم مشاعره على الاقل امام غيث، مسح دموعه ثم مسح دموع الطفل الذي نام بين ذراعيه، تذكر سيلا في هذه اللحظة هي من كانت تنام بين يديه هكذا،نهض و اخد الصغير إلى سريره ثم غادر عاقدا العزم انه لن يعود الا مع ابنته لكنه كان خائفا ان يعود مع جثة ابنته.
كانت سيلا تغسل جسدها من الطين و العرق و الرمال و لمساته القذرة، كيف ستعيش مع هذا الهمجي هي لا تعرف، كانت تقوم بفرك كل جزء من جسدها قد وصلته يد ذلك القذر.
فور ان انتهت لفت جسدها بالمنشفة و ذهبت لترتدي ثيابها، هاجمتها نظرات اوس لها فهي تبدو كالحوريات جميلة بطريقة يعجز العقل عن استيعابها، كانت عيناه تجردها من المنشفة التي ترتديها.
صرخت هي بعلو صوتها
-خذ عيناك يا هذا.
-لو لم تكوني تريدين لفت انتباهي لما مررت من أمامي بالمنشفة.
-اوس انا لا أراك اصلا، انت شفاف بالنسبة لي.
اختبأت من عيناه لترتدي ملابسها،بعد أن انتهت بادرت بإتمام العمل، كان الهمجي لا يزال يستلقي على التراب بينما لا يزال مغمورا بالطين.
-أ لن تغتسل، لقد أصبحت كالتماثيل اليونانية.
-انا أضع قناع طين، سيدة مثلك ينقصها ذقن فقط لتصبح رجلا لن تفهم هذا.
-احسن من ان اكون مثلك، وجه البراز.
-اشكرك عزيزتي.
ارسل لها قبلة في الهواء بينما هي تكاد تنفجر من الغيض، هذا البغيض لا يفوت فرصة لإستفزازها، سيء جدا هذا الرجل، تكرهه تكرهه هي بل لا تطيقه و كل يوم يجعلها تكرهه اكثر و اكثر و اكثر.
جلست تصنع أواني الفخار، صنعت بعض المعالق الفخارية و بعض الاطباق قدور لكي تطبخ بها، وقف أمامها بحالته تلك و سألها.
-من أين تعلمت كل هذا سيلا؟
-لسنا أصحابا لتناديني باسمي،اسمي هو مدااام سيلا.
-لقد مللت منك منذ اليوم الأول فكيف حال باقي الايام، انت انسانة مملة و لا اعرف كيف يطيقك زوجك لأنك لا تطاقين.
-اذهب الى الجحيم السابع، ثم انا اعاملك بهذه الطريقة لأني اكرهك، انا لست منافقة و لست فاقذة للذاكرة فأنت سبب وجودي هنا، ان كنت تظن مثلا ان بعد كل ما فعلته بي سآخدك بالاحظان انت تحلم، انا حينما اكره شخص اكرهه حتى آخر نقطة دم في جسدي و انا اكرهك ايها الاهوج البغييييض تافه.
-جميلة حتى و انت تخرجين السم من ثغرك عزيزتي.
تأملته و فهمت لعبته هو يريد أن يذيقها ما فعلته به لكن هيهات هذه لعبتها هي لن تنصاع له حتى لو اعلن استسلامه لها.
دهب اوس ليستحم في ذلك الشلال فالبفعل بات يشبه انسان الغاب بكل هذا الطين و التراب الذي على وجهه شعره و جسدة، بعد أن انتهى من الاستحمام تذكر أن ليس لديه اي ملابس غير التي كان يرتديها و التي بالفعل مليئة بالطين و القذارة لعن حظه و اخد يغسل الملابس بينما جسده يتصدع من برودة المياه و برودة الجو فالشمس غابت تقريبا و الليل على المشارف، بعد أن غسل ثيابه وضعها على إحدى الصخور لكي تجف و جلس بجانبها يتصدع جسده من شدة البرد.
مرت اكثر من ساعة و اوس لم يظهر، اكيد فعل مصيبة ما ذلك الرجل الطائش ترى كم عمره، تعلم انه عجوز بما يكفي لكن تصرفاته طائشة شاب في السابعة عشر من عمره قد يكون اعقل من هذا العجوز الخرف.
حل الليل و انطفئت الاضواء، النور الضلام حالك في الارجاء أصوات الحيوانات تعلو و تعلو، منها صفير الصراصير و عواء الكلاب البرية او الذئاب هي لا تعلم المهم انه عواء حيوان مفترس قد يفترسها و قد يصنع بها اكبر جميل اذا افترس الدنجوان اوس ثائر، ترجو حقا ان يكون سبب غيبته هذه ان اكله حيوان بري و خلصها من شره للأبد.
اخدت الكشاف خاصتها و توجهت إلى الشلال و طوال الطريق كانت تسمع أصوات غريبة ترعبها سواء أصوات الحيوانات او أصوات التقاء الرياح مع أوراق الشجر مما يصدر صوت كصراخ الوحوش هشم روحها رعبا و خوفا.
وصلت إلى الشلال وجدته يرتعد بردا بجانبه شبه عار و ملابسه بجانبه.
-ماذا تفعل هنا سيد اوس، ستمرض هكذا
تكلم هو بحزن
-ملابسي لم تجف بعد و انا لم ارد ان تريني هكذا ستشمتين بي.
تأملته جالسا هناك كالمنبوذ
-اتبعني
فعل بالظبط ما امرته به و ذهب رفيقتها إلى كوخهم الصغير، جلس أمامها بينما هي أخرجت حقيبة دورا تلك التي تخزن فيها عالما موازي بأسره،اخرجت منها له ملابس رجاليه و كنزات صوف و معطفين و جوارب استغرب هو.
-ماذا تفعل هذه الملابس الرجالية لديك سيلا.
-ابي كان سيقتلني ان عدت له من دون هدايا و هو أكثر ما يحب في الهدايا الثياب و الساعات، حتى انني اشتريت له ساعة رملية انظر إليها انها جميلة لكن يبدو أن هذه الأشياء ليست من نصيبه.
أخرجت غطاء و أعطته له
-هناك بعض الفواكه كلها و خد هذا الغطاء و اخلد للنوم.
-اريد ان اسئلك شيء.
-تفضل
-لماذا ساعدتني و قد كان بإمكانك الذهاب و تركي اموت من البرد، لماذا فعلت هذا و انا عدوك اللدود.
-انت لست عدوي اللدود، لم ترتقي بعد لتكون عدوي اللدود.
-لكني انا الوحيد من كنت تطبقين عليه الرأي العام لشخصه لأخطائي الشخصية و ليس ما يتعلق بعالم الأعمال.
-انت تتخيل انا لم أكن اسلط الضوء على شخصك ببساطة لأنك عجوز تافه و شخصك لا يهمني بشيء ما كنت اسلط عليه الضوء هي قاذوراتك الأخرى فإنت تجرأت كثيرا على النساء لعبت بهن بطريقة قذرة و انا ما كنت لاتركك تطغى اكثر من هذا، انا سيئة ما فعلته بك سيء انا اعلم هذا و لكن ما فعلته بي انت قسم ظهري، اي ان كل شيء فعلته لك لا يظاهي قشة من ما فعلته انت بي و بباقي النساء.
-هل كانت تلك المغنية صديقتك أ بهذا انا اذيتك، انا اسف.
-اعتذارك مرفوض.
-اسمعي دعينا ننسى هذا ارجوك سيلا دعينا نصبح أصدقاء في فترة وجودنا في هذه الجزيرة و بعد خروجنا من هنا أن شئت اقتليني سأكون سعيدا.
-اذهب لتنام الان لقد تعبت، ارجو ان لا تمطر الليلة حتى لا يسقط السقف على رؤوسنا.
-ارجو ذلك و غدا سنكمل باقي البيت و سنصنع حماما و باقي الأشياء، ما رأيك أن تبحثي في حقيبتك تلك لربما تجدين طائرة نعود بها إلى الديار.
تأملته باستصغار
-امممم مضحك.
-تصبحين على خير حبيبتي.
جرى هو من أمامها قبل أن تظربه بأول شيء أمامها.
ساعدا بعضهما ببناء منزل صلب يحتميان فيه عن العواصف و الأمطار فكما قلنا هذه الجزيرة المهجورة هي جزيرة استوائية اي ان الأمطار و العواصف تأتي و تذهب من دون سابق إنذار.
-لماذا لا بنبي فقط كوخا عاديا كما في الأفلام السينمائية، القليل من أوراق الموز فقط و بعظ العيدان.
-هل انت مجنون تظن ان جسدك قادر على تحمل البرد و الصقيع، انت حقا مجنون في السينما عندما ينتهون من المشهد يجري كل منهم الى اول معطف يدفأه اما انت يا هذا سيصيبك مرض السل و جميع أمراض الرأة و العظام لن تغدو قادرا حتى على التنفس.
تأملها و ابتسم
-سيلا الكاشف ،هل ستعتنين بي إن مرضت او أصابني شيء.
-لا.
امتغض وجهه
-أ تتكلمين بجد سيلا.
-و هل اعرفك لأمزح معك، اسمع وضعتنا الضروف مع بعض لكن هذا لا يعني ان نصبح أصدقاء، انا و انت سنحاول التعايش مع بعض إلى أن تمر طائرة لعينة و تأخذنا من هنا، و اقصد بهذا اننا سنتعاون على فعل اشياء كثيرة و لكن ان مرضت و اثقلت كاهلي انا لن انظر خلفي و اتمنى منك أن تفعل مثلي تماما أ فهمت.
-حبست مع أنثى ليس لديها قلب و انا اقول لماذا منذ أن وقعنا هنا و لم تنطق ابدا اسم زوجها او ابنها او حتى والدها توضح لنا أن الانسة لا تحب سوى نفسها و لا يهمها أحدا البته.
رمقته بنظرة مستفزة
-اجل معك حق.
لم توجعها كلماته و لمذا ستفعل لو عرف فقط مقدار اشتياقها لوالدها و ابنها ،لكن من هو لكي يعرف و من هو حتى تجعله يعرف انه ليس سوى ذكر غبي لا يهمها أمره، بسببه عانت هي و عانت الكثيرات غيرها.
تكلمت بجدية
-الان أخبرني هل سنصنع بيتا واحدا سميكا او كل منا فليفعل ما يشاء.
-انا للأسف يا مدام سيلا سأساعدك حتى أن اردتي حرقي.
ابتسمت هي دون ارادتها، تعاون الاثنان على بناء بيت صغير مكون من غرفتين و مطبخ كل واحد منهما لديه غرفة، استعانت سيلا في بنائه على الطين و الطوب و رمال الشاطئ و جذوع الأشجار السميكة و قصب البامبو و أوراق الموز، ضلا يبنيان فيه طوال النهار حتى لا يضيعان الوقت، جعلا المنزل في وسط الغابة قريب من الشاطئ لكن ليس كثيرا حتى لا تداهمهما الرياح العاتية المنبعثة من الشاطئ حاولا بناء البيت في موقع استراتيجي حيت ان الغابة ستقوم بحمايتهم و لو قليلا من قوة الرياح كما أن اغلب الاكل موجود بقرب تلك البقعة، و أيضا الشلال بالقرب منهم، اي انه الموقع الأنسب لهم.
انتهيا و أخيرا من بناء البيت لكن طبعا لكي يتحجر الطين و يتصلب يلزمه بعض من الوقت و أثناء ذلك كانت سيلا تراقب المكان شيء ينقص هنا ما هو هي لا تدري، عليها التركيز بعض الشيء، لأنها ببساطة لا يعرف ان كم من الوقت سيقضيان في هذه الجزيرة لدا عليهما توفير احسن بيئة و كذلك عليهما ان يكونا مستعدان لأي اخطار او اي شيء مفاجئ.
اخدت مفكرتها و جلست مقاصدة لأوس الذي ازال قميصك و يتصبب عرقا من شدة العمل فسيلا لا ترحم و هو يوافقها عليهما التعب في أول يوم لهما و تجهيز كل شيئ حتى تكون بقية الايام اكثر راحة لهما.
تأملت هي اوس و اردفت بهدوء
-يمكنك اخد قسط من الراحة انا سأكمل صناعة الأواني.
-لكن عزيزتي انت ايضا تعبتي كثيرا لذا عليك اخد قسط من الراحة.
تكلمت بغضب
-انا يا هذا سيدة متزوجة اي انك لن تناديني بعزيزتي هذه مرة أخرى.
-تعالي و اغلقي لي فمي عزيزتي.
كانت تحمل كرة طين في يديها فظربته بها مباشرة لوجهه، زمجر هو ازال الطين من وجهه و قهقه
-انت في عداد الموتى آنسة سيلا.
قبل أن تستوعب كلامه هجم عليها و اغرقها بالطين ملامسة جسديهما معا لم توقظ فيها الا بعض الذكريات الحارقة تلك الجريمة التي صمتت عليها لسنين، كان يأخد الطين و يضعه في وجهها في شعرها في فمها، مع كل لمسة مع كل نفس ذكرياتها تتخبط على عقلها كالامواج القاسية، ذكريات تمنت لو انمحت من ذاكرتها لو سالت خارج جسدها مع سيلان دموعها، شهقت و تنفست بعنف لأن الطين حرفيا دخل في قصبتها الهوائية و بكل قوتها و أعنف ما لديها دفعت جسده العملاق من عليها و صفعته حتى استدار وجهه للجهة الأخرى، ذلك الهمجي لم يكفيه انها هنا في هذه الجزيرة المهجورة بسببه لا بل و أيضا تحاول التعامل معه بطريقة حضارية لأنه ان ترك لها الأمر كانت يتصنع بلحمه طعما للأسماك.
تفاجئ هو من ردة فعلها فقد ظن انه يمازحها هل هذه الفتاة مجنونة، هل لديها اضطراب نفسي ام ماذا، اكيد هي فتاة من برج الجوزاء لديها اكثر من الف شخص بداخلها يتصارعون لكنها مزاجية و حادة و منتقمة اكيد سيلا الكاشف من نساء برج العقرب الجميلات جدا.
وقفت هي حاولت نزع اكبر كمية من الطين من على وجهها و ملابسها ثم توجهت إلى الشلال لتغتسل من هذه القذارة و لكن قبل ذلك حذرته.
-انا ذاهبة للإستحمام ان لمحتك تتلصص على سأصنع منك لحما مقددا.
-لست مغرما بك لتلك الدرجة.
رمقته بنظرة غير مفهومة و ابتسمت بإستهزاء بينما تكاد تنفجر، كيف ستعيش مع هذا الحقير هذه المدة التي لا تعرف طولها، مجنون مخبول و متحرش لعين، قلبها يعتصر كلما تتذكر انه معها في نفس المكان لا بل سيعيشان في نفس الكوخ أيضا، يا خيبتاه بعد كل ما فعلته به يلعب بها الحظ لعبته القذرة و يرميها معه في نفس الجزيرة، لو كانت هنا لوحدها لكان افضل بكثير.
اتصلت إدارة الفندق التي حجزت به سيلا بكل الجزر الأخرى فلم يجدو لها أثر و آخر مشهد ظهرت به عندما جرها اوس من يدها و تشاجر معها، قامت الشرطة باجرائتها و بحوثها فاكتشفو اختفاء اوس أيضا، بلغت الشرطة رئيس الوزراء والد سيلا ضرغام الكاشف.
-اخبرتها ،اخبرتها مرارا و تكرارا ان تشيح بصرها عن ما يفعله اوس ثائر لكنها عنيدة، ماذا سيكون قد فعل بإبنتي، أقسم أن كسر لها ظفرا واحد لأقيم عليه الحد هو و سلالته لأقتله و ابيذ امبراطوريته.
بكى غيث كثيرا على اختفاء امه
-جدي أين مامي، لماذا ذهبت و تركتني، هل نامي ماتت، هل قتلها الاشرار.
صرخ ضرغام في وجهه
-اصمت غيث، اصمت امك لن تترك ابدا و ان فعلت اعلم ان الامر ليس بيدها، امك تحبك انت جزء منها انت قطعة من قلبها، امك تريد العيش فقط من أجلك، انا اعرف ابنتي هي فتاة جيدة و لطيفة مع الجميع، أو على الأقل كانت لطيفة، اعدك غيث أعدك ان جدك سيجد ابنته، سأجد سيلا و سأحاسب الفاعل أعدك غيث.
انهارت دفاعاته و احتطن الطفل الصغير ثم اجهش باكيا فما يشعر به لا يمكن وصفه، شعور يقتله كلما فكر ان ابنته سيلا قد تكون في هذه الثناء جثة هامدة في مكان ما،قلبه يتمزق حينما يضع امامه هذا الافتراض، هي حية ابنته حية هو يعرف ذلك لا تزال أنفاسها في الجو عبيرها و عبقها لا يزالان في الهواء فكيف كيف ستكون ميتة، عقله يكاد ينفجر يدعي ربه ان يجدها سالمة غانمة، يدعو ربه فقط أن تكون شقت طريقها لتعبث في قضية أخرى كالعادة و لا شيء سيء قد حصل لها، حاول كتم مشاعره على الاقل امام غيث، مسح دموعه ثم مسح دموع الطفل الذي نام بين ذراعيه، تذكر سيلا في هذه اللحظة هي من كانت تنام بين يديه هكذا،نهض و اخد الصغير إلى سريره ثم غادر عاقدا العزم انه لن يعود الا مع ابنته لكنه كان خائفا ان يعود مع جثة ابنته.
كانت سيلا تغسل جسدها من الطين و العرق و الرمال و لمساته القذرة، كيف ستعيش مع هذا الهمجي هي لا تعرف، كانت تقوم بفرك كل جزء من جسدها قد وصلته يد ذلك القذر.
فور ان انتهت لفت جسدها بالمنشفة و ذهبت لترتدي ثيابها، هاجمتها نظرات اوس لها فهي تبدو كالحوريات جميلة بطريقة يعجز العقل عن استيعابها، كانت عيناه تجردها من المنشفة التي ترتديها.
صرخت هي بعلو صوتها
-خذ عيناك يا هذا.
-لو لم تكوني تريدين لفت انتباهي لما مررت من أمامي بالمنشفة.
-اوس انا لا أراك اصلا، انت شفاف بالنسبة لي.
اختبأت من عيناه لترتدي ملابسها،بعد أن انتهت بادرت بإتمام العمل، كان الهمجي لا يزال يستلقي على التراب بينما لا يزال مغمورا بالطين.
-أ لن تغتسل، لقد أصبحت كالتماثيل اليونانية.
-انا أضع قناع طين، سيدة مثلك ينقصها ذقن فقط لتصبح رجلا لن تفهم هذا.
-احسن من ان اكون مثلك، وجه البراز.
-اشكرك عزيزتي.
ارسل لها قبلة في الهواء بينما هي تكاد تنفجر من الغيض، هذا البغيض لا يفوت فرصة لإستفزازها، سيء جدا هذا الرجل، تكرهه تكرهه هي بل لا تطيقه و كل يوم يجعلها تكرهه اكثر و اكثر و اكثر.
جلست تصنع أواني الفخار، صنعت بعض المعالق الفخارية و بعض الاطباق قدور لكي تطبخ بها، وقف أمامها بحالته تلك و سألها.
-من أين تعلمت كل هذا سيلا؟
-لسنا أصحابا لتناديني باسمي،اسمي هو مدااام سيلا.
-لقد مللت منك منذ اليوم الأول فكيف حال باقي الايام، انت انسانة مملة و لا اعرف كيف يطيقك زوجك لأنك لا تطاقين.
-اذهب الى الجحيم السابع، ثم انا اعاملك بهذه الطريقة لأني اكرهك، انا لست منافقة و لست فاقذة للذاكرة فأنت سبب وجودي هنا، ان كنت تظن مثلا ان بعد كل ما فعلته بي سآخدك بالاحظان انت تحلم، انا حينما اكره شخص اكرهه حتى آخر نقطة دم في جسدي و انا اكرهك ايها الاهوج البغييييض تافه.
-جميلة حتى و انت تخرجين السم من ثغرك عزيزتي.
تأملته و فهمت لعبته هو يريد أن يذيقها ما فعلته به لكن هيهات هذه لعبتها هي لن تنصاع له حتى لو اعلن استسلامه لها.
دهب اوس ليستحم في ذلك الشلال فالبفعل بات يشبه انسان الغاب بكل هذا الطين و التراب الذي على وجهه شعره و جسدة، بعد أن انتهى من الاستحمام تذكر أن ليس لديه اي ملابس غير التي كان يرتديها و التي بالفعل مليئة بالطين و القذارة لعن حظه و اخد يغسل الملابس بينما جسده يتصدع من برودة المياه و برودة الجو فالشمس غابت تقريبا و الليل على المشارف، بعد أن غسل ثيابه وضعها على إحدى الصخور لكي تجف و جلس بجانبها يتصدع جسده من شدة البرد.
مرت اكثر من ساعة و اوس لم يظهر، اكيد فعل مصيبة ما ذلك الرجل الطائش ترى كم عمره، تعلم انه عجوز بما يكفي لكن تصرفاته طائشة شاب في السابعة عشر من عمره قد يكون اعقل من هذا العجوز الخرف.
حل الليل و انطفئت الاضواء، النور الضلام حالك في الارجاء أصوات الحيوانات تعلو و تعلو، منها صفير الصراصير و عواء الكلاب البرية او الذئاب هي لا تعلم المهم انه عواء حيوان مفترس قد يفترسها و قد يصنع بها اكبر جميل اذا افترس الدنجوان اوس ثائر، ترجو حقا ان يكون سبب غيبته هذه ان اكله حيوان بري و خلصها من شره للأبد.
اخدت الكشاف خاصتها و توجهت إلى الشلال و طوال الطريق كانت تسمع أصوات غريبة ترعبها سواء أصوات الحيوانات او أصوات التقاء الرياح مع أوراق الشجر مما يصدر صوت كصراخ الوحوش هشم روحها رعبا و خوفا.
وصلت إلى الشلال وجدته يرتعد بردا بجانبه شبه عار و ملابسه بجانبه.
-ماذا تفعل هنا سيد اوس، ستمرض هكذا
تكلم هو بحزن
-ملابسي لم تجف بعد و انا لم ارد ان تريني هكذا ستشمتين بي.
تأملته جالسا هناك كالمنبوذ
-اتبعني
فعل بالظبط ما امرته به و ذهب رفيقتها إلى كوخهم الصغير، جلس أمامها بينما هي أخرجت حقيبة دورا تلك التي تخزن فيها عالما موازي بأسره،اخرجت منها له ملابس رجاليه و كنزات صوف و معطفين و جوارب استغرب هو.
-ماذا تفعل هذه الملابس الرجالية لديك سيلا.
-ابي كان سيقتلني ان عدت له من دون هدايا و هو أكثر ما يحب في الهدايا الثياب و الساعات، حتى انني اشتريت له ساعة رملية انظر إليها انها جميلة لكن يبدو أن هذه الأشياء ليست من نصيبه.
أخرجت غطاء و أعطته له
-هناك بعض الفواكه كلها و خد هذا الغطاء و اخلد للنوم.
-اريد ان اسئلك شيء.
-تفضل
-لماذا ساعدتني و قد كان بإمكانك الذهاب و تركي اموت من البرد، لماذا فعلت هذا و انا عدوك اللدود.
-انت لست عدوي اللدود، لم ترتقي بعد لتكون عدوي اللدود.
-لكني انا الوحيد من كنت تطبقين عليه الرأي العام لشخصه لأخطائي الشخصية و ليس ما يتعلق بعالم الأعمال.
-انت تتخيل انا لم أكن اسلط الضوء على شخصك ببساطة لأنك عجوز تافه و شخصك لا يهمني بشيء ما كنت اسلط عليه الضوء هي قاذوراتك الأخرى فإنت تجرأت كثيرا على النساء لعبت بهن بطريقة قذرة و انا ما كنت لاتركك تطغى اكثر من هذا، انا سيئة ما فعلته بك سيء انا اعلم هذا و لكن ما فعلته بي انت قسم ظهري، اي ان كل شيء فعلته لك لا يظاهي قشة من ما فعلته انت بي و بباقي النساء.
-هل كانت تلك المغنية صديقتك أ بهذا انا اذيتك، انا اسف.
-اعتذارك مرفوض.
-اسمعي دعينا ننسى هذا ارجوك سيلا دعينا نصبح أصدقاء في فترة وجودنا في هذه الجزيرة و بعد خروجنا من هنا أن شئت اقتليني سأكون سعيدا.
-اذهب لتنام الان لقد تعبت، ارجو ان لا تمطر الليلة حتى لا يسقط السقف على رؤوسنا.
-ارجو ذلك و غدا سنكمل باقي البيت و سنصنع حماما و باقي الأشياء، ما رأيك أن تبحثي في حقيبتك تلك لربما تجدين طائرة نعود بها إلى الديار.
تأملته باستصغار
-امممم مضحك.
-تصبحين على خير حبيبتي.
جرى هو من أمامها قبل أن تظربه بأول شيء أمامها.