مجنونة

مرت ليلتها الأولى في تلك الجزيرة على خير بالطبع اوس لم ينم فقد كان كل دقيقة يتفقد المكان فقد يحذث اي شيء قد يهاجمهما ذئاب او كلاب برية او قد يضهر لهما تنين اسطوري ظخم و في اسوء السيناريوهات قد ينفجر البركان على رؤوسهم و إلا لما ترك الناس هذه الجزيرة الجميلة لولا خطورتها، المهم انه ظل تلك الليلة الباردة واقف على عتبة سيلا يحاوط جسده بتلك البطانية التي أعطته و يجلس عند عتبتها فأول شيء سيحصل في هذه الجزيرة سيحمل هو سيلا و يهرب بها إلى أين لا يعرف لكنه لن يتركها و لو مات حيا.

سيلا كذلك لم تنم فكل مرة كانت تسمع خطوات اقدامه متجهة نحو غرفتها كانت تفزع بل ترتعب لظنها انه قد يعتدي عليها بأي شكل من الأشكال، فهما في جزيرة لوحدهما و لا احد يعرف أنها معه لذا ماذا يمنعه من ان يعتدي عليها او ان يقتلها حتى أن أراد، نعم كل دقيقة او اثنان ترمي من فمها بعض الكلمات بكونها متزوجة و لديها طفل و ما إلى ذلك، لكن المغتصب مغتصب لن يمنعه كونها متزوجة أو أم او عجوز او مريضة او شيء لن يمنعه اذا اراد ان يسحقها.

كانت تتامله بهدوء و هو جالس على عتبة بابها لكن ماذا يفعل هذا التافه،هل يحرسها حقا، حقا، انها لعجائب الدنيا السبع فمن يقول ان الدنجوان بشحمه و لحمه و كامل قواه العقلية قد يجلس أمام عتبتها فقط ليحرسها.

نهضت من مكانها و حذفت كلماتها اللاذعة

-ماذا تفعل هنا ألن تذهب لترقد في غرفتك


-انا لا أشعر بالارتياح في الأماكن الجديدة بسهولة لذا نامي انا سأضل هنا.



-غادر باب غرفتي يا هذا.


-انا هنا لحمايتك سيلا.



-استطيع حماية نفسي و حمايتك و حماية الكوكب و الآن اذهب من هنا لا اريد رؤية وجهك في مرمى بصري.


-اقسم ان كل جمالك ذلك و الشعر الطويل و العيون اللوزية الواسعة و الرموش الطويلة و جسدك القاتل كل شيء يتلاشى من أمامي فور ان تفتحي ثغرك، انك كالافاعي يا هذه تذرفين السم من ثغرك.



-احذر ان التف على رقبتك و اذهب من هنا.


-لست ذاهبا لمكان و نامي و الا نيمتك بطريقتي أيتها الصغيرة المجنونة.


-عجوز تافه.


قهقه هو بينما يغادر من أمام غرفتها

-قال غرفة قال هذه التي تنامين بها ليست سوى كوخ بدائي انت تتوسدين الأرض القاسية يا هذه.



صرخت بعد أن سمعته يتمتم

-اذهب الى الجحيم


اجابها بدوره

-و انت كذلك أيتها المشعوذة



دخل غرفته ثم خرج فورا بعد أن سمع عواء شيء قريب جدا من البيت، نهضت كذلك سيلا فزعة خرجت كذلك لتعرف ما الأمر وجدت اوس يمسك عصا مدببة من الامام و يقف عند مدخل البيت.



-ما كان ذلك الصوت؟

-لا أعرف و لم أستطع تمييز ان كان زئيرا ام عواء.

ادرفت سيلا بعض الدموع

-لم نمت غارقين لكننا سنصبح وجبة للذئاب اوس، انت السبب انت السبب انت السبب اكرهك اكرهك اكرهك اكرهك.


مسح دموعها و اخدها في حضنه

-حسنا انا اسف، أقسم سيلا لن يحدث لك شيء و أنت معي.


تأملته بنظرات حارقة فذكرياتها لم تكن لتتركها في لحظة صفاء، ابتعدت عنه بعنف و ذخلت إلى غرفتها.


تأملها هو و نطق

-حشرت مع مجنونة في جزيرة مهجورة.


ضل هو طوال الليل يراقب الخارج و يود معرفة هذا الكائن الذي يعوي او يزئر هل هو خطير او لا.


أشرقت الشمس و أخيرا و انتهت اول ليلة لهم هنا بمشقة الأنفس استيقظت في ساعات الصباح للأولى وجدت اوس في الباب ينام بطريقة مبعثرة ايقظته و أخذته لمكانه ليكمل نومه بهدوء، استغرب منها هو رغم نومه و هي أيضا استغربت من نفسها و لكن مهما كان فقد استيقظ الليلة المنصرمة فقط ليحرسها بينما هي كانت نائمة بهدوء.


بعد أن وضعت اوس بمكانه لينام خرجت و اطمأنت على بنية البيت لقد اصبح اصلب من قبل و هذه اخبار سارة، عليها فقط تأتيته  لأنها لن تنام على الأرض بعد الآن، فالان مفاصلها و كل قطعة في جسدها تؤلمها بسبب النوم على الأرض مباشرة.


ذهبت تتوغل في الجزيرة لتحضر طعام الفطور و أحضرت كذلك بعض الماء فقد صنعت قوارير فخار اليوم الفارط و قد جفت و أصبحت صالحة للإستعمال ذهبت للشلال و أحضرت بعض المياه و غسلت وجهها و يديها ثم توجهت إلى البيت حظرت مائدة فواكه و خظار و كل ما لذ و طاب وضعتها في المطبخ لم تأكل الا قليلا فهي تكره الطعام وحدها رغم
كل شيء بل تحب المشاركة.

ثم خرجت بكل جد و بدأت تصنع اشياء للمنزل مثلا ستائر من أوراق النخيل و زينت بعض المزهريات بالورود، كما انها استخلصت الوان الازهار لتصنع منها طلاء للبيت و ظلت تزين جدران المنزل بذلك الطلاء إلى الظهيرة، و بعد ذلك بدأت تحاول صنع حاجز يحيط بالبيت على مداره ليحميهم من اي حيوان و شيء من هذا القبيل، استيقظ اوس وجد المكان مرتب و مزين، اكل من الطعام الذي وضعته سيلا و سقى نفسه بعض المياه الباردة ثم خرج و وجدها بالفعل قد قامت بقص كل الأشجار الصغيرة التي تحيط البيت و قصت الكثير من قصب البامبو و بدأت تصنع به سورا يحاوط المنزل، تعجب من هذه الفتاة التي تفعل كل هذا لوحدها.


-كل هذا فعلتيه لوحدك ام أخرجت خادما يساعدك من تلك الحقيبة أنستي.


-اكلت؟


-اجل أكان مسمما؟


-لن اجعلك تهنأ بالموت حتى اوس ثائر.


-انا فقط اريد ان اعرف فعلتي، اعلميني بجريمتي و انا مستعد لأقسى العقوبات، لكن انت تعاقيبينني من دون حتى أن أعرف جريمتي.


-لما لا تغرب عن وجهي اوس



-اسمي يخرج من ثغرك بطريقة انسيابية لولبية رائعة جميلتي قوليها مرة أخرى.


تكلمت بينما تحاول قدر المستطاع كتم غيضها

-انه ليس موجود هذا حلم هذا حلم هذا حلم، انه شفاف.

قهقه هو

-حقا ترينني شفاف سيلا، كل هذه الوسامة كلها لا ترينها سيلي؟


-انا أنثى متزوجة يا هذا، اي لا أرى شخصا غير زوجي


-زوجك اتمزحين، اتمزحين سيلا انت منذ يومين معي لم تذكري زوجك و لم تقولي انك اشتقت له اكيد علاقتكما غير صحية خصوصا مع لسانك هذا، اكيد لا تحبينه أزوجك اياه برهان قسرا ام ماذا.


-و من انت يا هذا حتى احكي لك عن تفاصيل حياتي مع زوجي و ابني، لا تنسى انني لا اطيقك و ان جلوسنا معا هكذا وضعا مؤقتا ليس الا.



-و ربما نبقى هنا الى الابد، ما الذي يؤكد لك اننا سنخرج من هنا ربما نكون عائلة و أبناء تكونين امهم و اكون انا والدهم.



حدثثه ببرود

-افضل الموت و انا اعني ذلك.



-لماذا ألست ارتقي لمستوى زوج لك.


-انا لن أخوض معك حذيثا في هذا الموضوع.



-اتكرهينني حتى من تلك الناحية؟



-اكرهك من كل النواحي اوس لذا أغرب عن وجهي و كفاك حديثا فارغا.


-حسنا دعيني اساعدك في بناء هذا النور.


-انت ذبب حواف قصب البامبو و انا سأضع واحدة تلو الأخرى حتى ننتهي من بناء السور.


بالفعل تعاون الاثنان في بناء سور يحاوط البيت و ما يحيطه اي انها مساحة كبيرة ينويان ان يعيشا ما سيعيشانه داخلها.


بعد انتهائهما جلس الاثنان يستريحان قليلا تكلم اوس بهدوء

-ضهري يؤلمني انت تتعبينني حقا.



-ما زلت سأتعبك اكثر يا دنجوان هيا لنصطاد و لنضع إشارة استغاتة.



- و كيف ذلك سيلاتي




-هيا لترى و اصلا انا جعت و مللت من الفواكه لأنني بالعادة لا أحب اكل الفواكه كثيرا، لقد اقلعت بعض البطاطس و الذرة و هيا لنصطاد بعض الأسماك لنصنع وليمة شواء رائعة، اه كم اشتهي السمك.



-سمعا و طاعة مولاتي سأصطاد لك كل خيرات البحر و اطعمك.



-كفاك تملقا و تعال قبل أن اطعمك للأسماء، لكن مهلا قبل ذلك لدي طعم للأسماك في حقيبتي سأحضره و آتي.



-ارجوك اخرجي لنا مروحية صغيرة من حقيبتك تلك لكي نعود بها.





-رجل سخيف



جرت للداخل أخرجت من حقيبتها طعم للأسماك ثم توجهت مع اوس الشاطئ


-انا اريد معرفة شيء واحد فقط


-ماهو

-ماذا يفعل طعام الأسماك في حقيبة سفرك؟




-لقد كنت انتقل من جزيرة لأخرى لأن الفعاليات فيها أكثر و الاثارة و الألعاب اكثر و من بين الفعاليات التي احبها هي اصطياد السمك لذا كنت جاهزة لأن اذهب و اصطاد و كنت متحمسة، لكنك يا وجه الدب قتلت حماسي و وضعتني في موقف لا احسد عليه و انا محشورة معك في جزيرة بركانية وحدنا.




-اليس هذا مثلا لأني قضيت اسبوعا في السجن بسببك أيتها الشمطاء.



-انه عملي لقد فضحت فاسدا و انت دهستك في طريقي لهذا الفاسد، لكن اتعلم لو لم أفضح انا الأمر كانت الشرطة ستظن انك المحرض لهذه التجارة، يعني انني قمت بإنقاذك عليك شكري.




-انت محتالة سيلا اعلم انه لو لم أكن في هذه القضية لما التفت لها.




-انت تمزح اتعرف كم من شخص مات و دفن بدون أعضاء و كم شخص سليم دخل مشفاك خرج بدون عضو من أعضائه، انت تعطي قيمة كبيرة لنفسك لقد اخبرتك اوس انت شفاف بالنسبة لي.





-انت لماذا تكرهينني هكذا.


-لأنك سئيل اوس.، هيا بنا و كفاك حديثا لأني انا لدي من الكلام الجارح لك ما قد يكفي العالم بأسره فتجنب لساني اوس أحذرك.




وصلو الشاطئ و بدأت كل من سيلا و اوس بكتابة كلمة المساعدة باللغة الإنجليزية على الرمال، كل واحد منهما كان يحضر أعواد ليضعها جنبا إلى جنب حتى تتشكل كلمة المساعدة باللغة الإنجليزية مكتوبة بشكل كبير و بارز على طول الشاطئ، بعد ذلك توجه الاثنان للصيد.


قهقه اوس عندما جدبت السمكة سيلا و اغرقتها في الماء، اخرجها هو بينما يمسكها من ياقة قميصها


-هل اشتريت طعم الأسماك و انت لا تعرفين الاصطياد اصلا.



تسحبت من يده بغضب


-اعرف لكني مبتدئة.




-اذا لماذا يا انستي المبتدئة لا تسبحين في الشاطئ و انا سأصطاد لك الأسماك، يا ترى اي نوع تريدين.




-اي نوع لا يهم لكن اريد أخطبوط أيضا و بعد القواقع.




-حسنا عزيزتي اذهبي للسباحة.




-حسنا سأسبح فقط بجانبك هناك لن ابتعد كثيرا حسنا؟


-حسنا


ذهبت لتسبح بعيدا عنه بينما هو يتأمل هذا الكيان الذي يمشي أمامه كم هي حلوة و كم هي صغيرة، صغيرة على أن تكون مغناطيس للفظائح و صغيرة لتكون زوجة و صغيرة لتكون ام، هي رقيقة لدرجة انه لو كان زوجها لما تركها تنجب سيخشى ان تتألم بل سيموت ان تألمت، رقتها تلك تصيبه بالجنون، تصيبه بالحيرة هي أنثى قاسية عاتية و قوية لا ينكر هذا لكن رقيقة تمتلك توازن في شخصيتها لو امتلكته كل النساء لسيرن العالم، انها قوية حينما تشاء، لعوبة عندما تريد، طفلة في بعض الأحيان و أنثى مخظرمة كثيرا.


زوجها محظوظ بحصوله على جائزة لسيلا، لابد انه يعود إلى البيت متعبا و عندما لا يجدها أمامه تنقلب موازينه، لابد انها عندما تدخل للمنزل يطير قلبه فرحا و تطمئن نفسه و تلقى روحه سكينتها، يبدو أن كل شيء فرح في بيت تسكنه هي، لابد أن منزلا فيه سيلا سيكون كالجنة، اكيد زوجها ذاك يموت الف مرة ان غادر البيت بدونها او ان تركت منزله و خرجت لكن مهما يكن على الاقل سيكون على يقين بأنها له و ليست لغيره، رئيس الوزراء ذاك كان يجب أن ينجب فتياة اكثر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي