الفصلالسابععشر

صباح الخير يا بابا ، عامل إيه؟!
عامر : صباح الخير يا يوسف ، أنا الحمد لله بخير أنت نومك كان إزاي ؟!
يارب تكون نمت كويس !
يوسف بأسف : وهييجي من فين النوم بس بعد كل إللي حصل إمبارح ده ، أنا لحد اللحظه دي بحاول أجمع إللي حصل ومش قادر .
عامر بحنان : الحمد لله يا حبيبي ، الحمد لله كانت ليلة صعبه وعدت على خير بأي شكل من الأشكال .
يوسف: الحمد لله على كل حال  ، المهم الشرطة عملت إيه إمبارح مش جبت ليا سيره عن إللي حصل .
عامر : أنت كنت تعبان تلقائي ومش جى الوقت المناسب  أو  الفرصه إننا نتكلم فيه ، بس هو مفيش حاجه يعني الشرطة جت عاينت الواقعة  وحصل يعني إستجواب أو أسئله على السريع كده للناس إللي كانت موجوده كـ شهود عيان على اللي حصل والواقعة  وبعد كده جى الطب الشرعي شاف شغله و خدوا الجثه ومشيوا  ، لكن مين البنت دي وكانت عايزه تعمل اللي كانت هتعمله ليه ؟!

يوسف : والله ما عارف يا بابا كان إيه في بالها ، هي بنت اسمها سلمى زميله زين في الشغل كان قال لينا  و وراها لينا قبل كده في كذا مناسبه ، اما كانت عايزه تعمل كده ليه ؟
فـ ده السؤال إللي تاعب عقلي من مبارح بجد ، بس الأغرب من كل ده  إن محدش  عارف مين إللي ضرب النار؟!
عامر : للاسف  محدش شافه ولا قدر يلمحه أصلًا ، هو بعض الناس إللي كانت موجوده قالت إن الرصاص جى من جهه الباب ، وده معناه أن إللي ضرب الرصاص كان عند الباب ضرب وفي الضجه إللي حصلت قدر يجري ويختفي بسرعه قبل ما حد يشوفه ، بس إللي قالقني بجد الأصوات إللي كانت بتخرج من البنت مبارح ، الأصوات كانت بتهز المكان دي أصوات إيه دي  ؟!
يوسف بشرود : أصوات جان يا بابا ، كأن اتنين من ملوك الجان نازلين طحن في بعض أصوات رغم أن سمعت أصوات كتير للجان قبل كده  لكن لأول مره في حياتي أشوف أو أسمع صوت بالشكل والقوه دي .
عامر بقلق ، بقلبه يعلم جيدًا مصدر الأصوات والى من كانت ، لكنه كان يحاول أن يُكذب نفسه ولو بأي شكل ، تنهد وتحدث :  أوع يكون إللي حصل مبارح ده له علاقه بالموضوع إللي أنت ماشي فيه يا يوسف !
يوسف بإبتسامه : مش عارف الله ، بس مش تقلق يا بابا إن شاء الله مش يحصل إلا كل خير ، أنا هروح اجيب أصالة زمان دلوقت والدها سافر ، هنخرج نتمشي شويه وبعدين نرجع هتعوز حاجه ؟!
عامر بحنان : لا يا حبيبي سلامتك ، ترجعوا بالسلامه يارب العالمين .
يوسف : اللهم امين سلام لأجل .
عامر : سلام لأجل .

غادر يوسف تارك عامر خلفه بقلبه يتمنى أن يكُف يوسف عن البحث خلف ذاك المجهول الملعون ، لو أنه يستطيع منعه عن هذا الأمر لفعل مهما كفله الأمر ، لكنه دائمًا ما تتحطم رغباته في جدران شغف ورغبه يوسف العاليه للوصول إلى السرداب .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

خرج شريف من غرفته يحمل حقائبه ، انتهى من تجميع كل متاعه للمغادره ، توقف فور أن وجد أصالة تقف في الصالون امامه .

خلاص مسافر يا بابا ؟!
شريف بحزن دفين  : أه يا إصالة مسافر ، هتعوزي أي حاجه ابعتها ليكي  ؟!
أصالة بحزن :  هعوز إيه يعني ؟!
اكيد مش هعوز غيرك انت يا بابا ، مش عاوز حاجه من الدنيا بمقدار احتياجي ليك انت ، خلاص  مش بقى  ينفع تعيش معايا هنا في مصر ؟!
والله الظروف بدءت تتحسن جدًا والحياه بقت افضل بكتير من الاول ؟!
أقترب شريف منها ومن ثم وضع قبله هادئه على جبينها وتحدث : في يوم هرجع يا أصالة ، في هرجع .
مهما طال سفر أي شخص بره بلده لازم ييجي ليه اليوم ويرجع ، هنا البلد وهنا الأهل وهنا الأرض والعرض ، هنا كل حاجه ، أكيد هييجي اليوم وتلاقيني واقف قدامك تان .
بس دلوقت لازم اسافر على الأقل عشان احافظ على إللي باقي من الشركات والاستثمارات ..
أصالة : هستناك يا بابا ، هستناك في كل لحظه وهستني مكلماتك  في كل يوم .
شريف : إن شاء الله يا حبيبتي ، المهم أنت بس خلي بالك من نفسك وخلي بالك من جوزك وبيتك ، أنت دلوقت بقيتي مسؤليه عن بيت وعن شخص متمثل في جوزك .
خلي بالك منه وحاولي تحافظي على بيتك مهما حصل أوع تسمحي لأي شخص يحاول يهد استقراره ، أنت دلوقت ملكه مملكتك ، لازم تتصرفين بكل هدوء وحكمه عشان كل حاجه تبقى كويسه وزي ما انت عايزه .
اوع تنسي للحظه انك انت الي متحكمه في كل حاجه ، انت اللي قادره تخلي العلاقه تنجح بعقلانيتك واحتواءك وهدوءك في التصرف في المواقف الصعبه وانت اللي قادره تهدمي مملكتك بيدك في تسرعك وعدم ادراكك بمسؤلياتك ، فـ عايز اكون فخور بيكي  رغم أن فخور بيكي طول الوقت يعني .

أصالة بأبتسامه : حاضر يا بابا مش تقلق عليا .
شريف : سلام لأجل قريب إن شاء الله يا حبيبتي .
أصالة : إن شاء الله ، سلام يا بابا .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أيوه يا ليلى ، جاهزه عشان نروح للشباب ؟!
ليلى بمرح : قول صباح الخير الأول يا عم ، أيوه لسه مكلمه أصالة من شويه وقالت إن والدها لسه ماشي من شويه وباين في صوتها الزعل أوي .
زين : طيب ويوسف مش معاها يعني ولا فين ؟!
ليلى : اه قالت إن يوسف جاي ليها في الطريق هيستنونا في بيتها لحد ما نروح ليهم ..
زين : طيب كويس إنتِ روحي على هناك  وأنا كمان هأجز من الشركه اليوم وأحصلكم وأرجع على معاد الصيدليه عشان ده تان يوم مش ينفع أغيب .
ليلى : خلاص تمام جدًا ، نتقابل هناك إن شاء الله .
زين : إن شاء الله ، يلا سلام لأجل .
ليلى : سلام لأجل .

فور أن أنهى زين حديثه مع ليلى تحرك من غرفته مغادرٌا المكان إلا أنه توقف حين رأى والدته جالسه في شرودها حتى أنها لم تنتبه إلى حركاته ، اقترب منها بهدوء ومن ثم حمل يديها وقبلهما بحنان وتحدث : صباح الخير يا سيده الكون بأكمله .
عبير : صباح الخير يا زين ، رايح الشغل ؟!
زين بقلق من نبره صوتها : لا يا أمي مش رايح الشغل ، رايح لـ يوسف واصالة ، لكن مالك فيه إيه؟!
عبير بحزن : لو اتكلمت هتسمع كلامي ؟
زين : طبعًا هي دي محتاجه سؤال برده ؟!
عبير : مش حباك تروح الصيدليه دي تان ، مش عايزاك تشتغل هناك ، من اللحظه إللي قولت ليا على الموضوع من يومين وأنا قلبي مقبوض من ناحيه الموضوع ده ، قلبي مش مستريح يا زين ، بلاش يا ابني ، إحنا في غنى عن الشغل ده .
زين : وإيه لزمته الكلام ده يا أمي ، مش إنتِ ديمًا إللي كنتِ بتقولي عايزه أفرح بيك وعايزاك تتجوز ليلى  وعايزه أشوفك في أفضل حال ، ما هو شغل كويس أهو ربنا رزقنا بيه فين المشكله بقى ، ليه القلق ده ؟!
ليلى مبارح تقول ليا نفس الكلام ده ، وإنتِ دلوقت ؟!
تنهدت عبير بحزن وأجابت : هو أنا لحد دلوقت مش شوفت أي حاجه وحشه من الشغل ده ، وأنت تقريبٌا مش روحت إلا يوم ، لكن قلب الأم  .
قلب الأم يا زين أنت مش هتفهمه ، طول ما أنت هناك قلبي في نار عليك قلق و رعب .
بلاش عشان خاطري ، لو بجد بتحبني وعايزني أكون فرحانه ومبسوطه بلاش خالص الشغل ده وإن شاء الله ربنا هيكرمك في إللي جاي .

تنهد زين بإستسلام ، لفتره طويلة ظل يبحث عن عمل كـ هذا ، ولكن حين أُتيحت له الفرصه بالشكل الأكثر من مناسب سواء كان ماديًا أو في أوقات عمل غير عمله بالشركه وجد الرفض من أقرب المقربين إلى قلبه ، وكأنه ينعت حظه ذاك .
أخيرًا تحدث بإستسلام لرغبة والدته ومن قبل رغبة ليلى : حاضر ، حاضر يا أمي مش هروح تان ، هروح أعتذر للدكتور بعد ما أرجع من عند يوسف وأطلب يشوف حد تان .
عبير بفرحه : بجد يا زين ؟!
بجد مش هتروح ؟!
زين بإبتسامه حانيه : بجد يا أمي .
عبير : ربنا يخليك ليا يا قلبي ولا يحرمني منك يارب ويرزقك إن شاء الله أفضل منه ألف مره .
زين : اللهم آمين يارب العالمين ، همشي أنا بقى عشان مش أتأخر ، هتعوزي حاجه أجبها ليكي  وأنا راجع ؟!
عبير : سلامتك يا حبيبي ، مش عايزه غير طلتك ورجوعك  بالسلامه بس .
زين : الله يسلم قلبك يارب ، يلا سلام .
عبير : في أمان الله يارب .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


إزيك يا عامر ، عاش من شافك ؟!
:- يااااااه ، والله عاش من شافك إنتِ؟!
بقالك فتره مش بقيتي لا تيجي ولا تسألي على ابنك .
:- مش محتاجه إني أسألك على يوسف يا عامر وأنت عارف كده كويس ، أنا معاه طول الوقت .
:- ده كلام إنتِ بس بتقوليه لكن ده مش حقيقه خالص يا تسنيم ، إنتِ فين من يوسف أو فين من كل إللي بيحصل ليه طول الفتره إللي فاتت دي ؟!
يوسف كبر يا تسنيم وكتب كتابه كان مبارح ، يوسف بقى راجل ومسئول عن بيت وزوجه .
متخيله ؟!
فاكره الطفل إللي سبتيه وعمره خمس سنوات ؟!
بقى دلوقت راجل واتجوز يا تسنيم .
تسنيم : عارفه يا عامر ، عارفه كل حاجه بتحصل ، منا قولت ليك أنا مع يوسف مش بسيبه ولا  لحظه ، معاه بروحي في كل مكان هو فيه ، وكل إللي حصل ليه الفترات إللي فاتت أنا كنت شاهده عليه ، لو أنا مش موجوده يا عامر يوسف كان زمانه ميت من اللحظه الأولى إللي قرر يحضر فيها أجاويد  وأنت عارف ده كويس  ولا ناسي؟!
عامر بأسف : لا يا تسنيم مش ناسي ، مش ناسي أي حاجه ، بس أنا مش قادر أمنعه عن الطريق إللي هو ماشي فيه ، ماشي ومكمل ومش راضي يقف ولا يبص حوليه ، وإنتِ أكتر حد عارف نهايه الطريق ده إيه يا تسنيم .
تسنيم : كان أبوه وقف وبص حوليه ، يوسف طالع ليك في عنده وكبرياءه .
عامر : بس أنا فوقت ، فوقت وبطلت الموضوع ده من زمان .
تسنيم : فوقت بعد إيه يا عامر ؟
أنت فوقت من كل إللي كنت بتعمله وماشي فيه بعد إيه؟!
تنهد عامر بحزن وأجاب : فوقت بعد ما خسرت كل حاجه ، فوقت بعد ما خسرت أغلى وأجمل ما أملك ، فوقت لما خسرت القلب الطيب عليا والروح الحانيه لقلبي ، فوقت لما خسرت الشخص إللي كان محتويني ، فوقت لما دمرت نفسي ودمرت حياتي يا تسنيم .
فوقت لما خسرتك إنتِ ، لما خسرت وجودك في حياتي ، سامحيني .
تسنيم : وهينفع في إيه الندم دلوقت طيب ؟!
ما خلاص إللي حصل حصل ، كل حاجه حصلت كانت بسبب أجاويد وسديم يا عامر وأنت موقفتش للحظه تسمعني أو تفهم الخطر إللي كنت أنا حاسه بيه وشايفاه بيقرب مننا واحده ورا التانيه ، أنت عارف يوسف خارج رايح فين ؟!
عامر : رايح لـ اصالة .
تسنيم : رايح لـ أصالة ومن بعدها رايح لـ سديم يا عامر ، رايح سور الازبكيه ، رايح للعجوز والمكتبه القديمه فاكرها ؟!
انتفض عامر من موضعه فور أن سمع تلك الكلمات الأخيره : إنتِ بتقولي إيه يا تسنيم ؟!
لا مستحيل ؟!
أنا لازم أوقفه ، لا مش لازم يروح هناك لا يا تسنيم لا ...
تسنيم : أقعد يا عامر ، خلاص إللي اتكتب مفيش منه مهرب ، مفيش تغيير في القدر ، فاكر لما روحت أنا وأنت للعجوز عشان السرداب ؟!
أقصد سديم ؟
في المحاوله الأخيره ليك لتحضير أجاويد فاكر إيه إللي حصل ؟!
عامر : فاكر ، فااكر إنك  إنتِ كنتِ الضحيه ، فاكر إنك وقتها ضحيتي بعمرك وحياتك عشاني ، فاكر إنك موتي هناك بسببي ، فاكر يا تسنيم فاكر وعشان كده لازم ألحق يوسف
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي