الفصلالثامنعشر

في المحاوله الأخيره ليك لتحضير أجاويد فاكر إيه إللي حصل ؟!
عامر : فاكر ، فااكر إنك  إنتِ كنتِ الضحيه ، فاكر إنك وقتها ضحيتي بعمرك وحياتك عشاني ، فاكر إنك موتي هناك بسببي ، فاكر يا تسنيم فاكر وعشان كده لازم ألحق يوسف لا .








تسنيم : بس أنا بقى مش هكون زيك وأسيب يوسف يموت ، أنا مع يوسف لحظه بـ لحظه ، أنا إللي حميته من خطر أجاويد أول مره ، لما أنت زمان جيت تحضره فشلت إنك تروض روحه أو تتحكم في قوته وكنت أنا الضحيه ، نفس إللي حصل مع ابنك أول مره وحاول يحضره وكان فشل في ترويضه بس وقتها أنا إللي حميته ورجعت أجاويد لقيوده ، أنا إللي حميت يوسف مبارح من الموت على يد آلين يا عامر  ، أنا مع يوسف مش سبته ولا هسيبه زي ما بتقول .
عامر بصدمه : هي الروح بتاعه مبارح كانت روح ....
قاطعته تسنيم : اه كانت روح آلين ، أميره الجن الناري يا عامر ،إللي كانت عايزه تقتل ابنك أظن إنك فاكرها كويس وفاكر كم الأذى إللي شوفناه في حياتنا بسببها .
الأميره إللي عشقتك وكانت رافضه تسيبك أبدًا ، لكن أنا المره دي إللي رديت ليها كل لحظه أذى وتعب شوفتها ، أنا إللي قتلتها ، بس عارف
كل ده مش له لزمه أنا بس كنت جايه أطمن عليك وأقولك مش تحاول تمنع يوسف من حاجه ، يوسف هيكمل كل إللي أنت بدأته من سنين ، يوسف هيحضر أجاويد اليوم ومن بعدها هيغادر العالم ده ، لكن مش تقلق عليه أنا مش هسيبه .
يلا أشوفك بعدين ، بس اه قبل ما أمشى مش تحاولوا تدورا على زين عشان مش هتلاقوه ، قول لـ أمه أو أي حد يسأل أنه سافر أو راح أي مكان لفتره طويله ، يمكن لفتره مفيش بعدها رجوع ، سلام .
فور أن أنهت حديثها غادرت المكان أو بالمعنى الحرفي اختفى شبحها من المكان .
عامر : استني ، استني يا تسنيم ، ماله زين وهو فين ؟!
لكن السؤال قد أتى متأخرًا فقد غادرت بالفعل ، عاد عامر وجلس موضعه ، يحاول تنظيم أنفاسه ، شبح زوجته  أو روحها التي لطالما زارته من فتره إلى أخرى ، ولكن هذه المره كانت الزياره ثقيله بكل ما تحمله الكلمه من معنى .
موت آلين أمس ، يوسف و أجاويد وذاك السديم ، مقصدها من الحديث عن أمر زين ، تذكيرها له بما حدث من قبل كل تلك الأمور في وقت واحد هو أمر كفيل بإتعاب القلب وإرهاق العقل من التفكير .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

وصل يوسف حيث منزل أصالة ، طرق الباب بهدوء فأمرت له بالدلوف .
يوسف : عمي مشي ؟!
أصالة بصوت باكي : اه لسه ماشي من شويه .
يوسف بقلق : طيب ليه العياط ده ؟
بتعيطي ليه يا أصالة ؟!
أصالة : مفيش حاجه ، بس هو هيوحشني جدًا .
اقترب منها يوسف ومن ثم ضمها إلى صدره بحنان : مش تقلقي يا اصالة والدك مش صغير وأكيد عارف مصلحته وعارف هو بيعمل إيه كويس ، إن شاء الله هيرجع تان أكيد ما هو مهما طال أو سافر لازم ييجي اليوم إللي يرجع فيه لبلاده .
أصالة : إن شاء الله ، إن شاء الله يا يوسف كنت أتمنى أمى تكون معايا في كل إللي بيحصل ده ، كنت أتمنى تكون سندي في أيام زي دي .
يوسف : وأنا معاكي يا عم في إيه؟!
ولا أنا مش كفايه بقى ها ؟!
قول قول ، قول إني مش كفايه يلا قول ؟!
أصالة بإبتسامه : أنت الدنيا كلها يا يوسف ، مش محتاج إني أقول ليك ده أكيد .
أنت حياتي كلها ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، ربنا ما يحرمني من وجودك في حياتي ولو ليوم واحد ولو لـ ساعه واحده .
يوسف بحنان : اللهم آمين يارب ، جاهزه عشان نروح مشوارنا ده ؟!
أصالة : اه جاهزه إن شاء الله ، وكمان اتكلمت مع ليلى من شويه على التليفون وقالت إنها جايه وكمان زين جاي ، يعني دقيقه ولا حاجه وتلاقيهم  وصلوا .
يوسف : كويس ، كويس جدًا ، كنت محتاج أصلًا زين أفهم منه أو أعرف معلومات أكتر عن البنت إللي اسمها سلمى دي ، أكيد هو يعرف معلومات كتير عنها .
أنا حاسس إن إللي حصل مبارح ده هو البدايه لكل إللي جاي ، وعشان ناخد خطوه ولو واحده بس لقدام لازم نعرف إحنا فين وبنعمل إيه وهنروح على فين وإزاي .
أصالة : إيه العقل والدماغ دي ؟!
لا لا لا أنا كده هحسدك ، بس عندك حق فعلًا الموضوع مش بقى سهل أو هين ، لازم نتعامل معاه بجديه كامله .

قبل أن يجيب يوسف بشيء أتى صوت طرقات الباب لتقطع حديثهم .
استأذنت أصالة للذهاب ورؤيه من بالباب .

ليلى : إزيك يا أصالة عامله إيه النهارده ؟!
أصالة : أنا الحمد لله بخير ، إنتِ إللي عامله إيه و أخبارك ؟؟
ليلى : الحمد الله بخير ، عمي سافر ؟!
أصالة : اه سافر للأسف .
ليلى : يروح ويرجع بالسلامه يارب العالمين ، هنفضل نتكلم على الباب كده ؟؟
اصالة بمرح : هو إنتِ محتاجه عزومه أو ضيافه يعني ؟!
البيت بيتك اتفضلي ، إنتِ اللي واقفه وكأن عليا ليكي فلوس .
ليلى بمكر وهي تدلف إلى المنزل : اه عليكي فلوس ، وسعي بقى كده عشان أدخل وأخد فلوسي .
اصالة : طب ادخلي يا لمضه  تعالِ.
دلفت ليلى ومن ثم ألقت التحيه على يوسف : إزيك يا عريس عامل إيه؟!
يوسف : عريس النيله يا أختى عريس النيله ، ما فرحي باظ الحمد لله .
ليلى بمرح : أنت تطلع تغني وتقول فرحي باظ فرحي باظ .
اصالة ضاحكه : يا عم ولا يهمك يا عم مش المهم إحنا مع بعض ؟!
ليلى : اوووبا شوف مين إللي بيواسي مين !!
يوسف : ياااااه جلبي بيتكلم ؟؟
أنا أول مره أشوف جلبي بيتكلم .
أصالة ضاحكه : إيه جلبي دي يا واد ، إيه الحلاوه دي يا واد أنت !
لم تتمالك ليلى نفسها هذه المره من الضحك فتحدثت : انتوا بتعملوا إيه يا جدعان ؟!
المهم فين زين ؟!
يوسف بمكر : اااه عايزه زين عشان تحبوا وتعملوا زينا ؟!
اعترفي !
صمتت للحظات ليلى وكأن وقع كلماته سقط على قلبها كـ ضربه عصا أفقدتها توازنها ، تحدثت بإبتسامه حزينه :  ياريت ، ياريت يا يوسف .
مستنيه اليوم إللي يلمنا بيت واحد .
شعرت أصالة بحزنها هي الأخرى التي كانت في مثل تلك الحاله من أيام معدوده ،أو كما يقال لا يعلم أحد حجم الألم إلا الذي ذاقه ، تحدثت : إن شاء الله هييجي اليوم قريب ، إن شاء الله يا حبيبتي مش تقلقي ، هو كمان بيحبك أوي وربنا كريم على قلوبكم .
ليلى : إن شاء الله ، المهم هو اتأخر فعلًا ، المسافه من بيته لبيتك أقرب مني وأنا جيت قبله ، رن عليه يا يوسف كده شوفه فين ؟!
يوسف  : هتلاقيه بيلف هنا ولا هنا ما هو بعشق اللف ، بس حاضر يا ستي .

بالفعل أخرج يوسف هاتفه ومن ثم ضغط على زر الاتصال برقم زين : إن الهاتف الذي تحاول الاتصال به مغلق أو غير متاح ، يمكنك الاتصال به في وقت لاحق .
يوسف :  تليفونه مقفول .
ليلى بقلق : تليفونه مقفول ؟!
إزاي أنا مكلماه من شويه ؟!
أصالة : ممكن شبكه يا يوسف جرب تان .
يوسف : ممكن ، حاضر هجرب تان .

بالفعل عاد يوسف الاتصال مجددًا  ولكن نفس الأمر ، مره  اثنتان ثلاث ، الهاتف مغلق .
للحظه بدأ القلق يتسرب لقلب يوسف  ذاك الذي يقف مراقب من نظرات كلًا من ليلى وأصالة .
ليلى بقلق : فيه إيه بيرن؟!
يوسف : لا مش بيرن ، مقفول برده .
ليلى : إزاي ، عمر زين ما  قفل تليفونه خالص ، أنا قلقت .
أصالة : اهدي يا ليلى إن شاء الله خير ، نستنى شويه كمان وبعدين نرن يمكن الشبكه .
يوسف : عندك حق ، نستنى شويه .

بالفعل انتظر الجميع بعض الوقت وحاولوا الاتصال به ولكن لا جديد أيضًا هاتفه مغلق ، بدء القلق يزداد .
أصالة : أنا مش عارفه والله قافل تليفونه ليه .
ليلى :  هو أنا كلمته قبل ما آجي وقال هنتقابل هنا وقفلنا عادي إيه حصل بقى ؟؟
يوسف : هو كلمني أنا كمان وقال مش هيروح الشركه عشان ييجي معانا ، ممكن راح الشركه تان ؟؟
ليلى : لو راح مكنش هيقول إنه جاي يا يوسف .
أصالة : طيب هنعمل إيه ؟!
هنفضل قاعدين كده كتير ؟!
يوسف : نروح مشوارنا ولو زين فتح تليفونه نكلمه ييجي لينا .
ليلى : أنا مش هروح من غيره .
يوسف : فيه إيه يا ليلى زين مش عيل صغير هيتوه أو يضيع .
اصالة بحنيه : خير يا ليلى يوسف عنده حق ، لازم نروح عشان مش نتأخر وزين هنحاول نتواصل معاه .
ليلى بإستسلام : حاضر .

بالفعل بدأ كل منهم يستعد ويتأهب لمغادره المكان .
في قلب كل منهم أشياء لا ترى ولا تسمع ولا تعرف .
أما عن يوسف فـ بجانب قلقه على زين وإغلاق هاتفه ، شغفه الأكبر والأعظم .
ذاك الذي بدأ للتو التحرك إليه ، السرداب ؟!
هو حلم ظل يراوضه لأيام وشهور  والآن أصبح أقرب الأوقات إليه .
الآن لا يفصله عن معرفه مكانه سوى فقط الذهاب للعجوز ، هو حلم لطالما تمنى حدوثه والآن بدأ يتحقق  خطوه تلو الأخرى على أرض الواقع .
على يقين أن باكتشاف هذا السرداب سـ يكون إنجاز له يجعله يتفاخر بنفسه طوال حياته ، في هذا السرداب تفسير  لما حدث أمس بالتأكيد
على يقين أن بالوصول إلى هنالك سيتغير مجرى الحياه بأكملها هو صادق في هذا الشعور لا شك في ذلك ولكن هل سيتغير مجرى الحياه إلى الأفضل أم إلى .... ؟!

أما عن أصالة فتلك التي تود ولو أنه يحدث أي شيء يعيقهم من الوصول إلى ذاك السرداب ، هي بالفعل لم تحب الأمر تشعر بشيء ما في قلبها من الشر والأذي جهه ذاك المجهول الذي بدأ يسيطر على عقل وقلب زوجها الذي عقد قرانهم للتو فتحول إلى شيء من الدماء والحزن .
تود لو أنها تذهب إلى هناك فيكون العجوز قد توفي أو غادر حتى لا يدلهم على المكان ، بقلبها أشياء وأشياء ترعبها من ذكر اسم هذا الشيء البغيض إلا أنها راضخه إلى أمر يوسف ورغبته وحلمه الأكبر في معرفه ذاك المجهول الذي من اليقين أنه يحمل بين طياته رعب وخراب والذي أكبر آلاف المرات مما  حدث قبل ذلك أو حدث بالأمس .
كل الأمور في قلبها تتضارب ما بين عدم رغبتها في الوصول والذهاب إلى هذا المكان ورغبه يوسف  اكتشاف ما ظل يبحث عنه لأيام وأيام وشهور طوال وعانى من أجله الكثير والكثير سواء كان تعب جسدي أو نفسي.

أما عن تلك التي لا حول لها ولا قوه ، عقلها وقلبها ما زالا مع ذاك الغائب الذي لم يحضر حتى الآن .
قلبها ذاك الذي بدأت تشتعل به النيران .
نيران القلق والرعب على غيابه وتأخره غير المعهود ، نيران القلق على ما إذا كان أصابه مكروه أو شيء قد أعاق وصوله .
أما عن تلك التي لا يُرثى لحالها قلب بسبب وجهها الذي بدء يشحب لونه وعيناها التي اقترب من جفونها دمعها من شده ما تفكر به .
تود لو أنها تمتلك بساط الريح السحري فـ تطير به إلى بيت زين أو تبحث عنه في أي مكان يمكن أن يتواجد به ، ولكن لا يمكنها فعل شيء الآن سوى الانتظار  .
الانتظار فقط .
ذاك الانتظار الذي له القدره على نزع القلوب من الصدور الانتظار المميت  ..

كل من الثلاثه بقلبه أشياء يود ولو أنه ينتزع أرعبها من قلبه ويترك أفرحها وأسعدها ولكن لا سلطان لنا على قلوبنا هي القلوب تعبث بنا كما تشاء  وتُميلُنا متى مالت ، هي القلوب وكفي ، هي القلوب التي تُخضع الأجساد بأكمله لرغبتها وسلطتها .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يُتبع ....
~~~~~~~~~~~~~~~
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي