الفصل الرابع

وصلت "ملك" إلى الجامعة وكانت تسير بين الطلبة وتبحث لعلها تجد شخصا تعرفه، ثم رأت "دينا" وأتجهت إليها
بسعادة وقالت:

ـ مرحبا "دينا".


إلتفتت "دينا" إليها وقالت بفرح:

ـ "ملك" أهلا متى عدت؟


صافحتها "ملك" وأجابتها:

ـ لقد عدت بالأمس، إشتقت إليكم كثيرا.


غلفت "سما" لوحتها وحدقت بها بإرتياح،لأن المشكلة التي وقعت فيها قد حلت ثم دخل إليها "آدم" وسألها:

ـ هل أنت مستعدة؟


هزت رأسها قائلة بثقة:

ـ نعم أنا على أتم الإستعداد.


إتصل "آدم" على السائق ليأتي لحمل اللوحة وأخذها إلى مقر المسابقة وأغلق "آدم" الهاتف بعدما أخبره وقال:

ـ سيصل إلى هنا قريبا.


وضعت "يما" يدها على صدرها وتحسست نبضات قلبها المتسارعة وقالت:

ـ بدأت أشعر بالخوف وأفكر هل سأربح أم لا؟


أجابها "آدم" باطمئنان:

ـ سواء ربحتي أو لا، ما دمت قد بذلتي جهدك فسوف تنتصرين.


في تلك الأثناء قام "أدهم" بمناداة "دينا" بينما كانت تسير مع "ملك" فأدارت رأسها للخلف وقالت متسائلة:

ـ نعم؟


ارتبك "أدهم" وشعر بالخجل وهو يقول مترددا:

ـ هل يمكنني التحدث إليك؟


ابتسمت "ملك" في وجهها وقالت بصوت هادئ:

ـ يمكنك الذهاب، أما أنا فسأذهب إلى "سيف".


ظهرت علامات الغضب على وجه "أدهم" عندما سمع إسم "سيف" وشعر بالضيق، لأن "سيف" يكون إبن عمه وبسبب الخلافات العائلية تربى كل منهما على كراهية الآخر لهذا يتضايق كثيرا عندما يراه أو يسمع إسمه.


إقتربت "دينا" منه بعدما ذهبت "ملك" وقالت:

ـ ما الذي تريده مني؟


أخفض "أدهم" رأسه قائلا وهو يبعد عينيه عن عينيها:

ـ أود دعوتك لحضور السينما، هل توافقين؟


إلتزمت "دينا" بالصمت لفترة، وكانت علامات التعجب تملأ وجهها ثم قالت مترددة وهي تحرك يديها:

ـ سأفكر بالأمر، يمكنني أن أخبرك في نهاية الدوام.


قال "أدهم" في حماس:

ـ خذي وقتك في التفكير، ففي النهاية أنت الفتاة الوحيدة التي أعرفها.


إبتسمت "دينا" وأحمر وجهها قائلة:

ـ لقد أخجلتني كثيرا.


ثم ضحكا معا في مرح.


رفعت "تالبن" رأسها من على الوسادة بسرعة، ونظرت إلى الساعة ووجدتها قد وصلت إلى التاسعة وتجمدت في مكانها قائلة في صدمة:

ـ تأخرت اليوم بالفعل.


ونهضت وأرتدت بلوزة بنفسجية مع بنطال أسود قصير يصل إلى ركبتيها وأخذت حقيبتها ودقت باب غرفة أخيها "سمير" لتيقظه لكنه لم يرد، فدخلت إليه ووجدته نائما فقالت بصوت عال:

ـ هيا انهض سوف أتأخر.


غطى "سمير" نفسه ببطانيته فنزعتها من فوقه وهي تصرخ قائلة:

ـ سوف أعطيك كل ما تريده إذا نهضت.


جلس "سمير" على السرير وقال وهو شبه مستيقظ:

ـ أريد هاتفا جديدا.

ظهرت علامات الغضب على وجه "تالبن" وسحبته من يده وهي تقول:

ـ خذني إلى الجامعة إذن.


قام "سمير" بوضع يده على رأسه وقال بلا مبالاة:

ـ كل هذا الحب للجامعة، يا إلهي أنا متعب.


بينما كانت "ملك" تسير في الممر سمعت "سيف" يقول بلطف:

ـ أنا هنا يا أميرتي.


التفتت "ملك" للخلف ورأته يقف متكئا على الجدار ويضع يديه في جيب بنطاله وقالت بسعادة:

ـ صباح الخير "سيف".


إقترب "سيف" منها ووضع يده على كتفها الأيسر وقال هامسا:

ـ هل تعلمين أن الجامعة أصبحت أفضل بوجودك؟


تحول وجه "ملك " إلى اللون الوردي وقالت في خجل:

ـ أنت  تبالغ كثيرا.

أبعد "سيف " يده وقال في مرح:

ـ بل على العكس يا أميرتي أنت  الأجمل هنا.



وصلت "هند" إلى الجامعة وأخرجت هاتفها من الحقيبة وقلبته قليلا ثم تنهدت قائلة:

ـ توقعت ذلك لقد إنتهى رصيدي ونسيت إخبار أخي بذلك.


وأعادته إلى مكانه وتلفتت حولها ولم ترى سوى وجوه غريبة حولها، فأغمضت عينيها وقالت في إستسلام:

ـ سأطلب من أحدهم أن يعيرني هاتفه في نهاية الدوام.


وحين مشت خطوات قليلة إصطدم كتفها بكتف شاب هناك فحدقت به قائلة:

ـ هل أنت أعمـى؟


وسكتت حين رأت أن هذا الشاب هو جارها فقال:

ـ أنا آسف.


ثم تابع متفاجئا:

ـ ألست "هند"؟ لم أرك منذ فترة.


ابتسمت "هند" قائلة بإحترام:

ـ نعم لم أخرج من البيت منذ فترة.


وضع الشاب "محمد" يده على رأسها وقال ضاحكاً:

ـ لقد فهمت.



وضعت "نورا" حقيبتها على الكرسي داخل القاعة الهادئة، لأنه لم يكن هناك الكثير من الأشخاص وجلست مخرجة مرآة صغيرة من حقيبتها وتأملت نفسها ثم أرجعتها حين رأت "دينا" آتية قالت "دينا" بهدوء:

ـ صباح الخير "نورا".


وجلست بجانبها وبدت كالمحتار في أمر ما فسألتها "نورا":

ـ تبدين غريبة اليوم، ما الأمر؟


في الجامعة،كان "أدهم" يسير في الساحة، فجاء إليه صديقه مسرعا والحزن والقهر يملىء عينيه فسأله "أدهم" متعجبا:

ـ ما الذي أصابك؟


مد إليه الشاب تذكرتان لحضور فيلم سينمائي شهير وقال في أسى:

ـ الفتاة التي أحبها قد رفضتني.


حاول "أدهم" إخفاء ضحكته لكنه لم يستطع،فصرخ الشاب قائلاً:

ـ لماذا تضحك؟


أجابه "أدهم" بعدما توقف عن الضحك:

ـ لطالما أخبرتك أن أسلوبك في التعامل مع الفتيات خاطئ.


وأخذ التذكرتان منه بسرعة وأبتعد عنه قائلا في مرح:

ـ سأحتفظ بها من أجلك.


عقد الشاب حاجبيه قائلا في تمني:

ـ أتمنى أن ترفضك صديقتك كي أضحك عليك لاحقا.


نظر "أدهم" إلى التذكرتان بينما كان يسير ثم جلس تحت الشجرة وقال في حيرة وتساؤل:
ـ لا أعرف فتاة معينة ستقبل بالذهاب معي.
وبالمصادفة رأى "سما" قد وصلت إلى الجامعة في ذلك الوقت، وحدق بها وهو يفكر ثم أبتسم وقال ساخرا:

ـ ياللغباء من المستحيل أن توافق "سما" على الذهاب وهي لا تعرف عني شيئا.


داعبت "دينا" أصابع يدها وقالت بصوت خجول:

ـ لقد دعوت إلى السينما.


هتفت "نورا" في فرح من أجلها وقالت:

ـ هذا رائع،من دعاك؟


أجابها في سرعة:

ـ "أدهم".


أخفضت "نورا" حاجبيها وقالت في حيرة:

ـ من هذا؟

حكت لها "دينا" ما حدث في اليوم السابق بين "أدهم"و"هند" فقالت "نورا" باستيعاب:

ـ آه لقد عرفته.


غرقت "دينا" في التفكير:

-هل تذهب معه أم لا؟


ولاحظت "نورا" ذلك واستمرت بالتحدث معها لكي تنسيها قليلا هذا الموضوع.


من جهة أخرى، حين وصلت "سما" جاء إليها ذلك الشاب الذي ضايقها سابقا عند الكافتيريا وكأنه لم يكتفي وحين وقف أمامها قال بجرأة:

ـ لقد جئت لأرد إليك الدين.


رفعت "سما" رأسها ورمقته بنظراتها الباردة وقالت في سخرية:

ـ يبدو بأنه لا يوجد لديك عمل تقوم به سوى مضايقة الآخرين.


عقد الشاب قبضته بقوة ثم أدخل يده في جيبه وقال باشمئزاز:

ـ أنت فتاة مملة.


ثم ابتسم متابعا بجرأة:

ـ وتركضين خلف الشباب، سأخبر الجميع بأنني رأيتك تقومين بعمل فظيع ليلة أمس، لقد دخلتي إلى منزل شاب ولا أحد يعلم ما الذي فعلته هناك.


أخفضت "سما" رأسها ولم تتحمل ما تسمعه ثم قامت بصفعه على وجهه بقوة وقالت في غضب:

ـ أمثالك لا يتعلمون بسهولة يا هذا، لكني سأعلمك كيف تتعامل مع الآخرين.


وقطع كلامها صوت يقول في تشجيع:

ـ هذا صحيح.


التفتت "سما" إلى مصدر الصوت وقالت في تعجب:

ـ من أنت؟


رفع "آدم" يده اليسرى لينظر إلى الساعة وقال في ضيق:

ـ لقد تأخر السائق.


تنهدت "سما" في ضجر وقالت:

ـ لم أعد أهتم، سواء أتى أو لم يأتي.


عقد "آدم" حاجبيه قائلا:

ـ ماذا؟


أجابته بخيبة أمل وعصبية:

ـ ما هذه المسابقة التي لم نجني منها سوى التعب،لقد سئمت.


قام "آدم" بإبعاد "سما" عن اللوحة وأخذها هو وخرج من الغرفة متجها إلى مقر المسابقة ولحقت به "سما".

في مكان آخر من الجامعة، قام "مروان" بركل ذلك الشاب الذي ضايق "سما" في وجهه ورماه على الأرض، ثم انخفض وهمس في أذنيه قائلا:


_ إذا أقتربت من هذه الفتاة أو من فتاة أخرى ستدفع الثمن غاليا.

حمل الشاب نفسه هاربا، وقالت "سما" في إندهاش:

ـ إنه رائع،لكن ذلك الشاب لا يملك أية أحاسيس.


إقترب "مروان" منها قائلا بمرح:

ـ لن يعود بعد الآن، أليس كذلك؟


تابعت "سما" سيرها وقالت حين مرت من عنده:

ـ شكرا لك على المساعدة.


وضعت "سما" يدها على قلبها بعدما ابتعدت عنه وقالت:

ـ أعترف بأنني كنت خائفة.


ركب "آدم" سيارته وسألته "سما" في حيرة:

ـ ما الذي تنوي فعله؟


أجابها وهو يشتعل غضبا:

ـ سأوصلها بنفسي،إبتعدي فقط.


ابتعدت "سما" عن السيارة فأنطلق "آدم" مسرعا كالبرق وفي الطريق وجد ازدحاما هائلا وذلك بسبب وجود حادث فأنتظر خمس دقائق وعشر دقائق ولم يكن قادرا على التقدم أو التراجع وانتظر حتى حلت المشكلة بعد نصف ساعة.


تناقص عدد الطلاب في ساحة الجامعة بشكل ملحوظ لأن معظمهم قد ذهب إلى المحاضرت، لكن "سما" لم تتزحزح من مكانها خطوة واحدة وتنظر إلى الساعة في كل دقيقة،لقد مرت ساعتان على ذهاب "آدم" وفجأة رأت سيارته فعلت الابتسامة شفتيها وقالت بسعادة:

ـ "آدم".


أوقف سيارته ونزل منهكا فأخذته إلى الداخل ليرتاح قليلا.


بعد مرور الوقت، قام أحد المعلمين بأخذ طلاب المستوى الأول إلى غرفة كبيرة وجميلة،ومرتبة بشكلٍ جذاب، أخذهم ليشرح لهم كيفية تصميم مسكن خاص بهم، وفي وسط شرحه رن هاتفه المحمول وأعتذر من الطلبة وأمرهم بالبقاء هنا ريثما يعود.


مرت ثلاث ساعات ومل معظم الطلاب من الإنتظار،فضربت فتاة بيدها على الطاولة التي في وسط الغرفة وقالت بضيق:

ـ إلى متى سنظل منتظرين؟


أجابها "سمير" قائلا ببرود:

ـ نحن جميعا منتظرين مثلك، إذا لم تتحملي يمكنك الخروج.


عقدت الفتاة حاجبيها وقالت:

ـ بالطبع سأفعل.


وتدريجيا لحق بها معظم الطلبة، وآخر شخص خرج أغلق خلفه الباب بكل قوته، ولم يتبقى هناك سوى "تالين"و"هند"و"دينا"و"نورا"و"سما"و"ملك" و"سيف"و"أدهم"و"سمير"و"مروان".


رفعت "هند" يدها عاليا وقالت وهي تنتهد:

ـ سأخرج أنا أيضا، هذه الغرفة مملة جداً.


حين حاولت "هند" فتح الباب وجدته مغلقا وحاولت بكل جهدها ولم تستطع فتحه، فسألها "سمير" متعجبا:

ـ ما الأمر يا "هند"؟


أجابته بصوت خائف:

ـ الباب لا يفتح.


قال الجميع بصوت واحد:

ـ مستحيـل!


نظرت "تالين" من النافذة الزجاجية وهم في غرفة في الطابق الثالث والنوافذ من النوع الذي لا يفتح إلا بمفتاح خاص، انتظر الجميع لعلى أحدا يأتي لإنقاذهم،ومن سوء حظهم غادر المعلم الجامعة لأمر طارئ،قالت "نورا" وهي محبطة:

ـ يبدو بأننا لن نخرج من هنا.


قال لها "مروان" متفائلا:

ـ لماذا تقولين هذا؟ سوف نخرج بالتأكيد.


ثم سألت "دينا" قائلة:

ـ لكن كيف؟


نهض "مروان" من مكانه وقال مخاطبا الجميع:

ـ إسمعوا في حالة أننا بقينا هنا ولم يأتي أحد، يجب أن نفكر بخطة.


سأله "سيف" قائلا:

ـ وما هي فكرتك يا هذا؟


أجابه "مروان" وهو ينظر إليه:

ـ سوف نفكر بأفضل حل، لكن المشكلة أنني لا أعلم حتى الآن ماذا أفعل.


أراح "سيف" ظهره على الأريكة وهو يجلس بجانب "ملك" وأغمض عينيه قائلا:

ـ أكثر ما يزعجني الآن،هو أنني حبست مع أشخاص عديمي الفائدة.


وفتح عينيه موجها نظره نحو "أدهم" بإبتسامة استفزازية، فابتسم "أدهم" قائلا بلا مبالاة:

ـ آه،صحيح، الوقحين فقط يقولون مثل هذا الكلام، لأنني لست من مستواك لن أرد عليك.


نهض "سيف" مسرعاً وقال بعصبية:

ـ ماذا تقول؟


صرخ "مروان" قائلا بصوت عال:

ـ توقفا أنتما الإثنان.


ثم سكت قليلا وتابع قائلا:

ـ من يراكما لا يصدق بأنكما أقرباء، إهدأوا جميعا لا وقت للشجار.


مر وقتٌ طويل، وبدأت الشمس تغرب، وتداخلت آخر أشعتها في أرجاء الغرفة ثم اتسعت عينا "مروان" وقال في حماس:

ـ لدي خطة.


استعاد الجميع نشاطه، وسألته "نورا" في سرعة:

ـ ما هي خطتك؟


رد "مروان" قائلا بهدوء وبصوت جاد:

ـ سأكسر النافدة، وأخرج منها،ثم أقوم بإحضار المساعدة لكم.


صرخت "هند" في وجهه قائلة:

ـ هل أنت مجنون؟ نحن في الطابق الثالث وستخاطر بحياتك لو قفزت من هنا.


قال لها "مروان" بنفس النبرة السابقة:

ـ لكني لم أقل بأنني سأقفز منها، سوف أنزل ببطء.


وتابع كلامه ليكمل خطته:

ـ كل ما عليكم فعله الآن هو الإبتعاد عن النافذة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي