الفصل الرابع

قالت"مجيدة":

_لا لم يتبقى الكثير متبقى خمسة عشر دقيقة فقط،اصنعي أنتِ السلطة.

قالت"شمس"في حماس:

_من عيوني يا والدتي العزيزة.

قالت"مجيدة":

_ما هي حالة "يارا"الآن،استمعت لها وهي منفعلة مع القصص التي ترويها لها،أنها تحب الروايات والقصص مثلك.

قالت"شمس" بابتسامة حانيه:

_بتاكيد يجب أن تصبح مثلي، أم سوف تصبح مثل هذا الرجل الذي يسمى والدها.

قالت"مجيدة"بعبوس:

_ بمناسبة هذا الرجل،لم يتحدث معك من قريب؟

ظهرت علامات الامتعاض على وجه "شمس" وهى تجلس على الطاولة لتقطيع السلطة قائله:

_ولما يتحدث معي،اتمنى أن يظل غير متذكرنا،أنه لا يأتي من خلفه سوا المصائب.

قالت"مجيدة" بسخرية:

_يعني يمكن أن يكون قد تغير أو شيء، أو فكر أن يتسأل عن أبنته.

قالت"شمس"في اشمئزاز:

_أمي يا عزيزتي تذكري شيء جيد.

ظهرت علامات التوتر على وجه "مجيدة" وهى تحاول التحدث مع ابنتها إلى أن واتتها الشجاعة اخيراً قبل أن تقول بنبرة حاولت اظهارها طبيعيه:

_اصمتي هل تعلمي أن "اسامة" ابن عمتك عاد من السفر.

قالت"شمس" بكلمات مقتضبة:

_حقاً هذا جيد متى قد عاد؟

قالت "مجيدة" دون أن تنظر إليها:

_من مدة بسيطة ويريد أن يستقر ويصنع له شيء يعمل به هنا.

قالت "شمس" محاولة السيطرة على انفعالها:

_نعم هذا جيد ألم يكن مصور سينمائي ثم بعد ذلك دلف في الاخراج أو شيء من هذا القبيل.

نظرت إليها "مجيدة" قائله:

_نعم نعم أنه هو يريد أن يصنع شركة إنتاج مع أحد من اصدقائه.

اومأت "شمس" برأسها أثناء تقطيعها السلطة:

_حسناً أنه شيء جيد،اتمنى له التوفيق.

قالت"مجيدة" في حماس:

_ يبحث عن عروس.

قالت"شمس" بجمود:

_نعم! أنا اتذكر أنه قد قارب على الاربعين.

قالت "مجيدة":

_كل شيء يأتي في وقته،الذي لم يأتي في الماضي يأتي الآن.

قتلت" شمس" بدون اهتمام:

_اتمنى له الخير "اسامة"أنسان جيد وطيب وسوف يلتقي بامراة طيبة مثله.

قالت" مجيدة" بنبرة ذات معنى:

_ماذا كان حدث أن كنت وفقت عليه حين تقدم لك،أنتِ التي تركض خلف الفقر.

ابتسمت "شمس" ساخره وقالت:

_أمي هذا حدث منذ عشرة سنوات ما زالت متذكرة....ام حتى هو ما زال متذكر؟

قالت"مجيدة" بأعين لامعه:

_حسناً وأن قولت لك أنه ما زال متذكر؟ ويريد أن يعيد الود القديم.

قالت "شمس" في استغراب:

_متذكر ماذا يا أمي وود ماذا! لا تقولي أنه يريد أن يتزوجني؟

قالت"مجيدة" مُشجعة:

_ولما لا على الأقل نحن ضمنين أنه لن يكون قليل الاصل.

غادرت "شمس" مقعدها قائله بغضب:

_أمي لقد قولت لكم الف مرة لن اتزوج مرة آخرى،يكفي عليّ ابنتي لن أجلب لها زوج أم حتى يجعلها معقدة.

حاولت "مجيدة" تهدئتها قائلة:

_ يا بنتي اهدي وفهمي،أنا و والدك لن نظل إلى باقي العمر وأنتِ ليس لك أخ أو أخت،وهذا غير أنك ما زالت صغيرة.

قالت"شمس" بصوت حاولت اخراجه خفيضاً:

_يكفي يا أمي حين يكون هناك شخص مناسب ويحب ابنتي،وابنتي ترتاح له حينها سوف أرى.

قالت "مجيدة" بعناد:

_حقاً أن "اسامة" مناسب، أم أن هناك من قال لك أن ابنتك لن تحبه؟

قالت"شمس"في عصبيه:

_ أنا التي لا تحبه يا أمي، ويكفي إذا سمحتي أنا سوف اذهب للنوم.

قالت"مجيدة":

_حسناً تناولب الغداء؟

لوحت "شمس" بيدها قائله:

_ليس لي شهية، لا أريد أن يقظني أحد.

ما أن غادرت "شمس" غرفة الطهي  حتى خرج والدها بحذر من غرفتة  متوجهاً إلى حيث زوجته.

قال "محمود" بقله حيلة:

_لم توافق صحيح؟

اكملت "مجيدة" تقطيع السلطة التى بدأت بها ابنتها أثناء قولها:

_دماغها جامدة لن استطيع تغير قرارها.

..
تناول "مراد" هاتفه بعد أن اعد قهوته وجلس يُطالع صور ندوه الأمس باحثاً عنها فى جميع الصور إلى أن رآها اخيراً تظهر فى احداها من بعيد، تلك الفتاة المحجبه التى التقاها قبل الندوه بغطاء رأسها الأزرق وردائها المزركش بهدوء.

منذ أن رآها تبحث عن مكان تجلس به حتى تمنى أن تجلس على طاولته، حاول لفت انتباهها بانعكاس الضوء على ساعته إلى أن التفتت إليه.

تصنع الانشغال وهو يراها بطرف عينيه تقترب منه إلى أن جاءت اخيراً.

صدق حدسه فى أن ملامحها جميلة هادئه، ووجها مستدير كالشمس المشرقة، اعجبه خجلها وعدم نظرها إليه، رغم أنه كان ينتظر الفوز برهانه بأن عينيها بلون العسل وبالفعل صدق حدسه للمرة الثانية عندما نظرت إليه للتحدث عن "مراد" عنه هو.

اُعجب برأيها به وبكتاباته دون أن تعرف هويته فرأيها خال من الرياء أو النفاق، اعجبه هدوئها ورزانتها فى ابداء رأيها فهى ليست كالمهوسات به المتعلقات بوسامته وهيئته أكثر من كتاباته.

ارتشف الرشفة الأخيره من فنجانه وهو يتذكر اقترابها منه حامله نسخة روايته بيدها عقب انتهاء الندوه، انفرجت اساريره عند اقترابها وكاد الأمر أن يسير بصورته الطبيعية لولا تدخُل تلك المدعوة "آلاء" وظهورها بشكل مفاجىء.

فى نهاية المطاف بعدما نجح فى التخلص منها أسرع إلى الداخل حيث ترك مُعجبته لكن للأسف حدث ما كان يخافه وغادرت دون أن يعرف المزيد عنها ولا حتى اسمها.

تمدد بجسدة على الاريكه وهو يقوم بتكبير صورتها لعله يستطيع رؤيه ملامحها لكن جميع الصور هى تظهر فيها بصورة غير واضحه باستثناء واحدة تظهر فيها بجانب وجهها،
تُرى كيف يستطيع العثور عليها أو محادثتها مرة آخرى، هل يضع صور الندوه على الجروب خاصته ويطلب ممن حضروا المشاركه؟

تباً من الواضح أنها ليست من ضمن الأعضاء فلو كانت احداهم لعرفته فور رؤيته.

لكن كيف لها أن تكون من اشد المعجبين بكتاباته دون الانضمام إلى الجروب أو الصفحه الخاصة به؟

تنهد باختناق وهو يضع كلتا ذراعيه فوق رأسه بإحباط بعد أن ترك هاتفه على المنضدة، التى تُجواره عقب فشله فى التوصل إلى طريقة للعثور عليها.

شعر باليأس والاحباط يتسللان إليه، من الأفضل له الآن أن يزيحها من تفكيره فلا يوجد طريقة للقائها سوى أن يسوقها القدر إليه أو أن تجمعهما الصدفة ذات يوم.

...

اتكأت "شمس" على فراشها بجوار ابنتها بعد أن اطفأت الأضواء واحكمت إغلاق الستائر ليعم الظلام انحاء الغرفة، تحسست وجنتي ابنتها بأصابعها للاطمئنان على حرارتها قبل أن تُمسك هاتفها تتصفحه بضيق، فإن كلمات والدتها إعادة إليها ذكريات بائسة حاولت نسيانها قدر المستطاع، ذكريات عن طليقها الوغد الأحمق وذكريات أيضاً عن "اسامه" حُبها الأول.

فرفضه لها فى البداية واحراجه لها بعد أن صرحت له بحُبها ذات يوم، هو سبب رفضها له عندما تقدم لخطبتها بعد عدة أشهر، ارادت أن تُذيقه مرارة الرفض وقساوة الخُذلان مثلما فعل هو بها.

رغم ذلك  انتظرت إلحاحه فى الزواج منها أو مُحاولته لاقناعها أو حتى التواصل معها لمعرفه سبب الرفض، لكن خاب املها للمرة الثانيه، فقبل مرور شهران فوجئت بتقدمه لخُطبة غيرها.

لم تستطع استيعاب ما حدث، وانهارت لعدة أيام لاتغادر فراشها، تلوم كبريائها وتجلد ذاتها لرفضها له، وحتى تستطيع التعافي اقنعت حالها أنه تقدم لخطبتها كونها أبنة خاله  وعروس مناسبة له لا أكثر ولا أقل؛ بالإضافة إلى معرفته  بُحبها لكن عند رفضها له أختار غيرها خلال اسابيع فهو لم يُكِن لها ذرة حُب يوماً ولولا هذا لما أستطاع خطبة اُخرى بتلك السرعة.

لذلك هى وافقت على "ماجد" والذى تقدم إليها بعد خطبة "اسامة" بثلاث اسابيع ،
"ماجد" زوجها الاسبق، وافقت عليه فقط كيداً فى حُبها الأول كى تُثبت له أنها تخطته وأن هناك من يُريدها حقاً لا من يتقدم إليها شفقة واجباراً.

وافقت رغم عدم اقتناع قلبها ولا عقلها، وافقت على العيش فى منزل للعائلة أعلى والدته، وافقت رغم كل اشارات الفشل وعدم التوافق التى ظهرت أثناء فترة خطبتها، وافقت على اقتحام خصوصية منزلها من اخوته الإناث ووالدتهم بل وزوجات اخوته الذكور أيضاً.

وافقت بكل ذلك فقط حتى تُثبت له أن هُناك من يتمنى الزواج بها فى أسرع وقت، هُناك من يتيه بها حُباً وشوقاً ولا يستطيع إحتمال ابتعادها عنه.

عجلت بالزواج من "ماجد" فور معرفتها اقتراب زواج "اسامه".

وبعد أقل من عام فى يوم زواجها وقبيل فرحها بعدة ساعات عَلِمت أن"اسامه" قام بفسخ خطبته منذ عده اسابيع.

حينها تتذكر جيداً أنها سقطت على المقعد المجاور لها بعد أن فشلت قدماها على حملها، اللمرة الأولى فى حياتها شعرت أنها قد وقعت فى الفخ.. فخ صنعته بايديها وغزلته بحرفيه عالية حتى بات من المستحيل الآن الفرار منه.

ماذا تفعل؟ هل تتمرد وتُعلن رفضها عن الزواج .. لكن ماذنب والديها؟ كيف تستطيع أن توصمهما بالعار وتخفض رأسيهما إلى هذا الحد؟

لقد آن الآوان لتتحمل نتيجة عنادها واختيارها وتقتنع بأن "أسامه" لم يكُن لها منذ البداية ولن يكن لها يوماً.

اما الآن وبعد عشر سنوات فهى تعض اناملها ندماً على قرارها ذلك، ليتها اتخذت القرار الصحيح وقتها وانصاعت لنداء قلبها ولايُهِم أن جاء قرارها مُتأخراً يكفى أنه جاء،
لكنها وللأسف اضاعت فرصة نجاتها الوحيدة واكملت رغماً عنها دون أن تعلم بما ينتظرها فور زواجها من ذلك الارعن.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي