الفصل الخامس

ومن الأول واثناء استلقائها على فراشها بجوار زوجها وجدت من يطرق على باب غرفتهم طرقات متتالية، انكمشت فى مكانها وغطت جسدها بغطاء الفراش بعد أن تملك الرعب منها وهى تسأل زوجها:

_هل هناك شخص معنا في المنزل؟

لكنها تفاجئت بابتسامتة الصفراء تظهر على وجهه وهو يهم بالنهوض قائلاً:

_أنها أمي وأخوتي الفتيات قد جلبوا الافطار.

تسائلت في استغراب:

_كيف دلفوا إلى الشقة؟

اجابها أثناء ارتدائه ثيابه  بينما يرتفع الطرق بالخارج:

_هنا ليس هناك شقق تقفل.

فغرت "شمس" فاها تحاول إستيعاب مايقوله:

_ماذا تقصد؟هل أنا أجلس في الشارع؟

ازدادت ابتسامته سماجه وهو يتوجه إلى باب الغرفة قائلاً:

_لا يا حبيبتي أقصد أن الجميع معه مفاتيح شقق بعضنا البعض.

قفزت من فراشها قائلة بصوت عال نسبياً:

_ماذا؟

ماان اتمت جملتها حتى تفاجئت بوالدته واختيه يدخلان الغرفة دون أي  استئذان وهى لازالت برداء نومها.

فتحت ضلفه دولابها تحتمى بها حتى غطت جسدها الشبه عاري ببعض الملابس المحتشمة، وما أن انتهت حتى توجهت إلى الخارج يتبعها سيل من النظرات الحاقدة والتشدقات الغيورة الصادره من اعين اخوته بعد أن ابتسمت إليهم ابتسامه مُجاملة والقت عليهم التحيه ببرود.

اما والدته فلم تنتظر خروجها حتى قالت بصوت واضح:

_ماذا بها زوجتك يا "ماجد" من البداية وهي تتكبر؟!

توقفت فى مكانها والتفتت إليهم منتظره رد زوجها مُدافعاً عنها لكنها فوجئت بضحكته السمجه كعادته قائلاً بعد أن نظر إليها بطرف عينيه:

_ليس تكبر أو شيء من هذا القبيل،أعتقد أنها ذاهبة إلى المرحاض.

شعرت بالغيظ يملأ قلبها فاكملت طريقها إلى الخارج لكن تسللت كلمات والدته إلى اذناها وهى تتشدق قائله:

_حسناً يا حبيبي كانت القت التحية أولاً، أنا اللي غلطت حين آتيت بهذه الأشياء، رغم أن والدتها هي التي تجلب الافطار واليس نحن، ضع في الحسبان العصر تأتي بها في تمام الساعة الثالثة  ومن الغد تاتي الساعة الثامنة صباحاً يدها مع اخونك في تحضير الطعام والتنضيف...

انتظرت "شمس" سماع إجابته لكنه لم يُجيب كما توقعت فأكملت طريقها إلى المرحاض حتى  تقوم بالاغتسال وماهى إلا دقائق حتى سمعت صوت إنغلاق الباب فعلمت برحيلهم،
خرجت من حمامها مُرتديه ملابس محتشمه احتساباً لوجود أي منهن لكنها تأكدت من مغادرتهن فبدأت بالبحث عنه ووجدته لازال جالساً أعلى الفراش بنفس ضحكته السمجه.

ما أن رآها حتى تمدد بجسده على الفراش بعدما تجرد من ملابسه وأصبح بملابسه الداخليه فقط قائلاً ببرود:

_أجلبي هذه الصنيه التي في الخارج لاني أشعر بالجوع أم أنك لم تجوعي بعد؟

لفت انتباهها ادراج الغرفة الشبة مفتوحة والضُلف الغير مُغلقه باحكام بعكس ماتركتها،
اقتربت لاغلاقهم بعدما لاحظت بعض الملابس فى غير موضعها حيث تعم الفوضى ارفف الملابس .. تسائلت باستنكار:

_هل أحد فتح خزانتي؟

اجابها ببرود وهو يقوم بتغير التلفاز:

_نعم أخوتي كانوا يشاهدون.

اتسعت عيناها وارتفع حاجبيها وهى تُردد:

_اخوتك فتحوا الخزانة الخاصة بي وبعبثوا في اشيائي؟

اتتها اجابته وسط ضحكتة المستفزه قائلاً بلا مبالاه:

_اعتبريهم اخوتك، أنتِ تعلمي الفتيات يحبون مشاهدات ملابس بعضهم  البعض.

ارتفع صوتها رغماً عنها بعدما استفزها ببروده ذلك لتُجيبه:

_كيف لك أن تسمح لهم بتفقد اشيائي في غيابي.

تغيرت لهجته وقطب مابين حاجبيه وهو يُجيبها بخشونه بعد أن اختفت ابتسامتة المزيفة:

_ماذا حدث لكل هذا الأشياء  كما هي لم تزيد شيء ولم تقل شيء.

قالت"شمس" دون أن تعى كلماتها:

_وما الذي يضمن لي هذا؟

القى "ماجد" مُحول التلفاز من يده قائلاً بغضب:

_افهمي ما تقولينه، أنا خوتي لا يسرقون، لن ينظروا لهذه الاشياء التي في خزانتك، أم قال لك أحد أننا لصوص؟

قالت"شمس" بعناد:

_لصوص أم لا هذا شيء يخصكم،وأن كانت أشيائي  لا تلفت النظر لما بحثوا بها؟ثم أنك لم تقول لي هذه الاشياء لها قيمة هذه الاشياء لها قيمة الآن اصبحت أشياء باليا،أريد مفاتيح هذه الخزانة،وباب الشقة المفاتيح الخاصة به تتغير لا أريد أحد يدلف إلى منزلي في غيابي. 

بدأت نبرته فى العلو قائلاً:

_لا هذه الطريقة ليست في منزلنا،لن تأتي أنتِ لتغيري سلوك منزلنا الذي يسير بهذه الطريقة أكثر من سبعة سنوات،زوجات اخواتي يسيرون على ذات النظام ولا يوجد واحده تقول شيء،لا تحاولي النكد علينا في الصباحية.

عنادها ارغمها على الرد عليه بصوت أعلى قائله:

_ أين تلك الصباحية؟ حين استيقظت رأيت ناس داخل غرفتي  في الساعة العاشرة صباحاً.

هب من نومته واقترب منها بحده قائلاً بلهجه اقرب للتحذير:

_إلى هنا ونتوقف عائلتي لا يقال عليهم ناس،أن هذا بيتهم،بيت أبنهم يدلفوا إلى المنزل وقتما يريدون يدلفون إلي المنزل في وجودي أو في عدم وجودي حتى يمكنهم الدلوف في وقت ما يريدون،واخوتي يفتحون الخزانة وقت ما يريدون،وياخذون ما يريدون. 

قالت"شمس" بلهجه حاده:

_ما الذي تقوله؟ هل أنت جننت؟

فوجئت به يُمسك فكها بيديه بقوة قائلاً بصوت أقرب إلى الفحيح:

_عدم احترام أنا لا أريد،ولكن سوف امحي هذا من عقلي لانك ما زالت لا تعلمي عاداتنا ولكن المرة القادمة لن اتنسى هذا الأمر ضعي في حسابك سوف نهبط إلى والدتي في تمام الساعة الثامنة تساعدي في تنظيف المنزل وطهي الطعام فهمتي أم لا؟ 

قالت "شمس" وهى تحاول أن تدفعه بعيداً عنها:

_أبتعد اتركني.. اتركني اقول لك.

افلتها بعدما اعتصر فكها وشعر بألمها واحمرار وجهها ليتركها متوجهاً إلى الخارج يتناول طعامه ببرود تاركاً اياها تجلس على فراشها بجسد منحنى بعدما اتأكت على الفراش بذراعيها مُنكسه وجهها للاسفل تتساقط دمعاتها لتُبلل بُقعه معينه أسفل وجهها تزداد اتساعاً مع هطول المزيد من عينيها،هى الآن تبكى ألماً وقهراً فى أول يوم زواج لها، لتكون تلك البداية لسلسة التساؤلات التى لم تنتهى طوال خمس سنوات من العذاب والقهر حيثُ تتسائل يومياً هل هذا هو ماضحت بسعادتها ونداء قلبها من أجله!

...

افاقت "شمس" من شرودها على طرقات خفيفه تتصاعد من خلف باب غرفتها، علمت أنها والدتها تدعوها للغداء، و اغلقت ضوء هاتفها وتصنعت النوم قبل أن تفتح "مجيده" باب غرفتها ببطء.

ما أن سمعت "شمس" صوت أغلاق بابها حتى فتحت عينيها ببطء واعتدلت جالسة بعد أن مسحت تلك العبرات التى هربت من عينيها أثر تذكرها تفاصيل زيجتها.

اخذت نفساً عميقاً مُحاولة اخراج تلك الشحنه السلبية  بداخلها ثم فتحت ملف الوورد لتستكمل كتابة نهاية قصتها الأولى،
فتلك أول كتاباتها التى كادت أن تُنهيها.

تأثرت فيها بشدة بأسلوب وعبارات الكاتب "مراد" بل أيضاً قصتها تُشبه كثيراً ذلك النوع الذى يقوم بكتابته هو؛ حيثُ تحتوي على الغموض المُخالط للخيال، لكن هى أضافت إليه الجانب الرومانسي الذى لا يتطرأ إليه "مراد" فى كتاباته إلا قليلاً.

أرادت أن تخلط بين واقعها وبين الخيال، ولم تستطع أن تقاوم وضع البطل الذى طالما داعب خيالها والبطلة التى تمنت أن تكون بدلاً منها، وضعت جميع المشاعر التى أرادت أن تتبادلها يوماً مع أحدهم وعبّرت عنها بأسلوب بسيط حسبما شعرت به دون تكلف أو زيادة؛
لكن كل ذلك داخل إطار من الغموض والخيال، هى احبت ماكتبته حقاً رغم عدم إطلاع أحد عليه لكنها احسته يُعبر عنها وعن قلبها الصغير الذى لم ينعم يوماً بحبيب صادق.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي