الفصل الرابع عشر

خرج الشيخ"حسيب"وهو مسرور بما سمع وذهب لبيت أم "منصور" فأخبرها بما سمع،ففرحت وقالت:

-بقي ياشيخ أن تقنعه أن لا يساعد أباه على التهريب.


فقال الشيخ:

- أحتاج مساعدتك فأنا سوف أذهب الآن إلى كلا من "السيف" والشيخ "محمود" وأطلب منهما أن يأتيا معي مساءا إلى هنا، بينما عليك أن تبقي "ذو" معك في البيت،فنحن سنأتي فإن رأينا النور الذي بالباب مضاء سننتظر حيث نعلم أن "منصور" لا زال في البيت،فأن أنطفأت حينها نعلم أنه قد غادر.


فهزت رأسها وقالت:

- بإذن الله تسير الامور كما خططت لها.


ولما أظلمت السماء أراد "منصور"كالعادة أن يصطحب "ذو" معه إلى الغرفة ليتسامر معه وبذلك يكن تحت عينيه ،لكن أم"منصور" تظاهرت بالتعب وأبت أن يأخذ"منصور""ذو" بحجة أنها متعبة وتحتاج من يساعدها، فقال"منصور":

- ما دمتي مريضة فسنبقى معا نعتني بك.


فتلعثمت أم"منصور"في الكلام ثم قالت:

- لا لا أريدك أن تبقى هنا فأنت سبب مرضي هيا هيا أذهب لصاحبك.


أحس"منصور"أن أمه تدبر لأمر فخرج من البيت، بينما كان ذو صامت، وبعد أن مر أكثر من عشر دقائق من ذهاب"منصور" ذهبت أم "منصور"وأطفأت النور الخارجي، فضحك "ذو" وقال:

- وهل هذه العلامة المتفق عليها، ليس أبي غبيا لهذه الدرجة فهو يعرف أنك تدبرين لأمر.


ولم ينهي "ذو" كلامه إلا والباب يطرق، ففتحت أم "منصور"الباب فدخل الشيخ "حسيب"و"السيف" والشيخ "محمود"وكان "ذو" جالسا فسلموا عليه، لكن"ذو" لم يأبه لهم
فشعر الشيخ"حسيب" ومن معه أن أخلاق "ذو" قد تغيرت كثيرا، فقال الشيخ"حسيب":

- أنا أعرف أنك غاضبا منا لأننا تركناك.

فقال "ذو":

- إذا تقرون بخطأكم؟بأنكم تركتموني لوحدي مع رجل فاسد مجرم لا يحرم حرام ولا يخشى الله ثم تريدون مني أصبح رجل صالح.


فقال "السيف":

- ماذا كنت تريد منا أن نقتل أبيك؟

فقال "ذو":

- نعم أقتلوه أن لم يستقم.


فقال الشيخ "محمود":

- نحن لم نأتي لنتناقش في هذا الموضوع،بل جئنا نعاتبك فما عرفناه أنك أصبحت تساعد أباك في تهريب الأسلحة وأنت بذلك تقحم نفسك في الحرام.


نظر "ذو" إلى الشيخ "محمود" وقال له:


- وما رأيك في الذي يسكت عن الحق؟


سكت الشيخ "محمود" فضحك "ذو" وقال:


-نعم أبي شيطان وكل أهل القرية يعلمون ذلك،لكن أهل القرية لا يعلمون أنكم شياطين خرساء.


ثم خرج "ذو"من البيت وبدأت أم "منصور" تحاول أن تهون الموقف وهي تقول:

- هذا الفتى أشبه أباه.


لكن الشيخ"حسيب" كان في أشد غضبه وقال بصوت مرتفع:

-و"منصور"أشبه من؟

ظلت أم "منصور" صامته تنظر للشيخ"حسيب"و"السيف" يحاول أن يهدئه، فقال الشيخ "حسيب":

- دعني يا "السيف" أن أخرج ما في قلبي فلقد كتمته لسنين عدة، هل تعرفين أن "منصور" أشبهك هل تذكرين؟


ثم رفع شالا كان لا يخرج بدونه ليندهش الشيخ "محمود" و"السيف" مما شاهداه، فأذن الشيخ "حسيب" اليسرى مقطوعة، فقال الشيخ"حسيب":

- اتذكرين من فعل هذا بي؟

وأم"منصور" صامتة"فقال الشيخ:

- أتعرفان لما عضت أذني من أجل أني قلت البنات يلعبون لوحدهم والأولاد لوحدهم فأرادت أم"منصور" أن تذهب مع البنات فقلت لها مازحا هي أنتي أبقي مع الأولاد فلست بنتا
فأنقضت علي وفعلت بأذني ما فعلت.


ابتسمت أم"منصور" وقالت:

- ألا زلت تحمل في قلبك علي من أجل فعلة صدرت في زمن كنت طفلة لا ادري ما كنت افعله؟

فقال الشيخ"حسيب":

- بالفعل كنت طفلة ولو كنت طفل لذاق أهل القرية كأسا أمر مما ذاقوه من كأس إبنك "منصور".


فقال الشيخ "محمود":

-استعيذوا من الشيطان فنحن جئنا لحل مشكلة ليس لإثارة مشكلة.

فأمسك الشيخ "محمود" بيد الشيخ "حسيب" وقال:

- هيا بنا نخرج.


وبينما هم يمشون قال "السيف" للشيخ "حسيب":

- ماذا دهاك؟ فأنا أعرفك حليما.

فبكى الشيخ"حسيب" وقال:

- لقد أنفعلت لما رأيت أن كل ما فعلناه ل"ذو" ذهب سدى، وبعد أن كنت أرجو أن يكون "ذو" من أهل الخير أصبحت أرجو الآن أن نكتفي شره.

فقال "السيف":

- لا تقنط يا شيخ"حسيب" فإني لا زلت أرى في وجه "ذو" الخير.


وصل "ذو" إلى الغرفة ودخل فوجد أباه جالس وكأس من الخمر أمامه، فجلس "ذو" أمام أبيه وقال:

- ما رأيك فيما جرى.


فقال "منصور":

-عن أي شيء تقصد؟


فقال "ذو":

- كنت اشعر بك وأنت تتصنت عند النافذة.


فأبتسم "منصور" وقال:

- إذا كنت تعرف أني كنت أستمع.


فقال "ذو":

- نعم ولقد أردتك ان تسمع وجهة نظري فيك.


فقال "منصور":

- كنت أعتقد ذلك ولكنك أختصرت فأنا أستحق أكثر مما قلته.


فقال "ذو":

- إذا تعرف أنك على خطأ فلما لا تتوب؟


فضحك "منصور" وقال:

- أتوب؟ أسمع يا"ذو" هناك أناس يمتلكون قلوب بيضاء، لكن حين تجتمع المعاصي بهذا القلب يصبح هذا القلب أسود نتن يجعل صاحبه لا يستطيع أن يعود لطريق الخير بسهولة، ولكن هناك أناس يوجد لهم قلوب سوداء شريرة هذه القلوب تضخ دماء فاسدة وهذه الدماء الفاسدة لا يمكنها أن تتوب ولا أن تتراجع عن فعل الشر ولا يوجد لها حل سوى سفكها.


قال "ذو":

- لا يوجد قلوبا ودماء كما قلت.


فقال"منصور":

- بلى،قلبي وقلبك.


ثم بدأ يشرب كأس الخمر و"ذو"جالس يفكر فيما قاله أبوه، ويحاول أن يكذب أباه فليس قلبه أسود وليست دماءه سوداء.


ومرت الأيام وأصبح "منصور" يفكر في تهريب شيء يجعله يكسب أكثر، فتهريب الأسلحة لا يوفر له كل ما يريده، فأخبر"مختار "عن ذلك فشعر"مختار "بالخوف الشديد، ولكن "منصور" بدأ يغريه بالأرباح فطمع "مختار "في جني الأموال، ولكن "منصور" طلب من "مختار" أن لا يشعر"ذو" بذلك، فهم لن يأخدوا "ذو" معهم فهو يخشى أن عرف أن يفعل لهم مشكلة.


وبالفعل بدأ"منصور" و"مختار "بفعل ذلك وبدأت الأموال تجري بأيديهم، شعرابن "عبد الرازق" أن أوضاع عمه"مختار" بدأت تتغير وكان يسمع أن "منصور"وعمه يهربان الأسلحة فذهب لعمه "مختار" وبدأ يخبره أنه يعمل مع أباه الساعات الطويلة ولا يحصد هو وأباه إلا أرباح قليلة
وطلب من عمه أن يساعده، لكن "مختار "رفض فبدأ يذكر عمه بما صنعه "عبدالرزاق" به ويقول:

- والآن لما جاءك أبن أخيك لا تساعده؟
فقال"مختار":
- أمهلني بعض الوقت لأرى "منصور"وأخبره بما تريده.


فكلم "مختار ""منصور"وأخبره بما يريده ابن اخيه، فوافق"منصور" دون تردد، وكان"منصور" يمني النفس أن يصبح ابن "عبد الرازق" مجرما ليحرق قلب "عبدالرزاق" عليه،فأجتمع "منصور"ب"زياد"و"مختار"وابن اخيه في الغرفة ولم يكن "ذو" معهم،وبدأ يقول لهم:

- من يريد أن يبقى في تهريب الأشياء الصغيرة ليجني أرباح قليلة فليبقى،ومن كان يريد تهريب الأشياء الكبيرة ويجني الأرباح الكبيرة فليرفع يده.


فرفع ابن"عبد الرازق"يده مباشرة، فقال "مختار" أتعرف ما الأشياء الكبيرة ؟


فقال:

- لا أعرف سوى أنها ستجني لي أموال كثيرة.
فقال"مختار":

-يا لك من وغد! مثل أبيك تحب المال حبا شديدا، بل أبقى في تهريب الأشياء الصغيرة مع "ذو" فإن أمسك بك ومعك الأشياء الكبيرة قد تفقد رأسك.

فقال له:

- ما تقصدون بالأشياء الصغيرة والكبيرة؟


فقال"منصور":

- اقصد بالصغيرة تهريب الأسلحة وأما الكبيرة فأقصد بها المخدرات،وما دمت عرفت هذا يجب أن تعرف أني لو سمعت أحد يتكلم بذلك فسوف أقتلك.


وبالفعل أنضم معهم في تهريب المخدرات وبدأ يخبأ ما يربحه في مكان لا أحد يعلمه غيره، وبدأ "عبدالرزاق" يستغرب أختفاء ابنه عنه بالساعات وكلما سأله يقول أنه يلعب مع أبن عمه"زياد"فلم يلقي "عبدالرزاق" أهتماما لذلك لأنه يثق في ابنه كثيرا.


وبالفعل أصبح كل من"منصور"و"مختار"يمتلكان نصف مليون من تهريب المخدرات، وبينما كانوا في الغرفة بدأ " مختار"يخرج من جيبه حبوبا ويأكلها فسأله "منصور":

-ما هذه؟


فقال"مختار":

-حبوب مهدئة.


حيث أن"مختار" لما دخل عالم التهريب أصابه خوف وذعر وقلق كلما فكر في أحتمال أن تقبض الشرطة عليه وهو يهرب المخدرات،فأخذ "ذو" الوصفة وبدأ يقرأها وأكتشف أن هذه الحبوب تجعل متناوله يدخل في نوم عميق.


بدأ " منصور"يخطط لعملية تهريب كبرى يريد بعدها أن يترك التهريب ويستمتع بما حصل عليه،حيث أنه سيتعامل مع عصابة المخدرات التي أراد سابقا خيانتهم لكنه فشل وأصيب صاحبه "صالح"ومات متأثرا من الجراح، فهو يخشى أن يعرفه أحد أفراد العصابة فيحاولون الانتقام لصاحبيهما اللذين قتلهم "منصور" فهو يحتاج الان إلى قناص ماهر يجعل العصابة تحسب له الف حساب قبل أن تفكر في خيانته.


فبدأ"منصور يقنع "مختار "أن يدفع ما لديه من المال وهو يخرج كل ما لديه من مال ثم يشترون البضاعة التي ستكلفهم مليون لكن أن وصلوها للمروجين سيحصدون خمسة مليون
بقي"مختار"مترددا خائف أن الطمع في الكثير قد يفني ما معه فشاور ابنه وابن اخيه ، فلم يتردد ابن اخيه في أن يقنع عمه في الدخول في العملية، بل ذهب ل"منصور" ومعه كل ما يملك يريد أن يصبح شريك، لكن "منصور"أجتمع ب"زياد"و"مختار" وابن اخيه ويزيد ووضح لهم عدة نقاط

منها أن نصيب كل من"زياد" وابن عمه سيكون مائة وخمسون الف ،ويكون نصيب"مختار" أثنان مليون ومائتنان وخمسون الف وله مثل ذلك، لكن ابن "عبد الرازق "بعد أن حسب المبلغ وجد مائتان الف ليست لأحد فسأل عنها، فقال" منصور":

-هذه ل"ذو".


فقال" مختار":

-وهل وافق على أن يهرب المخدرات؟


فقال "منصور":

- لا.


فقال "مختار":

-فكيف ستفعل؟


قال "منصور":

-نوهمه أننا نشتري رصاص بكمية كبيرة.


ولكن"منصور" لم يتعجل في تنفيذ هذه الصفقة وبقي يخطط لها لمدة ثلاثة أشهر،طبعا بدأ العام الدراسي الجديد وذهب "ذو" للمدرسة وأصبح في الصف الرابع، لكن رغبه "ذو" أصبحت ضعيفة فهو يذهب للمدرسة من أجل أن يرضي جدته، وكان دائم السرحان داخل الفصل فهو يشعر أن هناك أمور تدبر من قبل أبيه ويشاركه في ذلك كل من "زياد"و "مختار"وابنه أخيه.


بقي "ذو" يراقب الوضع بحذر وفي أحد المرات شاهد أبيه و"مختار" ومعهم حقيبتان ويدخلان الغرفة فحاول أن يتصنت عليهما لكن "منصور" قد أحس أن أحد ما خلف الباب ففتح الباب بسرعة فما كان من "ذو" إلا أن قطع ازرار ثوبه وألقاها على الأرض وتظاهر أنه يبحث عنها فقال "جابر":

- عن ماذا تبحث؟


فنهض "ذو" وبيده الزرار وقال:

- هذا.


ثم دخل الغرفة فرأى "مختار" جالس وبجواره الحقيبتان جلس "ذو" بجوار "مختار" وبدأ يفكر كيف يعرف ما في الحقيبة فخطر في باله فكرة وهي أن يسرق الحبوب التي مع"مختار" ثم يضعها في براد الشاهي فيناما وهو يفتح الحقيبة فبدأ يدخل يده بخفة في جيب"مختار" حتى أنتشل الحبوب من جيبه بدون أن يشعره بذلك، ثم قال "ذو" لأبيه:

-هل أصنع لكما شاي؟

فقال "مختار":

- ياليت.


وكانوا يطبخون خارج الغرفة على الحطب فخرج "ذو" وأعد الماء وبدأ يطحن الحبوب ليضعها في الشاي، لكنه تفاجأ أن أباه و"مختار" خرجا من الغرفة وقالا له:

- سوف نغادر فأشرب الشاي.


وكانا يحملان الحقيبة قام "ذو" وخبا الحبوب التي سرقها بعد أن طحنها فقد يحتاجها لكشف ما في الشنطة، ولكن الأمور كانت سريعة حيث أجتمع الجميع في الغرفة وبدأ"منصور" يشرح لهم كيف يقومون بالعملية وبدأ يخبرهم أنها ستكون أكبر عملية لتهريب الرصاص وأنهم سيتعاملون مع عصابة خطرة.

فقال "ذو":

- لما لا تخبرني من قبل؟


قال "منصور":

- لم أعلم أحد سوى في عصر اليوم أخبرت "مختار" ليحضر ماله، ونحن نحتاجك يا "ذو" فلا تخذلني.


وبدأ "منصور" يوزع المهام ،"منصور"و"مختار"سيكونان المفاوضين وعلى "زياد"وابن عمه حمل الحقيبتان أما "ذو" فدوره دور القناص الذي يحميهم من أي محاولة غدر.

وبالفعل وبعد أن انتصف الليل انطلقوا وعند صخرة كبيرة أمر "ذو" أن يصعد عليها حيث سيكونون على بعد خمسين متر منه ثم أخرج "منصور" من جيبه جنيه على شكل قطعة معدنية، وقال ل"ذو":

- إذا رفعت هذه القطعة فأصبها.


فهز "ذو" رأسه بنعم، ثم أنطلق "منصور"و " مختار"وأمر"زياد" وابن عمه أن يبعدا عنها عشرة أمتار، تحسب لأي خيانة فلما تقابلوا مع العصابة قال "منصور":

- قبل أن نتحدث أريد أن أريكم شيء.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي