الفصل سادس عشر

قال محمد الشاذلي بحيرة: و الله ما انا عارف هواجه اختى ازاى و لا أقولها ايه يا مريم انا مش عارف ؟
اقتربت منه مريم حبيبته و زوجته وهي تضع يدها على يده بحنان قائلة: يا حبيبي قول ليها ان كل شئ قسمة و نصيب يا محمد ، ، و ريان ابنك خلاص اختار نصيبه .
تنهد محمد الشاذلي قائلا: دا فعلا كل شئ قسمة و نصيب و مفيش حاجة بايدينا خالص ده قدر ، ، بس انتى عارفة اختى فتحيه دي هتقوم الدنيا لما تعرف يا مريم .
ثم تنهد محمد الشاذلي و هو يستكمل حديثه :
انا كان نفسى فى حور لحد من أولادي يا مريم ، ، لكن أهو النصيب بقي غلاب ها نعمل ايه احنا ؟ فارس ابني الكبير و اختار يتجوز سهيله و حتى ريان اختار يتجوز تغريد ، ، و خلاص بقا حور مش بقا ليها نصيب مع اولادي خالص يا مريم .
تنهدت الست مريم قائلة: و انا كمان كان نفسى فيها بس مش لفارس و لا حتي لريان لا .
عقد محمد الشاذلي حاجبيه قائلا: أومال عاوزاها لمين بس يا مريم ؟
ترددت مريم قائلة : ل لفهد يا محمد .
قال محمد الشاذلي باستنكار: بس فهد متجوز يا مريم .
قالت الست مريم بحزن: بس حور يا محمد مش بتحب غيره للاسف ، ، و حتى الكلام ده من زمان جدا يا محمد ، ، و للأسف مش اختارت حد من ولادك غيره هو ، ، و عارف هو كمان محبش غيرها بس مكنش حاسس بعشقه و حبه ليها ، ، و لو انى فعلا ملاحظة فى الفترة الأخيرة انه بدأ يفهم مشاعره بس بعد ايه بقى .
فكر محمد الشاذلي بكلماتها ، ، ربما مريم على حق فهو فقد تغيب عنه اشياء كثيرة أما حبيبته مريم فلا يغيب عنها شيئا ، ، خاصة مشاعر الحب تلتقطها فى العيون و تدركها على الفور ليقول محمد الشاذلي بأسى : عارفه يا مريم لو مكنش فيها خراب بيوت انا فعلا كنت طلقت ريناد منه و خليته يتجوز حور، ، أنا مقدرش اخرب بيت حد بايدى و ما بالك ببيت حد من ولادى ، ، و لو كانت اختى او حور يقبلوا كدا ، ، و الله كنت جوزتها ليه و تعيش معاه كزوجة تانية بس مستحيل حد فيهم هيقبل بالوضع ده خالص يا مريم .
تنهدت الست مريم قائلة : سيب كل حاجة للأيام يا محمد ، ، و كل واحد هياخد قسمته و نصيبه ادعيلهم انت بس و ربنا هيقدرلهم اللى فيه الخير ان شاء الله يا قلبي .
قال محمد الشاذلي فى امل: يا رب يا روح قلب محمد من جوا ، ، يا رب يسعدهم مع حبايبهم زى ما ربنا فرحنى معاكى يا حبيبه عمري انتي يا مريوم .
-  -
و في الأسفل في منزل محمد الشاذلي .
كان محمد الشاذلي يجلس مع زوجته مريم و معه أولاده فارس و فهد و اخته فتحيه ليلقى اليها خبر خطبة ريان و زواج فارس فقالت فتحيه بصدمة : خطبت لريان تغريد يا محمد يعني يا اخويا سبت بنتى حور بنت الحسب و النسب و روحت خطبت لابنك بنت حمديه ايه يا اخويا ؟
انتبه فهد على ذكر حور لتعتصر قلبه قبضة قوية و هو يتساءل فى مرارة ، ، و هل كان من المفترض أن يرتبط ريان بحوره ؟ يا الله أخاه الذى يحبه يتزوج حبيبته ، ، و انه العذاب فى حد ذاته حمد الله فى سره لارتباط أخيه بأخرى و الا كان الموت أهون له ، ، ليفيق من شروده على صوت والده و هو يقول :
اهدى يا فتحيه و افهميني يا اختي دا كل شئ قسمة و نصيب ، ، و ابنى نصيبه جه كدة و ربنا يكتب الخير لحور و نصيبها يبقى احسن باذن الله يا حبيبتي .
و في اللحظه تلك احس فهد بالاختناق كاد ان يتحدث و ان يرفض كلام أبيه ، ، ان يرفض كل ما يشير الى ان حور ستصبح فى يوم من الأيام ملكا لرجل آخر ، ، حقا و لكن هو بأى حق سيرفض بأى حق ؟ ربت فارس على يد فهد و هو يشعر بصراعه و المه البادى على وجهه ، ، لينظر اليه فهد ليرى تعاطفه و يدرك ان مشاعره باتت واضحة ليخفض بصره فى مرارة قالت فتحيه بجمود: يعني انت شايف كدة يا محمد ؟ عموما انا بنتى جوهرة و اكيد هتلاقى اللى هيقدرها ، ، و بنتي الف من يتمناها و طالبها بس انا قلت ابن خالها اولى بيها مش اكتر يا محمد .
نظر فهد الى عمته يود ان يصرخ بها قائلا : كفى و يكفي حقا ترديدا لكلمات تذبحنى ، ، و لكن نظرة فارس الحازمة أخبرته ان يصمت ليشيح بوجهه فى ضيق قال محمد بارتباك ليغير الموضوع : اه صح يا فتحيه هي حور فين ليه مش جت معاكي هنا ؟
نظر فهد بلهفة مرة أخرى الى عمته ينتظر اجابتها ، ، فقد كان يود لو سالها هذا السؤال بنفسه فا حور لم تأتى للشركة منذ ذلك اليوم المشئوم ، ، و حتي لا ترد على اتصالاته أيضا لتنظر اليه فتحيه شذرا ثم تنظر لأخيها قائلة : البنت تعبت جدا من يومين و وقعت من طولها مره واحده ، ، و لما جبتلها الدكتور قالى لازم تغير جو و تبعد عن اي ضغط نفسي .
و بعدها صمتت للحظة تتأمل شحوب وجه فهد عندما علم بمرض حور لستكمل حديثها بفرحه و تشفي قائله : و انا سفرتها عند أعمامها في المنصوره علشان تقضي يومين هناك و تريح فيهم أعصابها و تبعد شويه عن الشغل و اهو ترتاح كمان شويه .
و الي هنا لم يستطيع فهد أن يلتزم الصمت ليقول بغيرة و اندفاع: صح انتي ازاى تسيبيها تروح عند اعمامها لوحدها ، ، هو عبدالرحمن ابن عمها مش كان طالبها للجواز ولا اي ؟
و في تلك اللحظه نظر اليه الجميع ليدرك تسرعه باظهار مشاعره ليقول بارتباك: انا بتهيألى الوضع كدة غلط صح و لا ايه يا بابا ؟
لينظر اليه محمد و هو يشعر بوجعه ليقول بهدوء حزين : صح كدة يا ابني فعلا حور لازم ترجع يا فتحيه مش ها ينفع كدا .
رفعت علية حاجبها فتحيه قائلة: عبدالرحمن اتجوز يا محمد ، ، و بعدين بنتي فى أمان عند اعمامها ، ، و انا مقدرش أرجعها قبل ما هي تريح أعصابها و لا انت عاوزني اخسرها يا أخويا .
قالت الست مريم بسرعة: لأ طبعا يا فتحيه دا انتي حتي عارفة أخوكى بيحبها قد اي .
نظرت فتحيه اليها بسخرية قائلة: صح فعلا و هو بيحبها أوى الصراحة .
لتلتفت فتحيه الى أخيها الذى قال: اكيد بحبها زى ولادى بالظبط ، ، و ربنا يطمنا عليها و ألف سلامة على حور يا فتحيه .
نهضت فتحيه و هي تأخذ حقيبتها قائلة ببرود: الله يسلمك يا محمد أنا ها مشي بقا علشان عندى مشوار مهم .
ثم استكملت كلامها بسخرية قائلة: و مبروك عليك جواز ولادك يا اخويا .
تجاهل محمد نبراتها الساخرة قائلا: الله يبارك فيكى يا فتحيه يا اختي .
ثم غادرت بخطوات سريعة ليقول محمد بحزن: ربنا يستر انا مش مطمن لكلامها و لا نظراتها و حاسس ان هي ناوية على حاجة كبيره علشان تبوظ الجواز و ربنا يستر .
قال فارس بثبات: و هي ها تعمل ايه يعنى يا بابا ؟
هز محمد الشاذلي كتفيه قائلا: انا مش عارف يا فارس ربنا يلطف و يسترها من عنده .
قال فهد بالم: و تفتكر هتجوز حور حد من اللى بيتقدمو ليها يا بابا ؟
اقترب محمد من فهد ليربت على كتفه قائلا بحزن: بس انساها يا ابني و متخربش على نفسك ، ، دا انت حتي في طفل جايلك فى الطريق كمان كام شهر و هو لازم يتربى بين أمه وابوه يا حبيبي .
نظر فهد الى والده بصدمة ، ، و هل ادرك والده مشاعره هو الآخر بالطبع نعم فالعشق الملعون دائما يظهر مهما حاولنا اخفاؤه ليخفض عينيه بانكسار قائلا: فعلا معاك حق يا بابا بعد اذنكم .
ثم غادر فهد تتبعه الأعين الحزينة عليه ليقول فارس بهدوء : فهد بجد صعبان عليا ، ، كانت حور على طول قدامه طول الوقت بتعشقه و هو مش حاسس بيها ، ، و لا حاسس بحبه ليها هو كمان و يوم ما حس وقف القدر ما بينهم .
تنهد محمد الشاذلي قائلا: العشق دا نعمة بتسعد صاحبها بس فى حالة اخوك فهد دا العشق الملعون ، ، لانه هو مش ها يقدر يتخطاها و لا حتي يواجهها ، ، و لا ها يقدر يفرح بعشقه.
ثم نظر الى فارس قائلا: و يا تري العشق فى حياتك انت كمان يا فارس هيبقى نعمة و لا ملعون ؟
قال فارس بارتباك: عشق ايه يا بابا بس انا بتجوز سهيله بس عشان خاطر الاولاد ، ، انت عارف الكلام ده كويس .
رفع محمد حاجبيه فنظر فارس الى ساعته ليقول متهربا من نظرات والده: و بالمناسبة انا اتأخرت علي أولادى قري و لازم أروحلهم عشان احكيلهم حدوتة قبل النوم عن اذنك يا بابا انت و ماما تصبحو على خير .
غادر فارس لينظر محمد الى الست مريم مبتسما و هو يقول: عارفه يا مريومه انا من اول مرة شوفته فيها مع سهيله و انا متأكد انه بيحبها ، ، بس اللى شفته فى عينيه من يومين و هو واقف من بعيد يراقبها و هي بتلعب مع ولاده ، ، كان عشق يا مريومتي .
اقتربت منه مريم لتمسك وجهه بين يديها قائلة: و هما مهما حاولوا يخبوا عشقهم هيبان عليهم زى ما بان علينا يا حبيبي .
اقترب محمد الشاذلي من وجهها ليضمه بين يديه و هو يقول امام شفتيها بهمس: بحبك يا مريومتي يا قلب محمد من جوا عشقي انتي يا بهجه القلب .
ليقبلها قبلة شغوفه عبرت عن مشاعر عشق ولد منذ سنوات وزادت نبضاته مع كل لحظة مرت عليهم ، ، و سيظل قويا رائعا مهما تمر عليهم من سنوات و ذهبوا الي عالمهم الخاص .
-  -
و على الجانب الاخر في المنصوره عند اهل حور .
حور انتي قاعدة لوحدك ليه ياقمراية ؟
نظرت حور إلى هدى ابنة عمها و التي رغم سنها الصغير ، ، إلا أن حور تعتبرها رفيقتها الروحية فهي نفس العقل نفس القلب ونفس النظارة الطبية ذات الاطار الأسود و التي تمنحهم تميزا ملحوظا تنهدت حور قائلة:
انا بفكر شوية يا هدهد ، ، تعالى يا حبيبتي اقعدى جنبي هنا .
جلست هدى بجوارها تتفحص ملامحها الحزينة لتقول بهدوء: انتي لسه بتفكري فيه يا حور صح ؟
قالت حور بحزن: انا مش عارفة أنساه غصب عنى مش قادرة بجد ، ، ده حب الطفولة حب العمر كله انا مستحيل هقدر أنساه مهما حاولت يا هدى .
أومات هدى برأسها قائلة: و للأسف حاسة بيكى يا حور ، ، لأنى بردو بحب هانى ابن خالتى من صغرى و مستحيل أتخيل فى يوم انى أقدر أنساه أو أبعد عنه خالص .
ابتسمت حور فى حزن قائلة: بس فيه فرق كبير بينى و بينك يا حبيبتي ، ، في حالتي انا يا هدي انا حبيت و هو مش حس بيا و ضاع منى خلاص ، ، و لكن انتى حبيتى و هاني كمان حبك و خلاص هانت و يخلص جامعته و يخطبك من عمى ، ، بإذن الله متفرقش بينكم اى حاجة و أحضر فرحكم قريب يا رب .
ابتسمت هدى قائلة: طيب علشان الدعوة الحلوة دى انا هخدك مشوار نغير جو اي رأيك يا حور ؟
نظرت اليها حور بتردد لتنهض هدى قائلة فى حماس : لا بقولك اي اوعي تتردي كدا قومي يلا بينا .
ابتسمت حور و هي تمد يدها إليها تحاول ان تتفاعل معها و مع مرحها و حماسها لتنسى ألمها و لو لساعات قليلة .
-   -
و على الجانب الاخر عند فتحيه و صديق.
قالت فتحيه فى حقد: انا ها موت يا صديق كل ثروة أخويا دى هتروح لشوية خدامين و بنتي انا هتطلع من المولد بلا حمص كدا .
قال صديق و هو يقترب منها ليأخذها فى أحضانه : طيب اهدى بس يا فتحيه اهدى كدا و خلينا نفكر.
ابتعدت فتحيه عنه و هى تقول فى مرارة: أهدى ايه بس انا بقولك اخويا هيجوز ولاده لشوية خدامين ، ، أخويا ساب بنتى حور بنت الأصول و راح يجوز ولاده لشوية بنات لا ليهم أصل و لا فصل ، ، و لتانى مرة أخويا بيكسرنى ، ، دا انا لسة مش سامحته حتى علشان فرق ما بينا زمان ، ، بيجي هو دلوقتى و يذلني و يفضل على بنتى ، ، بنت حمديه الدادة و بنت الملاجئ سهيله كسر ضهرى بقولك .
قال صديق: و انا قولت ليكي اهدي و احنا هنتصرف الامور دي مش تتاخد بالعصبية خالص دا كدة مش هنعرف نفكر صح يا فتحيه.
زفرت فتحيه قائلة: انا مش قادرة يا صديق دا انا ها تجنن .
قال صديق: طيب اسمعينى كويس سيبيهم يفرحوا شويه ، ، و سيبيهم يفتكروا انهم فازو و عاشوا بسعادة ، ، و خلينا احنا نخططلهم و نضربهم ضربة تقضى عليهم ، ، و بكدة نتتقم من محمد على كل حاجة عملها فينا زمان و دلوقتي .
اقتربت فتحيه منه قائلة بلهفة: بجد يا صديق انت ها تبرد نارى منه و من اولاده صح ؟
ابتسم صديق و هو يشدها من خصرها قائلا:
و حياه فتحيه حبيبه قلبي هتشوفيهم بيقعوا واحد ورا التانى و ها برد نارك و آخد بتارى من محمد ، ، بس بقولك ايه ما تيجى تبردى نارى أنا الأول و أهو بالمرة أظبطلك ضغطك اللى على ده مره واحده يا توحه قلبي انتي يا بطل .
لم تستطع فتحيه كتمان ضحكتها لتطلقها مجلجلة ليقول صديق بخبث : إلعب يا وحش .
ازدادت ضحكات فتحيه ليضمها اليه و في عينيه ظهرت نظرة ساخرة لو رأتها فتحيه في تلك اللحظه ، ، لأدركت أنها أخطأت فى حق نفسها خطأ فادحا ، ، و أنها ستدفع ثمن ذلك الخطأ غاليا جدا ربما تكون روحها هي المقابل أو ابنتها الغاليه حور مقابل شهواته و نزواته التي ستوصله الي النهايه و هي الموت .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي