الفصل الحادي والعشرون
رأى خالد" الدموع تفيض من عينا "مازن" فأراد أن يغير هذا الموضوع الذي سبب الكأبة ل"مازن" فخطر على باله طلب يعتقد أنه سيفرح "مازن" فقال "خالد":
- أريدك أن تعلمني الشعر.
شعر "مازن" بفرح شديد فهو يعتقد بل يجزم أن "خالد" سيتفوق على "المتنبي" فهو يرى أن "خالد" معجزة تمشي على الأرض، فأول ما بدأه معه أعطاه كتاب فيه المعلقات التي أشتهرت في الجاهلية وطلب منه أن يحفظه، ثم بدأ يكتب في ورقة بيضاء خطة ليلتزم "خالد" فيها فيسهل عليه تعلم الشعر، خرج "خالد" من عند "مازن" وهو يشعر بأنه أدخل نفسه في شيء لا رغبة له في تعلمه.
وفي العصر ذهب للتدريب وبدأ "خالد" يتدرب كالمعتاد لكن "ستيف" لاحظ أن "خالد" ليس بكامل تركيزه فسأله:
-ما بك؟
لكن "خالد" اعتذر وأنه يشعر بإرهاق، وقبل نهاية التدريب جمع "ستيف" كل من "خالد" و"حسام"وقال لهما:
- بعد سنتان ونصف من التدريب أستطيع أقول أنكما الآن صرتما تجيدان الفنون القتالية، ولكن من أراد منكم أن يصبح محترفا للفنون القتالية فعليه أن يعدني أولا بتحمل عناء التدريبات القادمة فستكون مكثفة جدا وصعبة وقاسية.
شعر "حسام" أنه لن يطيق ذلك فأعلن أنه يكتفي بما وصل له، فنظر "ستيف" ل"خالد" وسأله:
-وأنت ماذا تقول؟
فقال "خالد":
- أريد أن أكون أقوى رجل على هذه الأرض.
ابتسم "ستيف" وقال:
- إذا استعد فالجد بدأ الآن.
وبالفعل بدأ "ستيف" يزيد التمارين على "خالد" ويكثفها عليه، وكان "ستيف" قبل أن يبدأ بتدريب "خالد" يطلب منه أن يحفظه آية واحدة قبل التمرين
وبالفعل كان "خالد" يفعل ذلك والسرور يرقص داخل قلبه، وكان "خالد" إذا انتهى من التدريب يذهب لغرفته ويحفظ ما يستطيع حفظه من ابيات المعلقات ويسمعها عند "مازن".
ومع كل هذه الظروف كان "خالد" في دراسته متفوق وكان بالصف الثالث المتوسط، وكان "مازن" دائما يقول ل"خالد":
- إياك أن تفكر في معدلك كل ما عليك فعله هو بذل جهدك والنتائج تكون بمشيئة الله.
وبعد مضي سنة أصبح "خالد" حافظ لأكثر من ألف بيت بل ويعرف بحور الشعر وأيضا يميز هل هذه القصيدة موزونة ولها مضمون وهل الأبيات مترابطة
حيث أصبح قادر أن يبين ما تمتاز به هذه القصيدة وأيضا يوضح عيوبها، فطلب "مازن" من "خالد" أن يكتب له قصيدة، فمكث "خالد" طول ليله ولما جاء اليوم التالي سأله "مازن":
- ماذا كتبت؟
فأجاب "خالد":
-لا شيء.
فبدأ "مازن" يحاول أن يساعد "خالد" في كتابة قصيدته ويعدد له أغراض الشعر وأعطاه شهر كامل من أجل أن يكتب قصيدة، لكن "خالد" كان إهتمامه مركز على التدريب وحسب، وكان "ستيف" منذهل من سرعة تطبيق "خالد" للحركات، فلما أنتهى الشهر الذي حدده "مازن" ل"خالد" حمل "خالد" ورقة وأخذها ل"مازن"فلما رأى "مازن" الورقة في يد "خالد" اعتقد أنه أنجز ما كلفه به، فلما فتح الورقة أندهش.
بالفعل اندهش "مازن" ولم يكن اندهاشه عبارة عن إعجاب بأبيات "خالد" بل أندهش مما كتبه "خالد" حيث كتب بخط كبير أعتذر لك وأقدم أسفي ولكنك تطلب مني شيء لست أمتلكه، ابتسم "مازن" وقال:
- لا عليك قد أكون فشلت في أن أعلمك أن تقول الشعر لكن قد تأتي ظروف تعلمك قول الشعر.
رجع "خالد" للتدريب ووصل إلى مراحل متقدمة ، وبعد مرور سنتان من التدريبات الشاقة، طلب "ستيف" من "خالد" أن يتجهز لقتال لا هوادة فيه، وبالفعل بدأ "ستيف" يهاجم لكن "خالد" أخذ وضعية المدافع كان يرد ضربات "ستيف"ثم أخذ "خالد" وضع الإستعداد لتلقي الضربة على بطنه، فغضب "ستيف" لأنه شعر أن "خالد" بدأ يرتخي معه، فقال "ستيف" جنيت على نفسك فضربه بكل قوته على بطنه فسقط "ستيف" على الأرض من شدة الضربة و"خالد" واقف في مكانه لم يهتز انذهل "ستيف"وقال: -لست بشرا لست بشرا.
مد "خالد" يده ل"ستيف" ورفعه فلما وقف "ستيف" قال:
- صرت الآن يا "خالد" التلميذ الذي تفوق على معلمه.
ثم قال "ستيف":
- أنت الآن أصبحت مقاتل محترف ولا أملك المزيد لاعلمك ولكن لدي نصيحة لك أن لا تستخدم قوتك ضد ضعيف ولا تعين على شر وثق تماما أنك كلما ابعدت نفسك عن الغضب فستكون أنت المنتصر.
ثم قال:
- أنا وبعد ثلاثة أيام سوف أسافر لبلادي.
فقال "خالد":
- لماذا ترحل أبق معنا.
فقال "ستيف":
- أنت تعلم أني في السنتان الماضية كنت أتعلم شعائر الإسلام وأنا مشتاق جدا لدعوة أمي للدخول في هذا الدين وسأبذل جهدي لأقنعها وغدا سأسافر للقاهرة فأحببت أن أودعك مع أمل أن أراك.
فتقدم "خالد" نحو "ستيف" وأمسك برأسه وقبله وقال:
-لن أنساك ما حييت.
رجع "خالد" لغرفته وهو يحس بالضيق فمدربه الذي علمه سيسافر وعليه أن يتدبر أمر نفسه فهو الآن مدرب نفسه، كان "خالد" بالصف الثاني ثانوي وكانت إمتحانات الفصل الأول على الأبواب
وتذكر وعده ل"مازن" بأن يبذل جهده، وبالفعل بذل "خالد" جهده واجتاز امتحانات الدور الأول بامتياز
مما بث السرور في نفس "مازن" الذي كان يخطط لمستقبل "خالد"
ومرت الشهور لينجح "خالد" من الصف الثاني بمعدل مائة بالمائة نسبة لم تكن في حسبان "مازن" فلقد حقق "خالد" أحلام "مازن" المستحيلة، ولكن بدأ أمر يشغل "مازن" وهو أن عمر "خالد" أصبح ثمان عشر سنة واحتمال تحويلة للسجن واردة فعين "مازن" محامين من أجل أن ينهي المشكلة، وبالفعل توجه أحد المحامين سرا ل"عبدالرزاق" ليحل معه القضية
وكان "مازن" قد تفاهم مع المحامي بأن يخبر "عبدالرزاق" أنه بإمكانه أن يحصل على مليون جنيه وأيضا وعد بأن "خالد" لن يأتي للقرية، فوافق "عبدالرزاق" وتم التنازل عن قضيته، وكل هذه الأمور تحدث و"خالد" لا يعلم ولكن هناك أحداث لم يخطط لها "مازن" سوف تحدث مفاجأة في حياة "خالد" حيث تم إرسال أوراق الإفراج عن "خالد" التي وضعها "مازن" في درج مكتبه وأقفل عليها
لكي يستمر "خالد" في تفوقه في الصف الثالث ثانوي ولكن صداع شديد داهم "مازن" جعله يسقط على الأرض من شدة الألم.
أخذه "عاصم" للمستشفى لعمل الفحوصات وكان ذلك يتطلب تنويمه وأيضا طلب أن يكون معه مرافق فقال "عاصم" معاتبا صديقه "مازن":
- لو اطعتني وأنا أحثك على الزواج لكان ابنك معك.
فأبتسم "مازن" وقال:
- لي ابن أذهب وأحضره.
فقال "عاصم":
- أتقصد "خالد"؟
قال "مازن":
- نعم.
فقال "عاصم":
- كيف أخرجه من المركز؟
فأخبره بالقصة كاملة ودله على الأوراق وطلب منه أن لا يخبر "خالد" بذلك، وبالفعل أصبح "خالد" مرافق ل"مازن" وبدأت لحظات نتائج الفحوصات تقترب، وكانت المفاجأة الكبرى التي ستغير حياة "خالد" حيث أثبتت الفحوصات أن "مازن" مصاب بورم خبيث في الرأس، الشيء الذي أدهش "خالد" أن "مازن" تقبل الخبر بشيء من الفرح، فأمسك بيده وقال:
- أتفرح بالموت؟
فتبسم "مازن" وقال:
-لا أحد يفرح بالموت ولكني عرفت هذه الحياة وأن كنت سأحزن فسأحزن لأني قد أفارقك.
فصرخ "خالد" وقال:
- فال الله ولا فالك.
فسأل "خالد" الطبيب:
- هل من علاج؟
فأشار له الطبيب بالسفر الى_ألمانيا_وبالفعل أصر "خالد" على "مازن"بالسفر إلى_ ألمانيا_ومع دموع "خالد" الساخنة لم يستطع "مازن" أن يتمالك نفسه وبدأ يبكي بكاء شديد ويقول:
- سأذهب من أجلك.
بالفعل وصلا إلى_ألمانيا_ واعيدت الفحوصات ولكن النتائج بقيت كما كانت عليه والعلاج أمر مستحيل إلا أن يشاء الله، أمسك "مازن" بيد "خالد" وقال:
- دعنا نعود للوطن فأنا أفضل أن أموت في ارضي.
فما كان من "خالد" إلا أن بكى بكاء يبين مدى حبه ل"مازن"ورجعا إلى أرض الوطن وأخذ "مازن" يلف ب"خالد" ليريه ممتلكاته، فذهب به إلى محلاته التجارية ومبانيه الفاخرة المؤجرة، ثم أخذه لقصره، اندهش "خالد" من روعة القصر ولكن ما أدهشه أن "مازن":
- قال هيا سنذهب نرتاح في البيت.
فخرج من القصر، فسأله "خالد":
-ألست تسكن هنا؟
قال "مازن":
-سكنت هنا اسبوع واحد شعرت بعدها بضيق شديد لم أستطع أن أكمل العيش فيه، ثم سكنت في ملحق في أحد عمائري التي أمتلكها مكونة من غرفتان ودورة مياه فقط شعرت فيها بالسعادة كلما قابلت الناس الساكنين فيها وأشعر بسعادة أكثر كلما سمعت أصواتهم.
وصلا إلى الغرفة وأرتاحا فيها، لكن "مازن" بعد ساعتان من النوم استيقظ وبدأ يصرخ، قام "خالد" على صراخ "مازن" وهو يمسك على رأسه فعرف أن الصداع يسبب له ألم شديد فأخذه للمستشفى، وبعد ساعات هدأ الألم ولكن "مازن" شعر بقرب الرحيل
فنظر على يمينه، فوجد "خالد" جالس بجواره فناداه فاقترب "خالد" منه، ثم طلب أن يمد يده ويمسك بها يده، وفعل "خالد" ذلك فقال "مازن":
- عاهدني.
فقال "خالد":
- على ماذا؟
فقال "مازن":
- عاهدني.
فلم يشأ "خالد" أن يتعب "مازن" بالسؤال عن ما يعاهده عليه، فقال "خالد":
- أعاهدك.
فقال "مازن":
- عاهدني على أن لا تذهب لقريتك بعد موتي لا تذهب لها أبدا.
سكت "خالد" ولم يجب فقال "مازن":
- هل تعاهدني على ذلك؟
شعر "خالد" بحرص "مازن" عليه وخوفه كذلك،فقال:
- أعاهدك أن أنسى القرية وليس فقط لا أذهب لها.
شعر "مازن" بشيء من السرور، فقال:
- أنا قمت بتحويل كل ممتلكاتي النقدية والعينية بإسمك فأنا متأكد أنها ستساعدك أن تشق طريقك لمستقبل زاهر.
ثم شعر "مازن" بالنعاس ودخل في غفوة و"خالد" يتأمل وجه "مازن" ويشعر بمدى الأذى الذي وجده من هذا المجتمع بسبب ذنب ليس له ذنب فيه فكونه لقيط جعله في نظر المجتمع مذنب.
وبعد مضي ثلاث أيام ازداد الألم على "مازن" حتى لفظ أخر أنفاسه وكل ذلك وعينا "خالد" الصغيرة تنظر، شعر "خالد" بشعور الغربة بعد أن تأكد أن من كان له الأب والاخ والصديق قد رحل من هذه الدنيا،
وبعد أن دفن "مازن" جاء "عاصم" إلى "خالد" ليقدم له ورق الإفراج، لم يشعر"خالد" بفرحة حيال ذلك فهو في أشد حيرة إلى أين يذهب، فهو وعد "مازن" أن لا يذهب للقرية.
وبقي أسبوع في غرفة "مازن" التي أصبحت له وهو يفكر ما يفعل وأيضا بقي خيال "مازن" يطارده، فقرر "خالد" قرار قد يغير حياته، حيث قرر"خالد" أن يبيع كل ممتلكات "مازن" وأيضا يسحب جميع مدخراته النقدية ثم تصدق بها بنية "مازن" ولم يبقي معه قرش واحد من أموال "مازن" ثم عزم أن يخالف عهده مع "مازن" ويذهب لقريته فلقد داعبه الشوق والحنان، ولكن هناك متغيرات كثيرة حدثت في القرية.
أصبح "عبدالرزاق" وبعد أن أصبح أكثر من في القرية امتلاك للأموال بدأ يحاول أن يكون شيخ القبيلة ويريد أن تكون له بعد وفاة الشيخ"حسيب"وليس ذلك وحسب بل ولده الاكبر صار يصول ويجول في القرية دون أن يتجرأ أحد أن يردعه، بل أنه في ذات مرة وجد "سلمان" و"عيسى" يمشيان على أقدامهم فركب ابن"عبد الرازق" خيله وبدأ يركض بالخيل بأقوى سرعته وكان يريد أن يمر من بينهم ليدخل الرعب في قلوبهم وبالفعل فعل ذلك، فشتمه "سلمان" فرجع الابن وقال:
- أعد ما قلته.
فأعاد "سلمان" فنشب شجار بينهم، وكان الابن دائما يحمل معه حبل فمن وقف في طريقه ضربه ثم بالحبل قيده ليذله ويكون عبرة لغيره، وبالفعل استطاع الابن أن يتغلب على "سلمان" و"عيسى" بل ويقيدهم ويتركهم مقيدين في الشارع.
عرف الشيخ"حسيب" و"السيف" بما جرى فغضبا وذهبا ل"عبدالرزاق" ليوقف ابنه عند حده، لكن "عبدالرزاق" بدأ يلف بالكلام ويختلق الأعذار لإبنه ويقول:
- هذا طيش الشباب.
وكان أهل القرية يسمعون الابن يصرخ وهو فوق خيله يدور على بيت أم"منصور"يقول:
- أين أنت ياذو العيون القذرة لأمرغ أنفك بالتراب؟
فوقفت أم"منصور" ذات يوم وردت عليه وقالت:
- أن جاء ذو العيون الصغيرة فسيلحقك بعمك وابنه.
فغضب الابن وقال:
-لو لم تكوني عجوز خرفاء لضربتك وقيدتك، ولكن أنا أعرف كيف استرد كرامتي.
- أريدك أن تعلمني الشعر.
شعر "مازن" بفرح شديد فهو يعتقد بل يجزم أن "خالد" سيتفوق على "المتنبي" فهو يرى أن "خالد" معجزة تمشي على الأرض، فأول ما بدأه معه أعطاه كتاب فيه المعلقات التي أشتهرت في الجاهلية وطلب منه أن يحفظه، ثم بدأ يكتب في ورقة بيضاء خطة ليلتزم "خالد" فيها فيسهل عليه تعلم الشعر، خرج "خالد" من عند "مازن" وهو يشعر بأنه أدخل نفسه في شيء لا رغبة له في تعلمه.
وفي العصر ذهب للتدريب وبدأ "خالد" يتدرب كالمعتاد لكن "ستيف" لاحظ أن "خالد" ليس بكامل تركيزه فسأله:
-ما بك؟
لكن "خالد" اعتذر وأنه يشعر بإرهاق، وقبل نهاية التدريب جمع "ستيف" كل من "خالد" و"حسام"وقال لهما:
- بعد سنتان ونصف من التدريب أستطيع أقول أنكما الآن صرتما تجيدان الفنون القتالية، ولكن من أراد منكم أن يصبح محترفا للفنون القتالية فعليه أن يعدني أولا بتحمل عناء التدريبات القادمة فستكون مكثفة جدا وصعبة وقاسية.
شعر "حسام" أنه لن يطيق ذلك فأعلن أنه يكتفي بما وصل له، فنظر "ستيف" ل"خالد" وسأله:
-وأنت ماذا تقول؟
فقال "خالد":
- أريد أن أكون أقوى رجل على هذه الأرض.
ابتسم "ستيف" وقال:
- إذا استعد فالجد بدأ الآن.
وبالفعل بدأ "ستيف" يزيد التمارين على "خالد" ويكثفها عليه، وكان "ستيف" قبل أن يبدأ بتدريب "خالد" يطلب منه أن يحفظه آية واحدة قبل التمرين
وبالفعل كان "خالد" يفعل ذلك والسرور يرقص داخل قلبه، وكان "خالد" إذا انتهى من التدريب يذهب لغرفته ويحفظ ما يستطيع حفظه من ابيات المعلقات ويسمعها عند "مازن".
ومع كل هذه الظروف كان "خالد" في دراسته متفوق وكان بالصف الثالث المتوسط، وكان "مازن" دائما يقول ل"خالد":
- إياك أن تفكر في معدلك كل ما عليك فعله هو بذل جهدك والنتائج تكون بمشيئة الله.
وبعد مضي سنة أصبح "خالد" حافظ لأكثر من ألف بيت بل ويعرف بحور الشعر وأيضا يميز هل هذه القصيدة موزونة ولها مضمون وهل الأبيات مترابطة
حيث أصبح قادر أن يبين ما تمتاز به هذه القصيدة وأيضا يوضح عيوبها، فطلب "مازن" من "خالد" أن يكتب له قصيدة، فمكث "خالد" طول ليله ولما جاء اليوم التالي سأله "مازن":
- ماذا كتبت؟
فأجاب "خالد":
-لا شيء.
فبدأ "مازن" يحاول أن يساعد "خالد" في كتابة قصيدته ويعدد له أغراض الشعر وأعطاه شهر كامل من أجل أن يكتب قصيدة، لكن "خالد" كان إهتمامه مركز على التدريب وحسب، وكان "ستيف" منذهل من سرعة تطبيق "خالد" للحركات، فلما أنتهى الشهر الذي حدده "مازن" ل"خالد" حمل "خالد" ورقة وأخذها ل"مازن"فلما رأى "مازن" الورقة في يد "خالد" اعتقد أنه أنجز ما كلفه به، فلما فتح الورقة أندهش.
بالفعل اندهش "مازن" ولم يكن اندهاشه عبارة عن إعجاب بأبيات "خالد" بل أندهش مما كتبه "خالد" حيث كتب بخط كبير أعتذر لك وأقدم أسفي ولكنك تطلب مني شيء لست أمتلكه، ابتسم "مازن" وقال:
- لا عليك قد أكون فشلت في أن أعلمك أن تقول الشعر لكن قد تأتي ظروف تعلمك قول الشعر.
رجع "خالد" للتدريب ووصل إلى مراحل متقدمة ، وبعد مرور سنتان من التدريبات الشاقة، طلب "ستيف" من "خالد" أن يتجهز لقتال لا هوادة فيه، وبالفعل بدأ "ستيف" يهاجم لكن "خالد" أخذ وضعية المدافع كان يرد ضربات "ستيف"ثم أخذ "خالد" وضع الإستعداد لتلقي الضربة على بطنه، فغضب "ستيف" لأنه شعر أن "خالد" بدأ يرتخي معه، فقال "ستيف" جنيت على نفسك فضربه بكل قوته على بطنه فسقط "ستيف" على الأرض من شدة الضربة و"خالد" واقف في مكانه لم يهتز انذهل "ستيف"وقال: -لست بشرا لست بشرا.
مد "خالد" يده ل"ستيف" ورفعه فلما وقف "ستيف" قال:
- صرت الآن يا "خالد" التلميذ الذي تفوق على معلمه.
ثم قال "ستيف":
- أنت الآن أصبحت مقاتل محترف ولا أملك المزيد لاعلمك ولكن لدي نصيحة لك أن لا تستخدم قوتك ضد ضعيف ولا تعين على شر وثق تماما أنك كلما ابعدت نفسك عن الغضب فستكون أنت المنتصر.
ثم قال:
- أنا وبعد ثلاثة أيام سوف أسافر لبلادي.
فقال "خالد":
- لماذا ترحل أبق معنا.
فقال "ستيف":
- أنت تعلم أني في السنتان الماضية كنت أتعلم شعائر الإسلام وأنا مشتاق جدا لدعوة أمي للدخول في هذا الدين وسأبذل جهدي لأقنعها وغدا سأسافر للقاهرة فأحببت أن أودعك مع أمل أن أراك.
فتقدم "خالد" نحو "ستيف" وأمسك برأسه وقبله وقال:
-لن أنساك ما حييت.
رجع "خالد" لغرفته وهو يحس بالضيق فمدربه الذي علمه سيسافر وعليه أن يتدبر أمر نفسه فهو الآن مدرب نفسه، كان "خالد" بالصف الثاني ثانوي وكانت إمتحانات الفصل الأول على الأبواب
وتذكر وعده ل"مازن" بأن يبذل جهده، وبالفعل بذل "خالد" جهده واجتاز امتحانات الدور الأول بامتياز
مما بث السرور في نفس "مازن" الذي كان يخطط لمستقبل "خالد"
ومرت الشهور لينجح "خالد" من الصف الثاني بمعدل مائة بالمائة نسبة لم تكن في حسبان "مازن" فلقد حقق "خالد" أحلام "مازن" المستحيلة، ولكن بدأ أمر يشغل "مازن" وهو أن عمر "خالد" أصبح ثمان عشر سنة واحتمال تحويلة للسجن واردة فعين "مازن" محامين من أجل أن ينهي المشكلة، وبالفعل توجه أحد المحامين سرا ل"عبدالرزاق" ليحل معه القضية
وكان "مازن" قد تفاهم مع المحامي بأن يخبر "عبدالرزاق" أنه بإمكانه أن يحصل على مليون جنيه وأيضا وعد بأن "خالد" لن يأتي للقرية، فوافق "عبدالرزاق" وتم التنازل عن قضيته، وكل هذه الأمور تحدث و"خالد" لا يعلم ولكن هناك أحداث لم يخطط لها "مازن" سوف تحدث مفاجأة في حياة "خالد" حيث تم إرسال أوراق الإفراج عن "خالد" التي وضعها "مازن" في درج مكتبه وأقفل عليها
لكي يستمر "خالد" في تفوقه في الصف الثالث ثانوي ولكن صداع شديد داهم "مازن" جعله يسقط على الأرض من شدة الألم.
أخذه "عاصم" للمستشفى لعمل الفحوصات وكان ذلك يتطلب تنويمه وأيضا طلب أن يكون معه مرافق فقال "عاصم" معاتبا صديقه "مازن":
- لو اطعتني وأنا أحثك على الزواج لكان ابنك معك.
فأبتسم "مازن" وقال:
- لي ابن أذهب وأحضره.
فقال "عاصم":
- أتقصد "خالد"؟
قال "مازن":
- نعم.
فقال "عاصم":
- كيف أخرجه من المركز؟
فأخبره بالقصة كاملة ودله على الأوراق وطلب منه أن لا يخبر "خالد" بذلك، وبالفعل أصبح "خالد" مرافق ل"مازن" وبدأت لحظات نتائج الفحوصات تقترب، وكانت المفاجأة الكبرى التي ستغير حياة "خالد" حيث أثبتت الفحوصات أن "مازن" مصاب بورم خبيث في الرأس، الشيء الذي أدهش "خالد" أن "مازن" تقبل الخبر بشيء من الفرح، فأمسك بيده وقال:
- أتفرح بالموت؟
فتبسم "مازن" وقال:
-لا أحد يفرح بالموت ولكني عرفت هذه الحياة وأن كنت سأحزن فسأحزن لأني قد أفارقك.
فصرخ "خالد" وقال:
- فال الله ولا فالك.
فسأل "خالد" الطبيب:
- هل من علاج؟
فأشار له الطبيب بالسفر الى_ألمانيا_وبالفعل أصر "خالد" على "مازن"بالسفر إلى_ ألمانيا_ومع دموع "خالد" الساخنة لم يستطع "مازن" أن يتمالك نفسه وبدأ يبكي بكاء شديد ويقول:
- سأذهب من أجلك.
بالفعل وصلا إلى_ألمانيا_ واعيدت الفحوصات ولكن النتائج بقيت كما كانت عليه والعلاج أمر مستحيل إلا أن يشاء الله، أمسك "مازن" بيد "خالد" وقال:
- دعنا نعود للوطن فأنا أفضل أن أموت في ارضي.
فما كان من "خالد" إلا أن بكى بكاء يبين مدى حبه ل"مازن"ورجعا إلى أرض الوطن وأخذ "مازن" يلف ب"خالد" ليريه ممتلكاته، فذهب به إلى محلاته التجارية ومبانيه الفاخرة المؤجرة، ثم أخذه لقصره، اندهش "خالد" من روعة القصر ولكن ما أدهشه أن "مازن":
- قال هيا سنذهب نرتاح في البيت.
فخرج من القصر، فسأله "خالد":
-ألست تسكن هنا؟
قال "مازن":
-سكنت هنا اسبوع واحد شعرت بعدها بضيق شديد لم أستطع أن أكمل العيش فيه، ثم سكنت في ملحق في أحد عمائري التي أمتلكها مكونة من غرفتان ودورة مياه فقط شعرت فيها بالسعادة كلما قابلت الناس الساكنين فيها وأشعر بسعادة أكثر كلما سمعت أصواتهم.
وصلا إلى الغرفة وأرتاحا فيها، لكن "مازن" بعد ساعتان من النوم استيقظ وبدأ يصرخ، قام "خالد" على صراخ "مازن" وهو يمسك على رأسه فعرف أن الصداع يسبب له ألم شديد فأخذه للمستشفى، وبعد ساعات هدأ الألم ولكن "مازن" شعر بقرب الرحيل
فنظر على يمينه، فوجد "خالد" جالس بجواره فناداه فاقترب "خالد" منه، ثم طلب أن يمد يده ويمسك بها يده، وفعل "خالد" ذلك فقال "مازن":
- عاهدني.
فقال "خالد":
- على ماذا؟
فقال "مازن":
- عاهدني.
فلم يشأ "خالد" أن يتعب "مازن" بالسؤال عن ما يعاهده عليه، فقال "خالد":
- أعاهدك.
فقال "مازن":
- عاهدني على أن لا تذهب لقريتك بعد موتي لا تذهب لها أبدا.
سكت "خالد" ولم يجب فقال "مازن":
- هل تعاهدني على ذلك؟
شعر "خالد" بحرص "مازن" عليه وخوفه كذلك،فقال:
- أعاهدك أن أنسى القرية وليس فقط لا أذهب لها.
شعر "مازن" بشيء من السرور، فقال:
- أنا قمت بتحويل كل ممتلكاتي النقدية والعينية بإسمك فأنا متأكد أنها ستساعدك أن تشق طريقك لمستقبل زاهر.
ثم شعر "مازن" بالنعاس ودخل في غفوة و"خالد" يتأمل وجه "مازن" ويشعر بمدى الأذى الذي وجده من هذا المجتمع بسبب ذنب ليس له ذنب فيه فكونه لقيط جعله في نظر المجتمع مذنب.
وبعد مضي ثلاث أيام ازداد الألم على "مازن" حتى لفظ أخر أنفاسه وكل ذلك وعينا "خالد" الصغيرة تنظر، شعر "خالد" بشعور الغربة بعد أن تأكد أن من كان له الأب والاخ والصديق قد رحل من هذه الدنيا،
وبعد أن دفن "مازن" جاء "عاصم" إلى "خالد" ليقدم له ورق الإفراج، لم يشعر"خالد" بفرحة حيال ذلك فهو في أشد حيرة إلى أين يذهب، فهو وعد "مازن" أن لا يذهب للقرية.
وبقي أسبوع في غرفة "مازن" التي أصبحت له وهو يفكر ما يفعل وأيضا بقي خيال "مازن" يطارده، فقرر "خالد" قرار قد يغير حياته، حيث قرر"خالد" أن يبيع كل ممتلكات "مازن" وأيضا يسحب جميع مدخراته النقدية ثم تصدق بها بنية "مازن" ولم يبقي معه قرش واحد من أموال "مازن" ثم عزم أن يخالف عهده مع "مازن" ويذهب لقريته فلقد داعبه الشوق والحنان، ولكن هناك متغيرات كثيرة حدثت في القرية.
أصبح "عبدالرزاق" وبعد أن أصبح أكثر من في القرية امتلاك للأموال بدأ يحاول أن يكون شيخ القبيلة ويريد أن تكون له بعد وفاة الشيخ"حسيب"وليس ذلك وحسب بل ولده الاكبر صار يصول ويجول في القرية دون أن يتجرأ أحد أن يردعه، بل أنه في ذات مرة وجد "سلمان" و"عيسى" يمشيان على أقدامهم فركب ابن"عبد الرازق" خيله وبدأ يركض بالخيل بأقوى سرعته وكان يريد أن يمر من بينهم ليدخل الرعب في قلوبهم وبالفعل فعل ذلك، فشتمه "سلمان" فرجع الابن وقال:
- أعد ما قلته.
فأعاد "سلمان" فنشب شجار بينهم، وكان الابن دائما يحمل معه حبل فمن وقف في طريقه ضربه ثم بالحبل قيده ليذله ويكون عبرة لغيره، وبالفعل استطاع الابن أن يتغلب على "سلمان" و"عيسى" بل ويقيدهم ويتركهم مقيدين في الشارع.
عرف الشيخ"حسيب" و"السيف" بما جرى فغضبا وذهبا ل"عبدالرزاق" ليوقف ابنه عند حده، لكن "عبدالرزاق" بدأ يلف بالكلام ويختلق الأعذار لإبنه ويقول:
- هذا طيش الشباب.
وكان أهل القرية يسمعون الابن يصرخ وهو فوق خيله يدور على بيت أم"منصور"يقول:
- أين أنت ياذو العيون القذرة لأمرغ أنفك بالتراب؟
فوقفت أم"منصور" ذات يوم وردت عليه وقالت:
- أن جاء ذو العيون الصغيرة فسيلحقك بعمك وابنه.
فغضب الابن وقال:
-لو لم تكوني عجوز خرفاء لضربتك وقيدتك، ولكن أنا أعرف كيف استرد كرامتي.