الفصل الثاني والعشرون
فذهب لإبنها "حسن" وضربه ثم قيده، فعلم "عبدالرزاق" فذهب ل"حسن" واعتذر منه وفك قيده وأخذه لبيته ثم نادى ابنه وطلب أن يعتذر من"حسن" وأخبره أن "حسن" لا شأن له بأمه وأخيه "منصور" وولده الغير شرعي، لكن الابن رفض أن يعتذر وغادر المكان و"عبدالرزاق" يتبسم ويقول:
- شباب عنيدين.
ولكن الأحداث ستتغير فهناك ضيف ثقيل الظل سيحل على "عبدالرزاق" وابنه، حيث بدأ "خالد" يتوجه إلى قريته، وكان "سليمان" و"عيسى" يمشيان كعادتهم وعلى نفس المنوال حين يراهم الابن يحاول مضايقتهم لأنهما كان صديقا ذو العيون الصغيرة، وبالفعل بدأ يركض بخيله ويمر من بينهما ولكن هذه المرة ظل "سليمان" و"عيسى" صامتان لا يريدان الاشتباك مع الابن.
فشعرالابن أن كل من في القرية يرضخون له، وبدأ الابن يشعر أنه الرجل الأول في القرية وبدأ يستعرض في القرية فروسيته وبدأ يجري بالخيل إلى أن وصل حدود القرية، فإذا به يرى شخص يمشي ويظهر من ملابسه أنه ليس من أهل القرية وكان يحمل على ظهره حقيبة صغيرة فاقترب منه ليعرف وجهته وما الذي يريده، فلما أقترب به سمعه يقول:
- كيف حالك يا ابن "عبد الرازق"؟
استغرب الابن واندهش وبدأ يدقق النظر في وجه الرجل فإذا به يعرفه عن طريق عيناه الصغيرتان فقال:
-أنت ذو العيون الصغيرة؟
فقال:
- بل أنا "خالد"
فقال الابن:
-وهل تجرؤ أن تأتي للقرية وأنت مطلوب فيها؟
فقال "خالد":
- دعنا ننسى الماضي.
ثم مد يده وقال:
- ودعنا نفتح صفحة جديدة.
ابتسم الابن بسخرية وبدأ يستهزيء بكلام "خالد" ثم نزل وأخذ حبله و"خالد" واقف ينتظر ما الذي يريد أن يفعله، فقال الابن:
- سأجرك بهذا الحبل لوسط القرية ثم أقتلك هناك أمام أنظار الناس، وأمام أنظار جدتك القذرة التي لا تمل من اخافتي بك، فسوف أريها من هو ابن "عبد الرازق"؟
فقال "خالد":
- قبل أن تقيدني وتجرني بحصانك أريد أن أعرف ماذا تقول جدتي بالحرف الواحد؟
فضحك الابن وقال:
- تقول أنه إذا جاء ذو العيون الصغيرة سيمرغ كرامتي بالتراب.
فقال "خالد":
- وأن أبن جدتي لاحقق لها طلبها.
ثم أمسك الابن وابرحه ضرب بعد أن أطاح به على الأرض، ثم حمله على حصانه وهو لا يستطيع حراك وجعل وجه لمؤخرة الحصان وربطه بحبله على ذلك الوضع ثم ضرب الحصان، فأنطلق الحصان يركض والابن على ظهر مقيد بشكل مخزي، فوصل الحصان للقرية وشاهد "سليمان" و"عيسى" المنظر.
وبدأ "سليمان" يقول:
-لا أحد يستطيع أن يفعل بالابن هذا إلا رجل واحد.
فصرخ "عيسى":
- ذو العيون الصغيرة رجع.
وانتفضت القرية للخبر، فخرج الشيخ"حسيب" يجري ومعه "السيف"وصل الحصان إلى بيت "عبدالرزاق"
و"عبدالرزاق" واقف هو وأبنه الاخر فشاهدا ابنه على هذا الحال فوق الحصان، فقال "عبدالرزاق": -مالذي حدث له؟
فقال ابنه الاخر:
-أن لم يخب حدسي فإن ذو العيون الصغيرة عاد للقرية.
بالفعل وصل "خالد" الذي لا يعرفه أهل القرية إلا ب"ذو" فرحب به الشيخ"حسيب" و"السيف" وأهل القرية وبعد أن تناول القهوة في بيت الشيخ استأذن منهم يريد الذهاب لبيت جدته، وبالفعل وصل "ذو" إلى البيت وجدته تحمل فأس تكسر به الحطب فناداها "ذو" وقال:
- أم"منصور".
فنظرت له بنظرة فيها غضب،عرف "ذو" ما أغضب جدته فدخل البيت ولبس لباس أهل القرية ثم أخرج من الصندوق التميمة التي خبأها ووضعها على رقبته
ثم خرج إلى جدته فلما رأته بهذه الملابس رحبت به وقالت:
- هذا "ذو" حفيدي الذي أعرفه.
استراح "ذو" في بيت جدته، وكان هناك حوار كبير يصير بين الشيخ"حسيب" و"عبدالرزاق" فالشيخ يحذر"عبدالرزاق" من أن يفعل أي فعل فيه حماقة
و"عبدالرزاق" يقسم وينذر أن يسيل دم "ذو" لكن الابن الاكبر ل"عبد الرازق" سيقول كلاما سيغير الوقائع، فقال:
- هناك أمر يحيرني كيف تم اطلاق سراح "ذو" فأنا اجزم يا أبي أن هناك شيء لا نعرفه.
اندهش "عبدالرزاق" من ابنه الأكبر فهو يدافع عن "ذو"وبالفعل لم يخب شعور"عبدالرزاق" فإبنه الاكبر يريد بقاء "ذو" في القرية لأمر يريده، فأخبرهم "عبدالرزاق" ما حدث وأيضا أخبرهم بشرطه وهو أن لا يعود للقرية، فقال ابنه:
-هل شرطك مكتوب في ورقة؟
فقال "عبدالرزاق":
- لا وأنما وعود رجال.
فقال ابنه:
- إذا لا حجة لنا عليه.
استغرب الحاضرين لأن هو من يدافع عن "ذو" فقال "عبدالرزاق" لإبنه:
-هل أنت معنا أم معه؟
فقال:
-مع الحق.
استيقظ "ذو" وهو لا يعلم ما يحدث في القرية، لكنه فجع عندما شاهد جدته توجه المسدس عليه، فقالت أم "منصور":
-استعد للموت.
فبقي "ذو" جالس ينظر ويبتسم ويقول:
-كيف تقتليني بمسدس ليس فيه طلقات؟
فقالت أم "منصور":
- أحمد الله أنك لا زلت "ذو" الذي أعرفه، اسمعني يا"ذو" بهذا المسدس فعلت به ما فعلت، والآن أنت مطلوب عند "عبدالرزاق" وأبنائه وأنا لا أخشى أن يواجهوك وأنما أخاف أن يغدروا بك فخذ هذا المسدس وأحمي نفسك.
بالفعل أخذ "ذو" المسدس وخرج وكان يريد أن يذهب لاسطبل "السيف" فهو متلهف:
-هل "المشهر" حي أم قد مات؟
وبينما الشيخ"حسيب" مجتمع ب"عبدالرزاق" خرج الابن الأصغر له يركض وبيده مسدس يريد أن يقتل "ذو" فتقابل ب"ذو" في وسط القرية فوجه المسدس نحو "ذو" ولكن وقبل أن يضغط الزناد تكسر المسدس بيده فلقد أصابه "ذو" ثم تقدم "ذو" نحو الابن
والشيخ"حسيب" و"عبدالرزاق" يركضون جهة الصوت، فوضع "ذو" مسدسه على جبين الابن، والشيخ"حسيب" يرجو من "ذو" أن لا يقتل ابن"عبد الرازق" فقال "ذو":
- هذه المرة لن أقتله لكن المرة القادمة لن أصوب على مسدسه بل سأفجر رأسه،أسمعت يا "عبدالرزاق"؟
فيهز "عبدالرزاق" رأسه ويقول:
- هو كذلك.
ثم أكمل "ذو" طريقه للإسطبل فرافقه "السيف" فلما وصلا للإسطبل، تفاجأ "ذو" وهو ينظر يمينا ويسارا ولم يرى "المشهر" الخيل الذي سكن حبه في قلبه
ولم يرد أن يسأل أين هو؟
فهو يخشى من الجواب الذي لا يريد سماعه، ولكن كان ذلك لا يكفي من أجل إلغاء الحقيقة فوضع "السيف" يده على كتف "ذو" وقال:
- قد مات "المشهر".
نزل "ذو"رأسه فهو كان يمني نفسه أن يمتطي "المشهر" ويركض به في كل أرجاء القرية، ثم قال "السيف":
-لا تعتقد يا"ذو" أني نسيت وعدي.
فنظر "ذو" مستغرب ثم قال:
- أي وعد؟
فقال:
-وعدا قطعته قديما أن الذي سيحفظ القرآن كاملا سأعطيه حصانا جائزة له، وأنا كنت قد فرحت فرحا شديد حيث قبل سنتان من الآن جاء لي حصان من نسل "المشهر" شعرت أن هذا الحصان هو الذي سيحوز على رضاك، واعتنيت فيه أشد عناية ولكنه كان شديد العصيان فلما بلغ عمر سنتان أردت أن أروضه ولكنه أبى أن يتقيد بأوامري، بل بدأ يركض بأشد قوته جهة السياج فقلت في نفسي سينكسر لا محالة فالسياج مرتفع ولا يمكن لأي خيل قفزه،ولكن تلك التوقعات تلاشت لما قفز الحصان من فوق السياج، فتبعته ولكنه ارتقى في أعالي الجبال حتى صار الإمساك به أمر مستحيل، حاولت لأكثر من شهر أن امسكه لكن دون جدوى فأكتفيت أن اطلقت عليه اسم "الشاهين"واصبح أهل القرية ينادوه ب"الحصان الصقر"كنت أريد أن أقدمه لك هدية ولكن أعذرني واختر أي أحد الخيول التي أمامك وبمجرد تشير له يصبح لك.
فقال "ذو":
- أي حصان أشير له سيكون لي ولن تعترض؟
فقال "السيف":
- وهل عرفت عني أني أرجع في كلامي؟
فقال "ذو":
- ابدا فمثلك لا يفعل ذلك ولكن أريد أن يرتاح قلبي. فقال "السيف":
- لك ذلك.
فأشار "ذو" جهة الجبل و"السيف" ينظر جهة يد"ذو" ويقول:
- الخيول أمامك فلما تشير للجبل؟
فقال "ذو":
- أريد "الشاهين".
فقال "السيف":
- لا يا"ذو" فذلك مجازفة.
قال "ذو":
- أنت وعدتني.
قال "السيف":
- أنا وعدتك ولكن لم اعتقد أنك ستختار "الشاهين".
كان السيف يعرف مدى شجاعة "ذو" ويعرف أنه مجازف لا يحسب للأخطار ولا للموت حسابا وخشي أن يحاول أن يركب "الشاهين" فينطلق به في الجبال فيسقط ويلقى حتفه، ولكن "السيف" رضخ لإصرار "ذو" فخرج هو و"ذو" للمكان الذي دوما يكون "الشاهين" متواجد فيه.
وبالفعل وقفا عند شجرة وكان "ذو" يمتطي فرسا اسمها "الثلج" لشدة بياضها، أنتظر عند الشجرة وما لبثوا إلا دقائق معدودة حتى وقعت عينا "ذو" على عينا "الشاهين" وسمعت أذناه صهيله، شعر"ذو" أن هذا مواصفات الخيل فاقت حتى أمنياته.
بدأ "ذو" يدقق النظر في "الشاهين" فشعر أن "الشاهين" ينظر إلى فرسه التي يمتطيها "الثلج"شعر "ذو" أن الخطة أصبحت جاهزة ولكن ليس اليوم تطبيقها،عاد "ذو" و"السيف" للقرية و"السيف" يحاول ان يقنع "ذو"بترك فكرة الإمساك ب"الشاهين" لكن "ذو" طلب من "السيف" أن يعيره "الثلج" فسأله "السيف":
- لما؟
فقال:
- أحسست أني ارتحت معها.
فرح "السيف" ووافق لعل الثلج تنسي "ذو" "الشاهين"
وباليوم التالي أخذ "ذو" "الثلج "وتوجه إلى "عيسى" وطلب مرافقته، فقال"عيسى":
- دعنا نمر "سليمان".
فرفض "ذو" وقال:
- أريدك أنت فقط.
وبالفعل وصلا إلى الشجرة وأخبر"عيسى" عن خطته
وقال "عيسى":
- وهل أخذت حصان واحد لأنك واثق أن تمسك ب"الشاهين" في يوم واحد و"السيف" وأهل القرية ظلوا شهرا كاملا ولم يستطيعوا ذلك؟
قال"ذو":
- كل ما عليك فعله الإختباء خلف تلك الأشجار وأنا سأتسلق هذه الشجرة فإن جاء "الشاهين" إلى "الثلج" سأقفز فوق ظهره.
لكن "ذو" تفاجأ من ردة فعل "عيسى"حيث أن "عيسى" لما سمع كلام "ذو" قال:
- انت مجنون.
ثم أراد أن ينصرف، فأمسك به "ذو" وقال:
- هل هذه قيمتي عندك تتركني؟
قال "عيسى":
- أنا لن أكون شريك معك في قتل نفسك، كيف تمتطي ظهر خيل متمرد على أرض جبلية؟
قال "ذو":
- أنا سأفعل ذلك بك أو بدونك ولكن كنت أرجو أن سقطت ومت وأنت معي ستحملني وتكفنني وتقبرني
ولكن أذهب فأن سقطت ومت ستأتي الذئاب وتأكلني وإذا بقي شيء من عظامي فتذكر أنك تركتني.
وقف "عيسى"وقال:
- ما المطلوب مني؟
قال "ذو":
- تختبئ خلف تلك الشجرة فإذا جاء "الشاهين" بقرب "الثلج" سأقفز على ظهره ثم أروضه، وأنت عليك إعادة "الثلج" إلى اسطبل "السيف".
ابتسم "عيسى" وقال:
-من يسمعك يقول أن المهمة سهلة جدا.
وبالفعل أختبأ "عيسى" خلف الأشجار و"ذو" تسلق الشجرة وقيد الفرس المسماه "الثلج" في الشجرة
ومع صهيل "الثلج" أقبل "الشاهين" اقترب منها حتى وصل عندها وبدأ يحاول أن يقطع قيدها لتذهب معه
ولكنه تفاجأ أن رجل ركب على ظهره وبدأ "الشاهين" بالركض والقفز، ولكن أقدام "ذو" كانت مثل المسامير مثبتة على ظهر "الشاهين"و"عيسى" يراقب الصراع المثير بين اثنين يحبان التمرد.
وظل "الشاهين" يصارع من أجل اسقاط "ذو" ولكنه فشل، وكما هو معروف فالخيل تعرف راكبها ف"الشاهين" يعرف حق المعرفة مدى شجاعة من فوقه فأستسلم للأمر الواقع، فخرج "عيسى" وهو يكبر ويقول:
-حتى "الشاهين" رضخ لك.
فركب "عيسى" "الثلج" وذهب هو و"ذو" لاسطبل "السيف" فلما رأى "السيف" "ذو" ممتطي "الشاهين" تبسم وقال:
- فوق "الشاهين" وبدون سرج ولا لجام أي فارس أنت يا "ذو"؟!
وأصبح أهل القرية يتكلمون عن قصة الحصان "الصقر" الذي انصاع ل"ذو" البطل، بدأ "ذو" يمشي مع رفاقه "عيسى" و"سليمان" فسألهم:
- ماذا فعلتم بعد التخرج من الثانوية؟
فقالا:
- أنت تعلم أن فضلنا البقاء في القرية ومساعدة أبوانا في رعاية املاكنا.
فقال "سليمان":
- وماذا ستفعل أنت؟
فتبسم "ذو" وقال :
-الرزق في السماء.
كان "ذو" يعشق الأسلحة ويعشق التعامل معها وكان يرى أن تهريب الاسلحة أمر لا يخل بالنظام بل أمر يزيد في الرجولة هذا ما كان "ذو" يقنع نفسه به وبينما هما يمشون تقابلوا مع ابن "عبدالرازق" وأحس "عيسى" و"سليمان" أن مشكلة كبيرة ستحدث بين بينه الابن و"ذو" ولكن حصلت المفاجأة التي أدهشتهما، حيث فتح الابن ذراعيه وضم "ذو" ورحب به واظهر سعادة في رجوع "ذو" إلى القرية، ثم طلب أن ينفرد ب"ذو" لبعض الوقت أمام دهشه "سليمان" و"عيسى" فكيف يظهر الابن هذا الود مع أن "ذو" ضرب أخاه ضربا مبرحا؟
- شباب عنيدين.
ولكن الأحداث ستتغير فهناك ضيف ثقيل الظل سيحل على "عبدالرزاق" وابنه، حيث بدأ "خالد" يتوجه إلى قريته، وكان "سليمان" و"عيسى" يمشيان كعادتهم وعلى نفس المنوال حين يراهم الابن يحاول مضايقتهم لأنهما كان صديقا ذو العيون الصغيرة، وبالفعل بدأ يركض بخيله ويمر من بينهما ولكن هذه المرة ظل "سليمان" و"عيسى" صامتان لا يريدان الاشتباك مع الابن.
فشعرالابن أن كل من في القرية يرضخون له، وبدأ الابن يشعر أنه الرجل الأول في القرية وبدأ يستعرض في القرية فروسيته وبدأ يجري بالخيل إلى أن وصل حدود القرية، فإذا به يرى شخص يمشي ويظهر من ملابسه أنه ليس من أهل القرية وكان يحمل على ظهره حقيبة صغيرة فاقترب منه ليعرف وجهته وما الذي يريده، فلما أقترب به سمعه يقول:
- كيف حالك يا ابن "عبد الرازق"؟
استغرب الابن واندهش وبدأ يدقق النظر في وجه الرجل فإذا به يعرفه عن طريق عيناه الصغيرتان فقال:
-أنت ذو العيون الصغيرة؟
فقال:
- بل أنا "خالد"
فقال الابن:
-وهل تجرؤ أن تأتي للقرية وأنت مطلوب فيها؟
فقال "خالد":
- دعنا ننسى الماضي.
ثم مد يده وقال:
- ودعنا نفتح صفحة جديدة.
ابتسم الابن بسخرية وبدأ يستهزيء بكلام "خالد" ثم نزل وأخذ حبله و"خالد" واقف ينتظر ما الذي يريد أن يفعله، فقال الابن:
- سأجرك بهذا الحبل لوسط القرية ثم أقتلك هناك أمام أنظار الناس، وأمام أنظار جدتك القذرة التي لا تمل من اخافتي بك، فسوف أريها من هو ابن "عبد الرازق"؟
فقال "خالد":
- قبل أن تقيدني وتجرني بحصانك أريد أن أعرف ماذا تقول جدتي بالحرف الواحد؟
فضحك الابن وقال:
- تقول أنه إذا جاء ذو العيون الصغيرة سيمرغ كرامتي بالتراب.
فقال "خالد":
- وأن أبن جدتي لاحقق لها طلبها.
ثم أمسك الابن وابرحه ضرب بعد أن أطاح به على الأرض، ثم حمله على حصانه وهو لا يستطيع حراك وجعل وجه لمؤخرة الحصان وربطه بحبله على ذلك الوضع ثم ضرب الحصان، فأنطلق الحصان يركض والابن على ظهر مقيد بشكل مخزي، فوصل الحصان للقرية وشاهد "سليمان" و"عيسى" المنظر.
وبدأ "سليمان" يقول:
-لا أحد يستطيع أن يفعل بالابن هذا إلا رجل واحد.
فصرخ "عيسى":
- ذو العيون الصغيرة رجع.
وانتفضت القرية للخبر، فخرج الشيخ"حسيب" يجري ومعه "السيف"وصل الحصان إلى بيت "عبدالرزاق"
و"عبدالرزاق" واقف هو وأبنه الاخر فشاهدا ابنه على هذا الحال فوق الحصان، فقال "عبدالرزاق": -مالذي حدث له؟
فقال ابنه الاخر:
-أن لم يخب حدسي فإن ذو العيون الصغيرة عاد للقرية.
بالفعل وصل "خالد" الذي لا يعرفه أهل القرية إلا ب"ذو" فرحب به الشيخ"حسيب" و"السيف" وأهل القرية وبعد أن تناول القهوة في بيت الشيخ استأذن منهم يريد الذهاب لبيت جدته، وبالفعل وصل "ذو" إلى البيت وجدته تحمل فأس تكسر به الحطب فناداها "ذو" وقال:
- أم"منصور".
فنظرت له بنظرة فيها غضب،عرف "ذو" ما أغضب جدته فدخل البيت ولبس لباس أهل القرية ثم أخرج من الصندوق التميمة التي خبأها ووضعها على رقبته
ثم خرج إلى جدته فلما رأته بهذه الملابس رحبت به وقالت:
- هذا "ذو" حفيدي الذي أعرفه.
استراح "ذو" في بيت جدته، وكان هناك حوار كبير يصير بين الشيخ"حسيب" و"عبدالرزاق" فالشيخ يحذر"عبدالرزاق" من أن يفعل أي فعل فيه حماقة
و"عبدالرزاق" يقسم وينذر أن يسيل دم "ذو" لكن الابن الاكبر ل"عبد الرازق" سيقول كلاما سيغير الوقائع، فقال:
- هناك أمر يحيرني كيف تم اطلاق سراح "ذو" فأنا اجزم يا أبي أن هناك شيء لا نعرفه.
اندهش "عبدالرزاق" من ابنه الأكبر فهو يدافع عن "ذو"وبالفعل لم يخب شعور"عبدالرزاق" فإبنه الاكبر يريد بقاء "ذو" في القرية لأمر يريده، فأخبرهم "عبدالرزاق" ما حدث وأيضا أخبرهم بشرطه وهو أن لا يعود للقرية، فقال ابنه:
-هل شرطك مكتوب في ورقة؟
فقال "عبدالرزاق":
- لا وأنما وعود رجال.
فقال ابنه:
- إذا لا حجة لنا عليه.
استغرب الحاضرين لأن هو من يدافع عن "ذو" فقال "عبدالرزاق" لإبنه:
-هل أنت معنا أم معه؟
فقال:
-مع الحق.
استيقظ "ذو" وهو لا يعلم ما يحدث في القرية، لكنه فجع عندما شاهد جدته توجه المسدس عليه، فقالت أم "منصور":
-استعد للموت.
فبقي "ذو" جالس ينظر ويبتسم ويقول:
-كيف تقتليني بمسدس ليس فيه طلقات؟
فقالت أم "منصور":
- أحمد الله أنك لا زلت "ذو" الذي أعرفه، اسمعني يا"ذو" بهذا المسدس فعلت به ما فعلت، والآن أنت مطلوب عند "عبدالرزاق" وأبنائه وأنا لا أخشى أن يواجهوك وأنما أخاف أن يغدروا بك فخذ هذا المسدس وأحمي نفسك.
بالفعل أخذ "ذو" المسدس وخرج وكان يريد أن يذهب لاسطبل "السيف" فهو متلهف:
-هل "المشهر" حي أم قد مات؟
وبينما الشيخ"حسيب" مجتمع ب"عبدالرزاق" خرج الابن الأصغر له يركض وبيده مسدس يريد أن يقتل "ذو" فتقابل ب"ذو" في وسط القرية فوجه المسدس نحو "ذو" ولكن وقبل أن يضغط الزناد تكسر المسدس بيده فلقد أصابه "ذو" ثم تقدم "ذو" نحو الابن
والشيخ"حسيب" و"عبدالرزاق" يركضون جهة الصوت، فوضع "ذو" مسدسه على جبين الابن، والشيخ"حسيب" يرجو من "ذو" أن لا يقتل ابن"عبد الرازق" فقال "ذو":
- هذه المرة لن أقتله لكن المرة القادمة لن أصوب على مسدسه بل سأفجر رأسه،أسمعت يا "عبدالرزاق"؟
فيهز "عبدالرزاق" رأسه ويقول:
- هو كذلك.
ثم أكمل "ذو" طريقه للإسطبل فرافقه "السيف" فلما وصلا للإسطبل، تفاجأ "ذو" وهو ينظر يمينا ويسارا ولم يرى "المشهر" الخيل الذي سكن حبه في قلبه
ولم يرد أن يسأل أين هو؟
فهو يخشى من الجواب الذي لا يريد سماعه، ولكن كان ذلك لا يكفي من أجل إلغاء الحقيقة فوضع "السيف" يده على كتف "ذو" وقال:
- قد مات "المشهر".
نزل "ذو"رأسه فهو كان يمني نفسه أن يمتطي "المشهر" ويركض به في كل أرجاء القرية، ثم قال "السيف":
-لا تعتقد يا"ذو" أني نسيت وعدي.
فنظر "ذو" مستغرب ثم قال:
- أي وعد؟
فقال:
-وعدا قطعته قديما أن الذي سيحفظ القرآن كاملا سأعطيه حصانا جائزة له، وأنا كنت قد فرحت فرحا شديد حيث قبل سنتان من الآن جاء لي حصان من نسل "المشهر" شعرت أن هذا الحصان هو الذي سيحوز على رضاك، واعتنيت فيه أشد عناية ولكنه كان شديد العصيان فلما بلغ عمر سنتان أردت أن أروضه ولكنه أبى أن يتقيد بأوامري، بل بدأ يركض بأشد قوته جهة السياج فقلت في نفسي سينكسر لا محالة فالسياج مرتفع ولا يمكن لأي خيل قفزه،ولكن تلك التوقعات تلاشت لما قفز الحصان من فوق السياج، فتبعته ولكنه ارتقى في أعالي الجبال حتى صار الإمساك به أمر مستحيل، حاولت لأكثر من شهر أن امسكه لكن دون جدوى فأكتفيت أن اطلقت عليه اسم "الشاهين"واصبح أهل القرية ينادوه ب"الحصان الصقر"كنت أريد أن أقدمه لك هدية ولكن أعذرني واختر أي أحد الخيول التي أمامك وبمجرد تشير له يصبح لك.
فقال "ذو":
- أي حصان أشير له سيكون لي ولن تعترض؟
فقال "السيف":
- وهل عرفت عني أني أرجع في كلامي؟
فقال "ذو":
- ابدا فمثلك لا يفعل ذلك ولكن أريد أن يرتاح قلبي. فقال "السيف":
- لك ذلك.
فأشار "ذو" جهة الجبل و"السيف" ينظر جهة يد"ذو" ويقول:
- الخيول أمامك فلما تشير للجبل؟
فقال "ذو":
- أريد "الشاهين".
فقال "السيف":
- لا يا"ذو" فذلك مجازفة.
قال "ذو":
- أنت وعدتني.
قال "السيف":
- أنا وعدتك ولكن لم اعتقد أنك ستختار "الشاهين".
كان السيف يعرف مدى شجاعة "ذو" ويعرف أنه مجازف لا يحسب للأخطار ولا للموت حسابا وخشي أن يحاول أن يركب "الشاهين" فينطلق به في الجبال فيسقط ويلقى حتفه، ولكن "السيف" رضخ لإصرار "ذو" فخرج هو و"ذو" للمكان الذي دوما يكون "الشاهين" متواجد فيه.
وبالفعل وقفا عند شجرة وكان "ذو" يمتطي فرسا اسمها "الثلج" لشدة بياضها، أنتظر عند الشجرة وما لبثوا إلا دقائق معدودة حتى وقعت عينا "ذو" على عينا "الشاهين" وسمعت أذناه صهيله، شعر"ذو" أن هذا مواصفات الخيل فاقت حتى أمنياته.
بدأ "ذو" يدقق النظر في "الشاهين" فشعر أن "الشاهين" ينظر إلى فرسه التي يمتطيها "الثلج"شعر "ذو" أن الخطة أصبحت جاهزة ولكن ليس اليوم تطبيقها،عاد "ذو" و"السيف" للقرية و"السيف" يحاول ان يقنع "ذو"بترك فكرة الإمساك ب"الشاهين" لكن "ذو" طلب من "السيف" أن يعيره "الثلج" فسأله "السيف":
- لما؟
فقال:
- أحسست أني ارتحت معها.
فرح "السيف" ووافق لعل الثلج تنسي "ذو" "الشاهين"
وباليوم التالي أخذ "ذو" "الثلج "وتوجه إلى "عيسى" وطلب مرافقته، فقال"عيسى":
- دعنا نمر "سليمان".
فرفض "ذو" وقال:
- أريدك أنت فقط.
وبالفعل وصلا إلى الشجرة وأخبر"عيسى" عن خطته
وقال "عيسى":
- وهل أخذت حصان واحد لأنك واثق أن تمسك ب"الشاهين" في يوم واحد و"السيف" وأهل القرية ظلوا شهرا كاملا ولم يستطيعوا ذلك؟
قال"ذو":
- كل ما عليك فعله الإختباء خلف تلك الأشجار وأنا سأتسلق هذه الشجرة فإن جاء "الشاهين" إلى "الثلج" سأقفز فوق ظهره.
لكن "ذو" تفاجأ من ردة فعل "عيسى"حيث أن "عيسى" لما سمع كلام "ذو" قال:
- انت مجنون.
ثم أراد أن ينصرف، فأمسك به "ذو" وقال:
- هل هذه قيمتي عندك تتركني؟
قال "عيسى":
- أنا لن أكون شريك معك في قتل نفسك، كيف تمتطي ظهر خيل متمرد على أرض جبلية؟
قال "ذو":
- أنا سأفعل ذلك بك أو بدونك ولكن كنت أرجو أن سقطت ومت وأنت معي ستحملني وتكفنني وتقبرني
ولكن أذهب فأن سقطت ومت ستأتي الذئاب وتأكلني وإذا بقي شيء من عظامي فتذكر أنك تركتني.
وقف "عيسى"وقال:
- ما المطلوب مني؟
قال "ذو":
- تختبئ خلف تلك الشجرة فإذا جاء "الشاهين" بقرب "الثلج" سأقفز على ظهره ثم أروضه، وأنت عليك إعادة "الثلج" إلى اسطبل "السيف".
ابتسم "عيسى" وقال:
-من يسمعك يقول أن المهمة سهلة جدا.
وبالفعل أختبأ "عيسى" خلف الأشجار و"ذو" تسلق الشجرة وقيد الفرس المسماه "الثلج" في الشجرة
ومع صهيل "الثلج" أقبل "الشاهين" اقترب منها حتى وصل عندها وبدأ يحاول أن يقطع قيدها لتذهب معه
ولكنه تفاجأ أن رجل ركب على ظهره وبدأ "الشاهين" بالركض والقفز، ولكن أقدام "ذو" كانت مثل المسامير مثبتة على ظهر "الشاهين"و"عيسى" يراقب الصراع المثير بين اثنين يحبان التمرد.
وظل "الشاهين" يصارع من أجل اسقاط "ذو" ولكنه فشل، وكما هو معروف فالخيل تعرف راكبها ف"الشاهين" يعرف حق المعرفة مدى شجاعة من فوقه فأستسلم للأمر الواقع، فخرج "عيسى" وهو يكبر ويقول:
-حتى "الشاهين" رضخ لك.
فركب "عيسى" "الثلج" وذهب هو و"ذو" لاسطبل "السيف" فلما رأى "السيف" "ذو" ممتطي "الشاهين" تبسم وقال:
- فوق "الشاهين" وبدون سرج ولا لجام أي فارس أنت يا "ذو"؟!
وأصبح أهل القرية يتكلمون عن قصة الحصان "الصقر" الذي انصاع ل"ذو" البطل، بدأ "ذو" يمشي مع رفاقه "عيسى" و"سليمان" فسألهم:
- ماذا فعلتم بعد التخرج من الثانوية؟
فقالا:
- أنت تعلم أن فضلنا البقاء في القرية ومساعدة أبوانا في رعاية املاكنا.
فقال "سليمان":
- وماذا ستفعل أنت؟
فتبسم "ذو" وقال :
-الرزق في السماء.
كان "ذو" يعشق الأسلحة ويعشق التعامل معها وكان يرى أن تهريب الاسلحة أمر لا يخل بالنظام بل أمر يزيد في الرجولة هذا ما كان "ذو" يقنع نفسه به وبينما هما يمشون تقابلوا مع ابن "عبدالرازق" وأحس "عيسى" و"سليمان" أن مشكلة كبيرة ستحدث بين بينه الابن و"ذو" ولكن حصلت المفاجأة التي أدهشتهما، حيث فتح الابن ذراعيه وضم "ذو" ورحب به واظهر سعادة في رجوع "ذو" إلى القرية، ثم طلب أن ينفرد ب"ذو" لبعض الوقت أمام دهشه "سليمان" و"عيسى" فكيف يظهر الابن هذا الود مع أن "ذو" ضرب أخاه ضربا مبرحا؟