الفصل الثالث والعشرون
وبعد أن استفرد الابن ب"ذو" عرض عليه أن يعمل معه في التجارة، فابتسم "ذو" وقال :
-هل أصبحت تسميها تجارة؟
وبدأ الابن يغري "ذو" بالأرباح الهائلة التي قد يجنيها أن أصبح شريكه، وبدأ يخبره عن صفقاته مع صديقه وشريكه "ناجي" والأرباح التي يجنونها، فقال "ذو" :
-أرباحكم هذه مقابل ضياع أسر وهلاك أنفس وضياع مجتمع بأكمله.
فقال الابن:
- لم نجبر أحد على التعاطي فقد نوفره لمن يريده وأن نحن لم نعطيه غيرنا سيعطيه.
ابتسم "ذو" وقال:
- أنا سأنصحك نصحيتان الأولى طريق تهريب المخدرات طريق هلاك فأترك السير فيه، وأيضا أنصحك من مرافقة "ناجي" فأنت تعرفه أكثر مني لن يتوانى أن يلقي بك للهلاك.
فقال الابن:
- أنا أعرف ذلك ومن أجل ذلك أريد أن تكون شريكي بدلا عنه.
فقال "ذو":
- أنت تعرف أنني لن أسلك هذا الطريق.
فقال الابن:
-وهل ستعود لتهريب الأسلحة؟
فقال "ذو":
- نعم.
فضحك الابن وقال:
- وما الفرق بيننا؟
فنظر "ذو" وقال:
- كالفرق بين الشهامة والنذالة.
ثم انصرف "ذو" وبدأ يتجول في القرية وبدأت أقدامه تأخذه لجبل الموت فتفاجأ بوجود "محماس" وكان رجل يرعى أغنام أهل القرية بمقابل اجر محدد فسأله "ذو":
- لما ترعى الأغنام هنا؟
فقال "محماس":
- هكذا طلب مني رجال القرية.
فقال "ذو":
- أن هذه الأماكن عليها مشاكل بيننا وبين قبيلة الشيخ "فرحان".
فقال "محماس":
- أعرف ذلك وأعرف أيضا أني سأكون أول ضحية أن صارت مشكلة على هذا المكان وأنت تعرف الفقر يجبرني أن أقبل أي عمل ولو كان يؤدي بي للهلاك.
فقال "ذو":
- ولما لا يرسلون معك رجال من أهل القرية ليحموك أن صارت مشكلة؟
فضحك "محماس" وقال:
- ومن يهتم بي أن قتلت فأنت تعرف أني لست سوى من طرف القبيلة فهم لن يثأروا لي بل سيضغطون على قبيلة الشيخ "فرحان" بالمطالبة بدمي فيأخذون ما يريدون ودمي يصبح هباء منثور.
فقال "ذو":
- أنت أخي يا "محماس" وتالله أن لو أعتدوا عليك لن أترك دمك يذهب هباء منثوروسوف أذهب وأكلم الشيخ"حسيب"أن يرسل معك رجال ليحموك.
وبينما"ذو" في الطريق حدث ما لم يكن في الحسبان، فلما أقترب "ذو" من بيت الشيخ"حسيب" بدأ يسمع صراخ وضجيج، وكان ثلاثة من أهل القرية يحملون رجل فأوقفهم "ذو" فتفاجأ أن "محماس" هو الرجل الذي يحملوه وقد اصبح مغطى بالدم ،عرف "ذو" أن "محماس" قد فارق الحياة فسألهم:
- مالذي حدث؟
فقالوا:
-سمعنا اطلاق نار فأتجهنا لصوت الإطلاق الذي كان عند جبل الموت فوجدنا رجال الشيخ"فرحان" متمركزين في جبل الموت فنادونا وقالوا خذوا راعيكم وقولوا لشيخكم من يأتي هنا سيموت.
تذكر "ذو" كلامه ل"محماس" ثم أطلق رجله للريح وقد عزم أن يثأر لدم "محماس"وصل الرجال إلى الشيخ"حسيب" وكان "السيف" معه فأخبروه بما حدث وأخبروه أيضا أن "ذو" قابلهم ثم ركض غاضبا جهة الجبل، فقال"السيف":
-وجب الآن سفك الدم فما دام "ذو" أنطلق فلا لن يعود إلا وقد أخذ ثأره.
ثم استأذن "السيف" من الشيخ"حسيب" ليتبع "ذو" مع رجال القرية، وبالفعل أخذ "السيف" بعض رجال القرية وذهبوا لجبل الموت، ولكنهم تحاصروا من جهة جبل الموت الذي يتمركز فيه عشرة مبندقين وباقي رجال الشيخ "فرحان" أمامهم، وأصبح موقف "السيف" ورجاله محرج فلقد قتل منهم أربعة، وبدأ "السيف" يلتفت يمين ويسار ويبحث عن"ذو" ولكن لم يره، شعر "السيف" أن نهايته ونهاية رجاله قربت
فالرجال المتمركزين في جبل الموت يستطيعون أصابتهم بسهولة أن تحركوا من مكانهم، فقال"السيف":
- لا حل لنا سوى المجازفة فأنا سأحاول ان اصعد جبل الموت فأن نجحت فقد ننجو وأن فشلت فليحاول رجل آخر بعدي.
فأنطلق "السيف" يركض ويصعد الجبل لكن ما أدهشه أن الرجال المتمركزين في الجبل لم يطلقوا ولا طلقة واحدة، فلما وصل قمة الجبل وجد العشرة الرجال قد ماتوا فنظر لجبل "الخرافة" فرأى شيء يلمع وكان"ذو" يؤشر له، فتذكر "السيف" ما فعله "منصور" وعرف أن "ذو' كرر فعلة أبيه.
فبدأ "السيف" يصرخ لرجاله ويقول:
- قضى "ذو" على الرجال المبندقين والآن صار الجبل بحوزتنا ثم بدأت كفة المعركة تنحاز "للسيف" ورجاله وقتلوا أربعة وتركوا الباقين يلوذوا بالفرار
ثم بدأت الأخبار تنتشر في القرية عن خرافة "ذو" الذي ابطل خرافة جبل الخرافة وجعل من نفسه خرافة.
سمع الشيخ "جبران" ما حدث بين قبيلةالشيخ"حسيب" وقبيلة الشيخ "فرحان" فأرسل رجلان لكلا القبيلتان يحذرهم أن الأمور ليست متروكه على الغارب وأن الدولة لو علمت بما حدث فستعاقب الجميع وستبيض الأرض المتنازع عليها ونصحهم أن يرضوا بالصلح
وافقت كلتا القبيلتان على أن يكون الشيخ"جبران" الحكم، ولكن كانت هناك احداث كبيرة تجري في قبيلة الشيخ "فرحان"حيث أصبح هناك نقاش واحد أن غريمهم هو "ذو" فهو قد قتل عشرة من رجالهم
حيث اجتمع الشيخ "فرحان" برجاله وقال:
- أما الأربعة الذين قتلوا من قبيلة الشيخ"حسيب" سيكون مقابلهم الأربعة الذين قتلوا أثناء التلاحم
،أما العشرة الذين قتلوا في جبل الموت فغريمنا واحد ولن نرضى بغير دمه وعلى ذلك أتفق الجميع.
ولما أجتمع الشيخان مع رجالهم عند الشيخ"جبران"
بدأ الشيخ"جبران" يحذرهم من ويلات الثأر وأيضا حثهم على الصلح وقال:
-في البداية سنحل اساس المشكلة وهي الأرض المتنازع عليها.
وبالفعل استطاع الشيخ"جبران" إقناع كلا القبيلتان بقسمة عادلة، ولكن الشيخ" فرحان" علق موافقته بأن يسلم له "ذو" فيأخذوا بدم رجالهم فينتهي بعد الثأر بينهم، لما سمع الشيخ"حسيب" هذا الكلام غضب غضبا شديدا وقال:
- لن تلمسوا "ذو" إلا بعد أن تقتلونا جميعا.
فعادت المشكلة من جديد، فهدأ الشيخ"جبران" الحضور وطلب كل منهم بالذهاب إلى المكان الذي أعده لهم للضيافة، وجلس يفكر ثم وبعد صلاة العشاء خطرت بباله فكرة فذهب بأقصى سرعة إلى الشيخ "فرحان" وأخبره بفكرته.
جلس الشيخ "فرحان" حائر يفكر وقال:
- سوف أستشير جماعتي ثم أرد لك خبرا بعد صلاة الظهر.
جمع الشيخ" فرحان" رجاله وطرح عليهم الفكرة، فوافق الجميع ما عدا رجل قد عاش سنون طويلة في هذه الحياة وقال لهم:
- أنكم قوم تجهلون.
فغضب القوم منه وقالوا له:
- لما تصفنا بالجهل؟
فقال:
- سأسألكم سؤال واحد فقط فأن أجبتبوني سوف أعتذر لكم عن إساءتي وأن لم تكون تعرفون فيجب أن تعترفوا بجهلكم.
فقالوا:
- أسأل؟
فقال:
- هل أحد منكم يعرف "ذو" أو قد رآه؟
فأجاب الجميع:
- لا.
فقال:
- فكيف توافقون على هذه الفكرة؟
فقام رجل وقال:
- وهل تشك بقوة علي العملاق والبارود وأبو الخناجر؟
فقال:
- لا أشك بقوتهم ولكن أخشى قوة" ذو".
فقالوا له:
- وماذا ترى؟
قال:
- غدا أريدكم أن تدلوني على "ذو" فإن صافحته سأعرف من خلال مصافحتي له أي الرجال هو.
وبالفعل في صباح اليوم التالي أخذوه إلى مكان ضيافتهم، فدخل الرجل المسن فسلم عليهم وبدأ يسأل عن "ذو' فأشاروا عليه فذهب له وصافحه ونظر في عيناه، شعر الرجل المسن بالرعب من نظرات "ذو"
ثم قال:
- ماذا يكون لك "منصور"؟
سكت "ذو" ولم يجب، فسأله مرة أخرى:
- ما صلة قرابتك ب"منصور"؟
وظل "ذو" صامتا، فقال الشيخ "حسيب":
- أباه.
فهز الرجل المسن رأسه:
- كنت فقط أنتظر التأكيد فهذه العينان عينا "منصور".
فذهب الرجل المسن لقبيلته فقالوا له:
- ماذا رأيت؟
فقال:
- رأيت رجل من مردة الجن وليس من الجن وحسب
أتعرفون من أباه؟
فقالوا :
-من؟
فقال:
- "منصور" الذي سرق حلالكم وقيد فرسانكم.
فتذكروا لما فقدوا بعض خرفانهم فتبع "علي العملاق" و"أبو الخناجر" وأثنان معهم الأثر حتى لحقوا ب"منصور" فأشتبكوا معه فهزمهم بل وقيدهم وأكمل طريقه مع الخرفان التي سرقها.
قال الشيخ "فرحان":
- لو واجه"منصور" البارود لما حصل ذلك، وهل تريدنا أن نرفض فيصفونا بالجبن؟
وافق الجميع فذهب الشيخ"فرحان" إلى الشيخ"جبران" وأخبره بموافقته، فذهب الشيخ"فرحان" ليطرح فكرته للشيخ "حسيب" فاستقبله الشيخ"حسيب" وقال:
- قل فكرتك يا شيخ "جبران".
فقال الشيخ "جبران":
- سيخرج عشرة رجال من قبيلة الشيخ "فرحان" يكونون أقرباء العشرة الذين قتلهم "ذو" ويتعهدون أن لا يطالب أحدهم بدم "ذو" بعد أن يأخذ كل واحد فرصته في مواجهة "ذو" فإن استطاع أحدهم قتل"ذو" فعليكم أن تتعهدوا بأن لا تثأروا له، وأن أستطاع "ذو" قتل العشرة رجال فليس لأحد بعد ذلك الحق في أن يثأر لهم.
سكت الشيخ"حسيب" قليلا فبدأ الرجال يقولون للشيخ"حسيب":
- دعنا نتشاور.
لكن الشيخ"حسيب" قاطعهم وسأل الشيخ "جبران":
- هل وافق الشيخ "فرحان"؟
فقال:
- نعم.
فقال الشيخ"حسيب":
- ونحن موافقون.
فبدأت الأصوات تتعالى فنظر الشيخ"جبران" إلى الشيخ"حسيب" فأعاد الشيخ"حسيب" كلامه وبعد أن رحل الشيخ"جبران"قال "السيف" للشيخ"حسيب":
- ألا تعلم أن من بين القتلى شقيق"البارود"؟
فقال الشيخ"حسيب":
- أنا أثق ب"ذو".
عرف"ذو" بما حدث ولم يظهر أي إكتراث وبالفعل تم تحديد المكان وكان في مكان مرتفع ومستوي وتم تحديد الوقت بعد أسبوع من الآن وانتظر الجميع ذلك اليوم، وخلال هذا الأسبوع كانت تحدث مشاكل في قبيلة الشيخ"فرحان" وكان سبب الإختلاف هو في من سيبدأ أولا فالكل يريد أن يكون الأول حتى يتسنى له قتل"ذو" والثأر لقريبه، والرجل المسن يضحك ويسخر منهم ويقول:
- عجبا لهؤلاء الرجال يتخاصمون في من يلقى حتفه أولا.
جاء الشيخ"فرحان" ورأى ما حدث فجمعهم وبدأ يتكلم ويقول:
-هل تعدوني شيخكم؟
قالوا:
- نعم.
قال:
-وهل سترضون بحكمي؟
قالوا:
- نعم.
فبدأ يرتبهم فلما وصل للرقم السابع جعل فيه "أبو الخناجر"وجعل "علي العملاق" الرقم الثامن وجعل "البارود" التاسع، وبدأ الشيخ"فرحان" يلتفت يمين ويسار وقال:
- بقي واحد.
فقالوا:
-بقي ولد العجوز.
وما لبث قليلا إلا وعجوزا داخله تسحب ولدها الذي لم يتجاوز الخامسة عشر وقالت:
- أن ولدي "مشعل" سيثأر لأخوه.
فقال الشيخ"فرحان":
- إبنك سيكون رقمه العاشر في مواجهة"ذو".
غضبت العجوز وقالت:
-أن نجا "ذو" من الستة الرجال الأولين فلن ينجو أن قابل "ابو الخناجر" و"علي العملاق" وأن نجا منهما من المستحيل أن ينجو من "البارود".
فقال الشيخ "فرحان":
- قد تم التقسيم وقضي الأمر.
شعر "مشعل" براحة كبيرة فهو لن يضطر لمواجهة "ذو"وجاء الوقت المحدد وألتقى الجميع في المكان المحدد،وقف العشرة رجال على حسب ترتيب الشيخ "فرحان" لهم، ثم أراد "ذو" النزول في ساحة القتال لكن الشيخ"حسيب" أمسك به وقال:
- يا "ذو" لا تقتل أحدا منهم بل أصبهم اصابات تجعلهم ينسحبوا من مواصلة قتالك.
هز "ذو" رأسه بالموافقة، وذهب الشيخ"حسيب" وجلس بجوار الشيخ"جبران" الذي كان يجلس بجواره الشيخ"فرحان"فقال الشيخ "جبران" للشيخ"فرحان": -نادي أول رجالك.
وبالفعل نادى الشيخ "فرحان" أول رجاله، وقبل أن يبدأ القتال دخل الابن الاكبر ل"عبدالرازق"ساحة القتال وقال بصوت عال:
- لن أترك "ذو" يقاتل عشرة رجال وحده.
وأبوه وأخوه وقبيلته في دهشة شديدة مما يحدث
نظر "ذو" إلى الابن ثم قال:
- لك خياران فقط أما أن تصف مع هؤلاء الرجال وتقاتلني أو تخرج من هنا.
أبتسم الابن وقال:
- أردت فقط مساعدتك ولكن ما دمت لا تريد فلك ذلك.
ثم خرج الابن و اكتفى بالمراقبة، وبدأ العراك بين الرجل الأول و"ذو" ولم يستمر العراك لأكثر من ثانية حيث ضرب "ذو" الرجل على بطنه فأغمي عليه، ثم أنطلق الثاني فأمسك "ذو" رأسه بيده وبدأ يشد رأسه ويقول له:
- قل أريد أن أنسحب.
وبالفعل لم يستطع الرجل تحمل الألم فأنسحب وبدأ الرجال يتساقطون حتى وصل الدور "لابو الخناجر"
استعد "أبو الخناجر" للقتال وكان مشهور بإستخدام الخناجر ولقد عرفت عنه قصة الثلاثة الذئاب التي هاجمته وأستطاع قتلها بخنجرة دون أن تجرحه
وبدأ يحاول أن يطعن "ذو" بخنجره، لكن "ذو" أمسك يده التي تمسك الخنجر وبحركة قتالية كسر يده التي تحمل الخنجر ثم سقط على ركبتيه يتألم وبدأ يزحف حتى خرج من ساحة القتال.
ثم جاء دور"علي العملاق"والكل توقع أن هذا النزال سيكون طويلا ولكن تفاجأ "علي العملاق" بضربة على ركبته تعلمها "ذو" من فنون قتال الشوارع
فما استطاع "علي العملاق" أن يقف، بقي آمال الشيخ "فرحان" منصبه على "البارود" وسمي بهذا الإسم لأنه كان لا يخطي إصابة أي هدف يريد اصابته مهما كان صغره او بعده، وأيضا عرف عنه مهارته في استخدام السيف بكلتا يداه فهو يقاتل بسيفين.
-هل أصبحت تسميها تجارة؟
وبدأ الابن يغري "ذو" بالأرباح الهائلة التي قد يجنيها أن أصبح شريكه، وبدأ يخبره عن صفقاته مع صديقه وشريكه "ناجي" والأرباح التي يجنونها، فقال "ذو" :
-أرباحكم هذه مقابل ضياع أسر وهلاك أنفس وضياع مجتمع بأكمله.
فقال الابن:
- لم نجبر أحد على التعاطي فقد نوفره لمن يريده وأن نحن لم نعطيه غيرنا سيعطيه.
ابتسم "ذو" وقال:
- أنا سأنصحك نصحيتان الأولى طريق تهريب المخدرات طريق هلاك فأترك السير فيه، وأيضا أنصحك من مرافقة "ناجي" فأنت تعرفه أكثر مني لن يتوانى أن يلقي بك للهلاك.
فقال الابن:
- أنا أعرف ذلك ومن أجل ذلك أريد أن تكون شريكي بدلا عنه.
فقال "ذو":
- أنت تعرف أنني لن أسلك هذا الطريق.
فقال الابن:
-وهل ستعود لتهريب الأسلحة؟
فقال "ذو":
- نعم.
فضحك الابن وقال:
- وما الفرق بيننا؟
فنظر "ذو" وقال:
- كالفرق بين الشهامة والنذالة.
ثم انصرف "ذو" وبدأ يتجول في القرية وبدأت أقدامه تأخذه لجبل الموت فتفاجأ بوجود "محماس" وكان رجل يرعى أغنام أهل القرية بمقابل اجر محدد فسأله "ذو":
- لما ترعى الأغنام هنا؟
فقال "محماس":
- هكذا طلب مني رجال القرية.
فقال "ذو":
- أن هذه الأماكن عليها مشاكل بيننا وبين قبيلة الشيخ "فرحان".
فقال "محماس":
- أعرف ذلك وأعرف أيضا أني سأكون أول ضحية أن صارت مشكلة على هذا المكان وأنت تعرف الفقر يجبرني أن أقبل أي عمل ولو كان يؤدي بي للهلاك.
فقال "ذو":
- ولما لا يرسلون معك رجال من أهل القرية ليحموك أن صارت مشكلة؟
فضحك "محماس" وقال:
- ومن يهتم بي أن قتلت فأنت تعرف أني لست سوى من طرف القبيلة فهم لن يثأروا لي بل سيضغطون على قبيلة الشيخ "فرحان" بالمطالبة بدمي فيأخذون ما يريدون ودمي يصبح هباء منثور.
فقال "ذو":
- أنت أخي يا "محماس" وتالله أن لو أعتدوا عليك لن أترك دمك يذهب هباء منثوروسوف أذهب وأكلم الشيخ"حسيب"أن يرسل معك رجال ليحموك.
وبينما"ذو" في الطريق حدث ما لم يكن في الحسبان، فلما أقترب "ذو" من بيت الشيخ"حسيب" بدأ يسمع صراخ وضجيج، وكان ثلاثة من أهل القرية يحملون رجل فأوقفهم "ذو" فتفاجأ أن "محماس" هو الرجل الذي يحملوه وقد اصبح مغطى بالدم ،عرف "ذو" أن "محماس" قد فارق الحياة فسألهم:
- مالذي حدث؟
فقالوا:
-سمعنا اطلاق نار فأتجهنا لصوت الإطلاق الذي كان عند جبل الموت فوجدنا رجال الشيخ"فرحان" متمركزين في جبل الموت فنادونا وقالوا خذوا راعيكم وقولوا لشيخكم من يأتي هنا سيموت.
تذكر "ذو" كلامه ل"محماس" ثم أطلق رجله للريح وقد عزم أن يثأر لدم "محماس"وصل الرجال إلى الشيخ"حسيب" وكان "السيف" معه فأخبروه بما حدث وأخبروه أيضا أن "ذو" قابلهم ثم ركض غاضبا جهة الجبل، فقال"السيف":
-وجب الآن سفك الدم فما دام "ذو" أنطلق فلا لن يعود إلا وقد أخذ ثأره.
ثم استأذن "السيف" من الشيخ"حسيب" ليتبع "ذو" مع رجال القرية، وبالفعل أخذ "السيف" بعض رجال القرية وذهبوا لجبل الموت، ولكنهم تحاصروا من جهة جبل الموت الذي يتمركز فيه عشرة مبندقين وباقي رجال الشيخ "فرحان" أمامهم، وأصبح موقف "السيف" ورجاله محرج فلقد قتل منهم أربعة، وبدأ "السيف" يلتفت يمين ويسار ويبحث عن"ذو" ولكن لم يره، شعر "السيف" أن نهايته ونهاية رجاله قربت
فالرجال المتمركزين في جبل الموت يستطيعون أصابتهم بسهولة أن تحركوا من مكانهم، فقال"السيف":
- لا حل لنا سوى المجازفة فأنا سأحاول ان اصعد جبل الموت فأن نجحت فقد ننجو وأن فشلت فليحاول رجل آخر بعدي.
فأنطلق "السيف" يركض ويصعد الجبل لكن ما أدهشه أن الرجال المتمركزين في الجبل لم يطلقوا ولا طلقة واحدة، فلما وصل قمة الجبل وجد العشرة الرجال قد ماتوا فنظر لجبل "الخرافة" فرأى شيء يلمع وكان"ذو" يؤشر له، فتذكر "السيف" ما فعله "منصور" وعرف أن "ذو' كرر فعلة أبيه.
فبدأ "السيف" يصرخ لرجاله ويقول:
- قضى "ذو" على الرجال المبندقين والآن صار الجبل بحوزتنا ثم بدأت كفة المعركة تنحاز "للسيف" ورجاله وقتلوا أربعة وتركوا الباقين يلوذوا بالفرار
ثم بدأت الأخبار تنتشر في القرية عن خرافة "ذو" الذي ابطل خرافة جبل الخرافة وجعل من نفسه خرافة.
سمع الشيخ "جبران" ما حدث بين قبيلةالشيخ"حسيب" وقبيلة الشيخ "فرحان" فأرسل رجلان لكلا القبيلتان يحذرهم أن الأمور ليست متروكه على الغارب وأن الدولة لو علمت بما حدث فستعاقب الجميع وستبيض الأرض المتنازع عليها ونصحهم أن يرضوا بالصلح
وافقت كلتا القبيلتان على أن يكون الشيخ"جبران" الحكم، ولكن كانت هناك احداث كبيرة تجري في قبيلة الشيخ "فرحان"حيث أصبح هناك نقاش واحد أن غريمهم هو "ذو" فهو قد قتل عشرة من رجالهم
حيث اجتمع الشيخ "فرحان" برجاله وقال:
- أما الأربعة الذين قتلوا من قبيلة الشيخ"حسيب" سيكون مقابلهم الأربعة الذين قتلوا أثناء التلاحم
،أما العشرة الذين قتلوا في جبل الموت فغريمنا واحد ولن نرضى بغير دمه وعلى ذلك أتفق الجميع.
ولما أجتمع الشيخان مع رجالهم عند الشيخ"جبران"
بدأ الشيخ"جبران" يحذرهم من ويلات الثأر وأيضا حثهم على الصلح وقال:
-في البداية سنحل اساس المشكلة وهي الأرض المتنازع عليها.
وبالفعل استطاع الشيخ"جبران" إقناع كلا القبيلتان بقسمة عادلة، ولكن الشيخ" فرحان" علق موافقته بأن يسلم له "ذو" فيأخذوا بدم رجالهم فينتهي بعد الثأر بينهم، لما سمع الشيخ"حسيب" هذا الكلام غضب غضبا شديدا وقال:
- لن تلمسوا "ذو" إلا بعد أن تقتلونا جميعا.
فعادت المشكلة من جديد، فهدأ الشيخ"جبران" الحضور وطلب كل منهم بالذهاب إلى المكان الذي أعده لهم للضيافة، وجلس يفكر ثم وبعد صلاة العشاء خطرت بباله فكرة فذهب بأقصى سرعة إلى الشيخ "فرحان" وأخبره بفكرته.
جلس الشيخ "فرحان" حائر يفكر وقال:
- سوف أستشير جماعتي ثم أرد لك خبرا بعد صلاة الظهر.
جمع الشيخ" فرحان" رجاله وطرح عليهم الفكرة، فوافق الجميع ما عدا رجل قد عاش سنون طويلة في هذه الحياة وقال لهم:
- أنكم قوم تجهلون.
فغضب القوم منه وقالوا له:
- لما تصفنا بالجهل؟
فقال:
- سأسألكم سؤال واحد فقط فأن أجبتبوني سوف أعتذر لكم عن إساءتي وأن لم تكون تعرفون فيجب أن تعترفوا بجهلكم.
فقالوا:
- أسأل؟
فقال:
- هل أحد منكم يعرف "ذو" أو قد رآه؟
فأجاب الجميع:
- لا.
فقال:
- فكيف توافقون على هذه الفكرة؟
فقام رجل وقال:
- وهل تشك بقوة علي العملاق والبارود وأبو الخناجر؟
فقال:
- لا أشك بقوتهم ولكن أخشى قوة" ذو".
فقالوا له:
- وماذا ترى؟
قال:
- غدا أريدكم أن تدلوني على "ذو" فإن صافحته سأعرف من خلال مصافحتي له أي الرجال هو.
وبالفعل في صباح اليوم التالي أخذوه إلى مكان ضيافتهم، فدخل الرجل المسن فسلم عليهم وبدأ يسأل عن "ذو' فأشاروا عليه فذهب له وصافحه ونظر في عيناه، شعر الرجل المسن بالرعب من نظرات "ذو"
ثم قال:
- ماذا يكون لك "منصور"؟
سكت "ذو" ولم يجب، فسأله مرة أخرى:
- ما صلة قرابتك ب"منصور"؟
وظل "ذو" صامتا، فقال الشيخ "حسيب":
- أباه.
فهز الرجل المسن رأسه:
- كنت فقط أنتظر التأكيد فهذه العينان عينا "منصور".
فذهب الرجل المسن لقبيلته فقالوا له:
- ماذا رأيت؟
فقال:
- رأيت رجل من مردة الجن وليس من الجن وحسب
أتعرفون من أباه؟
فقالوا :
-من؟
فقال:
- "منصور" الذي سرق حلالكم وقيد فرسانكم.
فتذكروا لما فقدوا بعض خرفانهم فتبع "علي العملاق" و"أبو الخناجر" وأثنان معهم الأثر حتى لحقوا ب"منصور" فأشتبكوا معه فهزمهم بل وقيدهم وأكمل طريقه مع الخرفان التي سرقها.
قال الشيخ "فرحان":
- لو واجه"منصور" البارود لما حصل ذلك، وهل تريدنا أن نرفض فيصفونا بالجبن؟
وافق الجميع فذهب الشيخ"فرحان" إلى الشيخ"جبران" وأخبره بموافقته، فذهب الشيخ"فرحان" ليطرح فكرته للشيخ "حسيب" فاستقبله الشيخ"حسيب" وقال:
- قل فكرتك يا شيخ "جبران".
فقال الشيخ "جبران":
- سيخرج عشرة رجال من قبيلة الشيخ "فرحان" يكونون أقرباء العشرة الذين قتلهم "ذو" ويتعهدون أن لا يطالب أحدهم بدم "ذو" بعد أن يأخذ كل واحد فرصته في مواجهة "ذو" فإن استطاع أحدهم قتل"ذو" فعليكم أن تتعهدوا بأن لا تثأروا له، وأن أستطاع "ذو" قتل العشرة رجال فليس لأحد بعد ذلك الحق في أن يثأر لهم.
سكت الشيخ"حسيب" قليلا فبدأ الرجال يقولون للشيخ"حسيب":
- دعنا نتشاور.
لكن الشيخ"حسيب" قاطعهم وسأل الشيخ "جبران":
- هل وافق الشيخ "فرحان"؟
فقال:
- نعم.
فقال الشيخ"حسيب":
- ونحن موافقون.
فبدأت الأصوات تتعالى فنظر الشيخ"جبران" إلى الشيخ"حسيب" فأعاد الشيخ"حسيب" كلامه وبعد أن رحل الشيخ"جبران"قال "السيف" للشيخ"حسيب":
- ألا تعلم أن من بين القتلى شقيق"البارود"؟
فقال الشيخ"حسيب":
- أنا أثق ب"ذو".
عرف"ذو" بما حدث ولم يظهر أي إكتراث وبالفعل تم تحديد المكان وكان في مكان مرتفع ومستوي وتم تحديد الوقت بعد أسبوع من الآن وانتظر الجميع ذلك اليوم، وخلال هذا الأسبوع كانت تحدث مشاكل في قبيلة الشيخ"فرحان" وكان سبب الإختلاف هو في من سيبدأ أولا فالكل يريد أن يكون الأول حتى يتسنى له قتل"ذو" والثأر لقريبه، والرجل المسن يضحك ويسخر منهم ويقول:
- عجبا لهؤلاء الرجال يتخاصمون في من يلقى حتفه أولا.
جاء الشيخ"فرحان" ورأى ما حدث فجمعهم وبدأ يتكلم ويقول:
-هل تعدوني شيخكم؟
قالوا:
- نعم.
قال:
-وهل سترضون بحكمي؟
قالوا:
- نعم.
فبدأ يرتبهم فلما وصل للرقم السابع جعل فيه "أبو الخناجر"وجعل "علي العملاق" الرقم الثامن وجعل "البارود" التاسع، وبدأ الشيخ"فرحان" يلتفت يمين ويسار وقال:
- بقي واحد.
فقالوا:
-بقي ولد العجوز.
وما لبث قليلا إلا وعجوزا داخله تسحب ولدها الذي لم يتجاوز الخامسة عشر وقالت:
- أن ولدي "مشعل" سيثأر لأخوه.
فقال الشيخ"فرحان":
- إبنك سيكون رقمه العاشر في مواجهة"ذو".
غضبت العجوز وقالت:
-أن نجا "ذو" من الستة الرجال الأولين فلن ينجو أن قابل "ابو الخناجر" و"علي العملاق" وأن نجا منهما من المستحيل أن ينجو من "البارود".
فقال الشيخ "فرحان":
- قد تم التقسيم وقضي الأمر.
شعر "مشعل" براحة كبيرة فهو لن يضطر لمواجهة "ذو"وجاء الوقت المحدد وألتقى الجميع في المكان المحدد،وقف العشرة رجال على حسب ترتيب الشيخ "فرحان" لهم، ثم أراد "ذو" النزول في ساحة القتال لكن الشيخ"حسيب" أمسك به وقال:
- يا "ذو" لا تقتل أحدا منهم بل أصبهم اصابات تجعلهم ينسحبوا من مواصلة قتالك.
هز "ذو" رأسه بالموافقة، وذهب الشيخ"حسيب" وجلس بجوار الشيخ"جبران" الذي كان يجلس بجواره الشيخ"فرحان"فقال الشيخ "جبران" للشيخ"فرحان": -نادي أول رجالك.
وبالفعل نادى الشيخ "فرحان" أول رجاله، وقبل أن يبدأ القتال دخل الابن الاكبر ل"عبدالرازق"ساحة القتال وقال بصوت عال:
- لن أترك "ذو" يقاتل عشرة رجال وحده.
وأبوه وأخوه وقبيلته في دهشة شديدة مما يحدث
نظر "ذو" إلى الابن ثم قال:
- لك خياران فقط أما أن تصف مع هؤلاء الرجال وتقاتلني أو تخرج من هنا.
أبتسم الابن وقال:
- أردت فقط مساعدتك ولكن ما دمت لا تريد فلك ذلك.
ثم خرج الابن و اكتفى بالمراقبة، وبدأ العراك بين الرجل الأول و"ذو" ولم يستمر العراك لأكثر من ثانية حيث ضرب "ذو" الرجل على بطنه فأغمي عليه، ثم أنطلق الثاني فأمسك "ذو" رأسه بيده وبدأ يشد رأسه ويقول له:
- قل أريد أن أنسحب.
وبالفعل لم يستطع الرجل تحمل الألم فأنسحب وبدأ الرجال يتساقطون حتى وصل الدور "لابو الخناجر"
استعد "أبو الخناجر" للقتال وكان مشهور بإستخدام الخناجر ولقد عرفت عنه قصة الثلاثة الذئاب التي هاجمته وأستطاع قتلها بخنجرة دون أن تجرحه
وبدأ يحاول أن يطعن "ذو" بخنجره، لكن "ذو" أمسك يده التي تمسك الخنجر وبحركة قتالية كسر يده التي تحمل الخنجر ثم سقط على ركبتيه يتألم وبدأ يزحف حتى خرج من ساحة القتال.
ثم جاء دور"علي العملاق"والكل توقع أن هذا النزال سيكون طويلا ولكن تفاجأ "علي العملاق" بضربة على ركبته تعلمها "ذو" من فنون قتال الشوارع
فما استطاع "علي العملاق" أن يقف، بقي آمال الشيخ "فرحان" منصبه على "البارود" وسمي بهذا الإسم لأنه كان لا يخطي إصابة أي هدف يريد اصابته مهما كان صغره او بعده، وأيضا عرف عنه مهارته في استخدام السيف بكلتا يداه فهو يقاتل بسيفين.