الفصل السادس والعشرون
بقى "ذو" ورفاقه في ضيافة عم "مصعب" الذي تغير في تعامله معهم، فهو كان يظن أن هؤلاء شباب مدينة أخذتهم الحضارة الزائفة والترف الزائد إلى نقص حاد في تصرفاتهم الرجولية، حيث أصبح تصرفاتهم أقرب لتصرف الفتيات، وبدأ "راغب" يقصد الأبيات لأصدقاء "مصعب" ويحكي لهم حكايات الأجداد وصعوبة العيش في ذلك الوقت فالفقر والخوف هما السائدان في ذلك الزمن.
بينما كان "ذو" وصديقاه يستمتعان بالجلوس في البر كانت هناك أحداث جديدة تحدث في القرية حيث رجع لها رجل غاب عنها طويلا شقيق "الشيماء" التي حملت ب"ذو" انه "جاسر".
رجع إلى القرية والأحقاد تملأ صدره فهو يريد الإنتقام من رجل سلب منهم شرفهم ، لكن هذا الرجل قد رحل من هذه الدنيا، ولكن أحقاد"جاسر" لم ترحل معه فهو يرى أن أم"منصور" وابنها "حسن" بقيا ليدفعا ثمن ما فعله "منصور" وقبل أن نخوض فيما يريد فعله"جاسر" لنعرف ما حدث له بعد أن سافر إلى_ القاهرة_إلى نسيبه"ياسين".
بالطبع وصل "جاسر"الى _القاهرة_ مع أبيه وأخته "الشيماء"التي بقدومها أيقظت مشاعر كانت قد سكنت في قلب"ياسين"،بالطبع وبعد شهرين ومع صراع كبير مع الهم والحزن فكلما رأى أبو"جاسر" بنته "الشيماء" يأكل قلبه الحزن، فكيف لم يحميها وهي كانت تحت أنياب بشرية أشد من أنياب الوحوش، فلم يستطع أبو"جاسر" العيش وفاضت روحه للسماء، اما "جاسر" كان يملك مبلغ لا بأس به ولكنه حائر ما يفعل به، فكانت "الشيماء" تعطيه أفكار استثمارية رائعة، لكن"جاسر"كان ينظر لأخته بإزدراء فهو يرى أنها عار لن ينمحي إلا بموتها، فلم يصغي لكلامها.
وظل ساكن مع نسيبه "ياسين" الذي كان يملك بيت بدورين منح ل"جاسر" وأخته أحد هذه الأدوار، وبدأت "سميرة" تشعر أن"ياسين" لم يعد قريبا منها ، بل شعرت من أسئلة"ياسين" عن "الشيماء" ونفسيتها عن حب صامت يكبر في قلب "ياسين" ولكنها ظلت صامتة، ولكن الأيام وتوالي الشهور جعلت"سميرة" تشعر بصداع شديد كان يأتيها في الماضي ،ولكن هذه الأيام أصبح أشد فعمل لها فحوصات ليأتي الخبر الذي لا نعرف هل سيفرح زوجها"ياسين"أو يحزنه؟
بالطبع أظهرت الفحوصات أن "سميرة" مصابة بورم خبيث، لما عرف"ياسين" ذلك أحس بإحساس غريب، أحس بحزن يخالطه فرح، فهو حزين بأن تصاب زوجته التي أحسنت عشرته وبذلت كل جهدها من أجل إسعاده، وفرح أن أمل جديد عاد قد يحقق حلمه بالزواج من الفتاة التي سكنت قلبه.
بقيت'الشيماء" بجوار أختها "سميرة" وكان المرض يزيد كل مرة فلما أحست "سميرة" أن المنية قربت
كانت تريد أن تحقق حلم زوجها الذي عرفته من خلال هفوات لسانه، فهي بذلك سترمي عصفوران بحجر واحد،ف"ياسين" ومن خلال عشرته معها عرفت أنه شاب طيب إلى أبعد الحدود، وأيضا أختها فتاة شريفة وطيبة لأبعد الحدود لكن الله ابتلاها ليمتحنها، فقررت أن تكون هي حلقة الوصل في زواج "ياسين"ب"الشيماء" بعد موتها.
أمسكت "سميرة" بيد أختها وقالت:
- أريدك أن تعديني.
فقال "الشيماء":
-بماذا أعدك؟
فقالت"سميرة":
- عديني أولا أن تفعلي ما اطلبه منك.
فقالت "الشيماء":
-أعدك.
فابتسمت"سميرة" وطلبت من "الشيماء"أن ترضى ب"ياسين" زوج لها بعد وفاتها.
انفجعت "الشيماء"من كلام أختها وبدأت تحاول أن تجعلها تطرد اليأس من قلبها وتذكرها أن الأعمار بيد الله، لكن "سميرة" قالت:
- تذكري أنك وعدتيني.
ثم بعد دقائق جاء"ياسين" يطمئن على "سميرة" فانصرفت "الشيماء" وجلس"ياسين" بجوار زوجته
وكان معه وردة حمراء قدمها لها وقال:
- رأيتها في الحديقة فشعرت أنها تشبهك فقطفتها، لأعرف هل يوجد بينكما شيء مختلف ولكن الحقيقة اتضحت لي لما اصبحت الوردة بجوارك أن جمالك فاق جمال الوردة بكثير.
ابتسمت "سميرة"وقالت:
-عيناك هما الجميلتان أما وجهي لم يعد يرى فيه إلا التعب والألم والخوف من الموت.
وبدأت"سميرة" تبكي، وكان"ياسين" رقيق القلب فلم يتحمل رؤية"سميرة" تبكي فبكى معها، فشعرت "سميرة" بتأنيب الضمير فهذا قدر الله يقابل بالصبر والإحتساب فتحاملت على نفسها وأمسكت دموعها ومدت يدها لتمسح دمعات"ياسين" ثم قالت:
- أريدك أن تعدني.
فقال "ياسين"وبدون تردد:
- أعدك بفعل كل ما تطلبينه.
فقالت:
اأريدك أن تتزوج أختي "الشيماء"بعدي.
سكت"ياسين" ولم يتكلم، فقالت"سميرة" كلاما جعلت "ياسين"مذهولا مندهشا، حيث قالت:
-أنا أعرف أنك كنت تريد "الشيماء" زوجة لك، لكن النصيب جعلني مكان أختي وأعرف أن قلبك لا زال يحن لها وأريد أن أقول لك لم اطلب منك أن تتزوج أختي بعد موتي شفقة لأختي، فالشيء الذي حدث لها صار بغير إرادتها وأنت تعرف ذلك، لكني خطبتها لك لأني متأكده أنها بتصرفاتها وحنانها ستسعدك فأنا أريد لك السعادة بعد موتي كما قدمتها لي.
شعر"ياسين" أنه جرح "سميرة" بمعرفتها عن مشاعره نحو أختها "الشيماء "ثم قال:
- أنا أحبك وأشهد الله أنك قدمتي لي السعادة وادخلتي الفرح إلى قلبي بل وأنتي في مرضك تحرصين على أن تخططي لمستقبل سعيد لي،أنا سأقول لك إني زوج فاشل لا أستحق زوجة مثلك.
ثم بدأ بالبكاء و"سميرة" تمسح بيدها على رأسه وتقول:
- أنا أسعد الزوجات بأزواجهم.
ومر أسبوع ليأتي الخبر اليقين بموت"سميرة" بقي"ياسين" في دهشة من أمره لا يدري ما يفعل
وكان أهل"ياسين" يخطبون له في بنت خاله لكن "ياسين" رفض بنت خاله وفي كل البنات الذين أقترحوهم عليه، تشجع"ياسين" وذهب ل"جاسر"وخطب "الشيماء"نظر"جاسر"بدهشة وقال:
-ألست تعرف ما حدث لها ؟
فقال"ياسين":
- بلى.
فقال"جاسر":
-فكر في الأمر.
قال"ياسين":
- أنا لم أتي إلا وقد فكرت.
فقال "جاسر":
-على بركة الله.
فقال"ياسين":
-لم تسأل أختك عن رأيها؟
فقال"جاسر":
-لا رأي بعد رأي.
فأصر"ياسين" على أن يسمع موافقتها،قام "جاسر" مكره ففضل "ياسين" عليهم كبير فذهب لأخته وقال: -إياك أن تخربي بيتنا هو يريد أن يسمع رأيك فقولي له أنك موافقة.
وقفت "الشيماء" عند الباب وقالت:
- أسألك بالله الذي لا يسأل بوجه إلا الجنة إن كنت جئت تخطبني من أجل أن أختي"سميرة" طلبت منك ذلك فأنا رافضة، وأن كنت جئت تخطبني لأنك تريدني أنا فأنا موافقة.
فقال"ياسين":
- أنا عشت مع أختك حياة سعيدة وبعد رحيلها لن أجد فتاة تسعدني مثل ما كانت"سميرة" تصنع ذلك غيرك أنتي أيتها "الشيماء".
تم الزواج وتحقق حلم"ياسين"ولكنه تفاجأ بشيء لم يكن بحسبانه، بالطبع كان"ياسين" يعرف مدى جمال "الشيماء" ولكن ما كان يجهله هو مدى ذكاؤها فهو لم يتوقع أن تكون فتاة عاشت في قرية نائية تملك هذا الذكاء الحاد والقوة على الحفظ، حيث بدأ يدرسها ويعلمها في البيت بنفسه وما أدهشه سرعة استيعابها بل أنها تتفوق عليه أحيانا، بل أفكارها النيرة في عالم التجارة جعلت "ياسين" يدخل في مشاريع تربحه أموال طائلة.
بالطبع لما رأى "جاسر"ذلك طلب أن يكون شريك معه فأستغل "ياسين" أموال "جاسر"بتطبيق أفكار "الشيماء" الإستثمارية وجعل "ياسين" من "جاسر" المدير التنفيذي في إدارة المشاريع، ومع زيادة الأرباح قال "جاسر" ممتدح ل"ياسين":
- أنت عبقري وتاجر حذق .
ابتسم"ياسين" وقال:
- كل هذه المشاريع من أفكار أختك "الشيماء" .
شعر"جاسر" بالغباء كيف كان الكنز معه ولم يستفد منه؟
وبالطبع زادت سعادتهم لما حملت "الشيماء"وولدت بطفل أسماه "بلال" بل أن "الشيماء"أصرت على "ياسين" بمواصلة الماجستير، وكانت "الشيماء" تساعده في بحوثه وفي دراسته حتى حصل على الماجستير والدكتوراه وأصبح "ياسين" أستاذ جامعي
ومع زيادة نمو مشاريعهم أقترح "ياسين على "الشيماء" أن تدير هذه المشاريع بنفسها، لكن "الشيماء"بسرعة رفضت وقالت:
- يكفيني أن أدير أسرتي الصغيرة فهي عندي أغلى من كنوز العالم.
ثم جاء الخبر السار أن "الشيماء"حامل لكن الفحوصات جعلت من هذه الأفراح إلى أخبار كارثية حيث أن الحمل صار خارج الأرحام وأصبحت حياة "الشيماء"خطيرة، وبدأ الشيطان يوسوس ل"ياسين" ويسأل نفسه كيف سيعيش أن لا سمح الله توفت "الشيماء"، كان كابوسا نكد حياة "ياسين" ولكن رحمة الله كانت أعظم حيث تم إنزال الجنين ومن بعدها منع "ياسين" "الشيماء" من التفكير من إنجاب طفل آخر وقال:
- يكفيك أنك أنجبتي "بلال".
فشرد ذهن "الشيماء"فهي تفكر في طفلها الذي أنجبته من قبل ماذا حدث له وهل مات أم لا زال يعيش حياة الحرمان، بكت "الشيماء" و"ياسين" يظن أنها تبكي لأنه منعها من إنجاب طفل أخر، فبدأ يبرر لها أن الطبيب قال:
- أن حياتك ستكون في خطر أن حملتي.
وبدأ يقول لها :
-لا استطيع أن أعيش بدونك يوم واحدا.
بالطبع كان"جاسر" لا يفكر إلا في زيادة الأرباح وكان كل فترة يأتي ل"ياسين" يبشره بزيادة الأرباح أضعاف ما كانت في السابق ولكن "ياسين" لا يظهر أي فرحة بذلك بل كان يقول:
- ذلك بفضل الله ثم جهودك.
تزوج"جاسر"مرات كثيرة لكن كل زواجاته انتهت بالطلاق، ف"جاسر" يوجد في قلبه شيء واحد هو الانتقام.
وبالفعل عاد"جاسر" إلى قريته بعد غياب طويل وتقابل مع "عبدالرزاق" وعرض عليه مبالغ كبيرة من أجل أن يستعيد أملاك أبيه، وبعد أن أستعاد أملاك أبيه بدأ يخطط لإنتقامه وذهب ل"حسن" شقيق "منصور" وعرض عليه مشروع كبير يكونان شريكان فيه، بالطبع عرفت زوجة "حسن" بذلك وارغمت زوجها على الموافقة.
تم الإتفاق أن يكون رأس المال من"جاسر" بشرط أن يوقع "حسن" على شيكات بنصف رأس المال الذي سيدفعه "جاسر" لكي يصبحا شريكان ويسدد دينه عن طريق الأرباح، وكان المشروع عبارة عن شراء ماشية ومزارع في القرية بمليوني جنيه، بالطبع سيكون "حسن" هو الذي سيشرف على الموضوع.
علمت أم"منصور" بذلك فعرفت أن"جاسر" لم يفعل ذلك إلا وهو يدبر أمر ما، فذهبت ل"جاسر" وطلبت منه أن يترك ولدها "حسن" وشأنه، لكن"جاسر" لم يعرها أي أهتمام فقالت أم"منصور":
-كيف حال "الشيماء"؟
أنفجع"جاسر" فهو يعتقد أن أهل القرية يعتقدون أنها ماتت، فقال"جاسر":
-هل أصبحتي تخرفين؟
ضحكت أم"منصور" وقالت:
- أنا أعرف الشيء الذي دفنتموه ومع ذلك بقيت ساكتة إلى هذا اليوم مع أن أبنها "ذو" يتمنى أن يرى أمه ولو مرة واحدة فهو يعتقد كما يعتقد أهل القرية أنها ماتت.
غضب "جاسر" ثم أتجه إلى أم "منصور" ودفعها وقال:
- أن أخبرتيه بشيء فسوف أقتله.
قامت أم "منصور" وبدأت تنفض التراب من يدها وقالت:
-لو علم "ذو" بما فعلته بي لقتلك، لكني لن أخبره لأن دماؤك أنجس من أن يلطخ يده بها.
ثم مشت وتركته، وذهبت لإبنها "حسن" وحذرته من"جاسر" لكن دون جدوى فزوجته كانت تسيره كيفما شاءت.
جاء "عبدالرزاق" إلى بيت"جاسر" فرأى"جاسر" غارق في التفكيرفسأله:
- ما بك؟
نظر"جاسر" ل"عبدالرزاق" وقال:
- جاءت أم"منصور" عندي ودار حديثا بيننا ثم ذهبت بعد أن لمحت بتهديد لي عن طريق ما أسمته ب"ذو"
ولا أدري مدى صدقها.
فقال "عبدالرزاق" كلاما ادخل الرعب بقلب"جاسر".
ترى ماذا ق
بينما كان "ذو" وصديقاه يستمتعان بالجلوس في البر كانت هناك أحداث جديدة تحدث في القرية حيث رجع لها رجل غاب عنها طويلا شقيق "الشيماء" التي حملت ب"ذو" انه "جاسر".
رجع إلى القرية والأحقاد تملأ صدره فهو يريد الإنتقام من رجل سلب منهم شرفهم ، لكن هذا الرجل قد رحل من هذه الدنيا، ولكن أحقاد"جاسر" لم ترحل معه فهو يرى أن أم"منصور" وابنها "حسن" بقيا ليدفعا ثمن ما فعله "منصور" وقبل أن نخوض فيما يريد فعله"جاسر" لنعرف ما حدث له بعد أن سافر إلى_ القاهرة_إلى نسيبه"ياسين".
بالطبع وصل "جاسر"الى _القاهرة_ مع أبيه وأخته "الشيماء"التي بقدومها أيقظت مشاعر كانت قد سكنت في قلب"ياسين"،بالطبع وبعد شهرين ومع صراع كبير مع الهم والحزن فكلما رأى أبو"جاسر" بنته "الشيماء" يأكل قلبه الحزن، فكيف لم يحميها وهي كانت تحت أنياب بشرية أشد من أنياب الوحوش، فلم يستطع أبو"جاسر" العيش وفاضت روحه للسماء، اما "جاسر" كان يملك مبلغ لا بأس به ولكنه حائر ما يفعل به، فكانت "الشيماء" تعطيه أفكار استثمارية رائعة، لكن"جاسر"كان ينظر لأخته بإزدراء فهو يرى أنها عار لن ينمحي إلا بموتها، فلم يصغي لكلامها.
وظل ساكن مع نسيبه "ياسين" الذي كان يملك بيت بدورين منح ل"جاسر" وأخته أحد هذه الأدوار، وبدأت "سميرة" تشعر أن"ياسين" لم يعد قريبا منها ، بل شعرت من أسئلة"ياسين" عن "الشيماء" ونفسيتها عن حب صامت يكبر في قلب "ياسين" ولكنها ظلت صامتة، ولكن الأيام وتوالي الشهور جعلت"سميرة" تشعر بصداع شديد كان يأتيها في الماضي ،ولكن هذه الأيام أصبح أشد فعمل لها فحوصات ليأتي الخبر الذي لا نعرف هل سيفرح زوجها"ياسين"أو يحزنه؟
بالطبع أظهرت الفحوصات أن "سميرة" مصابة بورم خبيث، لما عرف"ياسين" ذلك أحس بإحساس غريب، أحس بحزن يخالطه فرح، فهو حزين بأن تصاب زوجته التي أحسنت عشرته وبذلت كل جهدها من أجل إسعاده، وفرح أن أمل جديد عاد قد يحقق حلمه بالزواج من الفتاة التي سكنت قلبه.
بقيت'الشيماء" بجوار أختها "سميرة" وكان المرض يزيد كل مرة فلما أحست "سميرة" أن المنية قربت
كانت تريد أن تحقق حلم زوجها الذي عرفته من خلال هفوات لسانه، فهي بذلك سترمي عصفوران بحجر واحد،ف"ياسين" ومن خلال عشرته معها عرفت أنه شاب طيب إلى أبعد الحدود، وأيضا أختها فتاة شريفة وطيبة لأبعد الحدود لكن الله ابتلاها ليمتحنها، فقررت أن تكون هي حلقة الوصل في زواج "ياسين"ب"الشيماء" بعد موتها.
أمسكت "سميرة" بيد أختها وقالت:
- أريدك أن تعديني.
فقال "الشيماء":
-بماذا أعدك؟
فقالت"سميرة":
- عديني أولا أن تفعلي ما اطلبه منك.
فقالت "الشيماء":
-أعدك.
فابتسمت"سميرة" وطلبت من "الشيماء"أن ترضى ب"ياسين" زوج لها بعد وفاتها.
انفجعت "الشيماء"من كلام أختها وبدأت تحاول أن تجعلها تطرد اليأس من قلبها وتذكرها أن الأعمار بيد الله، لكن "سميرة" قالت:
- تذكري أنك وعدتيني.
ثم بعد دقائق جاء"ياسين" يطمئن على "سميرة" فانصرفت "الشيماء" وجلس"ياسين" بجوار زوجته
وكان معه وردة حمراء قدمها لها وقال:
- رأيتها في الحديقة فشعرت أنها تشبهك فقطفتها، لأعرف هل يوجد بينكما شيء مختلف ولكن الحقيقة اتضحت لي لما اصبحت الوردة بجوارك أن جمالك فاق جمال الوردة بكثير.
ابتسمت "سميرة"وقالت:
-عيناك هما الجميلتان أما وجهي لم يعد يرى فيه إلا التعب والألم والخوف من الموت.
وبدأت"سميرة" تبكي، وكان"ياسين" رقيق القلب فلم يتحمل رؤية"سميرة" تبكي فبكى معها، فشعرت "سميرة" بتأنيب الضمير فهذا قدر الله يقابل بالصبر والإحتساب فتحاملت على نفسها وأمسكت دموعها ومدت يدها لتمسح دمعات"ياسين" ثم قالت:
- أريدك أن تعدني.
فقال "ياسين"وبدون تردد:
- أعدك بفعل كل ما تطلبينه.
فقالت:
اأريدك أن تتزوج أختي "الشيماء"بعدي.
سكت"ياسين" ولم يتكلم، فقالت"سميرة" كلاما جعلت "ياسين"مذهولا مندهشا، حيث قالت:
-أنا أعرف أنك كنت تريد "الشيماء" زوجة لك، لكن النصيب جعلني مكان أختي وأعرف أن قلبك لا زال يحن لها وأريد أن أقول لك لم اطلب منك أن تتزوج أختي بعد موتي شفقة لأختي، فالشيء الذي حدث لها صار بغير إرادتها وأنت تعرف ذلك، لكني خطبتها لك لأني متأكده أنها بتصرفاتها وحنانها ستسعدك فأنا أريد لك السعادة بعد موتي كما قدمتها لي.
شعر"ياسين" أنه جرح "سميرة" بمعرفتها عن مشاعره نحو أختها "الشيماء "ثم قال:
- أنا أحبك وأشهد الله أنك قدمتي لي السعادة وادخلتي الفرح إلى قلبي بل وأنتي في مرضك تحرصين على أن تخططي لمستقبل سعيد لي،أنا سأقول لك إني زوج فاشل لا أستحق زوجة مثلك.
ثم بدأ بالبكاء و"سميرة" تمسح بيدها على رأسه وتقول:
- أنا أسعد الزوجات بأزواجهم.
ومر أسبوع ليأتي الخبر اليقين بموت"سميرة" بقي"ياسين" في دهشة من أمره لا يدري ما يفعل
وكان أهل"ياسين" يخطبون له في بنت خاله لكن "ياسين" رفض بنت خاله وفي كل البنات الذين أقترحوهم عليه، تشجع"ياسين" وذهب ل"جاسر"وخطب "الشيماء"نظر"جاسر"بدهشة وقال:
-ألست تعرف ما حدث لها ؟
فقال"ياسين":
- بلى.
فقال"جاسر":
-فكر في الأمر.
قال"ياسين":
- أنا لم أتي إلا وقد فكرت.
فقال "جاسر":
-على بركة الله.
فقال"ياسين":
-لم تسأل أختك عن رأيها؟
فقال"جاسر":
-لا رأي بعد رأي.
فأصر"ياسين" على أن يسمع موافقتها،قام "جاسر" مكره ففضل "ياسين" عليهم كبير فذهب لأخته وقال: -إياك أن تخربي بيتنا هو يريد أن يسمع رأيك فقولي له أنك موافقة.
وقفت "الشيماء" عند الباب وقالت:
- أسألك بالله الذي لا يسأل بوجه إلا الجنة إن كنت جئت تخطبني من أجل أن أختي"سميرة" طلبت منك ذلك فأنا رافضة، وأن كنت جئت تخطبني لأنك تريدني أنا فأنا موافقة.
فقال"ياسين":
- أنا عشت مع أختك حياة سعيدة وبعد رحيلها لن أجد فتاة تسعدني مثل ما كانت"سميرة" تصنع ذلك غيرك أنتي أيتها "الشيماء".
تم الزواج وتحقق حلم"ياسين"ولكنه تفاجأ بشيء لم يكن بحسبانه، بالطبع كان"ياسين" يعرف مدى جمال "الشيماء" ولكن ما كان يجهله هو مدى ذكاؤها فهو لم يتوقع أن تكون فتاة عاشت في قرية نائية تملك هذا الذكاء الحاد والقوة على الحفظ، حيث بدأ يدرسها ويعلمها في البيت بنفسه وما أدهشه سرعة استيعابها بل أنها تتفوق عليه أحيانا، بل أفكارها النيرة في عالم التجارة جعلت "ياسين" يدخل في مشاريع تربحه أموال طائلة.
بالطبع لما رأى "جاسر"ذلك طلب أن يكون شريك معه فأستغل "ياسين" أموال "جاسر"بتطبيق أفكار "الشيماء" الإستثمارية وجعل "ياسين" من "جاسر" المدير التنفيذي في إدارة المشاريع، ومع زيادة الأرباح قال "جاسر" ممتدح ل"ياسين":
- أنت عبقري وتاجر حذق .
ابتسم"ياسين" وقال:
- كل هذه المشاريع من أفكار أختك "الشيماء" .
شعر"جاسر" بالغباء كيف كان الكنز معه ولم يستفد منه؟
وبالطبع زادت سعادتهم لما حملت "الشيماء"وولدت بطفل أسماه "بلال" بل أن "الشيماء"أصرت على "ياسين" بمواصلة الماجستير، وكانت "الشيماء" تساعده في بحوثه وفي دراسته حتى حصل على الماجستير والدكتوراه وأصبح "ياسين" أستاذ جامعي
ومع زيادة نمو مشاريعهم أقترح "ياسين على "الشيماء" أن تدير هذه المشاريع بنفسها، لكن "الشيماء"بسرعة رفضت وقالت:
- يكفيني أن أدير أسرتي الصغيرة فهي عندي أغلى من كنوز العالم.
ثم جاء الخبر السار أن "الشيماء"حامل لكن الفحوصات جعلت من هذه الأفراح إلى أخبار كارثية حيث أن الحمل صار خارج الأرحام وأصبحت حياة "الشيماء"خطيرة، وبدأ الشيطان يوسوس ل"ياسين" ويسأل نفسه كيف سيعيش أن لا سمح الله توفت "الشيماء"، كان كابوسا نكد حياة "ياسين" ولكن رحمة الله كانت أعظم حيث تم إنزال الجنين ومن بعدها منع "ياسين" "الشيماء" من التفكير من إنجاب طفل آخر وقال:
- يكفيك أنك أنجبتي "بلال".
فشرد ذهن "الشيماء"فهي تفكر في طفلها الذي أنجبته من قبل ماذا حدث له وهل مات أم لا زال يعيش حياة الحرمان، بكت "الشيماء" و"ياسين" يظن أنها تبكي لأنه منعها من إنجاب طفل أخر، فبدأ يبرر لها أن الطبيب قال:
- أن حياتك ستكون في خطر أن حملتي.
وبدأ يقول لها :
-لا استطيع أن أعيش بدونك يوم واحدا.
بالطبع كان"جاسر" لا يفكر إلا في زيادة الأرباح وكان كل فترة يأتي ل"ياسين" يبشره بزيادة الأرباح أضعاف ما كانت في السابق ولكن "ياسين" لا يظهر أي فرحة بذلك بل كان يقول:
- ذلك بفضل الله ثم جهودك.
تزوج"جاسر"مرات كثيرة لكن كل زواجاته انتهت بالطلاق، ف"جاسر" يوجد في قلبه شيء واحد هو الانتقام.
وبالفعل عاد"جاسر" إلى قريته بعد غياب طويل وتقابل مع "عبدالرزاق" وعرض عليه مبالغ كبيرة من أجل أن يستعيد أملاك أبيه، وبعد أن أستعاد أملاك أبيه بدأ يخطط لإنتقامه وذهب ل"حسن" شقيق "منصور" وعرض عليه مشروع كبير يكونان شريكان فيه، بالطبع عرفت زوجة "حسن" بذلك وارغمت زوجها على الموافقة.
تم الإتفاق أن يكون رأس المال من"جاسر" بشرط أن يوقع "حسن" على شيكات بنصف رأس المال الذي سيدفعه "جاسر" لكي يصبحا شريكان ويسدد دينه عن طريق الأرباح، وكان المشروع عبارة عن شراء ماشية ومزارع في القرية بمليوني جنيه، بالطبع سيكون "حسن" هو الذي سيشرف على الموضوع.
علمت أم"منصور" بذلك فعرفت أن"جاسر" لم يفعل ذلك إلا وهو يدبر أمر ما، فذهبت ل"جاسر" وطلبت منه أن يترك ولدها "حسن" وشأنه، لكن"جاسر" لم يعرها أي أهتمام فقالت أم"منصور":
-كيف حال "الشيماء"؟
أنفجع"جاسر" فهو يعتقد أن أهل القرية يعتقدون أنها ماتت، فقال"جاسر":
-هل أصبحتي تخرفين؟
ضحكت أم"منصور" وقالت:
- أنا أعرف الشيء الذي دفنتموه ومع ذلك بقيت ساكتة إلى هذا اليوم مع أن أبنها "ذو" يتمنى أن يرى أمه ولو مرة واحدة فهو يعتقد كما يعتقد أهل القرية أنها ماتت.
غضب "جاسر" ثم أتجه إلى أم "منصور" ودفعها وقال:
- أن أخبرتيه بشيء فسوف أقتله.
قامت أم "منصور" وبدأت تنفض التراب من يدها وقالت:
-لو علم "ذو" بما فعلته بي لقتلك، لكني لن أخبره لأن دماؤك أنجس من أن يلطخ يده بها.
ثم مشت وتركته، وذهبت لإبنها "حسن" وحذرته من"جاسر" لكن دون جدوى فزوجته كانت تسيره كيفما شاءت.
جاء "عبدالرزاق" إلى بيت"جاسر" فرأى"جاسر" غارق في التفكيرفسأله:
- ما بك؟
نظر"جاسر" ل"عبدالرزاق" وقال:
- جاءت أم"منصور" عندي ودار حديثا بيننا ثم ذهبت بعد أن لمحت بتهديد لي عن طريق ما أسمته ب"ذو"
ولا أدري مدى صدقها.
فقال "عبدالرزاق" كلاما ادخل الرعب بقلب"جاسر".
ترى ماذا ق