الفصل السابع عشر

مرت الأيام بسرعة، وقد تم قبولي في الجامعة التي توقعتها، وعبق تم قبولها في جامعة بعيدة جداً عن المدينة، والمحزن أكثر من ذلك أن يارا سوف تذهب لتدرس في الخارج، تم قبولها في منحة في إحدى الدولة الأوربية..
مشاعري في هذه الفترة مختلطة جداً، ولكن الحزن يغلب عليها، فكرة أنني سوف أغادر منزلي فكرة مروعة، غرفتي التي لا أشعر بالأمان إلا فيها، لونها البنفسجي الهادي، سريري الدافيء، وشرفتي التي تطل على طريق خالي من المارة، خزانتي المليئة بصور شخصيات مسلسلات اسبيستون، ملصقة على أبوابها، سأترك كل هذا، ليس هذا فحسب، بل سأترك أمي وأبي! سوف أزورهم فقط، وسأبدأ حياة جديدة مختلفة تماماً..
سأفترق عن صديقاتي، كل واحدة في مكان بعيد جداً عن الأخرى، ربما لن نلتقي إلا في الأعياد أو بالصدف الجميلة..
مجرد التفكير في الأمر جعلني أنتحب، شعرت لأول مرة بأنني لا أريد أن أخوض هذه التجربة، أحب حياتي هذه بكل تفاصيلها، وجدتني أمي على حالتي تلك فضمتني إليها بحنان وقالت بلطف: شعورك بالحزن طبيعي يا حبيبتي، ولكن لا بد أن تتغير حياتنا في يوم، هكذا هي الحياة، لا ثابت إلا التغيير، وليس كل تغيير سيئ، أين يقين التي تحب المغامرات
قلت بنبرة متقطعة: أحب التغيير ولكن لا أحب أن أبتعد عن الأشياء والأشخاص الذين أحبهم
قالت بابتسامة: إذن لا مغامرة في الأمر! البعد والفقد جزأن لا يتحزأن من الحياة، عليك أن تتعلمين أن تكوني مرنة يا فتاتي، تتأقلمين مع كل الظروف والمتغيران، أعرف أن قوية وتستطعين فعل ذلك
مسحت دمعي وقلت: أتمنى أن أمتلك ثباتك هذا يا أمي، أعرف هواجسك، أعرف خوفك علي عندما أبتعد عنك لساعات قليلة فكيف لكل هذه المدة، كيف تستطعين ذلك! كيف يصبح المرء صامداً في مثل هذه اللحظات!
قالت بابتسامة: هذه الفترة من حياتك لن تكون مجرد مرحلة دراسية وحسب، بل سوف تصقلك وتعلمك الصلابة والقوة، لا بد من خوضها، ثم غير ذلك، أنا كنت حريصة عليك طوال حياتك، ربيتك تربية سليمة، كنت حريصة عليك من كل النواحي، والآن أريد أن أرى ثمرة جهدي، أعرف بأن ابنتي لن تكون مجرد فتاة عادية، ابنتي مختلفة، يا بخت كل من يعرفها وسيعرفها، يا بخت المدينة وسكانها والجامعة بفتاة مثلك..
ما أروعك يا أمي! تفهمين شعوري وتمحين قلقي كأنه لم يكن، ما أجمل حنانك وعطفك!
ضممتها بسعادة وحماس ثم تابعت أمي قائلة: ثم أننا سوف نكون بعيدتين بأجسادنا فقط، التكنولوجيا والعلم الحديث محيا ما يسمى بعد من الوجود، سأراك وأسمعك وأعرف كل تفاصيل حياتك، هذا الأمر سنتحدث عنه لاحقاً، حديث مطول جداً
ضحكت ثم قلت: الله يستر، رقابة عن بعد
شعرت براحة بعد حديث والدتي، أغمضت عيني وملئت صدري بالهواء، تنفست ببطء، ابتسمت ثم قلت لنفسي: نعم علي أن أكون مرنة، وبما الآن الأمر سيحدث فحزني لن يغير من شيء غير أن يضيف السوداوية لكل شيء، سوف أحاول أن أستمتع بكل لحظاتي هذه، والآن سأحاول أن أفكر فيما ينتظرني هناك، كل شيء جديد، أشعر بالإثارة الآن..
قررنا أنا والفتيات أن نجتمع ونخرج معاً هذه الفترة، بعد أن عادت يارا من العاصمة، كانت مشغولة جداً بإحراءات السفر والحجز وغيره، أجتمعنا بعد أن عادت، نخرج معاً، نشتري أغراضنا معاً، نضحك ونأكل الآيسكريم في الطريق، نتحدث بحماس عن المرحلة الجديدة التي تنتظرنا، نجتمع كل يوم في منزل واحدة منا،
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي