الفصلالثامنعشر

________________________
فارق التوقيت لعنة .. احيانا كارثة ..فقط بضع دقائق فاصلة ..يمكنها تغير الكون ..صدفة ؟ ..ام تدابير قدر ؟ ...
لثم وجهه جيدا ..الهدف منتصف قلب احدهم  تماما ..الذريعة ..ثأر واهي ..والسلاح لم يكن ذو طلق ناري ..حيث لا افراح صاخبة يتسلل صوت الاعيرة من بينها خلسة ..تلك المرة فاصلة ..ناهية ..نصل حاد مدبب ..يشبه السكين لكنه اكبر ..من نافذة مكتبه تسلل بخفة ..ومن المكتب بخطوات كالظل خرج إلى وسط المنزل ..هم بصعود درجات السلم ومن ثم يتجه إلى غرفته ليتفاجئ بصوت خطوات ما آتية من أعلى .. عاد ادراجه سريعا يختبئ بذاك الفراغ تحت الدرج ..مر سالم من امامه يتجه نحو مكتبه ..ما ان دخل إلي المكتب حتى دس هو يديه بجيب عبائته " صدره" يخرج ذلك السكين يلتمع كابتسامة الشيطان ..وزعقة ..
: سالم ..
ثم انتباهة منه تلاها اختراق السكين بخافقه ..اصاب الهدف ..تماما بمنتصف صدره ..جحظت عينيه يمد يده نحو وجه قاتله ..فقط يريد معرفة على يد من انتهت حياته ..ليوفر القاتل جهده فاعلا ..رفع اللثام عن وجهه يلهث بابتسامة شيطانيه ظافرة ..ما ان رآه ..علم هويته ..تهاوى بثقل جسده فوق سطح مكتبه .. يلهث بأنفاس متسارعة ..فقط يريد البقاء كي يكفر عما اقترف  ..تلك الفكرة الوحيدة اللتي استوطنت بخاطره .. التوقيت كارثة ..لعنة لزمت احدهم ..وصل حمزة أمام المنزل يصف سيارته وبخطوات متسارعة وقلب عاشق وعينين متلهفة لرؤيتها دخل إلى المنزل ..لا احد ..
: سارة ..
هتف مناديا باسمها ولا مجيب ..
: آدم ..
نظر حوله باستغراب لم يرد احد ..حركة ما بغرفة امامه تقدم نحوها ..بتمهل ..ليجد شخصا ما خارجا منها بحركة غريبة بعض الشيء ..رجع إلى الوراء خطوتين في حذر، ثم جحظت عينيه عندما وجد من يشتهي نهش لحمه بين اسنانه ..غارقا في دمائه و لايزال مثابرا ..استند سالم على احدى المقاعد ينظر إلى حمزة وكأنه يستغيث بصمت  ..فلتت يديه ليتهاوى ارضا تدفق نافورة الدماء من صدره ..صمت حمزة .. وصمت صوت الطبيب بداخله ..صمت العشق ..وتحدثت فقط الانسانية ..اسرع بعيون متسعة يومأ له باطمئنان ..جزب احدى المفارش بجواره يسد بها الجرح دون تحريك النصل المعانق لصدره
: اتنفس .. اتنفس ..ما تخافش ..
وفارق التوقيت كارثة ..دخلت بخطوات حذرة تتجهة نحو مكتب سالم مباشرة ..لم تلحظ وجودهم ارضا بعد ..اصتدمت نظراتها بنظرة سالم قبل ان تسدل عينيه ستائرها مباشرة ..ومن ثم نظرات زهول بينها وبين حمزة ..وشهقة متأخرة بجوار لطمة وجه ..وازت هتاف الرجل الذي كان يتبعها ..
: سالم بيه اتقتل ..خياااااانة ..سالم بيه اتقتل ...
_________________________________
صراخ ..صراخ ايقظها من غفوة نومها الصغيرة ..استقامت سريعا تبسمل ترتدي خفها المنزلي للخروج ..وفجأة تجمدت اوردتها ..حركتها ..خفقاتها ..
: ساااالم اتقتل ..
طنين ما يصم اذنيها وصدى الكلمة يتردد داخلها ..رفعت يديها نحو صدرها ..وضعتها فوق قلبها مباشرة ..هنا تماما استلقت رصاصة ما بكل سرور كي يحيا هو  ..لماذا وقع تلك الجملة على قلبها يفوق الم الرصاصة ألف مرة ..عدت راكضة خارج الغرفة ..وآخر ما لمحته لطم فاطمة لوجهها وفخذيها تبكي بحرارة صارخة ..عدت راكضة نحو باب المنزل بخف منزلى منفرد والقدم الأخرى عارية ..تجمدت الدموع بعينيها كما كل شيء من حولها ..ستصل إلى المنزل وتراه ..ستلقي بنفسها بين يديه وهي على استعداد كامل لتلقي حروب وليست مجرد رصاصة فقط فداء نظرة عينيه ...توقفت خطواتها قبل الوصل إلى المنزل ببضعة امتار ..فقد كان الفارق مجرة ..حيث اللحظة الاخيرة ..جسده مسجي يختفي داخل احدى سيارات الإسعاف ..وكل شيء حوله يتلطخ باللون الاحمر ..لم ترى سيارة الشرطة اللتي يقبع بداخلها شخص ما لا تعرفه برفقة زوجة ابن عمها الباكية ..حيث مابين اللونين الأحمر والاسود غرقت في ظلام حالك
بين اتهام وانكار اخذت الاقاويل تتكاثر ..تتبدل بحسب شهادة بعضهم ..بينما هو يقف متأهبا بارتياع لكل اتهام  يوجه له من الشهود ...تحدث رجلا ما يشير نحو حمزة بخوف
: ايوة يا بيه ..الراجل ده وقفني على الطريق وسألني على بيت سالم بيه والله يابيه ما كنت اعرف انه هيقتله ..
: اقتل مين يا عم انت , انت مجنون ،انا ما قتلتهوش ..
صرخ بها حمزة مستنكرا ليضرب المحقق بكفه فوق سطح المكتب صارخا بأن يلتزم الصمت ..ثم وجه حديثه إلى احد العساكر ..
: هاتلي الشاهد التاني ..
خرج الرجل ليدخل آخر " الرجل الذي كان يتبع حور " بارتجافة متوترة طفيفة بعينيه لم تخفى على المحقق ومع ذلك تحدث بثبات ..
: انا ياباشا كنت مع الست حور مرات اسماعيل بيه رايحين على البيت تجيب بقيت حاجاتها ونرجع زي ما اسماعيل بيه امرني ، و أول ما دخلنا لقينا سالم بيه مرمي على الارض سايح في دمه والقاتل ده جنبه ..
مشيرا إلى حمزة ..
: انتوا مجانين ..؟ بقولكم ما قتلتوش ما قتلتوش
هتف بها حمزة بحدة غاضبا ثم وجه حديثه إلى المحقق ..
: يا فندم انا دخلت لقيته مطعون في صدره ،حاولت اساعده وفي لحظة لقيت الراجل ده وواحدة ما اعرفهاش بيصرخوا وانا مقبوض عليا ..
نظر إليه الضابط ببرود ليتحدث ..
: ايه سبب وجودك في موقع الجريمة ..؟
صمت ينظر إلى عينيه مباشرة بتفكير ..لن يترك سمعة شمسه مضغة بين افواه المتحدثين ..
: كنت بازور صديق ليا ..
ابتسم الضابط بجفاء ..
: وسؤالك على بيت المجني عليه ..وبعدها على طول تم وقوع الجريمة ..؟
تنهد حمزة بنفاذ صبر قائلا
: دكتور آدم محمود المصري يافندم يبقى ابن عم سالم ،لما سألت عليه البواب في القاهرة قاللي انه سافر هنا ،حتى ممكن تجيبه تسأله ..
استقام الضابط غاضبا يصفع سطح مكتبه زاعقا ..
: جرى ايه يا دكتور ، ما تخلنيش استعمل معاك اسلوب مش هتحبه ..ادم محمود المصري مين اللي ابن عم سالم حافظ انت هتستهبل ..
مسح على وجهه بيأس هو لا يعلم اي شيء عن امر علاقة آدم بعائلته تلك ..كل ما يعلمه انه اخ لسارة فؤاد حافظ
: دخل يا ابني اخر شاهد ..
هتف بها الضابط غاضبا ..
لتدخل حور ترتعش جميع قسمات وجهها ..ذبلت عينيها بفعل بكائها الحار ،تشبك يديها مقلبة ايهما بحركات مرتبكة بخطوات شبه واهية ..جلست تمسح عينيها عندما اشار لها الضابط بالجلوس مقدما لها كوبا من الماء ..نظرت إلى حمزة بإشفاق خفي لتتحدث ..
: ا.ا.انا كنت رايحة البيت اجيب حاجات تخصني ..و.و.و بعدين شوفت الاستاذ ده بيدوس بإيده على صدر سالم بحتة قماشة والسكينة مدبوبة في صدره ..ده كل اللي شوفته ..
اطلق حمزة زفرة ارتياح يحمد الله
: سمعت يافندم والله العظيم ما انا اللي قتلته ..
اكمل الضابط حديثه وكأن حمزة لم يتفوه بشيء ..
: ايه سبب ترككم للبيت كلكم من غير المجني عليه ..
اذدردت ريقها بارتباك ..تتسائل ..هل في اخبارة بأمر مشاجرة زوجها وأخيه الصواب ..
: ك.ك.كان فيه خلاف بسيط بين سالم و اسماعيل اخوه ..
: ايه نوع الخلاف البسيط اللي يخليكوا كلكم تسيبوله البيت وتمشوا ..ده مش خلاف بسيط بقى ..؟ ..
جلدها يحترق ..وكذلك ضميرها ..تتعرق يشدة ..
: مش عارفة ..انا ما كنتش معاهم في الوقت ده ..
دخل احد العساكر يخبر الضابط بوجود اسماعيل ..
: خليه يدخل ..
بركان له فوهتين مشتعلتين كانت عيناه ..ينظر بها نحو زوجته .. ارتعدت تخفض أنظارها تشعر بغيمة ثلجية تمر من خلالها بينما جسدها يتعرق ساخنا خوفا ..
: كنت فين وقت وقوع الجريمة ..؟
سأل الضابط اسماعيل ..
بصعوبة فرق فكيه عن بعضهما اثر الغضب للتحدث
: كنت في المخازن بتابع العمال ..
واجهه الضابط باقول زوجته ورجله ثم اضاف
: وفي اقوال بتقول انها كانت في بيت اهلها قبل ما تروح مكان الجريمة
صوب تجاهها نظرة غامضة لكنها استطاعت رؤية الغضب بحدقتيه ..
: حصل يا حضرة الظابط ..كان اتفاقنا انها تروح لاهلها ..
ضمر بقية حديثه ناظرا إليها ثم اكمل بنبرة ذات مغذى ..
: و بعدها تطلع على البيت وترجع تاني ..مرتي ما بتخطيش خطوة الا وانا عندي علم بيها ياحضرة الظابط ..
ضغطت على شفتيها باكية بصمت ..رسائل خفية تتوعد لها من بين كلماته ..
عن امر " ادم " الذي تحدث عنه حمزة سأله الضابط ..فقص عليه اسماعيل نصف الحقيقة ..عن وصية عمه وظهور آدم المفاجئ بإسم آخر ..ولم يذكر اخفائهم للوصية .. اذن فحديث الطبيب المتهم به شيء من المصداقية ..انتهى التحقيق مؤقتا معهم ..
: اتفضلوا ..تقدروا تمشوا دلوقتي لحين استكمال التحقيق ..
استقام اسماعيل يشير لحور بالخروج ..بينما تحرك حمزة يتبعهم ..
: رايح في يا دكتور ..؟
هتف بها الضابط ساخرا ..لينظر اليه حمزة متوقفا ..ترك الضابط مكتبه يقف امامه يكمل ..
: هما يمشوا ..انما انت لسه هتنورنا شوية ..خده ياعسكري على الحجز ..
____________________________
خرج سالم برفقتها ..خفقاتها تكاد تسمعها اذنيها خوفا ..فتح لها السيارة لتركب دون التفوه بحرف واحد ..بينما حركاته ..نظرته ..ارتعاش اسفل فكه غضبا .. جميعهم يتحدثون ..ركب متذكرا لحظة توقف قلبه عن النبض ووصول خبر مقتل اخيه ..
Flash back
كان يتابع العمال في اعادة ترميم المخازن المحترقة ..ليتفاجئ برجل يركض نحوه يناديه مهرولا
: يا اسماعيل بيه ..يا اسماعيل بيه الحق سالم بيه اتقتل ..
غص قلبه بشعور يشبه شعور الموت ..تزلزلت الارض من تحت قدميه ..قتل اخيه ..بدون استفسار او تردد ركض نحو سيارته استقلها بعيون متسعة وايدي مرتعشة تتحرك بعشوائية وارتباك ..اتجه إلى المنزل ..الخبر صحيح ..اتجه بدموع تتساقط رغما عنه وبركان مشتعل داخل صدره نحو المشفى ..بخطوات متعثرة شبه راكضة اخذ يتسائل عنه حتى وصل اما غرفة الطوارئ اللتي يتمدد على سرير حديدي بداخلها ..حوله مجموعة من الاطباء يسعفوه بحركات سريعة ..انفاسه مازالت حاضره .. عيونه بين تيه وحضور .. الآن هو عالق بحافة البرزخ ..خلفه الارض التي بنا عليها حياته وامامه بحور الموت الهائجة ..تناديه كفوف امواجها ..ومن بين تيهه وحضوره لمح أخيه يقف وسط اشباح لا يفقه هويتها ..من البرزخ خرج صوته بثقل ثم غاب تماما عن الوعي ...
: الدكتور بريء يا اسماعيل ..الدكتور بريء
جميعنا لا نحمل الشر المطلق ..او  الخير المطلق ..نحن مزيج نسبي من كلاهما ..خرج الاطباء بصحبته يركضون في صراع مع الموت  لانقاذ حياته .. لهذا السبب افصح اسماعيل عن ذكر الجزء الخاص بآدم والوصية ..تاركا ما تختص به سارة من الحكاية ...
______________________
تورمت عينيها أثر البكاء المتواصل وحتى خروجه من غرفة العمليات ..توقفت تتحس الزجاج المطل على جسده الممدد تخترقه اسلاك وخراطيم عده ..وكأنها تتحسس وجهه باكية ..استقرت حالته بينما خافقها لم تستقر نبضاته بعد ...
: الحمد لله يابتي الدكتور بيقول عدى مرحلة الخطر ..روحي يابنتي غيري هدومك وارتاحي وانا هفضل  جنبه ..
: مش هسيبه ..مش هسيبه تاني ..
قالتها قمر بخفوت هامس تشرد بقسمات وجهه عبر الزجاج الشفاف ودموعها مازالت تتساقط تحرق وجنتيها .. كانت على وشك فقده للأبد ..لن تتحمل فكرة تركه مرة اخرى..لن تسمح لها المرور من الاساس ..دمعت عينا فاطمة حزنا وقرر الذهاب إلى المنزل لإحضار ملابس لها ...
_________________
: ابن المركوب بسبع اراوح ..ده انا غارز السكينه في قلبه لاخرها وبردوا ما ماتش ..
هتف بها القاتل الحقيقي ابن عوض من بين اسنانه غيظا وحقدا ..بينما تحدث اخيه الاضغر
: انت لازم تختفي اليومين دول يا اخوي عن العين اهنا خالص ..
: لاء ..
خرجت صارمة من الاب" عوض"  ..التفتت نحوه عيون ابنائه ليكمل ..
: لازمن يظهر للعين اكتر ..عدم وجوده شبهة يا ولدي ..وهياجي معايا كمان نتطمن على سالم ..دول جيرانا وبينا نسب كمان ..
نبرته تحمل الجد والهزل ..نبرته رماد محترق اسفل بركان فارغ ..
: ياما جولتلك يا ابوي بنت ال ***** اللي اسمها حور دي لازمن نخلص عليها ..كانت رايحه هناك عشان تنبهه ..جولتلك يا ابوي دي زي قلتها واهي جات على دماغنا وبقى صباعنا تحت ضرسها ..حتت بت مفعوصة رقبينا في يدها دلوقت لو اتكلمت وقالت على اللي سمعته ..
وبخبرة مصقله بالخطايا ..ابتسم عوض تبتسامة جانبيه زاد من عدد التشققات الجافة بوجهه ..
: حور هتخاف على جوزها يا ولدي..مش هتتكلم ..اللي يخليها تروح تنبه سالم عشان ما نموتوش ..مش هيخليها تنطق بحرف عشان اسماعيل ما يروحش في قتل اللي قتل اخوه ..باينها وقعت في حبه ..
ليرد الابن بامتعاض حاقد ..
: ياكش يولعوا ببعض ما جمع الا ما وفق دم واحد ..بس يا ابوي لازم ناخده حذرنا منها ..البت دي مش لازمن تعيش ...
استقام عوض يستند على عصاه الابنوسية يحيك بداخل رأسه العديد من الكوارث ..
: تعالى معايا ياولدي وسيبلي موضوع حور ده ..ده حساب قديم اوي لازمن اصفيه بيني وبين اللي حرق قلبي على ابني ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي