الفصل الثامن عشر

و عند حور و فهد .
و جدت حور من يمسك يدها بقوة و هو يسحبها خلفه ، ، كادت حور أن تصرخ لولا تعرفها على تلك الرائحة التى لطالما عشقتها لتلتفت و تراه هو بطلته التي تخطف انفاسها و تتوقف هي للحظه ثم تحدثت قائلة : هو انت اتجننت يا فهد ، ، انت بتشدني كدا ليه ممكن اعرف ؟
توقف فهد في تلك اللحظه و هو ينظر إليها بعينين مشتعلتين ثم أمسكها من كتفيها قائلا بغضب : انا اتجننت ؟ أه انا اتجننت يا حور هانم ، ، اتجننت من ساعه اما شوفتك و انتي داخله ايدك في ايديه ، ، و من ساعه أما انا شوفته و شفت ضحكتك ليه هو ، ، هو أخد مكاني جمبك و بقى ليه حق فيكي اكتر مني يا حور و انا ما ليش صح ، ، انا قلبي واجعني يا حور جدا ، ، انا من حقي ان اتجنن و لا مش من حقي يا حور هانم ؟
نظرت اليه حور في تلك اللحظه بعينين دامعتين و هى تقول بمرارة : دا انت أناني جدا يا فهد ، ، دا انا بقالي سنتين يا فهد عارف يعني ايه سنتين مستحمله اللي انت مش قادر تستحمله في أقل من ساعات يا فهد ، ، انت عارف ان انا مستحمله أشوف ريناد فى المكان اللى انا اتمنيت اكون فيه بدالها ، ، حضنك دا يا فهد ، ، دا هي قريبة من قلبك عارف قلبك اللى واجعك علشان بس انت شوفته ماسك ايديا و بضحك معاه ، ، طيب انت يا فهد ليه مش سألت نفسك ، ، دا انا قلبى كانت حالته ايه و انا بشوفها فى حضنك علي طول ، ، دا كنت بتخيلك معاها فى بيتك في غرفه نومك في سريرك يا فهد ها ؟ قولي انت بقا انت مش فكرت فيا كانت حالتى ها تكون ايه ؟
اغمض فهد عينيه بألم يتخيل كمية الوجع التى أحست بها ، ، فلو كان مكانها لما عاش للحظة واحدة للان ، ، ليفتح عينيه على صوتها الذى تهدجت نبراته و كأن روحها تختنق فى تلك اللحظة و هي تقول: دا انا كنت بموت فى اليوم ألف مرة فهد ، ، ألف مرة يا فهد و انت عمرك ما حسيت بيا و لا بالنار الي جوايا ، ، و العكس انت ديما كنت بتيجى كل يوم الشغل علشان تدبحنى اكتر ، ، و انت بتكلمني عن مشاعرك اتجاه ريناد ، ، وعن احساسك و انت معاها ، ، و عن نظرتها و ابتسامتها و حتي كلامها ها يا فهد ، ، دا يا فهد بيه حتى مشاكلك معاها تصدق ، ، دا انت كنت بتيجى تاخد رأيى فيها علشان تصالحها في اكتر من كدا وجع ليا انا .
ثم صمتت لثانية أدرك فهد فيها انها تتألم و بشدة من ذكريات عذابها معه لتردف بسخرية مريرة : و عارف يا فهد كنت انا الهبله اللي بتيجي علي قلبها ديما ، ، و كنت دايما انا اللي انصحك و اديك كل الحلول لكل مشكله بتمر بيها معاها ، ، انا استحملت دور الضحيه كتير جدا يا فهد ، ، عارف انا يا فهد انا وصلت لايه ؟ لغايه ما انا احتقرت نفسي و ضعفي و حبي ليك ، ، انت عشقك دا عشق ملعون و اصابني انا و انا اللي اتوجعت ، ، طيب عارف انا خدت قرار و خلاص انا قررت ان انا اتخلص من اللعنه دي و الي الابد كمان ، ، و أنساك فمن فضلك يا فهد انت كمان تنساني و تكمل حياتك زي ما كنت .
قال فهد فى لوعة و حزن : انا مش قادر انساكي يا حور مش .
رفعت حور يدها اليه مشيرة له بالصمت و هى تقول: انت هتنساني يا فهد ، ، و مش بايدك لأ دا غصب عنك علشان خاطر ابنك او بنتك اللي جايه كمان كام شهر ، ، و انا كمان هنساك علشان خاطر البني أدم اللي انا ها رتبط بيه ، ، لان مش ها ينفع اكون بفكر في حد غيره هو ، ، صح هو إيهاب مش حبيبي اللي حلمت بيه سنين ، ، بس هو كفايه جدا ان هو محترم و اكيد حبه ليا ها يخليني انسي حبي ليك يا فهد ، ، احنا خلاص حكايتنا خلصت لحد كدا يا ابن خالي ، ، خلصت خالص للاسف .
ثم غادرت حور و تتبعها عيونه الملتاعة و هو يقول فى مرارة : يا ريت يا حور بأيدي انساكي و اشيل قلبي دا ، ، انتي العشق اللي انا ضيعته بغبائي ، ، انا بس مش ها قدر اتحمل الي انتي شوفتيه و اتحملتيه مني ، ، انا مش ها قدر ان انا اشوفك مع حد تاني ، ، انا ها سيب البلد دي و اسافر بس اوعدك يا حوري ، ، انتي ها تفضلي عشقي و ها تفضلي في قلبي لاخر نفس فيا .
-  -
و على الجانب الاخر عند سهيله و فارس .
دلفت سهيله الي غرفتهم بخجل يتبعها فارس هي تعلم ان زواجهم صوريا ، ، و لكن و جودها معه فى غرفه واحدة ، ، يدفع دماء الخجل الى وجهها ليشعل قلبها و جسدها و قف فارس أمام سهيله ، ، و هو يتأمل و جهها الجميل و الذى زادته حمرة الخجل جمالا ، ، بدا فارس مترددا و هو يريد أن ينسى اتفاقهما فى الحال و يضمها الى صدره ، ، و رغبة قوية الحت عليه بشدة ان يدفنها بداخله فهي عشقه ، ، و حتى انه اضطر الى ان يقبض على يديه بقوة كى لا يفعل ، ، ثم اقترب منها قائلا فى هدوء لا يعكس ابدا توتره و الثوره التي بداخله : دا كل العيله و الناس قرايبنا يا سهيله مفكره ان احنا متجوزين بجد ، ، و عن حب كمان و طبعا الكل فرحان علشان جوازتي الاولي مكنتش بالشكل دا ، ، و ذي ما انتي عارفه يا سهيله ، ، ماما قد اي هي بتحب الرومانسية و بتحب تخلي اي زوجين سعيدين ، ، فا ياريت بقا محدش يا سهيله يعرف بحقيقة جوازنا ، ، و دا يفضل سر ما بينا احنا الاتنين و بس ما فيش طرف ثالث يعرف ، ، و يا ريت نظهر للكل زي اي اتنين متجوزين بعض عن حب و بيعشقو بعض ، ، علشان خاطر فادي و فريده كمان مش يتأثروا انا عارف يا سهيله انتي بتحبيهم قد اي ، ، و لازم علاقتنا قدام اي حد و ولادنا تكون طبيعيه .
كان فارس يدرك أن كلماته كاذبة ، ، هو أراد أن يوضح لنفسه قبل ان يوضح لها طبيعة زواجهم ، ، و يؤكد على نوعية ذلك الزواج و أن لا علاقة للمشاعر و لا العشق به ، ، و لكنه أيضا اراد ان يكون بينهم بعض المشاعر و لكن وسط الجميع ، ، و حتى يضمن عدم ضعفه و استسلامه لتلك المشاعر و العشق الملعون هذا شعر هو بالتنافض ، ، و بأن هناك ما هو اكثر من ذلك و لكنه اكتفى بالتفكير عند هذا الحد ، ، و بينما أحست سهيله رغم كلمات فارس الباردة ان هناك امل في زواجهم ، ، و خاصة أنها ارتاحت اكثر لمعرفة طبيعة زواجه الأول ، ، لتدرك أنه ربما هناك فرصة كى يحبها ، ، فهو لم يحب من قبل حتي زوجته الاولي ، ، أومأت سهيله برأسها ايجابا على كلماته ، ، ليدرك فارس في تلك اللحظه ان لديه رغبة قوية ايضا فى سماع صوتها الرقيق ، ، و الذى لم يسمعه كثيرا اليوم فقد كانت كلماتها قليلة الى حد كبير لذا قال فارس بهدوء و هو يتفحص ملامحها : سهيله على فكرة انا مش بحب لغة الاشارات دي ، ، يا ريت اما اسألك تردى بصوت واضح ذي ما نا بتكلم و برد اتفقنا ؟
قالت سهيله بهمس: حاضر يا فارس .
ادرك فارس في اللحظه تلك انه أخطأ حين أراد سماع صوتها ، ، فا علي الرغم أنها كلمتين اثنتين نطقت بهما ، ، إلا أنها أثارته و اوقعته صريع برقتها و خنوعها و جمالها الاخاذ لعقله و قلبه ، ، و لكن و جهه نظره في تلك اللحظه الى شفتيها الكرزيتين و اللتان تلونتا بأحمر شفاه أحمر اللون ، ، قد زادتهما جمالا لتجعله يود فى تلك اللحظة لو تذوقهما بين شفتيه و اخذها الي عالمهم ، ، أغمض عينيه يستدعى كل القوة بداخله لمقاومتهما و عندما احس بأنه استعاد كامل سيطرته على نفسه فتح عينيه قائلا فى برود كالثلج : علشان مش نلفت الانتباه هنام انا و انتي مع بعض فى نفس السرير ، ، لأنى انا مش ها وافق يا سهيله ان حد فينا ينام علي الأرض او الكنبة الشاذ لونج ، ، و لو مش مرتاحة او مش متطمنة ممكن تحطى مخدة طويلة ما بينا علي السرير و هو كبير زى ما انتى شايفة .
و نظر الى السرير ليدرك انه أخطأ مجددا فعندما رأى ذلك السرير ، ، جاءت في خاطره له صورتهما و هما ينامان سويا في احضان بعضهم ، ، لترتفع دقات قلبه و يشعر بحبات العرق تغرق جبينه ، ، اخذ يستغفر ربه فى سره و هو يدرك فى أى محنة و ضع نفسه بها ، ، ليفيق من أفكاره على صوت سهيله الهامس و هي تقول بخجل : ما فيش داعي يا فارس انا مش قلقانه خالص علي نفسي و انا معاك .
نظر فارس اليها بدهشة لتستكمل كلامها قائلة بارتباك و قد ادركت تسرعها باظهار مشاعرها: انا اقصد يعني يا فارس انك انسان محترم ، ، و لو انا مش واثقه في اخلاقك اكيد انا مكنتش اتجوزتك و معاك دلوقتي ، ، و بعدين انت لو عاوز تقرب ليا ، ، دا المخده اكيد مش ها تمنعك قصدي يعني..
و صمتت سهيله و هي لا تدرى كيف تكمل جملتها ، ، و قد اصبح وجهها أحمرا و بشده من الخجل ليبتسم فارس لأول مرة منذ الصباح ابتسامة من قلبه و هو يقول: انا متشكر جدا يا ست سهيله علي ثقتك الغاليه دي فيا انا .
ثم قال فارس فى نفسه: و الله انتى طيبة جدا و كمان على نياتك يا سهيله ، ، دا انتي لو شفتى اللى انا بتخيله فى دماغى دلوقتى هتخرجينى برة الغرفه دي خالص و تقفلى الباب بالمفتاح كمان ، ، علشان مش اقرب منك ربنا يهديني بجد .
طال الصمت بينهما لتقول سهيله بخجل: لو ممكن بس حضرتك يا فارس تخرج برة الغرفه دي ، ، علشان بس عاوزه اغير هدومي بعد اذن حضرتك يعني .
قال فارس بارتباك: احم أه طبعا يا سهيله ، ، بس بلاش حضرتك و الرسميات دي انا جوزك يا سهيله فأسمي فارس و بس .
ابتسمت سهيله بحب و هى تومئ برأسها فى خجل ليلقى عليها فارس نظرة اخيرة ، ، قبل ان يغادر الغرفه تاركا اياها فى عالم آخر به فقط اسمه فارس زوجها و حبيبها .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي