الفصل التاسع عشر
أما عن أصالة فتلك التي تود ولو أنه يحدث أي شيء يعيقهم من الوصول إلى ذاك السرداب ، هي بالفعل لم تحب الأمر تشعر بشيء ما في قلبها من الشر والأذي جهه ذاك المجهول الذي بدأ يسيطر على عقل وقلب زوجها الذي عقد قرانهم للتو فتحول إلى شيء من الدماء والحزن .
تود لو أنها تذهب إلى هناك فيكون العجوز قد توفي أو غادر حتى لا يدلهم على المكان ، بقلبها أشياء وأشياء ترعبها من ذكر اسم هذا الشيء البغيض إلا أنها راضخه إلى أمر يوسف ورغبته وحلمه الأكبر في معرفه ذاك المجهول الذي من اليقين أنه يحمل بين طياته رعب وخراب والذي أكبر آلاف المرات مما حدث قبل ذلك أو حدث بالأمس .
كل الأمور في قلبها تتضارب ما بين عدم رغبتها في الوصول والذهاب إلى هذا المكان ورغبه يوسف اكتشاف ما ظل يبحث عنه لأيام وأيام وشهور طوال وعانى من أجله الكثير والكثير سواء كان تعب جسدي أو نفسي.
أما عن تلك التي لا حول لها ولا قوه ، عقلها وقلبها ما زالا مع ذاك الغائب الذي لم يحضر حتى الآن .
قلبها ذاك الذي بدأت تشتعل به النيران .
نيران القلق والرعب على غيابه وتأخره غير المعهود ، نيران القلق على ما إذا كان أصابه مكروه أو شيء قد أعاق وصوله .
أما عن تلك التي لا يُرثى لحالها قلب بسبب وجهها الذي بدء يشحب لونه وعيناها التي اقترب من جفونها دمعها من شده ما تفكر به .
تود لو أنها تمتلك بساط الريح السحري فـ تطير به إلى بيت زين أو تبحث عنه في أي مكان يمكن أن يتواجد به ، ولكن لا يمكنها فعل شيء الآن سوى الانتظار .
الانتظار فقط .
ذاك الانتظار الذي له القدره على نزع القلوب من الصدور الانتظار المميت ..
كل من الثلاثه بقلبه أشياء يود ولو أنه ينتزع أرعبها من قلبه ويترك أفرحها وأسعدها ولكن لا سلطان لنا على قلوبنا هي القلوب تعبث بنا كما تشاء وتُميلُنا متى مالت ، هي القلوب وكفي ، هي القلوب التي تُخضع الأجساد بأكمله لرغبتها وسلطتها .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~وصل الشباب إلى سور الأزبكية ، بالتحديد إلى المكتبة القديمة التي قصدوها وإلى ذاك العجوز الذين أتوا لأجله .
فور أن أصبحوا أمام المكتبة تحدثت ليلى :
هي دي المكتبة إللي فيها الشخص إللي انتوا جايين عشانه؟!
يوسف : أه هي دي يا ليلى .
ليلى بعينين يتفحصن المكان : ده المكان شكله قديم أوي ؟!
هيستفاد إيه أنه يتواجد في مكان زي ده؟!
أصالة : ده نفس الكلام إللي قولته في المرة إللي فاتت ، بس رغم غرابة المكان من بره إلا أنه من جوه أغرب وأرعب .
ليلى بشرود : والله أنا لا حابه الموضوع ولا حابه الفكرة ولا حابه أي حاجه من كل ده وإحساس جوايا بيقول إن في حاجه غلط بس هعمل إيه أديني ماشيه وراكم ، حد فيكم يرن على زين تان يمكن يكون فتح تلفونه !
يوسف : في إيه يا بنتي ما إنتِ بنفسك لسه رانه عليه من دقيقة واحدة، من لحظه ما وصلنا وتلفونه كان مقفول.
ليلى بغضب: براحه يا يوسف أنت بتتكلم معايا كده ليه ؟؟
أعمل إيه أنا هو عمره ما عمل كده ، قلبي هيتحرق بسبب غيابه يعني أعمل إيه؟؟
أصالة : أهدى يا يوسف محصلش حاجه ، وإنتِ يا ليلى زين مش عيل صغير عشان تقلقي عليه بالشكل ده ، ده لو ابنك مش هتقلقي كده عليه .
ليلى بحزن : حقكم ، حقكم تقولوا إللي بتقولوه ده عشان محدش فيكم مكاني ، محدش فيكم حاسس بـ إللي أنا حساه ، بس عادي يعني عادي .
هندخل نشوف إللي جايين عشانه ولا هنروح ولا هنعمل إيه؟!
تنهد يوسف يعلم أنه تحدث بشكل غير لائق معها فـ حاول إصلاح الأمر متحدثًا : معلش يا ليلى مش قصدي أتعصب عليكي أو أزعلك والله ، بس يعني برده زين مش صغير لازم نحط له كل الأعذار .
إنتِ عارفه إنه مش حابب الموضوع ده أصلًا ، فـ ممكن مش حابب ييجي أو ممكن تلفونه فصل شاحن أو حتى ضاع منه أو أي حاجه .
هنحط له العذر لحد ما يرجع إن شاء الله نشوف إيه السبب إللي رفض أنه يخليه ييجي معانا .
ليلى بإستسلام : إللي أنت تشوفه يا يوسف ، خير إن شاء الله .
يوسف : يلا ، يلا ندخل .
تحرك يوسف داخل المكتبة متقدم الفتاتين، بعد أن دلف ثلاثتهم إلى الداخل بدأت ليلى تنظر يُمنى ويُسرى إلى المكان ، المكان في حد ذاته مُريب قديم لا يحمل في مظهره أي مظهر من مظاهر الحياه الحديثه .
بعض الأرفف المتهالكة وبعض الكتب القديمة يكمل سلسله قِدَامهم خيوط العنكبوت ، أما عن يوسف وأصالة فـ هو نفس المكان لم يتغير به شيء ، لم يتفاجئا بشيء لأنهم قد شاهدا كل ذلك من قبل .
تحمحم يوسف ومن ثم تحدث بصوتٍ عالٍ : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ، حد هنا ؟!
فور أن انتهى من إلقاء السلام خرج العجوز من خلف الأرفف كما في المره السابقة ولكن في هذه المرة شحوب وجهه كان أكبر وأكثر تعبير ، يحاول إلتقاط أنفاسه بصعوبة بالغة وكأنه كان يركض ويُهرول لمسافات بعيدة ، تحدث بـ الابتسامة التي أُشتُهِر بها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، نورتوا المكان .
يوسف : بنور حضرتك يا فندم ، مالك شكلك تعبان جدًا في حاجه ؟!
العجوز : لا لا مفيش حاجه شوية تعب بسبب السن وكده .
أصالة : ربنا يشفيك يارب ، حضرتك فاكرنا ولا نسيتنا ؟!
العجوز بإبتسامته : لا طبعًا مش نسيتكم ، نورتوا المكان بكل تأكيد ، ها عايزين تشتروا كتب ولا راجعين عشان إيه تحديدًا ؟!
يوسف : لا مش جايين عشان الكتب ، جايين عشان السرداب ، عشان نكمل كلام عنه .
تنهد العجوز وكأنه كان يود أن يسمع تلك الكلمات منذ زمنٍ بعيد ، شيء ما إهتز من الفرح في قلبه وكأنه يشعر أن الأمر أصبح واقع وقابل للتنفيذ خلال وقت قليل ، تحدث : معنديش مشكلة بس زي ما قولت ليكم أول مرة ، من لحظة ما حكيت وأنتم دخلتوا اللعبة ، اللعبة دي مفيش منها خروج .
الخارج منها قبل الجيم الأخير ميت هو وكل من حوله .
للحظه بدء القلق والرعب يتسرب في قلب ليلى تلك التي تستمع للحديث ، المكان ورعبه ، صوت العجوز وطريقة حديثه ، كل شيء في المكان لا يثير إلا القلق والرعب ، اقتربت أكثر من أصالة ومن ثم تشبثت بذراعها بقوة تعبر فيها عن الخوف الذي بدأ يتسلل إلى قلبها .
تفهمت أصالة الأمر بدأت تربط على ذراع ليلى بهدوء .
يوسف : وإحنا دخلنا اللعبة حضرتك وتقريبٌا بدأت المشاكل من إمبارح ، جاهزين لأي حاجه إن شاء الله .
العجوز بمكر : مشاكل بدأت إمبارح ؟!
خير ، تعالو ورايا الأول ونكمل .
تحرك العجوز جهة السرداب الصغير المتواجد في إحدى جوانب المكتبة ، نفس السرداب الذي دلفوا إليه مسبقًا ، تقدم يوسف خلفه بهدوء ومن ثم أصالة وتلك المتشبثة بيديها .
جلس العجوز حول الطاولة المتواجد عليها الكتاب ومن ثم بدأو جميعًا في الجلوس إلا أن ليلى تسمرت موضعها فور أن رأت غلاف الكتاب ، هو نفس غلاف الكتاب الذي وجدته في مكتبة جدها ، نفسه بكل شيء للحظة شعرت أنه هو .
لاحظ العجوز نظراتها إلى الكتاب فـ تحدث بمكر : في حاجه يا أنسه ؟!
عينك على الكتاب من لحظه ما دخلتي .
انتبهت ليلى للسؤال فـ تحدثت : لا لا مفيش حاجه .
يوسف : اتفضلي ارتاحي يا ليلى ، وحضرتك كمل كل إللي عندك عن السرداب .
العجوز: أنا مش فاكر يا ابني والله أنا كنت واقف لحد فين ؟!
أصالة : حضرتك حكيت عن عالم أرنغل وعن الكائنات إللي فيه والحروب والملك المنتظر ، ناقص فين مكان السرداب وفين أجاويد ده وليه مجاش عشان يساعد عشيرته ؟!
العجوز : أولًا هو اسمه الملك الأعظم أجاويد ، نبدأ بالجزء التان من السؤال وهو فين الملك أجاويد وليه مش موجود.
يُقال في الكتاب ده إن ملوك الجن الناري بعد ما عرفوا إن هيكون في ملك منتظر وأنه عنده القدرة على تحرير العالم قرروا أنهم يدوروا عليه في كل مكان في العالم سواء العالم البشري ده أو عالم أرنغل ، وكان بحثهم في عالم أرنغل مضيعة للوقت بس ، لأنه موجود هنا في العالم البشري ، بعد سنين طويلة تدوير قدروا يوصلوا له فعلًا ، لكن لما وصلوا له هو نفسه مكنش يعرف مقدار قوته ولا كان يعرف اصلًا حاجه عن عالمه الأصلي ، قرر الملك دواني ملك الجن الناري يجمع أكبر وأعظم سحرة عنده عشان يحبسوا الملك أجاويد في مكان سموه جزيرة النار أو أرض النار .
المكان ده بنوا فيه أكبر سجن ممكن يكون عشان الملك أجاويد ميقدرش يتحرر حتى لو عرف قوته .
الشيء إللي نجح فيه الملك دواني وملوك وسحرة الجن الناري هو أنهم قدروا يقيدوا الملك أجاويد ويمنعوه من التحرر حتى لو عرف قوته وعزلوه في مكان منفي تمامًا صعب الخروج منه لملك مائي ، ومستحيل الوصول له من جن مائي بسبب القوة النارية الموجودة في المكان .
ده كان تفكير شياطني من الملك دواني والمساعد الخاص بيه ويعتبر عقله المفكر هو ملك ناري اسمه أبلج .
يوسف بشرود : يعني كده الملك أجاويد مش هيتحرر ؟!
آمال إزاي الملك هتان كان عنده اليقين إن أجاويد هيرجع ؟!
العجوز: مين قال أنه مش هيتحرر ؟!
كل الكلام ده هو كلام كامل عن عالم الجن بشكل تام ، لكن مش جبت سيرة البشر لسه ، أنت مش سألت نفسك ليه عشان تمر من السرداب تكون معاك جان .
ولو جان عايز يمر لازم يكون معاه بشري ؟!
أصالة بشرود : ليه؟!
ما كده كده الاتنين بيموتوا بسبب الرصد الموجود ؟!
العجوز : سواء الرصد أو الظلمات أو التعاويذ ده كله مؤقت لحد رجوع الملك أجاويد ، أنا بتكلم عن جزء تان خالص هو ليه عشان تمر يكون اتنين، بشري وجان ؟!
يوسف : ليه ؟؟
العجوز بإبتسامة ماكره : أهو السؤال ده مش أنا إللي هجاوب ليكم عليه ، لكن حد تان موجود هنا هو إللي هيجاوب .
يوسف بقلق : حد تان هنا ؟!
مفيش حد في المكان غيرنا إحنا الأربعة ؟!
العجوز : ايوه ما هو واحد مننا احنا الأربعة ، صمت للحظه ومن ثم عاد بناظريه لـ ليلى وتحدث : أكيد الأنسة ليلى هي إللي هتجاوب على السؤال ده .
فور أن سمعت ليلى الجمله تحجرت موضعها وكأنها تصلبت في مكانها ، نظر يوسف إليها بصدمة حاله كـ حال أصالة تمامًا ثم تحدث : ليلى ؟؟
ليلى إللي هتجاوب ؟!
إزاي وأنت عرفت اسمها منين؟
ليلى هتعرف حاجه عن ده إزاي ؟
عاود العجوز حديثه مجددًا : مش مهم عرفت اسمها من فين دلوقت أفهمك ، المهم هي أكيد عارفة إجابه السؤال من الكتاب إللي كان معاها ،أو بالتحديد بالورقة إللي انقطعت من الكتاب إللي كان معاها قبل ما تعطيه لزين وزين ياخده ويخبيه ، الورقة إللي قطعتها فيها إجابه السؤال .
أصالة بصدمة أكبر مما كانت عليها ، يوسف هو الآخر نفس الحال ، أي كتاب ذاك الذي كان مع ليلى وأعطته لـ زين ولما ؟
ما ذاك الحديث الذي يتفوه به ذاك المجنون ؟!
تحدث بصدمة موجه حديثه لـ ليلى : ليلى الكلام ده صح ؟!
اتكلمي ؟!
تنهدت ليلى بإستسلام وكأن الأمر أصبح لا ضرورة لإخفاءه أكثر من ذلك ، فـ بسبب ذاك المعتوه كما شبهته قد كُشف أمر الكتاب ولكن حتى زين نفسه لا يعلم بأمر تلك الورقة المفقودة من الكتاب فـ كيف علم بكل تلك الأشياء ؟!
ليلى : اه يا يوسف كل حاجه بيقولها حقيقي ، لكن قبل ما أقول حاجه أنا عايزه أعرف أنت عرفت كل الحاجات دي إزاي!
اه يا يوسف أنا لقيت نسخه الكتاب التالتة في مكتبة جدي وقولت لـ زين قبل ما آجي أقول ليك وللأسف هو أصر أنه مش يقول ليك حاجه عن الموضوع عشان كان خايف عليك ، فقرر أنه يخلي الموضوع في السر بيني وبينه بس .
أخد الكتاب ومن وقتها مش أعرف اي حاجه عنه ، أما عن الورقة إللي قطعتها فـ زين نفسه ميعرفش عنها حاجه أنت إزاي عرفت كل ده ؟!
إزااااي؟!
تود لو أنها تذهب إلى هناك فيكون العجوز قد توفي أو غادر حتى لا يدلهم على المكان ، بقلبها أشياء وأشياء ترعبها من ذكر اسم هذا الشيء البغيض إلا أنها راضخه إلى أمر يوسف ورغبته وحلمه الأكبر في معرفه ذاك المجهول الذي من اليقين أنه يحمل بين طياته رعب وخراب والذي أكبر آلاف المرات مما حدث قبل ذلك أو حدث بالأمس .
كل الأمور في قلبها تتضارب ما بين عدم رغبتها في الوصول والذهاب إلى هذا المكان ورغبه يوسف اكتشاف ما ظل يبحث عنه لأيام وأيام وشهور طوال وعانى من أجله الكثير والكثير سواء كان تعب جسدي أو نفسي.
أما عن تلك التي لا حول لها ولا قوه ، عقلها وقلبها ما زالا مع ذاك الغائب الذي لم يحضر حتى الآن .
قلبها ذاك الذي بدأت تشتعل به النيران .
نيران القلق والرعب على غيابه وتأخره غير المعهود ، نيران القلق على ما إذا كان أصابه مكروه أو شيء قد أعاق وصوله .
أما عن تلك التي لا يُرثى لحالها قلب بسبب وجهها الذي بدء يشحب لونه وعيناها التي اقترب من جفونها دمعها من شده ما تفكر به .
تود لو أنها تمتلك بساط الريح السحري فـ تطير به إلى بيت زين أو تبحث عنه في أي مكان يمكن أن يتواجد به ، ولكن لا يمكنها فعل شيء الآن سوى الانتظار .
الانتظار فقط .
ذاك الانتظار الذي له القدره على نزع القلوب من الصدور الانتظار المميت ..
كل من الثلاثه بقلبه أشياء يود ولو أنه ينتزع أرعبها من قلبه ويترك أفرحها وأسعدها ولكن لا سلطان لنا على قلوبنا هي القلوب تعبث بنا كما تشاء وتُميلُنا متى مالت ، هي القلوب وكفي ، هي القلوب التي تُخضع الأجساد بأكمله لرغبتها وسلطتها .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~وصل الشباب إلى سور الأزبكية ، بالتحديد إلى المكتبة القديمة التي قصدوها وإلى ذاك العجوز الذين أتوا لأجله .
فور أن أصبحوا أمام المكتبة تحدثت ليلى :
هي دي المكتبة إللي فيها الشخص إللي انتوا جايين عشانه؟!
يوسف : أه هي دي يا ليلى .
ليلى بعينين يتفحصن المكان : ده المكان شكله قديم أوي ؟!
هيستفاد إيه أنه يتواجد في مكان زي ده؟!
أصالة : ده نفس الكلام إللي قولته في المرة إللي فاتت ، بس رغم غرابة المكان من بره إلا أنه من جوه أغرب وأرعب .
ليلى بشرود : والله أنا لا حابه الموضوع ولا حابه الفكرة ولا حابه أي حاجه من كل ده وإحساس جوايا بيقول إن في حاجه غلط بس هعمل إيه أديني ماشيه وراكم ، حد فيكم يرن على زين تان يمكن يكون فتح تلفونه !
يوسف : في إيه يا بنتي ما إنتِ بنفسك لسه رانه عليه من دقيقة واحدة، من لحظه ما وصلنا وتلفونه كان مقفول.
ليلى بغضب: براحه يا يوسف أنت بتتكلم معايا كده ليه ؟؟
أعمل إيه أنا هو عمره ما عمل كده ، قلبي هيتحرق بسبب غيابه يعني أعمل إيه؟؟
أصالة : أهدى يا يوسف محصلش حاجه ، وإنتِ يا ليلى زين مش عيل صغير عشان تقلقي عليه بالشكل ده ، ده لو ابنك مش هتقلقي كده عليه .
ليلى بحزن : حقكم ، حقكم تقولوا إللي بتقولوه ده عشان محدش فيكم مكاني ، محدش فيكم حاسس بـ إللي أنا حساه ، بس عادي يعني عادي .
هندخل نشوف إللي جايين عشانه ولا هنروح ولا هنعمل إيه؟!
تنهد يوسف يعلم أنه تحدث بشكل غير لائق معها فـ حاول إصلاح الأمر متحدثًا : معلش يا ليلى مش قصدي أتعصب عليكي أو أزعلك والله ، بس يعني برده زين مش صغير لازم نحط له كل الأعذار .
إنتِ عارفه إنه مش حابب الموضوع ده أصلًا ، فـ ممكن مش حابب ييجي أو ممكن تلفونه فصل شاحن أو حتى ضاع منه أو أي حاجه .
هنحط له العذر لحد ما يرجع إن شاء الله نشوف إيه السبب إللي رفض أنه يخليه ييجي معانا .
ليلى بإستسلام : إللي أنت تشوفه يا يوسف ، خير إن شاء الله .
يوسف : يلا ، يلا ندخل .
تحرك يوسف داخل المكتبة متقدم الفتاتين، بعد أن دلف ثلاثتهم إلى الداخل بدأت ليلى تنظر يُمنى ويُسرى إلى المكان ، المكان في حد ذاته مُريب قديم لا يحمل في مظهره أي مظهر من مظاهر الحياه الحديثه .
بعض الأرفف المتهالكة وبعض الكتب القديمة يكمل سلسله قِدَامهم خيوط العنكبوت ، أما عن يوسف وأصالة فـ هو نفس المكان لم يتغير به شيء ، لم يتفاجئا بشيء لأنهم قد شاهدا كل ذلك من قبل .
تحمحم يوسف ومن ثم تحدث بصوتٍ عالٍ : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ، حد هنا ؟!
فور أن انتهى من إلقاء السلام خرج العجوز من خلف الأرفف كما في المره السابقة ولكن في هذه المرة شحوب وجهه كان أكبر وأكثر تعبير ، يحاول إلتقاط أنفاسه بصعوبة بالغة وكأنه كان يركض ويُهرول لمسافات بعيدة ، تحدث بـ الابتسامة التي أُشتُهِر بها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، نورتوا المكان .
يوسف : بنور حضرتك يا فندم ، مالك شكلك تعبان جدًا في حاجه ؟!
العجوز : لا لا مفيش حاجه شوية تعب بسبب السن وكده .
أصالة : ربنا يشفيك يارب ، حضرتك فاكرنا ولا نسيتنا ؟!
العجوز بإبتسامته : لا طبعًا مش نسيتكم ، نورتوا المكان بكل تأكيد ، ها عايزين تشتروا كتب ولا راجعين عشان إيه تحديدًا ؟!
يوسف : لا مش جايين عشان الكتب ، جايين عشان السرداب ، عشان نكمل كلام عنه .
تنهد العجوز وكأنه كان يود أن يسمع تلك الكلمات منذ زمنٍ بعيد ، شيء ما إهتز من الفرح في قلبه وكأنه يشعر أن الأمر أصبح واقع وقابل للتنفيذ خلال وقت قليل ، تحدث : معنديش مشكلة بس زي ما قولت ليكم أول مرة ، من لحظة ما حكيت وأنتم دخلتوا اللعبة ، اللعبة دي مفيش منها خروج .
الخارج منها قبل الجيم الأخير ميت هو وكل من حوله .
للحظه بدء القلق والرعب يتسرب في قلب ليلى تلك التي تستمع للحديث ، المكان ورعبه ، صوت العجوز وطريقة حديثه ، كل شيء في المكان لا يثير إلا القلق والرعب ، اقتربت أكثر من أصالة ومن ثم تشبثت بذراعها بقوة تعبر فيها عن الخوف الذي بدأ يتسلل إلى قلبها .
تفهمت أصالة الأمر بدأت تربط على ذراع ليلى بهدوء .
يوسف : وإحنا دخلنا اللعبة حضرتك وتقريبٌا بدأت المشاكل من إمبارح ، جاهزين لأي حاجه إن شاء الله .
العجوز بمكر : مشاكل بدأت إمبارح ؟!
خير ، تعالو ورايا الأول ونكمل .
تحرك العجوز جهة السرداب الصغير المتواجد في إحدى جوانب المكتبة ، نفس السرداب الذي دلفوا إليه مسبقًا ، تقدم يوسف خلفه بهدوء ومن ثم أصالة وتلك المتشبثة بيديها .
جلس العجوز حول الطاولة المتواجد عليها الكتاب ومن ثم بدأو جميعًا في الجلوس إلا أن ليلى تسمرت موضعها فور أن رأت غلاف الكتاب ، هو نفس غلاف الكتاب الذي وجدته في مكتبة جدها ، نفسه بكل شيء للحظة شعرت أنه هو .
لاحظ العجوز نظراتها إلى الكتاب فـ تحدث بمكر : في حاجه يا أنسه ؟!
عينك على الكتاب من لحظه ما دخلتي .
انتبهت ليلى للسؤال فـ تحدثت : لا لا مفيش حاجه .
يوسف : اتفضلي ارتاحي يا ليلى ، وحضرتك كمل كل إللي عندك عن السرداب .
العجوز: أنا مش فاكر يا ابني والله أنا كنت واقف لحد فين ؟!
أصالة : حضرتك حكيت عن عالم أرنغل وعن الكائنات إللي فيه والحروب والملك المنتظر ، ناقص فين مكان السرداب وفين أجاويد ده وليه مجاش عشان يساعد عشيرته ؟!
العجوز : أولًا هو اسمه الملك الأعظم أجاويد ، نبدأ بالجزء التان من السؤال وهو فين الملك أجاويد وليه مش موجود.
يُقال في الكتاب ده إن ملوك الجن الناري بعد ما عرفوا إن هيكون في ملك منتظر وأنه عنده القدرة على تحرير العالم قرروا أنهم يدوروا عليه في كل مكان في العالم سواء العالم البشري ده أو عالم أرنغل ، وكان بحثهم في عالم أرنغل مضيعة للوقت بس ، لأنه موجود هنا في العالم البشري ، بعد سنين طويلة تدوير قدروا يوصلوا له فعلًا ، لكن لما وصلوا له هو نفسه مكنش يعرف مقدار قوته ولا كان يعرف اصلًا حاجه عن عالمه الأصلي ، قرر الملك دواني ملك الجن الناري يجمع أكبر وأعظم سحرة عنده عشان يحبسوا الملك أجاويد في مكان سموه جزيرة النار أو أرض النار .
المكان ده بنوا فيه أكبر سجن ممكن يكون عشان الملك أجاويد ميقدرش يتحرر حتى لو عرف قوته .
الشيء إللي نجح فيه الملك دواني وملوك وسحرة الجن الناري هو أنهم قدروا يقيدوا الملك أجاويد ويمنعوه من التحرر حتى لو عرف قوته وعزلوه في مكان منفي تمامًا صعب الخروج منه لملك مائي ، ومستحيل الوصول له من جن مائي بسبب القوة النارية الموجودة في المكان .
ده كان تفكير شياطني من الملك دواني والمساعد الخاص بيه ويعتبر عقله المفكر هو ملك ناري اسمه أبلج .
يوسف بشرود : يعني كده الملك أجاويد مش هيتحرر ؟!
آمال إزاي الملك هتان كان عنده اليقين إن أجاويد هيرجع ؟!
العجوز: مين قال أنه مش هيتحرر ؟!
كل الكلام ده هو كلام كامل عن عالم الجن بشكل تام ، لكن مش جبت سيرة البشر لسه ، أنت مش سألت نفسك ليه عشان تمر من السرداب تكون معاك جان .
ولو جان عايز يمر لازم يكون معاه بشري ؟!
أصالة بشرود : ليه؟!
ما كده كده الاتنين بيموتوا بسبب الرصد الموجود ؟!
العجوز : سواء الرصد أو الظلمات أو التعاويذ ده كله مؤقت لحد رجوع الملك أجاويد ، أنا بتكلم عن جزء تان خالص هو ليه عشان تمر يكون اتنين، بشري وجان ؟!
يوسف : ليه ؟؟
العجوز بإبتسامة ماكره : أهو السؤال ده مش أنا إللي هجاوب ليكم عليه ، لكن حد تان موجود هنا هو إللي هيجاوب .
يوسف بقلق : حد تان هنا ؟!
مفيش حد في المكان غيرنا إحنا الأربعة ؟!
العجوز : ايوه ما هو واحد مننا احنا الأربعة ، صمت للحظه ومن ثم عاد بناظريه لـ ليلى وتحدث : أكيد الأنسة ليلى هي إللي هتجاوب على السؤال ده .
فور أن سمعت ليلى الجمله تحجرت موضعها وكأنها تصلبت في مكانها ، نظر يوسف إليها بصدمة حاله كـ حال أصالة تمامًا ثم تحدث : ليلى ؟؟
ليلى إللي هتجاوب ؟!
إزاي وأنت عرفت اسمها منين؟
ليلى هتعرف حاجه عن ده إزاي ؟
عاود العجوز حديثه مجددًا : مش مهم عرفت اسمها من فين دلوقت أفهمك ، المهم هي أكيد عارفة إجابه السؤال من الكتاب إللي كان معاها ،أو بالتحديد بالورقة إللي انقطعت من الكتاب إللي كان معاها قبل ما تعطيه لزين وزين ياخده ويخبيه ، الورقة إللي قطعتها فيها إجابه السؤال .
أصالة بصدمة أكبر مما كانت عليها ، يوسف هو الآخر نفس الحال ، أي كتاب ذاك الذي كان مع ليلى وأعطته لـ زين ولما ؟
ما ذاك الحديث الذي يتفوه به ذاك المجنون ؟!
تحدث بصدمة موجه حديثه لـ ليلى : ليلى الكلام ده صح ؟!
اتكلمي ؟!
تنهدت ليلى بإستسلام وكأن الأمر أصبح لا ضرورة لإخفاءه أكثر من ذلك ، فـ بسبب ذاك المعتوه كما شبهته قد كُشف أمر الكتاب ولكن حتى زين نفسه لا يعلم بأمر تلك الورقة المفقودة من الكتاب فـ كيف علم بكل تلك الأشياء ؟!
ليلى : اه يا يوسف كل حاجه بيقولها حقيقي ، لكن قبل ما أقول حاجه أنا عايزه أعرف أنت عرفت كل الحاجات دي إزاي!
اه يا يوسف أنا لقيت نسخه الكتاب التالتة في مكتبة جدي وقولت لـ زين قبل ما آجي أقول ليك وللأسف هو أصر أنه مش يقول ليك حاجه عن الموضوع عشان كان خايف عليك ، فقرر أنه يخلي الموضوع في السر بيني وبينه بس .
أخد الكتاب ومن وقتها مش أعرف اي حاجه عنه ، أما عن الورقة إللي قطعتها فـ زين نفسه ميعرفش عنها حاجه أنت إزاي عرفت كل ده ؟!
إزااااي؟!