الفصل الرابع الخيط الرفيع
وقفت چيلان في الشرفة الخاصة بغرفة شقيقتها، نظرت إلى السماء فإذا بالقمر بدرًا وهي تحب رؤية القمر وتشعر بالراحة عندما يكون مكتملًا وتتفائل بذلك منذ صغرها.
شعرت بأنها ربما تكون علامة على إنها سوف تصل للحقيفة من خلال مذكرات شقيقتها.
نظرت إلى المفكرة التي بيدها وحدثت نفسها قائلة:
-ترى ما الذي جعل وعد تلجأ إليكِ لتخرج بين أوراقك أسرارها؟! هل كانت تفتقد لمن تتحدث معه وتخرج له كل ما بداخلها فلم تجد سواكِ؟
اتجهت إلى مكتب وعد وقامت بفتح المفكرة لتقرأ أو سطورها وتكون المفاجأة عندما وقعت عينيها على أول جملة في هذه المفكرة.
"تقرئين مذكراتي، إذن أنا لم أعد على قيد الحياة"
تلألأت الدموع في عيني چيلان وهي تقرأ هذه الجملة ثم علقت قائلة:
-ليتكِ كنتِ على قيد الحياة، ولم يستدعي الأمر أن ابحث في هذه المفكرة عن أي شيء يخبرني بالحقيقة.
واصلت القراءة فإذا بوعد تقول:
-"چي چي كنت اتمنى أن تكوني معي في هذه الأيام كنت سأقص عليكِ كل ما بداخلي".
انهمرت الدموع من عيني چيلان وعلقت قائلة:
-أعتذر إليكِ يا حبيبتي لإنشغالي بنفسي وبدراستي عنكِ.
واصلت چيلان القراءة لتقرأ على لسان وعد: "اليوم قابلته، أجل قابلته إنه شاب أقل ما يمكن أن أقوله عنه إنه رائع.
اليوم ذهبت لأتناول قهوتي في الكافيه الذي اعتدت أن أذهب إليه، أثناء تناولي لفنجان القهوة فوجئت بمن يقوم بسرقة حقيبة اليد الخاص بي من على الطاولة ويركض.
لم استطيع الركض وراءه لسرعته، وما هي إلا دقائق معدودة وفوجئت بهذا الشاب الرائع يحضر لي حقيبتي بعد أن استطاع اللحاق باللص واستردادها منه".
توقفت چيلان عن القراءة وقالت:
-إنها حيلة قديمة جدًا يا وعد كيف دخلت عليكِ وقعتي في شَّرَاكه؟!
أخذت چيلان نفسًا عميقًا وواصلت قراءة مذكرات وعد التي كانت تقول:
-" منذ الوهلة الأولى التي رأيته فيها وشعرت بشيء يجذبني إليه، لقد كانت هذه هي أول معرفتي به، بعد ذلك استمر لقائنا حتى أصبحت لا أتخيل يومًا يمر علي دون أن أراه فيه، يبدو أنني وقعت في الحب وهذا ما لم أكن اتخيل أن يحدث لي".
طرقت رضا باب الغرفة فتوقفت چيلان عن قراءة المذكرات وتحدثت قائلة:
-تفضلي، يمكنك الدلوف.
دلفت رضا إلى داخل الغرفة وقالت:
-آنسة چيلان، أنتِ لم تتناولين شيء منذ الصباح هل أقوم بإحضار الطعام لكِ؟
نظرت چيلان إلى رضا وقالت:
-هل ستشاركني أمي الطعام؟
علقت رضا وقالت:
-لا، لقد رفضت تناول شيء وقالت: "إنني في حاجة للنوم وليس للطعام".
أومأت چيلان برأسها وقالت:
-أجل، إنها بحاجة إلى النوم والراحة بعد هذا اليوم الشاق، وأنا أيضاً لا أريد تناول شيء.
دنت رضا من چيلان وتحدثت بصوت يملؤه الحب والود:
-حبيبتي، رجاءً لابد أن تتناولين شيء، ما رأيك في أن احضر إليكِ بعد الشطائر مع كوب من الحليب الدافىء؟
أومأت چيلان برأسها بالموافقة فذهبت رضا وأحضرت بعض الشطائر بسرعة وكأنها كانت قد أعدتها مسبقًا.
وضعت رضا الشطائر أمام چيلان على المكتب وقالت:
-لا تعيدي شيئًا منها.
ابتسمت چيلان ابتسامة خفيفة وقالت:
-رضا، شكراً لكِ.
ابتسمت رضا وربتت على رأس چيلان برفق وقالت:
-حبيبتي، لا داعي للشكر بالهناء والشفاء.
غادرت رضا الغرفة وقامت چيلان بتناول بعض من الشطائر ثم واصلت قرائتها لمذكرات وعد، فقرأت في صفحة أخرى:
-اليوم فاجأني سليم بباقة من الورود الجميلة لقد سعدت بها كثيراً، أجل اسمه سليم أليس أسمًا رائعًا؟
تنقلت چيلان بين أروقة المذكرات حتى وصلت إلى الصفحة التي قرأت فيها.
" اليوم اكتشفت شيئًا غريبًا عن سليم إنه يقدس أشيائه بطريقة مبالغ فيها، فعندما أقترب من هاتفه يمسك به ويبدو عليه الضيق الشديد، ليس هذا فحسب بل إنه لا يسمح لي أيضًا بأن أخذ شيء من أشياءه كنوع من الذكرى حتى لو كان مجرد قلم.
-لا أعلم هل تسرعت في البوح بمشاعري لسليم؟! إنه يعاملني كشخصية مميزة في حياته إلا إنه لم يخبرني إلى الآن بطريقة مباشرة إنه يبادلني الحب، كم أشعر بالندم، كيف أصرح له بحبي دون أن يخبرني هو أولاً؟!"
توقفت چيلان عن القراءة وقد بدى على وجهها علامات التعجب والذهول وحدثت نفسها قائلة:
-ما الذي حدث لها لم تترك وعد يومًا مشاعرها تتحكم في أفعالها؟! كيف تجرؤ على المباردة في البوح بمشاعرها لشخص لم يخبرها بحبه؟!
فجأة دلفت الأم إلى داخل الغرفة، نظرت إلى چيلان وقالت:
-ابنتي، هل لازلتِ مستيقظة؟!
نهضت چيلان في مكانها وقامت بإغلاق المفكرة، ثم علقت قائلة:
-أجل لقد كنت أقرأ بعض الاشياء الخاصة بعملي.
نظرت الأم إلى المفكرة ثم أمسكت بها وقالت:
-هل هذه المفكرة خاصة بعملك؟
علقت چيلان وقالت:
-أجل كنت أدون بها بعض الملاحظات الهامة.
شرعت الأم في فتح المفكرة فامسكت بها چيلان وقالت:
-أمي، دعكِ من هذه وأخبريني هل تناولتي شيء؟
نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-لا، لم يعد لي شهية لشيء.
امسكت چيلان بذراع والدتها وقالت:
- سوف افتح شهيتك واتناول معكِ العشاء.
نظر الأم إلى ماتبقى من طعام وعلمت أن چيلان قد تناولت طعامها إلا إنها سوف تتناول عشائها مرة أخرى من أجلها.
ابتسمت الأم ابتسامة خفيفة وقالت:
-حسنًا يا حبيبتي، سوف اتناول العشاء من أجلك.
جلست الأم على طاولة الطعام للمرة الأولى منذ وفاة وعد.
نظرت الأم إلى المقعد الذي كانت تجلس عليه وعد وتلألأت الدموع في عينيها، لاحظت چيلان ذلك فأسرعت بالجلوس على مقعد وعد وتحدثت قائلة:
-أرى أن أجلس بجوارك هذا سيكون أفضل.
نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-چيلان، هل يمكنني أن اطلب منكِ طلب؟
نظرت چيلان إلى والدتها بأهتمام وقالت:
-أمي، طلباتك آوامر ماذا تريدين؟
علقت الأم وقالت:
- چيلان، هل يمكنك أن تبقي هنا ولا تعودي لأمريكا؟ أعلم أن طلبي هذا ربما يكون فيه نوع من الأنانية ولكنني لا استطيع العيش هنا بمفردي.
نظرت چيلان إلى والدتها وقد علمت ما تشعر به فعلقت قائلة:
-أمي، فلنؤجل الحديث في هذا الأمر الآن.
أومأت الأم برأسها وبدأت في تناول الطعام دون أن تتحدث بكلمة واحدة.
شعرت چيلان أنها بين خيارين كلاهما صعب، رغبة والدتها بالبقاء في مصر وعدم العودة لأمريكا، وحلمها الذي كانت تحلم به طوال حياتها والذي أوشك على أن يتحقق وتصبح محققة فيدرالية.
بعد انتهاء العشاء دلفت چيلان إلى غرفتها؛ لقد كانت متشوقة لأن تعرف أي معلومات عن ذلك الرجل.
بدأت چيلان من حيث توقفت، لتقرأ ما كتبته شقيقتها التي ذكرت أشياء عن ذلك الشخص قائلة:
-"كل يوم يمر على علاقتي بسليم اكتشف عنه أشياء غريبة، فهو لا يحب أن يلمس أحد شيء من أشيائه الخاصة ومقتنياته، كما إنه يكره اللون الأبيض بشدة.
-الغريب في الأمر إنه يتحسس من رائحة الياسمين بشدة، لقد اكتشفت للتوه هذا الأمر ولم أخبره بذلك؛ فهو يكره أن يظهر ضعيفًا أمام أحد، أو أن يظهر نقطة ضعفه لأحد حتى لو كنت أنا."
وفي ورقة أخرى كتبت وعد قائلة:
-"اليوم قررت عدم مقابلته؛ لعله يفتقدني ويدفعه ذلك للبوح بحبه لي، العجيب في الأمر إنني أتألم لعدم رؤيته وكأنه عقابًا لي وليس له.
-في نهاية اليوم تلقيت مكالمة من مجهول لم يظهر أسمه، فإذا به ذلك المجهول!
- كاد قلبي أن يطير من السعادة عندما سمعت صوته، لقد أخبرني إنه سوف يذهب للصيد في صباح الغد واخبرني إن كانت لدي رغبة في مرافقته.
-لم اتردد ووافقت على الفور، عسى أن تكون الفرصة قد سنحت لمصارحته بمشاعره تجاهي.
انهت چيلان ذلك الجزء وشعرت بالضيق الشديد، تركت المفكرة ولم تستطيع اكمالها، غادرت الغرفة ثم تحدثت مع رضا قائلة:
-رضا، هل نامت أمي؟
اجبت رضا التي كانت تستعد للذهاب للنوم وقالت:
-أجل، لا تقلقي بشانها لم اغادر غرفتها إلا بعد أن تأكدت من ذهابها في نوم عميق، ولكن هل كنتِ تريدين شيء؟
شعرت چيلان بالحرج ثم علقت قائلة:
-لا اذهبي أنتِ إلى غرفتك لتنالين قسطًا من الراحة، سوف أقوم بإعداد فنجانًا من القهوة.
نظرت رضا إلى چيلان وقد بدى عليها التعجب وقالت:
-الساعة الثانية صباحًا وأنتِ تريدين أن تحتسين القهوة في هذا الوقت المتأخر؟!
علقت چيلان قائلة:
-لدي أرق وألم شديد في رأسي، لذلك فإنني بحاجة إلى فنجان من القهوة.
ابتسمت رضا وقالت:
-حسنًا، سوف أعد لكِ ما تريدين.
نظرت چيلان إلى رضا وقالت:
-شكراً لكِ.
عادت چيلان إلى غرفتها، وقفت تنظر إلى المفكرة، فجأة ألقت بها أرضًا وهي تقول:
-لم أكْ اتخيل أن تكون وعد بهذا الضعف وهذه السذاجة.
بعد قليل دلفت رضا إلى داخل الغرفة وقد احضرت القهوة، قامت بوضعها أمام چيلان وقالت:
-تفضلي هل تأمرين بشيء آخر؟
نظرت چيلان إلى رضا وقد بدى على وجهها ابتسامة رقيقة وقالت:
-رضا، اشعر بالإمتنان إليكِ، تستطيعين الآن الذهاب إلى غرفتك وأخذ قسطًا من الراحة.
علقت رضا قائلة:
-إن أردتي أظل مستيقظة لعلك تحتاجين لشيء.
ربتت چيلان على كتف رضا وقالت:
-لا، بعد قليل سوف أنام لا تقلقي بشأني.
غادرت رضا الغرفة، نظرت چيلان إلى فنجان القهوة وقالت:
-لا أعلم هل سأكتفي بك أم سأحتاج لآخر حتى نعرف كل ما نريده عن رجل الوشم ذاك؟!
نهضت چيلان من مكانها وإلتقطت المفكرة من على الأرض، ثم جلست على المكتب مرة آخرى.
ارتشفت رشفة من قهوتها وعادت إلى المفكرة مرة أخرى لعلها تجد ضالتها.
بدأت في قراءة ما خطته شقيقتها بيدها فإذا بها تقول: "ظللت طوال الليل أحلم برحلة الصيد التي سوف أذهب بها مع سليم، تمنيت أن أعود من تلك الرحلة سعيدة".
استيقظت مسرعة إلى دولابي لأنتقي منه أجمل ثوب، بالطبع سوف اتفادى اللون الابيض الذي يبغضه سليم بشدة لا أعلم سبب ذلك ولن أسأله في الوقت الراهن.
الثوب الأزرق جيد لعله يأتي بثماره ويراني جميلة فيسرح لي عما بداخله.
قبل أن اتوجه للقائه سوف أذهب لأتسلم الهدية التي احضرتها له، إنها قلادة تحمل بداخلها الحروف الأولى من أسامينا، حرف الدبليو وحرف الإس، اخترت أن تكون سوداء؛ فهو لونه المفضل، اتمنى أن تنول إعجابه."
قلّبت چيلان الصفحات؛ لتعرف ما الذي اسفرت عنه رحلة الصيد، فإذا بها تقرأ:
-"لقد عدت من رحلة الصيد للتوه، كان رقيقًا معي للغاية، لقد فرح بهديتي، لكنه رفض ارتدائها، لقد اخبرني قائلًا:
-"دعيها سوف أرتديها فيما بعد. "
كم كنت اتمنى أن يقوم بإرتدائها!
اليوم كشف عن جسده ما أجمله من جسد لرجل في الثلاثين من عمره، شعره أسود منسدل على كتفه وعيون عسلية عندما تنظر إليهما تذوب بهما عشقًا، لديه لحية خفيفة يتمتع ببنية قوية وجسد معضال.
لا تفهميني خطأ، فعندما كان يصطاد نزع قميصه فبدى لي ما كان يخفيه من جسد مغضال به وشم كبير على ظهره.
لقد أصابني الذهول للوهلة الأولى عندما رأيت ذلك الوشم الذي يبدو غامضًا.
إنه عبارة عن مثلث وبداخله نجمة وبداخل النجمة شيء يشبه النار وبداخلها حرف كأنه حرف الآر، ولكن لابد أن ذلك له دلالة أو معنى لديه.
اقتربت منه وسألته عن ذلك الوشم وعن حرف الآر الذي بداخله نظر إلي وقال: "سأخبرك بكل شيء ولكن في الوقت المناسب، اعتقد أن النهاية قد اقتربت وستعرفين كل شيء".
شعرت بأنها ربما تكون علامة على إنها سوف تصل للحقيفة من خلال مذكرات شقيقتها.
نظرت إلى المفكرة التي بيدها وحدثت نفسها قائلة:
-ترى ما الذي جعل وعد تلجأ إليكِ لتخرج بين أوراقك أسرارها؟! هل كانت تفتقد لمن تتحدث معه وتخرج له كل ما بداخلها فلم تجد سواكِ؟
اتجهت إلى مكتب وعد وقامت بفتح المفكرة لتقرأ أو سطورها وتكون المفاجأة عندما وقعت عينيها على أول جملة في هذه المفكرة.
"تقرئين مذكراتي، إذن أنا لم أعد على قيد الحياة"
تلألأت الدموع في عيني چيلان وهي تقرأ هذه الجملة ثم علقت قائلة:
-ليتكِ كنتِ على قيد الحياة، ولم يستدعي الأمر أن ابحث في هذه المفكرة عن أي شيء يخبرني بالحقيقة.
واصلت القراءة فإذا بوعد تقول:
-"چي چي كنت اتمنى أن تكوني معي في هذه الأيام كنت سأقص عليكِ كل ما بداخلي".
انهمرت الدموع من عيني چيلان وعلقت قائلة:
-أعتذر إليكِ يا حبيبتي لإنشغالي بنفسي وبدراستي عنكِ.
واصلت چيلان القراءة لتقرأ على لسان وعد: "اليوم قابلته، أجل قابلته إنه شاب أقل ما يمكن أن أقوله عنه إنه رائع.
اليوم ذهبت لأتناول قهوتي في الكافيه الذي اعتدت أن أذهب إليه، أثناء تناولي لفنجان القهوة فوجئت بمن يقوم بسرقة حقيبة اليد الخاص بي من على الطاولة ويركض.
لم استطيع الركض وراءه لسرعته، وما هي إلا دقائق معدودة وفوجئت بهذا الشاب الرائع يحضر لي حقيبتي بعد أن استطاع اللحاق باللص واستردادها منه".
توقفت چيلان عن القراءة وقالت:
-إنها حيلة قديمة جدًا يا وعد كيف دخلت عليكِ وقعتي في شَّرَاكه؟!
أخذت چيلان نفسًا عميقًا وواصلت قراءة مذكرات وعد التي كانت تقول:
-" منذ الوهلة الأولى التي رأيته فيها وشعرت بشيء يجذبني إليه، لقد كانت هذه هي أول معرفتي به، بعد ذلك استمر لقائنا حتى أصبحت لا أتخيل يومًا يمر علي دون أن أراه فيه، يبدو أنني وقعت في الحب وهذا ما لم أكن اتخيل أن يحدث لي".
طرقت رضا باب الغرفة فتوقفت چيلان عن قراءة المذكرات وتحدثت قائلة:
-تفضلي، يمكنك الدلوف.
دلفت رضا إلى داخل الغرفة وقالت:
-آنسة چيلان، أنتِ لم تتناولين شيء منذ الصباح هل أقوم بإحضار الطعام لكِ؟
نظرت چيلان إلى رضا وقالت:
-هل ستشاركني أمي الطعام؟
علقت رضا وقالت:
-لا، لقد رفضت تناول شيء وقالت: "إنني في حاجة للنوم وليس للطعام".
أومأت چيلان برأسها وقالت:
-أجل، إنها بحاجة إلى النوم والراحة بعد هذا اليوم الشاق، وأنا أيضاً لا أريد تناول شيء.
دنت رضا من چيلان وتحدثت بصوت يملؤه الحب والود:
-حبيبتي، رجاءً لابد أن تتناولين شيء، ما رأيك في أن احضر إليكِ بعد الشطائر مع كوب من الحليب الدافىء؟
أومأت چيلان برأسها بالموافقة فذهبت رضا وأحضرت بعض الشطائر بسرعة وكأنها كانت قد أعدتها مسبقًا.
وضعت رضا الشطائر أمام چيلان على المكتب وقالت:
-لا تعيدي شيئًا منها.
ابتسمت چيلان ابتسامة خفيفة وقالت:
-رضا، شكراً لكِ.
ابتسمت رضا وربتت على رأس چيلان برفق وقالت:
-حبيبتي، لا داعي للشكر بالهناء والشفاء.
غادرت رضا الغرفة وقامت چيلان بتناول بعض من الشطائر ثم واصلت قرائتها لمذكرات وعد، فقرأت في صفحة أخرى:
-اليوم فاجأني سليم بباقة من الورود الجميلة لقد سعدت بها كثيراً، أجل اسمه سليم أليس أسمًا رائعًا؟
تنقلت چيلان بين أروقة المذكرات حتى وصلت إلى الصفحة التي قرأت فيها.
" اليوم اكتشفت شيئًا غريبًا عن سليم إنه يقدس أشيائه بطريقة مبالغ فيها، فعندما أقترب من هاتفه يمسك به ويبدو عليه الضيق الشديد، ليس هذا فحسب بل إنه لا يسمح لي أيضًا بأن أخذ شيء من أشياءه كنوع من الذكرى حتى لو كان مجرد قلم.
-لا أعلم هل تسرعت في البوح بمشاعري لسليم؟! إنه يعاملني كشخصية مميزة في حياته إلا إنه لم يخبرني إلى الآن بطريقة مباشرة إنه يبادلني الحب، كم أشعر بالندم، كيف أصرح له بحبي دون أن يخبرني هو أولاً؟!"
توقفت چيلان عن القراءة وقد بدى على وجهها علامات التعجب والذهول وحدثت نفسها قائلة:
-ما الذي حدث لها لم تترك وعد يومًا مشاعرها تتحكم في أفعالها؟! كيف تجرؤ على المباردة في البوح بمشاعرها لشخص لم يخبرها بحبه؟!
فجأة دلفت الأم إلى داخل الغرفة، نظرت إلى چيلان وقالت:
-ابنتي، هل لازلتِ مستيقظة؟!
نهضت چيلان في مكانها وقامت بإغلاق المفكرة، ثم علقت قائلة:
-أجل لقد كنت أقرأ بعض الاشياء الخاصة بعملي.
نظرت الأم إلى المفكرة ثم أمسكت بها وقالت:
-هل هذه المفكرة خاصة بعملك؟
علقت چيلان وقالت:
-أجل كنت أدون بها بعض الملاحظات الهامة.
شرعت الأم في فتح المفكرة فامسكت بها چيلان وقالت:
-أمي، دعكِ من هذه وأخبريني هل تناولتي شيء؟
نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-لا، لم يعد لي شهية لشيء.
امسكت چيلان بذراع والدتها وقالت:
- سوف افتح شهيتك واتناول معكِ العشاء.
نظر الأم إلى ماتبقى من طعام وعلمت أن چيلان قد تناولت طعامها إلا إنها سوف تتناول عشائها مرة أخرى من أجلها.
ابتسمت الأم ابتسامة خفيفة وقالت:
-حسنًا يا حبيبتي، سوف اتناول العشاء من أجلك.
جلست الأم على طاولة الطعام للمرة الأولى منذ وفاة وعد.
نظرت الأم إلى المقعد الذي كانت تجلس عليه وعد وتلألأت الدموع في عينيها، لاحظت چيلان ذلك فأسرعت بالجلوس على مقعد وعد وتحدثت قائلة:
-أرى أن أجلس بجوارك هذا سيكون أفضل.
نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-چيلان، هل يمكنني أن اطلب منكِ طلب؟
نظرت چيلان إلى والدتها بأهتمام وقالت:
-أمي، طلباتك آوامر ماذا تريدين؟
علقت الأم وقالت:
- چيلان، هل يمكنك أن تبقي هنا ولا تعودي لأمريكا؟ أعلم أن طلبي هذا ربما يكون فيه نوع من الأنانية ولكنني لا استطيع العيش هنا بمفردي.
نظرت چيلان إلى والدتها وقد علمت ما تشعر به فعلقت قائلة:
-أمي، فلنؤجل الحديث في هذا الأمر الآن.
أومأت الأم برأسها وبدأت في تناول الطعام دون أن تتحدث بكلمة واحدة.
شعرت چيلان أنها بين خيارين كلاهما صعب، رغبة والدتها بالبقاء في مصر وعدم العودة لأمريكا، وحلمها الذي كانت تحلم به طوال حياتها والذي أوشك على أن يتحقق وتصبح محققة فيدرالية.
بعد انتهاء العشاء دلفت چيلان إلى غرفتها؛ لقد كانت متشوقة لأن تعرف أي معلومات عن ذلك الرجل.
بدأت چيلان من حيث توقفت، لتقرأ ما كتبته شقيقتها التي ذكرت أشياء عن ذلك الشخص قائلة:
-"كل يوم يمر على علاقتي بسليم اكتشف عنه أشياء غريبة، فهو لا يحب أن يلمس أحد شيء من أشيائه الخاصة ومقتنياته، كما إنه يكره اللون الأبيض بشدة.
-الغريب في الأمر إنه يتحسس من رائحة الياسمين بشدة، لقد اكتشفت للتوه هذا الأمر ولم أخبره بذلك؛ فهو يكره أن يظهر ضعيفًا أمام أحد، أو أن يظهر نقطة ضعفه لأحد حتى لو كنت أنا."
وفي ورقة أخرى كتبت وعد قائلة:
-"اليوم قررت عدم مقابلته؛ لعله يفتقدني ويدفعه ذلك للبوح بحبه لي، العجيب في الأمر إنني أتألم لعدم رؤيته وكأنه عقابًا لي وليس له.
-في نهاية اليوم تلقيت مكالمة من مجهول لم يظهر أسمه، فإذا به ذلك المجهول!
- كاد قلبي أن يطير من السعادة عندما سمعت صوته، لقد أخبرني إنه سوف يذهب للصيد في صباح الغد واخبرني إن كانت لدي رغبة في مرافقته.
-لم اتردد ووافقت على الفور، عسى أن تكون الفرصة قد سنحت لمصارحته بمشاعره تجاهي.
انهت چيلان ذلك الجزء وشعرت بالضيق الشديد، تركت المفكرة ولم تستطيع اكمالها، غادرت الغرفة ثم تحدثت مع رضا قائلة:
-رضا، هل نامت أمي؟
اجبت رضا التي كانت تستعد للذهاب للنوم وقالت:
-أجل، لا تقلقي بشانها لم اغادر غرفتها إلا بعد أن تأكدت من ذهابها في نوم عميق، ولكن هل كنتِ تريدين شيء؟
شعرت چيلان بالحرج ثم علقت قائلة:
-لا اذهبي أنتِ إلى غرفتك لتنالين قسطًا من الراحة، سوف أقوم بإعداد فنجانًا من القهوة.
نظرت رضا إلى چيلان وقد بدى عليها التعجب وقالت:
-الساعة الثانية صباحًا وأنتِ تريدين أن تحتسين القهوة في هذا الوقت المتأخر؟!
علقت چيلان قائلة:
-لدي أرق وألم شديد في رأسي، لذلك فإنني بحاجة إلى فنجان من القهوة.
ابتسمت رضا وقالت:
-حسنًا، سوف أعد لكِ ما تريدين.
نظرت چيلان إلى رضا وقالت:
-شكراً لكِ.
عادت چيلان إلى غرفتها، وقفت تنظر إلى المفكرة، فجأة ألقت بها أرضًا وهي تقول:
-لم أكْ اتخيل أن تكون وعد بهذا الضعف وهذه السذاجة.
بعد قليل دلفت رضا إلى داخل الغرفة وقد احضرت القهوة، قامت بوضعها أمام چيلان وقالت:
-تفضلي هل تأمرين بشيء آخر؟
نظرت چيلان إلى رضا وقد بدى على وجهها ابتسامة رقيقة وقالت:
-رضا، اشعر بالإمتنان إليكِ، تستطيعين الآن الذهاب إلى غرفتك وأخذ قسطًا من الراحة.
علقت رضا قائلة:
-إن أردتي أظل مستيقظة لعلك تحتاجين لشيء.
ربتت چيلان على كتف رضا وقالت:
-لا، بعد قليل سوف أنام لا تقلقي بشأني.
غادرت رضا الغرفة، نظرت چيلان إلى فنجان القهوة وقالت:
-لا أعلم هل سأكتفي بك أم سأحتاج لآخر حتى نعرف كل ما نريده عن رجل الوشم ذاك؟!
نهضت چيلان من مكانها وإلتقطت المفكرة من على الأرض، ثم جلست على المكتب مرة آخرى.
ارتشفت رشفة من قهوتها وعادت إلى المفكرة مرة أخرى لعلها تجد ضالتها.
بدأت في قراءة ما خطته شقيقتها بيدها فإذا بها تقول: "ظللت طوال الليل أحلم برحلة الصيد التي سوف أذهب بها مع سليم، تمنيت أن أعود من تلك الرحلة سعيدة".
استيقظت مسرعة إلى دولابي لأنتقي منه أجمل ثوب، بالطبع سوف اتفادى اللون الابيض الذي يبغضه سليم بشدة لا أعلم سبب ذلك ولن أسأله في الوقت الراهن.
الثوب الأزرق جيد لعله يأتي بثماره ويراني جميلة فيسرح لي عما بداخله.
قبل أن اتوجه للقائه سوف أذهب لأتسلم الهدية التي احضرتها له، إنها قلادة تحمل بداخلها الحروف الأولى من أسامينا، حرف الدبليو وحرف الإس، اخترت أن تكون سوداء؛ فهو لونه المفضل، اتمنى أن تنول إعجابه."
قلّبت چيلان الصفحات؛ لتعرف ما الذي اسفرت عنه رحلة الصيد، فإذا بها تقرأ:
-"لقد عدت من رحلة الصيد للتوه، كان رقيقًا معي للغاية، لقد فرح بهديتي، لكنه رفض ارتدائها، لقد اخبرني قائلًا:
-"دعيها سوف أرتديها فيما بعد. "
كم كنت اتمنى أن يقوم بإرتدائها!
اليوم كشف عن جسده ما أجمله من جسد لرجل في الثلاثين من عمره، شعره أسود منسدل على كتفه وعيون عسلية عندما تنظر إليهما تذوب بهما عشقًا، لديه لحية خفيفة يتمتع ببنية قوية وجسد معضال.
لا تفهميني خطأ، فعندما كان يصطاد نزع قميصه فبدى لي ما كان يخفيه من جسد مغضال به وشم كبير على ظهره.
لقد أصابني الذهول للوهلة الأولى عندما رأيت ذلك الوشم الذي يبدو غامضًا.
إنه عبارة عن مثلث وبداخله نجمة وبداخل النجمة شيء يشبه النار وبداخلها حرف كأنه حرف الآر، ولكن لابد أن ذلك له دلالة أو معنى لديه.
اقتربت منه وسألته عن ذلك الوشم وعن حرف الآر الذي بداخله نظر إلي وقال: "سأخبرك بكل شيء ولكن في الوقت المناسب، اعتقد أن النهاية قد اقتربت وستعرفين كل شيء".