الفصل الخامس قلب عاشق

هل حقًا النهاية قد اقتربت؟! ولكن أي نهاية هذه هل هي نهاية علاقة لم تدم طويلًا، أم إنها نهاية مرحلة وبداية أخرى بعد أن يبوح لي بحبه؟!

تلك التساؤلات قفزت واحدًا تلو الآخر بعقلي، لم أبوح له بها خشية أن أثير غضبه الذي سرعان ما رأيته بعيني، لقد رأيته ثائرًا كالبركان، غاضبًا متقلبًا  كتسونامي أصاب المحيط، لا أجد سببًا يستدعي كل ذلك الغضب.

كل ما في الأمر إنه سألني:" هل يعلم أحد بوجودك هنا معي؟ " فأجبته:
-أجل، لقد أخبرت هبة صديقتي بذلك.

ما إن أجبته حتى ثار غاضبًا، قذف الصنارة من يده وعاد باللنش دون أن يتحدث معي بكلمة واحدة.

عندما وصلنا إلى المرسى، نظر إلى نظرة حادة مقتضبة، وتحدث قائلًا:
-لا يمكن أن أرتبط بفتاة تخبر صديقتها بكل ما تفعله، إنني شخص لا أحب أن يعرف أحد شيء عن حياتي.

حينها شعرت بصدمة كبيرة، حاولت التحدث إليه ولكنه لم يعطيني الفرصة لذلك.

لم أجد أمامي إلا أن أجمع بقايا كرامتي المبعثرة واتجه إلى سيارتي لأعود لبيتي احتضن وسادتي وأبكي.

فرغت چيلان من قراءة الفقرة السابقة من مذكرات وعد ثم علقت قائلة:
-يبدو أن شابك المعضال كان يريد أن يتخلص منكِ ولم يمنعه من ذلك سوى إخبارك له بأن هبة تعلم بوجودك معه.

مع بزوغ فجر يومٍ جديد شعرت چيلان بالتعب فقامت بإخفاء المفكرة وأسرعت إلى الفراش مستسلمة لنومٍ عميق لم تستيقظ منه إلا عندما طرقت رضا باب الغرفة.

نظرت رضا إلى چيلان وقالت:
-اسعد الله صباحك بكل خير.

علقت چيلان وقالت:
-صباح الخير هل استيقظت أمي؟

ابتسمت رضا وقالت:
-عزيزتي، نحن الآن في الثالثة عصرًا.

أمسكت چيلان برأسها وقالت:
-هل حقًا استغرقت في نومي كل هذا الوقت؟! أشعر بألم شديد في رأسي.

علقت رضا وقالت:
-لابد آنك قد سهرتي ليلة أمس لوقت متأخر.

چيلان وهي لا تزال تمسك برأسها من الصداع تحدثت قائلة:
-كيف حال أمي اليوم؟

علقت رضا وقالت:
-إنها بخير وتجلس الآن مع المقدم مروان بالخارج.

نظرت چيلان إلى رضا وقد بدى عليها التعجب ونهضت مسرعة.
-ما الذي جاء بهذا الرجل السمج؟. أشعر بالضيق كلما رأيته او تحدثت معه.

توجهت چيلان إلى حيث تجلس الأم والمقدم مروان.

نظرت إلى المقدم مروان الخولي وتحدثت قائلة:
-سيدي، هل يمكنني أن أعرف سبب وجودك هنا اليوم؟

علت الابتسامة وجه المقدم مروان الخولي وتحدث قائلًا:
-جئت لأتحدث مع السيدة حبيبة بنفسي بدلًا من أن أقوم باستدعائها في قسم الشرطة، اعتقد أن هذا عملي وليس لأحد أن يقوم بسؤالي عن سبب وجودي هنا.

نظرت الأم إلى ابنتها وقالت:
-سيدي، أرجوا المعذرة فنحن نمر بأوقات عصيبة، أقدر لك وجودك هنا بنفسك وعلى استعداد للإجابة عن أي سؤال تريده.

ثم وجهت الأم حديثها لابنتها وقالت:
-لا داعي للقلق إنني بخير.

لم يمر وقت طويل حتى غادر المقدم مروان بعد أن قصت له الأم ما حدث مع ابنتها في الفترة التي تسبق انتحارها، وحتى اللحظة التي اكتشفت فيها موتها.

بعد مغادرة المقدم مروان للمنزل، صاحت الأم على رضا وحدثتها:
-رضا، هل تناولت چيلان شيء فور استيقاظها؟

أومأت رضا برأسها نافية وقالت:
-لا، لم تتناول شيء،لقد أسرعت إليكِ بمجرد علمها بوجود المقدم مروان الخولي، سوف أقوم بإعداد الإفطار لها على الفور.

نظرت الأم إلى رضا وقد بدى عليها القلق وقالت:
-أعلم أن چيلان تعاني من فقدان شقيقتها وتتظاهر أمامي بالتماسك، لقد شعرت بها مستيقظة طوال الليل.

اتجهت الأم إلى غرفة چيلان فوجدتها ترتدي ملابسها استعدادًا لمغادرة المنزل.

تعجبت الأم وعلقت قائلة:
-ابنتي، إلي أين؟!

نظرت چيلان إلى والدتها وهي تكمل ارتدائها لملابسها:
-لدي بعض الأعمال التي علي إنجازها، اعدك إنني لن اتأخر.

دنت الأم من ابنتها وقالت:
-لن اسمح لكي بمغادرة المنزل دون أن تتناولي شيء.

ابتسمت چيلان ووضعت قبلة حانية على وجنة والدتها وقالت:
-أمي، لم أعد صغيرة لقد تجاوزت التاسعة والعشرون عامًا وكنت أعيش بأمريكا بمفردي لمدة خمس سنوات عرفت خلالها كيف اهتم بنفسي.

شعرت الأم بالضيق وعلقت قائلة:
-عندما تكونين بمفردك شيء وعندما تكونين معي شيء آخر.

ابتسمت چيلان وقالت:
-حسنًا أمي، لن أغادر قبل أن اتناول الطعام، ولكن أين المفاتيح الخاصة بسيارتي؟

ابتسمت الأم ابتسامة الرضا وطلبت من رضا احضار الطعام لچيلان، وتحدثت قائلة:
-ما إن تنتهي من تناولك الطعام، سوف أحضر لكِ المفاتيح الخاصة بسيارتك.

غادرت چيلان المنزل عقب انتهائها من تناول الطعام، اتجهت إلى الجراچ الخاص  بهما وقامت برفع الغطاء عن سيارتها الفيرنا السوداء.

نظرت إلى السيارة وتذكرت مدى سعادتها عندما قامت بشرائها قبل سفرها لأمريكا بنحو عام، تذكرت المرة الأخيرة التي استقلتها فيها والتي كانت تجلس لجوارها حينها شقيقتها وعد.

استدعت سايس الجراچ وحدثته قائلة:
-عم سعيد، أريدك ان تقوم بإعداد وتجهيز سيارتي؛ لأنني سوف أحتاج إليها الفترة المقبلة.

أومىء العم سعيد برأسه وقال:
-حسنًا آنسة چيلان، سوف أقوم بإعدادها وتجهيزها كما تشائين.

غادرت چيلان المكان وسارت سيرًا على أقدامها تتجول في شارع مصر والسودان تستعيد ذكرياتها مع شارعها المفضل وتشاهد ما طرأ عليه من تغيرات.

مرت من أمام المدرسة الثانوية التي إلتحقت بها وشاهدت المكان الذي جمعها بحبها الأول، تذكرت لحظات قريبة من قلبها فارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيها.

وفي الطريق شاهدت إحدى الكافيهات التي لم تكْ متواجدة من قبل فقررت الدلوف وطلبت فنجان من القهوة ثم فتحت حقيبتها وقامت بإخراج المفكرة الخاصة بوعد لتكمل قرائتها من حيث انتهت.

فوجئت بما قررت وعد فعله بعد عودتها من رحلة الصيد حين قالت:

-"قررت أن أفعل شيء ربما يسعد سليم ويثبت له إنني جديرة به، لقد استطعت أن التقط له صورة من الخلف، بالتحديد الوشم الموجود على ظهره.

لقد قررت أن أقوم بوشم الوشم ذاته ولكن على ذراعي، أعلم إنني لم أرغب يومًا في فعل شيءٍ كهذا ولكن الأمر يستحق فعل شيء جنوني لعلي أحصل على قلب ذلك المجنون."

انتهت الصفحة، قلبت چيلان الصفحة لتقرأ:
"لا أعرف سبب التعجب والذهول الذي بدى على وجه المرأة التي قامت بعمل الوشم لي، لقد ترددت كثيراً وكانت تسألني بين الحين والآخر هل حقًا تريدين هذا الوشم؟! يمكنني أن أقوم بعمل وشم أفضل من ذلك وسيكون أجمل عليكِ....

لم ادعها تكمل ما تريد قوله وأجبتها بحزم:
-لقد جئت إلى هنا لعمل هذا الوشم تحديدًا، إن لم تستطيعين رسمه اخبريني فأذهب إلى مكان آخر أكثر خبرة ودقة.

وأمام اصراري لم تجد تلك المرأة أمامها سوى تلبية رغبتي ورسم الوشم الذي أردته.

-أخيرًا انتهيت منه، الآن صرت أحمل نفس الوشم إنه لشيءٍ جميل أن تشارك من تحب في شيء خاص به، أليس هذا يجعلني مميزة لديه؟

-أردت أن أقابله ليشاهد ما الذي فعلته من أجله ولكنه اغلق هاتفه ولم أستطيع الوصول إليه، إنه لأمر مخزي ولكنني لن أيأس وسأصل إليه.

-لقد اخفيت هذا الوشم عن أمي وشقيقتي لا أريد أن أخوض معهم حوارًا أعلم من سيكون الخاسر في النهاية؛ فلا أحد فيهم يسمح بعمل وشم كهذا بل إنه يخالف عقيدتهم أيضًا، لذلك قررت أن اضع سترة على ذراعي حتى تسنح الفرصة لأخبرهما."

اضطرت چيلان إلى قطع قراءتها للمذكرات بعد سماعها صوت النادل وهو يقول:
-سيدتي، تفضلي القهوة.

نظرت چيلان إليه وعلقت قائلة:
-شكرًا لك.
وقف النادل أمامها وحدثها:
-هذه هي المرة الأولى التي أراكِ بها هنا أليس كذلك؟

أومأت چيلان برأسها وقالت:
-أجل، هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها هذا المكان.

ابتسم النادل وعلق قائلًا:
-اتمنى أن ينال المكان على اعجابك فنراكِ هنا مجددًا.

ابتسمت چيلان وعلقت قائلة:
-إن شاء الله فالمكان يبدو رائعًا.

علت الابتسامة وجه النادل وعلق قائلًا:
-حسنًا، استمتعي بقهوتك.

عاد الرجل لمزاولة عمله بينما جلست چيلان تحتسي قهوتها.

لم يمضي وقت طويل حتى عاد النادل وهو يحمل قطعة من الكعك تبدو شهية للغاية، وضعها أمام چيلان وقال:
-سيدتي، هذه هدية من المحل؛ لتشريفك لنا للمرة الأولى.

ابتسمت چيلان وعلقت قائلة:
-شكرًا لك، ولكن هل تفعلون هذا مع رواد المقهى الجدد؟!

ابتسم النادل وإلتفت خلفه ثم قال:
-سيدتي، أرجوا المعذرة فعلي العودة لعملي.

أومأت چيلان برأسها وتابعت احتساء قهوتها.

انهت چيلان احتساء قهوتها وغادرت المقهى بعد قامت بدفع الحساب.

عادت إلى الجراچ لتجد سيارتها قد أصبحت جاهزة.

استقلت چيلان السيارة لا تعلم إلى أين مقصدها ولكنها اشتاقت لقيادة هذه السيارة.

اثناء قيادة چيلان السيارة شعرت بدوار
شديد، فجأة فقدت التحكم في قيادتها للسيارة وفقدت وعيها فالحال.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي