ذكريات عشق
لم يكن يكذب عليها حينما أخبرها عن رغبته في الذهاب النوم الآن، فتلك الغفوة قد التي أخذها قبل مجيء معاذ لم تفعل شيئا لجسده المتعب، لذا بعدما أنهى حديثه في الهاتف معها توجه إلى فراشه على الفور، رقد عليه، غطى جسده بغطاء خفيف، أغلق عينيه، خطى في رحلة نومه.
"أنا لن اسامحك يوما موسى، لقد رجوتك، توسلت إليك كثيرا أن لا تبتعد عني، ترحل بعيدا لكنك كنت كصنم لا تسمع ولا تنطق!
أنت لم تعد شقيقي المفضل بعد الآن، سوف تحصل مني على الكره من هنا و صاعد، كل تلك الهدايا التي اعطتيني إياها في يوم مولدي سوف أعيدها إليك، فأنت لم تعد تحبني بعد الآن"
أنصت إلى كلماتها الغاضبة منه، يعلم أنها تشعر الآن بالضيق و الغضب منه لرفضه البقاء في منزلهم والرغبة فى العودة إلى منزل والديه هو و أخيه الأصغر معاذ، لكن عودته تلك باتت ضرورة ملحة الآن، فرجوة أصبحت في فترة المراهقة، والاختلاط بينهما يجب أن يوضع له حدا.
رجوة تعامله مثل شقيقها عمر، و اللعنة هو ليس كذلك، هو ابن عمتها ومشاعره الوليدة نحوها يخاف أن تفضحه في معاملته لها، يخاف أن تسول له نفسه التمادي معها، هي لا تدرك شيئا بالطبع عما يحمله في قلبه نحوها، لذا الابتعاد هنا بات واجب عليه فعله.
وحمدا لله أن خاله تفهم قراره أخيرا، هو لم يكن يقصد أن يصبح في نظره هو وزوجة خاله ناكر للجميل، فهما لهما فضل كبير عليه وعلى أخيه معاذ، بعد أخذهما لهما و رعايتهما طوال خمسة سنوات في منزلهما و بصحبة ابناءهما، ليس عدلا أن يخون هو خاله بمشاعره تلك نحو صغيرته.
نظر نحو الغاضبة تلك و التي بدأت الدموع تتجمع في مقلتيها رغم محاولتها الشديدة منعها من الهبوط، أشفق عليها حقا، لا أريد أن يصيبها بالرعب إن علمت سر إبتعاده عنها، أن تعلم أن ذلك الشاب الذي تعتبره مثل أخيها يكن لها مشاعر من نوع آخر تماما، مشاعر قد تخيف فتاة مثلها لا مازالت صغيرة لا تفقه شيئا!!
بصوت جامد هو قال:
"كفي عن التصرف بتلك الطريقة الطفولية رجوة، لقد كبرت حقا و لم تعدي صغيرة بعد، ثم أنا أرغب في العودة إلى منزل والدي والبقاء على راحتي، بعيدا عنك و عن إلتصاقك بي، لقد باتت تصرفاتك تلك تزعجني حقا، لذا هلا كففت عن إزعاجي بتوعدك التافه ذاك"
علم جيدا في تلك اللحظة أن كل مشاعر بالحب الأخوي حملته رجوة نحوه قد ذهب مع الريح، حينما هبطت دموعها بغزارة بينما تقول:
"حسنا موسى، لقد طلبت ذلك و سوف تناله، أنت بالنسبة لي منذ اليوم شاب غريب لا أعلم عنه شيئا، سوف أكف عن إزعاجك، عن الحديث معك، عن اعتبارك موجودا على قيد الحياة حتى"
تلك الكلمات ظل صداها يتردد في داخله، مع صورتها وهي تبكي بقوة ثم تحاول مسح دموعها بغضب شديد، تسابق الرياح بركضها نحوها غرفتها، تغلقه بقوة من خلفها"
"يا الله، ما الذي يحدث، لقد عاد ذلك الحلم مجددا، سنوات عديدة مرت على رؤيته لذلك الحلم، و ها هو يعود مجددا إليه، ربما سبب هو حديثه معها قبل نومه، عقله الباطن أتى بها إلى أحلامه، ليذكره بما حاول أن ينساه كثيرا!
بعدما أنتقل هو و أخيه إلى شقة عائلته حاول تقليل زياراته إلى شقة خاله على قدر استطاعته، اعتذر عن كثير من دعوات العشاء مع العائلة، رغم أن معاذ بقى على نفس التواصل لكنه لم يفعل، مرة وحيدة هو ذهب بها ملبيا دعوة خاله لحضور حفل يوم مولد مدللته رجوة.
رغم عنه وجد نفسه يشتاق لرؤيتها و لم يستطع منع نفسه من الذهاب إليها، ابتاع لها خاتم ذهبي ثمين كهدية لها، ذهب و على وجهه علامات الشوق و الحنين، و ياليته لم يفعل، لقد رفضت الترحيب به، تجاهلته، رفضت قبول هديته، عاملته كشاب غريب عنها، بل أكثر من ذلك، نفت وجودها من وجه الحياة.
منذ ذلك الوقت، هما الاثنان تجاهلا بعضهما البعض، تعاملا بجفاء، هي ظلت على وعدها، وهو أقسم على نسيانها بعدما دهست كرامته وكبرياؤه تحت قدمي غرورها أمام الجميع، حبه الوليد لها أخرجه من قلبه، دفنه وسط ذكريات الماضي، فأضحت هي مجرد رجوة، ابنة خاله، مجنونة العائلة كما سجلها في هاتفه.
أخذ يمسح بيديه على وجهه، نهض بعدها من على فراشه، توجه نحو خزانة ملابسه، بدأ يبحث عن شيء ما لعدة ثوان حتى وجده، تناول تلك العلبة الصغيرة المربعة من القطيفة بيده، أخرجها من الخزانة، أخذ يتطلع نحوها بسخرية كبيرة لثوان قليلة، ثم قرر فتح العلبة بعدها.
خاتم ذهبية على هيئة فراشة صغيرة لمع أمام ناظريه، تطلع نحوه بهدوء، لقد رفضت هي أخذ الخاتم يوما ما، جعلته يبغضها حقا، فهل لو حاول إعطائه لها مرة أخرى سوف تتعرف عليه وتقبله؟!
*************************************
طرقات قوية على باب الغرفة ايقظتها، فتحت عينيها ببطء ثم أخذت تتطلع من حولها في المكان، وقعت عينيها على الساعة فوجدتها تشير إلى العاشرة صباحا، بتعجب شديد هي رمقتها غير مصدقة أنها قد نامت لكل تلك الساعات.
بهدوء شديد أجابت على الطارق طالبة منه الدخول إلى الغرفة والذي لم يكن سوى الخادمة الخاصة بها سمية، وجدتها بعدها تدلف إلى الغرفة حاملة صينية تقديم طعام رص عليها بعض الأطباق و الأكواب أيضا، بينما تقول بنبرة حانية:
"صباح الخير آنسة زاد، كيف حالك اليوم؟! أتمنى أن تكوني بخير!"
حاولت أن تبدو طبيعية أمام الجميع، نهضت من رقدتها وجلست القرفصاء على السرير، أجابت على تحيتها قائلة:
"صباح الخير سمية، هل أخي هارون مازال هنا أم ذهب إلى العمل؟!"
ابتسمت سمية لمخدومتها ثم أجابتها بنبرة هادئة قائلة لها:
"لقد رحل منذ ساعة تقريبا بعد تناوله الفطور وحيدا اليوم، حينما اقترحت عليه أن آتي لإيقاظك من النوم لتناول الفطور بصحبته هو رفض ذلك وأخبرني أن أدعك تحصلين على أكبر قدر من النوم"
أومات زاد لها بتفهم ثم قالت بهدوء:
"حسنا سمية، دعي صينية الطعام هنا على الطاولة ثم عودي إلى عملك"
هزت سمية رأسها لها موافقة على أمرها ذاك، بدأت تسير نحو الطاولة الصغيرة في الغرفة، وضعت الصينية على سطحها، أومات نحو زاد بتحية، لتلتف بجسدها بعدها راحلة نحو الخارج.
تنهدت زاد بضيق بعد رحيل الخادمة، فلم تكن تريد أن تراها بذلك الملبس الغريب على جسدها، حيث حرصت هي على تغطية جسدها جيدا، والآن حان الوقت لتبديله، لذا نهضت من على الفراش وتوجهت نحو المرحاض خاصتها، وبينما تفعل، رمقت الطعام بغير رضى، فلم تكن تمتلك أي شهية لأي طعام أو فعل أي شيء حتى.
"ألن تنهضي من النوم اليوم يا حبيبة قلب أمك؟! أم نسيتي أنه من المفترض أن يكون اليوم هو يوم قراءة الفاتحة خاصتك يا نور عين والدتك؟!"
صوت والدتها المتهكم وصل إلى سمعها، جعلها تفق من نومها، بتبرم شديد فتحت عينيها، حاولت أن تتكيف مع إضاءة الغرفة القوية حيث والدتها الحبيبة قامت بفتح النافذة مدخلة بذلك أكبر قدر من أشعة الشمس القوية، بصوت به آثار النوم هي قالت شاكية:
"و ماذا أفعل إن كان هذا يوم قراءة الفاتحة خاصتي؟! هل علي أن استيقظ مبكرة و أرقص طوال اليوم أم ماذا؟!"
فوجئت هي من سخرية ابنتها منها بتلك الطريقة الفجة، اقتربت منها ثم ضربتها على يدها بينما تخبرها بنبرة متهكمة قائلة:
"لا نأخذ منك سوى السخرية يا روح والدتك! ماذا عن المساعدة في ترتيب المنزل و تنظيفه ثم الذهاب إلى مركز تجميل من أجل تحسين تلك الملامح العكرة وجعلها قابلة للنظر!"
لا تصدق حقا أن والدتها قد تهكمت عليها وأخبرتها بتلك الكلمات الساخرة الأمر الذي جعلها تردد بنبرة مغتاظة قائلة:
"ملامح عكرة! هل أنا ملامح عكرة يا أمي!"
"أجل ملامح عكرة وكان الله في عون موسى الذي ابتلي بك و ها هو سوف يتخذك زوجة له!"
مرة أخرى سخرت والدتها منها ومن ملامح وجهها الأمر الذي جعلها تنهض بسرعة كبيرة من على فراشها، تركض نحو طاولة الزينة خاصتها، تتطلع نحو انعكاس صورتها بها، تتأمل ملامحها بينما تقول في سرها:
"أنا لست بارعة الجمال أجل أن أعلم ذلك، لكن هذا لا يعني أني قبيحة، عينان بلون الكراميل مع بشرة بيضاء ليس بأمر سئ أم ماذا؟!"
وبينما هي تفعل، فوجئت بوالدتها تقترب منها، تربت على كتفها، ترسم على وجهها تعبير حزين وهي تقول:
"ألم أخبرك أنها ملامح لا تسر أحدا، عليك تقبل ذلك عزيزتي، تلك مشيئة الله"
قالت ذلك ثم التفتت راحلة نحو الخارج حيث غرفة المعيشة ومنها إلى غرفة الطهي بعدها، أما هي فظلت تنظر نحو المرآة بتركيز، تبحث عن ذلك القبح الذي تتحدث عنها والدتها، غير عالمة بتلك المرأة التي تطلق ضحكات عالية وصل صداها لجميع أنحاء المنزل.
نهاية الفصل
"أنا لن اسامحك يوما موسى، لقد رجوتك، توسلت إليك كثيرا أن لا تبتعد عني، ترحل بعيدا لكنك كنت كصنم لا تسمع ولا تنطق!
أنت لم تعد شقيقي المفضل بعد الآن، سوف تحصل مني على الكره من هنا و صاعد، كل تلك الهدايا التي اعطتيني إياها في يوم مولدي سوف أعيدها إليك، فأنت لم تعد تحبني بعد الآن"
أنصت إلى كلماتها الغاضبة منه، يعلم أنها تشعر الآن بالضيق و الغضب منه لرفضه البقاء في منزلهم والرغبة فى العودة إلى منزل والديه هو و أخيه الأصغر معاذ، لكن عودته تلك باتت ضرورة ملحة الآن، فرجوة أصبحت في فترة المراهقة، والاختلاط بينهما يجب أن يوضع له حدا.
رجوة تعامله مثل شقيقها عمر، و اللعنة هو ليس كذلك، هو ابن عمتها ومشاعره الوليدة نحوها يخاف أن تفضحه في معاملته لها، يخاف أن تسول له نفسه التمادي معها، هي لا تدرك شيئا بالطبع عما يحمله في قلبه نحوها، لذا الابتعاد هنا بات واجب عليه فعله.
وحمدا لله أن خاله تفهم قراره أخيرا، هو لم يكن يقصد أن يصبح في نظره هو وزوجة خاله ناكر للجميل، فهما لهما فضل كبير عليه وعلى أخيه معاذ، بعد أخذهما لهما و رعايتهما طوال خمسة سنوات في منزلهما و بصحبة ابناءهما، ليس عدلا أن يخون هو خاله بمشاعره تلك نحو صغيرته.
نظر نحو الغاضبة تلك و التي بدأت الدموع تتجمع في مقلتيها رغم محاولتها الشديدة منعها من الهبوط، أشفق عليها حقا، لا أريد أن يصيبها بالرعب إن علمت سر إبتعاده عنها، أن تعلم أن ذلك الشاب الذي تعتبره مثل أخيها يكن لها مشاعر من نوع آخر تماما، مشاعر قد تخيف فتاة مثلها لا مازالت صغيرة لا تفقه شيئا!!
بصوت جامد هو قال:
"كفي عن التصرف بتلك الطريقة الطفولية رجوة، لقد كبرت حقا و لم تعدي صغيرة بعد، ثم أنا أرغب في العودة إلى منزل والدي والبقاء على راحتي، بعيدا عنك و عن إلتصاقك بي، لقد باتت تصرفاتك تلك تزعجني حقا، لذا هلا كففت عن إزعاجي بتوعدك التافه ذاك"
علم جيدا في تلك اللحظة أن كل مشاعر بالحب الأخوي حملته رجوة نحوه قد ذهب مع الريح، حينما هبطت دموعها بغزارة بينما تقول:
"حسنا موسى، لقد طلبت ذلك و سوف تناله، أنت بالنسبة لي منذ اليوم شاب غريب لا أعلم عنه شيئا، سوف أكف عن إزعاجك، عن الحديث معك، عن اعتبارك موجودا على قيد الحياة حتى"
تلك الكلمات ظل صداها يتردد في داخله، مع صورتها وهي تبكي بقوة ثم تحاول مسح دموعها بغضب شديد، تسابق الرياح بركضها نحوها غرفتها، تغلقه بقوة من خلفها"
"يا الله، ما الذي يحدث، لقد عاد ذلك الحلم مجددا، سنوات عديدة مرت على رؤيته لذلك الحلم، و ها هو يعود مجددا إليه، ربما سبب هو حديثه معها قبل نومه، عقله الباطن أتى بها إلى أحلامه، ليذكره بما حاول أن ينساه كثيرا!
بعدما أنتقل هو و أخيه إلى شقة عائلته حاول تقليل زياراته إلى شقة خاله على قدر استطاعته، اعتذر عن كثير من دعوات العشاء مع العائلة، رغم أن معاذ بقى على نفس التواصل لكنه لم يفعل، مرة وحيدة هو ذهب بها ملبيا دعوة خاله لحضور حفل يوم مولد مدللته رجوة.
رغم عنه وجد نفسه يشتاق لرؤيتها و لم يستطع منع نفسه من الذهاب إليها، ابتاع لها خاتم ذهبي ثمين كهدية لها، ذهب و على وجهه علامات الشوق و الحنين، و ياليته لم يفعل، لقد رفضت الترحيب به، تجاهلته، رفضت قبول هديته، عاملته كشاب غريب عنها، بل أكثر من ذلك، نفت وجودها من وجه الحياة.
منذ ذلك الوقت، هما الاثنان تجاهلا بعضهما البعض، تعاملا بجفاء، هي ظلت على وعدها، وهو أقسم على نسيانها بعدما دهست كرامته وكبرياؤه تحت قدمي غرورها أمام الجميع، حبه الوليد لها أخرجه من قلبه، دفنه وسط ذكريات الماضي، فأضحت هي مجرد رجوة، ابنة خاله، مجنونة العائلة كما سجلها في هاتفه.
أخذ يمسح بيديه على وجهه، نهض بعدها من على فراشه، توجه نحو خزانة ملابسه، بدأ يبحث عن شيء ما لعدة ثوان حتى وجده، تناول تلك العلبة الصغيرة المربعة من القطيفة بيده، أخرجها من الخزانة، أخذ يتطلع نحوها بسخرية كبيرة لثوان قليلة، ثم قرر فتح العلبة بعدها.
خاتم ذهبية على هيئة فراشة صغيرة لمع أمام ناظريه، تطلع نحوه بهدوء، لقد رفضت هي أخذ الخاتم يوما ما، جعلته يبغضها حقا، فهل لو حاول إعطائه لها مرة أخرى سوف تتعرف عليه وتقبله؟!
*************************************
طرقات قوية على باب الغرفة ايقظتها، فتحت عينيها ببطء ثم أخذت تتطلع من حولها في المكان، وقعت عينيها على الساعة فوجدتها تشير إلى العاشرة صباحا، بتعجب شديد هي رمقتها غير مصدقة أنها قد نامت لكل تلك الساعات.
بهدوء شديد أجابت على الطارق طالبة منه الدخول إلى الغرفة والذي لم يكن سوى الخادمة الخاصة بها سمية، وجدتها بعدها تدلف إلى الغرفة حاملة صينية تقديم طعام رص عليها بعض الأطباق و الأكواب أيضا، بينما تقول بنبرة حانية:
"صباح الخير آنسة زاد، كيف حالك اليوم؟! أتمنى أن تكوني بخير!"
حاولت أن تبدو طبيعية أمام الجميع، نهضت من رقدتها وجلست القرفصاء على السرير، أجابت على تحيتها قائلة:
"صباح الخير سمية، هل أخي هارون مازال هنا أم ذهب إلى العمل؟!"
ابتسمت سمية لمخدومتها ثم أجابتها بنبرة هادئة قائلة لها:
"لقد رحل منذ ساعة تقريبا بعد تناوله الفطور وحيدا اليوم، حينما اقترحت عليه أن آتي لإيقاظك من النوم لتناول الفطور بصحبته هو رفض ذلك وأخبرني أن أدعك تحصلين على أكبر قدر من النوم"
أومات زاد لها بتفهم ثم قالت بهدوء:
"حسنا سمية، دعي صينية الطعام هنا على الطاولة ثم عودي إلى عملك"
هزت سمية رأسها لها موافقة على أمرها ذاك، بدأت تسير نحو الطاولة الصغيرة في الغرفة، وضعت الصينية على سطحها، أومات نحو زاد بتحية، لتلتف بجسدها بعدها راحلة نحو الخارج.
تنهدت زاد بضيق بعد رحيل الخادمة، فلم تكن تريد أن تراها بذلك الملبس الغريب على جسدها، حيث حرصت هي على تغطية جسدها جيدا، والآن حان الوقت لتبديله، لذا نهضت من على الفراش وتوجهت نحو المرحاض خاصتها، وبينما تفعل، رمقت الطعام بغير رضى، فلم تكن تمتلك أي شهية لأي طعام أو فعل أي شيء حتى.
"ألن تنهضي من النوم اليوم يا حبيبة قلب أمك؟! أم نسيتي أنه من المفترض أن يكون اليوم هو يوم قراءة الفاتحة خاصتك يا نور عين والدتك؟!"
صوت والدتها المتهكم وصل إلى سمعها، جعلها تفق من نومها، بتبرم شديد فتحت عينيها، حاولت أن تتكيف مع إضاءة الغرفة القوية حيث والدتها الحبيبة قامت بفتح النافذة مدخلة بذلك أكبر قدر من أشعة الشمس القوية، بصوت به آثار النوم هي قالت شاكية:
"و ماذا أفعل إن كان هذا يوم قراءة الفاتحة خاصتي؟! هل علي أن استيقظ مبكرة و أرقص طوال اليوم أم ماذا؟!"
فوجئت هي من سخرية ابنتها منها بتلك الطريقة الفجة، اقتربت منها ثم ضربتها على يدها بينما تخبرها بنبرة متهكمة قائلة:
"لا نأخذ منك سوى السخرية يا روح والدتك! ماذا عن المساعدة في ترتيب المنزل و تنظيفه ثم الذهاب إلى مركز تجميل من أجل تحسين تلك الملامح العكرة وجعلها قابلة للنظر!"
لا تصدق حقا أن والدتها قد تهكمت عليها وأخبرتها بتلك الكلمات الساخرة الأمر الذي جعلها تردد بنبرة مغتاظة قائلة:
"ملامح عكرة! هل أنا ملامح عكرة يا أمي!"
"أجل ملامح عكرة وكان الله في عون موسى الذي ابتلي بك و ها هو سوف يتخذك زوجة له!"
مرة أخرى سخرت والدتها منها ومن ملامح وجهها الأمر الذي جعلها تنهض بسرعة كبيرة من على فراشها، تركض نحو طاولة الزينة خاصتها، تتطلع نحو انعكاس صورتها بها، تتأمل ملامحها بينما تقول في سرها:
"أنا لست بارعة الجمال أجل أن أعلم ذلك، لكن هذا لا يعني أني قبيحة، عينان بلون الكراميل مع بشرة بيضاء ليس بأمر سئ أم ماذا؟!"
وبينما هي تفعل، فوجئت بوالدتها تقترب منها، تربت على كتفها، ترسم على وجهها تعبير حزين وهي تقول:
"ألم أخبرك أنها ملامح لا تسر أحدا، عليك تقبل ذلك عزيزتي، تلك مشيئة الله"
قالت ذلك ثم التفتت راحلة نحو الخارج حيث غرفة المعيشة ومنها إلى غرفة الطهي بعدها، أما هي فظلت تنظر نحو المرآة بتركيز، تبحث عن ذلك القبح الذي تتحدث عنها والدتها، غير عالمة بتلك المرأة التي تطلق ضحكات عالية وصل صداها لجميع أنحاء المنزل.
نهاية الفصل