الفصل الواحد والعشرون

باختطاف الطفل ..و مساومتها بعد موت الزوج ..إما زواجها منه ،و إما فلن تراه للأبد ..وبكل قساوة قلب ونعدام ضمير ..قتل الزوج امام ابنته الصغيرة ذات ال5 سنوات وابن اخيه الفتًي ..الذي اخذ بثأر عمه في خلال يومين بقتل " رجب " .. و اخبرت تلك الداية فاطمة بموت جنينها لحظة الولادة التي سبقها خبر موت زوجها الفقيد ...
: ربنا يعوض عليكي يا ست فاطمة في ولدك . . نزل ياحبة عيني مخنوق من الحزن . . اتحسر على ابوه يا نضري ..
بينما لم يكن الجنين ولدا . . بل كان الجنين " حور " . . التي كانت تآسي مرارة القسوة بين ايدي قاتلي والدها الحقيقي . . و المتسببين في صمت شقيقتها لاعوام طويلة المدى ..
Back
امسكت فاطمة عوض من تلابيبه  صارخه بعيني متسعة اثر تلك الصدمة المميتة ..
: انت بتقول ايه ؟ حور ..؟ حور تبقى بنتي .. بنتي وعايشة  ..؟
التم جمع غفير يحاول تخليص رجل عجوز من يد امرأة تكاد تقتله ..بينما تبتسامة ومتشفية ارتسمت فوق شفتيه بقسوة ..
: قصدك تللي كانت عايشة ..
غشاوة ما غشت عينيها ،صدع رهيب الم بقلبها برفقة صرختها المدوية  .. بينما يقف هو متصلبا خلفهم متسع العينين بصدمة..حور ..زوجته ..ابنة عمه .. تصلب جسده ، توقف قلبه عن النبض ..بينما روحه تشتعل وتشيع اوردته نيران الحرب والعشق ..عندما استمع إلى كلماته ( قصدك اللي كانت عايشة ) ..
---------------
جلست تنعي ما تبقى من حياتها ببكاء مرير  ،تتسائل ،ماذا لو اخبر احدهم جدها بانها تعاونت مع الشرطة للقبض على عمها .. لم تفعل .. لم تفعل اي شيء من الاساس وعليها تحمل جميع العواقب ..استمعت إلى خطوات اقدام يبدو على صاحبها الغضب ..اسقامت تنظر خارج الغرفة ..عله جدها فتحاول شرح الامر له ..
بمجرد فتحها للباب .. استلقت على وجهها صفعة عنيفة حجبت عنها الرؤية لعدة ثوان ..لم ترى صافعها لكنها تعرفت على قبضة يديه فوق شعرها بقسوة ..يهزها منه بعنف حتى كاد ينزعه من جذوره بين يديه ..سال خط رفيع من الدماء المتدفقة بغزارة من انفها ..
: دي اخرتها ..ده جازتنا اخرة المتمة يابنت *** ..بتبلغي عننا ..ده هيبقى اخر يوم في عمرك ..
اطلقت صرخات مستغيثة تحاول فكاك قبضته ..
: ما عملتش حاجة و الله ياعمي ما عملت حاجة ..ابوس ايدك سيبني ...
: عمى الدبب يابنت حافظ ..صحيح يامربي في غير ولدك يازارع في غير ارضك ..
لفظ كلماته بحقد اعمى يخرج من جيبه مسدس نظراته تشتعل بالكره .. نظرت إليه بصدمة ..تتصاب نظراتها فوق السلاح ..
: اتشاهدي على روحك ..بس قبل ما اطلح روحك بأيدي ، لازم تعرفي انتي مين يابنت فاطمة ..
وجهت نظرات الزهول نحو عينيه ..ليقص على مسامعها حقيقة سطور الماضي الخفية ..ما ان انتهى حتى اثمرت كلماته عن اجابة تسائلات عدة حول كرههم لها " ليست ابنتهم " ..صوب السلاح نحوها وهي في حالة من العزلة ..عزلة اجابات ..تلك السيدة الحنونة" فاطمة " امها ..زوجها الذي سكن بين ثنايا روحها قبل قلبها ، ابن عمها ...دفعها امامه وابتعد خطوة واحدة للوراء مصوبا السلاح نحو صدرها ..انتبهت في تلك اللحظة ..لحظة استيقاظ وتشبث بحياة لم تنعم بما تستحقه منها قبل  .." عفوا ياعمي المزعوم ..هناك الكثير على اختباره " ..بحركة خفيفة ساعدتها عليها ضئالة جسدها رفعت عبائتها كاشفة عن رجليها لتركله ركلة قاتلة " تحت الحزام " ..القى بالسلاح من بين يديه ارضا ممسكا بكلتا يديه اسفل بطنه يطلق سبابا مهين بصوت متألم مكتوم ..بينما هي التقطت سريعا المسدس بارتجاف خفاقتها خوفا ثم اطلقت العنان لقدمها ركضا تنظر إليه بقلق ..اصتدمت بشيئ ما فوقعت أرضا تنظر إلى ما اصتدمت من الاسفل ..لتطل عليها عينيه تسكنها نظرات الخوف القلق يتبعها ثالث ..نظرات العشق ..انحنى يرفعها من ذراعيها لتقف امامه وما زالت رغم استقامتها تنظر له مم الاسفل ..ليلاحظ طبع كف فوق وجهها باللون الاحمر الداكن ..تبدلت نظراته بأخرى تشبه دكنة اللون الاحمر فوق وجهها ..
: خليكي هنا ..
دفعها جانبا برفق ليتجه نحو ذاك المتألم أرضا يرفعه قابضا على شعره وما ان وقف امامه حتى اخذ يكيل له الصفعات ترافقها بعض اللكمات القاسية ..ولا ضير من افراغ غضبه ببعض ضربات الرأس ..عيون أخرى ونظرة شيطانية تنظر إلى ما يحدث بجحيمية مظلمة ..ولده يكاد يوشك على الموت بين يدي عدوهم ..اخرج عوض سلاحة يطلق رصاصة واحدة ..تصلبت لها جميع العيون ..احدهم بنظرات صادمة بتفاجئ ..وأخرى تتسع بجنون وعدم فهم ..والثالثة تفقد حياتها ناظرة لقاتلها ..ابيه ..اما عن الاب، فقد اراد الاحتراق لأحدهم ..فكان من نصيب قلبه ..اتسعت عينيه يلقي سلاحه أرضا يخطو ببطء نحو ولده بزهول ..بجنون ..لايصدق ..لايصدق انه انهى حياة ولده بيديه ..حيث حركة مقاومة منه لضربات اسماعيل وازت اطلاق الرصاصة فاخترقت قلبه .. او بالاحرى اخترقت قلب اب ..انحنى نحو ولده الملقى أرضا تسيل من حوله الدماء فتصنع بركة صغيرة بلون الموت ..همس جواره
: ولدي ..؟ .. ولدي ..؟
وضع كلتا كفتيه أرضا لتغوض بدمائه، ثم رفعهما إليه ينظر إليهما بجنون ..
: بيدي ..قتلتك بيدي ..قتلت ولدي بيدي ..كلهم راحوا ..
نظر إلى جثة ابنه يحدثه ..
: قتلتك بيدي يا ولدي ..قتلتك بيدي ...؟
بكى بحرقة ..بجنون ..لتعلوا ضحكاته صاخبة ..ثم ينخرط مجددا في بكاء حارق ..اصاب عقله بالجنون ..بينما  صاعقة أصابت خافقه فاشعلت به نيران ستظل تضرم داخل قلبه مادام حيا ..حيث هناك من يمهل ولا يهمل ...
_________________________
تظن الزهور انها بثبات النخيل ..حتى تختبر عصف الرياح ..شعور ما بالغربة يلف كيانها ..اشتياق قاتل لدفء وجودهم من حولها ..تنمام الصغيرة بجوارها بعمق بينما النوم يجافيها مبتعدا عن افكارها ..كيف لها التصور انها بقوة تحمل سفر و بعد لمسافة قارات ومحيطات ..مازالت هنا ويقتلها الاشتياق قتلا ..ينحر قلبها بسكين تلم  ..كيف لها امها ان تفعل ..؟ كيف تلفظها كما تلفظ الارحام اجنتها بقسوة نحو عالم آخر أكثر قساوة ..هل أخطأت بطلب المساعدة ..؟ بوجوها الان بشقة رجل عريب لا تعلم عنه سوى اسمه وابنته التي تنام بجوارها كالملائكة ..هل اخطأت لانسحابها بقلب مهشم وروح مبعثرة مفتقدة لملاذ امانها ..هل أخطأت لرفقها بقلب ام تشتهي عناق عبق ابنها في كل صباح ...؟
: ازاي يا ماما تقولي كده ..؟ ازاي تتخلوا عني بالطريقة دي ..ازاي ..؟
اخذت تذرف دموع لها الوان عدة ..الفقد .. الندم ..الحسرة ..الاشتياق ، والخوف ..تتمنى فقط ،كل ما تتمناه ان تحدث معجزة ..معجزة ما تعيدها مرة أخرى بين احضانها ..فلتتولى المعجزة ذلك الأمر ..اما هي فلن تفعل .. غفت رغما عنها اثناء بكائها ..لتتجسد الحقارة والنبل معا ،بركم مظلم في الشقة المواجهة جلس خلف شاشة صغيرة  ينفث دخان سيجارته بشراهة .. شاشة متصلة بعدة كاميرات في جميع انحاء الغرفة و ذويها من بقية الغرف ..يشاهدها ..يرآها تبكي بحرقة من خلالها ..من باب الحقارة هو تلميذ يؤدي أمر معلمه بجدارة  .. شيطانه ،وصديقه الغير مقرب ، فقط تجمع بينهم علاقة النتيجة والسبب " المصلحة" ..ومن باب النبل ..هر رجل يحمل نصف المبادئ والنصف الآخر في عطل ما مطويا بين ثنايا ماضية ..متى شاء يستدعي القليل منه ..حيث عطل الكاميرات الخاصة بغرفة النوم ، الحمام ،غرفة تبديل الملابس ..يكفي نقل اهم مايحدث فقط ، .. لتكون آخر ما شاهدته عينيه ابنته ..وتلك الفاتنة الباكية تغفو بجوارها ...تحدث عبر الهاتف بنبرة مظلمة اكثر من كونها جافة ..
: كله تمام ..كل حاجة مشيت زي ما خططت ليها   .. انت عارف اني ماليش في السكة دي يا مراد ..ياريت ما تطولش ...
ليجيبه مراد عبر الهاتف بنبرة مختلة قد اعتادها منه
: مرسي مرسي مسيو علاء ،ما تقلقش مش هطول هما يومين بس ..واوعا سنانك تاكلك على الامانة ..
ثم قهقه مراد بفظاظة ..اغلق الهاتف بانزعاج ..شعور يتسلل إليه بالاشفاق عليها من جنون مراد ..
: ايه اللي وقعها في سكته انا مش فاهم ..
حدث بها نفسه ليزفر بعنف جالسا فوق مكتب ما يترصص فوقه العديد من خطوط الهواتف الخلوية ..سحب احدهم حيث آخر رسالة سيقوم بإرسالها بعد يومين .. ولو ساهم الشق النبيل بدورة ..فلن تكون الأخيرة ...
-----------------
_________________________
: عايزة بنتي يا منصور ..عايزة حياة ..
هتفت بها حنان التي دفقتها بعاطفة الامومة الخالصة من بين بكائها خزفا وقلقا واشتياقا لها ..
: دي قالتلي هغير هدومي ونازلة ..ياريتني مت سبتها ياريتني ..
شد منصور على قبضته غضبا ..منها وعليها ..صغيرته التي لم تكن يوما ابنة اخته فحسب ..هي ابنته .. زهرته التي ساقها من حنانه بسخاء واحتواها بين يديه كما يحتوي شعاع الشمس الزهرات  ..كانت احضانه ارضها التي شردت مبتعدة عنها ..وكأن ما سقاها اياه كان جفاء ..قسوة ..لتشعره عمدا بكل ارادتها  بالعجز ..ذلك الشعور البشع الذي يسطو فوق جميع مشاعره بقسوة ..فقط تأتي وسيغفر لها .. فقط يراها امام عينيه سالمة ويعرف سبب هروبها .. لم يجبرها على تقبل ابنه كزوجت لها .. فقط لو تعلم حقيقة الامر ...
_________________
يطوي نهارا مشرقا دكنة الليل بين صفحات اشعته ..يمتد اشراقه نحو قلوب البعض ..والبعض الآخر مازال معتما ..البعض الآخر له شمسه الخاصة التي لم تشرق بعد ..وقف امامه و ثالثهم الندم ..
: انا قولت  مش هتيجي ..متشكر انك جيت ..ومتشكر كمان انك حاولت تنقذ حياتي ..
بامتعاض ..حنق و اشمئزاز ..واحتراق ينظر إليه حمزة ..
: انا كنت جاي اقتلك اساسا ..بس اعمل ايه . حالف القسم انقذ الحيوانات ..واقتلهم لما يجيلهم سعار ويبتدوا ينهشوا في اللي حواليهم
غامت عينا سالم جوار آلام صدره الحارقة بالكثير من الندم ..ليكمل حمزة بابتسامة متشفية
: او اولع فيهم وفي مخازنهم ..
فقط وجه إليه نظرة عدم فهم ..ليومأ له حمزة بتأكيد ..لم تجرؤ نظراته على الصدمة ..بل اغلق عينيه للحظات بألم ..حيث كان هو البادئ باشعال الحرائق داخل قلوبهم ..ليتحدث بتعب يبتلع لعابه الجاف
: مش هلومك ..و عارف ان اللي هقوله ده تقيل عليك ..بس لازم تعرفه .. انا ما عملتش حاجة ..سارة ...
انقض عليه يمسكه من تلابيب الزي الخاص بالمرضى الذي يرتديه صارخا فيه بعنف ما ان لفظ اسمها من بين شفتيه ..
: ما تنطقش اسمها على لسانك يا ****** سارة دي اشرف منك ومن عيلتك ال ****
: يخربيت ابوك ..الجرح يا بغل ..
هتف بها سالم يغمض عينيه بقوة يطلق آهات متألمة  ..بينما دفعه حمزة فوق الفراش تشتعل حدقتيه ينظر إليه بغضب اعمى ..
: ما غلطش اللي خلاك دكتور بهايم ..انت ما ينفعش تتعامل مع بني آدمين ..
: وانت بني آدمين ..؟
اجابه بندم
: عارف اني كنت شيطان ،وهي ..
: ماتجيبش سيرتها يا حيوان ..
هتف بها بحدة ..ليرد سالم بصوت يائس
: طب اقولهالك ازاي دي ؟ ..اسمعني كويس يادكتور الله لا يسيئك جايز يكون ده اخر كلامي على الدنيا ..
زفر حمزة بغضب ليكمل سالم ..
: انا ما عملتش حاجة ..مأذيتهاش ..وهمتها اني لمستها لكن والله العظيم ايدي ما جات عليها حتى ..
في بداية الامر كانت كلماته لها فعل الوقود فوق اشتعال نيران عاشق ..لتتسع عينيه اتساع طفيف وخفقات متراقصة تتوارى اختبائا داخل صدره بهجة..بينما لايزال يحدجه باشتعال ..
: قولها تسامحني ..كل حاجة هترجع باسمها واسم اخوها .. زي ما عمي الله يرحمه كتب في الوصية ..انا ما بقيتش عايز اي حاجة غير انهم يسامحوني على اللي عملته ..
: جاي تعترف وتوب بعد ما مشيوا ومش عارفلهم طريق ..
: انا اعرف ..هرجعهالك ..بس وعد رجالة تبلغها مسامحتي لو ما لحقتش وقابلت وجه كريم .. ومحتاج كمان مساعدتك عشان اعرف ارجعها  ..
نظر له بامتعاض حانق وفي صمته لمحة من القبول ...
: عايز ايه ..؟
هتف بها بانزعاج وضجر ..ليتحدث سالم ..
: اسمعني كويس ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي