الفصل الرابع والعشرين

زاد صوت بكاء ليلى دون أن تتفوه بأي شئ ، فـ عاود يوسف حديثه مرة أخرى قائلًا : كفايه بالله عليكي ، عشان خاطري كفايه ، أنا عارف إن مهما قولت او مهما حاول اطيب بخاطرك الكلام مش هيكون كافي ولا هيغير حاجه وبرده زي ما عارف ان الكلام مش هيغير حاجه البكى كمان مش هغير ، هيسبب تعب وحزن في القلب بس ، هيكبر القلب والملامح قبل أوانها .
يلا عشان نمشي ، يلا عشان ندفن زين يا ليلى يلا .
،في تلك اللحظه وبعد تلك الجملة زاد بكاءها أضعاف وكأن قلبها يصرخ رافض ما يقال ، رافض خبر موت ذاك الذي سكن القلب ولم يفارقه حتى بعد أن توفى .









أشار يوسف إلى إصابة بهدوء بالاقتراب وإسناد ليلى حتى تصل إلى السياره ليغادروا المكان .
بالفعل استندتها وتحركا مغادرين المكان ، أما عن يوسف فقد إقترب من سديم وتحدث: انت العجوز صح ؟!
سديم بإبتسامه : أكيد شوفت بعينك ، كده كل حاجه وضحت وكل شي بان ليك ، أنا وأسر جان مائي المحافظة على سلالتنا من الانقراض بين ايدك انت ، انت وحدك إللي قادر تحضر الملك اجاويد وانت وحدك إللي قادر توحد الجن المائي وتنهي سيطره مرده النار .
حياتنا كلها بين ايدك انت ، ارجوك مش تبخل علينا ولا تسيبنا أكتر من كده عبده لمرده النار .
ارجع معانا ، حرر الملك اجاويد من جزيره النار وارجع بينا لعالم ارنغل ارجوك .
اسر : هنكون معاك دائمًا وابدا ، هنكون درعك وسيفك ، انت وحدك إللي قادر ترجعنا للعالم بتعنا ، انت اللي قادر تقتل رصد السرداب .

صمت يوسف للحظات ثم تحدث بهدوء : عايز اعرف أيه إللي حصل في اللحظه اللي فقدت فيها الوعي ، الميه اللي ملت المكان اي سببها ؟؟
سديم : أصالة هي الوحيده اللي شافت كل حاجه وهي اللي هتحكي ليك كل اللي حصل ، اما الميه فكان سببها أنها وأسر .
يوسف بهدؤه : فين السرداب إزاي هحرر أجاويد ؟؟
نظر سديم لأسر بفرحه ثم تحدث : ده معناه انك موافق ترجع معانا ؟!
تحدث يوسف بحزن : هاجي معاكم لكن مش عشانكم أو عشان شغفي اللي كان موجود وحلمي أن أوصل للسرداب ، الموضوع دلوقت بقى اكبر بكتير دلوقت بقى في ليا تار وحق هناك لازم أخده
دم صاحبي مش هيروح هدر أو هيبقى دون قيمه .
اسر : قولنا ليك من البدايه الموضوع بقى جد واكبر مما تتخيل .
يوسف : المهم فين السرداب وازاي احضر اجاويد ؟!
سديم : اليوم بليل بعد ما تنتهي من عزا زين روح لبيت أصالة هناك هتحكي ليك على اللي حصل هنا وانت فاقد الوعي وكمان أنا وأسر هنيجي ليكم مع اكتمال القمر ومن هناك هتبدء الرحلة وكل حاجه.
يوسف وهو يتحرك مغادر المكان : تمام هستناكم ، سلام .

فور أن أنهى حديثه غادر المكان مستقل سيارته التي بها أصالة وليلى مغادره المكان عائد إلى الاسكندريه .

أما عن أسر فتحدث : ايه رأيك في كل اللي حصل ؟؟
سديم : الموضوع بقى اسهل بكتير اوي من الاول .
اسر بعدم فهم : اسهل ؟؟
ده بقى في دم كتير اوي ، اسهل ازاي؟؟
سديم : موت زين سهل كتير من قرار موافقه يوسف ، كمان القوة اللي معاه دي ، قوة مش عارف جابها من فين .
اسر : خايف يكون تفكيري صح .
سديم : بتفكر في ايه ؟؟
اسر : أنه معاه روح لجن هوائي في اللحظه دي أمر اتحاد الروحين بالقوة دي هتفتك بجسده ، قوة الملك اجاويد بروحه وكمان القوة إللي ظهرت دلوقت وفتك عشرين جندي ناري في طرف عين وكمان الملعون جويس اكيد قوة جباره بروح قويه ، جسده مش هيقدر يتحمل كل الطاقة دي .
سديم بتفكير : مش عارف الموضوع فعلا بقى صعب لكن ما باليد حيله ، اجمل ما في الموضوع أننا خلصنا من جويس الدور على أبلج من بعده رصد السرداب .
اتمنى من كل قلبي أن جسده يتحمل الطاقه والضغط إللي هيكون فيه إذا فعلا كان بيحمل روح جان هوائي .
اسر : وانا كمان بتمنى ، لكن هتعمل ايه في أصالة ، هي مصممه انها تدخل السرداب مع يوسف وده زي ما قولنا هيكون مستحيل .
سديم : البنت دي أمرها محير جدًا ،تصميمها على دخول السرداب رغم أنها عارفه انها ممكن تفقد عمرها لو دخلت وبرده ومع ذلك مش خايفه ومش عايزه تسيب يوسف .
اسر : ده إللي البشر بيقولوا عليه الحب ، الشخص إللي بيحب ممكن يفدي مُحبه بروحه من غير ادني تفكير ، أنك تحب حد فـ انت مستعد انك تضحى عشانه بكل انواع التضحيات اي كانت ، انك مش تسيبه في ظروفه الصعبه والمتعبه قبل ظروفه الكويسه .
سديم : غريب اوي أمر البشر ، غريب اوي ما يسمى الحب ده ؟
يعني أيه أنا أفرط في حياتي وعمري عشان حد مجرد علاقتي بيها فتره سنه او سنتين او عشرين ، اصحى بعمري عشان حياه حد احبه ، اضحى بفرحني عشان اللي بحبه زعلان ؟؟
اسر : يمكن ده الشي الوحيد الكويس في العالم دا يا سديم ، البشر فيهم كل الحاجات الوحشه ، خيانه وخذلان وكذب وسرقه وقتل ، إلا أن مع كل الحاجات دي فيهم جزء من البشر لم بيحب بيفدي وبيدي بكل ما ليه ، يمكن احنا كده برده بس بدون مسمى ، بنخاف على بعض ، أنا ممكن افديك بعمري وانت كذلك ، بنعمل نفس الحاجات لكن دون مسمى للمشاعر دي ، أما عندهم مسمى واضح لكده وهو الحب .
سديم : طيب انا ممكن افديك لأن ده واجبي كـ قائد عليك ممكن اخاف عليك لاني اعرفك من آلاف السنين .
اسر : وهما كده برده بس بفرق العمر بينا .
سديم بتنهيده استسلام : ما علينا المهم استعد شكلنا هنودع العالم ده كله ونرجع لأرنغل الليله .
اسر : يارب ، إن شاء الله كل شي يكون جاهز .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يا سيدي جنود الأمير جويس قتلت بأكملها .
إنتفض أبلج من موضعه فور سماعه ذاك الخبر فتحدث : نعم ؟!
انت بتقول ايه وازاي ؟!
الجندي : أنا كنت بناء أوامر سيادتك وبراقب من بعيد ، وصل الأمير جويس وجنوده للمكان المتواجد فيه سديم واسر إلا أن كان هناك تلاته من معشر البشر من بينهم الولد إللي مطلوب قتله .
وفي اللحظه إللي بدء الأمير جويس يؤمر جنده بقتل كل الموجود الولد اتحول بشكل سريع كـ سرعه الريح ، قدر يسخر الريح لصنع دوامه كبيره دمرت كل الجنود دون أدنى مجهود .
أبلج بصدمه : دوامه من الهوا !! ، جن هوائي هنا في عالم البشر ؟
ازاي ؟!
طيب وجويس عمل ايه او هو فين ؟؟

اسماء الجندي رأسه لأسفل وتحدث بأسف : المتحول قتله وقطعه لأجزاء .
تلك الجمله التي صدى سمعها سقط على أبلج كـ ماء ثلج أطفئ لهيبه حتى جمده موضعه ، تحدث برعب : ايه؟!
قطعه ؟!
انت بتقول قطعه ؟؟
الجندي : ده اللي حصل سياده القائد ، كمان قال إن دي بدايه النهايه .
صمت ابلج للحظات محاوله استيعاب ما يسمع ، كيف أن تباد كتيبه وقائدها بكل تلك السهوله ؟
كيف يتواجد جن هوائي من الأساس هنا في عالم البشر ؟!
كيف اتى إلى هنا ومن اين ؟!
قبيله الجن الهوائي تم إبادتها بالكامل فـ من اين أتت تلك الروح ، حاول أن يسيطر على أعصابه بعد تلك الأخبار الصادمه ، ما زال سديم حر ، الخطر يزداد يوما تلو الآخر ، كلما بقى ذاك الفتى حيًا كلما ذادت قوته عن اليوم الذي يسبقه .
خبر فقدان كتيبه بأكملها ، مقتل جويس بهذا الشكل ، من قبل موت الين ؟؟
اصبح الأمر الآن أشد خطر عما سبق ، تنهد بقوة مشير للجندي بالمغادرة ومن ثم إتخذ قرار بالعوده مجددًا إلى الملك دواني لإطلاعه بما حدث ومعرفه ماذا سيفعل أو تلقي الأوامر حيل ما يحدث

عاد يوسف بـ الفتيات إلى الإسكندرية، كل منهم هائم في عالمه الخاص، حبيس لأفكاره تلك ..
صمت تام هو المخيم على المكان إلا من صوت بكاء ليلى من حين إلى آخر كلما تذكرت ما قيل عن زين، لا تصدق ما قاله الجميع بعد وكأنها تنتظر رؤيته بنفسها.
قرر يوسف أن يتجه إلى المنزل أولًا فـ هاتفه قد نفذت بطاريته قبل أن يجيب على والده، يرى ماذا يريد وأيضًا يضع الهاتف على الشاحن ومن ثم يتجه إلى حيث يريد.
توقف بالسيارة أمام المنزل تاركًا الفتاتين بها أما عنه فهرول سريعًا إلى الداخل.
فور أن رآه عامر أوقفه بقلق: يوسف؟!
أنت بخير ؟!
أنت كنت فين وليه تليفونك مقفول؟!
أنا كنت هجن من الخوف عليك أكتر من ساعتين برن التليفون مقفول.
يوسف بهدوء: بعتذر جدًا يا بابا والله، لكن التليفون فصل شحن مني وأنا مش كان معايا شاحن في العربية، في حاجه؟! كنت بترن عليا ليه؟!
عامر بأسف: مفيش كنت قلقان عليك فـ كنت بتطمن.
يوسف: أنا بخير الحمد لله، هحط  التليفون على الشاحن وأمشي أروح لزين عشان البنات مستنييني بره، أو أقصد جثة زين.
عامر بصدمة: أنت عرفت!!
عرفت منين أنا كنت بكلمك عشان أقول ليك الخبر ده، ياسين ضابط الشرطة كلمني وقال الخبر ده وأنا كنت مصدوم ومش مصدق إللي حصل وقال إنهم خدوه للمشرحة.
يوسف بهدوء: البقاء لله، الله يرحمه يا بابا كان ونعم الصاحب ونعم السند.
عامر بدهشة من ثبات يوسف: هو أنت مش زعلان على موته؟!
يوسف: مين قال كده يا بابا؟!
أنا جوايا نار وحزن يغطي مياه محيط ويعكره، بس إنا لله وإنا إليه راجعون.
عامر: إنا لله وإنا إليه راجعون، طيب مين هيبلغ أمه المسكينة دي أنا طلبت من ياسين مش يبلغها دلوقت لحد ما نشوف هنعمل إيه، أنت عارف إنها ست كبيرة وهو ابنها الوحيد ومش هتتحمل؟؟
يوسف: أنا دلوقت هروح المشرحة الأول وبعد كده هروح أنا بنفسي لوالدته، هستأذن أنا عشان أجهز برده للعزا بليل، إن شاء الله تكون موجود.
عامر بهدوء: إن شاء الله يا حبيبي، إن شاء الله، البقاء لله تان.
يوسف مغادرًا: ونعم بالله العظيم.

عاد مجددًا إلى السيارة حيث ليلى وأصالة، تحدث: هنروح على المشرحة دلوقت.
أصالة بصدمة: مشرحة؟!
نعمل إيه في المشرحة يا يوسف؟!
يوسف بهدوء: الشرطة والطب الجنائي خدوا يوسف على هناك، هنروح نشوفه ونعرف لو هناخده ندفنه ولا هنعمل إيه.
ليلى بأسى: يعني كده خلاص؟!
زين مات بجد وكل الكلام دلوقت هو إزاي ندفنه ولا لأ؟!
ضمتها أصالة إلى صدرها متحدثة: إنا لله وإنا إليه راجعون، دي أعمار يا ليلى وما باليد حيلة، البقاء لله يا قلبي هو إن شاء الله يكون من سكان الجنة، الدور والباقي على والدته لما تعرف إذا مكنتش عرفت لحد دلوقت.
يوسف : بابا قال إن الشرطة لسه مش بلغتها بالخبر، وإن شاء الله بعد ما نرجع من المشرحة بنفسي أنا هروح ليها، يلا نمشي بقى عشان الوقت بدأ يسرقنا.
أصالة: هو والدك عرف كمان؟؟
يوسف: اه عرف وكان بيرن عليا عشان كده، ضابط الشرطة المتخصص بالموضوع كلمه وبلغه التفاصيل.
أصالة: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ربنا يعدي الأيام دي على خير يارب.
يوسف: يارب.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي