الفصل الثالث والعشرين
الحلقة الثالثة والعشرون
ممرضة دمرت حياتي
................
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
حدثت علا إلى فهمي بن الحاج غنيم قائلة ...لازم يا بيه تعرف وتتطقس بيروح ويجي فين ؟
إلا يكون لاف على وحدة تانية كدا ولا كده ؟
صاح فهمي بغضب ...تاني ، إحنا مصدقنا خلص من البت حلا دي .
وغارت من المحل خالص .
علا ...معلش مهما السواهي
في كل حتة يا باشا .
فمتسبهوش كده يمشي على حل شعره
من وراكوا.
إلا تيجوا يوم متلقوش أي حاجة من وراه ، ويصرفهم كلهم على النسوان الجبارة دي .
فهمي بانفعال ...مش عارف صراحة ، أبويا شكله كبر وخرف .
كنت بحسبه راجل بتاع ربنا وملهوش
في الحجات دي .
أتاريه كان مخزن من ورانا .
على العموم هشوف سيادته بيعمل إيه ؟
ربنا يستر ثم أغلق الخط .
علا....يا ترى بتروح فين يا غنيم ؟
وليه بقيت زي القرع بتمد لبرا ؟
ما أنا أهو قدامك حلوة وصغيرة .
صراحة الراجل ده جنني .
........
ولج مؤمن لغرفة أخيه طلعت فوجده
على فراشه يضع ذراعه على عينيه وكأنه يبكي .
تعجب مؤمن من حاله الذي تغير منذ فترة ، فقد كان شعلة نشاط وقلبه كالصخر لا يتأثر بشيء .
فما الذي حدث له وغيره لانسان ضعيف ومتكاسل؟
فاقترب منه بحنو وربت على كتفه .
وعندما أزال طلعت ذراعه من على عينيه ، تفاجأ مؤمن بدموع طلعت فقال ...طلعت أنت بتبكي بجد !!
طلعت بغصة مريرة...وفيه إيه لما أبكي ؟
هو أنا مش إنسان زيي زيكم ولا إيه ؟
أنتم ليه شايفني ديما قلبي قاسي ومعنديش شعور .
وده أكيد عشان بعيد عني .
لكن مفيش حد منكم قرب مني وحس باللي جوايا .
شعر مؤمن بالحزن لحال أخيه ، فهو بالفعل بعيد عنه ولكن هذا بسببه هو لا غيره .
فهو دائم الانتقاد والسخرية منه ، لذلك ابتعد عنه ليتقي تنمره .
مؤمن ...سامحني يا خويا ، مهو غصب عني .
أنت معاملتك جافة شوية ، عشان كده قولت أبعد عشان منختلفش مع بعض كتير .
طلعت بحزن ...بعدت أوي يا مؤمن .
مؤمن ..بس خلاص من النهاردة أنا معاك وجمبك ومش هبعد عنك تاني.
ثم احتضنه بحب ، فزاد طلعت فى بكائه وهو بحضن أخيه.
ثم ابتعد قليلا ليقول ...بحبها أوي يا مؤمن .
ومش قادر أنساها .
أعمل إيه عشان أنساها ؟
دبرني يا خويا .
تنهد مؤمن بألم ...فلم يكن يعي أن طلعت فعلا يحب حنين من قلبه حبّا حقيقيا وليس مجرد تسليه ليحصل على ما يريد.
مؤمن ...أنت فعلا حبيتها بجد يا طلعت ؟
طلعت ...أيوا ومكنتش بتخيل ده .
بس حصل غصبا عني .
أنا للآن بتخيلها قدامي وكأني سامع صوتها في وداني .
وشايف ابتسامتها الحلوة اللي أسرتني بجمالها .
مؤمن ...للدرجاتي !
بس أنت غلطان أنك سبت نفسك لحب عارف أنه مستحيل .
لأنك عارف ومتأكد أنها بتحب واحد تاني ، هي مضحكتش عليك .
لا بالعكس هي صارحتك بكده في أكثر
من مرة .
طلعت ...عارف .
وصدقني أنا ندمت على الفصل اللي عملتوا معاها وكان هو السبب في أنها متجيش المستشفى تاني أبداً .
يعني حرمتني كمان من أني أشوفها .
مؤمن ...مهو صراحة اللي عملته كان حاجة صعبة وظلم لشخص بريء .
طلعت ...حبها عماني عن كده .
أنا كنت فاكر أني كده ، ممكن أخليها تحبني لما هو يبعد عنها .
بس أهو عرفت الحقيقة ورجعتله واتخطبت ليه كمان .
وأنت كمان كانت فرصة وقربتك من لولو اللي بتحبها من زمان.
مؤمن ...وأنت كمان مسيرك مع الوقت تنساها وتحب تاني وترتبط بإنسانة هي كمان تكون بتحبك من قلبها .
لأن الحب من طرف واحد ده مدمر وصعب جدا .
تنهد طلعت بألم....فعلا ، أنا حاسس أني موت بجد والله .
مؤمن ....لا بعد الشر عليك يا دكترة .
إن شاء الله اللي يكرهك .
قوم بس والبس هدومك وروح المستشفى .
وصدقني الشغل هو اللي هيخليك تنسى شوية.
لكن حبستك في أوضتك دي هتتعبك زيادة .
طلعت متألما ...صدقني مش قادر .
مؤمن بثقة ... لا هتقدر .
وأدي إيدي فى إيدك ، لغاية ما توقف
على رجليك من تاني .
لأني متأكد أنك قدها وقدود .
فأمسك طلعت على يده وابتسم بالكاد .
وقام ليرتدي وملابسه واتجه للعمل وكل أمله أن يستطيع نسيان تلك الحورية التي شغلت قلبه في وقت قصير.
........
اتصل أمجد على روان قائلا...وحشتيني ،كل ده برده مستنيكي في العيادة ومجتيش .
روان محدثة نفسها ...وبعدين معاه ده ،ماله الزرنيخ طول معاه كده ليه ومش عايز يموت واخلص منه زي مرات أبويا ،اللي ارتاحت وريحت الناس من شرها .
وخايفة أزود له الجرعة أتكشف .
على الله جرعة النهاردة تكون الأخيرة ، عشان أنا مليت منه صراحة وعايزة أعيش بحريتي.
بس برده فكراله أنه السبب في الخير اللي أنا فيه ده كله .
جبت الشقة وعطاني العربية بتاعته هدية .
وعشان كده ليه عليه يمين ، يموت من هنا ، مش هنسى أبداً أطلعله الأرافة كل جمعة ، اقرء على روحه الفاتحة .
ثم ابتسمت ورددت...والله قلبك طيب يا بت رورو .
ومش بتنسي المعروف أبداً.
ثم حدثته قائلة ...أديني جاية في السكة أهو
يا حبيبى.
معلش أصل السواقة جديدة عليا .
فماشية على هوادة .
أمجد ...على مهل الجميل ، بس سرعي شوية عشان خاطري.
أصل الشوق ليكي عالي أوي .
ضحكت روان لكلام أمجد بتصنع مرددة ...بلغ الشوق سلامي ، لغاية ما آخده بالأحضان.
فضحك أمجد قائلا ...يا روح الروح أنتِ.
ثم أغلق الخط .
ليشعر بمغص مفاجىء فردد...هو ده وقته .
كده مش هعرف أدي بطاقتي كلها .
لما آخد مسكن بسرعة .
ومش برشام لا إثنين كمان .
ثم أخرج الحبوب فتناول اثنان ، ليصاب بعدها بالتقيء فيركض مسرحا نحو المرحاض، فيفرغ ما بطنه، ويخرج وعليه أثر الإجهاد متسائلا ...هو فيه إيه ؟
مالي كده تعبت فجأة .
ثم شعر بدوار شديد وأمسك بصدره ، ليخر صريعا في الأرض ميتا .
لتصل إليه روان بعد ذلك ، فتتفاجأ به
على الأرض فتقول بتوتر ...إيه كده خلاص ولا لسه بيفكر ؟
فتسرع إليه لترى هل مازال قلبه ينبض
أم فارق الحياة .
فتجد أنه فارق الحياة .
فتقف بعد ذلك إلى جواره مبتسمة بسعادة قائلة ...كده تعملها قبل متطفي الشوق يا قلبي أنا .
لا مكنش ليك حق .
على العموم ، ريحتني منك .
خلينى بقا أشوف حياتى بعيد عن الأرف اللي كنت عايشة فيه ده .
وأمسح من ذاكرتي خالص الأيام دي .
وأعيش كملكة لنفسي ، محدش يحكمني.
ويلا بقا سلام يا أمجد .
هتوحشني يا غالي .
ليكتشف موته بعد ذلك والده عندما كان يبحث عنه في كل مكان بعد تأخره بالعودة للمنزل وعدم رده على الهاتف .
لتصنف الوفاة بهبوط في الدورة الدموية .
ولم يكتشف السبب الرئيسي للوفاة وهو سم الزرنيخ .
لتنجوا روان أيضا في المرة الثانية.
.........
توالت الأيام ليأتي موعد زفاف غنيم وحلا مع خطوبة حنين وحكيم أيضا كما كان الإتفاق .
وكان في قاعة جميلة مبهجة ،اجتمعت فيها عائلة حلا ولم يكن هناك أحد من عائلة غنيم حتى لا يصل الخبر إلى أولاده فيفسدوا عليه الفرحة التي اشتاق لها منذ سنوات .
ولم يشاركه تلك الفرحة سوى صديقه محمد الذي حضر وبارك له .
الحاج محمد هامسا له ...ألف مبروك يا عمنا .
بالرفاء والبنين ،بس شد حيلك ومتكسفناش .
فضحك غنيم قائلا...لا متقلقش ، الصحة تمام الحمد لله.
الحاج محمد ...يارب دايما يا صاحبي .
قام العروسان للرقص على أنغام أغنية نصيبي وقسمتي الحلوة ونور عيني ، في بحر عيونك الحلوة ومنى عيني .
ليهمس فى أذنها غنيم بحب ....يارب أكون فعلا قسمتك الحلوة ونصيبك ومتندميش أبداً على جوازك مني يا حلا .
فوضعت حلا يديها على فمه برفق قائلة ...هشششش مش عايزة أسمع كلمة ندم دي أبداً .
أنا اِخترتك بقلبي قبل عقلي، ده أنا خايفة أنك تندم .
لما تلاقي عقلي صغير وبحب أهزر واتنطط كتير .
فضحك غنيم قائلا...لا أنا بحبك كده .
وهتلاقيني بشاركك في كل حاجة ، أنا أصلا معشتش سني .
وعايز أعيشه معاكي يا حلولتي.
حلا بضحك ...إيه حلولتي دي!
كأنك بتحلل بفانوس رمضان .
ثم أخذ الإثنان يضحكان .
أما الحوار بين حكيم وحنين كان حادا بعض الشيء فحنين مازال كسرة يوم طلب حكيم يدها لم تلتئم بعد فحدثته وهما يتراقصان على الأغنية بجانب العروسين
حنين ...مش كنت تستأذن الأول من أمك قبل منرقص مع بعض يا حكيم .
حكيم بعتاب ...وبعدين معاكي، لازمته إيه النكد ده .
متخلينا نعيش اللحظة الحلوة مع بعض
وبصي لغنيم وحلا ،وخلينا مبسوطين زيهم .
حنين. ..بص أنت لأمك اللي هتكلنا بعنيها .
شوف قعدة إزاي ؟
فنظر حكيم إلى والدته فوجدها تكاد تنفجر من الغيظ وتزفر بضيق وتنظر له بتوعد وكأنه ارتكب جريمة سيعاقب عليها فور عودته للبيت.
حكيم محدثا نفسه ...شكلك ليلتك بيضة
يا حكيم .
الله يهديكي عليا يا أمي .
وتخليني أفرح يوم من نفسي .
ثم بدأ تهامس الحضور على الحاج غنيم وحلا .
إحداهن قالت ...البت حلا دي وقعت واقفة ، عشان تاخد راجل كبير عشان فلوسه .
لتقول أخرى ...يا أختي على رأي المثل .
يا واخد القرد على ماله ، بكرة يروح المال ويبقى القرد على حاله .
لتنزل دموع والدة حنين على بنتيها مرددة ... يا عيني عليكم ،وحدة واخدة واحد كبير والتانية حماتها هتوريها الويل .
................
تغيب الحاج غنيم عن المحل لمدة يومين بحجة التعب .
فأثار هذا أكثر من حيرة علا فقالت لعزة...اطأقطع دراعي ليكون الراجل ده عملها واتجوز من ورانا .
وخايفة لتكون هي البت حلا برده عشان وأنا مروحة لمحت كده فرع نور على بلكونتهم .
ولما اطقست قالوا الناس أن حلا اتجوزت .
وحاولت أسأل مين وبتاع وازاي ، محدش
يا أختي فادني بأي معلومة كأنه سر من الأسرار الحربية .
ولا يكونوش فاكرني غيرانة ولا حاجة ؟
عزة بضحك ....لا يا قلبي فشر ، أنتِ مفروسة بس .
علا بغيظ ...إيه يختي ، مش عجبك كلامي ولا إيه ؟
عزة...لا عجبني طبعا .
بس افرضي الحاج فعلا اتجوزها ، خلاص بقا .
يبقا كل واحد بياخد نصيبه .
الهري والنكد ملهوش عازة صح ولا أنا غلطانة ؟
علا بانفعال ...غلطانة طبعا .
لأن وايمانات الله ، لو طلع ده صح ؟
لكون جايبة عليها وطيها عشان يستغفلوني براحتهم بقا .
عزة ...يا بنتي اهدي .
كل شيء قسمة ونصيب ، ولو فعلا اتجوزوا يبقا حرام خراب البيوت .
علا...أنتِ هتجنيني يا بت أنتِ ، مش عارفة إيه حكاية الاستشياخ اللي أنتِ طالعة فيها دي .
أقولك ...انا مش هتكلمك معاكي تاني ،وانسي أني أصلا كلمتك في الموضوع ده وأدي قومة .
عزة ...براحة طيب يا أختي متزوقيش كده وعلى فين العزم إن شاء الله .
علا ...هطلع برا هعمل مكالمة وجيالك عشان الشبكة بس .
فخرجت علا واتصلت مرة أخرى بفهمي ابن غنيم... ألوو يا بيه.
فهمي...خير تاني يا زفتة أنتِ.
علا ...كده برده !
أنا غلطانة أني بتصل وبوعيك .
فهمي...مهو كل مكالماتك أخبار زفت وأنا مبقتش طايق نفسي صراحة .
إيه حصل إيه تاني ؟
علا ..مهو لو سمعت كلامي وشوفت بيروح ويجي منين مكنش حصل اللي حصل .
فهمي ..حصل !
حصل إيه انطقي بسرعة .
علا ...أبوكوا اتجوز أكيد .
بقاله يومين مش بيجي المحل .
ومن يومين برده كانت البت حلا بتجوز
وماظنهاش صدفة أبداً .
وأكيد اتجوزها .
فهمي وعينه تلمع بالشر ...لا _ده لو حصل فعلا .
يبقى عليه العوض ومنه العوض وهرفع عليه قضية حجر قبل ما الهانم تاخد فلوسه .
علا ...هو ده يا باشا ، إلحق إلهي تنستر.
فهمى ..سلام دلوقتي ،أكلم البنات ونشوف هنتصرف ازاي ؟
وفعلا حدث أخواته البنات .
فشهقت مروة مرددة ...يا مصيبتي ، برده عملها الشايب العايب .
وقعتها سودة مني ، لو كنتوا سبتوني يوميها أخلص عليها .
مكنش ده حصل .
بس وديني ما أنا سيباها.
هشوه ملامحها دي بمية نار .
فهمي...تستاهل الطماعة القادرة دي .
بس نشوف الباشا أبوكي ، اتجوزها فين الأول .
عشان مظنش في شقته ، عشان أنا مظبط الحارس يقول أخباره أول بأول .
شكله جبلها شقة تانية ، وكله من فلوسنا وحقنا .
حسبي الله ونعم الوكيل.
مروة ...آه يا أخويا ، شوف فين ؟
وبلغني .
وأنا بإذن الله هفرج عليها اللالليى يسوى واللي ميسواش .
السهونة الطماعة دي .
...........
أثناء قيادة روان للسيارة في أحد الطرق صادف القدر اصطدامها بسيارة بجانبها .
فانفعلت بحدة وأعلنت الحرب على من اصطدم بها .
فنزلت من سيارتها لتبطش بمن صدمها ،وهو الآخر قد فعل نفس الشيء .
لتتفاجأ به أنه هو ...؟
ويتفاجأ أيضا هو ، فينظر إليها من رأسها إلى مخمص قدميها غير مصدق أنها هي .
ليردد باندهاش...أنتِ روان معقول !!
بس أزاي أنتِ كده وإمتى ؟
ثم غمز لها قائلا ...بس صراحة احلويتي أوي خالص .
.........
يا ترى مين هو ده اللي شافته روان ؟
ويا ترى هيحصل إيه تاني في حياتهم ؟
وإيه مصير حلا وغنيم .
هنعرف في الحلقة القادمة بإذن الله .
.......
أم فاطمة ❤️ شيماء سعيد
ممرضة دمرت حياتي
................
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
حدثت علا إلى فهمي بن الحاج غنيم قائلة ...لازم يا بيه تعرف وتتطقس بيروح ويجي فين ؟
إلا يكون لاف على وحدة تانية كدا ولا كده ؟
صاح فهمي بغضب ...تاني ، إحنا مصدقنا خلص من البت حلا دي .
وغارت من المحل خالص .
علا ...معلش مهما السواهي
في كل حتة يا باشا .
فمتسبهوش كده يمشي على حل شعره
من وراكوا.
إلا تيجوا يوم متلقوش أي حاجة من وراه ، ويصرفهم كلهم على النسوان الجبارة دي .
فهمي بانفعال ...مش عارف صراحة ، أبويا شكله كبر وخرف .
كنت بحسبه راجل بتاع ربنا وملهوش
في الحجات دي .
أتاريه كان مخزن من ورانا .
على العموم هشوف سيادته بيعمل إيه ؟
ربنا يستر ثم أغلق الخط .
علا....يا ترى بتروح فين يا غنيم ؟
وليه بقيت زي القرع بتمد لبرا ؟
ما أنا أهو قدامك حلوة وصغيرة .
صراحة الراجل ده جنني .
........
ولج مؤمن لغرفة أخيه طلعت فوجده
على فراشه يضع ذراعه على عينيه وكأنه يبكي .
تعجب مؤمن من حاله الذي تغير منذ فترة ، فقد كان شعلة نشاط وقلبه كالصخر لا يتأثر بشيء .
فما الذي حدث له وغيره لانسان ضعيف ومتكاسل؟
فاقترب منه بحنو وربت على كتفه .
وعندما أزال طلعت ذراعه من على عينيه ، تفاجأ مؤمن بدموع طلعت فقال ...طلعت أنت بتبكي بجد !!
طلعت بغصة مريرة...وفيه إيه لما أبكي ؟
هو أنا مش إنسان زيي زيكم ولا إيه ؟
أنتم ليه شايفني ديما قلبي قاسي ومعنديش شعور .
وده أكيد عشان بعيد عني .
لكن مفيش حد منكم قرب مني وحس باللي جوايا .
شعر مؤمن بالحزن لحال أخيه ، فهو بالفعل بعيد عنه ولكن هذا بسببه هو لا غيره .
فهو دائم الانتقاد والسخرية منه ، لذلك ابتعد عنه ليتقي تنمره .
مؤمن ...سامحني يا خويا ، مهو غصب عني .
أنت معاملتك جافة شوية ، عشان كده قولت أبعد عشان منختلفش مع بعض كتير .
طلعت بحزن ...بعدت أوي يا مؤمن .
مؤمن ..بس خلاص من النهاردة أنا معاك وجمبك ومش هبعد عنك تاني.
ثم احتضنه بحب ، فزاد طلعت فى بكائه وهو بحضن أخيه.
ثم ابتعد قليلا ليقول ...بحبها أوي يا مؤمن .
ومش قادر أنساها .
أعمل إيه عشان أنساها ؟
دبرني يا خويا .
تنهد مؤمن بألم ...فلم يكن يعي أن طلعت فعلا يحب حنين من قلبه حبّا حقيقيا وليس مجرد تسليه ليحصل على ما يريد.
مؤمن ...أنت فعلا حبيتها بجد يا طلعت ؟
طلعت ...أيوا ومكنتش بتخيل ده .
بس حصل غصبا عني .
أنا للآن بتخيلها قدامي وكأني سامع صوتها في وداني .
وشايف ابتسامتها الحلوة اللي أسرتني بجمالها .
مؤمن ...للدرجاتي !
بس أنت غلطان أنك سبت نفسك لحب عارف أنه مستحيل .
لأنك عارف ومتأكد أنها بتحب واحد تاني ، هي مضحكتش عليك .
لا بالعكس هي صارحتك بكده في أكثر
من مرة .
طلعت ...عارف .
وصدقني أنا ندمت على الفصل اللي عملتوا معاها وكان هو السبب في أنها متجيش المستشفى تاني أبداً .
يعني حرمتني كمان من أني أشوفها .
مؤمن ...مهو صراحة اللي عملته كان حاجة صعبة وظلم لشخص بريء .
طلعت ...حبها عماني عن كده .
أنا كنت فاكر أني كده ، ممكن أخليها تحبني لما هو يبعد عنها .
بس أهو عرفت الحقيقة ورجعتله واتخطبت ليه كمان .
وأنت كمان كانت فرصة وقربتك من لولو اللي بتحبها من زمان.
مؤمن ...وأنت كمان مسيرك مع الوقت تنساها وتحب تاني وترتبط بإنسانة هي كمان تكون بتحبك من قلبها .
لأن الحب من طرف واحد ده مدمر وصعب جدا .
تنهد طلعت بألم....فعلا ، أنا حاسس أني موت بجد والله .
مؤمن ....لا بعد الشر عليك يا دكترة .
إن شاء الله اللي يكرهك .
قوم بس والبس هدومك وروح المستشفى .
وصدقني الشغل هو اللي هيخليك تنسى شوية.
لكن حبستك في أوضتك دي هتتعبك زيادة .
طلعت متألما ...صدقني مش قادر .
مؤمن بثقة ... لا هتقدر .
وأدي إيدي فى إيدك ، لغاية ما توقف
على رجليك من تاني .
لأني متأكد أنك قدها وقدود .
فأمسك طلعت على يده وابتسم بالكاد .
وقام ليرتدي وملابسه واتجه للعمل وكل أمله أن يستطيع نسيان تلك الحورية التي شغلت قلبه في وقت قصير.
........
اتصل أمجد على روان قائلا...وحشتيني ،كل ده برده مستنيكي في العيادة ومجتيش .
روان محدثة نفسها ...وبعدين معاه ده ،ماله الزرنيخ طول معاه كده ليه ومش عايز يموت واخلص منه زي مرات أبويا ،اللي ارتاحت وريحت الناس من شرها .
وخايفة أزود له الجرعة أتكشف .
على الله جرعة النهاردة تكون الأخيرة ، عشان أنا مليت منه صراحة وعايزة أعيش بحريتي.
بس برده فكراله أنه السبب في الخير اللي أنا فيه ده كله .
جبت الشقة وعطاني العربية بتاعته هدية .
وعشان كده ليه عليه يمين ، يموت من هنا ، مش هنسى أبداً أطلعله الأرافة كل جمعة ، اقرء على روحه الفاتحة .
ثم ابتسمت ورددت...والله قلبك طيب يا بت رورو .
ومش بتنسي المعروف أبداً.
ثم حدثته قائلة ...أديني جاية في السكة أهو
يا حبيبى.
معلش أصل السواقة جديدة عليا .
فماشية على هوادة .
أمجد ...على مهل الجميل ، بس سرعي شوية عشان خاطري.
أصل الشوق ليكي عالي أوي .
ضحكت روان لكلام أمجد بتصنع مرددة ...بلغ الشوق سلامي ، لغاية ما آخده بالأحضان.
فضحك أمجد قائلا ...يا روح الروح أنتِ.
ثم أغلق الخط .
ليشعر بمغص مفاجىء فردد...هو ده وقته .
كده مش هعرف أدي بطاقتي كلها .
لما آخد مسكن بسرعة .
ومش برشام لا إثنين كمان .
ثم أخرج الحبوب فتناول اثنان ، ليصاب بعدها بالتقيء فيركض مسرحا نحو المرحاض، فيفرغ ما بطنه، ويخرج وعليه أثر الإجهاد متسائلا ...هو فيه إيه ؟
مالي كده تعبت فجأة .
ثم شعر بدوار شديد وأمسك بصدره ، ليخر صريعا في الأرض ميتا .
لتصل إليه روان بعد ذلك ، فتتفاجأ به
على الأرض فتقول بتوتر ...إيه كده خلاص ولا لسه بيفكر ؟
فتسرع إليه لترى هل مازال قلبه ينبض
أم فارق الحياة .
فتجد أنه فارق الحياة .
فتقف بعد ذلك إلى جواره مبتسمة بسعادة قائلة ...كده تعملها قبل متطفي الشوق يا قلبي أنا .
لا مكنش ليك حق .
على العموم ، ريحتني منك .
خلينى بقا أشوف حياتى بعيد عن الأرف اللي كنت عايشة فيه ده .
وأمسح من ذاكرتي خالص الأيام دي .
وأعيش كملكة لنفسي ، محدش يحكمني.
ويلا بقا سلام يا أمجد .
هتوحشني يا غالي .
ليكتشف موته بعد ذلك والده عندما كان يبحث عنه في كل مكان بعد تأخره بالعودة للمنزل وعدم رده على الهاتف .
لتصنف الوفاة بهبوط في الدورة الدموية .
ولم يكتشف السبب الرئيسي للوفاة وهو سم الزرنيخ .
لتنجوا روان أيضا في المرة الثانية.
.........
توالت الأيام ليأتي موعد زفاف غنيم وحلا مع خطوبة حنين وحكيم أيضا كما كان الإتفاق .
وكان في قاعة جميلة مبهجة ،اجتمعت فيها عائلة حلا ولم يكن هناك أحد من عائلة غنيم حتى لا يصل الخبر إلى أولاده فيفسدوا عليه الفرحة التي اشتاق لها منذ سنوات .
ولم يشاركه تلك الفرحة سوى صديقه محمد الذي حضر وبارك له .
الحاج محمد هامسا له ...ألف مبروك يا عمنا .
بالرفاء والبنين ،بس شد حيلك ومتكسفناش .
فضحك غنيم قائلا...لا متقلقش ، الصحة تمام الحمد لله.
الحاج محمد ...يارب دايما يا صاحبي .
قام العروسان للرقص على أنغام أغنية نصيبي وقسمتي الحلوة ونور عيني ، في بحر عيونك الحلوة ومنى عيني .
ليهمس فى أذنها غنيم بحب ....يارب أكون فعلا قسمتك الحلوة ونصيبك ومتندميش أبداً على جوازك مني يا حلا .
فوضعت حلا يديها على فمه برفق قائلة ...هشششش مش عايزة أسمع كلمة ندم دي أبداً .
أنا اِخترتك بقلبي قبل عقلي، ده أنا خايفة أنك تندم .
لما تلاقي عقلي صغير وبحب أهزر واتنطط كتير .
فضحك غنيم قائلا...لا أنا بحبك كده .
وهتلاقيني بشاركك في كل حاجة ، أنا أصلا معشتش سني .
وعايز أعيشه معاكي يا حلولتي.
حلا بضحك ...إيه حلولتي دي!
كأنك بتحلل بفانوس رمضان .
ثم أخذ الإثنان يضحكان .
أما الحوار بين حكيم وحنين كان حادا بعض الشيء فحنين مازال كسرة يوم طلب حكيم يدها لم تلتئم بعد فحدثته وهما يتراقصان على الأغنية بجانب العروسين
حنين ...مش كنت تستأذن الأول من أمك قبل منرقص مع بعض يا حكيم .
حكيم بعتاب ...وبعدين معاكي، لازمته إيه النكد ده .
متخلينا نعيش اللحظة الحلوة مع بعض
وبصي لغنيم وحلا ،وخلينا مبسوطين زيهم .
حنين. ..بص أنت لأمك اللي هتكلنا بعنيها .
شوف قعدة إزاي ؟
فنظر حكيم إلى والدته فوجدها تكاد تنفجر من الغيظ وتزفر بضيق وتنظر له بتوعد وكأنه ارتكب جريمة سيعاقب عليها فور عودته للبيت.
حكيم محدثا نفسه ...شكلك ليلتك بيضة
يا حكيم .
الله يهديكي عليا يا أمي .
وتخليني أفرح يوم من نفسي .
ثم بدأ تهامس الحضور على الحاج غنيم وحلا .
إحداهن قالت ...البت حلا دي وقعت واقفة ، عشان تاخد راجل كبير عشان فلوسه .
لتقول أخرى ...يا أختي على رأي المثل .
يا واخد القرد على ماله ، بكرة يروح المال ويبقى القرد على حاله .
لتنزل دموع والدة حنين على بنتيها مرددة ... يا عيني عليكم ،وحدة واخدة واحد كبير والتانية حماتها هتوريها الويل .
................
تغيب الحاج غنيم عن المحل لمدة يومين بحجة التعب .
فأثار هذا أكثر من حيرة علا فقالت لعزة...اطأقطع دراعي ليكون الراجل ده عملها واتجوز من ورانا .
وخايفة لتكون هي البت حلا برده عشان وأنا مروحة لمحت كده فرع نور على بلكونتهم .
ولما اطقست قالوا الناس أن حلا اتجوزت .
وحاولت أسأل مين وبتاع وازاي ، محدش
يا أختي فادني بأي معلومة كأنه سر من الأسرار الحربية .
ولا يكونوش فاكرني غيرانة ولا حاجة ؟
عزة بضحك ....لا يا قلبي فشر ، أنتِ مفروسة بس .
علا بغيظ ...إيه يختي ، مش عجبك كلامي ولا إيه ؟
عزة...لا عجبني طبعا .
بس افرضي الحاج فعلا اتجوزها ، خلاص بقا .
يبقا كل واحد بياخد نصيبه .
الهري والنكد ملهوش عازة صح ولا أنا غلطانة ؟
علا بانفعال ...غلطانة طبعا .
لأن وايمانات الله ، لو طلع ده صح ؟
لكون جايبة عليها وطيها عشان يستغفلوني براحتهم بقا .
عزة ...يا بنتي اهدي .
كل شيء قسمة ونصيب ، ولو فعلا اتجوزوا يبقا حرام خراب البيوت .
علا...أنتِ هتجنيني يا بت أنتِ ، مش عارفة إيه حكاية الاستشياخ اللي أنتِ طالعة فيها دي .
أقولك ...انا مش هتكلمك معاكي تاني ،وانسي أني أصلا كلمتك في الموضوع ده وأدي قومة .
عزة ...براحة طيب يا أختي متزوقيش كده وعلى فين العزم إن شاء الله .
علا ...هطلع برا هعمل مكالمة وجيالك عشان الشبكة بس .
فخرجت علا واتصلت مرة أخرى بفهمي ابن غنيم... ألوو يا بيه.
فهمي...خير تاني يا زفتة أنتِ.
علا ...كده برده !
أنا غلطانة أني بتصل وبوعيك .
فهمي...مهو كل مكالماتك أخبار زفت وأنا مبقتش طايق نفسي صراحة .
إيه حصل إيه تاني ؟
علا ..مهو لو سمعت كلامي وشوفت بيروح ويجي منين مكنش حصل اللي حصل .
فهمي ..حصل !
حصل إيه انطقي بسرعة .
علا ...أبوكوا اتجوز أكيد .
بقاله يومين مش بيجي المحل .
ومن يومين برده كانت البت حلا بتجوز
وماظنهاش صدفة أبداً .
وأكيد اتجوزها .
فهمي وعينه تلمع بالشر ...لا _ده لو حصل فعلا .
يبقى عليه العوض ومنه العوض وهرفع عليه قضية حجر قبل ما الهانم تاخد فلوسه .
علا ...هو ده يا باشا ، إلحق إلهي تنستر.
فهمى ..سلام دلوقتي ،أكلم البنات ونشوف هنتصرف ازاي ؟
وفعلا حدث أخواته البنات .
فشهقت مروة مرددة ...يا مصيبتي ، برده عملها الشايب العايب .
وقعتها سودة مني ، لو كنتوا سبتوني يوميها أخلص عليها .
مكنش ده حصل .
بس وديني ما أنا سيباها.
هشوه ملامحها دي بمية نار .
فهمي...تستاهل الطماعة القادرة دي .
بس نشوف الباشا أبوكي ، اتجوزها فين الأول .
عشان مظنش في شقته ، عشان أنا مظبط الحارس يقول أخباره أول بأول .
شكله جبلها شقة تانية ، وكله من فلوسنا وحقنا .
حسبي الله ونعم الوكيل.
مروة ...آه يا أخويا ، شوف فين ؟
وبلغني .
وأنا بإذن الله هفرج عليها اللالليى يسوى واللي ميسواش .
السهونة الطماعة دي .
...........
أثناء قيادة روان للسيارة في أحد الطرق صادف القدر اصطدامها بسيارة بجانبها .
فانفعلت بحدة وأعلنت الحرب على من اصطدم بها .
فنزلت من سيارتها لتبطش بمن صدمها ،وهو الآخر قد فعل نفس الشيء .
لتتفاجأ به أنه هو ...؟
ويتفاجأ أيضا هو ، فينظر إليها من رأسها إلى مخمص قدميها غير مصدق أنها هي .
ليردد باندهاش...أنتِ روان معقول !!
بس أزاي أنتِ كده وإمتى ؟
ثم غمز لها قائلا ...بس صراحة احلويتي أوي خالص .
.........
يا ترى مين هو ده اللي شافته روان ؟
ويا ترى هيحصل إيه تاني في حياتهم ؟
وإيه مصير حلا وغنيم .
هنعرف في الحلقة القادمة بإذن الله .
.......
أم فاطمة ❤️ شيماء سعيد