الفصل الحادي عشر

ازمنة الحب المتصاعده 22 و ال ٢٣

لمريم عبدالرحمن

*****

- انا اسفه .

قالتها و هي تمتلك من النبرة الشجاعه و ايضا الحب وفي طياتها معرفة خطأها ، استرد هو كل ذلك و فجأه تلك المشاعر الفياضه امتلكته و هدأت من نار فؤاده الكثير ، كلمتها ونبرتها له كالماء الذي يسكب على النيران المشتعله ، لم يذهب الوقت كثيرً وعلمت خطأها سريعًا فلم يغزو سوا ساعات قليله على تركه لها فقال بداخله ما لم يكن في الحسبان " لماذا كلمة منها قد قيدتني بكثير من الابواب وغيرت الكثير من المشاعر بداخلي ؟ الم اعهد يوماً بأن لا يحن مشاعري لفتاة مره اخرى ؟ انها تستمد مني الطاقه وتهلكني في بقاع منتهيه ، انها تهوى بي من اعلى الجبال ، افكر فبها عن ما فكرت في سيئاتي ، انها الحسنه الوحيده الذي تشرق على قلبي من سواد العالم  مؤخرا ، فهي سيدة قلبي والعالم و سيدة نظري الملهم الذي يراها نورا رغم ظلماتي و يسمع طيات نبراتها بنداء الحياه له للعوده لها ، لن انسى تلك المره الاولى التي رأيتها تفتح الستائر من ظلمات القصر ، وكأن قلبي هو الشمس الذي شرقت ولم اعهد يومًا بأن اكون كاذب فهذا اعتراف فوري من قلبي الى عقلي المحتل من قِبلها " 

بعد ذلك التفكير العميق و الطويل و السريع تقدمت منه بتردد و هي تحاول ان تتجنب غضبه :

- انا عارفه اني غلطت و مكنش ينفع اقولك كده .

- هيفيد ب ايه انك قولتي او مقولتيش و انتي كده كده من جواكي  شاكه فيا ؟

تنهدت بتوتر و هي تقول مسرعه :

- لا يا ماجد متقولش كده انا ...

اسرع هو قائلا بغضب :

- شوفتي مني ايه وحش يخليكي تقولي اني حاولت اموته ؟

تلجلت حروفها و لكن استمدت شجاعتها مره اخرى مؤردفه :

- مشوفتش ولا هشوف منك حاجه وحشه ، و مش جايه اجبرك نكمل اللي بداناه انا بس طالبه متزعلش منس ، انت شخص غالي عليا اوي و في وقت من الاوقات كنت سبب في قوتي و رجعت لحياتي تاني بسبب كلامكك ، كنت سبب في يوم من الايام ان يرجعلي الامل من تاني .

كانت كلماتها صادقه ومن شدة نبراتها المتحشرجه كادت تن تبكي و هي تقول :

- من غير مساعدتك هيكوم ضاع املي الوحيد في الحياه و انت املي يا ماجد .

كلماتها الاخيرة اصدرت من فاهها لتخترق مشاعره كالسهام بل اعتقد انها تقول ذلك بعيد عن نواياه العاشقه لها فابتسم بخفه و هو ينظر لها قائلا :

- هتثقي فيا يا ليلى ؟

- هثق فيك يا ماجد .

ثم اكملت بعد ابتساماتهم لبعض قائله بتوتر : 

- هستناك تحت نتكلم سوا و احكيلك اي فاتك الساعات الللي فاتتت اتفقنتا  ؟.

هز رأسه بالموافقه ونهض سريعًا بعد ان خرجت ليرتدي افضل ملابس عنده بعد اخذه حمام دافئ قد رجعت له الاشراقه من جديد ليعترف مره اخرى بحبه لها ، و اه يشرق فقط بوجودها ، نظر لذاته في المرأه بعد ان هندم من خصلاته برقه  و عطف على ذاته بابتسامه خلابه زادت من اشراقته ، نظر لهم جميعًا و هم يضعون الطعام على السفره بمرح و قد انفتحت الستائر مره اخرى لتظهر  رونق العائله و رونق القصر و حياتهم الممتلئه من جديد، ساد الليل و احنا الظلام و لكن نورٍ ما قد اصبح محيط بهم من جميع النوافذ ، ها قد تحدث راغب بعد ن جل على السفره :

- عفكره ليلى انتي غيرتي معتقداتنا هاليوم ان اخي ماجد بينفع ينبسط  ،  هلأ شفت ابتسامته .

غضب مره اخرى و هو ينظر لها بعينان متسعان ام عن ليلى و سكينه ظلوا يضحكون حتى اجابته :

- انا شوفت ابتسامته كتير على فكره ، انتوا بس للي بتعصبوه .

زمجرت سكينه مؤردفه :

- هلأ نحنا اللي بنعصبوا ؟ آخ منك ليلى  . 

جلس و هو ينزر لجميعهم بلا مبالاه قائلا :

- انتوا بتطلعوا عليا صفات و كلام غريب ، و بعدين اكيد ك

مش همشي ابتسم زي الاهبل في البيت يريت تخرسوا عشان متعصبونيش . 

بعد ان انتهوا من الطعام جميعهم رن هاتف ليلى ليرمقه ماجد صدفه و ضم حاجبيه بضيق بعد ان رأى المتصل لتلاحظ كمّ غضبه الذي  اجتاحه  و ابتسمت من داخلها و لا تعلم لماذا تلك الابتسامه و الاطمئنان الذي اجتاحها ، ولكنها اجابت قائله:

- اه يا حسن انا عند ماجد، المهم انت عامل ايه دلوقتي ؟

نظر لها ماجد بحركة حاجبيه الغاضبه بكنها زادت من ابتسامتها بعد ان قال لها :

- مش المفرود تسألي عن ابوه ؟ بتسأالي عنه هو ليه ؟

لم تستطيع ان تجاوبه الا بعد ان اغلقت قائله بغرور :

- والله يا بشمهندس كنت  فاكره انك بتحب ابن عمك، شكلك مبتحبوش .

هدأ قليلا ثم تلجلج و هو يقول :

-  ا على فكره هو اخويا مش مجرد صديق ل.

تنهدت و هي ترتشف من قهوتها  قاله بغرور :

- اومال ليه متضايق ؟

- بس انا مقولتش اني متضايق !

- في حاجات مش لازم نقولها بلساننا، بنقولها بعيوننا و بنقولها بحركاتنا .

- و انتي شيفاني بقول ايه ؟

- و انا احيانا مبحبش اشوف .

- مش فاهم ؟

اردفها و هو يعتدل من جلسته تجاهها ينصت لها بإهتمم عن ما ثالته، ليجعلها تكمل حديثها بترددد :

- اقولك انت عاوز تقول ايه ؟ 

هز رأسه بابتسامه لتؤردف :

- عاوز تقول انك خايف ، و مش عاوز تواجه حياتك الملزوم بيها عاوز تقول انك متعلق بحبال جايبه بس خايف لنضحك عليك، خاف تواجه نفسك قبل ما تواجهه حياتك ، باختصار انت عايش عشان ربنا مديك الحياه و بس ، انما انت مش عايز كل ده .

ضحك بسخريه قد ضايقتها ليثول باستهزاء :

- و انتي بقا تعرفي عن كل ده و انا معرفوش ؟ ده انتي جدعه والله و شكرا على المعلومات الرهيبه اللي اول مره اسمع عنها بيها عن نفسي .

تذمرت و هي غاضبه لتؤردف بغيظ :

 - بقا كده ؟ طول عمرك هتفضل متخلف والله العظيم و هتشوف يا ماجد ازاي الحياه هتحدفك بعيد .. عموما انا هستناك بكره الساعه 6 الصبح عشان نرجع على لبنان .

نهضت و ذهبت الى غرفتها بغضب و هي تلحق بكتم غضبها تقريبا ، لتغلق الباب من خلفها و هي تتنهد باتياح  ، هو سخر منها وا و هي تحاول ان تجعله يميل لها ، كم هو وغد ولا يهتم بأمرها ، انتظمت على تفكيرها به هي تحتاج الى بعض الوقت كي تفكر في ان تحبه ، و هو بالطبع لن يحبها كما تعتقد ، اعتقادها فقط انه والفق على رجوعها و اسفها من اجا مرادهم و غايتهم سويا باسترجاع ديموزيد ، و بالتاكيد هو ايضًا لم يغير عليها من حسن بل يخشى تقربها منه و اكتشاف مخططهم تجاه والده ، مشاعرها الفضفضاضه التي تتحدث الان جعلتها تغيب عن الوعي لتستيقظ اليوم صباح اليوم التالي  على اصوات عصافير تغرد بشده على شباكها ،  لا تعلم ان ذلك القصر المخيف  يحوم  حوله العاصفير صباحا و كأنهم سعداء بتلك الستارة المفتوحه و النافذه المنيره .

يتبع  ... 

ازمنة الحب المتصاعده 23

لمريم عبدالرحمن

*************

اصبحت الشمس مشرقه في قلبه شعر فجأه ب انه سيصبح له حياه حتى و لو كان سينعم بدنيا اخرى ، تراقصت طبول قلبه فقط حينما تذكر انها الان بالقصر تنتظره ليرجعوا سويا للمشوار الذي بدأوه سويا ، لم يتخيل يوما بأنه سيتوق الشوق به الى امرأه بتلك الشكل و التصرف المشترك بينهم و يبحثون عن حياه افضل سويا ، و لكن يبدو ان الحياه تلعب بدورها معه لتجعلها تعشق ابن عمه و شقيقه الذي احبه دوما ، انتظر و اصبح جاهز و انتظرها و هو يرتشف كوب القهوة لينظر تلك المره الاولى الذي يرى شعيراتها الحريريه منسده بشكل عشوائي على كتفيهاا ، تفرك عيناها بنعا و شفتيها منتفختين و هو يعبث بتفاصيلها بذاكرته لتيحفر تلك اليد الناعمتين و لمستها التي اخذت منه كوب القهوة قائله بغض : 

- انت اتجننت و لا ايه يا عم القهوة اتدلقت .

يا للهول ؟ اتلك الدرجه اصبح خلف قضبان الواقع مستنشقا جمالها الحاد ، ما جال خاطره الان ان الحياه ستعند معه و لن تعطيه الامل الذي جعله ينفتح مره اخرى و لن تعشقه و لن تميل له و لن تثق به حتما كما فعلت من قبل ، تنحننح و هو يقول بتنهيده : 

- اسف بقا ما انا لسه صاحي ،  امهم انتي عامله ايه ؟  و لسه ملبستيش ليه لحد دلوقتي ؟ 

جلست بجانبه و هي تبتسم قائله :

- النوم هنا في القصر مريح و راحت عليا نومه .

ابتسم هو ايضا بنظرات عاشق ولهان كما ينعتون ،  ليقول بهدوء :

- لو حابه نفضل هنا كمان يومين ناخد نفس انا معنديش مشكله .

- هنتأخر على شغلنا و ممكن يفوتنا حاجات ، اصلا عمو محمد خرج من المستشفى و راح البيت لازم تبقا جمب حسن و عم محمد .

صمت قليلا و هو يؤردف بضيق :

- كنت حابب اقولك حاجه  مهمه يمكن كقولتهالكيش .

تعجبت و هي تشير له بالتحدث :

- يوم ما لقينا محمد عطوة عالارض انا كنت بكلمه و كترت في الكلام شوية و هزقته ،  من بعدها جاله الازمه دي بس والله مكنتش قاصد .

- قولتله ايه ؟ 

- قولتله انه اناني و مبيبحبش ، قولتله كلام  كتير جارح .

رمقته بهدوء و هي تحاول كسب مشاعره بهدوئها و عقلانيتها و ليس بالعند كما  نصحتها شقيقته سكينه ، كي تستمر علاقتهم على وفاق ، لا تريد ان تصرخ في وجهه فيصرخ هو الاخر فيتعاد الخصام من بينهم ، هزت رأسها بهدوء و هي تقول : 

- تمام انا عارفه ان انت اتصرفت من غير ما نتفق بس هو بردو انت مكنتش قاصد فخلاص ، عادي يعني .

رفع احدى حاجبيه قائلا : 

- انتي كمان اتصرفتي بغرابه يا ليلى و قربتي من حسن .

- حسن في شغلي و طببيعي نتكلم لكن مقربتش منه بالشكل الكفي او اللي انت متوقعه .

تنهد و هو يقول :

- هو كان مكلمني عنك و كان بيقولي انم بنت صاحب الشركه مغرمه بيه .

اندهشت قائله :

- ايه الهبل ده مين قاله الاكلام ده  ؟

- يعني الكلام ده مش حقيقي ؟

صمتت قليلا ثم اضافت ذلك المثل على افعالها و هو ان تقلب  الوضع الساكن و المحارب اليه :

- و انت بجد يهمك في ايه كل د ؟

-  عشان اعرف اثق فيكي  و متقوليلوش على كلامنا و خططنا . 

- بس انا حاسه انه لازم يعرف .

 صرخ بوجهها سريعا قائلا : 

- شوفتي ده اللي كنت عامل حسابه انك تميلي ليه و شغلنا ده مينفعش فيه الكلام ده .

صرخت هي الاخرى و كأنها كانت تحتمل ما لا طاقه له به ان يحتمل :

- انت زودتها اوي ، كل ما ييجي سيرة حسن تروح عامل الشويتين دول و تيجي في الاخر تقول ده اخويا مش ابن عمي ، عرفت ليه مش واثقه فك ؟ لان اللي شفاه ان ملكش لا عزيز و لا غالي و مش بحس جمبك بالاطمئنان ، انما حسن بحسه صادق معايا عنك .

قالت جملتها الاخيرة و ه تاخذ الادراج و هو صامت من الصدمه لتقف مره اخرى ثم قالت : 

- انت اناني ، انا مسكت نفسي من بدري على اني اقولك الكلمه دي بس كان لازم اقولهالك .

 يتبع ....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي