الفصل الثالث و عشرون

و على الجانب الاخر عند ريان محمد الشاذلي .
وقف ريان فى مكانه الذى يذهب اليه كلما شعر هو بالضيق ، ، و كان ينظر الى النيل شاردا فى افكاره التي ستصيبه بأزمه قلبيه ، ، و يشعر ايضا بأنفاسه تغادره ببطئ و بروحه تسحب منه ببطئ أيضا ، ، أحس بيد توضع على كتفه و يربط عليه بكل لطف ، ، ليلتفت ريان في تلك اللحظه ، ، و هو يرى صاحب تلك اليد ليجده صديقه المقرب معاذ رفيق دربه الذي لا يمكن التخلي عنه ، ، في وقت شده تظهر معادن الناس المقربه اليه جميعا ، ، التفت ريان مجددا ناظرا الى النيل و هو يقول فى ضيق : انت ايه بس اللي جابك دلوقتى يا معاذ ؟ من فضلك سيبني انا عاوز أقعد لوحدى دلوقتي ممكن ؟
وقف معاذ الى جواره و هو ينظر الى النيل بدوره قائلا: عارف يا ريان ، ، ايه اللى جابنى ، ، اللي جابني غبائك يا صاحبي .
عقد ريان حاجبيه قائلا بغضب: معاذ انت اتجننت و لا اي ؟
نظر اليه معاذ للحظات ثم تحدث قائلا بهدوء:
انت يا ريان يا صاحبي اللي اتجننت ، ، ايوه انت اتجننت لما ظلمت انسانة بريئة من غير ما انت تتأكد ، ، و خسرتها بتسرعك و غبائك دا ؟
جز ريان على أسنانه بغيظ و غضب من كلام معاذ صديقه ، ، ثم قام بإمساك معاذ من ياقة قميصه ثم تحدث قائلا بغضب: انت تعرف يا معاذ انت لو مش كنت صاحبى و بحبك و بعزك ، ، دا انا كنت و ريتك الغباء دا بقا شكله ايه يا زفت انت .
ثم تركه ريان و اتجه بعدها ليغادر المكان و في تلك اللحظه ، ، ليقف مصدوما من وجود عاصم رفيقه أمامه يقف فى توتر ، ، ليخرج ريان من صدمته و هو يتجه اليه فى غضب ثم تحدث قائلا في حده : و هو انت ليك عين تورينى وشك تاني يا حقير يا زباله يا زباله ياللي كنت فاكرك صحبي .
ليلكمه ريان بقوة فى وجهه ، ، ثم كاد ان يلكمه مرة أخرى لولا أن كبله ، ، معاذ في اللحظه تلك و هو يمنعه من التعرض له مرة اخرى ، ، فقال عاصم و هو يفرك فكه بألم:
و الله يا ريان انت ظالمني و ظالمها على فكرة و تغريد بنت بريئة و عمرها ما تفكر ابدا ان هي تخونك يا ريان .
قاوم ريان معاذ و هو يحاول الافلات منه قائلا لعاصم بعصبية: انت بقا يا عاصم اخرس خالص ، ، انا مش عاوز أسمع صوتك و لا عاوز أسمع اسمها حتي تاني ، ، ابعدوا عنى بقى و سيبيوني فى حالى بقا .
قال معاذ و هو يلهث من محاولات ريان الافلات من قبضته: اسمع منه بقى يا زفت انت ، ، تغريد و الله العظيم بريئة زى ما قالك و احنا كمان معانا الدليل على برائتها ، ، و الله العظيم كمان مره تغريد مراتك بريئة ها يا زفت انت اسمع و انت ساكت .
توقف ريان عن الحركة تماما و هو ينظر الى معاذ فى صدمة ، ، ليومئ معاذ برأسه مؤكدا على كلامه قال عاصم بثبات: اسمع بس التسجيل الصوتي دا ، ، و لو مش متأكد يا ريان احنا مستعدين نجيب ليك ، ، عم صالح عامل البوفيه لحد عندك و هو يأكدلك كلامه كمان ما فيش مشكله خالص .
عقد ريان حاجبيه و كلمات عم صالح تنساب الى أذنيه من خلال تسجيل الهاتف لتصيبه بصدمة كبيرة: و الله يا بشوات انا ها قول ليكم على كل حاجة ، ، بس أبوس ايدك يا دكتور عاصم بلاش البوليس ، ، و أنا عندى عيال و لو انا اتسجنت هيتشردوا و محدش ها يصرف عليهم و لا يراعاهم ، ، وانا حتي مش حمل بهدلة و انا فى السن ده .
قال عاصم في هدوء شديد : طيب قول بقا يا عم صالح الحقيقه ، ، متخافش خالص مش ها نعملك اي حاجة و لا ها نبلغ البوليس حتي اطمن .
ابتلع عم صالح ريقه قائلا: فيه راجل كبير جالى و قالي ان احط برشام فى عصير الانسه تغريد ، ، و حتى أدوبه كويس و أدهولها فى ايدها ، ، و لما انا رفضت هددنى يخطف حد من عيالى ، ، و انا مش قد الناس دى و انا خفت على عيالى يا دكتور عاصم انت عارف الضنا غالى قد اي و مسيرك تكون اب و تعرف !
أغلق عاصم التسجيل و هو ينظر الى ملامح ريان الشاحبة ليكمل قائلا: بص يا ريان فى اليوم ده جه تليفون لتغريد ، ، و من واحد بيقولها ان انا و انت بنتخانق فى مكتبى خناقه كبيره جدا ، ، فا هي جريت طبعا على مكتبى ملقتش حاجة من الكلام ده ، ، و لما لقيتها مرعوبة و لون وشها مخطوف طلبتلها عصير ليمون ، ، و هى قايمة تجيلك داخت و سندتها وقت ما انت دخلت بالضبط ، ، هو ده كل اللى حصل و ربنا شاهد علية و علي كل الكلام دا يا ريان .
قال ريان بنبرات منهارة: طيب انتوا عارفين ده معناه ايه ؟
و في تلك اللحظه نظر كلا من معاذ و عاصم إليه بشفقة على حاله ، ، ليفرك ريان وجهه مسكملا حديثه قائلا : أنا كدة ابقى ظلمتها و حتي مش اديتها فرصه ، ، فرصة تدافع عن نفسها ، ، و مش بس كدا و بكل غباء الدنيا طلقتها .
نظروا الى حالة انهياره بحزن و هما لا يدرون كيف يخففون عنه .
تجمعت الدموع بعيون ريان و هو يقول: مستحيل تسامحني دي تغريد و أنا عارف خلاص خسرتها للأبد .
ربت معاذ على كتفه قائلا: كل حاجة ممكن تتصلح بس نوصل للى حاول يفرقكم عن بعض الاول يا ريان .
مرر ريان يده فى رأسه قائلا فى مرارة: و ها تفرق فى ايه يا صاحبي ، ، و هي خلاص تغريد ضاعت منى للابد .
أمسك عاصم ريان من كتفيه في تلك اللحظه قائلا بغضب: و هو انت يا ريان بالسهولة دى بتستسلم ، ، يا خسارة حبها ليك و يا خساره تمسكها بيك يا ريان ، ، تعرف أنا كمان حبيتها بس لما حسيت انها بتحبك بعدت و اتمنيت ليها الخير ، ، لو كنت حسيت من ناحيتها بذرة حب ليا كنت حاربت الدنيا علشانها ، ، فوق يا ريان و حارب علشان ترجعها ليك ، ، و لو انت ها تتخلى عنها بالسهولة دى يبقى سيبها احسن ، ، و انا اوعدك ساعتها ها قرب انا و أعوضها عن كل العذاب اللى عاشته طول عمرها ، ، و ها عوضها عن جرحك ليها كمان يا ريان
نظر ريان الى عاصم لا يستطيع أن يغضب منه رغم غيرته الشديدة ، ، من تصريحه بحب تغريدته الفاتنه ، ، و لكنه محق فى كل كلمة قالها عاصم ، ، فاذا هو استسلم الآن فهو لا يستحقها ، ، و الأفضل لها أن تكون مع عاصم ، ، و لم يستطع تحمل الفكرة لذا قال ريان فى اصرار: تغريد مش ممكن تكون لحد غيرى يا عاصم .
ثم التفت ريان الى معاذ قائلا: طيب يلا بينا نروحلها بيت طنط حمديه يا معاذ .
نظر معاذ اليه بحزن أقلق ريان ليقول بخوف:
فيه ايه يا معاذ ؟ انطق .
قال معاذ بتردد: أصلك يعنى بعد ما انت طلقت تغريد جالها انهيار عصبى و نقلوها المستشفى يا ريان .
قال ريان فى صدمة: انهيار عصبى يا نهار ابيض ، ، انا السبب .
ثم أمسك ريان يد معاذ قائلا فى لوعة: اسم المستشفى ايه يا معاذ.
قال معاذ و هو يربت على يد ريان قائلا: اهدى بس يا ريان هى دلوقتى بخير ، ، و هي خرجت من المستشفى ، ، و انا و ديتها هى و سوسن شقتى اللى فى شرم الشيخ ، ، علشان مامتها مش تحس بأي حاجه ، ، بس بلاش تروحلها دلوقتى يا ريان ، ، لان الدكتور محذر من أى ضغط نفسى عليها لان ممكن يجي ليها انهيار تاني .

# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي