الفصل الحادي والعشرون 1
الفصل الحادى والعشرون
*************
أحيانا يكون الموت راحة من عذاب نحيا به
من صدمة تقتل فرحة
من ضياع أمل وظن خائب
...............
وبلسم لم تستطع الصمود أكثر ما سمعته لا يحتمل من الكاذب ومن الصادق؟
من جعلها تحيا أياما وليالى تعانى تبكى وقلبها يأن بوجعه
أيعقل أن تكون لين
أيعقل أن من غدر بهمس وتركهم فى عذابهم شهورا وأياما هى طفلتها الصغيرة
أين كانت هى ؟
ومن أين أتت بتلك القسوة والجبروت ؟
كيف أضاعت شرفها وشرفهم جميعا ؟
والقلب لم يعد يحتمل
ضربات قاسية تتلقفها
والداء لم يعد له دواء
سنوات ظنت فيها أنها الأم المثالية القوية ولكن فى لحظة هُدم جدار الوهم لتتضح أمامها الرؤية لتتضح الأمور وتتخذ نصابها الحقيقي
................
الصدمة لم تكن على بلسم وحدها لكن على الجميع ولكن سقوط بلسم جعلهم ينتفضون قلقا عليها كانت أسرعهم نحوها تصرخ بجزع منادية ولا حياة لمن تنادى
وقفت لين تتابع ما يحدث بصدمة الأن كل شئ ظهر ما استطاعت إخفاءه لشهور عاد الآن وظهر
أفاقت على صوت يوسف يصرخ بسيف أن يفتح باب غرفتهم وهو يحملها بخوف نحو سريرها وهمس خلفه تبكى خوفا على أمها
وضعها يوسف فى سريرها ومحاولات يائسة لايفاقها انتهت به وهو يطلب المشفى التى يعمل بها لاستدعاء سيارة إسعاف تقلها للمشفى
صوت سيارة الاسعاف كان عالى مرتفع مزعج انتفض كل من فى البيت على صوتها المقلق خرجوا جميعا نحو شرفتهم ليجدوا سيف ويوسف وهمس يساعدون رجال الإسعاف فى حمل بلسم ويوسف يصعد للسيارة مرافقا لها
وهمس تسرع مع سيف نحو سيارته ولكنه توقف قليلا عندما رأى لين تهبط مسرعة لتلحق بهم
كل شئ حدث فى دقائق معدودة لم يستوعب أحدا ما يحدث إلا جاسم كان أسرعهم تحركا
اتصل بسيف وهو يرتدى ملابسه ليلحق بهم أخبره سيف بالعنوان ليسرع نحو سيارته لكن عبد القادر ووالده طلبوا منه الانتظار ليلقلهم معه متجهين نحو المشفى
**********
تجهيزات على أتمها فى استقبال بلسم ويوسف يملى أوامره على الأطباء ليساعدونه
جهاز صدمات لم يرغب باستعماله معها ولكن القلب نبضه ضعيف يخشى أن يتوقف يخشى أن تتركه
حركات سريعة داخل الغرفة ويوسف كأنه فى سباق مع الزمن
صعقة ........صعقة أخرى ويبدو أن القلب مازال فى غفوته كأنه يرفض الحياة يرفض العودة لواقع أليم مؤسف
لكن يوسف أبى أن يستسلم سيحاول ويحاول
ستعود .........بلسم ستعود
ومرة خلفها مرة حتى عادت حتى عاد القلب للحياة
تنفس الصعداء وعيناه تذرف دمعا وعلى وجهه ابتسامة فرحا بعودتها إليه من جديد
***********
كان سيف وهمس ولين قد وصلوا للمشفى بعدهم بقليل اتجهوا نحو غرفة العناية المركزة ينظرون لأباهم وهو يفعل ما بمقدوره حتى تستعيد بلسم وعيها وحياتها من جديد
قلوبهم خائفة
أجسادهم مرتعشة يخشون فراقها
سيف مازال فى صدمته مما سمعه من همس مازال عقله لايستوعب ما حدث
لين هى من تسببت بكل هذا
كانت تعرف ما حدث وسكتت
كانت تراهم يموتون فى اليوم ألف مرة وكانت تبكى بجوارهم ببراءة منقطعة النظير
نظرة جانبية لهمس التى ترفع يدها على زجاج الغرفة تراقب والديها بخوف وجزع
ونظرة للين التى لم تقل خوفا عن همس لكنها باكية خائفة أكثر
وكيف لا وهى وحدها تتحمل مسؤولية ما حدث وما يحدث وما سوف يحدث
تنفسوا جميعا الصعداء وهمس لم تعد تتحمل جسدها جاهد كثيرا ليبقى على قوته ولكن الآن خارت قواها تراجعت للخلف لتجد الكراسى المصفوفة خلفها اتجهت نحو أحدهم لتجلس ولو لوقت قليل
التفت لين نحوها تريد الاقتراب ولكنها تخشى رد فعل همس
هى مخطئة تعلم لكنها كانت مجبرة لم يكن بارادتها لم تكن تعلم ما سيحدث لم تكن تعلم أن غيرتها من شقيقتها الكبرى سيصل بهم جميعا لما هم عليه الآن
اقتربت بحذر ......بتردد
حتى وقفت أمامها تفرك كفيها بتوتر
حاولت أن تتحلى ببعض الشجاعة منادية : همس
رفعت همس عيناها إليها تراقب وجهها تراقب عيناها الزائغة
لم تنطق بكلمة فلم يعد للحديث مجال
جلست بجوارها ومازالت متوترة هربت الكلمات وخذلتها لكنها تعود وتحاول
همس أنا آسفة..........عارفة أنى مهما اعتذرلك مش ممكن تسامحينى .........بس والله غصب عنى والله يا همس غصب عنى
رفعت همس رأسها للخلف مغمضة العينان محاولة التحكم فى غضبها فى ثورتها
خشيت أن تقتلها أن تشفى غليلها ولكن مما من ؟
من لين ؟
لين لم تكن مجرد شقيقة كانت رغم تقارب سنوات عمريهما تعتبرها ابنتها المدللة
ولكن ما حدث للزهرة البريئة لتصبح كالصبار القاسى يؤلم كل ما يقترب
كل قريب سيتأذى حتما
آسفة على إيه بالظبط
على اللى عملتيه معايا ........على احساس القهر والغربة اللى حسيت بيهم الشهور اللى فاتت ولا على ماما اللى كان ممكن تروح مننا فى لحظة
ولا على شرفك اللى كان ممكن يضيع فى لحظة غبية منك
أدينى سبب واحد للى عملتيه .......حاجة واحدة تخلينى اسامحك يا لين
جلست بجوارها مترددة تفرك كفيها بتوتر مخفضة عيناها
عارفة انى مهما اعتذر واتكلم مش هيشفعلى عندك بس والله يا همس كان غصب عنى
وقتها كنت عاملة زى المشلولة .......ضايعة حاسة انى فى كابوس بشع
إزاى هربت وسيبتك .........إزاى رجعت البيت مش عارفة كنت فاكرة أنى بحلم كل ده كان حلم لحد ما اتاكدت أنك مرجعتيش وقتها عرفت ان اللى حصل كان واقع واللى كنت متخيلاه حصل فعلا
ابتسمت همس متهكمة وهى تعود برأسها للخلف : حلم ........كل اللى حصل أودامك كان حلم كل اللى شفته فى اليوم ده كان حلم........ طب إزاى
تعرفى على أد ما كان نفسى الذاكرة ترجعلى وافتكر كل حاجة على أد ما أنا بتمنى أنى أفقد الذاكرة تانى والمرة دى للأبد مش عاوزة افتكر اللى حصل مش عاوزة افتكرك .........مش عاوزة افتكر نور اللى راحت ضحية
تنهدت بوجع يملأ كيانها وقلبها : كان نفسى أموت وقتها ساعتها كان سرى هيروح معايا بس إرادة ربنا
طوال حديثها وعينا لين لم تتوقف عن البكاء وسيف يراقبهما لا يعرف ماذا يفعل ؟
لايصدق ما حدث الأمر كأنه كابوس
حلم بشع يرفض تصديقه
اقتربت لين من همس ممسكة بكفها قائلة بترجى :عشان خاطرى سامحينى .........طيب بلاش أنا عشان خاطر ماما وبابا
انا غلطت غلطة كبيرة أوى مش هقدر أسامح نفسى عليها
اعتدلت همس فى جلستها قائلة بصرامة: يومها أنا لحقتك قبل ما يحصل حاجة بينكم ........صح يا لين
أسرعت مؤكدة بقوة: أه والله أنتى لحقتينى محصلش حاجة ملحقش يقرب منى
كادت أن تكمل حديثها لكنها رأت جاسم يتقدم نحوهم فقامت متجهة إليه باحتياج كانت تريده بجوارها وها هو أتى كما أرادت
اقترب منها بلهفة متسائلا: فى إيه يا همس مالها مامتك
بكت تريد الحديث تريد إخباره بكل شئ ولكن هل تشوه صورة شقيقها أمامه أتخبره أن كل ما حدث لها كان بسببها لكنها لا تستطيع يكفى ما حدث لبلسم يكفى كسرة يوسف أمامها كل هذا يكفى
تعبت فجأة وهى أصلا ضغطها عالى
- يعنى إيه ؟
حد زعلها فى حاجة حصلت
هزت رأسها بنفى : لا هى تعبت فجأة
وسيف ولين يراقبان حديثها رغم كل شئ همس حفظت ماء وجوههم جميعا
ضم وجهها إليه مبتسما: معلش يا حبيبتى باذن الله هتبقى كويسة متقلقيش
- يارب يا جاسم
...................
مرت ساعتين وبدأ نور الصباح يسطع يملأ المكان بضياؤه والكل منهك الجسد لم ينالوا الراحة الكافية منذ ليلة أمس
خرج يوسف من غرفة بلسم مناديا لسيف :سيف يلا خد أخواتك وروحوا
ثم عاد ملتف لوالده ولأحمد : وأنت كمان يا حاج وأستاذ أحمد اتفضلوا روحوا أنتوا تعبتوا أوى الليلة دى
اعترضت همس : لا يا بابا أنا هستنى هنا مع ماما أكيد هتحتاج حاجة
رفض يوسف الأمر : لا يا همس هتروحى مع إخواتك خليكى مكان ماما لحد ما تقوم بالسلامة
أشار لسيف بخفية ليتجه نحوه : أيوه يا بابا
روح إخواتك ........ولين متخرجش من البيت ولا حتى تيجى هنا أختك تحت عينك يا سيف كفاية أوى اللى حصل لحد كده
.....................
طلب جاسم من سيف ترك همس معه وأن يغادر مع البقية واستجاب سيف وتركوهم وحدهم ولكن جاسم اتخذ منحنى آخر غير طريق البيت وهمس صامتة لا تسأل ولا تتحدث بكلمة اقترب من كورنيش النيل وأوقف السيارة والتف نحوها ممسكا بكفها لتنتبه إليه :مالك يا حبيبتى فيكى إيه حاسس إنك مخبية حاجة لو فى حاجة احكى اتكلمى يا همس
تنهدت وهى تنظر أمامها بتشتت : تايهة يا جاسم حاسة أن الدنيا دى بوسعها ضيقة عليا أوى
وتنهيدة حارة خرجت من بين ثنايا قلبها : أنا مخنوقة
قالتها وانحنت باكية منتحبة وهو لا يفهم لا يعرف ما بها كل ما يستطيع فعله هو وجوده بجوارها وهو يعلم أنه وجوده يعنى لها الكثير
رفع كفه يزيح يدها عن وجهها مقتربا منها : همس أنا عارف انك مخبية حاجة وواضح أنها حاجة كبيرة وواضح أن تعب مامتك له علاقة باللى أنتى فيه وأنا مش هضغط عليكى ولا هسألك بس لازم تعرفى أنى جنبك وهفضل جنبك لآخر يوم فى عمرى
ورغم الألم ابتسامة إحساس بالأمان إحساس بسند .........برجل يغنيها عن العالم بأكمله
***********
وصلا إلى البيت وجد جاسم اتصال من ياسين تحدث معه قليلا ولكن يبدو أن الحديث سيطول
جاسم أنا هطلع
أخفض الهاتف قائلا: هتنامى
- لا هطلع الروف .......عاوزة أقعد لوحدى شوية خلص مكالمتك وأطلع استريح شوية أنت منمتش من إمبارح
- لا أنا هخلص مكالمة ياسين وأحصلك أشوف الروف ده شكله إيه
ابتسمت بهدوء حزين : هستناك
تركته ليعود لياسين متسائلا بلهفة: ها يا ياسين خلاص سارى هيتقبض عليه
- أكيد قرار النيابة طلع وزمان حبايبنا بيجبوه من قفاه ده أنت طلعت مش سهل أبدا يا جاسم ساكت طول الفترة اللى فاتت وعامل نفسك مش مركز وأتاريك بتجهزله مصيبة
ضحك جاسم: أنا معملتش حاجة الباشا هو عمل كل المصايب اللى توصله للسجن وأنا مجرد هعرفه الطريق إزاى
***********
*************
أحيانا يكون الموت راحة من عذاب نحيا به
من صدمة تقتل فرحة
من ضياع أمل وظن خائب
...............
وبلسم لم تستطع الصمود أكثر ما سمعته لا يحتمل من الكاذب ومن الصادق؟
من جعلها تحيا أياما وليالى تعانى تبكى وقلبها يأن بوجعه
أيعقل أن تكون لين
أيعقل أن من غدر بهمس وتركهم فى عذابهم شهورا وأياما هى طفلتها الصغيرة
أين كانت هى ؟
ومن أين أتت بتلك القسوة والجبروت ؟
كيف أضاعت شرفها وشرفهم جميعا ؟
والقلب لم يعد يحتمل
ضربات قاسية تتلقفها
والداء لم يعد له دواء
سنوات ظنت فيها أنها الأم المثالية القوية ولكن فى لحظة هُدم جدار الوهم لتتضح أمامها الرؤية لتتضح الأمور وتتخذ نصابها الحقيقي
................
الصدمة لم تكن على بلسم وحدها لكن على الجميع ولكن سقوط بلسم جعلهم ينتفضون قلقا عليها كانت أسرعهم نحوها تصرخ بجزع منادية ولا حياة لمن تنادى
وقفت لين تتابع ما يحدث بصدمة الأن كل شئ ظهر ما استطاعت إخفاءه لشهور عاد الآن وظهر
أفاقت على صوت يوسف يصرخ بسيف أن يفتح باب غرفتهم وهو يحملها بخوف نحو سريرها وهمس خلفه تبكى خوفا على أمها
وضعها يوسف فى سريرها ومحاولات يائسة لايفاقها انتهت به وهو يطلب المشفى التى يعمل بها لاستدعاء سيارة إسعاف تقلها للمشفى
صوت سيارة الاسعاف كان عالى مرتفع مزعج انتفض كل من فى البيت على صوتها المقلق خرجوا جميعا نحو شرفتهم ليجدوا سيف ويوسف وهمس يساعدون رجال الإسعاف فى حمل بلسم ويوسف يصعد للسيارة مرافقا لها
وهمس تسرع مع سيف نحو سيارته ولكنه توقف قليلا عندما رأى لين تهبط مسرعة لتلحق بهم
كل شئ حدث فى دقائق معدودة لم يستوعب أحدا ما يحدث إلا جاسم كان أسرعهم تحركا
اتصل بسيف وهو يرتدى ملابسه ليلحق بهم أخبره سيف بالعنوان ليسرع نحو سيارته لكن عبد القادر ووالده طلبوا منه الانتظار ليلقلهم معه متجهين نحو المشفى
**********
تجهيزات على أتمها فى استقبال بلسم ويوسف يملى أوامره على الأطباء ليساعدونه
جهاز صدمات لم يرغب باستعماله معها ولكن القلب نبضه ضعيف يخشى أن يتوقف يخشى أن تتركه
حركات سريعة داخل الغرفة ويوسف كأنه فى سباق مع الزمن
صعقة ........صعقة أخرى ويبدو أن القلب مازال فى غفوته كأنه يرفض الحياة يرفض العودة لواقع أليم مؤسف
لكن يوسف أبى أن يستسلم سيحاول ويحاول
ستعود .........بلسم ستعود
ومرة خلفها مرة حتى عادت حتى عاد القلب للحياة
تنفس الصعداء وعيناه تذرف دمعا وعلى وجهه ابتسامة فرحا بعودتها إليه من جديد
***********
كان سيف وهمس ولين قد وصلوا للمشفى بعدهم بقليل اتجهوا نحو غرفة العناية المركزة ينظرون لأباهم وهو يفعل ما بمقدوره حتى تستعيد بلسم وعيها وحياتها من جديد
قلوبهم خائفة
أجسادهم مرتعشة يخشون فراقها
سيف مازال فى صدمته مما سمعه من همس مازال عقله لايستوعب ما حدث
لين هى من تسببت بكل هذا
كانت تعرف ما حدث وسكتت
كانت تراهم يموتون فى اليوم ألف مرة وكانت تبكى بجوارهم ببراءة منقطعة النظير
نظرة جانبية لهمس التى ترفع يدها على زجاج الغرفة تراقب والديها بخوف وجزع
ونظرة للين التى لم تقل خوفا عن همس لكنها باكية خائفة أكثر
وكيف لا وهى وحدها تتحمل مسؤولية ما حدث وما يحدث وما سوف يحدث
تنفسوا جميعا الصعداء وهمس لم تعد تتحمل جسدها جاهد كثيرا ليبقى على قوته ولكن الآن خارت قواها تراجعت للخلف لتجد الكراسى المصفوفة خلفها اتجهت نحو أحدهم لتجلس ولو لوقت قليل
التفت لين نحوها تريد الاقتراب ولكنها تخشى رد فعل همس
هى مخطئة تعلم لكنها كانت مجبرة لم يكن بارادتها لم تكن تعلم ما سيحدث لم تكن تعلم أن غيرتها من شقيقتها الكبرى سيصل بهم جميعا لما هم عليه الآن
اقتربت بحذر ......بتردد
حتى وقفت أمامها تفرك كفيها بتوتر
حاولت أن تتحلى ببعض الشجاعة منادية : همس
رفعت همس عيناها إليها تراقب وجهها تراقب عيناها الزائغة
لم تنطق بكلمة فلم يعد للحديث مجال
جلست بجوارها ومازالت متوترة هربت الكلمات وخذلتها لكنها تعود وتحاول
همس أنا آسفة..........عارفة أنى مهما اعتذرلك مش ممكن تسامحينى .........بس والله غصب عنى والله يا همس غصب عنى
رفعت همس رأسها للخلف مغمضة العينان محاولة التحكم فى غضبها فى ثورتها
خشيت أن تقتلها أن تشفى غليلها ولكن مما من ؟
من لين ؟
لين لم تكن مجرد شقيقة كانت رغم تقارب سنوات عمريهما تعتبرها ابنتها المدللة
ولكن ما حدث للزهرة البريئة لتصبح كالصبار القاسى يؤلم كل ما يقترب
كل قريب سيتأذى حتما
آسفة على إيه بالظبط
على اللى عملتيه معايا ........على احساس القهر والغربة اللى حسيت بيهم الشهور اللى فاتت ولا على ماما اللى كان ممكن تروح مننا فى لحظة
ولا على شرفك اللى كان ممكن يضيع فى لحظة غبية منك
أدينى سبب واحد للى عملتيه .......حاجة واحدة تخلينى اسامحك يا لين
جلست بجوارها مترددة تفرك كفيها بتوتر مخفضة عيناها
عارفة انى مهما اعتذر واتكلم مش هيشفعلى عندك بس والله يا همس كان غصب عنى
وقتها كنت عاملة زى المشلولة .......ضايعة حاسة انى فى كابوس بشع
إزاى هربت وسيبتك .........إزاى رجعت البيت مش عارفة كنت فاكرة أنى بحلم كل ده كان حلم لحد ما اتاكدت أنك مرجعتيش وقتها عرفت ان اللى حصل كان واقع واللى كنت متخيلاه حصل فعلا
ابتسمت همس متهكمة وهى تعود برأسها للخلف : حلم ........كل اللى حصل أودامك كان حلم كل اللى شفته فى اليوم ده كان حلم........ طب إزاى
تعرفى على أد ما كان نفسى الذاكرة ترجعلى وافتكر كل حاجة على أد ما أنا بتمنى أنى أفقد الذاكرة تانى والمرة دى للأبد مش عاوزة افتكر اللى حصل مش عاوزة افتكرك .........مش عاوزة افتكر نور اللى راحت ضحية
تنهدت بوجع يملأ كيانها وقلبها : كان نفسى أموت وقتها ساعتها كان سرى هيروح معايا بس إرادة ربنا
طوال حديثها وعينا لين لم تتوقف عن البكاء وسيف يراقبهما لا يعرف ماذا يفعل ؟
لايصدق ما حدث الأمر كأنه كابوس
حلم بشع يرفض تصديقه
اقتربت لين من همس ممسكة بكفها قائلة بترجى :عشان خاطرى سامحينى .........طيب بلاش أنا عشان خاطر ماما وبابا
انا غلطت غلطة كبيرة أوى مش هقدر أسامح نفسى عليها
اعتدلت همس فى جلستها قائلة بصرامة: يومها أنا لحقتك قبل ما يحصل حاجة بينكم ........صح يا لين
أسرعت مؤكدة بقوة: أه والله أنتى لحقتينى محصلش حاجة ملحقش يقرب منى
كادت أن تكمل حديثها لكنها رأت جاسم يتقدم نحوهم فقامت متجهة إليه باحتياج كانت تريده بجوارها وها هو أتى كما أرادت
اقترب منها بلهفة متسائلا: فى إيه يا همس مالها مامتك
بكت تريد الحديث تريد إخباره بكل شئ ولكن هل تشوه صورة شقيقها أمامه أتخبره أن كل ما حدث لها كان بسببها لكنها لا تستطيع يكفى ما حدث لبلسم يكفى كسرة يوسف أمامها كل هذا يكفى
تعبت فجأة وهى أصلا ضغطها عالى
- يعنى إيه ؟
حد زعلها فى حاجة حصلت
هزت رأسها بنفى : لا هى تعبت فجأة
وسيف ولين يراقبان حديثها رغم كل شئ همس حفظت ماء وجوههم جميعا
ضم وجهها إليه مبتسما: معلش يا حبيبتى باذن الله هتبقى كويسة متقلقيش
- يارب يا جاسم
...................
مرت ساعتين وبدأ نور الصباح يسطع يملأ المكان بضياؤه والكل منهك الجسد لم ينالوا الراحة الكافية منذ ليلة أمس
خرج يوسف من غرفة بلسم مناديا لسيف :سيف يلا خد أخواتك وروحوا
ثم عاد ملتف لوالده ولأحمد : وأنت كمان يا حاج وأستاذ أحمد اتفضلوا روحوا أنتوا تعبتوا أوى الليلة دى
اعترضت همس : لا يا بابا أنا هستنى هنا مع ماما أكيد هتحتاج حاجة
رفض يوسف الأمر : لا يا همس هتروحى مع إخواتك خليكى مكان ماما لحد ما تقوم بالسلامة
أشار لسيف بخفية ليتجه نحوه : أيوه يا بابا
روح إخواتك ........ولين متخرجش من البيت ولا حتى تيجى هنا أختك تحت عينك يا سيف كفاية أوى اللى حصل لحد كده
.....................
طلب جاسم من سيف ترك همس معه وأن يغادر مع البقية واستجاب سيف وتركوهم وحدهم ولكن جاسم اتخذ منحنى آخر غير طريق البيت وهمس صامتة لا تسأل ولا تتحدث بكلمة اقترب من كورنيش النيل وأوقف السيارة والتف نحوها ممسكا بكفها لتنتبه إليه :مالك يا حبيبتى فيكى إيه حاسس إنك مخبية حاجة لو فى حاجة احكى اتكلمى يا همس
تنهدت وهى تنظر أمامها بتشتت : تايهة يا جاسم حاسة أن الدنيا دى بوسعها ضيقة عليا أوى
وتنهيدة حارة خرجت من بين ثنايا قلبها : أنا مخنوقة
قالتها وانحنت باكية منتحبة وهو لا يفهم لا يعرف ما بها كل ما يستطيع فعله هو وجوده بجوارها وهو يعلم أنه وجوده يعنى لها الكثير
رفع كفه يزيح يدها عن وجهها مقتربا منها : همس أنا عارف انك مخبية حاجة وواضح أنها حاجة كبيرة وواضح أن تعب مامتك له علاقة باللى أنتى فيه وأنا مش هضغط عليكى ولا هسألك بس لازم تعرفى أنى جنبك وهفضل جنبك لآخر يوم فى عمرى
ورغم الألم ابتسامة إحساس بالأمان إحساس بسند .........برجل يغنيها عن العالم بأكمله
***********
وصلا إلى البيت وجد جاسم اتصال من ياسين تحدث معه قليلا ولكن يبدو أن الحديث سيطول
جاسم أنا هطلع
أخفض الهاتف قائلا: هتنامى
- لا هطلع الروف .......عاوزة أقعد لوحدى شوية خلص مكالمتك وأطلع استريح شوية أنت منمتش من إمبارح
- لا أنا هخلص مكالمة ياسين وأحصلك أشوف الروف ده شكله إيه
ابتسمت بهدوء حزين : هستناك
تركته ليعود لياسين متسائلا بلهفة: ها يا ياسين خلاص سارى هيتقبض عليه
- أكيد قرار النيابة طلع وزمان حبايبنا بيجبوه من قفاه ده أنت طلعت مش سهل أبدا يا جاسم ساكت طول الفترة اللى فاتت وعامل نفسك مش مركز وأتاريك بتجهزله مصيبة
ضحك جاسم: أنا معملتش حاجة الباشا هو عمل كل المصايب اللى توصله للسجن وأنا مجرد هعرفه الطريق إزاى
***********