الفصل الخامس و عشرون

و عند حور و فهد في ذلك الكافيه الذي اجتمعا فيه .
جلست حور فى تلك الكافيه التى أخذها اليها فهد تتأمل ملامحه الغاضبة ، ، تعلم حورأنه يحاول كبح انفعاله و عصبيته بشكل كبير لتقول بتوتر: يا ريت تهدى نفسك يا فهد ، ، و تقول كدة بسرعة كنت عاوز تقولى ايه يا فهد لأنى بصراحة كدا انا مش فاضية و .
قاطعها فهد قائلا دون مقدمات: حور أنا طلقت ريناد .
نظرت اليه حور قائلة فى صدمة: انت بتقول ايه ؟
تنهد فهد قائلا: بقولك طلقتها يا حور انا طلقتها.
أحست حور في تلك اللحظه بقلبها يتوقف من السعادة ، ، لتنطفئ فرحتها و هى تتذكر طفله الذى تحمله ريناد ، ، و هي تتساءل عن ذنبه فى كل ما يحدث لتقول بحزن: طيب و ابنك او بنتك يا فهد انت ها ترضي ان يتربوا بعيد عنك ازاي دا بس ممكن افهم ؟
قال فهد بمرارة: مفيش بيبى يا حور .
قالت حور بخوف: هو البيبى جراله حاجة يا فهد طيب ريناد أجهضته و لا اي الحكايه ؟
ابتسم فهد بسخرية مريرة و هو يقول: ما هو مكنش فيه بيبى أصلا يا حور ، ، الهانم كانت بتضحك علية و بتخدعنى كمان ، ، هي كانت حاسة بحبى ليكى و اخترعت حكاية البيبى علشان عارفة انى مش هقدر أتخلى عنه و عنها ، ، طيب تعرفى المصيبة الأكبر بقا انها أصلا مش بتخلف خالص ، ، و كانت ديما بتدفع للدكتورة علشان تخدعنى هى كمان .
خلعت حور نظارتها و هى تمسك ذلك الجسر بين عينيها بألم ، ، تشعر بالصدمات تضربها بقوة و صدمة تلو الأخرى ، ، تتساءل فى دهشة عن امكانية و جود امرأة بمثل هذا المكر و الخداع و الكذب ، ، لتلبس نظارتها مرة أخرى و هى تقول : طيب هي يا فهد ازاى كانت هتكمل فى كدبتها ما هى أكيد كانت هتتكشف ؟
قال فهد بنبرة حزينة: كانت ها تتصرف ها تسافر مثلا بأى حجة و ترجع بطفل ، ، تتبناه بقى تسرقه انا مستبعدش أى حاجة ، ، بعد اللى سمعته منها و هى بتكلم صاحبتها و مامتها ، ، أقدر أقولك انها ممكن تعمل اى حاجة عشان توصل لهدفها .
عقدت حور حاجبيها بحيرة قائلة: و اللى هو ؟
نظر فهد الى عينيها قائلا: الفلوس ريناد تعمل اى حاجة علشان الفلوس ، ، و فى نفس الوقت تنتقم منك انتي يا حور، ، لأنها دايما كانت بتغير و بتحقد عليكى لأن فيكى كل حاجة مش موجودة فيها هي ، ، و ده غير ان حبيبها اللى حبيته هى زمان حبك انتى ، ، فقررت هي انها تاخد منك حبك و تفرقنى عنك .
أومأت حور برأسها بتفهم و رجعت بظهرها الى الوراء لتقول بأسف: كانت صدمة كبيرة ليك يا فهد انا بجد مش عارفة أقولك ايه.
قال فهد : أكيد انا فى الاول اتصدمت ، ، بس بعد كدة حسيت بالراحة ريناد بعمايلها السودا دي خلتنى أسيبها ، ، و أنا مش حاسس ناحيتها بالذنب أو تأنيب الضمير خالص .
ثم أمسك فهد يدها لتنظر اليه بحيرة و هو يقول: أنا اول ما سيبتها جيتلك على طول يا حور ، ، انا جيت نبتدى مع بعض صفحة جديدة و كفاية بقى اللى ضاع من عمرنا مش ها نضيع اي لحظه تانيه .
أغمضت حور عينيها لتبتعد عن تأثير عينيه التى تجبرها على الاستسلام له ، ، و لمشاعرها نحوه فقد جرحها فهد مرارا و تكرارا ، ، حتى أنها تحس بتشوه عشقها له من كثرة تلك الجراح لتفتح عينيها و هى تبعد يديها عند يديه قائلة فى ألم: و مع الأسف متأخر دايما زى عوايدك يا فهد ، ، احنا حكايتنا خلصت من زمان خلاص .
عقد فهد حاجبيه قائلا: انتي تقصدى ايه يا حور ؟
قالت حور كاذبة بحزن: أنا خلاص بدأت حياتى مع حد تانى غيرك يا فهد ، ، و مش مستعدة اتخلى عنه لأنك فجأة بقيت مش مرتبط و قررت ترتبط بيا ، ، و لو بس بطلت تفكر فى نفسك شوية و بصيت حواليك ، ، هتلاحظ انى اتعذبت كتير على ايدك لحد ما خلاص اكتفيت ، ، انا كنت مغمضة عيونى عن أنانيتك يا فهد بس خلاص انا فتحتها و مش مستعدة أغمضها تانى نهائي .
قال فهد بصدمة: انتى بتعملى معايا كدة ليه يا حور انا أبعد تقربى ، ، أقرب تبعدى أنا مش قادر اصدق انك حور اللى .
قاطعته و هى تشير له بالصمت قائلة: لأ صدق يا فهد ، ، حوراللى تعرفها ماتت خلاص ، ، أنا خلاص مش عايزة عذاب و لا جرح تانى فى حياتى و ده آخر كلام عندى يا فهد .
لتنهض حور و ينهض مهيب بدوره ليمسك بيدها مانعا اياها من الرحيل .
رأتها فى تلك اللحظة والدتها فتحيه التى كانت تجلس مع صديق فى نفس الكافيه لتقول بصدمة : حور و فهد ؟
التفت صديق ليرى حور بدوره لتنتابه الصدمة و هو يرى مدى جمالها و رقتها ليقول بتعجب: هي دى بنتك يا فتحيه ؟
قالت فتحيه بارتباك: لأ اه بنتي حور بس ايه اللى لمها على فهد من تانى ؟
نهض صديق قائلا: تعالى نسلم عليهم جايز نعرف اي الموضوع يا فتحيه .
قالت فتحيه بصدمة: لأ طبعا .
ليقاطعها قائلا و هو ينهضها و يسحبها باتجاههم قائلا: دى فرصة بنتك تشوفنى و كمان تتعود عليا يا فتحيه .
قالت فتحيه بصوت هامس يكمن فيه خوف و قلق: ما هو ده اللى أنا خايفة منه
و صلا الى حور و فهد في نفس اللحظة التى نزعت فيها حور يد فهد عن يدها ، ، لتلتفت و تكاد تغادر لتتوقف من الصدمة و هى ترى والدتها تقف بجانب رجل كبير السن ، ، و لكنه يبدو و سيما و بكامل لياقته يتأملها بنظرة اقشعر لها جسدها ، ، لتعود بعينيها الى والدتها قائلة بحيرة: ايه اللى جابك هنا يا ماما و مين حضرته اللي معاكي دا ؟
قالت حور عبارتها الأخيرة و هى تشير الى صديق الذى اشتعلت عيناه رغبة و اشتعلت عيناه غيرة و غضبا لتقول والدتها بتوتر: انا كنت بعمل شوبينج فى المول اللى قريب من هنا و قابلت صديق ، ، دا زميل قديم لية من أيام الجامعة ، ، و الكلام يعنى خدنا بس انتى كمان ايه اللى جابك هنا ؟
ثم نظرت الى فهد قائلة فى حدة: و انت مش كنت مسافر يا فهد ؟
جز فهد على أسنانه بغيظ من عمته و ذلك الرجل الذى ينظر الى حبيبته بنظرة لا تعجبه على الاطلاق ليقول بنبرة حادة: رجعت يا عمتي و احنا هنا علشان شغل ، ، فيه عندك اعتراض يا عمتو ؟
لوت عمته فتحيه شفتيها بسخرية ليمد صديق يده الى حور فى سماجة و هو يقول: تشرفنا يا حور .
أمسك فهد بيد صديق قبل أن تمد حور يدها اليه ليقول بنبرة باردة: حور مبتسلمش على رجالة .
أبعد صديق يده و هو يقول بنبرة ساخرة:
و حضرتك بتتكلم عنها بصفتك ايه ؟
كاد فهد أن يقول: خطيبها .
لتسرع حور و تقول: فهد ابن خالى .
نظر اليها فهد باستنكار لتتجاهل نظراته و هي تقول: معلش مضطرة أستأذن عشان اتأخرت على ميعاد مهم .
ثم نظرت الى والدتها قائلة: ماما انا ها شوفك فى البيت .
أومأت فتحيه برأسها و هى تشعر بأنها ستفقد وعيها بين اللحظة و الأخرى ، ، لتبتعد مغادرة و يمشى فهد بدوره دون كلمة و هو يغلى من الغيظ من حور و يتمتم بكلمات حانقة: بقى انا ابن خالك و بس ماشى يا حور ان ما وريتك ما بقاش فهد .
تابع صديق مغادرتهم بعينين متوعدتين ، ، يقسم أن تكون تلك الجميلة له فى خلال الأيام القادمة ، ، فلقد جذبته اليها بشدة بطريقة لم تجذبه اليها غيرها ، ، حتى أنه يراها منذ الآن فى بيته فى غرفه نومه و فى سريره .
-   -
و على الجانب الاخر عند الست مريم و محمد الشاذلي .
قالت الست مريم بحزن: انا مش عارفة يا محمد حال ولادك مش عاجبني خالص ، ، فارس و سفره اللى جه فجأة بعد موت رعد و ريان اللى مختفى و بيطمنا عليه ، ، بس بالتليفون و لا فهد اللى طلق ريناد و حالته النفسية مش عاجبانى خالص .
قال محمد الشاذلى بحنان: سيبيهم يعيشوا حياتهم زى ما هم عاوزين ، ، يغلطوا و يتعلموا من غلطهم يفرحوا و يحزنوا ، ، سيبيهم زى ما انا كمان سيبتهم ، ، انا خلاص حرمت أتدخل فى حياتهم ، ، هراقبهم من بعيد لبعيد و لو احتاج الأمر أتدخل بردو هتدخل من بعيد لبعيد ، ، و لادك معدوش صغيرين يا مريومتي و يقدروا يمشوا حياتهم بايديهم يا حبيبتي .
نظرت الست مريم اليه فى حيرة قائلة: تفتكر يا حبيبي ؟
ربت على يدها و هو يقول بحنان: أنا متأكد يا روح قلبي .
ثم ضمها بحنان يود لو ينزع عنها حيرتها و حزنها و يبعدهم عنها الى الأبد ، ، فتلك هى مريم حبيبته و رفيقة عمره وحده فقط .
-  -
و على الجانب الاخر عند ريان و تغريد و سوسن و معاذ في شرم الشيخ .
كان ريان يقف على بعد صغير من حبيبته و زوجته تغريدته الجميله ، ، يراقبها ريان و هى متمددة على كرسى أمام البحر تنظر الى موجاته بشرود ، ، و كانت صورة مجسمة للجمال ، ، يا الله كم اشتاق اليها تلفت ريان حوله ليرى ان كان أحدا ، ، غيره يرى ذلك الجمال ، ، فحمد ريان ربه على خروجها دائما فى هذا الوقت المبكر ، ، حيث لا أحد على الشاطئ ، ، رآها ترفع يدها و تزيل نظارتها الشمسية لتظهر عينيها الرائعتين ، ، رآها تمسح شيئا من على وجهها ، ، فأدرك أنها تبكى بسبب ما حدث ، ، فأصابته دموعها فى مقتل ، ، فهو السبب فى تلك الدموع الذي تنزل باستمرار ، ، هو و تسرعه الأحمق الذي نهي عنه هو من ظلمها دون أن يمنحها فرصة للكلام ليطلقها دون ذنب ، ، كاد أن يقترب منها ليأخذها بين أحضانه يمسح دموعها بشفتيه ، ، و لكنه تمالك نفسه فهى ما زالت مجروحة منه ، ، و عليه هو أن يسعى لصفحها عنه بهدوء محافظا على حالتها النفسية كى لا تتأثر و تسوء اكثر من ذلك ، ، رآها تغمض عينيها و يظهر عليها النعاس حتى غلبها ، ، بالفعل ليتقدم منها بهدوء و حذر ، ، و قف للحظة يتأملها بعشق ليترك و ردة جورية تشبهها على الكرسى بجوارها ثم يلقى عليها نظرة أخيرة ، ، عاشقة راغبة فى نيل قبلة منها تروى ظمأه لعشقها ، ، و لكنه تراجع و هو يبتعد فى حزن .
و في تلك اللحظه تسللت رائحة تعرفها تغريد جيدا الى أنفها ، ، لتفتح عينيها بقوة و تنظر حولها باحثة عن صاحب تلك الرائحة التى تعشقها ، ، فقط لأنها رائحته فلم تجد أحدا ، ، لتقع عينيها في تلك اللحظه على تلك الوردة بجوارها لتأخذها بيدها برقة ، ، تتلمس أوراقها بنعومة .
لترفعها الى أنفها و تتنشق رائحتها العطرة و التى مازالت تحمل رائحته أيضا ، ، لتقبلها و تضمها الى صدرها بحنان ، ، و هي غافلة عن تلك العيون التى تابعتها بعشق و هيام و أمل ، ، يزداد ذلك الأمل مع كل لمسة منها لتلك الوردة ، ، فربما فى يوم من الأيام تمنحه حبيبته الغفران فتلك الحبيبه بالتأكيد لن تسامح بسهوله أبدا في العشق الملعون لا يوجد سماح من دون معاناه .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي