الفصل الثاني

في قصر مملكة القوس وبالتحديد في الجناح الملكي الخاص بالأميرة نيراز , كانت نيراز مستلقية علي سريرها الفاخر حينما دخلت عليها أمها الملكة زهرة .
نيزار : نورتي جناجي جلالتك , مش بالعادة تيجي لعندي دايما بتطلبي أني أجي أنا لجناحك .
الملكة زهرة بتبسم : لسه زعلانة مني يا نيراز , لازم تفهمي أني لو شايفة الحاجة مناسبة ليكي عمري ما هحرمك منها .
نيراز : يعني خروجي من القصر مش مناسب في إيه ؟؟؟
الملة زهرة : خلاص يا نيراز إحنا قفلنا الجدال في الموضوع ده , أنا جايلك عشان عاوزاكي في حاجة تانيه أهم .
نيراز : أوامر جلالتك .
مشت الملكة زهرة بضع خطوات حتي وصلت لها فجلست علي طرف السرير الفاخر وجذبت نيراز بلطف لتجلس بجانبها : أنا عاوزة أطلب منك طلب وده طلبي كأم مش كملكة أبدا .
نيراز : تحت أمرك يا ماما .
الملكة زهرة : الملك سلطان ملك مملكة السحاب هيوصل بكرة هو وأبنه الأمير جودت ولي العهد وعاوزاكي تكوني في إستقبالهم معانا بكرة وكمان ترحبي بيهم أحسن ترحاب .
نظرت لها نيراز بشك: أه فهمت , عاوزة تقولي أنه موضوع جواز جديد ليا .
الملكة زهرة : وايه اللي يمنع , أنتي خلاص وصلتي لسن الجواز ولازم تتجوزي والأمير جودت أكتر من مناسب كمان , شاب والملك المستقبلي لمملكة حليفه لينا والجواز ده هيدعم المملكة , كل الأطراف هتستفاد من الجواز ده .
نيراز : وأكيد هيدعم فرصة أخويا نزار في الحكم مش كده ؟؟
الملكة زهرة : برغم أن الكلام ده سابق لأوانه بس أنا هجاوبك يا نيراز , أه الجوازة دي هتدعم فرصة أخوكي نزار وبدام أنتي عارفة كده فالمفروض مكنتيش سألتي حتي .
نيراز :أوامرك يا جلالة الملكة .
الملكة زهرة : أنا أمك يا نيراز .
نيراز : أنتي طلبتي الطلب ده بصفتك الملكة وانا رديت بناء علي كده , عمر ما فيها أم هتطلب من بنتها سعادتها عشان تحمي فرصه عرش او منصب هيزول , بتقولي أن الكل هيستفاد بالجوازة دي أحب أبلغك أني هكون أنا الضحية فيها .
الملكة زهرة : بلاش تعتبريني عدوتك يا نيراز أنا ميهمنيش إلا مصلحتك أنتي وأخوكي وأنك تكوني سعيدة وفي أمان .
الأميرة نيراز بغضب وبحده : مشكلتك أنك شايف أن أستمرار الحكم لينا هو الأمان , مع أنمش دي سعادتي مش ده اللي بدور عليه , أنا لا يهمني التيجان دي ولا القصور أنا عاوزة أكون حرة وسعيدة أحس أن حياتي أنا اللي بديرها مش المستشارين والوزراء هم اللي يقرروا أكمل حياتي إزاي , اللبس والحرير ده مفروض عليا الأكل ده زي ما المعالج الملكي بيقرر المجوهرات اللي زي الجبل عليا دي لازم أكون دايما بيها أنا كرهت الحياه دي ولازم تعرفي أني عمري ما كنت سعيدة بيها ومن النهاردة هكمل تنفيذ أوامركم وخططكم الملكية لما أوافق علي الزواج ده .
الملكة زهرة : أنتي عمرك ما هتقدري النعمة اللي أنتي فيها غير لما تنحرمي منها , ملايين من الناس نفسها في ريحة الأكل اللي عندك أو يلمسوا الحرير اللي بترفضي حتي تبصي ليه , أنا مش هتكلم معاكي في الموضوع ده تاني , خليكي عايشه في دور إنك الضحيه في القصر ده أنتي اللي بتختاري تعاستك بأيدك , بس مش عاوزة كلمة من اللي أتقالت هنا تنعاد مرة تانية قدام أي حد و خصوصا قدام جلاله الملك كفاية أومور الدولة اللي مشغول بيها , مش هسمحلك أنك تكوني عبأ علي حد وأنت أساسا مش مدركة للي بتعمليه .
غادرت الملكة زهرة من الجناح الخاص بنيراز وتركت إبنتها ثبكي بحرقة علي حالها , من وجهة نظر الملكة زهرة لم يكن هناك أي سبب لبكاء نيراز فهي تري أن لديها كل ما يتمناه أي شخص بينما نيراز تري أنها تفتقد أهم شئ وهو حريتها في إدارة حياتها وافستمتاع بها فهي مقيدة بين التقاليد والعادات الملكية , وذلك هو الحال بين الأم و أبنتها دائما .
أجواء ليليه ساكنه في قصر مملكة القوس أمر الملك عزيز بحضور جميع أبناءه إلي عشاء عائلي كي يجلسوا معا حول طاولة واحده لم تستطع نيراز عدم تلبية أمر والدها فذهبت باسمة الوجه حزينه القلب .
كان الملك عزيز علي رأس المائده وبجانبه الملكة زهرة وكلا من الأمير فخر والأمير علي والأمير نزار والأميرة نيراز يجلسون علي جانبي المائدة , أمامهم ما لذ وطاب من جميع الأصناف والفواكه .
الملك عزيز : من زمان ما اجتمعناش كلنا سوا كده انا مش عاوز مشاغلكم تنسيكم أهم حاجة أننا أسرة واحدة في المقام الأول وعلينا واجبات تجاه بعض وتجاه الخفاظ علي الأسره ولازم نستمر في دعم بعضنا البعض .
الأمير فخر : أكيد كلام جلالتك , إن شاء لله مش هنترك فرصة تسمح بالإجتماع ده إلا ونغتنمها بس جلالتك عارف أكيد أن أنا والأمير علي بنخرج كل يوم من قبل شروق الشمس ونرجع بالليل بنكون بنتفقد حدود المملكة وتوزيعات الجنود هناك عشان التوتر اللي موجودة بينا وبين مملكة السهم .
الأمير علي مكملا حديث أخاه :أنا والأمير فخر مش هنوفر جهد عندنا في سبيل حماية المملكة وده واجبنا في الأول والأولي في الوقت الحالي , للاسف جايز معندناش الوقت عشان ننفذ رغبة جلالتك الفتره دي بس أكيد إحنا مش ناسين واجبنا تجاه العائلة الملكيه , أتمني جلالتك تغفر لنا تقصيرنا ده ثم أكمل بخبث , أكيد أخونا الأمير نزار مش هيقدر اللي بنقوله انا والأمير فخر أو يشعر بكم مشغولياتنا عشان هو دايما موجود في القصر وعنده وقت فاضي كبير مش زينا .
الملكة زهرة وهي متحفزة للرد بحدة بعض الشئ : الأمير نزار شارك النهاردة في جلسة الديوان الملكي بجانب جلالته وكمان سمعت أن مشوراته لاقت إستحسانك يا جلالة الملك مش كده ؟
الملك عزيز : أنا فعلا فخولر بيكم كلكم فخور أن عندي أبناء لم ينقصهم شئ , الأمير علي والأمير فخر محاربين بتحتفي بيهم المملكة والأمير نزار أمير حكيم بيخاف علي شعبه وبيضع سلامة وأمن شعبه في المقام الأول وطبعا الأهم وبدون زعل هي أختكم الأميرة نيراز اللي ساكته من أول ما جلسنا وما أبدتش رأيها بخصوص أي شئ وكأنها مش معانا من الأساس .
الأميرة نيراز: لا أبدا يا مولاي بس حاسة أني مجهدة شوية لو تسمحلي إني أرجع غرفتي ارتاح لأن لازم أكون في أستقبال الملك سلطان والأمير جودت الصبح وعاوزة أكون بأفضل حال .
الملكة زهرة : أنا أتكلمت مع نيراز يا مولاي وهي متحمسة جدا لمقابلة الملك سلطان وولي عهده الأمير جودت .
الملك عزيز بإبتسامة حانية : ده اللي أنتظرته منك يا نيراز أنتي لازم تكوني أسعد حد في الدنيا , لو عاوزة ترتاحي اتفضلي وهخليهم يبعتوا مشروب دافي ليكي ترتاحي عليه .
الأميره نيراز : شكرا لجلالتك , عن إذنكم .
رحلت نيراز وبقي البقية مجتمعين معا .
الملك عزيز : مخرجش بكرة يا فخر انت وعلي لازم تكونوا في إستقبال الملك سلطان وإبنه عاوزاكم معايا وحواليا وأنت يا نزا كمان مش عاوز حد يغيب عن إستقبالهم أنتوا عارفين طبعا أهمية الزيارة دي وأهمية وجود مملكة السحاب حليفة لينا .
الجميع : أمرك يا مولاي , أكملوا عشائهم ومن ثم أنصرف الملك عزيز ومن خلفه الملكة زهرة , وتفرق الأخوة كلا منهما إلي جناحه الملكي .
في مملكة السهم بالجناح الملكي الرئيسي هناك شاب وسيم يتمدد علي سرير فاخر , يقاطع حالة سكونه تللك التي كان يعيشها صوت أحد الجنود يطلب الإذن للدخول وبعد السماح له
الجندي : مولاي , الوزير سليمان طالب يقابل جلالتك .
الملك شمس الدين : أسمحله بالدخول .
الوزير سليمان : أعذرني يا مولاي علي مقاطعة جلالتك في الوقت ده , بس فيه شئ مهم لازم أكلم جلالتك فيه .
الملك شمس الدين : أنت عارف إني مبنامش دلوقتي , قول اللي عندك يا وزير سليمان ؟
الوزير سليمان : جلالتك , الطبيبه الملكيه كشفت علي الجواري الجداد اللي وصلوا القصر وفيه ثلاث جواري جميلات جدا , لو تسمح جلالتك وتختار واحده منهم تأنس سهرك ده .
بدأ الملك شمس الدين بالتأفف من كلام الوزير سليمان : أنا مش نبهت قبل كده محدش يجيب سيرة الموضوع ده ليا .
الوزير سليمان : أعذرني يا مولاي بس تأخير جلالتك للأمر ده هيخلي الكلم يتكلم وتنتشر الشائعات اللي تمس جلالتك وصورتك قدام الرعيه , ومتنساش جلالتك أن المملكة بحاجة لوريث عشان يستقر حكم جلالتك العظيم .
الملك شمس الدين : قلتلك إني مش هفكر في ده أبدا إلا بعد ما أخضع الممالك اللي حوالينا , أنا كل اللي يهمني دلوقتي هو توسعة الحكم ويوم ما أنوي إني أتجوز أو يكون لي وريث هيبقا ده من إخياري أنا مش توصيه من الوزراء عندي .
الوزير سليمان : العفو يا مولاي , جلالتك عارف أن كل اللي يهمنا هو إستقرار وإزدهار حكمك .
الملك شمس الدين بغضب : حكمي هيستقر ويزدهر لما يكون وزرائي معايا بيفكروا في صناعة أمجاد دولتنا مش بيفكروا هقضي الليلة مع مين أو يفضل كل واحد متقاعس عن عمله , يا وزير سليمان أنت عارف أن معزتك عندي من معزة والدي الملك الراحل نور الدين , متخليش المعزة دي تقل عشان مواضيع ملهاش لازمة عن زعزعة إستقرار الحكم , أنا مش عاوز أسمع أي كلمة عن الموضوع ده تاني من أي حد وبلغ الكل أي حد حتي لو كان مين هيجيب سيرة لأمر ده تاني هيكون التمن هو حياته .
الوزير سليمان بحذر : أمر جلالتك مطاع يا مولاي , هنبه عن الكل عدم الحديث في الموضوع ده تاني .
خرج الوزير سليمان من عند الملك شمس الدين وهو يتصبب عرقا , بينما شمس الدين كان غاضبا من محاولتهم مرة أخري إجباره علي إدخال امرأة في حياته .
أستلقي مرة أخري علي سريره وتنفس بعمق ثم حدث نفسه : يستحيل أسمح لواحدة تكون جنبي بأي صفه سواء جارية أو زوجة كفايه اللي حصل , العرش أبقي من أي ست .
علي الجانب الأخر كانت نيراز هي الأخري مستلقية علي سريرها لم تستطع عيناها أن تغمض ولو للحظة واحدة ولم يتوقف عقلها عن التفكير فيما سيحدث في المستقبل .
أحتد الظلام كلما تأخر الليل وكعادة أي شئ بعد الظلام يأتي النور ليمحي أثار الليل .
أرتدت نيراز فستان ذهبي مطرز جميل وعليه قطعه حريرساحرة تغطي رأسها كانت فاتنه رغم وجهها الباهت وعيناها الحزينه كان الفستان من إخيار أمها ولقد أحسنت في إختيارها .
عند بوابات القصر الضخم قرعت الطبول معلنة وصول ضيوف القصر الملك سلطان وولي عهده الأمير جودت , كان الملك عزيز يقف في الساحه الداخلية للقصر لإستقبالهم ومعه أبناءه الأمراء والملكة زهرة بجانبه للترحيب بالملك وزوجته الجديدة ( لم تكن أم الأمير جودت ) فالملك سلطان لا يذهب لمكان ومعه نفس الزوجة مرتين ...
الملك عزيز : يا أهلا بالملك سلطان , نورتنا
الملك سلطان : النور نولر أهل المملكة , ثم أحتضن بعضهم البعض .
الملك عزيز : يا مرحب بأميرنا , أعتقد دي أول مره تزور مملكتنا .
الأمير جودت وهو عينه علي نيراز: من سوء حظي ومش هتكون أخر مرة , أنا نادم أني مجتش من زمان .
الملكة زهرة وهي تبتسم : تنورنا دايما يا أمير جودت , أتفضلوا ترتاحوا شوية من السفر أكيد الطريق كان متعب ومن بعدها نجتمع كلنا في الديوان الملكي .
الملك عزيز : الملكة زهرة كلامها في محله , يا أمير فخر يا أمير علي أصطحبوا الملك سلطان وزوجته للجناح الملكي الخاص بيهم , وانت يا أمير نزار أصطحب الأمير جودت لجناحه الملكي .
الملك سلطان : بس بعد كده لازم نقعد بينا حديث مطول عاوزين نناقشه .
الملك عزيز : أكيد طبعا أنا لازم أهزمك في الشطرنج أنا ليا طار بايت عندك .
الملك سلطان وهو يضحك بصوت عالي : لسه الخسارة مأثرة عليك بس خليني أقلك عمرك ما هتغلبني كان غيرك أشطر , بس لو عاوز تنافس الأمهر مني هو الأمير جودت ما فيش حد يقدر يهزمه وأنا هخليه يلعب بدالي .
الملك عزيز : إذا كان كده أنا كمان مش هلعب مع إحترامي للأمير جودت بس بنتي الأميرة نيراز متعرفش غير أنها تربح في اللعبة دي .
الأمير جودت : أنا عمري ما سمحت لحد أنه يغلبني في الشطرنج بس لو الأميرة نيراز تسمح لي بالشرف ده وتلاعبني دور شطرنج واحد فأنا هعلن من دلوقتي إني أتهزمت ,ضحك الجميع علي مغازلة الشاب الراقية
الملك عزيز : كده يبقا ملوش لازمه اللعب عارفين مين اللي هيكسب من الأول .
الملك سلطان : أبني الأمير جودت معاه حق , أنا دايما كنت بحترم فيه ذكائه في الشطرنج وبشجعه علي الربح مهما كان خصمه بس النهاردة أقدر أقول أن مش بس هو اللي عنده إستعداد يخسر في مباراه شطرنج عشان خاطر الأميرة نيراز دي لو حرب أنا هعلن هزيمتي فيها قدام سمو الأميرة نيراز .
كان الجميع فرح بإستقبال الضيوف وكل نيته وسبب فرحه أمر لا يعلمه إلا الله منهم من كان فرح بزواج الأميرة ومنهم من كان سيستفاد من هذا الزواج ولكن الجميع كان منبهر من تصرفات الأمير جودت وأبيه الملك سلطان وبكلماتهم المغازلة للاميره الشابة التي من جهتها لم تنطق بكلمة واحده ولكن أكتفت برسم إبتسامه متكلفه باهتة علي وجهها , ومن بعد ذلك تفرق كلا إلي جناحه كما أوصي الملك عزيز من قبل .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي