الفصل السابع وعشرون

و عند حور امام شركه فهد محمد الشاذلي.
وجدت حور ذلك الرجل الذى يدعى صديق يقف أمامها عند خروجها من عملها ، ، و هو يرمقها بتلك النظرة التى لم ترتح لها على الاطلاق ، ، اقترب منها بهدوء لتتوجس خيفة منه مد يده اليها قائلا: اذيك يا حور.
تجاهلت حور يده الممدودة اليها قائلة فى برود: فهد كان قالك قبل كدة انا مش بسلم على رجالة الظاهر انك نسيت .
أرجع صديق يده الى جواره قائلا بسخرية:
سبحان الله مع انى اول مرة شفتك فيها كانت ايديكى فى ايدين ابن خالك ده و لا انا غلطان ؟
قالت حور فى حدة: و الله ده شئ ميخصكش خير بقى حضرتك عاوز منى ايه ؟
اقترب منها دون ان يحيد بنظره عن عينيها ليقول بنبرة اقشعر لها بدنها: انا عاوزك .
تراجعت حور خطوة الى الوراء و هي تقول بصدمة: افندم ؟
ابتسم و هو يتأمل ملامحها الجميلة برغبة قائلا: من أول لحظة شفتك فيها و انا حاسس بحاجة بتشدنى ليكى ، ، عمرى فى حياتى ما واحدة أثرت فية بالشكل ده ، ، و صدقينى أنا عرفت كتير ، ، لقيت نفسى بصمم انك تكونى لية و مش هسكت و لا ارتاح غير لما ألاقيكى فى حضنى .
اتسعت عينا حور بصدمة و هي تقول:
انت أكيد مجنون .
لتفيق من صدمتها و هى تقول بعينين مشتعلتين غضبا: لو فكرت للحظة واحدة انى ممكن أوافق على كلامك ده تبقى أكيد اتجننت ، ، و انا مش هقف لثانية واحدة كمان عشان أسمع كلام واحد مجنون ، ، للأسف خدت من وقتى كتير.
و استدارت لتغادر فاذا به يمسكها من يدها بقوة قائلا: اقفى هنا و اسمعينى انا لسة مخلصتش كلامى .
نزعت يدها من يده بغضب قائلة: إياك تلمسنى تانى وإلا قسما بالله هصرخ و ألم عليك الدنيا.
كاد صديق أن يتحدث لولا أن قاطعهم صوت ايهاب يقول بقلق: فيه حاجة يا انسه حور ؟
التفتت حور الى ايهاب قائلة بتوتر: لا مفيش يا إيهاب ، ، أكيد الأستاذ غلطان فى العنوان ممكن لو سمحت توصلنى فى طريقك .
نقل ايهاب نظره بين صديق و حور لتستقر نظراته على حور قائلا: أكيد طبعا اتفضلى معايا .
ابتعدت حور مع ايهاب تتبعهم عينا صديق الذى قال بغضب: بقى كدة يا حور ، ، طيب مبقاش صديق ان مكنتيش فى خلال يومين بالكتير فى حضنى بإرادتك او غصب عنك.
-  -
و على الجانب الاخر في منزل محمد الشاذلي في غرفه فارس و سهيله.
فتح فارس باب غرفته بلهفة ليقف مصدوما و هو يرى ذلك الجمال النائم بسلام ، ، اقترب منها بعد أن أغلق الباب ليرى وجهها الشاحب أصابه القلق ، ، فاقترب منها أكثر ليجلس بجوارها على السرير يتلمس جبهتها و وجنتها بقلق ليتأكد من عدم اصابتها بالسخونية ، ، اطمأن قلبه عندما تأكد من ان حرارتها طبيعية ليتأمل وجهها الذى اشتاق اليه بعشق و هو يقول بهمس: قلقتينى عليكى يا سهيله يا تري يا حبيبتي فيكى ايه بس ؟ دا انتب لون وشك مخطوف كدة ليه ، ، الخوف عليكى هيموتنى يا ترى حالتك دى بسبب اللى حصل بينا و لا ؟
ليتنهد فارس مسكتملا كلامه : أنا مقدرش أقولك آسف على أجمل مشاعر عشتها معاكى و اللى هتفضل ذكرى حلوة هعيش عليها ، ، انا خايف بس تفتكرى انى استغليت طيبتك و شفقتك علية يوميها ، ، بس و الله انا كنت ضعيف و غصب عنى استسلمت لمشاعرى ناحيتك ، ، أنا لو آسف بجد فا ها كون آسف انى أجبرتك تتجوزينى بس بردو كان غصب عنى و الله ، ، مشاعرى من ناحيتك كانت أقوى منى مقدرتش أتخيلك لحد غيرى انا اخدت الأولاد حجة عشان أضغط عليكى توافقى ، ، و انا عارف ان قلبك طيب و انتي هتوافقى علشانهم ، ، كان نفسى يومها أقولك انى محتاجلك أكتر من الأولاد انا كان نفسى أقولك انى عمرى ، ، ما حسيت انى عايش غير لما شفتك يا نور عيني ، ، عمرى ما قلبى دق غير ليكى انتي و بس ، ، و عمرى ما اتمنيت حضنى يضم حد قدك انتى ، ، انتي حياتى كلها يا سهيله بس و الله لو راحتك و سعادتك فى بعدك عنى ، ، انا مستعد أبعد خالص حتى لو فى بعدك عذابى يا حبيبتي .
مال فارس ليقبل يدها برقة ليشعر بضغطة يدها ليرفع عينيه اليها لتقابله عينيها العاشقتين المغروقتين بالدموع و هي تقول: و انا عمر راحتى ما كانت فى البعد عنك يا فارس ، ، انا تعبت لما انت بعدت عنى ، ، أنا كمان أول مرة قلبى دق علشانك انت ، ، و اول مرة اتمنى حد اتمنيتك انت يا فارس و في حضنك انت بس حسيت انى لقيت نفسى .
لتتأمل سهيله ملامحه بعشق مستكمله كلامها :
آخر ليلة لينا مع بعض ، ، كل لمسة لمستهالى كانت بتاخدنى فوق السحاب و لعالم تاني ، ، كل همسة كانت بتطيرنى من السعادة و أنا اللى خفت تفتكر انى استغليت ضعفك ، ، و حبيت أورطك معايا بس و الله انا كمان ضعفت و استسلمت لأنى مش بس بحبك أنا بعشق.
لم تكمل كلمتها التى ضاعت بين شفتى فارس فى قبلة حملت مشاعره الثائرة لتبادله قبلته بنفس القوة و المشاعر و الشغف ، ، يضم رأسها بيديه لينهل من رحيق شفتيها حد الارتواء ، ، قطع قبلتهما ليتنفسا و هو يضع جبهته على جبهتها ناظرا الى عينيها بعشق ليسألها بعينيه أيكمل ما بدأه ، ، أم يكون حملا عليها مع ارهاقها و تعبها الواضح لتبتسم فى عشق ، ، و هى تأخذ بيده لتمدده بجوارها ليرفع الغطاء كاشفا عن قميصها الأسود الرائع ذو الحمالات الرفيعة ، ، و الذى يظهر الكثير من جسدها و يجعلها فاتنة للغاية شهية و لذيذة كقطعة من الشيكولاتة ، ، و مغرية بشكل قطع أنفاسه ليدرك سبب خجلها و رفعها الغطاء حتى رقبتها ناصعه البياض ، ، تأملها فى عشق لا يصدق ان هذا الجمال كله ملكا له ليرفع وجهها الذى أخفضته خجلا و هو يقول بعشق: من النهارده انتى ملكى أنا و بس بحبك يا سو قلبي ، ، و بعشقك يا أميره الفارس .
لتبتسم له سهيله قائلة بعشق : و أنا بعشقك يا فروسي .
لتتقابل الشفاه في تلك اللحظه فى قبلة عبرت عن العشق الذى يجمعهما ، ، و تتسارع الأيدى تثير أعتى المشاعر فى جسديهما و هما يتخلصون من العشق الملعون و لعنته ، ، و يتذوقون فقط حلاوته لينتهى بهم الأمر و هما فى قمة السعادة ، ، يشعرون بلذة العشق و ذهبو الي عالمهم الخاص عالم مليئ بالشغف و العشق ، ، و بعد مرور عده ساعات علي بث عشقهم الي بعض ، ، ليقبل فارس سهيله فى جبينها المتعرق قبلة طويلة مفعمة بالمشاعر ليعتدل ، ، آخذا اياها فى حضنه لتضع يدها على صدره و هي تغمض عينيها و هي تشعر لأول مرة بالسعادة المطلقة دون الخوف من الغد .
-  -
و على الجانب الاخر عند تغريد و ريان .
ابتسمت تغريد و هى تنظر الى فستان الزفاف الأبيض و الذى لطالما تخيلته فى أحلامها مع ريان ، ، و لكنه لم يكن أبدا بتلك الروعة لتجد يده تحيط بخصرها من الخلف و هو يضمها الى صدره قائلا بنعومة: عجبك الفستان يا ملكتي ؟
التفتت تغريد الى ريان دون أن تخرج من محيط ذراعيه قائلة فى سعادة: دا حلو اوى دا يجنن يا ريان .
ابتسم ريان فى حنان و هو يتأمل ملامحها السعيدة قائلا: انتى اللى تجننى بحلاوتك و شقاوتك دي يا قلب ريان و روحه .
ابتسمت تغريد بخجل و هي تلاحظ قربه الشديد منها لتقول بارتباك: احم أنا اتأخرت على فكرة ولازم أمشى .
ابتسم ريان و هو يدرك تهربها من قربه ثم قال بحزم: مش قبل ما تقيسى الفستان علشان نشتريه يا تغريد ، ، و كمان نختار فرش الجناح بتاعنا ، ، لان الفرح آخر الشهر و أنا مش مستعد أجل و لو يوم واحد .
ابتسمت تغريد قائلة: خلاص يا ريان انا هتصل بماما و أقولها انى هتأخر شوية علشان نخلص كل حاجة .
ثم قبلته تغريد بخفة على وجنته قائلة: و أنا ميرضنيش زعلك يا حبيبي .
أمسكها ريان من خصرها و هو يقول بشقاوة: متلعبيش بالنار يا تغريدتي علشان هتلسعك ، ، دا أنا ممكن حالا أعمل فعل فاضح فى الطريق العام و هنبات فى القسم و ساعتها لازم تسترى علية آه بقولك ايه الحكاية مش سايبة و أنا ورايا رجالة يا حبيبتي .
ضحكت تغريد و هى تقول: مجنون .
ابتسم ريان و ضحكتها العذبة ترن فى أذنيه كالأنغام وهو يقول:

اذا كان جنانى هيسعدك بالشكل ده..أنا مستعد معقلش أبدا

ابتسمت بخجل و هى تقول: مجنون فعلا بس قسمتى انى أحبك انت .
لمس ريان خدها بنعومة و هو يقول: و انا كمان يا تغريدتي قسمتى انى أحبك يا ورده حياتى .
نظرت اليه تغريد بعشق ليتنهد قائلا: انا قلتلك ايه أنا امشى أدامى قبل ما أتهور.
ثم نظر اليها و هو يرفع حاجبيه صعودا ونزولا قائلا : الا قوليلى يا تغريد هو ما ينفعش نخلى الفرح آخر الأسبوع ؟
لم تستطع تغريد تمالك ، ، نفسها لتنطلق ضحكتها مجلجلة ليعض ريان على شفتيه قائلا:
يخربيت جمالك صبرنى يارب لآخر الشهر بنت حمديه هتجننى .
-  -
و على الجانب الاخر عند فهد في الشركه .
كان فهد يتابع تحركات حور من بعيد يزداد عشقه لها و هو يراها تعمل وتصدر الأوامر هنا و هناك بجدية تامة و حرفية ، ، لاحظ أيضا تعاملها مع ايهاب و الذى بدا عاديا للغاية و لا وجود للمسات او نظرات تدل عل ارتباطهما ، ، كانت أحيانا ما تتقابل نظراته معها لتحمل نظراتها عتابا و ألما و تحمل نظراته ندما و شوقا ، ، من أجل فراق فرض عليهم تغمرهم التعاسة فأصعب ما فى الحياة هو فراق الأحبة ، ، كانت حور تغادر الشركة لترى فهد و هو يقف مستندا على سيارته ينتظرها ليعتدل واقفا فور رؤيتها ، ، و يتجه اليها فى حين وقفت هى متسمرة تراقب اقترابه بقلب مضطرب حتى وقف أمامها ليقول: مش ناوية تحنى علية بقى و تسامحينى يا حور انا بجد تعبت من بعادك عني ، ، و مش قادر أتحمل أكتر من كدة .
قالت حور ببرود مصطنع: زى ما قدرت تستحمل فراقنا قبل كدة و كنت هتستحمله العمر كله لو كنت كملت مع ريناد ، ، يبقى هتقدر تتحمل يا فهد انا قولت ليك حكايتنا خلصت و ياريت نقفل الموضوع ده .
قال فهد فى ألم: ياه يا حور، ، انتي جبتى القسوة دى كلها منين ، ، انتى لا يمكن تكونى البنت اللى عرفتها طول عمرى و حبيتها .
ترقرقت الدموع بعينيها و اختفت واجهتها الباردة المصطنعة و هى تقول بمرارة:
جبت القسوة من جراح كنت بلملمها عمر بحاله يا فهد ، ، من قلب اتكسر ألف مرة و كل مرة كنت بداويه عشان أكمل و أقدر أعيش لكن المرة دى خلاص موت قلبى بايديك و اللى بيموت مش بيرجع تاني ، ، يعيش يا فهد ارحمنى بقى بجد كفاية انا معنتش حمل جرح واحد تجرحهولى يا فهد ، ، انسانى بقى زى ما انا نسيتك .
نظر فهد الى عينيها مباشرة و هو يقول بألم:
عاوزه تفهمينى انك خلاص نسيتينى و مبقتيش تحبينى .
نظرت اليه و قد اختلجت ملامحها تود أن تكذب و تنهى كل شئ الان ، ، و لكن لسانها لا يطاوعها على الكذب بل هى من تمنعه بصعوبة عن قول ، ، لا لم أنساك حبيبى و لن أتخلى عن حبك فى قلبى ما دمت حية و أتنفس.
ليتنفس فهد الصعداء و هو يبتسم قائلا فى هدوء: اجابتك وصلتنى يا حور ، ، انا كمان مش ممكن أنساكى و هتفضلى لآخر يوم فى عمرى حبى الاول و الاخير ، ، و ها يفضل عندى الأمل انك تسامحينى و نبتدى مع بعض من جديد .
نظرت اليه حور فى حيرة فهو يبدو مختلفا عن قبل ، ، هل تخلى عن أنانيته ؟ قلبها الخائن يرقص من السعادة لتمسكه بها و لكنه أيضا خائف من أن يتخلى فهد عنها فى يوم من الأيام ، ، حاولت انهاء حيرتها بالمغادرة لتلبس نظارتها الشمسية ، ، و تلتفت مغادرة تتبعها عيناه و لكنه ما لبث أن انتابه القلق و هو يرى سيارة تقترب منها ، ، و تتوقف فجأة بغتة لينزل منها بعض الأشخاص الملثمين و الذين اختطفوا حور ، ، و وضعوها بالسيارة ليصرخ فهد باسمها فى لوعة و هو يسرع الى سيارته يتمنى من كل قلبه اللحاق بها فهل سيستطيع ان ينقذها ام لا ؟
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي