الفصل الثاني والعشرون ١
يبدو أن لمعان إسم جاسم في الفترة الأخيرة لم يكن يأتي عليه بالخير فقط ولكنه أتى محملاً بذكرى يكرهها يمقتها ويكره حاله إذا تذكرها
علاقة عابرة مع إحدى الفتيات التي تعرف عليها منذ سنوات لينتهى به المطاف متزوجاً منها عرفيا لا يعلم أين كان عقله حينها لا يعلم كيف فعل هذا بحاله كان وقتها يمر بحالة من الاهتزاز النفسى حالة من التيه والضياع
ولكنه عاد وأفاق من غفوته سريعاً ولكنه خلف ورائه ذكرى مكروهة لقلبه
ولكنها عادت ولم تعد وحدها
عادت بيدها طفل يتجاوز عمره الأربع سنوات وبكل بساطة تخبره أنه ابنه
صرخ وصاح وأوشك على قتلها
ابنى ازاى انتى مجنونة مش ابنى يا أميمة مش ابنى
وهى باردة واثقة هادئة
لا يا جاسم ابنك ومش عشان كل السنين دى متعرفش عنه حاجة يبقى مش ابنك غلطتى أنى سكت بس دلوقتي الوضع اتغير أنا هتجوز ومش هقدر أبدا حياتى وهو معايا
خد ابنك ربيه خليه يعيش في مستوى أحسن من اللى أنا عايشة فيه
جلس بإنهاك ينظر إليها وإلى الطفل الذى لا يعلم أهو إبنه بالفعل أم هي مجرد كذبة وإدعاء
فُتح الباب فجأة ليجد همس تتطل عليه مبتسمة
قام من مكانه يبتلع ريقه ينظر إليها تارة وإلى أميمة تارة أخرى
لا يعلم كيف نسى أنها جاءت لأجل زفاف مريم؟
كيف نسى وجودها؟
ما هو رد فعلها إن علمت
اقتربت منه معتذرة: معلش يا حبيبي معرفش أن عندك ضيوف
وقفت أميمة أمامهم وابتسامة ساخرة تأخذ طريقها لشفتيها : لا يا حبيبتي أنا مش ضيفة ولا حاجة أنا مدام جاسم سابقاً على الأقل
ضحكت همس بتوتر وهى تنظر لجاسم : إيه يا جاسم هي المدام مالها إيه الهزار ده
صاحت أميمة وهى تضحك: لا يا حبيبتي ده مش هزار أنا وجاسم كنا متجوزين من كام سنة ومش كده وبس لا ومعايا ابننا كمان
ارتعشت شفتى همس تحاول منع عبرات مؤلمة تخنقها وهى تنظر لجاسم طالبة منه التوضيح طالبة النفى لتقترب منه هامسة بوجع : جاسم إيه الكلام ده
أبعد عيناه عنها لا يعلم بما يجيبها
عاد ونظر إليها ممسكاً بذراعها بترجى : همس ممكن نأجل كلام في الحكاية دى دلوقتى عشان خاطرى
نفضت ذراعه بغضب : رد عليا ........ الكلام ده صحيح
اغمض عيناه للحظة ثم عاد ينظر إليها بألم : أيوه يا همس صحيح
شعرت بدوار يحتل رأسها ورعشة تملكت من جسدها حتى كادت أن تفقد وعيها ليلحق بها بلهفة: همس اسمعينى
عشان خاطرى اسمعينى
أبعدت جسدها عنه مغمضة عيناها بقوة لتعود وتصرخ به : أنا مش هسمع حاجة غير حاجة واحدة
طلقنى يا جاسم
*********
الفصل الثانى والعشرون
********************
كثيرا ما نجد أنفسنا محاصرين بين خياران كلاهما مؤلم كلاهما قاسى فإما أن نستسلم للألم طاوعية وإما أن نقاومه ولكن أحيانا المقاومة تضعف منا فنجد أنفسنا مستسلمين رغما عنا
ولكن أن حاولنا التأقلم معه ومسايرة الواقع حتى وإن كان مؤلما حتما سينتهى سيبتعد ويتركنا سيمل منا ويبحث له عن طريق آخر
************
صدمات تتوالى وخيبة أمل تلاحقها الفترة الأخيرة بداية من لين وفعلتها وصدمتها بها
ونهاية بجاسم وزواجه السابق الذى نتج عنه طفل
أحست أنها تائهة شاردة في دنيا لاتعلمها كأنها فقدت الذاكرة من جديد
لما كل هذا ؟
لما كل تلك القسوة والغدر ؟
وإجابة سؤالها مبهمة مثلها ضائعة غريبة
لاتعرف كيف تركت مكتبه وغادرت قابلتها حورية عند خروجها ولكن كأنها لا تراها نادتها كثيرا وهى تسمع لكن جسدها رافض العودة للخلف
عيناها رافضة النظر نحوه
أسرعت في خطاها كأنما هناك من يتعقبها ليؤذيها عندما سمعت صراخه ونداءه ولكنها لن تلتف...... لن تعود
هي لا تريده
في هذا الوقت على الأقل
هبطت درجات السلم بسرعة لتجد نفسها في الشارع وحدها سيارات سريعة لا تتوقف وهى كالعاجزة تنظر هنا وهناك تبحث عن لاشئ
هي حقا لاتعرف أين هي ؟
ولما أتت إليه ؟
صوت بوق عالى من سيارة متجهة نحوها وهى مقيدة الحركة عاجزة عن اتخاذ أي رد فعل
السيارة تقترب الأمرانتهى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الهلاك
وإذن.....فليكن الموت
فجأة اشتمت رائحته أحست بجسدها بين ذراعيه يحملها بعيدا ظلت مغمضة العينان جسدها يرتعش شفتيها ترتجف
سمعت صوته يناديها يصرخ بها لتتجرأ أخيرا وتنظر إليه
لا تعرف ما يقوله لكنها تراه غاضبا منها صارخا بها
بدأ صوته في الوضوح يعلو ويعلو وهى مازالت صامتة حتى إن كانت متفهمة لما يقوله: أنتى مجنونة شايفة العربية جاية عليكى وواقفة
ليه يا همس ليه حرام عليكى
والصمت كان ردها وهو مازال يتحدث حتى وجدها صامتة جسدها يرتعش بين ذراعيه لكن عيناها تلومه وهو يعرف
يعرف كم أخطأ ولكن كل هذا قبل أن يعرفها قبل أن يحبها
فقط لو كان يعلم أنهم سيلتقيا ما كان فى موقفه الآن
-همس ردى عليا قولى أى حاجة بلاش تسكتى كده
مازالت تنظر إليه بصمت قلبها يؤلمها بشدة تشعر باختناق روحها هو يعلم أنه الدنيا بكل ما فيها لما فعل بها هذا
لما كذب عليها بأمر كهذا
جاءته باحتياج فقابلها بألم
وأخيرا تحدثت :إبعد عنى يا جاسم أنا فيا اللى مكفينى إبعد وروح لمراتك وابنك بس قبلها لازم تتطلقنى
صرخ بها وهو يجذبها نحو سيارته: مش هنتكلم في الشارع تعالى نروح نقعد في حتة عشان نعرف نتكلم
حاولت نزع ذراعها معترضة:مش عاوزة أروح في حتة ولا عاوزة أسمعك مش عاوزة حد أنا عاوزة أبقى لوحدى أنا عاوزة أموت يا جاسم
وهنا توقف شعر بوخزة في قلبه بعد كلمتها الأخيرة التف إليه زاعقا:ليه بتقولى كده .......حرام عليكى يا همس
هزت رأسها بنفى وعيناها محتقنة من آثر بكاؤها : لا مش حرام يا جاسم
الموت مش شر يا جاسم .......كتير الموت بيكون راحة
اقترب منها قائلا بترجى:طيب تعالى......تعالى نتكلم لازم تسمعينى لازم تعرفى كل حاجة
ابتسمت بتهكم:هو لسه في حاجة هعرفها أكتر من كده
مش هنتكلم في الشارع اركبى العربية وهقولك كل حاجة أنا مش مستعد أخسرك مش بعد كل ده وبعد ما بقيتى مراتى هنبعد يا همس
يمكن مش مكتوب لنا نكمل يا جاسم
صرخ بها غاضبا: لا هنكمل يا همس غصب عن أي حد هنكمل غصب عنك أنتى شخصيا هنكمل
انهى حديثه وهو يجذبها نحو سيارته وهى مستسلمة له التف ليأخذ مكانه وجد أميمة تقف أمام مدخل البناية تمسك بطفلها وعلى شفتيها إبتسامة ساخرة أغضبته لكنه ركب السيارة متجاهلا إياها
**************
حالة من الصمت احتلت الدقائق بينهما جلسا في المطعم الخاص بآسر كعادتهما وانزوى بها في مكان هادئ لايزعجهما
أي شيء
مد يده نحو كفها مبتسما بهدوء باهت كاابتسامته
الحزينة
هتفضلى ساكتة كده كتير
انتبهت للمسة يده فابعدت عيناها عن البحر ناظرة إليه :
أنا
حاسة أن خلاص مبقاش عندى طاقة للكلام مش قادرة
استحمل كل اللى بيحصل ده يا جاسم
ابتعلت ريقها مكملة بألم : أنا عارفة أن علاقتك بالست
دى قبل ما تعرفنى وبسنين كمان بس ....
الطفل ده ذنبه إيه
أنت غلطت وهى غلطت بس دلوقتى في طفل هيضيع يا جاسم والعقل بيقول أنك ........
والصمت عاد ليحل محل صوتها تخشى كلمة تخرج من بين شفتيها تقتلها قبل أن تؤذيه
تخشى الفراق ولا ترغب به
من الصعب عليها البعد ولكن قلبها يؤلمها جاسم أب
لطفل من أخرى غيرها وإن عاند ورفض أبوته لن تنال الراحة
همس
عادت تنظر إليه عندما ناداها : همس أنا عارف أن صعب عليكى أوى تتقبلى اللى حصل زمان وأنا بكره نفسى
ولحد دلوقتى أنا مش عارف أنا كان عقلى فين وقتها........ ومن غير
الدخول في تفاصيل ملهاش لازمة غير أنها هتوجعنا
أنا هعمل التحليل وأتاكد أنه ابنى أو لا
- ولو ابنك هتعمل إيه ....... هتتخلى عنه يا جاسم؟
هز رأسه بنفى : لا هقدر أتخلى عنه ولا أقدر أسيبك
تبعدى عنى .......أنتى مش مراتى وبس أنتى عارفة أنتى عندى
إيه أنتى حبيبتى وكل حاجة في حياتى بس عاوزك تدينى
فرصة
أعمل التحليل واتأكد يا همس
- خايفة من اللى جاى خايفة اتوجع أكتر ........وماما رقية تعرف حاجة
تنهد بصعوبة وهو يعلم وقع الخبر على رقية وعلى أحمد
وشماتة سمر
لكن رقية....... هل تغفر له ؟
هل الأمر سيمر مرور الكرام أم له عواقب أخرى
بالفعل لن يمر بهدوء
عاصفة مهولة ستعصف بكل شيء
زالزال سيهدم بيت وضعت رقية ثوابته
أمى لو عرفت ممكن يجرالها حاجة بس أنا مش هينفع
افتح معاها كلام دلوقتى لازم أتاكد
- ولحد ما تتأكد يا جاسم هنبعد عن بعض الفترة الجاية
عقد حاجبيه بتساؤل : يعنى إيه يا همس
- يعنى أنا محتاجة ابعد عن كل حاجة وعن أي حاجة
عنك وعن البيت عاوزة أصفى عقلى وقلبى من كل اللى حصل
واللى
بيحصل وعشان خاطرى بلاش تحاول تقابلنى
- بكره فرح مريم نحضر الفرح وبعدها هرجع القاهرة ومش هتشوفنى ولا هنتكلم مؤقتا لحد مااعرف الدنيا هترسى بيناعلى
فين
لو الولد ده ابنك يبقى تتطلقنى يا جاسم واتجوز الست دى
وربى ابنك بينكم وأنا اعتبرنى مرحلة في حياتك كان لازم
نتقابل ........ كان لازم أحبك واتعلق بيك ....... وصدقنى
أناعمرى لا حبيت ولا هحب راجل غيرك ولو أنا مش ليك مش
هبقى لغيرك
ولو مش ابنك أنت عارف بيتى كويس
أنهت كلمتها وهمت لتغادر وجدته يدفع بكرسيه للخلف بقوة
حتى أنه لفت أنظار المتواجدين بالمطعم اتجه نحوها
بغضب يرمى أوراق مالية على المنضدة ويمسك بيدها متجهين للخارج
وهى مفزوعة من وجهه الغاضب ودون كلمة خرجا من
المطعم
اتجه نحو السيارة لتنزع ذراعها : في إيه أنت بتشد إيدى
كده ليه
ترك ذراعها وهو يلتف إليها صارخا: بقى أنتى عاوزانا نسيب بعض ...... بعد كل ده وعاوزانى أسيبك ........ ده على
جثتى
يا همس
ولا أنتى عاوزة الأستاذ حسام يرجع يلف على حضرتك
من تانى
ولا تكونى عاوزة ترجعى لعدى ......... ردى عليا عاوزة إيه بالظبط؟
اتسعت عيناها ذهولا من اتهاماته المتتالية
أنا يا جاسم ....... أنا عاوزة أسيبك عشان حسام بعد كل ده وتقولى أنى عاوزة راجل غيرك
صرخت أكثر ولم تعد تتحمل الصمت : وعدى اللى
فاكرنى هرجعله ......... عدى هو اللى عمل فيا كده كل اللى حصلى بسببه........ عدى هو اللى حاول يعتدى عليا
هو اللى ضربنى وكان عاوز يقتلنى
لسه شايف أنى عاوزة عدى يا جاسم
وذهوله تعدى حدود العقل ....... تعدى كل تفكيره
عدى هو من فعل بها هذا........هو من ألقى بها على قارعة الطريق دون أن يغمض له جفن
ولكن تفكيره توقف وهى تجرى مبتعدة عنه لتوقف
إحدى سيارات الأجرة
حاول اللحاق بها لكنها سبقته وركبت السيارة
عاد لسيارته بسرعة ليلحق بها
...........
علاقة عابرة مع إحدى الفتيات التي تعرف عليها منذ سنوات لينتهى به المطاف متزوجاً منها عرفيا لا يعلم أين كان عقله حينها لا يعلم كيف فعل هذا بحاله كان وقتها يمر بحالة من الاهتزاز النفسى حالة من التيه والضياع
ولكنه عاد وأفاق من غفوته سريعاً ولكنه خلف ورائه ذكرى مكروهة لقلبه
ولكنها عادت ولم تعد وحدها
عادت بيدها طفل يتجاوز عمره الأربع سنوات وبكل بساطة تخبره أنه ابنه
صرخ وصاح وأوشك على قتلها
ابنى ازاى انتى مجنونة مش ابنى يا أميمة مش ابنى
وهى باردة واثقة هادئة
لا يا جاسم ابنك ومش عشان كل السنين دى متعرفش عنه حاجة يبقى مش ابنك غلطتى أنى سكت بس دلوقتي الوضع اتغير أنا هتجوز ومش هقدر أبدا حياتى وهو معايا
خد ابنك ربيه خليه يعيش في مستوى أحسن من اللى أنا عايشة فيه
جلس بإنهاك ينظر إليها وإلى الطفل الذى لا يعلم أهو إبنه بالفعل أم هي مجرد كذبة وإدعاء
فُتح الباب فجأة ليجد همس تتطل عليه مبتسمة
قام من مكانه يبتلع ريقه ينظر إليها تارة وإلى أميمة تارة أخرى
لا يعلم كيف نسى أنها جاءت لأجل زفاف مريم؟
كيف نسى وجودها؟
ما هو رد فعلها إن علمت
اقتربت منه معتذرة: معلش يا حبيبي معرفش أن عندك ضيوف
وقفت أميمة أمامهم وابتسامة ساخرة تأخذ طريقها لشفتيها : لا يا حبيبتي أنا مش ضيفة ولا حاجة أنا مدام جاسم سابقاً على الأقل
ضحكت همس بتوتر وهى تنظر لجاسم : إيه يا جاسم هي المدام مالها إيه الهزار ده
صاحت أميمة وهى تضحك: لا يا حبيبتي ده مش هزار أنا وجاسم كنا متجوزين من كام سنة ومش كده وبس لا ومعايا ابننا كمان
ارتعشت شفتى همس تحاول منع عبرات مؤلمة تخنقها وهى تنظر لجاسم طالبة منه التوضيح طالبة النفى لتقترب منه هامسة بوجع : جاسم إيه الكلام ده
أبعد عيناه عنها لا يعلم بما يجيبها
عاد ونظر إليها ممسكاً بذراعها بترجى : همس ممكن نأجل كلام في الحكاية دى دلوقتى عشان خاطرى
نفضت ذراعه بغضب : رد عليا ........ الكلام ده صحيح
اغمض عيناه للحظة ثم عاد ينظر إليها بألم : أيوه يا همس صحيح
شعرت بدوار يحتل رأسها ورعشة تملكت من جسدها حتى كادت أن تفقد وعيها ليلحق بها بلهفة: همس اسمعينى
عشان خاطرى اسمعينى
أبعدت جسدها عنه مغمضة عيناها بقوة لتعود وتصرخ به : أنا مش هسمع حاجة غير حاجة واحدة
طلقنى يا جاسم
*********
الفصل الثانى والعشرون
********************
كثيرا ما نجد أنفسنا محاصرين بين خياران كلاهما مؤلم كلاهما قاسى فإما أن نستسلم للألم طاوعية وإما أن نقاومه ولكن أحيانا المقاومة تضعف منا فنجد أنفسنا مستسلمين رغما عنا
ولكن أن حاولنا التأقلم معه ومسايرة الواقع حتى وإن كان مؤلما حتما سينتهى سيبتعد ويتركنا سيمل منا ويبحث له عن طريق آخر
************
صدمات تتوالى وخيبة أمل تلاحقها الفترة الأخيرة بداية من لين وفعلتها وصدمتها بها
ونهاية بجاسم وزواجه السابق الذى نتج عنه طفل
أحست أنها تائهة شاردة في دنيا لاتعلمها كأنها فقدت الذاكرة من جديد
لما كل هذا ؟
لما كل تلك القسوة والغدر ؟
وإجابة سؤالها مبهمة مثلها ضائعة غريبة
لاتعرف كيف تركت مكتبه وغادرت قابلتها حورية عند خروجها ولكن كأنها لا تراها نادتها كثيرا وهى تسمع لكن جسدها رافض العودة للخلف
عيناها رافضة النظر نحوه
أسرعت في خطاها كأنما هناك من يتعقبها ليؤذيها عندما سمعت صراخه ونداءه ولكنها لن تلتف...... لن تعود
هي لا تريده
في هذا الوقت على الأقل
هبطت درجات السلم بسرعة لتجد نفسها في الشارع وحدها سيارات سريعة لا تتوقف وهى كالعاجزة تنظر هنا وهناك تبحث عن لاشئ
هي حقا لاتعرف أين هي ؟
ولما أتت إليه ؟
صوت بوق عالى من سيارة متجهة نحوها وهى مقيدة الحركة عاجزة عن اتخاذ أي رد فعل
السيارة تقترب الأمرانتهى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الهلاك
وإذن.....فليكن الموت
فجأة اشتمت رائحته أحست بجسدها بين ذراعيه يحملها بعيدا ظلت مغمضة العينان جسدها يرتعش شفتيها ترتجف
سمعت صوته يناديها يصرخ بها لتتجرأ أخيرا وتنظر إليه
لا تعرف ما يقوله لكنها تراه غاضبا منها صارخا بها
بدأ صوته في الوضوح يعلو ويعلو وهى مازالت صامتة حتى إن كانت متفهمة لما يقوله: أنتى مجنونة شايفة العربية جاية عليكى وواقفة
ليه يا همس ليه حرام عليكى
والصمت كان ردها وهو مازال يتحدث حتى وجدها صامتة جسدها يرتعش بين ذراعيه لكن عيناها تلومه وهو يعرف
يعرف كم أخطأ ولكن كل هذا قبل أن يعرفها قبل أن يحبها
فقط لو كان يعلم أنهم سيلتقيا ما كان فى موقفه الآن
-همس ردى عليا قولى أى حاجة بلاش تسكتى كده
مازالت تنظر إليه بصمت قلبها يؤلمها بشدة تشعر باختناق روحها هو يعلم أنه الدنيا بكل ما فيها لما فعل بها هذا
لما كذب عليها بأمر كهذا
جاءته باحتياج فقابلها بألم
وأخيرا تحدثت :إبعد عنى يا جاسم أنا فيا اللى مكفينى إبعد وروح لمراتك وابنك بس قبلها لازم تتطلقنى
صرخ بها وهو يجذبها نحو سيارته: مش هنتكلم في الشارع تعالى نروح نقعد في حتة عشان نعرف نتكلم
حاولت نزع ذراعها معترضة:مش عاوزة أروح في حتة ولا عاوزة أسمعك مش عاوزة حد أنا عاوزة أبقى لوحدى أنا عاوزة أموت يا جاسم
وهنا توقف شعر بوخزة في قلبه بعد كلمتها الأخيرة التف إليه زاعقا:ليه بتقولى كده .......حرام عليكى يا همس
هزت رأسها بنفى وعيناها محتقنة من آثر بكاؤها : لا مش حرام يا جاسم
الموت مش شر يا جاسم .......كتير الموت بيكون راحة
اقترب منها قائلا بترجى:طيب تعالى......تعالى نتكلم لازم تسمعينى لازم تعرفى كل حاجة
ابتسمت بتهكم:هو لسه في حاجة هعرفها أكتر من كده
مش هنتكلم في الشارع اركبى العربية وهقولك كل حاجة أنا مش مستعد أخسرك مش بعد كل ده وبعد ما بقيتى مراتى هنبعد يا همس
يمكن مش مكتوب لنا نكمل يا جاسم
صرخ بها غاضبا: لا هنكمل يا همس غصب عن أي حد هنكمل غصب عنك أنتى شخصيا هنكمل
انهى حديثه وهو يجذبها نحو سيارته وهى مستسلمة له التف ليأخذ مكانه وجد أميمة تقف أمام مدخل البناية تمسك بطفلها وعلى شفتيها إبتسامة ساخرة أغضبته لكنه ركب السيارة متجاهلا إياها
**************
حالة من الصمت احتلت الدقائق بينهما جلسا في المطعم الخاص بآسر كعادتهما وانزوى بها في مكان هادئ لايزعجهما
أي شيء
مد يده نحو كفها مبتسما بهدوء باهت كاابتسامته
الحزينة
هتفضلى ساكتة كده كتير
انتبهت للمسة يده فابعدت عيناها عن البحر ناظرة إليه :
أنا
حاسة أن خلاص مبقاش عندى طاقة للكلام مش قادرة
استحمل كل اللى بيحصل ده يا جاسم
ابتعلت ريقها مكملة بألم : أنا عارفة أن علاقتك بالست
دى قبل ما تعرفنى وبسنين كمان بس ....
الطفل ده ذنبه إيه
أنت غلطت وهى غلطت بس دلوقتى في طفل هيضيع يا جاسم والعقل بيقول أنك ........
والصمت عاد ليحل محل صوتها تخشى كلمة تخرج من بين شفتيها تقتلها قبل أن تؤذيه
تخشى الفراق ولا ترغب به
من الصعب عليها البعد ولكن قلبها يؤلمها جاسم أب
لطفل من أخرى غيرها وإن عاند ورفض أبوته لن تنال الراحة
همس
عادت تنظر إليه عندما ناداها : همس أنا عارف أن صعب عليكى أوى تتقبلى اللى حصل زمان وأنا بكره نفسى
ولحد دلوقتى أنا مش عارف أنا كان عقلى فين وقتها........ ومن غير
الدخول في تفاصيل ملهاش لازمة غير أنها هتوجعنا
أنا هعمل التحليل وأتاكد أنه ابنى أو لا
- ولو ابنك هتعمل إيه ....... هتتخلى عنه يا جاسم؟
هز رأسه بنفى : لا هقدر أتخلى عنه ولا أقدر أسيبك
تبعدى عنى .......أنتى مش مراتى وبس أنتى عارفة أنتى عندى
إيه أنتى حبيبتى وكل حاجة في حياتى بس عاوزك تدينى
فرصة
أعمل التحليل واتأكد يا همس
- خايفة من اللى جاى خايفة اتوجع أكتر ........وماما رقية تعرف حاجة
تنهد بصعوبة وهو يعلم وقع الخبر على رقية وعلى أحمد
وشماتة سمر
لكن رقية....... هل تغفر له ؟
هل الأمر سيمر مرور الكرام أم له عواقب أخرى
بالفعل لن يمر بهدوء
عاصفة مهولة ستعصف بكل شيء
زالزال سيهدم بيت وضعت رقية ثوابته
أمى لو عرفت ممكن يجرالها حاجة بس أنا مش هينفع
افتح معاها كلام دلوقتى لازم أتاكد
- ولحد ما تتأكد يا جاسم هنبعد عن بعض الفترة الجاية
عقد حاجبيه بتساؤل : يعنى إيه يا همس
- يعنى أنا محتاجة ابعد عن كل حاجة وعن أي حاجة
عنك وعن البيت عاوزة أصفى عقلى وقلبى من كل اللى حصل
واللى
بيحصل وعشان خاطرى بلاش تحاول تقابلنى
- بكره فرح مريم نحضر الفرح وبعدها هرجع القاهرة ومش هتشوفنى ولا هنتكلم مؤقتا لحد مااعرف الدنيا هترسى بيناعلى
فين
لو الولد ده ابنك يبقى تتطلقنى يا جاسم واتجوز الست دى
وربى ابنك بينكم وأنا اعتبرنى مرحلة في حياتك كان لازم
نتقابل ........ كان لازم أحبك واتعلق بيك ....... وصدقنى
أناعمرى لا حبيت ولا هحب راجل غيرك ولو أنا مش ليك مش
هبقى لغيرك
ولو مش ابنك أنت عارف بيتى كويس
أنهت كلمتها وهمت لتغادر وجدته يدفع بكرسيه للخلف بقوة
حتى أنه لفت أنظار المتواجدين بالمطعم اتجه نحوها
بغضب يرمى أوراق مالية على المنضدة ويمسك بيدها متجهين للخارج
وهى مفزوعة من وجهه الغاضب ودون كلمة خرجا من
المطعم
اتجه نحو السيارة لتنزع ذراعها : في إيه أنت بتشد إيدى
كده ليه
ترك ذراعها وهو يلتف إليها صارخا: بقى أنتى عاوزانا نسيب بعض ...... بعد كل ده وعاوزانى أسيبك ........ ده على
جثتى
يا همس
ولا أنتى عاوزة الأستاذ حسام يرجع يلف على حضرتك
من تانى
ولا تكونى عاوزة ترجعى لعدى ......... ردى عليا عاوزة إيه بالظبط؟
اتسعت عيناها ذهولا من اتهاماته المتتالية
أنا يا جاسم ....... أنا عاوزة أسيبك عشان حسام بعد كل ده وتقولى أنى عاوزة راجل غيرك
صرخت أكثر ولم تعد تتحمل الصمت : وعدى اللى
فاكرنى هرجعله ......... عدى هو اللى عمل فيا كده كل اللى حصلى بسببه........ عدى هو اللى حاول يعتدى عليا
هو اللى ضربنى وكان عاوز يقتلنى
لسه شايف أنى عاوزة عدى يا جاسم
وذهوله تعدى حدود العقل ....... تعدى كل تفكيره
عدى هو من فعل بها هذا........هو من ألقى بها على قارعة الطريق دون أن يغمض له جفن
ولكن تفكيره توقف وهى تجرى مبتعدة عنه لتوقف
إحدى سيارات الأجرة
حاول اللحاق بها لكنها سبقته وركبت السيارة
عاد لسيارته بسرعة ليلحق بها
...........