الفصل الثلاثين

سديم هو الاخر تحدث بصدمة: من فين كل الطاقة والقوة دي؟!
تسيطري على قوة أجاويد حتى لو لسه مش اكتملت، فقاعة هواء في مكان مش فيه أي هواء ، دلوقت سيطرتي على وحش كاسر زي ده؟؟
إزاي كل الحاجات دي إزاي ؟!

لم تجب أصالة على أي سؤال مما طُرح عليها لتكمل ما تفعل .
صمت سيطر على المكان لوقت ليس بالكبير حتى بدأت تتحدث ولكن هذه المرة إلى ذاك الذي تحت يديها قائلة:
أنت قادر تتفادى كل إللي بيحصل ، فوق يا أبان أنت اتغدر بيك، أنت جان طيب وأصيل وشجاع لكن إللي حوليك هما إللي عملوا فيك كدة، ده مش مكانك.
خرج صوت ضعيف من أبان قائلًا: لكن هما قتلوا أولادي ومراتي قدام عيني، أنا مكنش ليا دعوة بالحروب والقتل هما إللي قتلوا روحي وقلبي وسابوا جسد بلا أي روح.
أصالة: غلطان يا أبان غلطان ، جنود الماء مش هما إللي قتلوا ولادك ومراتك، دواني إللي عمل كدة زي ما غدر بيك دلوقت وسحب كل جنود النار من السرداب وسابك أنت للموت، سحب الكل عشان على يقين بعودة أجاويد اليوم .

تحدث أبان بصوته الضعيف نافيًا هذا الحديث: أكيد لا ، الملك دواني ملك عظيم وعمره ما يعمل كدة ، الملك دواني هو إللي ضمني لجيشه بعد موت أولادي هو إللي احتواني لحد ما بقيت بالقوة دي ، الملك دواني سحب الجنود وكان هيسحبني كمان لكن مش اليوم وكمان هيعيني قائد مساعد للجيش .
جندي مائي هو إللي قتلهم بقولك أنا شوفتهم بعيني.

ابتسمت أصالة ثم تحدثت: غلطان يا أبان غلطان ، الملك دواني عمره ما حبك ولا خاف عليك ، كان عارف إنك عندك قوة كبيرة، فحاول يضمك لجيشه بأي شكل حتى أو اضطر أنه يقتل أولادك باسم جنود الماء ، حتى لو أوهمك فعلًا أن جند الماء إللي عملوا كدة.
أنت ناسي أن الملك الملعون ده هو الوحيد في عالم أرنغل إللي عنده قدرة التحول والتخفي ؟!
اتحول وسحر عينك أنه جندي مائي وقتل أولادك قدام عينك ومراتك كمان .
أنت إللي مش وقفت للحظة تفكر وهو مش عطاك الفرصة دي .
إزاي جندي مائي هيدخل لقلب قلعة النار وسط الجيش الرهيب ده ؟؟
إزاي جندي مائي هيسيب مملكته محاصرة وييجي ليك مخصوص ؟!
أنت موقفتش للحظة تفكر يا أبان .
دواني مش ناسي ليك هروب أميرة الجن الهوائي وده السبب الأكبر في أنه يغدر بيك ويتخلص منك .
فوق يا أبان مش إحنا العدو الرئيسي ليك ، عدوك الأكبر هو دواني .

أبان بحالة من الصدمة: وإيه الدليل على إللي بتقوليه ؟!
إنتِ جبتي الكلام والحاجات دي من فين ؟!

أصالة : ولو وريتك الدليل على كل شيء بقوله هتنضم لينا في مواجهة دواني ؟!

أبان: لو كلامك حقيقي ؟!
أنا كفيل أن أقتل دواني بنفسي.

كل هذا الحديث يدور أمام أعين متجمدة لا تستوعب ما يحدث سواء أكان يوسف بهيئة أجاويد أو سديم وآسر ، يتمنوا من القلب في أن يكون لديها دليل بالفعل على كل ما تقوله لأن ضم أبان إلى صفوفهم ستكون إضافة لا توصف وقوة إضافية لا شك في ذلك .

ابتسمت أصالة ابتسامة ثقة لتبتعد قليلًا عن أبان ومن ثم تعود وتجلس أرضًا على حالتها السابقة بعينيها المغلقتين كأنها تحاول استجماع كل تركيزها بالفعل استطاعت عمل ذلك .
حتى أنها بدأت تسيطر على عقول الأربعة المتواجدين كأنها فقدتهم الوعي والشعور بما حولهم ، فقط كل ما أصبح يدور في عقول الأربعة شريط كأنه فيلم قديم لبطولة الملك دواني بصحبة أبلج يضعان الخطط في القضاء على العالم ، حتى وصلوا إلى الجزء الذي يتعلق بأبان وقوته الخارقة وكيفية ضمه إلى جيش النار بخطة لا يجب أن تفشل، مهارة وكيفية تحول دواني إلى أي شكل جندي من جنود الماء، بالفعل للحظات تحول وبدأ في مهاجمة بيت أبان وقتل من كان به إلا أبان لم يقتله .
بعد ذلك عرض اتفاقه مع أبلج مجددًا على سحب القوات من أرض السرداب وبقاء أبان فقط
كـ كبش فداء لخطتهم حتى إن عاد أجاويد لا يشعر بشيء مختلف .
كل تلك الأشياء تُعرض في عقول الأربعة أشخاص وخاصة أبان .
فور أن انتهت مما تفعل نهضت من موضعها مبتسمة ليستعيد الجميع وعيه لكن بصداع بسيط في الرأس أثر ما حدث استغرق منه بعض الوقت ليعودوا بكامل تركيزهم إلا أبان الذي ما زال في حالته لا يعلم أهو واقع بالفعل قد حدث أم أن جُل ما رآه مجرد أوهام فقط ولا صحة لها ؟؟
أما عن أجاويد والبقية لا زالوا لم يستوعبوا ما شاهدوه والأكبر من ذلك هو كيف لأصالة بفعل كل تلك الأشياء كيف ؟!
تحدث أجاويد : هو أنتم شوفتوا إللي أنا شوفته ؟!
سديم : دواني هو إللي عمل كل ده !!

أجاويد : يبقى مش أنا لوحدي إللي شوفت، بس إزاي ؟!
هو إللي إحنا شوفناه ده حقيقي يا أصالة ؟!

للحظة أفاقت من حالتها ثم تحدثت :مش عارفة ، مش عارفة حاجة ولا عارفة إيه إللي بيحصل ليا .
كأن في حد متحكم فيا وفي كل حاجة بعملها أنا مش قادرة أفهم حاجة ولا عارفة إللي بعمله ده بعمله إزاي !!

سديم : إنتِ قادرة تسيطري على العقول ، بتروضي الجان وبتتحكمي في عقولهم بشكل غريب ، إزاي القوة دي إزاي؟!

أصالة باكية: والله ما أعرف ، أنا بدأت أخاف.

اقترب منها يوسف سريعًا محاولًا طمئنتها فتحدث: اهدي ، اهدي بس وبطلي عياط خير إن شاء الله خير وكل إللي بيحصل ده خير لينا، السؤال إللي مش قادر أجاوب عليه هو إزاي مش قادر أكسب أبان ؟؟

تحدث آسر بهدوء: عشان الثقة الزايدة إللي عاملت الموضوع بيها، الثقة إللي وصلت حد الغرور وده إللي كنت خايف منه زي ما قولت قبل كدة ، طاقتك لسه مش كملت إلا إنك كنت بتتعامل كأنك أقوى إنسان على الأرض بالإضافة إلى أن طاقة أبان زادت كتير أوي عن زمان.

انتبه إلى أبان فتحدث إلى أصالة قائلًا : طيب وده هنعمل فيه إيه !!
هو مات ولا حصل إيه وبهدوئه التام ده ؟؟

أصالة: لا مش مات بس هو اتخدر إلى حد ما، شوية وهيرجع يفوق ، إللي شافه نفس إللي أنتم شفتوه والموضوع مش هيكون سهل خالص عليه.

سديم بحزن: أنا كنت على يقين أن دواني ده شخص غدار، إلا أني عمري ما إتخيلت للحظة أنه يكون بالشكل ده والبشاعة دي .
حزين أوي على أبان وعلى كل إللي بيحصل ليه وأنه عاش طول الفترة دي مخدوع في دواني ، حزين جدًا هو مش يستاهل أي حاجة من إللي بتحصل دي .

أصالة: أنت أول مرة تقول إنه صديقك، ليه مش قولت لينا الكلام ده من الأول ؟!

سديم بأسف: مش جت الفرصة لكدة ولا حتى كان هيفيد الحكي ، حتى لو كنت قولت أنه صديقي كان هيتولد جواكم جزء من الرحمة أو التعاطف معاه أو الشك في أنه ممكن يكون معانا، والحقيقة كانت عكس كل ده للأسف.
أبان مات على يده كتيييييير أوي من جنود الماء كتير أوي أوي ، كان لازم أسطورة تنتهي حتى ولو كان صديقي لكن بلادي وأهلي في المقام الأول .
هو كان صديقي زمان ودلوقتي هو أكبر خطر على مملكتي.

أصالة: معتقدش أنه هيفضل بالحال إللي كان عليه قبل ما يحصل إللي حصل.

أعتقد أنه بعد ما يفوق حاجات كتير هتتغير وأولهم هيتولد جواه رغبه الانتقام من دواني وإن حاول يعمل كدة هيموت في القصر .

آسر: طب وإيه الحل ؟!
هنتعامل معاه إزاي ؟!

أصالة: الحل في يد سديم مش معايا أنا ، أنا اه قدرت أسيطر عليه وأقرأ كل إللي بيدور جواه ، ومش عارفة إزاي إلا إني وصلت لحيط سد ومش هقدر أعمل حاجة تان .
الحل هيكون مع سديم لأنه هو إللي ولد جواه الذكريات إللي قالها من شوية .
بالتالي لازم يحاول يقنعه أنه مش يتهور ويكون في صفنا عشان نكون قوى أكبر من قوى دواني ، وفي الوقت ده يقدر ياخد حقه على كل إللي حصل .

سديم بحزن: حاضر هحاول .

أجاويد: طيب وأنا قوتي هتكتمل إزاي؟! وهنطلع من هنا على فين ؟!

سديم : مع الوقت ومع التدريب المستمر وشعاع الخير إللي جواك هتقدر تستعيد القوة الكاملة للملك أجاويد .
أما هنخرج من هنا على فين ، هنروح لمملكة الماء.

صمت للحظة ناظرًا إلى أصالة ثم أعاد حديثه : بس هو فعلًا جنود النار إللي كانوا بره انسحبوا ولا لسه في حد ؟!

أصالة : مفيش حد بره ، المكان فاضي تمامًا .

سديم : كويس ، دلوقت هنخرج لعالم أرنغل ، تحديدًا ممالك الماء لكن برده في مشكلة .

أجاويد : مشكلة إيه ؟!

سديم : لما هنخرج من هنا الوضع هيختلف ، الأجساد البشرية إللي معاها الأرواح هتتضخم بشكل كبير أوي عشان تكون زي البشريين الموجودين في العالم ده ، بس أصالة مش معاها روح ، فـ إزاي جسمها هيزيد وهيتحول ؟!

أجاويد بعدم فهم : إزاي طيب وإيه الحل ؟!

سديم : مش عارف ، مش لاقي أي حل .

أجاويد: أنا ممكن أشيلها في ايدي عادي وأحافظ عليها كويس .

تحدث آسر هذه المرة : فكرة كويسة فعلًا .

بالفعل اتفق الجميع على أن يحمل أجاويد أصالة بين كفيه بحرص حتى لا تصاب بمكروه ويخرج بها إلى عالم أرنغل ، العالم الذي ظل يحلم بأن يراه ويعلم ما به كثيرًا .
لكن الأمر لم يكن كما خُطِط له ، فور أن اتفقا على حمل أصالة تجمدوا موضعهم بعيون متحجرة مما يروه ، رعب لأول مره يتسرب بداخلهم بسبب ذاك الذي يحدث أمام أعينهم بشيء من الجنون والخيال .


بالفعل اتفق الجميع على أن يحمل أجاويد أصالة بين كفيه بحرص حتى لا تصاب بمكروه ويخرج بها إلى عالم أرنغل، العالم الذي ظل يحلم بأن يراه ويعلم ما به كثيرًا.
لكن الأمر لم يكن كما خُطِط له، فور أن اتفقا على حمل أصالة تجمَّدوا موضعهم بعيون متحجرة مما يروه، رعب لأول مرة يتسرب بداخلهم بسبب ذاك الذي يحدث أمام أعينهم بشيء من الجنون والخيال.
فور أن اقترب يوسف من أصالة لحملها على كفيه والخروج بها من هنا كما تم التخطيط إلا أنه توقف مكانه هو الآخر متحجرًا من هول ما يرى.
جسد أصالة يتمدد بشكل غير طبيعي، تحول وكأنه أشد من تحوُّل يوسف إلى أجاويد.
لكن في تحول يوسف كان يعاني من اضطرابات كانت الوحيدة القادرة على السيطرة عليه هي أصالة، أما الآن فهي في كامل قواها العقلية، إلا أن جسدها مستمر في التمدد مرتفع قليلًا على الأرض وكأنها متعلقة في الهواء دون أن تُربَط بحبل أو تقف على شيء تحت قدميها، فقط جسدها سابح في الهواء، ممددة ذراعيها إلى جانبيها، حتى أن لون جسمها هو الآخر بدأ يتغير، الجسد بالكامل بدأ يُطلَى باللون الأبيض الناصع
كـ لون الحليب تمامًا، بعينين زرقاوين كـ لون البحر وما أجمل لونهما، حتى أن شعرها هو الآخر لم ينجُ من التمدد حتى صار طول شعرها واصلًا إلى الأرض متحولًا لونه إلى الأحمر، كـ لون الشمس تمامًا، بتاج من ذهب وُضِع أعلى جبتها، لا تعلم ولا يعلم أحد من أين أتى وكأنه صُنِع لها خصيصًا.
أخيرًا وفور أن اكتمل تحولها وأصبحت بقوتها الكاملة ابتسمت إلى أجاويد ثم تحدثت:  بص يا أجاويد أنا بقيت عاملة إزاي؟!

أجاويد ما زال في صدمته لا يصدق أو لا يفهم ما يحدث أجاب: إنتِ اتحولتي يا أصالة، إنتِ معاكي روح جني إنتِ كمان؟!

تحدث سديم هذه المرة، هكذا اتضحت الأمور أمام عينيه، هكذا علم كل ما حدث أو ما يحدث، قدرتها على السيطرة على العقول، كل الأمور أصبحت واضحة الآن: هو إزاي مفكرتش في كدة؟!
إزاي من أول السيطرة على يوسف في البيت والفقاعة الهوائية والسيطرة على أبان مفكرتش في ده؟!

نظرت له أصالة بابتسامة دون حديث، حتى أن السؤال أتى إليه من أجاويد قائلًا: مش فكرت في إيه يا سديم؟!
هو إنتوا فاهمين إللي بيحصل وأنا إللي مش فاهم ولا فيه إيه؟! حد يفهمني حاجة!؟

سديم: آخر السلالة الملكية للجن الهوائي،  الأميرة ليليان!!

ابتسمت أصالة ثم إن صوتها بدأ يتغير هو الآخر متحدثة: صح أنا الأميرة ليليان، أنا أميرة الجن الهوائي، أنا آخر السلالة الملكية.

زادت الدهشة والصدمة على وجه أجاويد 
فـ تحدث بتوتر: أنا مش فاهم حاجة!!
الأميرة ليليان في جسد أصالة؟!
من إمتى وإزاي وليه؟!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي