الفصل الثامن وعشرون

دلف فهد الى منزل والديه ، ، حيث تجتمع العائلة تنتظر فى قلق و خوف مكالمة من الخاطف لطلب فدية ، ، فى مقابل رجوع حور إليهم و قد و قفت فتحيه في تلك اللحظه عندما رأت فهد ثم تحدثت قائلة فى انهيار: بنتى فين يا فهد انت و ديت بنتى فين ؟ و الله لو جرالها حاجة ما ها قدر اسامحك يا فهد ، ، انت فاهم مش هسامحك أبدا .
نكس فهد رأسه فى حزن فى حين ربت محمد الشاذلي على كتفها قائلا: اهدى بس يا فتحيه يا حبيبتي ، ، فهد ملوش ذنب فى اللى حصل ، ، و حور ها ترجع حتى لو هدفع ثروتى كلها علشان ترجع .
التفتت اليه فتحيه ثم تحدثت قائلة بلوعة: و ترجع فين يا محمد يا اخويا ، ، بنتى راحت خلاص دا محدش اتصل بينا لحد دلوقتي يا محمد ، ، يبقى بنتى ضاعت يا اخويا ضاعت يا محمد ، ، و انتوا يعنى بنتى ها تهمكم فى ايه ؟ ها هاتهمكو افى ايه قولو ليا دلوقتي ؟
ثم نظرت فتحيه بحقد الى كل من سهيله و تغريد الواقفتين بصمت ، ، يرمقون ما يحدث بأعين حزينة لما حدث لتلك الحور الهادئه الترجع بعينيها الى محمد قائلة: ولادك و اختاروا خلاص ، ، و ما بقاش بنتى ليها و جود فى حياتكم ، ، بنتي ما عدتش تهم اي حد فيكو صح و لا انا غلطانة ؟
قال فهد بمرارة: بلاش الكلام ده يا عمتي هو انتى مش عارفة غلاوه حور عندنا و لا عارفة انتى بتقولى ايه ؟
التفتت اليه فتحيه لتوكزه فى صدره ثم تحدثت قائلة: انت بالذات متتكلمش معايا ، ، يا ما جرحتها كتير ، ، و عذبتها و هى يا حبه عينى كانت بتستحمل و تكتم جواها ، ، لغاية ما خلاص بنتى ضاعت منى خالص ضاعت منى .
و انهارت بالبكاء لتنهض الست مريم تلك السيده الحنونه ذات القلب الطيب والتي لا تتردد في مساعده احد اي كان ، ، و تأخذ فتحيه الحربوقه فى أحضانها لتتركها تبكى حتى هدأت قليلا ، ، و تتابعها الأعين بشفقة و حزن اقترب محمد الشاذلي في تلك اللحظه من فهد ابنه و الذى كان يبدوا حزينا ، ، بل مكسورا و ضعيفا ليتحدث محمد الشاذلي قائلا فى حزن: ها مفيش أخبار جديدة يا فهد ؟
هز فهد رأسه نفيا و هو يتحدث قائلا بحزن:
هو ما فيش أى جديد يا بابا ، ، و لما مشيت ورا العربية الي خطفوها فيها هربت منى ، ، و لما احنا كشفنا على أرقام العربية ، ، طلعت مزيفة و ما فيش و لا مكالمة من اللى خطفوها و ده عندى ملوش غير معنى واحد بس .
نظر الجميع الي فهد بترقب ليقول محمد الشاذلي بقلق: دا معناه ايه يا ابني ؟
قال فهد فى انكسار و لوعة: لو اللى فى بالى صح دي تبقى مصيبة يا بابا و مصيبه كبيره كمان .
قال محمد الشاذلي فى قلق: انت يا ابني ما تتكلم بقا على طول و كفاية ألغاز بقا ؟
قال فهد و هو ينظر الى والده بمرارة قائلا: معناه ان اللى خطفها مش عاوز فلوس يا بابا و يكون عاوزها هى بس مش اي حاجه تاني .
علا نحيب فتحيه في تلك اللحظه و تعالت الشهقات ليقول محمد الشاذلي بفزع: هو ايه اللى خلاك تفكر بالشكل ده يا ابني ؟
قال فهد فى مرارة: ايهاب يا بابا هو شاف حور واقفة مع واحد مرتاحلوش نهائى ، ، و كان بيبصلها بطريقة معجبتوش و هى كانت متعصبة على الآخر ، ، و خايفة لدرجة انها طلبت من ايهاب يوصلها ، ، و دى مش طبيعة حور ابدا ، ، حور قوية و مش سهل أبدا يا بابا حاجة تخوفها ، ، انا شاكك ان يكون الراجل ده فعلا ورا حكاية خطفها .
قال فارس في عصبية: طيب يا فهد و هو ما يعرفش الراجل ده ؟
قال فهد و هو يهز رأسه نفيا: لأ أول مرة يشوفه و كل اللى فاكره عن شكله ، ، انه راجل كبير فى السن و ان خنصر ايده الشمال مقطوع كدا .
شهقت فتحيه بصدمة في تلك اللحظه ليقول ريان فى حيرة: دا مش معقول اطلاقا ؟
نقل الجميع نظراتهم بين فتحيه شاحبة الوجه بشدة و بين ريان الذى استكمل حديثه قائلا بحيرة: دا عامل البوفيه اللى اعطي المخدر لتغريد ، ، هو قالى ان دى نفس مواصفات الراجل اللى خلاه يعمل كدة ، ، معقول يكونوا الاتنين نفس الراجل ؟
نظروا اليه بحيرة لتقول الست مريم : و عامل بوفيه مين يا ريان ، ، و مخدر ايه اللى اداه لتغريد و ازاى احنا ما نعرفش اي حاجة عن الموضوع ده يا ريان ؟
ألقى ريان نظرة خاطفة لتغريد التى شحب وجهها لتذكرها تلك الحادثة ليعود بنظره الى والدته وهو يقول بضيق: دى حكاية طويلة هحكيهالكم بعدين..المهم ان الراجل ده شكله قاصدنا و بيضرنا واحد ورا التانى .
قال فهد بقلق: معرفتش عنه حاجة تانية يا ريان ؟
قال ريان بهدوء : ما فيش غير اسمه و اللى ندهلوا بيه واحد من رجالته ، ، دا كان اسمه تقريبا صديق ، ، بس صديق ايه معرفش.
نظر كل من محمد الشاذلي و فهد فى نفس اللحظة الى فتحيه ، ، ليدركوا سر شحوبها و يعلموا انها ميزت ذلك الرجل ، ، بل و تعرفت عليه ليقترب فهد من عمته قائلا فى عصبية وسط دهشة الجميع: مش صديق ده هو الراجل اللى شفته انا و حور معاكى يا عمتي ؟
قالت فتحيه بارتباك: لأ أه أصل .
ليقاطعها محمد الشاذلي في تلك اللحظه في حده و تحدث قائلا بغضب: هو انتى لسة بتشوفى صديق يا فتحيه و بعد العمر ده كله ؟
تبادل الجميع النظرات الدهشة بينما قالت فتحيه بخوف: لأ يا أخويا ده يومها بس قابلته بالصدفة .
قال فارس بحيرة: و هو انت تعرف الراجل ده يا بابا ؟
قال محمد الشاذلي بغضب: دا الباشا كان متقدم لعمتك الحلوه دي زمان ، ، بس انا رفضته لما عرفت انه نصاب و بتاع ستات و كان طمعان فى فلوسها كمان .
قالت فتحيه بغضب: مش تقول عليه كدا يا محمد ، ، انت عارف ان صديق بيحبنى و كان .
قاطعها محمد الشاذلي قائلا فى حدة: و هو انتى لسة بتدافعى عنه بعد العمر ده ، ، انتي لسة مشفتيش حقيقته يا فتحيه ؟ مسمعتيش ابنى بيقولك ايه و لا ؟ صديق كان بيبص لبنتك ازاى يا هانم فتحيه ؟ دا حتى راحلها الشركة كمان عارفة ده كله معناه ايه ؟
هزت فتحيه رأسها نفيا و قد تجمعت الدموع بعينيها قائلة: مش عاوزه أعرف مش عاوزه أعرف اي حاجه ، ، و مش ممكن صديق يعمل كدة أنا متأكدة من دا مستحيل يحصل.
هز محمد الشاذلي رأسه يأسا و تحدث بغضب قائلا : انتي ما فيش فايدة فيكى يا فتحيه انتي ها تفضلي طول عمرك ، ، و انتي مغمضة عنيكى عن حاجات واضحة زى الشمس انتي الي غبيه.
نزلت دموع فتحيه فى صمت بينما قال فهد فى عصبية: و تفتكر الراجل ده بيعمل معانا كدة ليه يا بابا ؟
قال محمد الشاذلي بحزن: أكيد بينتقم منى فيكم و مش بعيد كان هو مدبر مصيبة لتغريد ، ، أو يكون هو ورا الرصاصة اللى كانت تقصد فارس و جت فى رعد.
نظرت سهيله بسرعة الى فارس الذى أغمض عينيه الما و هو يتذكر مقتل جواده ، ، لتمسك سهيله يد فارس بحنان ليفتح عينيه و هو ينظر الى أيديهم المتشابكة ، ، ثم يرفع عينيه اليها لتومئ له بعينيها أنها بجانبه ، ، ليبادلها ايمائتها و هو يخبرها بعينيه الحانيتين أن رسالتها ، ، قد وصلته و أنه يحمد الله على و جودها بحياته ، ، لينتبه الى فهد مجددا عندما سمعه يقول فى قلق: دا مش بعيد يكون هو كمان ورا الرسالة اللى وصلتنى ، ، بس اللى انا خايف منه ، ، انه هو يكون خاطف حور مش علشان ينتقم لأ علشانها حليت فى عينيه.
قال محمد الشاذلي فى ألم: مع الراجل ده مستبعدش أى حاجة .
قالت فتحيه بعصبية و غضب : ما قولت مستحيل ، ، انتوا ايه مبتفهموش خليكوا قاعدين تظلموا فى صديق ، ، و سايبين البنت المخطوفة دى ، ، أنا ها قوم أمشى و سايباهالكوا خالص .
نظر اليها محمد الشاذلي و هى تغادر غاضبة ليقول بسرعة و هو يخشى ان تكون توقعاته صحيحة: فهد و فارس و ريان ورا عمتكم بس متخلوهاش تحس بيكم خالص ، ، علشان لو اللى فى بالى صح ، ، يبقى هى اللى هتوصلكم لصديق ، ، و ساعتها محدش يتصرف بدماغه كلموا البوليس و ابقوا عرفونى كل حاجه مفهوم ؟
أومأوا برؤسهم و هم يتجهون للخارج تتبعهم العيون بقلق و تبتهل القلوب لرجوعهم سالمين الي منزلهم .
-  -
و على الجانب الاخر عند سوسن و معاذ.
تحدث معاذ قائلا بحدة : مش معقول يا سوسن ، ، كل اما اقولك حدديلى ميعاد مع أهلك ، ، تماطلى بالشكل ده يا سوسن ، ، انا كدة ها حس انك رافضانى و مش عاوزه ترتبطى بية خالص .
نظرت اليه سوسن بعتاب قائلة: يوم ارتباطنا يا معاذ أنا عايشة بحلم بيه ، ، من يوم ما عرفتك و مش ها حسبك على كلامك ده لأنى متأكدة انه من ورا قلبك ، ، و انك عارف قد ايه انا بحبك و نفسى أرتبط بيك .
تنهد معاذ قائلا: طيب و انتي بتأجلى ليه يا سوسن مقابلتى لأهلك ؟
قالت سوسن بصبر: انت عارف ان ابن عمى كان متقدملى يا معاذ ، ، و بابا كان موافق بس انا رفضت و دى حاجة عندنا فى الصعيد مش سهلة ، ، بس بابا قدر يتفهم انى مبحبوش و اتقبل ده ، ، مش ها ينفع تيجى دلوقتى و تتقدملى ، ، بابا ممكن عشان لسة رافض ابن اخوه و علشان ميزعلش عمى يرفضك انت كمان .
قال معاذ بغيرة: وهو باباكى هيفضل يرفض فى العرسان عشان خاطر أخوه ميزعلش .
قالت سوسن :اهدى بس و افهمنى احنا بس محتاجين شوية و قت لحد ما ابن عمى يخطب.
نظر اليها معاذ باستنكار قائلا: نعم يا اختي انتى عاوزاني أستنى لما ايه ؟ افرضى ابن عمك مرضاش يخطب أتسوح أنا ؟
ابتسمت سوسن و هى تربت على يده قائلة:
اطمن انا مش هتستنى كتير ، ، ماما قالتلى امبارح ان عمى كلم عمتى على بنتها ، ، يعنى كل الموضوع ان عمى عاوز يخطب لابنه من العيلة ، ، و بنت عمتى بتحب ابن عمى يعنى الموافقة مضمونة و الموضوع مش هياخد وقت ، ، ثم تعالى هنا انت مش كنت دايما تقولى هستناكى العمر كله جاى دلوقتى و بترجع فى كلامك .
نظر معاذ الى عينيها بحب قائلا: انا مرجعتش فى كلامى يا سوسن ، ، أنا مستعد استناكى عمرى كله ، ، بس ابقى متأكد انك لية مش خايف تضيعى منى و ترتبطى بغيرى .
قالت سوسن بحنان: متخافش يا معاذ ، ، أنا ليك و مستحيل أكون لغيرك انت ، ، كل اللى بطلبه منك شوية و قت و انا بنفسى اللى همهد الموضوع لبابا ها يا معاذ هتستنانى ؟
ابتسم معاذ قائلا بعشق: ها ستناكي يا عمري كله ها ستناكي .
-  -
و على الجانب الاخر عند سهيله و التؤامين في حديقه المنزل .
كانت سهيله تقف فى الحديقة تتابع الأطفال فى شرود ، ، وهي تفكر فى فارس و ماذا يفعل الآن مع إخوته تخشى عليه ، ، فلو أصابه مكروه لتنفض أفكارها فى عنف ترفض و بكل شدة أن تفكر فى هذا الاحتمال ، ، فارس سيكون بخير يجب أن يكون بخير أفاقت على صوت فادي يقول فى قلق: هو انتى كويسة يا ماما ؟
ابتسمت سهيله و هى تربت على شعره قائلة فى حنان: آه يا حبيبي كويسة .
نظر اليها فادي قائلا فى تردد:هو أنا ممكن أطلب منك طلب ؟
ابتسمت قائلة: انت تؤمر يا حبيبي انت .
نظر فادي اليها قائلا : هو ممكن يعنى متجيبيش أطفال ؟ احنا مش عاوزين اخوات يا ماما .
أصابت سهيله الصدمة من كلمات الصغير خاصة ، ، و هى ترى الرجاء فى عينه و عين فريده التى تتابع ما يحدث فى صمت لا تدرى بما تجيبه لتقول بعد لحظة: طب ممكن أعرف ليه يا فادي ؟
ترقرقت الدموع فى عين فادي و هو يقول: علشان متروحيش لربنا و تسيبينا زى ماما لما راحت لربنا بعد ما ولدتنا .
نظرت سهيله اليهما و قد تحطم قلبها من الحزن عليهما ، ، ما زال يؤثر فيهما موت أمهما و مازالا يخشيان الفراق لتقول سهيله بحنان: متقلقوش يا حبايب قلبي انا لا يمكن أسيبكم و أمشى ، ، حتى لو جبت نونو صغير انا ها فضل معاكم و أخدكم فى حضنى كلكم زى ما عاوزه دلوقتى حالا ، ، آخد حضن كبير من ولادى حبايب قلب ماما .
لتفتح سهيله ذراعيها مستكمله حديثها قائله :
طيب تعالوا فى حضنى بسرعة يلا .
ليندفعوا في تلك اللحظه كلا من فادي و فريده الى حضنها ، ، و هما يبحثون عن الحنان و الأمان لتمنحهم إياه بسخاء بلا مقابل ، ، فهى تعلم جيدا كيف هو شعور من فقد حنان الأم و تدرك جيدا كم يؤلم هذا الشعور .
-  -
و على الجانب الاخر عند فتحيه الشاذلي والده حور .
دخلت فتحيه الى كل غرف المنزل الخاص بصديق ، ، و هي تبحث عنه بجنون و لكنها لم تجده اطلاقا ، ، أعادت الاتصال به لتستمع الى رسالة المجيب الآلى يخبرها أن الرقم مغلق أو خارج التغطية ، ، لتزفر فتحيه بغضب و هي تتساءل أين هو الآن ترى هل هو حقا و راء اختطاف ابنتها حور ، ، ام مجرد التفكير بذلك الاحتمال يصيبها بالجنون و لكن لا مستحيل ، ، يجب أن لا تستسلم لذلك الشيطان الذى يخبرها بأنه خائن جبان صديق حبيبها و لا يمكن أن يفعل ذلك بها ، ، و لكن اذا كان فعلا برئ من اتهاماتهم تلك لماذا هو ذهب الى حور فى عملها ، ، و لماذا خافت حور منه ؟ أيكون قد أدرك أنه لا بالطبع لا يمكن بل هل يمكن ؟
أمسكت فتحيه بحقيبتها و أسرعت بالنزول من الشقة و هى تمسك بهاتفها و تتصل بعزيز و هو الساعد الأيمن لصديق و الذى رد على هاتفه قائلا: يا أهلا بست الكل خير يا هانم .
قالت فتحيه دون مقدمات : انت فين ؟
قال عزيز: تحت أمرك يا هانم أؤمرينى .
قالت فتحيه بحزم: انا عاوزه أقابلك حالا.
قال عزيز: ما ينفعش بالليل يا هانم أصلى فى مشوار كدة .
قالت فتحيه بتصميم: لأ حالا يا عزيز انا قلتلك عندى مصلحة ليك ، ، و انا هديك اللى انت عاوزه .
قال عزيز بابتسامة جشعة ظهرت بصوته: طيب أوامرك يا هانم تحبى نتقابل فين ؟
قالت فتحيه و عينيها تلمع بالدموع: انا ها قول ليك يا عزيز .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي