الفصل التاسع وعشرون

و عند فتحيه الشاذلي و الدراع اليمين لصديق.
و عندما تحدث عزيز قائلا : أؤمرينى يا ست الكل .
قالت فتحيه : صديق فين يا عزيز ؟
قال عزيز بتوتر لاحظته فتحيه على الفور: انا معرفش يا هانم .
قالت فتحيه بحزم و هى تقترب منه بوجهها تضيق عينيها و هى تقول: بلاش تكدب عليه يا عزيز ده انا اكتر واحدة عارفة ان صديق مبيتحركش حركة واحدة ، ، من غير ما تكون عارفها انت مش اى راجل يا عزيز و لا ايه ؟
ابتسم عزيز و انتفخت أوداجه و هو يقول:
دى ثقة كبيرة فية يا ست الكل .
رجعت فتحيه الى الوراء تستند بظهرها على مقعدها و هى تقول: بص يا عزيز من غير لف دوران ، ، هتقولى على مكان صديق هتكسب حلو اوى مش هتقولى هدور على حد غيرك قلت ايه ؟
قالت جملتها و هى تخرج مبلغ كبير من المال من حقيبتها و تضعه على الطاولة أمامه بهدوء التمعت عينا عزيز بجشع ، ، و لكن بدا على وجهه التردد و هو يقول: أيوة بس.
حملت فتحيه المال بيدها و هى تقاطعه قائلة:
من غير بس براحتك يا عزيزانا كان همى مصلحتكة و صديق هوصله ، ، انا هوصله و انت الخسران و على فكرة ، ، انت عارف ان كل اللى فيه صديق ده من خيرى و لو انا منعت الفلوس ، ، مش هتلاقى حتى مرتبك اللى بتاخده منه .
صمت عزيز و ظهر عليه التفكير لتطرق علية الحديد وهو ساخن و هى تقرب حقيبتها لتضع المال فيها و هى تقول: ها هتبقى ناصح و تقولى على مكانه و لا اخد الفلوس و اقوم امشى ؟
اخذ عزيز المال منها قبل ان تضعه بالحقيبة و هو ينظر اليه بجشع ثم نظر اليها قائلا: انا ها قولك يا ست فتحيه ، ، دا الباشا مع حتة مزة جديدة فى مكانه السرى .
ظهر الفزع على وجه فتحيه و صوتها و هى تقول: و مكانه السرى دا فين ؟
قال عزيز بتوتر: انا ها قولك بس .
قاطعته فتحيه قائلة بسرعة: مش ها قوله عرفت مكانه منين ، ، انطق بقى و قولى مكانه فين و اسمها ايه البنت دى ؟
قال عزيز: بت كدة مجنناه و مطلعة عينه اسمها حور يا هانم .
شعرت فتحيه بالروح تسحب منها ببطئ لتقول بألم: دا العنوان بسرعة يا عزيز بسرعة عاوزاه.
أخبرها عزيز في تلك اللحظه بالعنوان ، ، لتسرع بركوب سيارتها تتبعها سيارة تحمل الاخوة الثلاث ، ، و أحدهم يدق قلبه برعب و هو يرى شحوب وجه فتحيه .
-  -
و على الجانب الاخر عند صديق و حور.
قال صديق بهدوء يخالف ذلك الغضب الكامن فى صدره بعد أن بصقت عليه حور : طيب تعرفى ، ، أنا مش همد ايدى عليكى خالص لأنى واحد بيعشق الستات و الضرب مش و سيلة أبدا لعقابهم يا قطه .
ثم في تلك اللحظه اقترب من وجهها يتلمسه بيده قائلا فى رغبة: دا أنا عندى وسايل أحلى بكتير من الضرب أقدر أعاقبك بيها يا حلوه.
ابتعدت حور بوجهها فى اشمئزاز من لمساته لينظر صديق ، ، الى يديها و هى تحاول الفكاك من قيودها لتؤذيه بهما ليبتسم قائلا برغبة أشد: و عارفه انا بحب خربشة القطط كمان جدا .
قالت حور باحتقار: و انا من اول لحظة شفتك فيها ، ، و انا متأكدة انك مريض نفسى و كمان محتاج علاج ، ، تيجى ماما تشوف الأشكال اللى بتعرفها الزباله دي .
ابتسم صديق ببرود قائلا: متحاوليش تستفزينى يا حور لإنك مش ها تقدري ، ، أنا عموما مش مستعجل خالص ، ، و شوية انتي ها تتعودي علية و ها تحبيني كمان جربى كدا يا حور يمكن أعجبك ، ، ده أنا حتى أستاذ فى السرير يا قطه .
نظرت حور اليه قائلة بغضب شديد: دا انت سافل و حقير .
اطلق صديق ضحكة ساخرة و هو يقول:
عارف يا حور مش جديد يعني الكلام دا .
ثم اقترب صديق من وجهها و هو يقول برغبة التمعت فى عينيه: طيب يا حور تعرفى انا عاجبنى شراستك دي ، ، و قوتك اللى باينة فى ملامحك الجميله دي ، ، و كويس انك مش طالعة لمامتك خالص غبية جدا و مش بس كدا دي مملة و باردة ، ، لأ و خاينه كمان كدة اللعب ها يحلو جدا .
صرخت حور قائلة: ما تجبش سيرة ماما على لسانك الوسخ دا ماما أشرف منك .
أطلق صديق ضحكة ساخرة و هو يقول:
أشرف منى ازاي و بأمارة ايه ؟ دي يا حلوه خانت أبوكى معايا من أول سنة جواز ، ، و يوم ما مات كانت معايا ، ، و لغاية إمبارح كانت فى غرفه نومى فى سريرى تحبى اقولك ايه كمان ؟
أحست حور في تلك اللحظه بالدوار و هي تقول بضعف: اخرس انا مش عاوزه أسمع أي حاجة مش عاوزه أسمع .
قال صديق بقسوة : لأ انتي ها تسمعي يا قطه أمك دى هى اللى خلتنى أفرق بين ريان و البنت تغريد بتاعته ، ، و خلتني كنت ها موت فارس بس هو نفد منها ابن المحظوظه و مش بعيد كمان كانت تخلص على أخوها شقيقها يا حور ، ، عارفه يا حور أمك دى حية ملهاش أمان و حلال فيها الموت و عارفه حربايه بتعرف تتلون كمان .
لم تتحمل حور أفعال أمها التى يخبرها بها ذلك القذر صديق ، ، و في تلك اللحظه لتسقط فاقدة للوعى يلفها السواد ، ، نظر صديق الى ملامحها البريئة الرقيقة فى رغبة ملكت جوارحه ، ، ليقترب بيده من وجهها و لكنه ما لبث أن جمدت يداه تماما و هو يستمع الى صوت فتحيه و هى تصرخ بمرارة قائلة: ابعد ايدك عنها يا حيوان يا كلب .
التفت اليها صديق قائلا بدهشة: فتحيه !
تمالك صديق نفسه بسرعة و هو يقول بسخرية: تعالى يا فتحيه قربى و اسمعى بودانك الكلام اللى ها قولو ليكي دلوقتى ، ، بنتك دي و ها تبقي ليا بالذوق أو بالعافية هي خلاص دخلت دماغى ، ، و عششت فى قلبى و انا مستحيل ها سيبها انتى بقى شوفيلك طريق تانية لأنى زهقت منك بصراحه ، ، و لو كان علي الفلوس اللى كنت انا باخدها منك فانا خلاص ما بقتش محتاجلها خالص ، ، انا معايا دلوقتى اللى يكفينى و زيادة و يخلينى أستغنى عن خدماتك كلها يا توحه .
اقتربت منه فتحيه و هى تقول بمرارة: دا أنا فعلا غبية عشان مسمعتش كلام اخويا ، ، و مشيت ورا قلبى اللى ضيعنى يا صديق ، ، انا أستاهل كل اللى يجرالى علشان خنت جوزى معاك ، ، و كنت هدمر أخويا و أولاده بس تعرف أنا شمتانة فيك متستغربش من كلامى حقيقى شمتانة فيك ، ، لأنى لأول مرة ها قولها ليك البنت اللى خطفتها و كنت عاوز تلمسها غصب عنها دي ، ، مش بنتى لوحدى لأ يا صديق دى بنتك انت كمان يا وسخ يا حقير بنتك .
نظر صديق اليها بصدمة ثم نظر الى حور بعيون ذائغة ، ، بينما تبادل الأخوة الثلاث النظرات الدهشة من ذلك المكان الذى يختبأون فيه ، ، و هما يتابعون حديث عمتهم مع صديق ليسمعون صديق يقول بانهيار: انتى كدابة انا مستحيل أصدق .
نظرت فتحيه اليه بسخرية مريرة قائلة: انت قبل كدة سألتنى بنتى شبه مين و انا قولت ليك شبه أبوها ، ، و دا مش ده لون شعرك الاسود اللى شبه لون الغراب ، ، انت مخدتش بالك من لون عنيها الاسود بردو و اللى زى لون عنيك انت ناسى ان ابوها كان شكله ايه ؟
ثم اشارت فتحيه الى ابنتها الفاقدة للوعى بانهيار قائلة: و بذمتك فيها شبه منه ؟
نزلت دموعها فى مرارة و هى تستكمل حديثها قائلة: عارف يا صديق ربنا عماك و مشفتش قد ايه حور بتشبهك ، ، يمكن علشان تبان على حقيقتك دلوقتي .
ألقى صديق نظرة مريرة على حور و هو يقول بألم: طب ليه ما قلتليش يا فتحيه ؟
قالت فتحيه بمراره: انا كتمت السر جوايا و خفت لو حد عرفه غيرى ، ، الكلام يوصل لاعمامها و ثروة أبوها تروح منى ، ، مكنتش متخيلة انك فى يوم من الأيام تطلع بالحقارة دى و تخوني كمان يا صديق .
ثم أخرجت مسدسا من حقيبتها و هى تقول : انت خاين و عارف عقاب الخيانة الموت يا صديق .
و في تلك اللحظه اندفع الاخوة الى الداخل ليتحدث فارس قائلا برجاء: أرجوكي سيبى المسدس من ايدك يا عمتي .
نظرت فتحيه الى ثلاثتهم بندم عما كانت تفعله بهم تقول: خلاص مبقاش ينفع يا فارس ، ، الحكاية و صلت لنهايتها يا أولاد أخويا سامحوني و خلوا محمد اخويا يسامحنى .
ثم ثبتت نظرها على فهد قائلة: خد بالك من حور يا فهد حطها في عيونك و حافظ عليها .
لتلتفت فتحيه بسرعة و تطلق رصاصتها باتجاه صديق لتستقر فى قلبه ، ، و يسقط جثة هامدة ، ، ثم ترفعه مره اخري الى رأسها و تطلق رصاصة أخرى ، ، و تسقط بدورها و قد وافتها المنية ، ، و قف الاخوة ينظرون بصدمة الى بشاعة المنظر أمامهم ، ، ليكون فهد اول من يفيق من صدمته ، ، و هو يتجه الى حور لكي يتفحصها بلهفة و قلق ، ، ثم يفك قيودها و يحملها الى صدره قائلا لأخويه فى صرامة: الكلام اللى انتو سمعتوه هنا مش ها يخرج برة الغرفه دى ، ، و لا حتى لبابا و ماما فاهمين ؟
أومأوا برؤسهم فى تفهم ليستكمل فهد كلامه قائلا: انا ها خدها بيتى ، ، انا مش عاوزها تفوق و تشوف المنظر ده خالص ، ، و انتوا استنوا بابا و البوليس و خلصوا كل حاجة و روحوا على البيت ، ، و انا اول ما تفوق و تهدى هجيبها و اجيلكم هناك علي طول .
أومأوا برؤسهم مجددا ليتحدث ريان قائلا فى قلق: طيب خلي بالك منها يا فهد ، ، و حاول توصلها الخبر بالراحة و ابقى طمنا عليكم .
أومأ فهد برأسه ، ، وه و ينطلق بها الى بيته الى حيث يستطيع أن ينقل لها خبر وفاة والدتها بهدوء ، ، و هو يخشى عليها من الصدمة و لكنه سيكون الى جوارها ، ، و يخفف عنها ألمها و يمسح بيده دموعها سا يكون سندها في تلك الحياه و يعوضها عن كل لحظه حزن او دموع و عن فراق والدتها.
-  -
و على الجانب الاخر ، ، و بعد مرور بعض الوقت في منزل فهد محمد الشاذلي .
استيقظت حور على لمسة حانية لوجهها لتفتح عينيها ببطئ و تواجهها عينا فهد الحبيبتين لتبتسم فى حب له ، ، و يبادلها ابتسامتها فى حنان أغمضت عينيها فى سعادة و هى تتخيله أحد أحلامها ، ، لتسمعه يردد اسمها فى حنان فتحت عينيها على اتساعهما و هى تراه أمامها تأملت محيطها بسرعة و هى تعتدل لتقول بدهشة: أنا فين يا فهد ؟
قال فهد بحنان: انتى فى بيتى يا حبيبتي .
عقدت حور حاجبيها قائلة: و ايه اللى جابنى هنا ؟
اندفعت الأحداث مرة واحدة الى رأسها لتشهق قائلة: انا كنت مخطوفة و انت أنقذتنى صح ؟
قال فهد بتردد: مش بالظبط مامتك اللى أنقذتك و.
ليصمت فهد و هو حقا لا يدرى ما يقول لها لتقول هى فى قلق: و إيه يا فهد ؟
أخفض فهد نظراته قائلا: و قتلت صديق يا حور .
اتسعت عينا حور فى صدمة قائلة: ماما قتلته طب هى راحت فين ، ، البوليس قبض عليها صح ؟
صمت فهد و هو يرفع عينيه اليها يتأمل ملامحها و قد ظهر الحزن فى عينيه ، ، ليغمر القلق قلب حور و هى تقول بتوسل: قولي ماما راحت فين يا فهد ؟ علشان خاطرى متخبيش علية يا فهد .
ابتلع فهد ريقه قائلا: انت واحدة مؤمنة بربنا و عارفة ان الموت علينا حق .
و ضعت يدها على فمه قائلة بلوعة: متقولهاش أبوس ايدك متقولهاش يا فهد .
قبل فهد يدها و هو يمسكها قائلا فى حزن عليها: مش هقولها يا حبيبتي مش هقولها .
صرخت حور بحزن مزق قلبه و هى تقول:
اه يا ماما خلاص سيبتينى لوحدى ، ، مبقاليش حد من بعدك يحبنى و يخاف علية ، ، سامحينى لو فى يوم زعلتك سامحينى يا أمي.
أخذها بسرعة الى صدره و هو يضمها بحنان يربت على ظهرها و هو يقول بحزن: اهدى يا حور اهدى عشان خاطرى ، ، و اطلبيلها الرحمة يا حبيبتي ، ، مامتك صحيح ماتت و ما بقتش موجودة فى الدنيا ، ، بس انا موجود جمبك و مستحيل أسيبك و لا اتخلى عنك .
خرجت حور من حضنه و هى تمسح دموعها قائلة: من فضلك يا فهد انا عاوزه امشي حالا .
نظر اليها فهد و هو يدرك تهربها منه ليقول بألم: أنا عارف ان مش وقته خالص ، ، و انك حزينة على مامتك و مجروحة منى جدا ، ، بس علشان خاطر أغلى حاجة عندك متحرمنيش أبقى جمبك فى الوقت ده ، ، و سامحينى و ارجعيلى و انا اوعدك انى أنسيكى كل وجع اتسببتلك فيه يا حوري .
قالت حور فى مرارة : انت مش فاهم حاجة يا فهد الموضوع بقى أكبر من جرح انت جرحتهولى ، ، انت متعرفش ماما عملت ايه متعرفش هى.
قاطعها فهد قائلا فى تصميم: عارف يا حبيبتي كل حاجه .
نظرت حور اليه فى صدمة ليمسك يدها قائلا: انا سمعت كل حاجة يا حوري ، ، و مش هاممنى و لا فارق معايا انا المهم عندى انتى و بس يا حوريتي .
كادت حور أن تتحدث فوضع يده على فمها قائلا: أبوس ايدك مترفضيش ، ، أنا مش ها قدر أعيش من غيرك يا حور ، ، علشان خاطرى ادى لحبنا فرصة واحده ، ، لو لسة فيه ذرة حب فى قلبك لية مترفضيش احنا الاتنين بنحب بعض ، ، و محتاجين بعض خلينى جمبك علشان خاطرى متبعدنيش .
نظرت الى عينيه المتوسلة لها بالقبول لتنهى ذلك الصراع الدائم بين قلبها و عقلها ، ، و هى تهز رأسها بالموافقة ليرفع يده عن فمها و يضمها الى صدره بلهفة ، ، لتبكى مجددا فى حضنه و هى تفرغ انفعالها بين ضلوعه تشعر بأنها ، ، و أخيرا قد و جدت ملجأها أخيرا ستشعر بالأمان و أخيرا انتصر العشق الملعون .
# يتبع
فاطمه محمد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي