الفصل الثالث والثلاثون
أنهى جملته تلك وتحرك مغادرًا المكان ، لتنفيذ ما أُوكل له من أوامر ، تاركًا خلفه هذا الذي يستشيط غصب مما حدث .
حرق شخص بقوة ابان هو استهانة كبيرة بكل جنود النار ، حتى وإن كان يكرهه أو يود ولو أنه هو من قتله بنفسه ، إلا أن حرق قائد بقوة إبان بتلك الطريقة المهينه ، هو شم عار على وجوه سكان النار اجمعهم في وجه الملك خصيصًا .
لا يشغل تفكيره اجاويد أو اسطورته التي خُلدت في العقول لآلاف السنين بمقدار تفكيره وقلقه من تلك الأميرة الهاربة .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فور أن ظهر القائد سديم ومن معه تحت أعين حراس الأسوار ناد قائدهم قائلًا : اقف مكانك ، انت مين ؟؟
أبتسم سديم ثم أجاب : أنا سديم يا قائد يامٍن .
حاول القائد يامٍن أن يستعب ما سمع للتو ، يتأكد بعينيه من ذاك الذي يقف تحت الأسوار ، بالفعل هو ، هو القائد سديم ، هي نبرة صوته ، ملامحه الا ان الزمن غير منهم القليل ، تحدث بلهفه : صديقي العزيز ؟!
القائد سديم .
ثم ناد بعلو صوته ، افتحوا الابواب ، افتحوا الأبواب قد عاد القائد سديم .
فور أن أنهى جملته هبط سريعًا من موضعه ، مهرولًا إلى سديم ليصطدما بعضهما في بعض كـ قطارين معاكسين إتخذا نفس المسار.
سديم بفرحة : ازيك يا يامٍن ، وحشني اوي.
القائد يامٍن : سيبك مني أنا ، المهم انت عامل ايه وازاي رجعت ، آلاف السنين في غيابك يا صديقي ، نورت بلادك مرة تانيه ، نورت ارضك .
اسديم : الموضوع كبير اوي ، هحكيلك على كل حاجه ، بس الاول تعال عايزين نروح قصر الأميرة وهناك هتعرف كل حاجه .
القائد يامٍن : حاضر ، ثم نظر إلى أسر وتحدث معتذرا : ازيك يا أسر ، مرحبًا بعودتك مرة تانية ، اعذرني مخدتش بالي .
اسر بإبتسامه ، يعلم حب يامٍن الشديد لسديم فتحدث منحنى تحية لقائده : عذرك معك سيادة القائد .
عاد يامٍن بناظريه إلى البقية ثم تحدث إلى سديم قائلًا : مين دول يا سديم ؟!
ومين الشخص ده ؟!
حاسس انه شبيه لينا إلا أنه جسده واخد شكل وقوة الأسد بشكل أكبر واضخم ؟!
سديم بإبتسامة : قولت هنحكي كل شئ عند الأميرة عشان يبقى مرة واحده ، هتسبنا واقفين كده ولا اي ؟!
يامٍن : لا أكيد ، يلا بينا على القصر الملكي .
سديم : يلا .
بالفعل بدؤا جميعًا في التحرك بإتجاه القصر الملكي بعد أن أمر القائد يامٍن الجنود بإزاعة خبر عودة القائد سديم إلى أراضي الماء مرة أخرى بعد آلاف السنين ، ولا يزالوا جاهلين لملكهم الأعظم دون أن يعرفوه أو يعرفوا عن أمر عودته شئ .
فقط الأقوال والأحاديث التي بدأت تنتشر بين سكان المملكة كيف عاد القائد سديم من السرداب في وجود وحش كـ ابان وكتائب من جند النار خارج الباب مسيطرة على أرض السرداب .
الا انهم لم يتناسوا أمر فرحتهم بعودة قائد محنك قوي لا يشق له غبار كـ القائد سديم .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هي حرب إشتعلت نارها منذ لحظات ، منذ تلك اللحظة التي وضعت قدم اجاويد على هذه الأرض، حرب دُقت طبولها بشكل طال انتظاره لسنوات وسنوات.
لكن كل الاستعدادات كانت من جهه واحده فقط ، جنود النار يستعدون وبقوة لا مثيل لها ، أما عن جنود الماء فـ هم مكتفون بالتجمع خلف اسوارهم يحاولون الدفاع عن أرضهم والبقاء اكبر وقت ممكن من التماسك ، بعضهم من ينتظر ويأمل وصول اسطورتهم التي سوف تنقذهم من هذا الموقف الذي طال وقته دون أن ينتهى .
ينتظر قدوم الملك الذي سميت الأرض لأسهم ، ذاك الذي بمقدرته توحيد اراضي الماء وجودها .
ومنهم من فقد الامل تمامًا في عوده الملك اجاويد من الأساس ، طال انتظارهم لعودته كثيرًا دون أي فائده.
فقط الاستعداد للحرب في هذا التوقيت من الجانب الناري الذي علم بعودته ذاك المنتظر اجاويد ، حالة الطوارئ اُعلنت في الجيش .
ابلج يتفقد الجنود واستعدادهم بشكل مُركز ، هو وقت لا يمكن التغافل فيه أو التراخي ، فقط التركيز الشديد لحرب قُرعت طبولها ، حرب ستبدأ ما بين اللحظه والأخرى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
القصر الملكي لمملكة الماء، قصر الحكم الذي تتواجد به الأميرة ليا، مقصد كلًا من سديم أو ليليان أو أي من البقية القادمين معهم.
منذ اللحظة الأولى التي تطئ فيها قدم أجاويد إلى هذا المكان، إلا أن نظرات الدهشة والإعجاب لم تفارق عينيه.
قصر صُنع من البلور اللامع وكأنه قطعة من الجنة، تصميم معماري لا يضاهيه جمال أي كان.
يتقدم في الممر المؤدي إلى قاعة المؤتمرات حيث تتواجد الأميرة ليا كما أخبرهم الحرس، يتقدم بعينين غير مستقرتين، تنظر يُمنى تارة ويُسرى تارة أخرى، جمال المكان وعظمته خطف قلبه بل وعقله أيضًا.
تحدث إلى الأميرة ليليان في همس قائلًا: ليه حق دواني يفكر يسيطر على مملكة الماء لو فيها حاجات بالجمال ده.
الأميرة ليليان بابتسامة: مملكة الماء هي أجمل مكان موجود في العالم ده في الوقت الحالي، ويعتبر القصر من أجمل الأماكن، تم تصميمه من البلور المُضِيء بشيء من السحر والجمال.
أخيرًا أنهوا حديثهم ومن ثم دلفوا إلى قاعة المؤتمرات المتواجدة بالقصر، تلك القاعة التي لامثيل لضخامتها، تتسم ببهو مدخلها الواسع، تتخذ شكل حدوة الحصان من داخلها، أسقفها عالية جدًا بشكل مقعر، أما بالنسبة للجدران ذات اللون الأبيض الناصع فهي مستقيمة مكسوة بمواد مشتتة للصوت وبها ألواح مُعلَّقة، يغطي جدرانها اللؤلؤ والألماس المُرصَّع باللون الأزرق السماوي ليعطيها مظهر رائع فوق روعتها أشبه بالنجوم اللامعة تمامًا في عتمة الظلام.
الأميرة ليا مجتمعة في القاعة ببعض قواد الجيش يناقشون أمور المملكة في هذه الفترة الحرجة، كيف يصمدون أمام ظلم هذا الطاغية الذي لا يهاب أحدًا، ليأتي الحاجب منحنيًا لسمو الأميرة، ثم تحدث: القائد يامِن يود رؤية سيادتكِ سمو الأميرة.
بدأت علامات الاستفهام تظهر على وجه الأميرة، فـ ما هذا السبب الذي جعل القائد يامِن يترك أسوار المملكة ويأتي إلى هنا، تحدثت: ما الذي أتى به إلى هنا ؟؟
ألم يخبرك ماذا يريد؟؟
الحاجب: لا سمو الأميرة، فقط يقول أنه أمر هام، ومعة ضيوف.
أشارت له الأميرة ليا أن يأذن لهم بالدلوف، بالفعل لم يتوانى لحظات حتى وصل إليهم الحاجب.
بدأ أجاويد ينظر للبقية بدهشة وكأن روعة المكان أصابته بانبهار تام، فهو الوحيد الذي لايعلم أي شيء عن هذا المكان بأكمله، لايستطيع التفوه بأي شيء، فلا يوجد أي حديث يُقال ليعطي تلك الروعة حقها الكافي من الوصف، كأنه لا يستوعب شيء مما يحدث حوله، أهذا خيال أم حلم؟!
فجأة يقطع الحاجب شروده ذاك ودهشته، ليتحدث منحنيًا احترامًا لقائدهم: أهلًا بك قائد يامِن، تفضل بالدلوف.
ابتسم يامِن ناظرًا إلى سديم، نظرة معبرة عمَّا فعلة الحاجب، يبدو أنه لا يعلم أيًا من الموجودين، لا القائد سديم ولا آسر.
هذا الأمر الذي سيجعلها مفاجئة رائعة للأميرة ليليان، تحركوا بخطوات متزنة إلى قاعة المؤتمرات،
دلف يامٍن أولًا، انحنى تحيةً للأميرة، متحدثًا بابتسامة: مرحبًا سمو الأميرة ليا، معايا ليكي مفاجئة عظيمة.
ليا بدهشة: أهلًا بقدومك قائد يامِن، أمر قدومك وحده هو مفاجئة، بالتأكيد الأمر إللي جابك للقصر لازم يكون مهم جدًا، ها أخبرني المفاجئة إللي بجعبتك!
ابتسم يامِن متحدثًا: لا هو مش للدرجة أمر رجوعي للقصر مقلق؟
لكن مفيش قلق، الأمر مفرح بشكل لا يوصف، فور أن أنهى حديثه،
التفت يامِن جهة باب القاعة، ليشير إلى سديم بالدلوف إلى الداخل.
دلف سديم وبصحبته البقية أجاويد وآسر والأميرة ليليان إلى القاعة، في وسط ذهول وفرحة صاخبة من الأميرة ليا وجميع الجنود، كيف بعد طوال تلك السنوات أن يأملوا برجوع سديم مرة أخرى؟!
هل هذا حقًا واقع وكل هذا الرعب والخوف من جنود النار سينتهي قريبًا؟!
زاد الصخب داخل القاعة بأصواتٍ تعلو بالفرح لعودة سديم مجددًا.
صوت الأمراء والقواد يهنئون سديم بعودته مرة أخرى إلى بلاده وأرضه.
لكن يستمر الأمر طويلًا حتى عاد الصمت ليعم أرجاء المكان، الجميع في هدوء تام لينحني سديم احترامًا وتقديرًا، قائلًا: ها أنا عُدت بعد كل تلك السنوات من الغياب، أهلًا بكِ سمو الأميرة، كل الاحترام والتعظيم لكِ.
قلبي لا يمكن وصف الفرحة التي تسكنه الآن بعد رؤيتك مجددًا سمو الأميرة.
دُهشت الأميرة ليا فصحت عمَّا في داخلها جليًا، لتتحدث بابتسامة زيَّنت ثغرها: يااااه يا سديم، حمدلله على سلامتك، مين يتخيل الرجوع بعد الغياب ده كله!
بجد رجعتك لينا فرحتنا تان، بعد ما خلاص كنَّا فقدنا الأمل إنك ترجع، مملكة الماء كلها نورت بعودتك من جديد.
لم يختلف حالها كثيرًا عن حال باقي الجنود من الفرح والذهول، لينحني الجميع احترامًا لسديم بعودته
بادلها سديم ذات الابتسامة، قائلًا: أنا فرحتي إللي مش ليها وصف، لسه بحاول أستوعب لحد دلوقت إني قدرت أرجع أرضي، أرض مملكة الماء بعد تعب وإهانة سنين طويلة.
وسط تلك الفرحة العامرة من عودة سديم لمملكة الماء من جديد، نجد ذاك الأجاويد يقف مذهولًا، ينظر للقاعة وجُل ما فيها، فيتحدث بداخله: إيه العظمة دي؟! قاعة بمنتهي الجمال والروعة، كأني في فيلم كرتوني من أفلام الديزني، قاعة ضخمة مرصوصة البنيان باحترافية متناهية، حاسس إني في خيال.
حتى جاءت عينه على كرسي العرش للأميرة ليا، ياإلهي هل يوجد جمال بمثل جمالك أيتها الأميرة؟! عيناها الزرقاوين كلون البحر وقت الغروب، شعرها المنساب كالحرير ليصل طوله إلى قدميها، ووجهها الأبيض كبياض الحليب، يزيدها جمالًا بعض النقط البنية كنمش على خديها، حتى جسدها بهيئته الضخمة يزيدها هيبة ومقامًا، ذات ابتسامة تزين وجهها، وكأن وجهها خُلق ليبتسم.
أما عن الأميرة ليا، اتجهت بناظريها جهة الأميرة ليليان، قائلة بابتسامة: الأميرة ليليان!؟ أهلًا برجوعك مملكة الماء، اشتقت ليكي جدًا، وفرحت أكتر لما شوفتك تان بعد السنين دي كلها.
ابتسمت ليليان ثم انحنت لتُحيي سمو الأميرة، متحدثة: مرحبًا سموكِ، فعلًا أنا إللي اشتقت ليكي أكتر، بعد غياب طال لسنوات رجعت تان واتقابلنا، صدق إللي قال العالم قصير أوي مهما تلف، هتقدر ترجع لوطنك وتشوف أحبابك من تان، اعذريني لو قولت أن أرض الماء وطني لأني فعلًا بشوفها بلادي بعد ممالك الهواء إللي اتدمرت بفعل دواني.
الأميرة ليا: هنا أهلك وهنا بلادك، هنا كل شيء ليكي أميرة ليليان.
مفيش فرق بينا خالص، وقريب بلاد الهواء ترجع أفضل بكتير من الأول.
الأميرة ليليان: بتمنى سمو الأميرة.
لكن وسط هذه الفرحة بدأ يشوب الجو حالة من الدهشة، لتنظر الأميرة ليا جهة أجاويد متسائلة: لكن مين ده؟! أنا حاسة شكله مألوف!!
من هنا بدأ سديم بالتحدث، فأجاب: ده الملك أجاويد، الملك المُنتَظَر، الأسطورة إللي كنَّا بننتظر رجوعها، بالفعل ها هو الملك أجاويد، رجع من تان ليحرر مملكة الماء من أسر جنود النار، عشان الرعب والخوف إللي هيبتدي لجن النار ميكونش له نهاية، بالعكس دي بدايته كمان، تعبنا لحد ما قدرنا نوصل لهنا، تعبنا لحد ما قدرنا نحرر الملك أجاويد من جزيرة النار، حصل حاجات كتييير أوي لحد ما فعلًا قدرنا نرجع من تان و معانا الملك العظيم أجاويد.
بالفعل بدأ سديم يقص عليهم جميعًا ما حدث من لحظة بدءهم في البحث عن يوسف، مرورًا بجُل الأحداث التي تعرض لها يوسف على يد جنود النار، ومقتل زين رفيق عمره، من ثم ترتيبهم وتخطيطهم لمحاولة إقناع يوسف بمساعدتهم لتحرير الملك أجاويد، خاصة أن لديه طاقة مهولة وقدرة على التحمل، كما أنهم اكتشوا بعد ذلك بوجود روح الأميرة ليليان تحمي أصالة، التي هي على هيئتها حاليًا، مرورًا بالأحداث من لحظة دخولهم السرداب وتهدئة أصالة لأجاويد، ظهور الظلمات الثلاث، حتى الفقاعة الهوائية التي أنقذت أصالة من الموت، كل هذا إلى أن قابلوا أبان قائد جنود النار على باب السرداب، ومقاتلة أجاويد له التي باءت بالفشل، ثم تهدئة الأميرة ليليان له، لكن في النهاية قُتل على يدها، إلى أن وصل للخبر الذى فرح الجميع بسببه وهو موت أبان وحرق جثته المتواجدة بالخارج.
بالفعل كان الجميع في فرحة لا وصف لها، حتى أن الجميع انحنى تقديرًا واحترامًا للملك أجاويد، الملك المنتظر، الذي سيُنهي كل هذه الحروب، ويحرر مملكة الماء ليُبيد الملك دواني نهائيًا ويُخَلِّصهم من غدره وأنانيته وكبريائه الذي لا حدود له.
هدأ الوضع إلى حدٍ ما، ثم بدأ سديم ويامِن ينظرا للجميع، ويتسائلا: ماذا بعد؟! ما الذي سوف يفعلوه بعد ذلك؟! ومن أين يبدأوا؟!
حرق شخص بقوة ابان هو استهانة كبيرة بكل جنود النار ، حتى وإن كان يكرهه أو يود ولو أنه هو من قتله بنفسه ، إلا أن حرق قائد بقوة إبان بتلك الطريقة المهينه ، هو شم عار على وجوه سكان النار اجمعهم في وجه الملك خصيصًا .
لا يشغل تفكيره اجاويد أو اسطورته التي خُلدت في العقول لآلاف السنين بمقدار تفكيره وقلقه من تلك الأميرة الهاربة .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فور أن ظهر القائد سديم ومن معه تحت أعين حراس الأسوار ناد قائدهم قائلًا : اقف مكانك ، انت مين ؟؟
أبتسم سديم ثم أجاب : أنا سديم يا قائد يامٍن .
حاول القائد يامٍن أن يستعب ما سمع للتو ، يتأكد بعينيه من ذاك الذي يقف تحت الأسوار ، بالفعل هو ، هو القائد سديم ، هي نبرة صوته ، ملامحه الا ان الزمن غير منهم القليل ، تحدث بلهفه : صديقي العزيز ؟!
القائد سديم .
ثم ناد بعلو صوته ، افتحوا الابواب ، افتحوا الأبواب قد عاد القائد سديم .
فور أن أنهى جملته هبط سريعًا من موضعه ، مهرولًا إلى سديم ليصطدما بعضهما في بعض كـ قطارين معاكسين إتخذا نفس المسار.
سديم بفرحة : ازيك يا يامٍن ، وحشني اوي.
القائد يامٍن : سيبك مني أنا ، المهم انت عامل ايه وازاي رجعت ، آلاف السنين في غيابك يا صديقي ، نورت بلادك مرة تانيه ، نورت ارضك .
اسديم : الموضوع كبير اوي ، هحكيلك على كل حاجه ، بس الاول تعال عايزين نروح قصر الأميرة وهناك هتعرف كل حاجه .
القائد يامٍن : حاضر ، ثم نظر إلى أسر وتحدث معتذرا : ازيك يا أسر ، مرحبًا بعودتك مرة تانية ، اعذرني مخدتش بالي .
اسر بإبتسامه ، يعلم حب يامٍن الشديد لسديم فتحدث منحنى تحية لقائده : عذرك معك سيادة القائد .
عاد يامٍن بناظريه إلى البقية ثم تحدث إلى سديم قائلًا : مين دول يا سديم ؟!
ومين الشخص ده ؟!
حاسس انه شبيه لينا إلا أنه جسده واخد شكل وقوة الأسد بشكل أكبر واضخم ؟!
سديم بإبتسامة : قولت هنحكي كل شئ عند الأميرة عشان يبقى مرة واحده ، هتسبنا واقفين كده ولا اي ؟!
يامٍن : لا أكيد ، يلا بينا على القصر الملكي .
سديم : يلا .
بالفعل بدؤا جميعًا في التحرك بإتجاه القصر الملكي بعد أن أمر القائد يامٍن الجنود بإزاعة خبر عودة القائد سديم إلى أراضي الماء مرة أخرى بعد آلاف السنين ، ولا يزالوا جاهلين لملكهم الأعظم دون أن يعرفوه أو يعرفوا عن أمر عودته شئ .
فقط الأقوال والأحاديث التي بدأت تنتشر بين سكان المملكة كيف عاد القائد سديم من السرداب في وجود وحش كـ ابان وكتائب من جند النار خارج الباب مسيطرة على أرض السرداب .
الا انهم لم يتناسوا أمر فرحتهم بعودة قائد محنك قوي لا يشق له غبار كـ القائد سديم .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هي حرب إشتعلت نارها منذ لحظات ، منذ تلك اللحظة التي وضعت قدم اجاويد على هذه الأرض، حرب دُقت طبولها بشكل طال انتظاره لسنوات وسنوات.
لكن كل الاستعدادات كانت من جهه واحده فقط ، جنود النار يستعدون وبقوة لا مثيل لها ، أما عن جنود الماء فـ هم مكتفون بالتجمع خلف اسوارهم يحاولون الدفاع عن أرضهم والبقاء اكبر وقت ممكن من التماسك ، بعضهم من ينتظر ويأمل وصول اسطورتهم التي سوف تنقذهم من هذا الموقف الذي طال وقته دون أن ينتهى .
ينتظر قدوم الملك الذي سميت الأرض لأسهم ، ذاك الذي بمقدرته توحيد اراضي الماء وجودها .
ومنهم من فقد الامل تمامًا في عوده الملك اجاويد من الأساس ، طال انتظارهم لعودته كثيرًا دون أي فائده.
فقط الاستعداد للحرب في هذا التوقيت من الجانب الناري الذي علم بعودته ذاك المنتظر اجاويد ، حالة الطوارئ اُعلنت في الجيش .
ابلج يتفقد الجنود واستعدادهم بشكل مُركز ، هو وقت لا يمكن التغافل فيه أو التراخي ، فقط التركيز الشديد لحرب قُرعت طبولها ، حرب ستبدأ ما بين اللحظه والأخرى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
القصر الملكي لمملكة الماء، قصر الحكم الذي تتواجد به الأميرة ليا، مقصد كلًا من سديم أو ليليان أو أي من البقية القادمين معهم.
منذ اللحظة الأولى التي تطئ فيها قدم أجاويد إلى هذا المكان، إلا أن نظرات الدهشة والإعجاب لم تفارق عينيه.
قصر صُنع من البلور اللامع وكأنه قطعة من الجنة، تصميم معماري لا يضاهيه جمال أي كان.
يتقدم في الممر المؤدي إلى قاعة المؤتمرات حيث تتواجد الأميرة ليا كما أخبرهم الحرس، يتقدم بعينين غير مستقرتين، تنظر يُمنى تارة ويُسرى تارة أخرى، جمال المكان وعظمته خطف قلبه بل وعقله أيضًا.
تحدث إلى الأميرة ليليان في همس قائلًا: ليه حق دواني يفكر يسيطر على مملكة الماء لو فيها حاجات بالجمال ده.
الأميرة ليليان بابتسامة: مملكة الماء هي أجمل مكان موجود في العالم ده في الوقت الحالي، ويعتبر القصر من أجمل الأماكن، تم تصميمه من البلور المُضِيء بشيء من السحر والجمال.
أخيرًا أنهوا حديثهم ومن ثم دلفوا إلى قاعة المؤتمرات المتواجدة بالقصر، تلك القاعة التي لامثيل لضخامتها، تتسم ببهو مدخلها الواسع، تتخذ شكل حدوة الحصان من داخلها، أسقفها عالية جدًا بشكل مقعر، أما بالنسبة للجدران ذات اللون الأبيض الناصع فهي مستقيمة مكسوة بمواد مشتتة للصوت وبها ألواح مُعلَّقة، يغطي جدرانها اللؤلؤ والألماس المُرصَّع باللون الأزرق السماوي ليعطيها مظهر رائع فوق روعتها أشبه بالنجوم اللامعة تمامًا في عتمة الظلام.
الأميرة ليا مجتمعة في القاعة ببعض قواد الجيش يناقشون أمور المملكة في هذه الفترة الحرجة، كيف يصمدون أمام ظلم هذا الطاغية الذي لا يهاب أحدًا، ليأتي الحاجب منحنيًا لسمو الأميرة، ثم تحدث: القائد يامِن يود رؤية سيادتكِ سمو الأميرة.
بدأت علامات الاستفهام تظهر على وجه الأميرة، فـ ما هذا السبب الذي جعل القائد يامِن يترك أسوار المملكة ويأتي إلى هنا، تحدثت: ما الذي أتى به إلى هنا ؟؟
ألم يخبرك ماذا يريد؟؟
الحاجب: لا سمو الأميرة، فقط يقول أنه أمر هام، ومعة ضيوف.
أشارت له الأميرة ليا أن يأذن لهم بالدلوف، بالفعل لم يتوانى لحظات حتى وصل إليهم الحاجب.
بدأ أجاويد ينظر للبقية بدهشة وكأن روعة المكان أصابته بانبهار تام، فهو الوحيد الذي لايعلم أي شيء عن هذا المكان بأكمله، لايستطيع التفوه بأي شيء، فلا يوجد أي حديث يُقال ليعطي تلك الروعة حقها الكافي من الوصف، كأنه لا يستوعب شيء مما يحدث حوله، أهذا خيال أم حلم؟!
فجأة يقطع الحاجب شروده ذاك ودهشته، ليتحدث منحنيًا احترامًا لقائدهم: أهلًا بك قائد يامِن، تفضل بالدلوف.
ابتسم يامِن ناظرًا إلى سديم، نظرة معبرة عمَّا فعلة الحاجب، يبدو أنه لا يعلم أيًا من الموجودين، لا القائد سديم ولا آسر.
هذا الأمر الذي سيجعلها مفاجئة رائعة للأميرة ليليان، تحركوا بخطوات متزنة إلى قاعة المؤتمرات،
دلف يامٍن أولًا، انحنى تحيةً للأميرة، متحدثًا بابتسامة: مرحبًا سمو الأميرة ليا، معايا ليكي مفاجئة عظيمة.
ليا بدهشة: أهلًا بقدومك قائد يامِن، أمر قدومك وحده هو مفاجئة، بالتأكيد الأمر إللي جابك للقصر لازم يكون مهم جدًا، ها أخبرني المفاجئة إللي بجعبتك!
ابتسم يامِن متحدثًا: لا هو مش للدرجة أمر رجوعي للقصر مقلق؟
لكن مفيش قلق، الأمر مفرح بشكل لا يوصف، فور أن أنهى حديثه،
التفت يامِن جهة باب القاعة، ليشير إلى سديم بالدلوف إلى الداخل.
دلف سديم وبصحبته البقية أجاويد وآسر والأميرة ليليان إلى القاعة، في وسط ذهول وفرحة صاخبة من الأميرة ليا وجميع الجنود، كيف بعد طوال تلك السنوات أن يأملوا برجوع سديم مرة أخرى؟!
هل هذا حقًا واقع وكل هذا الرعب والخوف من جنود النار سينتهي قريبًا؟!
زاد الصخب داخل القاعة بأصواتٍ تعلو بالفرح لعودة سديم مجددًا.
صوت الأمراء والقواد يهنئون سديم بعودته مرة أخرى إلى بلاده وأرضه.
لكن يستمر الأمر طويلًا حتى عاد الصمت ليعم أرجاء المكان، الجميع في هدوء تام لينحني سديم احترامًا وتقديرًا، قائلًا: ها أنا عُدت بعد كل تلك السنوات من الغياب، أهلًا بكِ سمو الأميرة، كل الاحترام والتعظيم لكِ.
قلبي لا يمكن وصف الفرحة التي تسكنه الآن بعد رؤيتك مجددًا سمو الأميرة.
دُهشت الأميرة ليا فصحت عمَّا في داخلها جليًا، لتتحدث بابتسامة زيَّنت ثغرها: يااااه يا سديم، حمدلله على سلامتك، مين يتخيل الرجوع بعد الغياب ده كله!
بجد رجعتك لينا فرحتنا تان، بعد ما خلاص كنَّا فقدنا الأمل إنك ترجع، مملكة الماء كلها نورت بعودتك من جديد.
لم يختلف حالها كثيرًا عن حال باقي الجنود من الفرح والذهول، لينحني الجميع احترامًا لسديم بعودته
بادلها سديم ذات الابتسامة، قائلًا: أنا فرحتي إللي مش ليها وصف، لسه بحاول أستوعب لحد دلوقت إني قدرت أرجع أرضي، أرض مملكة الماء بعد تعب وإهانة سنين طويلة.
وسط تلك الفرحة العامرة من عودة سديم لمملكة الماء من جديد، نجد ذاك الأجاويد يقف مذهولًا، ينظر للقاعة وجُل ما فيها، فيتحدث بداخله: إيه العظمة دي؟! قاعة بمنتهي الجمال والروعة، كأني في فيلم كرتوني من أفلام الديزني، قاعة ضخمة مرصوصة البنيان باحترافية متناهية، حاسس إني في خيال.
حتى جاءت عينه على كرسي العرش للأميرة ليا، ياإلهي هل يوجد جمال بمثل جمالك أيتها الأميرة؟! عيناها الزرقاوين كلون البحر وقت الغروب، شعرها المنساب كالحرير ليصل طوله إلى قدميها، ووجهها الأبيض كبياض الحليب، يزيدها جمالًا بعض النقط البنية كنمش على خديها، حتى جسدها بهيئته الضخمة يزيدها هيبة ومقامًا، ذات ابتسامة تزين وجهها، وكأن وجهها خُلق ليبتسم.
أما عن الأميرة ليا، اتجهت بناظريها جهة الأميرة ليليان، قائلة بابتسامة: الأميرة ليليان!؟ أهلًا برجوعك مملكة الماء، اشتقت ليكي جدًا، وفرحت أكتر لما شوفتك تان بعد السنين دي كلها.
ابتسمت ليليان ثم انحنت لتُحيي سمو الأميرة، متحدثة: مرحبًا سموكِ، فعلًا أنا إللي اشتقت ليكي أكتر، بعد غياب طال لسنوات رجعت تان واتقابلنا، صدق إللي قال العالم قصير أوي مهما تلف، هتقدر ترجع لوطنك وتشوف أحبابك من تان، اعذريني لو قولت أن أرض الماء وطني لأني فعلًا بشوفها بلادي بعد ممالك الهواء إللي اتدمرت بفعل دواني.
الأميرة ليا: هنا أهلك وهنا بلادك، هنا كل شيء ليكي أميرة ليليان.
مفيش فرق بينا خالص، وقريب بلاد الهواء ترجع أفضل بكتير من الأول.
الأميرة ليليان: بتمنى سمو الأميرة.
لكن وسط هذه الفرحة بدأ يشوب الجو حالة من الدهشة، لتنظر الأميرة ليا جهة أجاويد متسائلة: لكن مين ده؟! أنا حاسة شكله مألوف!!
من هنا بدأ سديم بالتحدث، فأجاب: ده الملك أجاويد، الملك المُنتَظَر، الأسطورة إللي كنَّا بننتظر رجوعها، بالفعل ها هو الملك أجاويد، رجع من تان ليحرر مملكة الماء من أسر جنود النار، عشان الرعب والخوف إللي هيبتدي لجن النار ميكونش له نهاية، بالعكس دي بدايته كمان، تعبنا لحد ما قدرنا نوصل لهنا، تعبنا لحد ما قدرنا نحرر الملك أجاويد من جزيرة النار، حصل حاجات كتييير أوي لحد ما فعلًا قدرنا نرجع من تان و معانا الملك العظيم أجاويد.
بالفعل بدأ سديم يقص عليهم جميعًا ما حدث من لحظة بدءهم في البحث عن يوسف، مرورًا بجُل الأحداث التي تعرض لها يوسف على يد جنود النار، ومقتل زين رفيق عمره، من ثم ترتيبهم وتخطيطهم لمحاولة إقناع يوسف بمساعدتهم لتحرير الملك أجاويد، خاصة أن لديه طاقة مهولة وقدرة على التحمل، كما أنهم اكتشوا بعد ذلك بوجود روح الأميرة ليليان تحمي أصالة، التي هي على هيئتها حاليًا، مرورًا بالأحداث من لحظة دخولهم السرداب وتهدئة أصالة لأجاويد، ظهور الظلمات الثلاث، حتى الفقاعة الهوائية التي أنقذت أصالة من الموت، كل هذا إلى أن قابلوا أبان قائد جنود النار على باب السرداب، ومقاتلة أجاويد له التي باءت بالفشل، ثم تهدئة الأميرة ليليان له، لكن في النهاية قُتل على يدها، إلى أن وصل للخبر الذى فرح الجميع بسببه وهو موت أبان وحرق جثته المتواجدة بالخارج.
بالفعل كان الجميع في فرحة لا وصف لها، حتى أن الجميع انحنى تقديرًا واحترامًا للملك أجاويد، الملك المنتظر، الذي سيُنهي كل هذه الحروب، ويحرر مملكة الماء ليُبيد الملك دواني نهائيًا ويُخَلِّصهم من غدره وأنانيته وكبريائه الذي لا حدود له.
هدأ الوضع إلى حدٍ ما، ثم بدأ سديم ويامِن ينظرا للجميع، ويتسائلا: ماذا بعد؟! ما الذي سوف يفعلوه بعد ذلك؟! ومن أين يبدأوا؟!