الفصل الأول

بداية عندما نتحدث عن الحب نفكر فقط باللحظات الجميلة و اللطيفة ، العناق و القبلات ، الايادي التي تتشابك مع بعضها البعض  ، الهدايا و الكلمات الحلوة ، الخروج و النزهات ، و لكن لا نفكر بالصراعات  ، النقاشات ، الحزن ، الألم و المواقف ، المواقف هي التي تحدد و الظروف هي التي ترسم و المشاكل هي التي تخطط و الاحزان هي التي توضح جمال اللوحة و الصبر هو الذي يؤكد صدق و قوة الحب ، فالحب هو مر أكثر من حلو ، أحمر قان أكثر من لون الورود ، إذا لم تكن شجاع لا يجب أن تقع في الحب ، إذا لم تكن صبور لا يجب أن تحب ، الحب للجميع و ليس لفئات محددة ، هو قوة تمسكنا ببعضنا البعض قبل كل شئ ، لذا الجبناء يهربون من اول المواقف  ، ينسحبون منذ اول اهتزاز  ، يختفون من اول عبوس ، و يأتي هولاء الجبناء نفسهم يشتكون من قسوة الحب و أنه معاناة و ليس له اي اساس من الصحة  ، نفسهم هم الذين تخلوا منذ البداية ، كنت قد قلت الحب للشجعان و الشجعان فقط ، الذين بالرغم من كل شئ يظل تماسكهم باق ، تشتد و تقوى علاقتهم بالصراعات و لا يزيدها الزعل و الحزن إلا صلابة ..... ،  حب العائلة أولا لانه يمثل الدفء و الثقة و الأمان  ، ثم الأصدقاء لأنهم يمثلون السند و الاخوة و الحنان ، و الاجمل اذا وجدت شريك حياة تتوفر فيه كل هذه الصفات ، دفء العائلة  ، روح الصداقة و حنان القلب ، كتف تستند عليه وقت الشدة ، يمسك يدك بقوة عند نقاشاتكم  ، يحتضنك عند الغضب و يلهب قلبك ببراكين من الشغف و الغرام ، يمثل لك الحياة و ما فيها  ، انا الان في الرابعة و العشرين من عمري و لن أكذب لم اخض اي تجارب في الحب أو غيره ، لماذا ؟ لأنني ربما لم أجد الخيار الصائب  ، لم أجد من ينتزعني من نفسي بقوة ، خرجت قبل شهرين من علاقة كنت أظن فيها كالغبية أنني وجدت حب حياتي اول علاقة في حياتي ، بعدها اكتشفت أنني لم أكن سوى وقت يتسلى به أو بديلة لأخرى انفصل عنها لا أدري  ، و لكنني أعلم جيدا انني لم أكن أعني له شئ  ، لم أكن سوى محطة يعبر من خلالها و هذا كسر قلبي كثيرا ، بكيت و تألمت و تقطع قلبي إلى أجزاء كثيرة و لكن أكثر ما ألمني هو كرامتي التي شعرت أنها تم الدعس عليها بكل قسوة ، كبريائي الذي تحطم الى أشلاء ، و روحي التي ارتجفت كثيرا بعد هذه التجربة القاسية  ، كنت قد تعرفت عليه من خلال الفيسبوك ، صداقة ثم ارتياح ثم اعتراف غبي بالحب  ، عشت طوال عمري احذر الفتيات من الفتيان المخادعين على مواقع التواصل الاجتماعي  ، و لكن حدث أن وقع المعلم في الخطأ الذي حذر منه تلميذه ، هنا كانت الصدمة التي اوجعت قلبي أكثر  و هي جلد الذات و تعذيب الكبرياء لك في كل دقيقة ، هو أقسى من صدمة الخداع التي تعرضت لها ، تألمت منه كثيرا لانه جعلني أشعر بأنني قد اهون على أحدهم يوما ما و انني لست الاميرة ديانا لأكون محبوبة هكذا ، شعرت لوهلة أنني ناقصة كي يتلاعب بي و لكن النقص في تفكيره هو الذي يتلاعب بالآخرين و مشاعرهم  ، تسائلت كثيرا طالما كنت فتاة صالحة و لكن لما يحدث معي هذا ، انا لم اكسر من قبل لأحد قلبه أو اؤذي مشاعر أحد لكن لما تتأذى مشاعري ، و أيقنت أن الصدمات لتزيدنا قوة لا أكثر  ، ثم تخطيته بكل سهولة  ، أعلم أنني للان لم اتخلص من كل الموضوع و لكن أعلم أنه لم يعد يهمني بشئ  و لم أعد اكترث له و لهذا أسميته خيبتي الأولى و ليس حبي الاول لأن الحب ليس للضعفاء و الجبناء كما قلت ، و من يتلاعب بالآخرين هو اكبر جبان لذا أسميته الخيبة و ليس الحب لأن اسم الحب لا يليق بأمثاله  ......
.
.
.
  كنت وقتها كلما شعرت بالألم تحدثت إلى صديقي ساري   ، ساري أفضل صديق لي في كل حياتي ، ليس شخص سطحي مثل بقية الشباب ، لكن عميق بطريقة غريبة ، يشبهني تماما  حيث نشاهد الأنمي معا و بالأفلام لدينا نفس الذوق و بالموسيقى أيضا و كل شئ  ، نحن لا نتحدث مع بعضنا كل يوم و لا نلتقي كل اسبوع و لا نتحدث كل ثانية ، لكن إذا احتاج أحدنا للاخر لم يترك يد صديقه  ، نلتقى متى ما أتيح لنا ذلك بسبب انشغالنا و لكن وقت الشدة نبقى طول الوقت معا ، نتحدث مرة أو مرتين بالشهر و لكن عندما نلتقي كأننا لم نفترق و هذا ما اسميه علاقة مريحة ، لا يوجد فيها عتاب أو لوم ، نقدر ظروف بعضنا البعض ، نهتم بأحزان و افراح بعضنا  ، و اهم شئ الإحترام المتبادل الذي نكنه لبعضنا البعض  ، و هذا يقوي علاقتنا ، ساري علاقته بي غريبة و واضحة ثم حلوة و جميلة  ، هو الوحيد الذي يفهم تخبطاتي و يقدر لي اي كم من الحزن مهما كان قليل و يسعد بفرحي مهما كان سببه تافه ، في خلال هذين الشهرين لم يتركني أبدا و يدعمني معنويا و خصوصا في عملي الذي يرى أنه ممتاز و انني أفضل من يقوم به ، انا اعمل في الكريبتو أو العملات الإلكترونية و أيضا اصمم مواقع و اقوم ببيعها و هو من اكبر المعجبين بعملي ، و يظن أنني خارقة فيه ، كنا قد قررنا أنه سنعمل على مشروع معا قريبا و لكن لم نحدد الوقت الذي نود أن نبدأ فيه ، لأننا نريد جمع رأس مال جيد حتى نبدأ في ذلك المشروع ، هو مدير مالي جيد و يعرف كل شي عن إدارة الأعمال لانه عمل بأكثر من شركة و غير أنه تخرج منها بدرجة الشرف ، و انا لدي أفكار رائعة تحتاج تطبيق حتى لو كان ذلك رويدا رويدا ......
.
.
كنت امسك هاتفي و قد ظهر لي أن خيبتي نشط الآن و لكن لما لم أقم بحظره للان ، لا أعلم حقا و اظل بين كل فترة و أخرى ادخل على حسابه الشخصي و أرى أخباره و لكن اخرج بسرعة حتى لا أتألم  ، نحن لم نتحدث منذ شهرين لا هو قال شئ و لا انا قلت شئ  فقط كان انفصال هادئ  ، كان قد تغير كثيرا في معاملته معي و قد تناقشت معه أكثر من مرة في الموضوع و لكن يتحجج بالظروف  ، ثم أيقنت أنه لو كان يهتم فعلا لما تصرف بتلك الطريقة ، فلم اعد اسأل عنه و لم أعد ابعث له اي رسالة و هو لم يفعل و عم الصمت  ، و أثبت لي هذا انني لم أكن أعني له منذ البداية سوى مغارة جديدة أراد اكتشافها و عندما شعر بالملل و عرف ما يريد ذهب لإكتشاف مغارة أخرى ، و هذا جعلني أشعر لفترة بأنني شئ رخيص  ، خصوصا انه كان قد سرق قبلتي الأولى و التي كنت أدخرها لمن يستحقها و هذا ألمني أكثر فقد باتت الأفكار السوداء تنتشل عقلي إلى الحضيض ، فبت أشعر أنني رخيصة لأنني فرطت بشفتاي و كيف استعملها  ، ألمني كثيرا أنه أخذ شي لم يكن من حقه و لكن ما ألمني أكثر هو أنني كنت ضعيفة أمامه و انا من سمحت له بأخذ ممتلكاتي التي ليست سلعة يأخذها اي احد من دون ثمن و لكن كنت انا التاجر الغبي الذي فرط بسلعته و دفع ثمنها بنفس الوقت .....
ستقول كثيرا من الفتيات انني غبية و أنها مجرد قبلة لا أكثر و لكن هذه القبلة تمثل لبعضهم كل شئ ، تمثل شرف الحب بالنسبة لي ، كلما فكرت بالموضوع شعرت بالقرف الشديد من نفسي و بالغضب و كل شئ  لأنني كنت ساذجة و عمياء  ، أحيانا عندما افكر بما حدث ، اقول هذا بسبب الجفاف العاطفي الذي كنت فيه و اول جرعة من العطف قدمت لي ركضت نحوها كأنني كلب مسعور لم يأكل منذ أيام ، كلماتي هذه نابعة من جلد الذات و الضمير  ، فكرامتي هي التي جعلتني أنسحب و هي نفسها التي تعذب فيني الآن  ....     
.
.
.
  جلست اعمل و أراقب تقدم العملات و اشتري هذه و اخزن تلك حتى اقوم ببيعها عندما يزداد سعرها ، فإتصلت بي صديقة ، كانت فقط تتحدث و تتحدث و لم أعلم متى ستنتهي لأنني لم أكن أطيق أن أسمع ثرثرة من أحدهم بخصوص شخص آخر ، تقول ان الفتاة التي تثرثر بشأنها تغار منها و لا تحب لها الخير و لكن يبدو لي العكس و أنها هي من تشعر بالغيرة ، لا أعلم لما تغار الفتيات من بعضهن فهذا شئ تافه ، فالغيرة الشديدة ليست سوى نقص و مرض و يوجد فرق بين اغار عليك و اغار منك ، هذا شئ سخيف ، تحدثت لوقت طويل لم أتحدث فيه سوى بضع كلمات ما بين التمتة و الهمهمة ، لم اصدق عندما اغلقت ، شعرت أن طبلتي اذني سوف تثقب  ، لا أحب الحديث عن الآخرين حقا ، فهو ليس عيب فقط و لكن نقص و غباء ، أفضل أن استثمر وقتي في نفسي و تطويرها و الانشغال بها أفضل من أن انشغل بأحوال الناس فهذا لا يقدم ولا يؤخر  بل يضيع لي وقت فقط من دون جدوى ....
    انا فتاة تتحمس كثيرا لكل ما تقوم به و لا استطيع كبح فرحتي و مشاركة نجاحي مع من أحب  ، و أحيانا تفشل خطط كنت قد وضعتها بكل حماس و لكن ضئل حماسي بعد أن علم بها الآخرين ف اقتنعت أن كل شئ يتدخل به الآخرين يفشل أو يتباطئ إلى حد ما ،
كنت اريد السفر و تغيير قليل من الأجواء التي باتت تخنقني هنا كثيرا ، فقررت أنني لن اخبر اي احد و لا حتى ساري ، سوف أفعل كلما يلزمني من تجهيزات و بعدها افاجئ الجميع ، لا أريد أن اظل هذه الفترة هنا فقد ضاق ذرعي و لم أعد أحتمل الجميع ، لذا سوف أحزم امتعتي و أطير  ، لم أقرر بعد إلى اي مكان أريد أن أسافر  ، سأجعلها مغامرة و أحجز عشوائيا حتى اتفاجئ بمكان جديد ازوره  ، لم أكن أريد اخبار أحد حتى لا يقول لي أنه سيذهب معي خصوصا أصدقائي  ، فأنا بحاجة لخلوة مع نفسي .....
.
.
.
  ساري كان جالس يفكر بصديقته سجى التي هو على علاقة بها منذ أكثر من خمسة أعوام  ، فتاة رقيقة طيبة و مرحة ، لا تشبه فتيات هذا الجيل  ، ذات تفكير كبير و مثقفة لأبعد خيال يمكن أن يصل له الإنسان  ، الحب غريب حقا و محير فكيف لفتاة جميلة و ذات أخلاق و ثقافة مثل سجى أن تقع في حب جبان مثل مجد  ، لم يكن حتى من مستواها الفكري و فوق هذا كاذب منافق و ناقص في عقله الفارغ ، لو كانت له فتاة مثل سجى لما تركها أبدا و لأخلص في حبها و لكن ماذا يقول حظ الجميلات دائما تعيس ، منذ معرفته بها و هو في حالة تقدم و غير من صفات كثيرة بشعة من أجل أن يستحق صداقتها  ، فهو يحترمها كثيرا ، فتاة مستقلة غير استغلالية و بريئة إلى حد ما لا يوصف ، لا تفكر بخبث أبدا ، لا يعلم لما و لكن بالرغم من أنهم لا يتحدثون كل يوم إلى أن هذا يزيده تعلق بها و يقوي علاقته بها ، فالثقة التي منحته لها لن يفرط فيها ، دائما ما تدخل الإبتسامة لقلبه ، تخرج فيه الجانب المشاغب و الجميل و العفوي و قد كان نسي هذا الجزء بعد كثيرا من الخيبات و لكن صديقته العزيزة احييت فيه شئ كان قد منه مات منذ زمن ، و لكنه كان مخطئ  ...
شعر بالغيرة من مجد كثيرا عندما كانت سجى مولعة به و تتحدث عنه و كان يحذرها و علم أنها كانت تثق بها و أنه على حق و لكن كانت باقية بإسم الحب الذي لم يستحقه ذلك النذل ، أراد أن يحطمه و لكن جبان مثله لا يستحق أن يرفع عليه يده لأن الشجعان فقط من يستحقون الضرب ........ 
.
.
.
.
و كان ساري سعيدا جدا عندما قررت صديقته ترك ذلك الابله  ، هو حقا لم يعد يعلم هل يعتبرها صديقة ام أخت ام أكثر من هذا ؟؟؟
دائما ما يشعر أن سجى شيء خاص به وحده ، لا يحب أن يتحدث عنها أمام أحد حتى لا يحبها معه ، حتى صديقه المفضل إياد لا يخبره عنها ، و يتضايق إذا سأله أحد أصدقائه عنها ، الوحيدة التي يخبر عنها سجى هي والدته و دائما ما تقول له " جعلها الله من نصيبك يابني  ، لا يعلم لما يبتسم بفرح دائما لوالدته عندما تدعو له بذلك و لا يتضايق أبدا  فمن لا يتمنى فتاة مثل سجى بحياته حتى هو غير محصن نحوها ، فلها جاذبية اقوى من المجرات  ، و تسحب الشخص نحوها بقوة كبيرة ، بلطفها و برائتها  ، طالما وجد أن حبها للون الأصفر غريب ، فمن يحب لون مشعا هكذا ، ضحك و فكر أنها وحدها غريبة بتمييز عن الآخرين ، و مشرقة كالشمس و تحمل أبهى الالوان في شخصيتها  ، لم يعد يعلم ماذا يريدها بحياته  ، هو فقط يريدها دائما معه و حتى لا يشاركه أحد فيها و هذا بدأ يقلقه حقا فقرر أن يأخذ فترة نقاهة و يسافر و لا يخبر احد حتى هي من سكنت أفكاره  .......
.
.
.
.
.
.
..

.... إياد  كان يتمشي في أحد الأسواق و هو فتى وسيم ذو طابع لعوب و لكن طيب القلب جدا و يحب الجميلات ، عندما لمح صديقه ساري تسحب يده جنية صغيرة لطيفة و هو يتبعه مثل الحمل ، ضحك من قلبه هل هذا حقا هو صديقه المتزمت الغبي ، الذي لا يراه  يبتسم إلا نادرا و هل هو حقا الآن يضحك مثل الابله ، لم يصدق عيناه أبدا  ، إن كان هذا ساري فهو في أشد مراحل السعادة لانه يرى صديقه العزيز يضحك أخيرا من قلبه ، هذه الضحكة لا تحدث إلا معه هو ، و لفت نظره الفتاة التي تسحب ساري ورائها كانت بريئة ودودة تدخل القلب بسرعة ، شعر بنوع من المودة و انشراح القلب نحوها ، فهي صغيرة لطيفة و مع هذا شعر بالخوف على صديقه فهو لا يريده أن يمر بخيبة أخرى  ، أقترب منهم و سمع الحديث الذي دار "
: ساري أنظر هذا الكتاب يبدو جيدا
فرد : إذن سأشتريه لكي يا صغيرتي
هي : و لكن انا لست صغيرة لما دائما تقول لي صغيرتي
ضحك ساري و قال : لأنك فعلا مثل طفلتي الصغيرة و ليس لديك عقل أحيانا كالأطفال 
نظرت له بحنق و هي تقول : سأمثل أنني لم أسمع ما قلت لأننا بمكان عام و ستتضايق اذا رفعت صوتي و لكن ستعوضني بأيسكريم
ضحك ساري من قلبه وقال " هذا ما أتحدث عنه انت حقا طفلة ..
نظرت له نظرة ثاقبة و قالت " هيا هيا الآن و إلا لن يعجبك ما سأفعل ...
.
.
تسمر إياد بمكانه فصديقه عاشق لا محال ، و قطعة السكر هذه تجبر أي شخص على حبها ، و رأى صديقه يمشي وراء تلك الفتاة بكل أريحية و قبول ، حتى أنه لم ينزعج عندما دفعته للأمام  ، و هو الذي يتضايق إذا لمسه أحد فقط ، شئ عجيب ، الحب فعلا يقوم بمعجزات  ، أبتسم و ذهب في حال سبيله فلو كان ساري يريد أن يخبره لأخبره و سينتظره حتى يتحدث وحده و لن يضايقه ، فهو لم يصدق أنه يرى صديق المفضل يضحك من قلبه من جديد و هذا اراح قلبه و تمنى لو تدوم هذه السعادة عل  ساري فقد مر بالكثير  من الألم في حياته منذ طفولته مع والده الذي تركهم منذ زمن بعيد و تزوج أخرى و لم يكلف نفسه أن يسأل عنه أو على امه المسكينة التي تعبت و ربته هو و اخته أفضل تربية و قطعت من جلدها حتى اوصلتهم لما هم فيه الآن من نجاح و تقدم ......

.
.
.
.
.
.
.
   أما في الجيش كان هناك ذلك القابع في كرسيه و هو يفكر فقد حان وقت عودته للديار و قد كان يحاول في إيجاد طريقة يخبر بها والديه عن فكرة زواجه ، فهو يريد أن يقوم بخطبة محبوبته ليا ، ليا تلك الفتاة التي وقع بحبها منذ اول نظرة عند زيارة صديقه أيمن ، كانت الصغرى و بعدها فتى يسمى إياد يقابله أحيانا و هو خارج من المنزل لانه بدى فتى غير ناضج و لكن هذا طبيعي في عمره هذا  ، فكر و فكر و لم يجد إلا صغيرته و محبوبته سجى ، هي الوحيدة التي تتجرأ بالحديث مع والديه من دون تكلف أو تصنع ، اخته الصغرى وحدها من ستحل له مشكلته من دون اي عناء تعب ، لذا قرر بمجرد عودته سيخبرها بكل شئ  ، يعلم أنها تعلم بأن لديه فتاة ما ولكن لم تتعرف عليها و لكن هذه المرة سيقوم بكل شئ لكي تلتقى سجى و ليا و يعلم أنهما سوف تنسجمان كثيرا فهما كالأطفال في تصرفاتهم  ، و تحبان الكتب كثيرا و خيالهم واسع جدا و تشاهدان الكرتون و سيكون الله في عونه لو وجدتا بمكان واحد .....         عقاب عاد من عطلته التي استمرت طويلا فهو ضابط بالجيش و يتغيب كثيرا عن المنزل ، لم يخبر أحد عن وجوده فقد عاد مهلكا لذا فقط صعد إلى سريره و نام و عندما أستيقظ بالصباح وجد أن غرفته بحالة يرثى لها ، نظيفة و لكن مبعثرة و هذا أكيد من فعل سجى و سبانا اخواته المجنونات ، فهما تحبان أن تأخذا اقمصته لتجربانها و أما عساف لابد أنه من قام بأخذ سيارته فقد وجدها بحالة يرثى لها ، يعلم أن إخوته اشقياء ثلاثتهم و لن يرحمهم و لكن الآن ليقوم و يأخذ حماما ساخنا و بعدها يرتمي بأحضان امه فقد اشتاق لها كثيرا ....
عندما خرج عقاب من الحمام توجه نحو المطبخ فقد أشتم الأطايب التي تصنعها والدته و قد ذاب فمه من الجوع ، ذهب نحوه ببطئ و قام بعناقها و هو يقول "
انت تبدين جميلة جدا يا سيدة سلمى و تبدو مخبوزاتك كجمال عينيك  ..،
لم تصدق سلمى أنها تسمع صوت حبيبها و صغيرها و ابنها الأكبر فقد اشتاقت له كثير فهي لم تراه منذ أشهر و لم تشتم هذه الرائحة التي تحب منذ زمن ، و نبرة الصوت العطوفة هذه فقدتها جدا لذا التفتت للوراء و هي تقبل وجهه و قالت " أهلا بروح سلمى و قلبها ، كم اشتاقت لك سلمى و لصوتك يا حبيبي ...
فدخلا في عناق عطوف بين أم و صغيرها و كانت تطعمه بيديها  و عندما دخل كمال وجد ابنه الذي غاب لفترة فإبتسم بعطف و عندما رأه عقاب هب نحو والده مقبلا رأسه و يده و هو يطلب الرضا منه ، و لكن عندما دخل ثلاثي الكوارث تدمر هذا المشهد اللطيف و الهادئ فقد هبوا جميعهم نحو شقيقهم الأكبر و هم يصرخون ، ضحك كمال و سلمى كثيرا على أطفالهم فقد تربوا على الحب فيما بينهم ، هم أصدقاء أكثر من كونهم إخوة  ، صرخ عقاب " على رسلكم واحدا واحد انا لازلت صغير  ... و لكن لا حياة لمن تنادى فقد فات الأوان و وجد نفسه تحت ثلاث كوارث هم في الحقيقة سجى و سبانا و عساف ، بعدها انفجروا من الضحك على منظرهم الغريب هذا  ....
تناولوا الإفطار في جو أسري حميم و قضى عقاب بقية الأيام التالية كلها نائم هائم من سرير إلى آخر حتى أيقظه رنين الهاتف و كان ذلك أيمن صديقه فقد كان هو الآخر في غيبوبة من التعب بعد كل هذا العمل المجهد الذي تعرضوا له اتفقا على اللقاء في المساء و التحدث في أمور شتى  ...
.
.
.
  في المساء التقى أيمن و عقاب في أحد المقاهي الشعبية فقد أرادو التحرر قليلا من ضغط التفكير بالعمل و العطلة الطويلة التي اتخذوها  ، تحدثوا كثيرا حتى نظر أيمن إلى شاب يبدو في الثامن و العشرين من عمره و ناداه " ساري !!
نظر له الشاب الذي تفاجئ برؤية أيمن و قد أقبل نحوه مبتسما و قد عانقه بحرارة و هو يقول " كيف حالك يا شقيق ...، تحدثا طويلا و عرفه أيمن على عقاب الذي أبدى إعجابه الكبير في ساري الذي  كان شابا طموحا و رزينا ليس طائش مثل من بعمره و قد رأى إياد عديم المسؤلية شقيق أيمن و الذي يعتبره مثل عساف تماما ، احتار كيف لفتى مهذب و هادئ هكذا أن يكون صديق المجنون إياد و لكن لا غريب فالقلوب في الصداقة تتألف مهما اختلف المبدأ و الشخصية و طباعها  و لكن هذه القاعدة تستثنيه هو و أيمن فهما يحملا نفس الطباع و الأشياء و فقط يختلفون في الإسم  .....
ورد بعدها عقاب اتصال و كانت سبانا تثرثر بكلمات غير مفهومة ثقبت طبلة أذن شقيقها الذي ابعد الهاتف و هو يقول " كان الله في عون من سيتزوجك يا سبانا يا شقيقتي الصغرى ...، ضحك أيمن على صديقه فهو يبدو أنه يعاني من أشقائه الصغار كما يفعل هو مع ليا و إياد فهو يفهم مشاعر صديقه فلديه كوكبان من الإزعاج بالمنزل ، بعدها عاد كل الى منزله و قد اتفقا على أن يلتقيا قريبا مع شقيقاتهم المجنونات ....
.
.
..
  بعد أسبوع طلب عقاب من سجى و سبانا أن تتجهزا فهو سيأخذهم إلى نزهة و لم تصدق الفتيات اذنهم و قد تجهزوا بسرعة البرق في ثوان و خرجوا إلى وجهة لا يعلمونها  و هناك كان أيمن قد خرج مع ليا التي محتارة في أخيها السمج الذي قرر فجأة أن ياخذها في نزهة لكن لترى نهاية أيمن و مشاويره  ... 
عندما تقابلوا ندم أيمن و عقاب ندما شديد فقد حدث أن انفجرت الفتيات كأنهم صديقات منذ الأزل و أصبحوا هم الضحايا لثرثارات لا يتوقفن عن الحديث و فوق هذا يلقين اللوم عليهم في اشياء كثيرة ، لذا أخذوا كراسيهم بعيدا عنهن فقد أصابهم صداع رهيب من الفتيات و ثرثرتهم التي لا تنتهي ....
.
.
.
.
  ليا كانت فتاة طيبة القلب و ذات لسان لاذع مثل سبانا و هذا ما كان يعجب عقاب فيها ، لاحظت سجى نظرات شقيقها نحو ليا ، فهمت ما يرمي له و علمت أن هذه من أوقعت قلب شقيقها  ، فرحت كثيرا لأنها جميلة و مهذبة و لطيفة للغاية و لم تجد صعوبة في الإنسجام معهن  ،  تمنت أن يسعد الله شقيقها فقد حصل على فتاة جميلة القلب و الوجه ...
اما أيمن كان سيجن من الفتيات و قال لصديقه أن هذه أسوأ فكرة قاموا بها ، فضحك عقاب كثيرا و أخبره أن هذا هو حال الفتيات و كم هو يعاني مع اثنتين بالمنزل و هو محظوظ بواحدة فقط ...
هنا جاء إياد الذي سمع صوت لن تخيب عنه أذنه  ، هذا صوت المزعجة ليا و أيضا صوت أيمن و عقاب و لكن هناك صوت يبدو مألوف و الآخر لم يسمعه ، عندما ذهب اتجاه الصوت وجد هذا الجمع القفير من دونه و قد قال و هو ينظر نحو ليا  " والله لم يجلني إلا صوتك يا مزعجة .. نظرت له بحنق و قالت " انت هو المزعج الوحيد يا هذا ... ثم حول نظره للفتاتين و قد صدم من الفتاة التي رأها مع صديق ساري ، هي نفسها الجنية الصغيرة ، نظر لها مطولا حتى سمع صوت آخر جذب كل حواسه و هو يقول إلى ليا "هل يود شقيقك أن يلتهم أختي أم ماذا ... لم يتمالك إياد نفسه و انفجر ضاحكا و هو ينظر لصاحبة الصوت التي بدت مثل شقيقتها تماما تشبه الملائكة  ، بهية الطلة و ذات جمال خاص ، تسائل هل فتيات هذه الأسرة كلهن هكذا ام هاتين فقط ؟؟ ... نظرت له سبانا بحنق و قد نظرت للاتجاه الآخر و سمع صوت أيمن يسأله من أين أتى و قد أخبره أن هولاء شقيات عقاب الصغار و قد أحب إياد هذا كثيرا لأن عقاب شخص محترم و أيضا شقيقه عساف و لن تكون أخواته أقل منهم لذا أطمئن قلبه على صديقه العزيز عساف ، تحدث طويلا معهم و لكن لم يبعد نظاريه ثوان عن سبانا التي كانت تشعر بالاحراج من نظرات هذا الوقح ....
في المساء كان ينظر عقاب بترقب نحو سجى التيكان تفكر و قد قالت " انا أحببت ليا كثيرا و أظنها خسارة في احمق كبير مثلك و لكن سأخبر ابي بأنني سوف اخطب صديقتي لشقيقي و اتحمل هذا العبء عنك ..
لم يصدق عقاب ما سمع فهو كان يعلم أن سجى وحدها من سوف تنقذه و كان يعلم أن الفتيات سوف ينسجمن مع بعض و لكن لم يقدر لهذه الدرجة فقد أحببن بعضهم جدا و قاموا بتبادل الأرقام  ، هذا أسعد قلبه كثيرا و لكن لينتظر و يرى ما سيحدث مع والده و ليكن الله في عونه .....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي