الفصل العاشر

عندما جائت سلاف مع والدتها باليوم التالي لرؤية ميرنا و الاطمئنان عليها رأها أحمد فهي المرة الثانية التي يراها فيها لكن جميلة جدا و ظريفة ، اعجبته جدا كيف لفتاة أن تكون هكذا ، كان يريد أن يتحدث معها و لكن لا يعرف كيف و يحاول ان يأخذ الفرصة المناسبة لكن لا يعرف متى ، جائت رؤي و قالت بإبتسامة خبيثة " حلوة أليس كذلك .. فقال بدون وعي " جدا .. و عندما أنتبه لكلماته ارتبك و حينها ضحكت رؤى بأعلى صوت لها و قالت " أرتاح ستكون لك بإذن الله يا عزيزي .. أستغرب أحمد من حديث رؤى و لكنه أعجبه لا يعلم لما ، لكن وضع أمره تحت رعاية الله و حفظه و بقلبه أمنيات كثيرة ....
.
.
.
.
  أما عن تلك التي كانت تمثل أنها نائمة و التي سمعت حديث عساف بحذافيره و كادت أن تقوم و تعانقه لكنها تمالكت نفسها ، فهي فتاة و عليها أن تكون ثقيلة قليلة ، كادت أن تصرخ و تخبره أنها أيضا تعشقه و تحبه بكل قوة لها ... لكن صمتت و لكن إلى متى سيطول هذا الصمت  إلى متى ؟؟؟
   دخل عقاب إلى ميرنا و كان يتحدث معها و هي تحاول ألا تضحك على كلماته لأنها لا تستطيع الضحك بقوة ... كانت تتذمر منه و تطرده حتى جائت الطبيبة سجى كما تسميها ميرنا و طردت الجميع و ظلت هي حتى نامت ميرنا ثم خرجت للحديق تتنفس بعمق ، عندما جلس قربها ساري و امسك يدها ضغطت على يدها طالبة العون ، لم يتحدث بحرف و امسك يدها بقوة مطمئن لها أنه هنا مهما حدث و لن يتركها أبدا  ..
جمال كان يقف خارج غرفة ابنته و ينظر لها بحزن كبير ، لا يعرف من أين يبدأ  ، هو خائف أن تسوء حالتها اذا ما رأته ثانية ، يخاف جدا من هذا يخاف أن تنتكس حالة ابنته و هو لا يريد ذلك ... حينها جائت رؤى و أمسكت يده و قالت " أنا آسفة أعذرني يا اخي على كلماتي الجارحة و لكنها ابنتي و لن اتحمل شئ يصيبها  و انا كنت معمية بالحزن و الغضب ، فأرجوك سامحني ... قال " انا أعذرك فهذا من حبك لها يا شقيقتي الحبيبة ... عندها قالت " ادخل لها فربما يصلح الله ذات البينة  ... ثم ذهبت و تركته و هنا دخل جمال بعد تردد و امسك يد ابنته الوحيدة و كان يقبل فيها و دموعه تبلل قميصه و تتقطر على يدها و لم يشعر أنه اعتصر يدها بقوة و هذا أيقظها لكنها مثلت النوم و سمعت حديثه كان جمال يتحدث بدموع و قهر و يقول  " اسف جدا يا ابنتي أرجوك سامحيني ، انا لم اقصد ان اؤذيك أبدا و لكن فقدان امك فعل شرخ كبير بقلبي لم أستطيع أن اداويه  ، لم أستطيع أن اتخيل حياتي بدونها ، آسف لأنني لم أكن لك الأب المثالي و الأب الحنون و كنت اناني جدا و فكرت فقط بنفسي و نسيت انك طفلتي و أيضا حزينة على والدتك ، آسفة لأنني تخليت عن مسؤوليتك و تركتها لغيري اذاقك سم انت لن تتحمليه  ، آسف لأنني أسوأ اب في هذا العالم ، آسف يا صغيرتي أنني لم أكن لك السند الذي تحتاجينه في هذه الحياة  ، سامحي والدك الذي يحبك بكل ما لديه من مشاعر ، اغفري لي يا ابنتي ... تأثرت ميرنا جدا و نزلت دموعها و حاولت كتم صوت تنهيدها بكل ما لديها من قوة ، حاولت أن تكتم صوت بكائها فهي لا تريده  أن يغلق مرة أخرى  ، فإن رأها تبكي سوف يشعر بالقلب و يهرب خارجا ظانا أنه سبب دموعها وهي لا تريد أن تحرم نفسها هذه اللحظة التاريخية  ، فقد لمسها والدها بعد كل هذه المدة ، والدها يحبها و لم ينسى حبها لكنه كان خائف فقط ألا يكون كما كانت والدتها  ، هي أيضا تحبه و إن عتبت عليه بكل والدها الذي تحب و لن تبتعد عنه مرة أخرى  ...
   بعد اسبوع أخرجت ميرنا من المشفى و كان الجميع حريص على سلامتها  و عزلت في أبعد غرفة في منزل كمال حتى بعيد عن الفتيات ، الجميع حاول أن يعطيها الراحة النفسية و الجسدية التي تحتاجها و لكن هي كان يشغل بالها كيف تجعل والدها يدخل لها و هي تعلم جيدا أنه يفكر بانه هو مصدر الألم لها و إن رأته سوف تسوء حالتها اذا يبعد نفسه عن ناظريها ، حتى صوته لا يخرجه من أجلها كي لا تسمعه ، لا يتحرك و دائما شارد البال و نظرته حزينة و كئيبة هو كل ما يفكر به أنه شخص جاحد و سئ و ناغم على نعم الله  ....كيف اوصله الحال كي يصبح اناني لهذه الدرجة و يكون سبب مرض ابنته ، سبب الأوجاع التي تدمرها تدريجيا و تكسر قلبها ، ضميره يلعنه في كل لحظة و نفسه تقسو عليه كثيرا و هو لم يعد يحمل لنفسه  سوى الكره و البغض ، فقد شعر بالقرف من حاله ، شعر أنه مثل القاذورات كان يكره نفسه جدا و لكن في ذلك اليوم فقد أعصابه عندما جاء ضيف غير مرحب به ، كاد أن يتصرف بتهور لولا أنه ضبط أعصابه  ، ذلك اليوم جائت نجوى شقيقة زوجته المرحومة اول كلمة قالها لها مالذي أتى بك إلى هنا ، كانت تشعر بالخجل و الأسف و الحزن فقال " ماذا جئتي تفعلي  ؟؟ هل جئتي لكي تزيدي على ابنتي ام لكي تقتليها  ؟؟... فقالت " أستغفر الله لا تقل هذا يا اخي ... فقال " و من قال لك أنها ليست ميتة ؟؟ ... فقد أعطيتك الخنجر بيدي لتقتليها ، هل هذه هي الأمانة التي سلمتها لك ؟؟
هل حافظت على وصية اختك ؟؟ ... هل أنت و بناتك سعيدات بما جرى مع ابنتي المسكينة ؟؟ .... يقال أن الخال والد و لكنك أثبت ِ أنه ثعبان يلتف حول رقبة أبناء اخته ليقتلهم  ، انا اعطيتك وردة فأعدتها ذابلة و سلبتها كل سبل الرغبة فى الحياة ، انا من سلمتك حياة ابنتي بيدي و الآن ادفع الثمن ، انا من قتلت روحها عند تركتها في دار للوحوش مثلك انت و عائلتك ، انا من حكمت عليها بالإعدام حينما هجرتها ظانا أنني أتركها تحت حضن عطوف و لكن كان ملئ بالشوك و المسامير السامة  ، إن امرأة سامة على المجتمع تزرعين الحقد في قلوب بناتك اتجاه أختهم و تخربي عقولهم  ، و غدا سيكونون مثلك أمهات غير صالحات في المجتمع ، أنت امرأة لا تعرف الرحمة أبدا...... ثم اكمل " اذهب الى الحمام و أخرج لا أجد وجهك هنا ، ابنتي من اليوم ليس لديها اهل أم  ، هي يتيمة الام و أهلها أيضا  .... ثم ذهب و تركتها رأسها للأسفل تشعر بالعار من نفسها و من تصرفاتها  ، ماذا لو ماتت ميرنا هل كانت سوف تسامح نفسها ، هل كانت سوف تنظر لنفسها بالمرأة و ماذا ستقول لنرجس هل فرطت في ابنتك التي امنتني عليها ...
.
.
.
  بالعصر أخذ عساف ميرنا للحديقة العامة بالمدينة بعيدا عن الضوضاء و كان يتحدث معها و يسليها و يغير لها أجواء الإكتئاب  ،حينها امسك يدها و ألبسها خاتم ذهبي و كان ينظر في عينيها و قد قال لها بكل صدق "  هل تقبلين بي سندا لك في هذه الحياة ...أمسكت ميرنا يدها و قالت " و انا تعبت من السير وحدي ... حينها علم عساف موافقتها و فرح كثيرا و جلس قربها تضع راسها على كتفه و هو يمسك يدها في منظر جميل جدا كأنهما خلقا لبعضهم البعض ... هناك كانت تمر نسرين ابنة خالتها مع مروان خطيبها الذي كان خطيب ميرنا سابقا و اصر على أن يسلم عليهم عندما رأهم  ، فذهب نحوهم و عندما اقتربوا شعر بالقهر لرؤية ميرنا سعيدة مع غيره ، هل يظنها تبنى حياتها على خائن مثله ، سلم عليهم عساف ببرود هو و ميرنا و لم يتحركوا إنش واحد و علم عساف ان ميرنا لا تحبهم عندما ضغطت على يده ، فسأل مروان من هذا ، رد عساف أنه خطيبها و قريبا زوجها ... صدم هذا الثنائي الذي ذهب مغيوظا كأن الدنيا ظلمتهم
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي