أم، أب وابنة

Emording02`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-04-28ضع على الرف
  • 20.1K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

سايا:

قاعة المحكمة كانت المكان الذي حدد حياتي، حينما كانت أول مرة أدخل فيها قاعة المحكمة

وأرى ذلك العالم المعقد لأقع في غرامه إلى

الأبد، ورغم كونه فصل بيني وبين أمي، لكنه أعطاني الفرصة لأعيش تجارب مؤلمة كانت حافزة لي

لكي أعود إليه مره أخرى .. ولكن كـ محامية ..!

رائحة خشب الجوز المنبعثة من المقاعد، السقفُ العاليّ، الخطوات المتعجلة لكل مَن يعمل لتدور عجلة القانون بكفاءة، كل ذلك كان وظل يسحرني طوال سنوات عديدة.

*وهكذا سيدي القاضي تطلب موكلتي من حضراتكم إرجاع الوصاية لها نظراً لكل الأثام التي ارتكبها زوجها

السابق.

أخذ القاضي نفساً بعد سماعه لمرافعتي الأخيرة، لملم بعض أوراقه واستدار ناحيه مساعده قائلاً:

سننظر في الأمر.

بالطبع لن يستغرق الأمر طويلاً، فالقضية محسومة منذ البداية، استدرت ناحيه موكلتي القلقة

على أي حكم قد يبعد بينها وبين أطفالها الثلاثة وأشرت لها أن كل شئ سيكون على ما يرام.

بالفعل بعد دقائق، صدر الحكم.

..

*حقاً لا أدري كيف أشكركِ أنسة ماتسوموتو لقد أنقذتني.

قالتها موكلتي سعيدة بربحنا للقضية، كانت عيناها تقطر دمعاً والابتسامة لا تغادر ثغرها.

*لا تشكريني سيدتي ، فأنا أؤدي عملي وحسب.

أعادت شكري للمرة الخامسة ثم استدارت لتذهب عائدة، تلك الابتسامة هي فقط ما أحتاجه منهم.

حملت ملف القضية وملفاً أخر لقضية أخرى أعمل عليها وفي نفس اليد وضعت روب المحاماة الأسود

وباليد الأخرى حملت هاتفي لأتاكد من بعض المواعيد، كانت الساعة قرابة العاشرة مساءً تأخرنا كثيراً

في المحكمة اليوم ولدي الكثير لأفعله يوم غدٍ.

وحينما كنتُ أستعد للذهاب أوقفني أحدهم.

*أنسة ماتسوموتو أحسنتِ العمل اليوم.

كان هو القاضي الذي حكم على هذه القضية، السيد أراي.

*شكراً لكَ على عملك الشاق سيدي.

كان مبتسماً، لطالما كان السيد أراي طيباً معي، بالطبع خارج المحكمة فقط، كونه كان صديقاً

لمعلمتي ومديرتي في مكتب المحاماه.

*لكن من قد يظن أن تلك الشابة اليافعة التي دخلت قاعه المحكمة قبل خمس سنوات ستحقق

هذه الإنجازات. لقد أنجزتي الكثير بالفعل.

*شهادتك هذه أمر أفتخر به سيدي.

إبتسم ثم أضاف بمرح:

*لكن ليس من الجيد أن تظلي عازبة إلى الآن، أنتِ في التاسعة والعشرين يا ابنتي، ما رأيك

بأرمل عجوز مثلي كزوج؟

ضحكت، دائماً ما يثير الموضوع هذا العجوز. قلت لأغير الموضوع :

*يبدو أنكَ تعرف عمري جيداً، هل هذا يعني ان انتظر منك هدية في يوم ميلادي القادم ؟

*هدية! .. دعي زوجك يحضرها لكِ.

*وهذا لن يحدث، عن إذنك الأن سيدي فغداً لدي مرافعه مهمة.

انحنيتُ له بأدب ثم خرجت بسرع، رغم كونه رجل يتدخل في ما لا يعنيه وهو نوع من الرجال أكرهه

وبشدة إلا أنه كان لطيفاً وأنا أحترمه.

وهكذا عدتُ في تلك الليلة إلى مكتب كيتامورا للمحاماة، غير عالمه ما سيحمله لي الغد.

~~

أتسوشي:

*خالتي..أيمكنني التراجع الآن؟ أعنيييي..مازال الوقت صباحاً و..

قلتها وأنا أرقب ذلك المبنى وهو يقترب منا، أو بالأصح نقترب نحن بالسيارة.

التفتت خالتي أسامي ناحيتي وقالت وقد عقدت حاجبيها:

*أتعني أنكَ مستعد أن تتنازل عنها؟!

*أنتِ تعرفين كيف تضربين على الوتر الحساس!

قلتها وأنا أبتلع ريقي، قالت:

*وكيف تظن أنني اكتسبت سمعتي هذه في مجال المحاماة!

ابتسمت مجبراً وعدت أنظر عبر نافذة السيارة إلى المبنى الذي ضم مكتب كيتامورا للمحاماة، اليوم

سأستلم إدارة هذا المكتب الذي اكتسب شهرة واسعة في البلاد كونه ضم شعبة من أفضل المحاميات.. نعم (المحاميات) في البلاد أجمع.

وهذا سبب آخر يجعلني متوتراً كوني لستُ جيداً للغايَّة في التعامل مع الجنس اللطيف.

عندما نزلنا من السيارة لاحظت وجود عائلة تخرج من المبنى فتساءَلت:

*هل يضم المبنى شقق سكنية؟

*هذا صحيح، المبنى مكون من عشرين طابقاً بالإضافة للطابق الأرضي، عشرة منها سكنية وعشرة

خصصت للشركات، مكتبنا يوجد في الطابق السادس.

*فعلاً!

لحظة دخولنا المبنى وتوجهنا ناحيه المصعد، في حياتي واجهت الكثير من المواقف الصعبة لكنني

لم أتوتر يوماً وأنا في طريقي إلى المحكمة، بالتأكيد لم أتوتر كما أنا متوتر الآن!

عندما فتح المصعد ودخلنا إلى رواق المكتب استقبلتنا السكرتيرة والتي يقع مكتبها جوار المصعد.

*سيدة كيتامورا، أهلاً بعودتك.

*شكراً لكِ مايا، أخبريني هل الجميع هنا؟

*للآسف لا، لا يوجد غير سايا وأوهانا و كوريناي. البقية ذهبن لمواعيد عمل.

*هذا مؤسف، يبدو أنه كان من الأفضل أن نخبرهم عن موعد وصولنا أتسوشي.

ألقت السكرتيرة الشابة نظرة إليّ، لم أكن في مزاج يسمح بالكلام، قالت:

*عفواً سيدتي، أهذا هو ابن أختك؟

*هذا صحيح، مايا أرجوكِ قومي بجمع الموجودات الآن لأنني سأسافر بعد أن أقدمه لَكُن.

*أممم حسناً تفضلا إلى الداخل.

ذهبت الفتاة قبلنا وسرنا نحو الداخل حيث غرفة واسعة احتوت طاولة مستطيلة لخمسة عشر شخصًا.

*خالتي، هل حقاً ستذهبين وتتركينني أتصرف وحدي!

التفتت إليّ وقد عقدت حاجبيها مرة أخرى قائلة:

*أتسوشي من يراك يظن أنك في الخامسة عشرة ولست في الرابعة والثلاثين! كف عن ازعاجي

وفكر فيما أنتَ مقبل إليه أرجوك.

لم تكن في حاجه لتذكيري.

كانت السكرتيرة المدعوة مايا تتجول بين أبواب محيطه بالمكان، لا شك أنها المكاتب، طرقت باباً

يحمل اسم ماتسوموتو سايا طالبه منها الخروج ثم توجهت ناحيه ممر يقود لداخل الطابق وعادت بعد دقيقتين

ومعها امراءتان.

إحداهما في مثل سني، والأخرى ربما تكون أصغر من خالتي بعشر سنوات، أي أنها في الخمسينات.

تقدمت النساء الثلاثة، فقالت خالتي:

*أوهانا..كوريناي..أقدم لكما أتسوشي مامورا ابن أختي، والشخص الذي سيتولى إدارة مكتب

كيتامورا للمحاماة.

تقدمت الاكبر سناً بينهن قائلة:

*أهلاً بكَ أتسوشي، لم أرك منذ زمن.

هل تقابلنا من قبل؟..بالطبع لا أذكر، أنقذتني خالتي حينما سألتها عن ذلك.

*نعم، لقد تقابلنا ثلاثتنا من قبل، وقد كانت أوهانا معي.

قالت المرأة الأخرى:

*نعم كان ذلك قبل سنة ونصف أعتقد، في قضيَّة شركة أو بي كيو.

*صحيح أذكر ذلك، لقد كنتَ محامي الدفاع حينها وقد خسرتَ القضية أيضاً.

قالتها خالتي، بالطبع أذكر خسارة تلك القضية المؤلمة، لكن لا تطلبي مني أن أذكر شكل المحامي خصوصاً

لو كان امرأة!

*نعم، لقد تذكرت تلك القضية.

*إذاً بما انكم تعرفون بعضكم أرجو أن لا تواجهوا مشكلة في الإندماج، كوريناي أترك ابن أختي

في رعايتك، انصحيه وراقبيه وكوني يداً يمنى له حتى ترتقوا باسم المكتب.

*لا تقلقي سيدتي سأفعل.

قالت من تدعى أوهانا:

*أشك بأن السيد مامورا سيواجه أيه مشكلة، فهو له اسمه في عالم القضاء، لنا الشرف أن تعمل معنا.

*أشكرك على المجاملة.

وبينما كنا نتحدث فتح باب أحد المكاتب لتخرج منه هي ..!

~~

سايا:

كنتُ غارقة في النوم حينما طرقت مايا باب مكتبي، في الحقيقة لم أسمع ماذا قالت لأنني سرعان

ما أدركت أن الساعة قد تجاوزت الثامنة والنصف صباحاً وأن لدي محاكمة في العاشرة!

بسرعة لملمت أوراقي ووضعتها في ملف القضية، أخذت روبي من على كرسي الانتظار أمام المكتب

المعج بالمراجع والأوراق، ثم ارتديت فردة من حذائي وامسكت بالأخرى بيدي الخالية وتقدمت ناحية الباب

توقفت للحظة حينما أدركت ان شعري كان في حالةٍ يرثى لها!

فتحت باب المكتب لتقع أوهانا في نظري فقلت لها:

*أوهانا أيمكنني استعارة مشط شعرك، لقد نسيت خاصـ...

توقفت عن الكلام حينما استوعبت بقية الصورة.

مايا وكوريناي والسيدة أسامي متواجدات، لا بأس بذلك، ولكن لم هنالك رجل في المكان؟!

وقعت عيناي بعينيه، لم أفهم سبب تلك النظرة على وجهه، حولت نظري إلى السيدة أسامي طالبةً

تفسير، فلا يوجد موكلون يأتون في مثل هذا الوقت.

جاءتني الإجابة.

*سايا أخيراً خرجتي، تعالي لأعرفكِ على ابن أختي، مامورا أتسوشي.

ابن أختها؟..أه صحيح إنه من سيتولى إدارة المكتب بعد تقاعدها، ياإلهي لقد نسيت الأمر برمته

ونسيت أنني كنتُ أنوي الإعتراض على قرارها هذا!

أغلقت باب مكتبي الفوضوي ولم أقل شيئاً، ولم يقل أحد أي شيء.

إلى أن قالت السيدة أسامي:

*أتسوشي إنها ماتسوموتو سايا تلميذتي النجيبة ومن حملت معي أعباء هذا المكتب منذ أن أنشأته.

رفعت نظري ناحيته لأرى رده فعله، ذلك الغريب القادم من كيوتو ليأخذ إدارة ما تعبنا في بنائه لمدة

سبع سنوات، لكن لم يبدُ عليه أي رد فعل بالأحرى كان ينظر إلى مكانٍ آخر، ابتسمت السيدة

أسامي ولم تعلق وفجأة أدركت أمراً، إنني أقف في رواق المكتب حاملة فردة حذاء في يد وبشعر

منكوش!

*تباً!

قلتها وتوجهت ناحية الممر الذي يؤدي إلى مكتب أوهانا والتي تبعتني وهي تكتم ضحكة!

~~

أتسوشي:

ما إن غادرت المكان حتى أخذت نفساً عميقاً، استأذنت السكرتيرة للعودة لعملها وكذلك فعلت

كوريناي، التفتت خالتي ناحيتي وقالت بخبث وضيع لا يناسب سنها:

*إذاً في النهاية لم تستطع قول شيء..هاااا!

تجاهلتها واستدرت لأخفي وجهي عنها ، كم النساء بغيضات!

لكن في المقابل لم أستطع إبعاد ذلك عن رأسي، شعرها الأسود المنكوش عيناها الواسعتان ملامحها المتفاجئة

ياإلهي لقد تملكتني بالكامل!..لم أكن أعي ما حولي، كنتُ أرافق خالتي وهي تريني المكتب الذي

سأستخدمه، وفي نفس الوقت أخذتني إلى الغرفة الوحيدة في الطابق والتي تستخدم كـ غرفة نوم، وهي المكان الذي سأبقى فيه إلى أنه أجد شقة مناسبة.

لم أكن أعي ما تقوله وهي تأتمنني على المكتب وأن أحاول اكتساب ثقة العاملات فيه.

لم أكن أعي أنها حينما ودعتني كانت ستسافر ولن أراها إلا بعد ثلاثة أشهر.

لم أعي أي شيء إلا عندما أدركت أنني أقف وحيداً في رواق المكتب.

قرابة الظهر كنتُ قد أنهيت ترتيب حاجيات مكتبي، وقفت أمام النافذة الوحيدة فيه والمطلة على حديقة

المبنى كنت قد خلعت بذلتي وكفكفت أكمام قميصي لأؤدي عملي بحرية، لكن رغم ذلك شعرت بالضيق

حملت علبة سجائري من على الطاولة وخرجت لأجد السكرتيرة والتي تدعي مايا على ما أذكر والسيدة

كوريناي تتناقشان في أمر ما.

*أتسوشي هل أنت خارج ؟

*سأذهب لأدخن قليلاً.

أشارت لي السيدة كوريناي ثم عادت تكمل نقاشها، عندما وصلت إلى حيث مكتب السكرتيرة لاحظت

أن الهاتف الثابت يضِئ بأن هنالك إتصال، ناديت مايا لكنها لم ترد، فذهبت وجلستُ في مكانها

وأجبت:

*مرحباً .. مكتب كيتامورا للمحاماة، من معي؟

*أه، أنا كاواساكي يوجين أريد تأجيل موعد النقاش مع ياماموتو أوهانا إن إمكن.

هممم تأجيل موعد، بحثت في أدراج الطاولة فوجدت ملفات عديدة تحمل أسماء من يعملن هنا، أخذت

الملف الخاص بياماموتو أوهانا ووجدت ضالتي.

*أيناسبك أن يكون الموعد غداً في الثانية ظهراً؟

*نعم، هذا مناسب.

*حسناً إذاً، سأخبرها بالامر وستتصل بكَ لتأكيد الموضوع.

*حسناً، شكراً لك.

أغلقت الهاتف ودونت الموعد الجديد في الملف، وبينما كنتُ أعيد الملف إلى درجة فتح باب المصعد

التفت ناحيته ظاناً أنه موكل قد جاء لأخذ موعد، لكنني تفاجأت عندما رأيت فتاة صغيرة!

سرعان ما إعتذرت الفتاة قائلة:

*أسفة لقد أخطأت في الطابق.

ثم استدارات لتعود ادراجها لكنها توقفت وعادت تنظر إلي وقد عقدت حاجبيها:

*مهلاً..أنا لم أخطئ في الطابق، إنه بالفعل الطابق السادس، وهذا يعني أنكَ.. لص !

*ماذا! كيف وصلتِ إلى هذه النتيجة؟!

*لم هنالك رجل يجلس في كرسي مايا! أيها الوغد ما الذي فعلته بها، لابد وأنك من مكتب خصم

وجئت لتسرق ملفاتنا!

نهضت قائلاً وقد بدأ الغضب يغزوني:

*مهلاً مهلاً يا طفلة، من أنتِ حتى تتهمينني جزافاً احترمي من هم أكبر منكِ.

*هل تظنني خائفة منك أيها اللص أنت لا ترعبني أبداً.

*ومن طلب منكِ ان ترتعبي؟ أقول لكِ أنني لستُ لصاً!

يبدو أن جدالنا قد وصل إلى المرأتين إذ جاءتا لتستفسرا عن ما يحدث. ما إن رأت الطفلة مايا حتى

قالت مرتاحة:

*الحمد لله أنتِ بخير.

*يوكي إنها أنتِ، لكن ما الذي يحدث؟

قطبتُ حاجباي باستغراب وقلتُ مستفسراً: أتعرفونها ؟

*بالتأكيد إنها يوكي وهي..

قاطعتها الطفلة قائلة:

*ومن هو حتى تخبريه من أنا؟ منذ متى وهنالك رجال يتجولون هنا بحرية!

قالت مايا بانزعاج بنبرة صوتها:

*يوكي ليس هنالك داعٍ لكل هذه الوقاحة، إنه السيد مامورا أتسوشي إبن أخت السيدة كيتامورا

ومديرنا الجديد أيضاً!

*هاااا..أهذا هو!

لم يكن بهذه الجملة مشكلة سوى أنها قالتها باستحقار مهين!

*هاي أنتِ يا طفلة ألا تظنين أنكِ قد تجاوزتي الحدود!

*وما دخلك أنت؟ قد تكون رئيسهن في العمل لكنك لستَ برئيسي!

*لسانك يحتاج إلى قص!

*تعال وحاول قصه!

قاطعتنا كوريناي قائلة:

*يوكي هذا يكفي!

صمتت الفتاة على مضض لكنها لم تواصل الجدل، نظرت إليها مستغرباً كيف لطفلة بهذا العمر أن تأتي إلى مكان كهذا ويبدو أنها معتادة على القدوم أيضاً.. لكن مهلاً..لم تبدُ لي هذه الطفلة مألوفة للغاية؟ ذلك الشعور المبهم بأنك رأيت هذا الشخص بمكانٍ ما لكن كلما اقتربت من استرجاع تلك الذكرى اختفت فجأة.

تقدمت مايا إلى الفتاة قائلة:

*إذاً ما الذي أتى بكِ؟

أجابتها وهي ترفع صندوقاً للطعام إلى مستوى نظرها:

*أتيت لأعطي أمي غداءها.

*أها..هي لم تعد للمنزل منذ البارحة أليس كذلك، المشكلة انها لم تعد من المحكمة حتى الآن!

*غريب، أظنها قد عرجت على إحدى صديقاتها القديمات.

حولت نظري ناحية كوريناي متسائلاً:

*عفواً .. ولكن من تكون هذه الفتاة؟

*ها؟ ألم تلاحظ للشبه؟ حسناً أظن أنك معذور إنها ماتسوموتو يوكي .. ابنة سايا.

مهلاً لحظة، اجتاحت هزة أرضي عقلي وشعرتُ بالأرض تميد من حولي...هل قالت ابنة سايا؟

سـ ا يــ ا .

*هل أنتِ تمزحين معي؟

قطبت باستغراب:

*بالطبع لا، ولم قد امزح في شيء كهذا؟!

عدتُ ونظرت للفتاة وقد كانت ترمقني بغيظ، هذا صحيح يمكنك ملاحظة الشبه، الشعر الأسود العينان

السوداوتان..وتلك الملامح الناعمة..مع وجه طفولي صغير لفتاة في العاشرة..إلهي الرحيم..

لكن هذا مستحيل! فهذا يعني أن ماتسوموتو سايا امرأة متزوجة!

مررت يدي داخل شعري غير مصدق ولم أستطع قول شيء لبرهةٍ من الزمن.

قالت الطفلة يوكي وهي ترمقني بغضب:

*هذا الرجل لا يعجبني.

*يوكي أرجوكي احتفظي بارائك لنفسك!

عاتبها باستياءلكنني لم أكن أصغي .كنتُ أفكر وأحاول ألا أصاب بالجزع، نعم ليست بمتزوجة ربما مطلقة فخالتي لم تخبرني عن وجود رجل، في حياتها..هذا صحيح .. لا تقلق ولا تأخذ بالاً للأمر. فهي ليست بمتزوجة. سايا ليست متزوجة.

*أتسوشي هل أنتَ بخير؟ لا تبدو على ما يرام.

قالتها كوريناي بقلق.

أجبرتُ نفسي على الابتسام:

*لا، أنا بخير، لا تقلقي. سأخرج لأدخن، عن إذنك.

قلتها متخطياً يوكي، دخلت المصعد وكان أخر ما رأيته عيناها ترمقانني بشك، نفس عيني

سايا تنظران إليّ ...!

ياله من لقاء أول موفق.

جلست على أحد المقاعد أرمق السماء الملوثة بدخان سيجائري، كانت الحقيقة الصادمة التي اكتشفتها كبيرةً علي.

لديها ابنة، وقحة أيضاً سيجعل هذا الأمر صعباً عليّ بالتأكيد.

*هاي..أيها السيد..ألا تعلم ان التدخين ضار بالصحة؟

حولت نظري متفاجئاً ناحية مصدر الصوت، كانت (سايا الصغيرة) واقفة على مبعدة مني وهي

لا تزال ترمقني بوجهها العابس.

*ماذا؟

رددتُ بصوتٍ خالٍ من الاستيعاب.

*التدخين ضااار بالصحة. قالت كما لو أنها تخاطبٌ طفلاً صغيرًا لا يفهم.

*إنه يسبب سرطان الرئة والفم وأمراض الصدر وإصفرار الأسنان.

طرفت بعيني ناحيتها:

*هاا! أتظنين أن رجلاً في الرابعة والثلاثين لا يعلم هذا!

*ربما، فأنتم أيها الرجال غير منطقيون وتفعلون الكثير من الأشياء المضرة كأنها أمر عادي.

يا إلهي..كنتُ قد سمعت أن والدتها لديها موقف حازم ضد الرجال، ويبدو أنها قد أورثت أراءها المتطرفة لابنتها.

تنهدت تعباً، قالت وهي تتقدم:

*معلومة اخرى، يسبب التدخين السلبي كل من حولك معرضون بنسبة أكبر للإصابة بالأمراض بسبب

تدخينك، إن كنتَ لا تخاف على صحتك فخف ان تؤذي الآخرين.

كنتُ قد عصرت السيجارة في كفي مغتاظاً من تعالي هذه الطفلة، قلتُ لها:

*إن لم تعلمكِ أمكِ أن لا تتدخلي في شؤون غيرك فأنا من سيعلمك.

*لا تذكر أمي على لسانك!

قالتها بغضب شديد حتى إنني تفاجأت من رد فعلها، أبعدت وجهها بغيظ وهي تطلق سبة، لم تسبني أنا بل سبت نفسها.

تقدمت مبتعدة فقلت:

*إلى أين؟

*أنا ذاهبة، لا تتحدث معي رجاءً!

*من الخطر لصغيرة مثلك الذهاب للمنزل وحدها، يجب أن يرافقك أحد ما.

التفتت ناحيتي وعلى وجهه نظرة مهينة ثم قالت بضجر:

*ولم قد أذهب لمنزلي وأنا فيه؟ نا ذاهبه للحديقة ولا تتدخل فيما لا يعنيك.

أكملت حديثها ثم جرت مبتعدة.

مهلاً، هل قالت وأنا فيه؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي