9

*مستحيل.

قالتها سايا وقد ملأت الدهشة عينيها.

قال مجدداً وبنفس الإبتسامة:

*ليس مستحيلاً ..إنها الحقيقة، أنا أحبكِ أنسه ماتسوموتو، أحبكِ ومنذ وقت طويل.

لم يبدُ أنها قد استوعبت ما قال، فكرت في تلك الكلمة التي قالها، لوهلة ظنت أنها تحلم ولكنها تشعر بلسعات الرياح الباردة على جلدها وتشم رائحة كعك حلوة قادمة من محلٍ قريب...إنها حقيقة!

*لكن لماذا..وكيف..ومتى؟!

قال حينها:

*لماذا هذا أمر لا أستطيع الإجابة عليه، فالقلب ومَنْ يحب، كيف بسببكِ..لأنك المرآة الوحيدة التي استطاعت خلال تسع سنوات أن تخترق جدران قلبي، متى منذ أول نظرة رأيتكِ فيها!

مهلاً لحظة، لم يبدُ جاداً فيما يقول؟ هذا ما فكرت به، لم تحلم قط خلال الفترة السابقة أنه من

الممكن أن يكون مامورا يكن لها مشاعر غير كونها زميلة عمل. والآن وفجأة يقول كل هذا!

*أنتَ.. أنتَ تكذب.

تفاجَأ حينما سمعها تقولها ، كانت منزلة رأسها فلم يرَ ملامحها، لكنها كانت حينها تبكي ..فرحاً!

قالت:

*أول مرة رأيتني فيها..كان شعري غير مرتب ، وكنتُ أحمل فردة حذاء في يدي! لم أكن بمنظر يجعل

شخصاً مثلك يقع في حبي!

في تلك اللحظة ومن دون ان يتمالك نفسه شرع مامورا بالقهقهة.

نظرت إليه ودموعها تغشى عينيها، قال لها حينما لاحظ تلك الدموع:

*ومن قال أنها كانت أول مره أراكِ فيها؟

*إييه؟

مرت سيارة عابرة فأنارت المكان قليلاً، غربت الشمس وأضئ الطريق بالأنوار ..وفي ذلك الهدوء قال:

*أنا أحبكِ منذ أكثر من عام ونصف!

عقدت حاجبيها وقالت:

*عن ماذا تتحدث؟ نحن لم نلتقِ إلا منذ ثلاثة أشهر وبضعة أسابيع.

*تقنياً هذا صحيح، ولكن قبل ذلك كنا قد التقينا مراراً أو في الحقيقة كنتُ أراكِ مراراً.

زادت حيرتها، فـمامورا كان يقطن في كيوتو قبل إنتقاله إلى هنا، أنهى حيرتها حينما أخبرها بالحقيقة:

*لا أظنك تذكرين، ولكن نحن كنا قد التقينا قبل سنة وتسعة أشهر حينما أتيت لتولي محاكمة هنا، في

الحقيقة كنتُ حينها أعمل ضد كوريناي وأوهانا..المهم أنني قد خسرت تلك القضية، فجاءت خالتي

أسامي لتواسيني، كنتِ حينها أنتِ الأخرى في محكمة فقالت لي خالتي أن أتي معها لأتابع محاكمة

تلميذتها النجيبة والتي طالما أخبرتني عنها.

*أحقاً كانت تحدثك عني؟

*بالطبع، منذ أن كنتِ طالبة لديها، كانت تقول لي أن لدي فتاة توازيك في مهاراتها وأنها تتوقع

منها الكثير.

ابتسمت سايا عندما علمت مكانتها عند معلمتها ، أكمل مامورا:

*ذهبت وجلستُ في قاعة المحكمة ، في البدايَّة لم أكن مهتماً و أتيت فقط من أجل خالتي، ولكن

ولا أدري لماذا..أثارت تلك المحامية المدعوة ماتسوموتو سايا اهتمامي، طريقة حديثها، صمتها،

ادلاؤها بأرائها، غضبها عندما يتم مقاطعتها، و أدبها في الحديث رغم غضبها، وأيضاً ابتسامتها

وهي تصافح موكلتها بعد أن ربحت القضية..!

وجدتُ نفسي لا إرادياً أسأل خالتي عنكِ، وهي لاحظت اهتمامي، وبينما كنا نتحدث أتيتِ أنتِ.

*حقاً؟

*نعم، أتيتِ عندما رأيتِ خالتي فجئتي وألقيتِ التحية، لا اظن أنكِ قد وضعتِ بصرك علي حتى، فقد

جرى الأمر بسرعة كبيرة.

شعرت سايا بالخجل، ليس مستبعداً أن تكون قد فعلتها وعن عمد، فهي وقحة للغايَّة مع الرجال، الأن فقط ندمت على أنها لم تكن منتبهة.

*ورغم جفائك ذاك إلا أنني لا أنفي أنكِ تركتِ أثراً في قلبي، حتى بجفائك ذاك ..أعجبتني صلابتك وقدرتك وكانت خالتي قد اخبرتني بـكونكِ تكرهين الرجال، لكن هذا لم يثنيني.

عضت على شفتها، كان يتحدث بحبٍ كبير والابتسامة لا تفارق شفتيه، وبين الحين والآخر كانت سايا تلقي نظرة على مكان آخر حينما لا تتحمل أن تبقي عينيها عليه.

*حسناً في الحقيقة، وبعد ذلك اليوم ظننتُ أنني لن ألقاكِ مجدداً وأن ما شعرت به لا ينفك يكون مجرد إعجاب سيطويه الزمن، ولكن وجدتُ نفسي طيلة أيام بعد ذلك اليوم أتذكرك في كل لحظة أكون فيها وحدي. فتأكدتُ حينها أنني..قد أحبتتك!

إحمرت .. وقد لاحظ ذلك، ابتسم قائلاً:

*ولحسن حظي ساعدتني خالتي في ذلك، وقد ضربت عصفورين بحجر، تجعلني أتولى مهامها وفي

نفس الوقت تجمع بين ابن أختها وتلميذتها، هذا ما قالته لي.

إذاً هذا ماكانت تفكر فيه، قالتها سايا لنفسها، انتظر مامورا أن تقول له شيئاً ولكنها كانت تنظر للأرض وعلى وجهها نظرة ثابتة وقد أمسكت بطرفي معطفها بقوة.

أحس أنه ربما قد ضايقها فقال:

*أنا آسف إن كنتُ قد ازعجتك، لكنني لم أتحمل أن اخفي مشاعري اكثر من هذا.

عندها قالت ومن دون ان ترفع وجهها:

*غبي. ومن قال أنني انزعجت!

تفاجَأ من قوة كلماتها وطرف بعينيه.

*ماذا؟

رفعت وجهها المحمر ، ومع أضواء الشارع الظليلة ودموع عينيها التي بللت رموشها الطويلة بدت له

أجمل ما رأى، قالت:

*لأنني ...أحبكَ أيضاً ...!

هذه المرة كان هو من دهش، وكان هو من قال:

*مستحيل.

فقالت بعد أن أخذت نفساً:

*ليس مستحيلاً. فكيف لا تريد لفتاة عاقلة أن لا تقع في حبكَ وأنتَ تعاملها بكل تلك الطيبة!

تلك الثواني والدقائق التي مرت..تلك المشاعر التي اسكبت ..كانت أجمل ما مر بهما طوال سنين.

***

كانت يوكي تقف متكئة على السيارة وهي تنتظر، قالت بغيظ:

*لقد مرت ربع ساعة، ماذا يفعلان!

*أسفان على التأخر.

قالها مامورا وبقربه كانت سايا، قالت يوكي:

*لقد تأخرتما كثيراً أنا أكاد أموت جوعاً!

*أسفان حقاً.

لاحظت يوكي حينها هدوء والدتها، وأن وجهها كان احمر اللون، ابتسمت حينها بخبث وقالت:

*إذاً، ماذا حصل بينكما ؟

فغرت سايا فاهها وحدجت ابنتها بنظرة معاتبة.

*لم..لم يحصل شيء.

قالها مامورا لكنه دون أن يشعر خلل يده عبر شعره، فقالت يوكي بخبث أكبر:

*هل تريد خداعي أنا؟ لستُ غبية عمي، إذاً هل إعترفت لها؟!

*يوكي!!

كانت سايا هي من قالتها وقد ازداد شعورها بالخجل، إذاً فـ يوكي على علم بكل شيء، هل كانا يشكلان حلفاً من ورائها؟ بينما ضحك مامورا وقال وهو يتوجه إلى مكان السائق:

*لا تقلقي يوكي، لقد حصل ما كنتِ تريدين.

قرفصت يوكي أنفها وابتسمت.

~~

في المكتب، وقبل دقائق من وصولهم كان هنالك زائر أخر، وهو السيدة أسامي، جاءت بعد أن انتهت

إجازتها خارج البلاد.

فحكت لها كوريناي كل ما حصل.

وبينما كن يتحدث دخل الثلاثة مع بعضهم، وكان كِلا مامورا وسايا متماسكين بالأيدي. وأمامهما

تمشي يوكي بكل سعادة، لم تهملهم يوكي وقتاً لكي يباركوا عودتها وقالت دون مقدمات:

*إن عمي مامورا وأمي أصبحا مرتبطين!

علت الدهشة وجوه الموجودات، بينما هتفت سايا في يوكي غاضبة، فذهبت يوكي واختبأت خلف

مامورا الذي كان يضحك، مستمتعاً بالموقف كله وبدفء اليد التي يمسك بها بأريحية، كأنما كانت تنتمي إلى يده منذ البداية.

كانت كيوكو أول من قال:

*أخيـــــــراً !!

قالت مايا باستغراب:

*أخيراً ماذا؟ هل كنتِ تعلمين؟

*كنتُ أعلم بشأن مشاعر السيد مامورا فقد كانت واضحة كوضوح الشمس.

*حقاً؟

قالتها كل من مايا وسايا باستغراب شديد بينما هزت كيوكو رأسها على سذاجتهن، اقتربت أسامي منها وعانقتهما سعيدة وهي تقول:

*هكذا سأكون سعيدة أكثر بتعاقدي.. مبارك لكما.

اقتربت كوريناي وأوهانا وبارك الجميع لهما، وفي ظل ذلك سألتهما كيوكو بحماس شخص بدأ يخطط لفستانه منذ الآن:

*إذاً .. ومتى الزفاف؟

نظر الاثنان إلى بعضهما بابتسامة، ثم أجاباها:

*ربما أقرب مما تتصورين!



~ The End ~
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي