17

نقل كاينر مالينا إلي المخيم حيث غرفتها تلك التي كانت تملأها صور تخص العروض السحرية و الكتب التي لها علاقة بذلك العلم، ببطء أبعد تلك الاوراق التي كانت تغطي فراشها و حعلها تستلقي و كأنها جثة تنتظر موعد دفنها.
فتح كاينر النوافذ و قد عبر نسيم لطف الجو الذي يغلبه الغبار و الغموض و كأن أحد ما كان يراقب المكان، جلس كاينر على الكرسي الذي بقرب النافذة ينظر إلي الخارج فلايزل الوقت مبكرا لغروب الشمس و لكنه بدأ يشعر بالنعاس على غير العادة.
قبل عدة أعوام و في حادثة مشابهة خسر كاينر كل ما يملك من أصدقاء، عائلة و حتى معشوقته. كلما تذكر تلك المصيبة التي حلت به يفيض به الحال و تدمع عينيه دون حاجز أو إستئذان.

مرت سويعات و حضر الطبيب دييقو و هو في أوج إنذعاجه، تحدث مع كاينر الذي أخبر بتفاصيل ما لم كن يجدر به أن يبوح بها، تبسم الطبيب ديقو و أخبره أنه يود مقابل قرمزية العينين ، لكن كاينر رفض و بشدة و كأنه كان يحمي عالما تكون من محض ذرات غبار.

إقترب الطبيب دييقو و ألقى بضع كلمات ومسح على وجه مالينا فإذا بها نهضت معافاة تحدق حولها، سأل كاينر الطبيب دييقو كيف له معالجتها ببضع ألفاظ مبهمة.فرد قائلا:
"كما تعلم أنني طبيب من نوع آخر، و أنك من هؤلاء المحظوظين الذي يمتلكون هبة رؤية سكان العالم الآخر، على كل حال سنتقابل و لكن ليس هكذا أو هنا، يجب عليك أن تختار سريعا أيهما يستحق التضيحة لأجله، مصير البشرية أم تلك قرمزية العينين"
إحمرت عينا كاينر و كاد ينفجر غضب، كيف يتجرأ على محادثته هكذا، خرج كاينر و ترك مالينا تحدق به و تردد:
" قرمزية العينين!
من تكون؟"

و لكن كالعادة لم يرد عليها، التمسك بذكريات ما كان هو الشيء الوحيد الذي يجيده كاينر، لم يكن يبرع في أمر غير ذكرها إسمها، حتى قابل قرمزية العينين تلك التي جعلته يفكر فيها عوض عن الماضي و الحاضر حتى المستقبل بات يصرخ بإسمها، و كأنها غيث و حل سهلا على بيداء.
كانت قرمزية العينين رقيقة تخال الهواء سيخدش جمالها الخلاب و يقترف جرما في حقها تلك التي سحرت قلوب بني آدم أجمع إلا القليل.
الإنتظار و الشوق لرؤيتها بات كمثل سم يتعاطاه كاينر في كل ثانية تمر دونها، رغم علمه بفرق المسافات الشاسع بينهما، فهو بشري لا حول له و لا قوة بات فؤاده لا يأبه بأحد غيرها هي التي من عشيرة مصاصي الدماء لا يدري إن كانت تبادله ذات الشعور أم أن كل هذا مجرد نزوة.
هنالك أسفل المنحد عند بتلات الأزهار كان كل ليلة ينتظر عودتها، رغم تفشي الوباء و إذدياد الضحايا ليلة بعد ليلة رغم هذا هو لايزال هناك يأمل عودتها يود بشدة رؤيتها .








تمكن الطبيب دييقو من معالجة دوناتيلو من ما أصابه من أعمال لا تليق ببشري لا ينجزها الا أحد من أفراد الجان.
تحدث الطبيب دييقو مع دوناتيلو مخبرا إياه أن أباه يود منه ترك كل شيء و العودة الي الديار فوالده قلقة عليه. و هي تود رؤيته حالا.

كما النار تشتعل في قش المزارع إنتشرت الشائعات حول ذلك وباء بل لعنة مصاصي الدماء التي إجتاحت معظم دول القارة الأفريقية،الكثير من البعثات الخيرية و الإنسانية عادت الي ديارها فما عادت إفريقيا أهلا للعيش الرخي، العالم كله على أعصابه .
لكن دوناتيلو عارض رغبة و الديه و تمسك بقرار المكوث و مساعدة المحتاحين إذ لا نفع لحياته بين أطنان الأموال و البزخ ذاك هو يود تجربة شيء يستحق أن يفنى حياته لأجله.
كتب خطاب لوالدته يعتذر فيه و يشرح لها أسبابه التي يحال أن تفهمها، أما عن والده فلم يفكر في تبرير موقفه له مطلقا.

كانت حالته النفسية يرثي لها، صراعه الداخلي بين ذاته و تحديه لوالده بإثبات قدرته تحول دونه و الإستسلام ببساطة.








كاينر بات كثير الشرود بائسا و كأن الألوان في عالمه بهتت و الضياء قد ودعه و رحل بلا عودة.
كل ما يريده و يدعوا ليل نهار أن يحصل عليه هي تلك التي سرقة فؤاده منذ النظر الأولى، فتاة لا تتكرر كل يوم.
بحث عنها في كل الامكان التي قد تتواجد فيها و لكن لا أمل.
" أتراها لا تود لقائي"
همس كاينر.
إنتبه لوقوف مالينا خلفه، أعرض بوجهه عنها، و سار صوب الكوخ بين ملتقى نخلتين.
"مضت ثلاثة أشهر منذ تلك الحادثة و أنت لم تكلمني حتى أنك تتصرف معي ببرود مبالغ فيه"
صاحت مالينا و دموعها لا تكف عن النزول كانت تعاني، قلبها يتقطع ألما ، هي لا تدرك أن لا ملاذ لها في سؤدد كاينر، بيد أنها تريده مهما كلفها الأمر حياتها.
تنهد كاينر وزفر بصوت عالي، شهقت هي و مسحت دموعها حينما نظر هو إليها و إقترب حتى لم تعد تدرك على ماذا عليها التركيز.
همس في أذنها ثم رحل، تاركا إيها جاثية علي الأرض و خيبة الأمل تحكى قصة أخرى.







في غضم الصراع للبقاء، فالليل بات كابوسا حقيقيا لا يتمنى أحد حلوله، مصاصي الدماء ينشطون بعد مغيب الشمس و تلك المجازر التي جعلت العالم كله يقف على قدميه عاجز عن فعل شيء، هناك عند جرف بالقرب من صخرة ضخمة، أسندت تاركو _ذات الجرح في ساقها_ نفسها عليه. كان يتبعها عدد لا حصر لهم من هؤلاء الذين تحت إمرة مصاصي الدماء الأعظم، كانت أنفاسها تتصاعد بطريقة هستيرية، دقات فؤادتها تصرخ في فزع.
تحاول عدم إصدار أي صجة حتى لا يجدو محلها، هيهات آثار دماءها التي على الارض تفضحها.

وقف أحدهم على بعد خطوتين منها و جلس الآخرى على الصخرة التي بقربها،بينما حشد كبير منهم يتجهون صوبها، نطق أحدهم مقاطع بوادر نشوتهم و شهوتهم لقتلها " إياكم و لمس هذة إنها تخص نائب القائد الاعلى"
تهامس الرجال فيما بينهم و الغضب بيين عليهم، ترجعوا للخلف بسرعة.
تاركو قد قتلها الخوف، لم تعد تشعر بجسدها، غابت عن الوعي من هول منظرهم المرعب.

أن تكون أمة لمتوحش طاغي لشيء مثيرللشفقة، تمنت تاركو الموت عوضا عن كونها مجردة دميةلمصاص دماء لعين.
خمس ساعات وهي فاقدة الوعي، وجدها مايكل بالصدفة عندما كان عائدا من حيث يقيم سوقه السوداء، إذدهرت تجارته وقد اقبل الكثيرون منالقرويين داخل وخارج البلاد، الكل يسعى لإقتناء دوائه بأي ثمن، رغم أن له أثار جانبية قد تؤدى بحياتهم.



أشربها مايكل ماءا، و دلك رجليها و يديها، كانت تتمتم بذكر لفظ مصاصي الدماء، حاول هو إفاقتها ولكنها غطت في نوم عميق، وكأنها كانت ترى كوابيس دفعه واحدة.
تسائل مايكل عن سبب وصولها الي هذة الحالة، أشرقت الشمس ويجالسها ويمسح على جبهتها ببطء يقيس حرارتها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي