1
"مقدمة "
(الجزء الثاني من عثرات سارة)
لم يكن الحب شيء خاطئ كما وصفت سارة و لكن الطريق الذي أتبعته من حب و أرتباط كان خاطئ و مثير للجدل بمجتمعات لاتتقبل هذه الأشياء .
سلكت كل طريق فظ و خاطئ و شاذ بدايةً للتسلية و رافقت رفاق سوء في مدرستها و بالحي و بعدها قد راق لها الأمر ، و لم تعد تستطيع العودة إلى مسارها الصحيح فليس هناك من يهتم بالأصل .
لم يوجد لها أمٌ ناصحة أو قريبة للقلب ، كانت أمها قاسية و بعد آخر موقف حصل معها قد قاطعها أبيها و لم يعد يتواصل معها على الإطلاق بعد ما أفشى عمها له كل أفعالها .
في كل مرة تحاول بها إنقاذ نفسها و الأبتعاد عن الحب و عن هذا الشخص الذي أحبته ، قلبها يعود إليه و لم يهوى غيره ، فقد أرادته بشدة ، و لكنه شخص غير مسؤول و غير مبالي أيضاً و تعلق بفتاة صغيرة و قد لا يكون حباً مايكمنه لها قد يكون أستغلال لها كما وصفته أمها لاحقاً .
كان حضها سيء بالحب و بأختيار الحبيب ، و لكن القلب و مايهوى ، و لكن الجميع يحاربها من أجل أن تتركه و نحن لدينا مقولة متعارف عليها بأنه " كل ممنوع مرغوب "
فبكل مرة يبعدونها عنه إجباراً تتمسك به أكثر كما لو أنه الملاذ الأخير للخلاص من حياتها البائسة معهم .
تضن بزواجها منه ستعيش بسعادة أبدية و لكن من يدري
لم توحي أخلاقه الطائشة بذلك الوقت بأنه شخص يوفي بوعده و يحافظ على العهد ، لذا كانت يجب أن تفهم بأن القدر يحاول يبعدها عنه بشتى الطرق و لكن لم تفهم هذا الشيء إلا متأخراً بعد معاناة طويلة الأمد من تعذيب للروح من فراق و ألم و حسرة و شوق ، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من مسار حياتها وتختار طريقها المختصر الصحيح .
فأنا لا أعلم لما الفتيات يعتقدن بأن الزواج هو المفر و الطريق الأقصر للتخلص من معاناة أهلهن ، عزيزتي إن لم تحضي بأهل جيدين هذا لايعني إن رميتي بنفسك عند أول شخص أحببته ستعيشين بمنتهى السعادة .
أحرصي على أن تستندي على عمودكِ الفقري و تتكأي على يديكِ فقط ، و أختاري طريق يناسب قناعاتك و طموحاتكِ و ليس رجل يأمركِ طوال الليل و النهار .
كَوّني نفسك و كُوني طموحة و قدسي نفسك فأنتِ لستِ شيء سهل أنت معجزة من الصبر و التحملات بجسدك و قلبك وكيانكِ ورحمك التي تتحملين فيه طفل تسع شهور و يُخلق ضمن أحشائك .
عليكِ أن تعرفي بأنكِ أعظم شيء قد خلقه الله فأصبري على قدركِ و أنتظري القدر متى سينير لك الطريق ، لا تكوني عنيدة ، فمعاندة القدر لن تجدي نفعاً ، و الدموع الكثيرة لن تزيل شيء سوى أرهاق روحك ، كوني أنت ، و مَثلي نفسكِ بمجتمعكِ و أفرضي نفسكِ عليه بالطريقة الملائمة .
و إياكِ و السير عكس التيار ، سيري معه و ستستدلين على الطريق حتماً .
أرجو أن يتعلم أحدكم شيء مما عانته سارة ، أختصروا الطريق على أنفسكم كي لاتعيشوا مثل ماعاشت وعانت .
الفصل الأول :
(نشر الإشاعات )
كنت أبكي بغرفتي و ودت لو أضم كل شيء فيها فقد أصبحت للحظة هي المؤنس الوحيد و الصديق القريب و الملجأ الذي أحادث به نفسي و تنزل دموعي و لا أظهرها لأحد ، فقد كانت لدي خصوصية على الأقل خزانة لوحدي وسرير وطاولة و كرسي و مرآة ، فأكثر شيء أفتقدته هو مرآتي الملتصقة بالحائط ، كانت أكثر الأشياء التي كنت أتحدث معها و أخبرها بأدق تفصيل أمر فيه .
بتول : لا أعلم كيف أستطيع مساندتك ، أخبريني الآن أي شيء أرجوكِ .
سارة : أنا حقاً أفكر و أفتقد كل شيء منذ هذه اللحظة ، و لا أعلم ماذا أفعل كي يرحمني .
بتول : لاتحزني ، أينما ذهبتي سنأتي لزيارتك .
حينها أنهمرت دموع سارة بشدة مع صوت نهدات متقطعة .
سارة : ستزوروني ؟ آه و كنت أتمنى أن أعيش معكم و تتغير حياتي ، كنت أضن بأنني أصبحت أسعد أنسانة بالحياة .
ضحى : أرجوكِ يكفي فقد قطعتِ قلبي ، لا أضن بأنه سيأخذك لمكان بعيد .
سارة : هذا إن جعلني أبقى على قيد الحياة ، سجلي عندكِ رقم ماجد و أخبريه بما حدث أرجوكِ .
بتول : و أنت بهذه الحال تفكرين بهِ ؟ و هو من سبب لك كل هذا الدمار .
ضحى : أتعلمين ياسارة ، قد يريد الله أن يبعدك عنه .
سارة : لا ليس صحيح فهو الوحيد الذي وقف بجانبي في حين تكالبوا علي أهلي و أعمامي قد يكون طائش قليلاً و لكنه الوحيد الذي أحبني من قلبه و يحاول الحصول علي ، و لو قبلت أمي لتخلصت من هذا العناء .
بتول : حسناً ياعزيزتي لاعليكِ.
حينها انفتح الباب بقوة و ضُرب بالحائط الذي خلفه
و قفت سارة على قدميها من هول الضربة فهي لا تعرف ماذا سينتظرها .
بقيت في غرفتها و تضم بتول من خوفها ، و تحاول إيجاد شخص منقذ أو ملجأ للهروب و لكن لا مفر .
أيمن : أين أنت يا غبية ؟
سارة : أنا هنا ياعمي .
أيمن : لا تقولي عمي ، هيا أمشي أمامي بسرعة و أنتِ أيتها الأم الفاشلة ، سنتحدث فيما بعد ، بعدما أجد حلاً لأبنتك الشاذة و الرخيصة ، و لكنك أرخص منها لأنه ليس بلسانك كلمة جميلة سوى الغلط و العجرفة و التكبر ،هل تعتقدين هذا سلاحك ؟ أنتظري و سترين ماذا سيحصل .
لم تستطع سلمى التفوه بأي كلمة و كانت تنظر بخذلان و أنكسار فهي تتعرض للشتائم من سلفها و لازوج حولها ليحميها من ألسنتهم المتسلطة .
كانت سارة تنظر لأمها و لأخوتها بنظرة أنكسار و خجل و هي تتأمل المكان و تودع بنظراتها كل شيء و حتى بنات خالها التي نَظرت إليهن بحسرة ، كانا واقفتان عند باب غرفتها و الدموع تملئ عيونهن كما لو أن سارة ذاهبة بلا عودة .
أخرج عمها حقائبها إلى السيارة و من ثم خرجت و هي تتأمل الحي و بيت ماجد و تمنت لو كان موجود لتراه لأخر مرة و لكن لم يكن هناك أحد مع الأسف ، صعدت إلى السيارة من الخلف و أخذها عمها إلى منزله الذي يبعد عن منزل أهلها في السيارة ساعة .
دخلت إلى منزل عمها و دموعها تتناثر على وجنتيها و قلبها يحترق ، أستقبلتها زوجة عمها فرح و شعرت بالخوف عندما رأت سارة بمنظر مخزٍ ، بشعرها المتناثر و دموعها التي خالطها الكحل و الذي يسيل إلى وجهها .
فرح : مابكِ يا عزيزتي ؟ ماذا حصل ؟
دخل أيمن بعدها و هو غاضب و يعقد عاجبيه .
أيمن : هذه الحقيرة إن رأيتها تمسك هاتف أو تفتح باب أو تخرج منه سأرميك أنت أيضاً ، هل فهمتي ؟
فرح : حسناً فهمت .
أيمن : هيا أبقي الآن في هذه الغرفة لحين عودتي و لاتخرجي منها .
بدأت سارة تسير بخطوات متباطئة يملئها اليأس و لكن كان كل همها كيف تهرب و تتخلص من عمها .
لم يكن عمها سيء الطباع أبداً و لكن مافعلته سارة من عناد و تكبير رأس و إصرار على بقائها بمرافقة شخص سيء و الكل ينظر له نظرة سوء جعله ينغاظ منها و يكرهها في البداية .
بعد إن دخلت سارة قام عمها بقفل باب الغرفة بالمفتاح .
فرح: لما قفلته ؟
أيمن : لأنها قد تهرب أبنتنا ، أبنة الشوراع .
فرح : و لكن إن جاعت أو حصل لها مكروه كيف سأفتح الغرفة .
أيمن : دعيها ، فأنا أريدها أن تموت .
فرح : أرجوك لا تكن قاسي لهذا الحد .
أيمن : أصمتي أنتِ و لاتتدخلي بشيء لايعنيكي .
أستدار أيمن و عاد أدراجه لبيت الجدة ليتناقش الأمر مع أخواته البنات الكبار المتزوجات و يستشيرهن بالأمر .
دخلت سارة الغرفة و هي تتأمل المكان حولها و كيف ستعيش بكبت طيلة عمرها مع عم حاكم و شديد و لايقبل الخطأ .
كانت الغرفة صغيرة و بها خزانة من أربع أبواب و كانت لكل أفراد العائلة و سرير كبير واحد و لايوجد غيره في المنزل فهي غرفة عمها و زوجته .
شعرت كما لو أنه قام بحبسها بسجن حقيقي و ليس منزله ،فمنزلها بالنسبة لهذا جنة ، و لكن هو يعرف مايفعله ،فهو يريدها أن تحس بالنعمة التي تتواجد عندها بسبب أمدادات والدها المتغرب ،فرغم بعده إلا أنهم يعيشون برفاهية و ببيت جميل الكثير يتمنون الحصول عليه .
استلقت على السرير على جنبها الأيمن وضمت قدميها لبعضهما و أمسكت بهما من ركبتيها لتتكور على نفسها كالطفل .
لم تفراق الدموع عيونها في ذلك اليوم و هي تفكر بأمها و أخوتها و حبيبها التي قد تخسره و بيت خالها التي عاشت معهم كأميرة و تمنت لو أنها لم تأتي إلى هنا حتى زيارة .
هي لم ترى أن كل هذا من ترتيب القدر ، فهو الوحيد الذي يحاول أبعادها عن ماجد ومن حولها كانوا أسباب لذلك فقط .
قاطع طيف أفكارها و تخيلها لما يحصل صوت زوجة عمها (فرح)
فرح : سارة أنت بخير ؟ هل تسمعينني؟
سارة : هل رأيت مايفعلونه بي؟
فرح : أنت تعلمين بأن عمك لا يقبل أمور كهذه ، كما أنه نبهك في السابق و كان عليك أن تكوني أكثر حكمة و لاتتبعي شب كهذا لعوب و غير خلوق .
سارة بنبرة صوت حادة : لااا ، أنه ليس كذلك ، أنت لاتعرفيه ، هو شخص جيد ، لما لا تصدقونني ؟
فرح : حسناً ،كما تشاءين .
لم ترغب فرح التدخل أكثر و بالأخص أنها حاولت مع سارة و لكن دون جدوى ، فقد كانت أنسانة خلوقة و طيبة و بسيطة و لكنها مهملة بعض الشيء بترتيب بيتها و أولادها .
كان لديها بنتين إحداهما بعمر السابعة و هي الكبيرة و الآخرى السادسة و لديها أربعة أولاد أصغر منهن لم يكن فارق بالعمر بين كل واحد منهما سوى سنة ، لم أعلم لما أنجاب أطفال بهذا العدد و فوق بعضهم ، حقاً كنت أتعجب ، الأمر ليس ممتع ، لأنهم عذاب و تعب و إرهاق للأم فقط و يحتاجون لشخص يركض خلفهم طوال الوقت ، و بجلوسي عندهم كنت ذلك الشخص .
كان منزلهم كبير بعض الشيء و لكن ليس منظم تشعر بأنك ضمن سوق للبالة فكانت الغرف تعيث بالثياب لان الأطفال كانوا يرمونها بعد كل ترتيب ، لذا لم يكن هناك غرفة مرتبة بسببهم .
عندما تدخل ألى المنزل ستجد ممرر طويل يؤدي إلى صالون كبير طوله تسعة أمتار و عرض خمسة و على يسار الممر تركن غرفتين الأولى متوسطة للضيوف و الأخرى غرفة نومهم و بضمن الصالون تركن غرفة أخرى صغيرة يعيث فيها الفِراش و الثياب و الأغراض المبعثرة و كانت هي الغرفة التي أنام بها مع أولادهم طيلة السنتين من جلوسي معهم .
كان عمي في الفترة الأولى قاسي جداً معي و يعاملني معاملة كره و قسوة و كنت أرتجف خوفاً كلما نادى بأسمي لدرجة أنني أصبحت أكره أسمي و طريقة لفظه .
جعل مني خادمة له و لأولاده و مساعدة لزوجته في أمور المنزل من تنظيف و ترتيب و طبخ و أيضاً تحمل مسؤولية الأولاد و التنظيف ورائهم بعد كل كركبة يقومون بها .
عشت سنتين لا أحسد عليها ،و لكن بسبب هذه الحياة جعلني أشعر بقيمة ما كنت أملك و كيف كنت أعيش مع أمي و أخوتي و شعرت بقيمة منزلنا و ترتيبه و تصاميمه و فخامة أغراضه المريحة لسبل الحياة و حتى غرفتي أستفقدتها و تحسرت كثيراً على فقدانها .
فأنا لم أخسر البشر فقط بل خسرات جميع أشيائي المعنوية و المادية التي كنت أملكها في السابق .
مُنع مني الهاتف و قطع الهاتف الأرضي من المنزل كي لا أستخدمه و لم يكن هناك وسيلة للتسيلة سوى التلفاز ، و كلما نظرت إليه تذكرت سهراتي مع ضحى و بتول و كمية الضحك و السعادة التي كانت تغمرنا .
في الحقيقة في بداية الأمر أسودت الحياة بعيناي أكثر حيث أنني لست معتادة على حياة البساطة هذه ، قد مضيت أشهر أبكي على سريري الذي أفتقدته و حتى على وسادتي التي كنت أحتضنها في نومي و ألعابي و مرآتي .
كما أنني مُنعت من لبس القصير و من وضع المساحيق التجميلية ،لذا طلب مني رميها في القمامة .
عند أيمن الذي ذهب إلى بيت جدتي .
دخل منزلهم و هو ينفث ناراً .
أيمن : أرأيتِ ماذا فعلوا بي زوجة أبنك و ابنتها ؟ فقد جعلوا رأسي بالأرض .
الجدة : إهدأ يابني و أجعلني أفهم ماذا فعلوا هذه المرة ؟
أيمن : أخ ياأمي هذه المرة لاتناسب أخي فهي لاتعرف كيف تربي أولادها ، فمازال الكبيرة شاذة كيف سيكونون البقية ؟ لو تعرفين ماذا قالت أم مي عنها .
الجدة : هل هذه صاحبة الدكان الصغير في أول الحي ؟
أيمن : أجل ، فقد فضحتنا و كل ما مر عليه أحد تحدثه عن أبنة أبنك عديمة التربية و كيف تخرج كل يوم مع حبيبها الأزعر و اللعوب ، فلم يعجبها غير هذا الشاذ تلتصق به .
الجدة : أين هي الآن ؟ أنا سأتحدث معها .
أيمن : لن ينفع الكلام معهن ، و أنا أخذت سارة إلى منزلي ، و سأرى كيف لا تستقيم ، سأجعلها تسير بالطريق الصحيح رغماً عنها و إن لم يعجبها فسأقتلها و لن يعرف عنها أحد .
الجدة : لا ياولدي أرجوك ،أنت لست بهذا السوء ،أصبر عليها بني و ربيها أنت و سوف تكسب ثواب بها فهي صغيرة و مراهقة و لاتعرف مصلحتها .
أيمن و هو يتنهد : حسناً سأحاول ، أين هن زهرة و مها فقد أتصلت بهن ليأتين ؟
حينها طُرق الباب و كانا إخواته المتزوجات أتين من بيوتهن التي لاتبعد الكثير عن بيت الجدة بعد أن اتصل بهن أيمن .
زهرة : صباح الخير جميعاً ، مابكم فقد شغلتم بالي ؟
الجدة : صباح النور ، تفضلوا .
مها : صباح الخير أمي كيف حالكِ ؟ كيف حالك أخي ؟
أيمن : آه عن أي صباح تتحدثان و أي خير و مازالت أبنة أخيكم ترافق كل يوم أزعر جديد .
زهرة : ماذا حصل ألم توعدك من قبل بأنها تركت هذه الأمور ؟
أيمن : من لديها أم كأمها فاشلة كيف ستتعظ و تخاف و تمشي صح ؟
مها: أرجوك أخي تريث و دعك من أمها ، فأنا لا أضنها راضية عن تصرفات أبنتها ، و لكنها لم تستطيع أن تتحكم بها بطريقة صحيحة .
أيمن : لا ، لم ننتهي من قصة غرامها و بقيت سراً بيننا بل أصبحت علناً الآن و كل من في الحي و كل من يعرفنا أصبح يعرف بالأمر ، و الذي لم يعرف سيعرف حتماً ، يال الفضيحة .
زهرة : هون عن نفسك أخي ، دعهم يتحدثون ، ولو تحدثوا أمامك أسكتهم بطريقتك فلا يحق لأحد التدخل ، وبالنسبة لسارة حاول أن تجعلها تتعض و لك أجر و ثواب و لكن لا تُرهبها فهي تخاف منك كثيرة ،و إن شددت كثيراً عليها قد تفكر بالهرب .
أيمن: لا يكفيها الفضائح تريد أن تهرب أيضاً ، دعيها تهرب و سترون مالذي سيحصل .
مها : لا أخي ليس بهذا الشكل تُحل الأمور .
أيمن : دعكم منها فأنا أعرف كيف سأربيها .
الجدة : الله يرضى عليك ياولدي كن صبوراً عليها ، فالشباب بهذا العمر تربيتهم صعبة و تحتاج لرجل يحكم ، و أمها ليس لديها رجل بجانبها لتقدر عليها ، لذا لا تفتعل مشاكل لأمها مع أخوك أرجوك.
أيمن : حسناً يا أمي كما تريدين ، سأسكت عن هذا الأمر هذه المرة .
طالت حواراتهم فيما بينهم للمساء كما لو أنها قضية عامة و لكن عائلة سارة و أعمامها يهتمون بهذه القضايا و أي فتاة ترافق شب و حتى إن كان صديق فهي شاذة و تحتاج لتربية فقد كان يُصعب تغيير عقولهم .
عند سلمى *
التي مضت يومها و هي تبكي و تشد رأسها من شدة صداعه و تضن أنها ستتطلق من زوجها الآن حتماً ، فبصعوبة سامحوها المرة الماضية و لكن هذه المرة تيقنت بأنها لن تبقى ، و لم تفكر و لا لثانية بأبنتها أو بمصيرها .
وطلبت من بنات أخوها أن يذهبوا لمنزلهم كي لا يقلق والدهم و يأتي إلى هنا و يسأل عن سارة و قد تحدث مشاكل بينه و بين عمها و طلبت منهما بألا يتحدثوا بالأمر لأحد ، و قد ذهبا بعد إن ذهبت سارة مع عمها .
كانت سلمى تجلس على الكنبة و تربع قدميها عليها و تضع إحدى يديها على خدها و جالسة و هي تهز بجسدها ذهاباً و إياباً من شدة توترها .
و كانت دموعها تسيل و تتمتم .
سلمى : لا أعلم مالذي فعلته كي أُعاقب هكذا ، و لا أعلم بماذا قصرت مع هذه الفتاة لكي تجعلني أضحكوة للجميع و ملجأ للتوبيخ و الأستهزاء ، فلو كان لدي رجل لما تجرأ أحد على قرع بابي بهذا الشكل حتى ، و لا الصراخ في وجهي ، أه كل هذا بسبب بعد والدها و كل مشاكلنا أيضاً ،فلو كان معنا لكانت حياتنا أفضل ، فالمال ليس كل شيء ،فهو يستطيع أن يعمل هنا و بشيء يعطينا لقمة العيش فقط و هذا مانحتاجه ، و لكنني تعبت من أقناعه و لن أتوسل به أكثر بعد كل ماجرى علينا و كيف فُضحنا من إمرأة عديمة أخلاق أيضاً .
عند بتول و ضحى *
اللواتي دخلن منزلهن بعيون متورمة من الدموع و وجوه كئيبة و يجرّن خطواتهن ببطء و أفكار و مشاعر كثيرة تدور الآن في رؤوسهن و مالذي سيحصل لسارة .
منار : أهلاً يابناتي و حبيبات قلبي .
بتول : أهلاً أمي .
ضحى : كيف حالك ؟
منار : مابكما ؟ قولا بسرعة ، لما حالتكم يرثى لها ؟ و أين سارة ؟
بتول : أرجوكِ أمي نتحدث فيما بعد لأن رأسي تُقرع فيه الطبول الآن من الألم ، و سارة عند عمها لم يقبل أن تأتي معنا و لكن لا تُخبري أبي بشيء إلا بعدما أشرح لك الأمر .
كانت ضحى قد دخلت الغرفة واستلقت على سريرها قبل أن تتحدث بتول .
منار : حسناً حبيبتي أذهبي و أرتاحي ، المهم أنكم بخير
يتبع..
(الجزء الثاني من عثرات سارة)
لم يكن الحب شيء خاطئ كما وصفت سارة و لكن الطريق الذي أتبعته من حب و أرتباط كان خاطئ و مثير للجدل بمجتمعات لاتتقبل هذه الأشياء .
سلكت كل طريق فظ و خاطئ و شاذ بدايةً للتسلية و رافقت رفاق سوء في مدرستها و بالحي و بعدها قد راق لها الأمر ، و لم تعد تستطيع العودة إلى مسارها الصحيح فليس هناك من يهتم بالأصل .
لم يوجد لها أمٌ ناصحة أو قريبة للقلب ، كانت أمها قاسية و بعد آخر موقف حصل معها قد قاطعها أبيها و لم يعد يتواصل معها على الإطلاق بعد ما أفشى عمها له كل أفعالها .
في كل مرة تحاول بها إنقاذ نفسها و الأبتعاد عن الحب و عن هذا الشخص الذي أحبته ، قلبها يعود إليه و لم يهوى غيره ، فقد أرادته بشدة ، و لكنه شخص غير مسؤول و غير مبالي أيضاً و تعلق بفتاة صغيرة و قد لا يكون حباً مايكمنه لها قد يكون أستغلال لها كما وصفته أمها لاحقاً .
كان حضها سيء بالحب و بأختيار الحبيب ، و لكن القلب و مايهوى ، و لكن الجميع يحاربها من أجل أن تتركه و نحن لدينا مقولة متعارف عليها بأنه " كل ممنوع مرغوب "
فبكل مرة يبعدونها عنه إجباراً تتمسك به أكثر كما لو أنه الملاذ الأخير للخلاص من حياتها البائسة معهم .
تضن بزواجها منه ستعيش بسعادة أبدية و لكن من يدري
لم توحي أخلاقه الطائشة بذلك الوقت بأنه شخص يوفي بوعده و يحافظ على العهد ، لذا كانت يجب أن تفهم بأن القدر يحاول يبعدها عنه بشتى الطرق و لكن لم تفهم هذا الشيء إلا متأخراً بعد معاناة طويلة الأمد من تعذيب للروح من فراق و ألم و حسرة و شوق ، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من مسار حياتها وتختار طريقها المختصر الصحيح .
فأنا لا أعلم لما الفتيات يعتقدن بأن الزواج هو المفر و الطريق الأقصر للتخلص من معاناة أهلهن ، عزيزتي إن لم تحضي بأهل جيدين هذا لايعني إن رميتي بنفسك عند أول شخص أحببته ستعيشين بمنتهى السعادة .
أحرصي على أن تستندي على عمودكِ الفقري و تتكأي على يديكِ فقط ، و أختاري طريق يناسب قناعاتك و طموحاتكِ و ليس رجل يأمركِ طوال الليل و النهار .
كَوّني نفسك و كُوني طموحة و قدسي نفسك فأنتِ لستِ شيء سهل أنت معجزة من الصبر و التحملات بجسدك و قلبك وكيانكِ ورحمك التي تتحملين فيه طفل تسع شهور و يُخلق ضمن أحشائك .
عليكِ أن تعرفي بأنكِ أعظم شيء قد خلقه الله فأصبري على قدركِ و أنتظري القدر متى سينير لك الطريق ، لا تكوني عنيدة ، فمعاندة القدر لن تجدي نفعاً ، و الدموع الكثيرة لن تزيل شيء سوى أرهاق روحك ، كوني أنت ، و مَثلي نفسكِ بمجتمعكِ و أفرضي نفسكِ عليه بالطريقة الملائمة .
و إياكِ و السير عكس التيار ، سيري معه و ستستدلين على الطريق حتماً .
أرجو أن يتعلم أحدكم شيء مما عانته سارة ، أختصروا الطريق على أنفسكم كي لاتعيشوا مثل ماعاشت وعانت .
الفصل الأول :
(نشر الإشاعات )
كنت أبكي بغرفتي و ودت لو أضم كل شيء فيها فقد أصبحت للحظة هي المؤنس الوحيد و الصديق القريب و الملجأ الذي أحادث به نفسي و تنزل دموعي و لا أظهرها لأحد ، فقد كانت لدي خصوصية على الأقل خزانة لوحدي وسرير وطاولة و كرسي و مرآة ، فأكثر شيء أفتقدته هو مرآتي الملتصقة بالحائط ، كانت أكثر الأشياء التي كنت أتحدث معها و أخبرها بأدق تفصيل أمر فيه .
بتول : لا أعلم كيف أستطيع مساندتك ، أخبريني الآن أي شيء أرجوكِ .
سارة : أنا حقاً أفكر و أفتقد كل شيء منذ هذه اللحظة ، و لا أعلم ماذا أفعل كي يرحمني .
بتول : لاتحزني ، أينما ذهبتي سنأتي لزيارتك .
حينها أنهمرت دموع سارة بشدة مع صوت نهدات متقطعة .
سارة : ستزوروني ؟ آه و كنت أتمنى أن أعيش معكم و تتغير حياتي ، كنت أضن بأنني أصبحت أسعد أنسانة بالحياة .
ضحى : أرجوكِ يكفي فقد قطعتِ قلبي ، لا أضن بأنه سيأخذك لمكان بعيد .
سارة : هذا إن جعلني أبقى على قيد الحياة ، سجلي عندكِ رقم ماجد و أخبريه بما حدث أرجوكِ .
بتول : و أنت بهذه الحال تفكرين بهِ ؟ و هو من سبب لك كل هذا الدمار .
ضحى : أتعلمين ياسارة ، قد يريد الله أن يبعدك عنه .
سارة : لا ليس صحيح فهو الوحيد الذي وقف بجانبي في حين تكالبوا علي أهلي و أعمامي قد يكون طائش قليلاً و لكنه الوحيد الذي أحبني من قلبه و يحاول الحصول علي ، و لو قبلت أمي لتخلصت من هذا العناء .
بتول : حسناً ياعزيزتي لاعليكِ.
حينها انفتح الباب بقوة و ضُرب بالحائط الذي خلفه
و قفت سارة على قدميها من هول الضربة فهي لا تعرف ماذا سينتظرها .
بقيت في غرفتها و تضم بتول من خوفها ، و تحاول إيجاد شخص منقذ أو ملجأ للهروب و لكن لا مفر .
أيمن : أين أنت يا غبية ؟
سارة : أنا هنا ياعمي .
أيمن : لا تقولي عمي ، هيا أمشي أمامي بسرعة و أنتِ أيتها الأم الفاشلة ، سنتحدث فيما بعد ، بعدما أجد حلاً لأبنتك الشاذة و الرخيصة ، و لكنك أرخص منها لأنه ليس بلسانك كلمة جميلة سوى الغلط و العجرفة و التكبر ،هل تعتقدين هذا سلاحك ؟ أنتظري و سترين ماذا سيحصل .
لم تستطع سلمى التفوه بأي كلمة و كانت تنظر بخذلان و أنكسار فهي تتعرض للشتائم من سلفها و لازوج حولها ليحميها من ألسنتهم المتسلطة .
كانت سارة تنظر لأمها و لأخوتها بنظرة أنكسار و خجل و هي تتأمل المكان و تودع بنظراتها كل شيء و حتى بنات خالها التي نَظرت إليهن بحسرة ، كانا واقفتان عند باب غرفتها و الدموع تملئ عيونهن كما لو أن سارة ذاهبة بلا عودة .
أخرج عمها حقائبها إلى السيارة و من ثم خرجت و هي تتأمل الحي و بيت ماجد و تمنت لو كان موجود لتراه لأخر مرة و لكن لم يكن هناك أحد مع الأسف ، صعدت إلى السيارة من الخلف و أخذها عمها إلى منزله الذي يبعد عن منزل أهلها في السيارة ساعة .
دخلت إلى منزل عمها و دموعها تتناثر على وجنتيها و قلبها يحترق ، أستقبلتها زوجة عمها فرح و شعرت بالخوف عندما رأت سارة بمنظر مخزٍ ، بشعرها المتناثر و دموعها التي خالطها الكحل و الذي يسيل إلى وجهها .
فرح : مابكِ يا عزيزتي ؟ ماذا حصل ؟
دخل أيمن بعدها و هو غاضب و يعقد عاجبيه .
أيمن : هذه الحقيرة إن رأيتها تمسك هاتف أو تفتح باب أو تخرج منه سأرميك أنت أيضاً ، هل فهمتي ؟
فرح : حسناً فهمت .
أيمن : هيا أبقي الآن في هذه الغرفة لحين عودتي و لاتخرجي منها .
بدأت سارة تسير بخطوات متباطئة يملئها اليأس و لكن كان كل همها كيف تهرب و تتخلص من عمها .
لم يكن عمها سيء الطباع أبداً و لكن مافعلته سارة من عناد و تكبير رأس و إصرار على بقائها بمرافقة شخص سيء و الكل ينظر له نظرة سوء جعله ينغاظ منها و يكرهها في البداية .
بعد إن دخلت سارة قام عمها بقفل باب الغرفة بالمفتاح .
فرح: لما قفلته ؟
أيمن : لأنها قد تهرب أبنتنا ، أبنة الشوراع .
فرح : و لكن إن جاعت أو حصل لها مكروه كيف سأفتح الغرفة .
أيمن : دعيها ، فأنا أريدها أن تموت .
فرح : أرجوك لا تكن قاسي لهذا الحد .
أيمن : أصمتي أنتِ و لاتتدخلي بشيء لايعنيكي .
أستدار أيمن و عاد أدراجه لبيت الجدة ليتناقش الأمر مع أخواته البنات الكبار المتزوجات و يستشيرهن بالأمر .
دخلت سارة الغرفة و هي تتأمل المكان حولها و كيف ستعيش بكبت طيلة عمرها مع عم حاكم و شديد و لايقبل الخطأ .
كانت الغرفة صغيرة و بها خزانة من أربع أبواب و كانت لكل أفراد العائلة و سرير كبير واحد و لايوجد غيره في المنزل فهي غرفة عمها و زوجته .
شعرت كما لو أنه قام بحبسها بسجن حقيقي و ليس منزله ،فمنزلها بالنسبة لهذا جنة ، و لكن هو يعرف مايفعله ،فهو يريدها أن تحس بالنعمة التي تتواجد عندها بسبب أمدادات والدها المتغرب ،فرغم بعده إلا أنهم يعيشون برفاهية و ببيت جميل الكثير يتمنون الحصول عليه .
استلقت على السرير على جنبها الأيمن وضمت قدميها لبعضهما و أمسكت بهما من ركبتيها لتتكور على نفسها كالطفل .
لم تفراق الدموع عيونها في ذلك اليوم و هي تفكر بأمها و أخوتها و حبيبها التي قد تخسره و بيت خالها التي عاشت معهم كأميرة و تمنت لو أنها لم تأتي إلى هنا حتى زيارة .
هي لم ترى أن كل هذا من ترتيب القدر ، فهو الوحيد الذي يحاول أبعادها عن ماجد ومن حولها كانوا أسباب لذلك فقط .
قاطع طيف أفكارها و تخيلها لما يحصل صوت زوجة عمها (فرح)
فرح : سارة أنت بخير ؟ هل تسمعينني؟
سارة : هل رأيت مايفعلونه بي؟
فرح : أنت تعلمين بأن عمك لا يقبل أمور كهذه ، كما أنه نبهك في السابق و كان عليك أن تكوني أكثر حكمة و لاتتبعي شب كهذا لعوب و غير خلوق .
سارة بنبرة صوت حادة : لااا ، أنه ليس كذلك ، أنت لاتعرفيه ، هو شخص جيد ، لما لا تصدقونني ؟
فرح : حسناً ،كما تشاءين .
لم ترغب فرح التدخل أكثر و بالأخص أنها حاولت مع سارة و لكن دون جدوى ، فقد كانت أنسانة خلوقة و طيبة و بسيطة و لكنها مهملة بعض الشيء بترتيب بيتها و أولادها .
كان لديها بنتين إحداهما بعمر السابعة و هي الكبيرة و الآخرى السادسة و لديها أربعة أولاد أصغر منهن لم يكن فارق بالعمر بين كل واحد منهما سوى سنة ، لم أعلم لما أنجاب أطفال بهذا العدد و فوق بعضهم ، حقاً كنت أتعجب ، الأمر ليس ممتع ، لأنهم عذاب و تعب و إرهاق للأم فقط و يحتاجون لشخص يركض خلفهم طوال الوقت ، و بجلوسي عندهم كنت ذلك الشخص .
كان منزلهم كبير بعض الشيء و لكن ليس منظم تشعر بأنك ضمن سوق للبالة فكانت الغرف تعيث بالثياب لان الأطفال كانوا يرمونها بعد كل ترتيب ، لذا لم يكن هناك غرفة مرتبة بسببهم .
عندما تدخل ألى المنزل ستجد ممرر طويل يؤدي إلى صالون كبير طوله تسعة أمتار و عرض خمسة و على يسار الممر تركن غرفتين الأولى متوسطة للضيوف و الأخرى غرفة نومهم و بضمن الصالون تركن غرفة أخرى صغيرة يعيث فيها الفِراش و الثياب و الأغراض المبعثرة و كانت هي الغرفة التي أنام بها مع أولادهم طيلة السنتين من جلوسي معهم .
كان عمي في الفترة الأولى قاسي جداً معي و يعاملني معاملة كره و قسوة و كنت أرتجف خوفاً كلما نادى بأسمي لدرجة أنني أصبحت أكره أسمي و طريقة لفظه .
جعل مني خادمة له و لأولاده و مساعدة لزوجته في أمور المنزل من تنظيف و ترتيب و طبخ و أيضاً تحمل مسؤولية الأولاد و التنظيف ورائهم بعد كل كركبة يقومون بها .
عشت سنتين لا أحسد عليها ،و لكن بسبب هذه الحياة جعلني أشعر بقيمة ما كنت أملك و كيف كنت أعيش مع أمي و أخوتي و شعرت بقيمة منزلنا و ترتيبه و تصاميمه و فخامة أغراضه المريحة لسبل الحياة و حتى غرفتي أستفقدتها و تحسرت كثيراً على فقدانها .
فأنا لم أخسر البشر فقط بل خسرات جميع أشيائي المعنوية و المادية التي كنت أملكها في السابق .
مُنع مني الهاتف و قطع الهاتف الأرضي من المنزل كي لا أستخدمه و لم يكن هناك وسيلة للتسيلة سوى التلفاز ، و كلما نظرت إليه تذكرت سهراتي مع ضحى و بتول و كمية الضحك و السعادة التي كانت تغمرنا .
في الحقيقة في بداية الأمر أسودت الحياة بعيناي أكثر حيث أنني لست معتادة على حياة البساطة هذه ، قد مضيت أشهر أبكي على سريري الذي أفتقدته و حتى على وسادتي التي كنت أحتضنها في نومي و ألعابي و مرآتي .
كما أنني مُنعت من لبس القصير و من وضع المساحيق التجميلية ،لذا طلب مني رميها في القمامة .
عند أيمن الذي ذهب إلى بيت جدتي .
دخل منزلهم و هو ينفث ناراً .
أيمن : أرأيتِ ماذا فعلوا بي زوجة أبنك و ابنتها ؟ فقد جعلوا رأسي بالأرض .
الجدة : إهدأ يابني و أجعلني أفهم ماذا فعلوا هذه المرة ؟
أيمن : أخ ياأمي هذه المرة لاتناسب أخي فهي لاتعرف كيف تربي أولادها ، فمازال الكبيرة شاذة كيف سيكونون البقية ؟ لو تعرفين ماذا قالت أم مي عنها .
الجدة : هل هذه صاحبة الدكان الصغير في أول الحي ؟
أيمن : أجل ، فقد فضحتنا و كل ما مر عليه أحد تحدثه عن أبنة أبنك عديمة التربية و كيف تخرج كل يوم مع حبيبها الأزعر و اللعوب ، فلم يعجبها غير هذا الشاذ تلتصق به .
الجدة : أين هي الآن ؟ أنا سأتحدث معها .
أيمن : لن ينفع الكلام معهن ، و أنا أخذت سارة إلى منزلي ، و سأرى كيف لا تستقيم ، سأجعلها تسير بالطريق الصحيح رغماً عنها و إن لم يعجبها فسأقتلها و لن يعرف عنها أحد .
الجدة : لا ياولدي أرجوك ،أنت لست بهذا السوء ،أصبر عليها بني و ربيها أنت و سوف تكسب ثواب بها فهي صغيرة و مراهقة و لاتعرف مصلحتها .
أيمن و هو يتنهد : حسناً سأحاول ، أين هن زهرة و مها فقد أتصلت بهن ليأتين ؟
حينها طُرق الباب و كانا إخواته المتزوجات أتين من بيوتهن التي لاتبعد الكثير عن بيت الجدة بعد أن اتصل بهن أيمن .
زهرة : صباح الخير جميعاً ، مابكم فقد شغلتم بالي ؟
الجدة : صباح النور ، تفضلوا .
مها : صباح الخير أمي كيف حالكِ ؟ كيف حالك أخي ؟
أيمن : آه عن أي صباح تتحدثان و أي خير و مازالت أبنة أخيكم ترافق كل يوم أزعر جديد .
زهرة : ماذا حصل ألم توعدك من قبل بأنها تركت هذه الأمور ؟
أيمن : من لديها أم كأمها فاشلة كيف ستتعظ و تخاف و تمشي صح ؟
مها: أرجوك أخي تريث و دعك من أمها ، فأنا لا أضنها راضية عن تصرفات أبنتها ، و لكنها لم تستطيع أن تتحكم بها بطريقة صحيحة .
أيمن : لا ، لم ننتهي من قصة غرامها و بقيت سراً بيننا بل أصبحت علناً الآن و كل من في الحي و كل من يعرفنا أصبح يعرف بالأمر ، و الذي لم يعرف سيعرف حتماً ، يال الفضيحة .
زهرة : هون عن نفسك أخي ، دعهم يتحدثون ، ولو تحدثوا أمامك أسكتهم بطريقتك فلا يحق لأحد التدخل ، وبالنسبة لسارة حاول أن تجعلها تتعض و لك أجر و ثواب و لكن لا تُرهبها فهي تخاف منك كثيرة ،و إن شددت كثيراً عليها قد تفكر بالهرب .
أيمن: لا يكفيها الفضائح تريد أن تهرب أيضاً ، دعيها تهرب و سترون مالذي سيحصل .
مها : لا أخي ليس بهذا الشكل تُحل الأمور .
أيمن : دعكم منها فأنا أعرف كيف سأربيها .
الجدة : الله يرضى عليك ياولدي كن صبوراً عليها ، فالشباب بهذا العمر تربيتهم صعبة و تحتاج لرجل يحكم ، و أمها ليس لديها رجل بجانبها لتقدر عليها ، لذا لا تفتعل مشاكل لأمها مع أخوك أرجوك.
أيمن : حسناً يا أمي كما تريدين ، سأسكت عن هذا الأمر هذه المرة .
طالت حواراتهم فيما بينهم للمساء كما لو أنها قضية عامة و لكن عائلة سارة و أعمامها يهتمون بهذه القضايا و أي فتاة ترافق شب و حتى إن كان صديق فهي شاذة و تحتاج لتربية فقد كان يُصعب تغيير عقولهم .
عند سلمى *
التي مضت يومها و هي تبكي و تشد رأسها من شدة صداعه و تضن أنها ستتطلق من زوجها الآن حتماً ، فبصعوبة سامحوها المرة الماضية و لكن هذه المرة تيقنت بأنها لن تبقى ، و لم تفكر و لا لثانية بأبنتها أو بمصيرها .
وطلبت من بنات أخوها أن يذهبوا لمنزلهم كي لا يقلق والدهم و يأتي إلى هنا و يسأل عن سارة و قد تحدث مشاكل بينه و بين عمها و طلبت منهما بألا يتحدثوا بالأمر لأحد ، و قد ذهبا بعد إن ذهبت سارة مع عمها .
كانت سلمى تجلس على الكنبة و تربع قدميها عليها و تضع إحدى يديها على خدها و جالسة و هي تهز بجسدها ذهاباً و إياباً من شدة توترها .
و كانت دموعها تسيل و تتمتم .
سلمى : لا أعلم مالذي فعلته كي أُعاقب هكذا ، و لا أعلم بماذا قصرت مع هذه الفتاة لكي تجعلني أضحكوة للجميع و ملجأ للتوبيخ و الأستهزاء ، فلو كان لدي رجل لما تجرأ أحد على قرع بابي بهذا الشكل حتى ، و لا الصراخ في وجهي ، أه كل هذا بسبب بعد والدها و كل مشاكلنا أيضاً ،فلو كان معنا لكانت حياتنا أفضل ، فالمال ليس كل شيء ،فهو يستطيع أن يعمل هنا و بشيء يعطينا لقمة العيش فقط و هذا مانحتاجه ، و لكنني تعبت من أقناعه و لن أتوسل به أكثر بعد كل ماجرى علينا و كيف فُضحنا من إمرأة عديمة أخلاق أيضاً .
عند بتول و ضحى *
اللواتي دخلن منزلهن بعيون متورمة من الدموع و وجوه كئيبة و يجرّن خطواتهن ببطء و أفكار و مشاعر كثيرة تدور الآن في رؤوسهن و مالذي سيحصل لسارة .
منار : أهلاً يابناتي و حبيبات قلبي .
بتول : أهلاً أمي .
ضحى : كيف حالك ؟
منار : مابكما ؟ قولا بسرعة ، لما حالتكم يرثى لها ؟ و أين سارة ؟
بتول : أرجوكِ أمي نتحدث فيما بعد لأن رأسي تُقرع فيه الطبول الآن من الألم ، و سارة عند عمها لم يقبل أن تأتي معنا و لكن لا تُخبري أبي بشيء إلا بعدما أشرح لك الأمر .
كانت ضحى قد دخلت الغرفة واستلقت على سريرها قبل أن تتحدث بتول .
منار : حسناً حبيبتي أذهبي و أرتاحي ، المهم أنكم بخير
يتبع..