28
الفصل الثامن و العشرين :
لم يكترث مروان لما حدث كثيراً و أبعد أبنته قدر الإمكان عن الجميع بحجة أنها تدرس و لكنه كان يخشى بأن يعاقبها أحد كما هو فعل بسارة ،فهو عندما قام بضربها، ضربها بقوة دون أي رحمة أو شفقة منه .
في المساء
جلست سارة في غرفتها تفكر بما يدور حولها من أحداث تتغير و أمور تنقلب على أصحابها بطريقة غير متوقعة من كل شخص عانت منه كما لو أن الله جازاه على أفعاله ، شعرت للحظة بالأنتصار و راحة بداخلها بأن الله قد رأى عذابها و أيامها و لياليها المرة من تحمل كلام قاسي و تسفيه و تخسيس و تعسف و عنف ، و قد يكون تقبل توبتها بالفعل، لذا رد لها أجر صبرها بمعاقبة ظالميها .
أما عند مها
التي تنتظر بقلباً يفور و يغلي الصور التي تحدثت عنها صديقة أبنتها ، فهي كانت تتوقع بأن صديقتها كاذبة 90% و لكن القلق أستعمر قلبها ،لتنصدم في الصباح عند الساعة العاشرة بصور ابنتها التي تتوافد إليها و كل صورة مخيفة أكثر من التي قبلها ، وضعت يدها على قلبها و هي تنظر و توسع عينيها .
ثم وصلت إليها رسالة من نور .
" هذه الصور أغلبها من قلب الحدث اليوم ، أرجو بأن تكوني قد أستمتعي بمنظر أبنتكِ المتكبرة و هي تتصور أمام الممنوعات و تحملهن بيديها و تشارك الشب الوسيم أموره الخاطئة ،كما أنها فاشلة بكل شيء ،و أرسلتُ لكِ صور لنتائجها بالمواد أيضاً ،فلتمتعي نظرك ههه "
" أه نسيت بأن أحذرك من شيء مهم ، عليكِ أبعاد أبنتكِ عن طريقي و ألا نشرت صورها هذه في كل الأرجاء ، هل فهمتني ؟"
مها بنفسها : عن ماذا تتحدث الغبية هذه .
قامت مها بالاتصال بها .
مها : عن ماذا تتحدثين ؟ ماذا تريدين من أبنتي ؟
نور : أبعديها قدر المستطاع عن ناظري و حسب و ألا سيحدث شيء لم تتوقيه مني .
مها : لم أكن أتخيلك بهذه الحقارة بوجه بريء كالملاك الذي ظهرت به عندما أدخلناكِ إلى منزلنا .
نور : هههه ، و من لا يكذب بهذه الأيام ،كي نحصل على مانريد علينا أن نكذب .
مها : حبل الكذب قصير و سيؤدي بكِ للهلاك و لكن لا يهم .
نور : صدقاً لا يهم ،ليس هذا موضوعنا ، أرجو بأن تكوني فهمتي ماالذي عليكِ فعله بعد أن اكتشفتي كذب ابنتكِ لذا يكفيكِ مثاليات و تنصحيني بعدم الكذب ،أهتمي بأبنتك فقط و ليس لكِ علاقة بغيرها ،وداعاً .
أغلقت هور الهاتف بوجه مها و هي مصدومة مما سمعته و لم تفهم ماتريده الفتاة منها بالضبط و لما تفعل هذا ؟ و من أجل ماذا ؟
أسئلة حيرتها كثيراً و مع تفكير بهن قليلاً لم تجد جواب لذا لم تكترث لها كثيراً بل ما يقلقها تصرف أبنتها و كذبها عليها و مرافقة شخص خطر أيضاً و قد يتسبب لها بالحبس أو القتل .
انتظرت قدوم أبنتها و هي مرعوبة بشكل كبير و قلبها يخفق بشدة ، لأنها اتصلت بها كثيراً و لكن لم ترد .
عند الخامسة مساءاً طُرق الباب و ركضت مها لتفتعه و أعصابها كادت تنهار .
مها بعصبية : أين كنتِ يا سافلة ؟
رنا بصدمة : بالجامعة أين سأكون .
مها : أتصلتُ بكِ كثيراً و لكن لم تجيبي ، لما؟
رنا : كنت بالمحاضرة و لم أستطع الرد .
مها و هي تمسكها من يديها و تشدها بقوة : و لم تستطيعي أرسال رسالة ؟ .
رنا : اااه أمي أنت تؤلمينني مابكِ؟ أنا أتي كل يوم بنفس هذا الوقت ، ما الذي حدث الآن ؟
مها : و أين تقضين كل هذا الوقت ؟
رنا : بالمحاضرات طبعاً .
مها : طبعاً ياحقيرة ؟ أدخلي بسرعة أمامي إلى غرفتكِ .
رنا بخوف : ماذا هناك ؟
أغلقت مها الباب و أقفلته من الداخل و هي تحمل سياط لترتعب رنا بشدة و لكنها لم تتوقع بأن أمها علمت شيء عن جامعتها و ماذا تفعل هناك .
مها و هي تدير الهاتف بأتجاه رنا : من هذا ؟ تحدثي بسرعة دون كذب و أي كذبة سيأكل هذا السياط من جسدك .
رنا : أنه صديقي ، و لكن من أين حصلتي على هذه الصور ؟
مها و هي تضرب رنا على ظهرها : صديقكِ أم حبيبك يا سافلة ؟
رنا : ااااه ،مابكِ يا أمي أنه صديق فقط .
مها : حسناً و هذه الصورة تدل على أنه صديقك فقط ؟ و هذه ؟ و هذه ؟ و هذه الممنوعات ؟ لما أنت قذرة و تلتصقين بقذارت كهذه ؟
رنا : أنا فقط ..
مها و هي تضرب ابنتها و رنا تصرخ بقوة : أنت ماذا ؟ منذ الصباح و قلبي يغلي و حرارة جسدي أشعر بأنها أصبحت خمسين و قلبي كاد يتوقف عندما رأيت صوركِ هذه يا حقيرة ، ماذا قصرت بحق ؟ جعلتكِ تعيشين كالأميرات .
مها و هي تتنهد : لم يُشفى غليلي بعد ياكلبة ،سأريكِ ماذا سأفعل ، و هذه أخر ليلة ستنامين بغرفة نوم كهذه سأقوم بتوضيبها و وضعها في الوجيبة المطلة على هذه الغرفة لكي تنظري إليها و تتحسري دائماً و ستنامين على الأرض ،و جامعة لم يعد لديكِ و هاتفكِ سأقوم ببيعه أيضاً ،و معك نصف ساعة لتحذفي كل شيء عليه هيا بسرعة .
رنا و هي تبكي : و لكن ماذا فعلت ..
خرجت مها من غرفتها و أقفلت بابها بإحكام و كانت غاضبة بشدة و لم تخبر والدها بشيء أو أي أحد و لكن الجميع شك بأن هناك أمراً ما لتقوم أمها بمعاقبتها
كانت رنا تصرخ و تبكي بغرفتها و مصدمة بما حصل و لم تعرف من أين حصلت أمها على الصور ،كانت تريد الاتصال بحبيها بعد الذي سمعته من أمها و لكنها لم تستطع لأن مها تذكرت ذلك و عادت مسرعة باتجاهها .
مها : اعطني الهاتف بسرعة ، فأنا أصبحت أعوقع منكِ أي شيء ، هذا الخط سأقوم بكسره للأبد كي لاتحتفظي بأرقام أشخاص كهؤلاء ، كما أنه لا داعي لأن تمسحي شيء منه و لاداعي تحتفظي بأي ذكرى سأحذف أنا كل شيء ، أزيلي الرمز بسرعة .
توترت رنا و لم تعد تعرف ماالذي عليها مسحه قبل أن تراه أمها ،هل صورها ؟ أم محادثاتها ؟ أم الاتصالات ؟ أم الرسائل ؟ و لكنها لم تلحق لفعل شيء لأن أمها أخذته بالقوة .
كان عقاب رنا قاسي جداً و لم يتحمله عقلها و دخلت بحالة أكتئاب كبيرة بعد هذا العقاب الذي تعتبره تدمير للحياة و لم تعد أمها تعيرها أي اهتمام و حرمتها من كل شيء كانت تملكه حتى مصرفها اليومي و جميع أشيائها التي قامت بتوظيبها ، بل وجعلتها تنجز أعمال المنزل جميعها .
مرت الأيام عليها بصعوبة و ذات ليلة جلست بين نفسها تمتم : يا آلاهي هل ستبقى حياتي هكذا ؟ فأنا لم أعد أحتمل ،لقد تحولت من سندريلا التي تنتظر أميرها الغني إلى الخادمة ،ياولي سأموت حقاً لم أعلم كيف احتملت سارة كل عذابها و كل أستهزاء الناس بها ،و حتى أنا لقد سخرت منها و اتهمتها بالسرقة .
أنتهت الأمتحانات على خير و قد نجحت سارة و لكن بمجموع متوسط يدخلها اختصاصها الذي كانت تحلم به إلا أن عمها لم يقبل بأن تذهب للجامعة بعد نقاش طويل ومشاحنات طويلة و لكن دون فائدة لأنه مقتنع بنفسه بأنها تميل عن المسار كلما صادفت أشخاص سيئون و هنا هي تحت ناظريه سيحافظ عليها ، فهو يعتقد بأنه بالإمكان المحافظة على شخص من خلال حبسه .
أسودت الحياة بعيني سارة من جديد ،و شعرت بأن عذابها كله من أجل النجاح كان فارغ .
سارة : لما جعلني أدرس إن كان لن يسمح لي بتكملة تعليمي ؟
فرح : أنه خائفٌ عليك ، و جعلك تدرسين لتهتمي لشيء مفيد لكِ و سيغيرك للأفضل و هاقد تعلمتي الكثير من الأشياء ومن ضمنها عن أمور حياتك العادية .
سارة : و لكن ليس هذا ماأردته ، سأُجن حقاً ، انظري إلى مي لقد تركها والدها تذهب للجامعة و تسكن مع صديقاتها أيضاً.
فرح : أنت تعلمين بأن عمك مروان يختلف عن عمك أيمن .
خيم الحزن على سارة و باتت أيامها متشابهة مجدداً دون نضال أو هدف و لكنها كانت تساعد جدتها على الجلوس و النهوض و بكل مرة كانت تدعو له بالتيسير و كانت سعيدة بتلك الدعوات .
أما مي
فكانت الفتاة المحظوظة بمجتمع منغلق، وذلك لأنها تملك أب كالجبل يحميها من أي شيء و يدفع بها للأمام و مهما وقعت كان يساعدها على النهوض ، لذا نجحت في الثانوية بهذا العام و دخلت الجامعه الهندسة المدنية بمثابرتها و اجتهادها بعد تحفيز والدها .
في يوم نتائج الامتحانات الثانوية
ذهبت مها وابنتها إلى بيت الجدة ليباركا لسارة و مي أيضاً .
و كانت رنا غاضبة و لم ترغب بالذهاب إلا أن أمها أرغمتها على ذلك .
كالعادة وجدوا الجميع ببيت الجدة ،زهرة وبناتها و مروان وبناته و زوجته و بعض الأصدقاء و الأقارب أيضاً .
لم تهتم سارة لرنا كثيراً و لم تعيرها أي أهتمام ،بل جلست بجانب الجدة بعد أن قامت بالضيافة دون التحدث لتنصدم بطلب رنا لها .
رنا : اممم كيف حالك ياسارة ؟
سارة : بخير، و أنت ؟
رنا : بخير و لكن أريد أن أسالك عن شيء هل تأتين لنجلس في حديقة المنزل ؟
سارة بصدمة : أجل و لما لا .
سارت رنا بأتجاه الحديقة و هي تحمل كأس العصير بيدها و تبعتها سارة بإستغراب .
و جلسا على أريكة كبيرة مركونة هناك تحت شجرة العنب الأحمر .
رنا : اممم، أعلم بأنك مستغربة و تنتظرين ماذا سأقول و لكنني حقاً لا أعلم ما عليَّ قوله .
سارة : هل حدث معكِ شيء .
رنا بحزن : لا، ولكنني تذكرت اليوم الذي أزعجتكِ فيه و أنا متأسفة جداً على كل شيء بدر مني .
سارة بنفسها : هل أصبح الجميع آسف الآن ؟ و علي بكل ود ان أسامح مباشرة .
سارة : حسناً أنا حقاً كنت غاضبة منكِ و من نظرتكِ الساخرة لي و لكنني أسامحكِ لأنك علمت بخطأكِ معي .
رنا : هل تقبلين أن نصبح أصدقاء و سرنا واحد ؟
سارة بخوف : اممم نحنا بالأصل هكذا .
رنا : لا، أنا تكوني قريبتي غير ان تكوني صديقة مقربة لي و لأسراري .
سارة : حسناً ،لِما لا ،و لكن اخبريني لما تبدين حزينة .
و أقصت رنا قصتها على سارة التي كانت تستمع بدهشة ولكنها لم تشمت بها لأن أي فتاة قد تنغر بالنقود و تتبع طريق خاطئ عندما تكون ضعيفة لهذا الأمر ، حزنت سارة على حالها و تذكرت بأنها ذات يوم أستمعت لها و قد شعرت بالراحة أيضاً معها لولا غرورها المفاجئ وردات فعلها الغير متوقعة .
سارة : أنا حقاً حزينة من أجلكِ ، عل الأمور تتبدل و تحسنين علاقتكِ بامكِ يوماً ما.
رنا و هي تبكي : عن أي تحسن تتحدثين ،لو ترين كيف تعاملني، أصبحت عبدة عندها و أصبحت تكرهني جداً و حياتي أصبحت بائسة، أرجوكِ هل تذهبين معنا اليوم فقد كرهت المنزل علّ وجودك بخفف عليّ مصابي .
سارة : حسناً، سأسأل عمي و إن وافق سأتي معكم .
أمسك رنا بيد سارة و دموعها تسيل و تمسحها بين كل حين بيدها الآخرى ،و ضعت سارة يدها فوق يد رنا و ربتت عليها .
سارة : لاتحزني سأكون معكِ دائماً.
رنا وهي تبتسم : ههه،و أنا أيضاً، لم يعد لدينا سوى بعضنا لنشتكي هموم بعضنا دون أن نخبر بها أحد ويشمت بنا .
سارة : أجل و هو كذلك .
ذهبت سارة في ليلتها معهم و اندهشت بمنظر غرفة رنا الفارغة و التي تحوي فقط على خرانة صغيرة و أسفنجتين ممدودات على الأرض فوق سجادة بحجم الغرفة .
رنا بسعادة: ستنامين معي بغرفتي .
سارة بإمتعاظ و هي تحادث نفسها: عندما كنتِ تملكين غرفة الفخمة لم ترغبي بدخولي إليها، ههه يال هذه البشرة الطماعة التي تضن بأن كل شيء سيدوم لها .
رنا: لما تنظرين هكذا؟ ههه أعلم ماحدث بتلك الليلة و انا أعتذر عن غروري .
سارة : حسناً،لاعليك ،كانت بالفعل جميلة و لكن لعل الله يعوضكِ أفضل منها .
رنا : كيف؟ و أمي لن تغفر لي و لو اعتذرت منها عمري كله .
سارة: هوني عن نفسكِ عزيزتي، سنجد حلاً لاتقلقي .
رنا : أرجو ذلك .
بعد قليل دخلت إلى الغرفة مها وهي غاضبة و مقطبة الحاجبين حاملة بيدها فنجان قهوتها .
مها : أسمعي يارنا معكِ حلان لا ثالث لهما،و عليكِ أن تصغي إلى ما أقوله جيداً.
رنا بتوتر: ماذا هناك أيضاً ؟
مها : أبن عمك المتواجد بفرنسا قد تقدم لخطبتكِ.
رنا بغضب: ولكنني لا أحبه،كما أنه أكبر من بعشر سنوات و أنا لن أتزوجه أبداً.
مها: إذاً ستبقين على هذا الحال و هذا وضعكِ في منزل أهلكِ الذي دمرتيه بمصاريفك الكثيرة و لم تتركي لنا إلا القليل .
رنا بإمتعاظ: هل هذا عقاب أم ماذا؟ يكفي لقد تعبت، أنا نادمة جداً لما لاتسامحينني .
مها: لا أسامحكِ لأنكِ لا تستحقين المسامحة ،فكري بالأمر جيداً .
خرجت مها و تركت رنا مذهولة و هي توسع بعينيها لتستوعب ماقالته أمها لها،لتنفجر بعد ثواني بالبكاء .
رنا : أرأيتِ كيف تحولت لوحش؟ الآن أصبحت تريد رميي لأي رجل لتتخلص مني .
قامت سارة بضمها إليها و تركتها لتهدأ قليلاً .
سارة : انظري ألي و كوني قوية كما أعرفكِ،و لاتفهمي رأيي بشكلٍ خاطئ فأنا أعلم كيف تشعرين، لقد تعرضت لضغط أسوأ من هذا .
رنا بحزن: ماذا ؟
سارة: تحدثي مع أبن عمك فربما يعجبك و يكون شخص جيد و بهذه الطريقة ستسافرين وتبتعدين عن كل البشر و عن هذه البلد المدمرة، و تخطين خطوات جديدة ببلاد جديدة .
رنا: و ماذا لو كان سيء و قام بالتمثيل الآن بأنه جيد ليحصل عليّ.
سارة: حينها ستتركينها وتتحررين من قبضة أمكِ و منه و تبقين في بلاد متحررة وتفعلين مايحلو لكِ.
رنا: ههه،أجل ، و لكنني أريد أن أتزوج عن حب و ليس زواج تقليدي .
قامت رنا بطمر بوجهه بإحدى الوسائد و هي تتأفأف
سارة: فكري جيداً، و لو كنت مكانك لفكرت بنفس الأمر وقررت الخلاص و سأدع الامور تسري كما قدرها الله لي ،فالحياة مليئة بالمفاجأت الغير متوقعة.
رنا: الموضوع ليس بالأمر السهل عليّ و لكنني سأفكر به.
و بعد مرور عدة أشهر قررت رنا القبول بابن عمها من أجل السفر فقط و التخلص من العقاب الذي تتعرض له ،و تزوجت منه رغماً أنها لم تحبه أبداً وبقيت متزوجة منه عام ومن ثم تركته لتعيش حياتها حرة و وحيدة تعارك الحياة و تتحمل ضغوطات كبيرة لم تكن تعلمها،لذا ادبتها الحياة و علمتها التواضع وعدم التكبر على أحد لأن كل شخص وارد له ان يقع .
أما مي
و التي كانت من المجتهدين في الجامعة و أستمرت بسنينها حتى تخرجت بمعدل جيد جداً.
أما حسن
فقد تزوج ضحى بعد مضي عام على وفاة أمه وقد قبلوا به أهلها بعد أصرار ضحى عليه و عاشت معه بسعادة .
أما ماجد فبعد مضي سنة من حادثته السابقة راقبوه منصور و مصعب و علموا مكانه و عادوا لقتله كي لا يخبر أحداً عنهم بعد ان تعرضوا للتهديد من العميد على مواضيع كثير و شكوات ضدهم، فقد كانوا يعتقدون بان ماجد هو وراء كل هذا .
لذا قاموا بقتل بمسدس ذو راس كاتم للصوت بإحدى الليالي حيث كان ببيت حسن و عائد إلى منزله ،ليرموه في وسط شارع مظلم و لم يعلم أحداً عن موته إلا في الصباح ، ولم يعلم أحد عن القاتل شيء و لم يتوقعوا أحد،و هكذا مات و ماتت قصته معه مهموماً ،كئيباً،خالِ اليدين أعزل، ينتظر مسامحة البشر من حوله اللواتي لم يسامحه إلا بعد موته ، فقد شكل موته فاجعة كبيرة قد ضجت به المكان .
حزنت سارة كثيرة عندما شاع خبر موته و بكيت بحرقه قلب عليه لشهور و سامحته و دعت له بكل خير.
أما أمه التي فقدت صحتها شيئاً فشيئاً بعد فقدان ماجد و طلبت من حسن و زوجته بالإقامة عندها بعد أن تزوجت أخته و سافرت إلى خارج البلاد .
أما سارة فبعد مضي شهرين من هذا الحادث قامت معلمتها بخطبتها لإحدى أقاربها و كان شاب وسيم و خلوق يملك منزلاً خاص به ويعمل ضمن شركة نفط لذا كانت حالته المادية جيدة وقد وافقت عليه قبل ان تراه من خلال شرحهم عنه و اعتبرته هذا مايناسيها تماماً.
تزوجت بعد شهور و حضرت أمها حفل زفافها و إخوتها أيضاً و كانت سعيدة بوجودهم بجانبها و لو لمرة واحدة،كما اتصل بها والدها بعد زواجها لأول مرة بعد مشكلتها وبارك لها.
أما سلمى فقد سافرت إلى زوجها بعد عراك طويل عن الحال و الأوضاع السيئة الجارية لتستقر معه في الخارج للأبد مع اولادها .
عاشت سارة بسعادة مع زوجها و أستقرار وأنجبت بنت جميلة جداً تشبهها ولم تنجب غيرها.
كما أنها أكملت تعليمها و دخلت الاختصاص الذي تحبه و فتحت صالونها الخاص بها و كان جميل جداً و كبير و ملفت للأنظار و هكذا أصبح لها دخلها الخاص و شعرت بأنها حققت شيء جديد و جميل نتاج صبرها وسنينها التي مضيت .
فمن بين كل المعارك التي خسرتها كانت هناك واحدة جعلت من التضحية عزاء،ومن الانكسارمكافأة، ومن المحنة منحة . تلك التي تخلت فيها عن كل شئ من أجل " الگرامة".
" النهاية "
لم يكترث مروان لما حدث كثيراً و أبعد أبنته قدر الإمكان عن الجميع بحجة أنها تدرس و لكنه كان يخشى بأن يعاقبها أحد كما هو فعل بسارة ،فهو عندما قام بضربها، ضربها بقوة دون أي رحمة أو شفقة منه .
في المساء
جلست سارة في غرفتها تفكر بما يدور حولها من أحداث تتغير و أمور تنقلب على أصحابها بطريقة غير متوقعة من كل شخص عانت منه كما لو أن الله جازاه على أفعاله ، شعرت للحظة بالأنتصار و راحة بداخلها بأن الله قد رأى عذابها و أيامها و لياليها المرة من تحمل كلام قاسي و تسفيه و تخسيس و تعسف و عنف ، و قد يكون تقبل توبتها بالفعل، لذا رد لها أجر صبرها بمعاقبة ظالميها .
أما عند مها
التي تنتظر بقلباً يفور و يغلي الصور التي تحدثت عنها صديقة أبنتها ، فهي كانت تتوقع بأن صديقتها كاذبة 90% و لكن القلق أستعمر قلبها ،لتنصدم في الصباح عند الساعة العاشرة بصور ابنتها التي تتوافد إليها و كل صورة مخيفة أكثر من التي قبلها ، وضعت يدها على قلبها و هي تنظر و توسع عينيها .
ثم وصلت إليها رسالة من نور .
" هذه الصور أغلبها من قلب الحدث اليوم ، أرجو بأن تكوني قد أستمتعي بمنظر أبنتكِ المتكبرة و هي تتصور أمام الممنوعات و تحملهن بيديها و تشارك الشب الوسيم أموره الخاطئة ،كما أنها فاشلة بكل شيء ،و أرسلتُ لكِ صور لنتائجها بالمواد أيضاً ،فلتمتعي نظرك ههه "
" أه نسيت بأن أحذرك من شيء مهم ، عليكِ أبعاد أبنتكِ عن طريقي و ألا نشرت صورها هذه في كل الأرجاء ، هل فهمتني ؟"
مها بنفسها : عن ماذا تتحدث الغبية هذه .
قامت مها بالاتصال بها .
مها : عن ماذا تتحدثين ؟ ماذا تريدين من أبنتي ؟
نور : أبعديها قدر المستطاع عن ناظري و حسب و ألا سيحدث شيء لم تتوقيه مني .
مها : لم أكن أتخيلك بهذه الحقارة بوجه بريء كالملاك الذي ظهرت به عندما أدخلناكِ إلى منزلنا .
نور : هههه ، و من لا يكذب بهذه الأيام ،كي نحصل على مانريد علينا أن نكذب .
مها : حبل الكذب قصير و سيؤدي بكِ للهلاك و لكن لا يهم .
نور : صدقاً لا يهم ،ليس هذا موضوعنا ، أرجو بأن تكوني فهمتي ماالذي عليكِ فعله بعد أن اكتشفتي كذب ابنتكِ لذا يكفيكِ مثاليات و تنصحيني بعدم الكذب ،أهتمي بأبنتك فقط و ليس لكِ علاقة بغيرها ،وداعاً .
أغلقت هور الهاتف بوجه مها و هي مصدومة مما سمعته و لم تفهم ماتريده الفتاة منها بالضبط و لما تفعل هذا ؟ و من أجل ماذا ؟
أسئلة حيرتها كثيراً و مع تفكير بهن قليلاً لم تجد جواب لذا لم تكترث لها كثيراً بل ما يقلقها تصرف أبنتها و كذبها عليها و مرافقة شخص خطر أيضاً و قد يتسبب لها بالحبس أو القتل .
انتظرت قدوم أبنتها و هي مرعوبة بشكل كبير و قلبها يخفق بشدة ، لأنها اتصلت بها كثيراً و لكن لم ترد .
عند الخامسة مساءاً طُرق الباب و ركضت مها لتفتعه و أعصابها كادت تنهار .
مها بعصبية : أين كنتِ يا سافلة ؟
رنا بصدمة : بالجامعة أين سأكون .
مها : أتصلتُ بكِ كثيراً و لكن لم تجيبي ، لما؟
رنا : كنت بالمحاضرة و لم أستطع الرد .
مها و هي تمسكها من يديها و تشدها بقوة : و لم تستطيعي أرسال رسالة ؟ .
رنا : اااه أمي أنت تؤلمينني مابكِ؟ أنا أتي كل يوم بنفس هذا الوقت ، ما الذي حدث الآن ؟
مها : و أين تقضين كل هذا الوقت ؟
رنا : بالمحاضرات طبعاً .
مها : طبعاً ياحقيرة ؟ أدخلي بسرعة أمامي إلى غرفتكِ .
رنا بخوف : ماذا هناك ؟
أغلقت مها الباب و أقفلته من الداخل و هي تحمل سياط لترتعب رنا بشدة و لكنها لم تتوقع بأن أمها علمت شيء عن جامعتها و ماذا تفعل هناك .
مها و هي تدير الهاتف بأتجاه رنا : من هذا ؟ تحدثي بسرعة دون كذب و أي كذبة سيأكل هذا السياط من جسدك .
رنا : أنه صديقي ، و لكن من أين حصلتي على هذه الصور ؟
مها و هي تضرب رنا على ظهرها : صديقكِ أم حبيبك يا سافلة ؟
رنا : ااااه ،مابكِ يا أمي أنه صديق فقط .
مها : حسناً و هذه الصورة تدل على أنه صديقك فقط ؟ و هذه ؟ و هذه ؟ و هذه الممنوعات ؟ لما أنت قذرة و تلتصقين بقذارت كهذه ؟
رنا : أنا فقط ..
مها و هي تضرب ابنتها و رنا تصرخ بقوة : أنت ماذا ؟ منذ الصباح و قلبي يغلي و حرارة جسدي أشعر بأنها أصبحت خمسين و قلبي كاد يتوقف عندما رأيت صوركِ هذه يا حقيرة ، ماذا قصرت بحق ؟ جعلتكِ تعيشين كالأميرات .
مها و هي تتنهد : لم يُشفى غليلي بعد ياكلبة ،سأريكِ ماذا سأفعل ، و هذه أخر ليلة ستنامين بغرفة نوم كهذه سأقوم بتوضيبها و وضعها في الوجيبة المطلة على هذه الغرفة لكي تنظري إليها و تتحسري دائماً و ستنامين على الأرض ،و جامعة لم يعد لديكِ و هاتفكِ سأقوم ببيعه أيضاً ،و معك نصف ساعة لتحذفي كل شيء عليه هيا بسرعة .
رنا و هي تبكي : و لكن ماذا فعلت ..
خرجت مها من غرفتها و أقفلت بابها بإحكام و كانت غاضبة بشدة و لم تخبر والدها بشيء أو أي أحد و لكن الجميع شك بأن هناك أمراً ما لتقوم أمها بمعاقبتها
كانت رنا تصرخ و تبكي بغرفتها و مصدمة بما حصل و لم تعرف من أين حصلت أمها على الصور ،كانت تريد الاتصال بحبيها بعد الذي سمعته من أمها و لكنها لم تستطع لأن مها تذكرت ذلك و عادت مسرعة باتجاهها .
مها : اعطني الهاتف بسرعة ، فأنا أصبحت أعوقع منكِ أي شيء ، هذا الخط سأقوم بكسره للأبد كي لاتحتفظي بأرقام أشخاص كهؤلاء ، كما أنه لا داعي لأن تمسحي شيء منه و لاداعي تحتفظي بأي ذكرى سأحذف أنا كل شيء ، أزيلي الرمز بسرعة .
توترت رنا و لم تعد تعرف ماالذي عليها مسحه قبل أن تراه أمها ،هل صورها ؟ أم محادثاتها ؟ أم الاتصالات ؟ أم الرسائل ؟ و لكنها لم تلحق لفعل شيء لأن أمها أخذته بالقوة .
كان عقاب رنا قاسي جداً و لم يتحمله عقلها و دخلت بحالة أكتئاب كبيرة بعد هذا العقاب الذي تعتبره تدمير للحياة و لم تعد أمها تعيرها أي اهتمام و حرمتها من كل شيء كانت تملكه حتى مصرفها اليومي و جميع أشيائها التي قامت بتوظيبها ، بل وجعلتها تنجز أعمال المنزل جميعها .
مرت الأيام عليها بصعوبة و ذات ليلة جلست بين نفسها تمتم : يا آلاهي هل ستبقى حياتي هكذا ؟ فأنا لم أعد أحتمل ،لقد تحولت من سندريلا التي تنتظر أميرها الغني إلى الخادمة ،ياولي سأموت حقاً لم أعلم كيف احتملت سارة كل عذابها و كل أستهزاء الناس بها ،و حتى أنا لقد سخرت منها و اتهمتها بالسرقة .
أنتهت الأمتحانات على خير و قد نجحت سارة و لكن بمجموع متوسط يدخلها اختصاصها الذي كانت تحلم به إلا أن عمها لم يقبل بأن تذهب للجامعة بعد نقاش طويل ومشاحنات طويلة و لكن دون فائدة لأنه مقتنع بنفسه بأنها تميل عن المسار كلما صادفت أشخاص سيئون و هنا هي تحت ناظريه سيحافظ عليها ، فهو يعتقد بأنه بالإمكان المحافظة على شخص من خلال حبسه .
أسودت الحياة بعيني سارة من جديد ،و شعرت بأن عذابها كله من أجل النجاح كان فارغ .
سارة : لما جعلني أدرس إن كان لن يسمح لي بتكملة تعليمي ؟
فرح : أنه خائفٌ عليك ، و جعلك تدرسين لتهتمي لشيء مفيد لكِ و سيغيرك للأفضل و هاقد تعلمتي الكثير من الأشياء ومن ضمنها عن أمور حياتك العادية .
سارة : و لكن ليس هذا ماأردته ، سأُجن حقاً ، انظري إلى مي لقد تركها والدها تذهب للجامعة و تسكن مع صديقاتها أيضاً.
فرح : أنت تعلمين بأن عمك مروان يختلف عن عمك أيمن .
خيم الحزن على سارة و باتت أيامها متشابهة مجدداً دون نضال أو هدف و لكنها كانت تساعد جدتها على الجلوس و النهوض و بكل مرة كانت تدعو له بالتيسير و كانت سعيدة بتلك الدعوات .
أما مي
فكانت الفتاة المحظوظة بمجتمع منغلق، وذلك لأنها تملك أب كالجبل يحميها من أي شيء و يدفع بها للأمام و مهما وقعت كان يساعدها على النهوض ، لذا نجحت في الثانوية بهذا العام و دخلت الجامعه الهندسة المدنية بمثابرتها و اجتهادها بعد تحفيز والدها .
في يوم نتائج الامتحانات الثانوية
ذهبت مها وابنتها إلى بيت الجدة ليباركا لسارة و مي أيضاً .
و كانت رنا غاضبة و لم ترغب بالذهاب إلا أن أمها أرغمتها على ذلك .
كالعادة وجدوا الجميع ببيت الجدة ،زهرة وبناتها و مروان وبناته و زوجته و بعض الأصدقاء و الأقارب أيضاً .
لم تهتم سارة لرنا كثيراً و لم تعيرها أي أهتمام ،بل جلست بجانب الجدة بعد أن قامت بالضيافة دون التحدث لتنصدم بطلب رنا لها .
رنا : اممم كيف حالك ياسارة ؟
سارة : بخير، و أنت ؟
رنا : بخير و لكن أريد أن أسالك عن شيء هل تأتين لنجلس في حديقة المنزل ؟
سارة بصدمة : أجل و لما لا .
سارت رنا بأتجاه الحديقة و هي تحمل كأس العصير بيدها و تبعتها سارة بإستغراب .
و جلسا على أريكة كبيرة مركونة هناك تحت شجرة العنب الأحمر .
رنا : اممم، أعلم بأنك مستغربة و تنتظرين ماذا سأقول و لكنني حقاً لا أعلم ما عليَّ قوله .
سارة : هل حدث معكِ شيء .
رنا بحزن : لا، ولكنني تذكرت اليوم الذي أزعجتكِ فيه و أنا متأسفة جداً على كل شيء بدر مني .
سارة بنفسها : هل أصبح الجميع آسف الآن ؟ و علي بكل ود ان أسامح مباشرة .
سارة : حسناً أنا حقاً كنت غاضبة منكِ و من نظرتكِ الساخرة لي و لكنني أسامحكِ لأنك علمت بخطأكِ معي .
رنا : هل تقبلين أن نصبح أصدقاء و سرنا واحد ؟
سارة بخوف : اممم نحنا بالأصل هكذا .
رنا : لا، أنا تكوني قريبتي غير ان تكوني صديقة مقربة لي و لأسراري .
سارة : حسناً ،لِما لا ،و لكن اخبريني لما تبدين حزينة .
و أقصت رنا قصتها على سارة التي كانت تستمع بدهشة ولكنها لم تشمت بها لأن أي فتاة قد تنغر بالنقود و تتبع طريق خاطئ عندما تكون ضعيفة لهذا الأمر ، حزنت سارة على حالها و تذكرت بأنها ذات يوم أستمعت لها و قد شعرت بالراحة أيضاً معها لولا غرورها المفاجئ وردات فعلها الغير متوقعة .
سارة : أنا حقاً حزينة من أجلكِ ، عل الأمور تتبدل و تحسنين علاقتكِ بامكِ يوماً ما.
رنا و هي تبكي : عن أي تحسن تتحدثين ،لو ترين كيف تعاملني، أصبحت عبدة عندها و أصبحت تكرهني جداً و حياتي أصبحت بائسة، أرجوكِ هل تذهبين معنا اليوم فقد كرهت المنزل علّ وجودك بخفف عليّ مصابي .
سارة : حسناً، سأسأل عمي و إن وافق سأتي معكم .
أمسك رنا بيد سارة و دموعها تسيل و تمسحها بين كل حين بيدها الآخرى ،و ضعت سارة يدها فوق يد رنا و ربتت عليها .
سارة : لاتحزني سأكون معكِ دائماً.
رنا وهي تبتسم : ههه،و أنا أيضاً، لم يعد لدينا سوى بعضنا لنشتكي هموم بعضنا دون أن نخبر بها أحد ويشمت بنا .
سارة : أجل و هو كذلك .
ذهبت سارة في ليلتها معهم و اندهشت بمنظر غرفة رنا الفارغة و التي تحوي فقط على خرانة صغيرة و أسفنجتين ممدودات على الأرض فوق سجادة بحجم الغرفة .
رنا بسعادة: ستنامين معي بغرفتي .
سارة بإمتعاظ و هي تحادث نفسها: عندما كنتِ تملكين غرفة الفخمة لم ترغبي بدخولي إليها، ههه يال هذه البشرة الطماعة التي تضن بأن كل شيء سيدوم لها .
رنا: لما تنظرين هكذا؟ ههه أعلم ماحدث بتلك الليلة و انا أعتذر عن غروري .
سارة : حسناً،لاعليك ،كانت بالفعل جميلة و لكن لعل الله يعوضكِ أفضل منها .
رنا : كيف؟ و أمي لن تغفر لي و لو اعتذرت منها عمري كله .
سارة: هوني عن نفسكِ عزيزتي، سنجد حلاً لاتقلقي .
رنا : أرجو ذلك .
بعد قليل دخلت إلى الغرفة مها وهي غاضبة و مقطبة الحاجبين حاملة بيدها فنجان قهوتها .
مها : أسمعي يارنا معكِ حلان لا ثالث لهما،و عليكِ أن تصغي إلى ما أقوله جيداً.
رنا بتوتر: ماذا هناك أيضاً ؟
مها : أبن عمك المتواجد بفرنسا قد تقدم لخطبتكِ.
رنا بغضب: ولكنني لا أحبه،كما أنه أكبر من بعشر سنوات و أنا لن أتزوجه أبداً.
مها: إذاً ستبقين على هذا الحال و هذا وضعكِ في منزل أهلكِ الذي دمرتيه بمصاريفك الكثيرة و لم تتركي لنا إلا القليل .
رنا بإمتعاظ: هل هذا عقاب أم ماذا؟ يكفي لقد تعبت، أنا نادمة جداً لما لاتسامحينني .
مها: لا أسامحكِ لأنكِ لا تستحقين المسامحة ،فكري بالأمر جيداً .
خرجت مها و تركت رنا مذهولة و هي توسع بعينيها لتستوعب ماقالته أمها لها،لتنفجر بعد ثواني بالبكاء .
رنا : أرأيتِ كيف تحولت لوحش؟ الآن أصبحت تريد رميي لأي رجل لتتخلص مني .
قامت سارة بضمها إليها و تركتها لتهدأ قليلاً .
سارة : انظري ألي و كوني قوية كما أعرفكِ،و لاتفهمي رأيي بشكلٍ خاطئ فأنا أعلم كيف تشعرين، لقد تعرضت لضغط أسوأ من هذا .
رنا بحزن: ماذا ؟
سارة: تحدثي مع أبن عمك فربما يعجبك و يكون شخص جيد و بهذه الطريقة ستسافرين وتبتعدين عن كل البشر و عن هذه البلد المدمرة، و تخطين خطوات جديدة ببلاد جديدة .
رنا: و ماذا لو كان سيء و قام بالتمثيل الآن بأنه جيد ليحصل عليّ.
سارة: حينها ستتركينها وتتحررين من قبضة أمكِ و منه و تبقين في بلاد متحررة وتفعلين مايحلو لكِ.
رنا: ههه،أجل ، و لكنني أريد أن أتزوج عن حب و ليس زواج تقليدي .
قامت رنا بطمر بوجهه بإحدى الوسائد و هي تتأفأف
سارة: فكري جيداً، و لو كنت مكانك لفكرت بنفس الأمر وقررت الخلاص و سأدع الامور تسري كما قدرها الله لي ،فالحياة مليئة بالمفاجأت الغير متوقعة.
رنا: الموضوع ليس بالأمر السهل عليّ و لكنني سأفكر به.
و بعد مرور عدة أشهر قررت رنا القبول بابن عمها من أجل السفر فقط و التخلص من العقاب الذي تتعرض له ،و تزوجت منه رغماً أنها لم تحبه أبداً وبقيت متزوجة منه عام ومن ثم تركته لتعيش حياتها حرة و وحيدة تعارك الحياة و تتحمل ضغوطات كبيرة لم تكن تعلمها،لذا ادبتها الحياة و علمتها التواضع وعدم التكبر على أحد لأن كل شخص وارد له ان يقع .
أما مي
و التي كانت من المجتهدين في الجامعة و أستمرت بسنينها حتى تخرجت بمعدل جيد جداً.
أما حسن
فقد تزوج ضحى بعد مضي عام على وفاة أمه وقد قبلوا به أهلها بعد أصرار ضحى عليه و عاشت معه بسعادة .
أما ماجد فبعد مضي سنة من حادثته السابقة راقبوه منصور و مصعب و علموا مكانه و عادوا لقتله كي لا يخبر أحداً عنهم بعد ان تعرضوا للتهديد من العميد على مواضيع كثير و شكوات ضدهم، فقد كانوا يعتقدون بان ماجد هو وراء كل هذا .
لذا قاموا بقتل بمسدس ذو راس كاتم للصوت بإحدى الليالي حيث كان ببيت حسن و عائد إلى منزله ،ليرموه في وسط شارع مظلم و لم يعلم أحداً عن موته إلا في الصباح ، ولم يعلم أحد عن القاتل شيء و لم يتوقعوا أحد،و هكذا مات و ماتت قصته معه مهموماً ،كئيباً،خالِ اليدين أعزل، ينتظر مسامحة البشر من حوله اللواتي لم يسامحه إلا بعد موته ، فقد شكل موته فاجعة كبيرة قد ضجت به المكان .
حزنت سارة كثيرة عندما شاع خبر موته و بكيت بحرقه قلب عليه لشهور و سامحته و دعت له بكل خير.
أما أمه التي فقدت صحتها شيئاً فشيئاً بعد فقدان ماجد و طلبت من حسن و زوجته بالإقامة عندها بعد أن تزوجت أخته و سافرت إلى خارج البلاد .
أما سارة فبعد مضي شهرين من هذا الحادث قامت معلمتها بخطبتها لإحدى أقاربها و كان شاب وسيم و خلوق يملك منزلاً خاص به ويعمل ضمن شركة نفط لذا كانت حالته المادية جيدة وقد وافقت عليه قبل ان تراه من خلال شرحهم عنه و اعتبرته هذا مايناسيها تماماً.
تزوجت بعد شهور و حضرت أمها حفل زفافها و إخوتها أيضاً و كانت سعيدة بوجودهم بجانبها و لو لمرة واحدة،كما اتصل بها والدها بعد زواجها لأول مرة بعد مشكلتها وبارك لها.
أما سلمى فقد سافرت إلى زوجها بعد عراك طويل عن الحال و الأوضاع السيئة الجارية لتستقر معه في الخارج للأبد مع اولادها .
عاشت سارة بسعادة مع زوجها و أستقرار وأنجبت بنت جميلة جداً تشبهها ولم تنجب غيرها.
كما أنها أكملت تعليمها و دخلت الاختصاص الذي تحبه و فتحت صالونها الخاص بها و كان جميل جداً و كبير و ملفت للأنظار و هكذا أصبح لها دخلها الخاص و شعرت بأنها حققت شيء جديد و جميل نتاج صبرها وسنينها التي مضيت .
فمن بين كل المعارك التي خسرتها كانت هناك واحدة جعلت من التضحية عزاء،ومن الانكسارمكافأة، ومن المحنة منحة . تلك التي تخلت فيها عن كل شئ من أجل " الگرامة".
" النهاية "