لأجلك انتِ

بنت الجنوب`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-02-16ضع على الرف
  • 20.8K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

هل الصباح واشرق بانواره، ومع زقزقة العصافير على اغصان الاشجار وهي تحمد وتسبح للرحمن، يبدأ يومًا جديدًا وتدور معه الحياة في دورتها الطبيعية، في تعايش الأفراد مع واقعهم، ومزاولة مهامهم ونشاطهم اليومي، مثل ذهاب الرجال والنساء العاملات لوظائفهم، وقيام ربات البيوت بأعمال المنزل؛ استيقظت نعيمة من نومها وهي تفتح عيناها على الغرفة الباردة، والموحشة بوحدتها فيها، فركت عيناها وهي تمني نفسها بيومٍ جديد يحمل في طياته امل للقادم، مختلف عن بقية الايام السابقة، فهذا يوم الحصاد؛ حصاد تعبها وتحملها لمرار لا يحتمله بشر، تمتمت وهي تنزل بقدميها من على التخت :
- هاانت يانعيمة هانت .
تناولت طرحة خفيفة ولفتها جيدًا على راسها ورقبتها قبل ان تقف امام المراَة بروتينه، لتذكر نفسها بشكل وجهها الذي قاربت على نسيان ملامحه من كثرة الأهمال، نظرت قليلًا في وجه المرأه التى امامها وكأنها لا تعلمها؛ وجه المرأة الذي اهلكته الهموم وسرقت من شبابه لتبدوا لمن يراها اكبر من عمرها، وليست المدللة كما كانت في بيت ابيها قديمًا، والتي كانت ممتلئة حياتها بالمرح واحلام الفتيات الوردية في العيش مع فارس الاحلام، بحياة سعيدة، بعد ان حرم عليها حلم اكمال تعليمها بحكم العادات القديمة المتحكمة في القرية بزواج الفتيات صغيرات، وترك التعليم.

نظرت جيدًا لوجهها الباهت من كل مظاهر الحياة، فهى دائما ماتبدوا حزينه وذلك لما عاشته ورأته فى حياتها ، لقد كانت نعيمه تمتلك من الملامح ما يجعلها جميله ولكن زواج زوجها بامرأه اخرى متسلطه ومتجبره وانحياز زوجها للاخرى اطفأها من الداخل وافقدها ثقتها بنفسها خصوصا مع هذا الفرق الجسدى الهائل بينها وبين المدعوه صفا الزوجه الثانيه فالمذكوره تمتلك جسدا ضخما بالمقارنه مع نعيمه والتى دائما ماكان زوجها يعايرها بقصر القامه والنحافه الشديده . مما جعله كمن وجد ضالته حينما تزوج" بصفا " والتى اذاقت نعيمه الامرين منذ بداية الزواج .
.
تحركت لتخرج من غرفتها وذهبت لغرفة ابنتها، التي كانت مستلقية على تختها في سبات نومها العميق، ببشرتها الخمرية والموردة والتي تذكرها بنفسها قديمًا، وشعرها الأسود المتناثر على وسادتها بفوضوية سرقت قلبها وهي تستعيد بذاكرتها الضفائر التي حلتها ابنتها قريبًا، وهي تشعر الاَن بانوثتها الوليدة، حبيبة امها كبرت واصبح جسدها الرشيق الاَن في طول التخت بعد ان كانت على قدر كفها وهي وليدة، يالله ماأجملها.
اقتربت تجلس بجوارها بابتسامة سعيدة وهي تهزهزها بكفها على كتفها وبصوت حنون :
- زينب، يازينب ، جومى ياضي عين امك، يابت جومي .
اصدرت زينب صوتًا متذمرًا وهى تشد الغطاء عليها اكثر وقالت بصوت ناعس:
- اممم، سيبنى انام شويه ياما، الوجت لسه بدرى .
قالت نعيمة:
- بدري من عمرك ياعين امك ، جومي يابت بلاش دلع .
غمغمت بصوتٍ ناعس وكلام غير مفهوم.:
- امممنمن .
منعت نعيمة ضحكة ملحة وهي تزيد بهزهزتها تذكرها:
- يابت جومى وبطلي كسل بقى، ولا انتي ناسية ان نتيجتك النهاردة؟
ردت زينب بضيق :
- عارفة انها هاتظهر النهاردة ياما، بس برضك الوقت بدري عالصحيان، جومي دلوك وتعالي بعد شوية كدة وصحيني .
قالتها وهي تشد عليها الغطاء اكثر فاثارت استياء نعيمة وحنقها فهدرت فيها صائحة بصرامة:
- جومى يابت، هافضل اصحى فيكى اليوم كله ولا إيه؟ جومي اخلصي بلاجلع ماسخ .
انتفضت زينب بزعر من لهجة والدتها الصارمة وهي تعتدل بجذعها في الفراش لتحاول الجلوس والإيقاظ، فهي على قدر محبتها لوالدتها الحنونة، على قدر خوفها منها حينما تغصب.. فقالت بصوتٍ متوتر
-  انا جومت اها ياما، انا فوقت وصحيت كمان.
نهضت نعيمه من جوارها وهى تحدثها بحزم :
- يالا استعجلى وقومي من فرشتك، عبال مااحضرلك الفطور، اخلصي
اومأت برأسها بطاعة وهي تهم للقيام والنهوض بجذعها، لكن بمجرد ذهاب نعيمة وتحركها، سقطت زينب للدخول مرة ثانية فى الفراش لاستكمال النوم  ولكن مع نداء والدتها الذي اتى بحزم من الخارج وكأنها بالغرفة نفسها معها:
- خلصى يابت جومى
تنهض مذعوره وهى تكشف الغطاء وتنهض عن التخت:
-  حاضر ياما، انا قومت المرة دي صح والنعمة قومت.
..........................
.
اكملت " زينب " زينتها امام المرأه بعد ان تناولت فطورها مع والدتها التى لم تكف عن الدعاء لها، واصدار الوصايا لها ، خرجت اَخيرًا من الغرفه مرتدية ملابس الخروج وهى تحدث نعيمه:
- انا خلاص خلصت ياامي وطالعة.
رفعت نعيمة عيناها اليها وهي ترفع الاطباق من مائدة السفرة الصغيرة.. فتمتمت بقراءة المعوذتين وهي محدقة بماترتديه من دريس صيفي واسع وحجاب غطى نصف صدر الفستان بلونه الزهري انعكس على وجهها فاظهر تورد وجنتيها الطبيعي دون مساحيق على بشرتها الخمرية.. هتفت زينب متذمرة:
- انت هاتفضلي بصالي كدة كتير يامّا؟ انا عايزة امشي ياست الحبايب.
سالتها زينب باندهاش:
- وماتمشي يابت ايه اللي مانعك؟
ردت بتشدق :
- كيف بس ياطيبة؟ هي النتيجة اللي انتي شايلة همها من امبارج دي، هاروح اسحبها من المدرسة كدة صدقة يعني من غير فلوس؟ دا عم بيومي الفراش كان يطردني من المدرسة شر طردة لو ماخدتش حلاوته هو وزملاته العمال كمان.
- زملاته العمال كمان؟!
قالتها نعيمة باستنكار وهي تخرج حافظتها من جيبٍ داخلي في اعلى جلبابها المنزلي، وتابعت وهي تنتقي في الفلوس الورقية:
- دا الحمد لله على كدة ان خالك عدى عليا امبارح واداني ايجار الزرعة لاحسن كنت هاتصرفلك منين بقى؟ اكيد كنتي هاتروحي لصفا عشان تقنع ابوكي تديكي .
قالت الاَخيرة وهي تلوح بالورقة النقدية التي تناولتها زينب بلهفة وهي تتمتم بسخط:
- جاتها ضربة في كرشها الكبير دي كمان، دي عليها شوية تجل دم يامّا تقوليش سم، اعوذ بالله ، انا مش عارفة ابويا حاببها على إيه بس ؟
قالت نعيمة بابتسامة ساخرة:
- عشان هو كمان دمه تقيل ياعين امك، مش بيقولك الطيور على اشكالها تقع .
ابتسمت زينب بشقاوة وهي تضع النقود بداخل حقيبتها:
- طيور ايه بس يامّا؟ دا ابويا كيف الحيطة وصفا كيف الباب، انهي طيور اللي تبقى بالوزن ده .
شعرت زينب بالسعادة وهي تسمع ضحكة والدتها النادرة وهي تقهقه من قلبها، وتمنت لو استطاعت ان تجعلها دائمًا على وجه والدتها التي شبع الحزن منها، حدقت بها قليلًا قبل تتذكر موعدها :
- طب انا يدوبك احصل مشواري وامشي.
مسحت نعيمة من عينها دمعة فرت من فرط ضحكها وهي تستعيد توازنها وقالت :
- روحي ياحبيبتي وحصلي مشوارك، ربنا معاكي .
قالت زينب:
- كملي معايا جميلك يامّا واشتغلي في الدعا تاني.
نعيمة وهي تلوح بيدها:
- داعيالك يانور عينى .. ربنا يجبر بخاطرك وتجيبى مجموع عالى يدخلك كليه زينه.
قالت زينب بتأثر :
الله ياما، دعوتك حلوه جوى، مهما اسمعها منك برضوا مازهقش ربنا يستجيب يارب وادخل الكلية اللي بحلم بيها، امشى انا بجى .
نعيمه وهى ترافقها فى الخروج الى الباب 
-  خلى بالك من نفسك وانتى ماشيه، وحاولى ماتتأخريش فى الرجعة.
زينب وهى خارجه من باب الشقه:
ان شاء الله ياما، هحاول متأخرش اجى بدرى بإذن الله.
بخروج زينب من الشقة وخلفها والدتها اصطدمت اعين الاثنتان وهن في مدخل البيت مع صفا، زوجة ابيها وهى تنزل الدرج مع اولادها الصغار وصوتها يصدح خلف الاطفال الذاهبين لمدارسهم :
- خلي بالك من اختك ياواد، وانتي امسكي في يد اخوكي وانتوا ماشين في الطريق، يوه دا انا ماخدتش بالي.:
- صباح الخير يانعيمة، صباح الخير يازينب.
تمتمت نعيمة بالصباح وهي تشيح بوجهها عنها ، اما زينب التي نوت الخروج وتجاهلها تفاجأت بها توقفها :
- لابسة كدة وباينك خارجة، انتي طالعة ورايحة على فين الصبح بدرى كده يازينب؟
التفتت زينب نحو باب الخروج وهي تغمغم بحنق وغيظ منها ومن تدخلها السافر دون وجخ حق، فتحركت للخروج ولم تجاوبه، اما " نعيمه" فنظرت الى المئزر الحريرى الاحمر التى ترتديه صفا فوق ملابس النوم واثار الزينه على وجهها، بحسرة امراءة محرومة من انوثتها التي اندفنت في الماضي السحيق، رغم احتسابها زوجة امام الناس، اشتعلت نظرات صفا وهي ترى زينب تتحرك للخروج :
- في إيه يانعيمة؟ يعني انتي مابتروديش وبنتك ماشية من غير ماتعبرني ولا اكني واحدة اكبر منها واستاهل التقدير، او الرد الطبيعي. .
التفت اليها زينب برأسها وبادلتها بنظره ازدراء واستدارت مرة اخرى لتخرج وتتجاهلها ولكن صرخة منها اوقفتها:
- اوقفي عندك يابت، انتي هاتمشي من غير ماتعبريني .
... يتبع

#امل_نصر
#بنت_الجنوب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي