الفصل الأخير

قدم أمير علي قرض مُنذُ أكثر من خمسة أشهُر ، وذهب للطبيب الذي قام بإجري العملية إلي هدير ولكنها فشلت لحكمة يعلمها الله سبحانهُ وتعالي،  وبدأت الخلافات والمناوشات تعود إلي حياتهما من جديد بل وأكثر من ما كانت عليهِ ذي قبل، طلبت منه هدير أن يُجري لها العملية مرةً أخري علي أمل أن يحدث المراد تلك المرة، لكنهُ رفض بإستماته وأصّر علي موقفة مُتعللاً بعدم قدرته المالية،  فبعثت لأهلها وتجمعت العائلتان في منزل مصطفي عساف

تحدثت عنايات بنبرة حادة  :
_لازم تتصرف وتعمل لها العملية يا أمير،  إنت سمعت الدكتور بنفسك وهو بيقول إن الأمل في الحمل المرة دي كبير أوي وإن المرة اللي فاتت هدير ما مشيتش علي التعليمات زي ما الدكتور طلب بالظبط.

زفر أمير بضيق وتحدث بنبرة ساخرة :
_هو أنتِ ليه محسساني إني هفتح دُرج الكُومود وأطلع منه الخمسين ألف جنية بكل سهولة،  يا طنط أنا واخد قرض في العملية الأولي ولسه ما سددتش جنية واحد منه ومش عارف هسدده إزاي أصلاً مع طلبات الأستاذة اللي ما بتخلصش.

تحدثت هدير بنبرة تهكُمية  :
_طلبات إية يا حسرة اللي بتتكلم عنها، أومال لو معيشني زي الناس كُنت قُلت إيه، والنبي خليني ساكتة.

تحدثت راوية بنبرة حادة  :
_ساكتة، كل اللي قُلتيه ده وساكته، أومال لو إتكلمتي يا حبيبتي كنتي هتقولي إية أكتر من كده.
 
أردفت عنايات قائلة بنبرة حادة وقحة  :
_ هتقول كتير أوي يا أم أمير،  ده كفاية بُخله عليها في موضوع الأكل يا حبيبتي.

جحظت عيناي أمير وهتف يتسائل بنبرة حادة :
_ هي قالت لحضرتك إني ببخل عليها في الأكل  ؟
وأكمل:
_ ده أنا كل مرتبي ضايع علي الأكل الجاهز اللي خاربه بيتي عليه، ده أنا من وقت ما أتجوزتها ما أكلتش من إديها لحد إنهاردة ييجي عشر مرات، وكل يوم تطلب أكل من مطعم شكل وتحطني قدام الآمر الواقع قدام عامل الدليفري.

وضعت هدير ساق فوق الآخري وتحدثت بتباهي وغرور  :
_ والله إنتَ واخدني من بيت بابا وإنتَ عارف إني ما بعرفش أطبخ.

ردت عليها شيرين بنبرة حادة بعض الشئ  :
_ أيوا يا هدير، بس إنتِ وقتها وعدتينا إنك هتتعلمي تطبخي لما قُلت لك إن أمير  ما بيحبش أكل المطاعم  .

تحدثت عنايات بجرأة ودفاع :
_ حاولت وأكلها معجبش أخوكِ يا حبيبتي.

أما مصطفي الذي نطق بعد أن فاض بهِ الكيل من قذف الجبهات الدائر ببن الجميع  :
_ خلاص يا جماعة من فضلكم، ياريت تسيبكم من موضوع الطبخ والكلام الفاضي ده وتخلينا في المهم.

تحدث أكرم زوج شيرين مُتسائلا بتهكم :
_ وياتري أية بقا هو المهم بالنسبة لحضرتك يا عمي  ؟

تنفس مصطفي عالياً وزفر بهدوء ثم تحدث بتعقُل وحكمة  :
_ خلينا نتكلم بصراحة يا أبني،  لا أنا ولا إبني حِمل إننا نعمل لأختك عملية زي دي تاني وخصوصاً إنها مش مضمونة 

إنكمشت معالم وجه عنايات وتسائلت بنبرة حادة :
_ معناته إية الكلام ده يا أبو أمير ؟ 

اجابها بهدوء  :
_ معناه إننا نرضي بقضاء ربنا وحكمتة،  وإن كان ربنا رايد لهم الخلفه هتحصل من غير عملية ولا حاجه،  وياما ناس إتأخرت بالعشرين سنه وربنا رزقهم بعد الصبر.

هتفت هدير بنبرة حادة تخلو من آداب الحديث وأحترام الغير  :
_ نعم،  وإنتَ بقا عاوزني أقعد جنب إبنك عشرين سنة أستني الفرج ويا يحصل يا ميحصلش؟

إستشاط داخل أمير وتحدث إليها بنبرة غاضبة  :
_ إتعدلي وإنتِ بتتكلمي مع أبويا،  هو ده رد تردي بيه علي راجل في سن أبوكي يا بنت الأصول؟

أجابته عنايات بدفاع مُستميت عن إبنتها  :
_وعاوزها ترد إزاي يا أمير وأبوك بيقول لها تحط إيدها علي خدها وتقعد زي الولايا تستني الفرج اللي يا ييجي يا ميجيش.

أردفت راوية قائله بنبرة مستفزة  :
_ والله من ناحيتنا إحنا عملنا اللي علينا وزيادة، وده آخر ما عندنا،  لو مش عاجبكم الكلام إعملوا لها إنتم العملية علي حسابكم  .

تحدث أكرم مُستنكراً الحديث  :
_ليه،  هو العيل اللي هييجي ده هنكتبة بإسمنا ولا هيبقا علي إسم إبنك

تحدثت راوية بنبرة حادة  :
_ والله ده اللي عندنا.

صاحت عنايات بكل صوتها قائلة بإهانة  :
_ قولي كدة بقا يا راوية،  إنتم قلتم لنفسكم اما نستغفل عنايات وإبنها ونخليهم يعملوا لبنتهم العملية زي ما أستغفلتم اهل مراته الأولي وخلتوهم يتحملوا علاج بنتهم، وبعدها إبنك شال إيدة من الحكاية كُلها، بس ده بُعدكم، أنا مش هحط مليم واحد، 

وأكملت بنبرة تهديدية  :
_ويا إما أبنك يعمل العملية لهدير الشهر ده، يا كل واحد فيهم يروح لحاله

إنتفض أمير من جلسته وكأنهُ وجد ما كان يبحث عنه من خلال كلماتها وتحدث بتأكيد  :
_ أحسن كلمة إتقالت من وقت ما بدأنا القعدة دي ،  كل واحد يروح لحالة

إتسعت أعين عنايات بذهول فهي لم تقصد ما تفوهت به ولم تتوقع أن يوافق أمير علي الطلاق، وإنما ذكرته فقط للتهديد

تحدثت عنايات بنبرة حادة  :
_ده أنتَ بتتلكك بقا يا أمير، بقا عاوز تاخد بنتي لحم وترميها عظم،  هقولك إية ما أنت الخسة والندالة بتجري في دمك،

وأكملت بإهانة لشخصه :
_ بس العيب مش عليك،  العيب علينا إحنا اللي أمناك علي بنتنا وجوزنهالك بعد ما شفناك بعنينا وإنتَ بترمي مراتك الأولي أم بنتك.

إنفعل أمير وتحدث بحدة  :
_ إحترمي نفسك يا ست إنتِ ومتدخليش نفسك في اللي ما يخصكيش 

إحتد أكرم لأجل إهانة والدته وتحدث بحده  :
_ إحترم نفسك إنتَ ولم لسانك، عامل لي فيها راجل علي إية وإنتَ فيك كُل العِبر

تحدث امير بنبرة غاضبة  :
_ طب طالما إنتَ شايفني مش راجل قدامك يا سي أكرم فأختك طالق، طالق بالتلاتة.

صدمة ألجمت الجميع وشلت حواسهم من حديث ذاك المتهور، إنهارت قوي شيرين وراوية وانتفض قلبهما برعب لما هو قادم 

فتحدث مصطفي ناهراّ نجلهُ بنبرة ضعيفه وذلك من شدة تعبه الذي أصابه مؤخراً من كثرة المشاكل  :
_ إيه اللي عملته ده يا أبني،  إنتَ إتجننت؟

أجابهُ اميرة بصياح غاضب وكأنهُ فقد عقلة  :
_ بالعكس يا بابا،  أنا عقلت وبصلح وضع كان غلط من الاساس،  الجوازة دي مكنتش ليا ولا من مقامي

وبتلك الكلمات قد فتح علي حاله باب هو ليس بمقدورهِ الوقوف أمام ريحهُ العتيه

حيثُ هتفت هدير بنبرة ساخطة مهينة لرجولته  :
_ مقام مين يا أبو مقام  ،  هو أنتَ فاكر نفسك راجل وليك مقام زي باقي الرجالة ،  ده أنا كُنت صابرة عليك غُلب وأقول يا بت خليكي بنت أصول وأستري علي جوزك وداري عيوبه اللي مفيش ست عاقلة تتحملها،  تقوم تطلقني يا اللي محسوب علي الرجالة غلط.

جري عليها أمير وكاد أن يصفعها علي وجهها لولا يد أكرم التي سبقته ودفعهُ بيداه ليبتعد وتحدث بغضب  :
_ هي حصلت،  بقا عاوز تمد إيدك علي اختي قدامي وكمان بعد ما طلقتها.

ثم نظر إلي شيرين وتحدث بنبرة غاضبة  :
_ وإنتِ يا ست شيرين يا اللي فضلتي تزني علي عقلي أنا وأمي علشان نوافق علي جوازة هدير من أخوكي علشان تزلي مراتة بنت الأصول وهي مريضة، بس،الحقيقة إن إنتِ اللي مريضة بالحقد والغيرة من أمل،

وأكمل بنبرة حادة:
_ وعلشان إنتِ كنتي السبب الرئيسي في الجوازة السودة دي، فلازم إنتِ كمان تاخدي مكافأتك من الليلة دي كُلها وينوبك من الحُب جانب  .

ونظر داخل مقلتيها وتحدث بقوة  :
_ إنتِ طالق،طالق،طالق بالتلاتة

وقعت عليها الكلمة كصاعقة الكهرباء التي شلت جميع حواسها،أما راوية فلطمت خديها وباتت تندب حظ أولادها

وتحدث أكرم بقوة وشماتة إلي أمير  :
_ كدة بقينا خالصين يا أمير،
وأشار إلي أطفاله الثلاث وتحدث بشماتة  :
_وعيال أختك عندك أهم ، هسيبهم لك وإبقا وريني بقا هتصرف عليهم إزاي إنتَ وأبوك يا سبع الرجالة.

ثم أشار إلي شقيقتهُ للتقدم للخروج و والدته التي تحدثت بسعادة :
_ تسلم البطن اللي شالتك يا أكرم،  إفرحي بقعدة بنتك بالتلات عيال يا راوية

وخرج ثلاثتهم وصفقوا خلفهم الباب بقوة زلزلت أركان المنزل بأكملة

ثم تحدثت راوية وهي تلطم خديها بإنتحاب لائمة أمير :
_يا خراب بيتك يا راوية،  خربت بيت أختك يا أمير، خربت بيت أختك وأرتحت؟

تحدث إليها أمير بنبرة فظة :
_ ماحدش خرب بيتنا ووصلنا للي إحنا فيه ده غيرك إنتِ وبنتك،  لولاكم كان زماني عايش مع مراتي وبنتي، وأختي عايشة مع جوزها في بيتها بعيد عن مشاكلنا،  فياريت متجيش تلوميني علي تخطيتكم وتنفيذكم يا أم أمير

إرتمي مصطفي فوق الأريكة وتحدث بنبرة ضعيفه  :
_ لله الامر من قبل ومن بعد
_______________

داخل مسكن سحر
كانت تجلس متوسطة أمل وإيهاب ورانيا وهم يحاولون إقناعها بقبول زواجها من حسن بعدما توسط إليهم كي يقنعوا والدتهم بفكرة الزواج التي ترفضها بقوة

حيثُ تحدثت بنبرة قاطعة  :
_ ريحوا نفسكم،  أنا لا يمكن أتجوز بعد أبوكم، وخصوصاً وأنا في السن ده وأخليكم عُرضة لكلام الناس السخيف.

تحدث إيهاب بنبرة تعقُلية  :
_ ناس مين بس اللي حضرتك عاملة لهم حساب، حضرتك قومتي بواجبك ناحيتنا وأدتية علي أكمل وجة، ربتينا بعد موت بابا وتعبتي علينا لحد ما وصلتينا لبر الأمان، فمن العدل إنك تعيشي حياتك بالشكل اللي يريحك،
وأكمل:
_ خلينا نتكلم بصراحة يا ماما، حضرتك ست سنك تخطي الخمسين سنة ومش من الطبيعي إنك تعيشي لوحدك من غير ونيس،  أستاذ حسن حد محترم وشاريكي،  وأنا بصراحة بطمن له وبحترمة وهكون مطمن علي حضرتك وإنتِ معاه
أسترسل حديثهُ مُفسراً  :
_أنا كان ممكن أقول لحضرتك سوي معاش مُبكر وتعالي عيشي معايا أنا وأولادي في دُبي،  لكن هبقا أناني وأنا بحرم أخواتي البنات من حُضنك ومن زيارتهم ليكي هما وأولادهم، ده غير إني مش هكون مطمن عليهم وهما هنا لوحدهم من غيري أنا وحضرتك.

وأكمل بأسي :
_ وللاسف مجال شغلي ملوش شعبية كبيرة في مصر، ولو سِبت دُبي وأستقريت هنا هخسر كتير جداً، زائد إن أنا عملت أسم ومكان في دُبي مش هعرف اعوضهم في أي بلد تاني

تحدثت أمل بإستعطاف  :
_   وافقي يا ماما علشان خاطر حيرة إيهاب وسفرة كل شوية هنا وهناك علشان يطمن عليكي،  ده غير خوفنا كلنا وقلقنا عليكي طول الوقت وإنتِ بايته بالليل لوحدك في الشقة.

أكدت رانيا التي أمسكت كف يدها وقبلته بإستعطاف  :
_ وافقي بقا يا ماما علشان خاطرنا

وأخيراً أومأت لهم بالموافقة تحت راحة قلوبهم التي دائمة الإنشغال علي غاليتهم ومكوثها لحالها طيلة الوقت 

________________________

بعد مرور فترة من الزمن
تحركت أمل ودلفت إلي المَشفى العام المُعين به زوجها والذي يأتي إليها يومان بالإسبوع، وذلك بعدما هاتفته واخبرته أنها قد حجزت لهما في مطعم شهير ليتناولا غدائهما سوياً كنوعً من التغيير وبعيداً عن الروتين اليومي، وأخبرها بمكانه فأتت ليذهبا معاً

توقفت بسيارتها الفارهه ونزلت منها ودلفت لداخل المشفي،  كانت تتحرك داخل رواق المشفي الكبير في طريقها لمكتب زوجها، تتحرك بأناقة ثيابها العصرية المحتشمة ذات الماركة العالمية، تحمل حقيبة يد بثمنٍ باهظ كانت قد أهدتها لها والدة زوجِها الحنون بعيد زواجها بجانب عقداً ثمين،
كانت حقاً كالأميرات بهيئتِها وأثناء مرورها رأت أخر شخص كانت تتمني رؤيته،  إنهُ أمير وتجاوراه هاتان العقربتان ويبدو عليهم الحُزن وأثار البكاء،  وما أن رأها أمير حتي إنتفض من وقفته وتحرك إليها وتحدث وهو ينظر لها بعيون مُتشوقة لمن كانت لهُ الدنيا بأكملها وبخسارتها خسر دنيته وهدوئة وأستكانته.

تحدث بتساؤل وهو ينظر لكُل إنش لوجهها بتلهف وأشتياق  : 
_ أمل،  إزيك،  إنتِ بتعملي إيه هنا  ؟ 
كانت تُطالعهُ بملامح وجه مُبهمة وقلبٍ مُشمئز كاره لرؤية وجههِ التي أصبحت بغيضة بالنسبة لها بعدما كان النظر لمقلتاه مبتغاها،  فسبحان الذي يُغير ولا يتغير.

رمقت كلتا العقربتان بنظرات مُتعالية مما جعل شيرين تشتعل غضبً وحقداً وخصوصاً من رؤيتها تلك وهي بكامل صحتِها وأناقتها ومظهر وجهها الذي يبدو عليه وجه شابة في بداية عامها العشرون، وخصوصاً أن شيرين قد تغير حالها ومظهرها حتي أنها أصبحت بحال يُرثي له، حيثُ كانت ترتدي ثيابً بالية بعدما ترك لها أكرم كفالة أطفالهِ بالكامل،

ومنذُ ذاك اليوم وقد تحولت حياة أسرة مصطفي عساف إلي قاتمة سوداء،  ثلاث أطفال حقاً مسؤلية كبيرة وتحتاج أموالً كثيرة، أصبح أمير ومصطفي ينفقا جميع مُرتبيهما علي أطفال شيرين وحتي الرواتب ما عادت تكفي،،
مما جعل مصطفي يقع أرضً بعدما آُصيب بأزمة قلبية أثر ضعف قلبهِ الذي ما عاد يستطيع التحمُل بعد، وذلك بعدما شاهد مُشاجرة كبيرة بين أمير وشيرين قاما بها بسبب اطفالها وعدم راحته التي أنعدمت في بيت أبية، بعدما إضطُر إلي بيع شقته كي يستطيع تسديد مستحقات هدير بعد طلاقها ، وأيضاً تسديد قرض البنك بعدما تعثر في سدادة   


عادت أمل ببصرها إليه ثم تحدثت إلية بكبرياء علي غير عادتها ولكنه لا يستحق سوي تلك المعاملة  :
_ أنا جاية لجوزي دكتور أحمد سلام رئيس قسم الأورام هنا في المستشفي
وأكملت بتذكرة إليه: 
_ ما أنتَ عارفة،  الدكتور اللي عالجني من المرض الخبيث،  وأكملت بحديث ذات مغزي وصل معناه لأمير وشطر قلبه لنصفين  :
_ الحقيقة هو مش بس عالجني من المرض ده،  هو بتر كل الأمراض الخبيثة اللي كانت مالية حياتي.

وهُنا وجدت من يحتوي خصرِها ويحاوطهُ بإحتواء ومال علي خدها، وضع به قُبلة رقيقة تحت إشتعال قلب أمير وحسرة قلبه علي من كانت يومً ملكً له، أما الآن فهي ملك لراجل أخر يتنعم بكل ما حُرم هو منه
وتحدث إليها أحمد بعيون متشوقة عاشقة  : 
_ وصلتي أمتي يا حبيبي  ؟ 
إبتسمت له وبلحظة آُنير وجهها وأشرقت ملامحُها الجذابة وتحدثت بنبرة رقيقه وعيون تنطقُ عشقً تنمُ عن مدي عشقها الهائل لذاك الفارس  : 
_ وصلت من شوية صغيرين  .
سألها بإهتمام  : 
_ طب ليه يا حبيبي مدخلتيش المكتب  ؟ 
اجابته وهي تُشير علي ثلاثي الشر قائلة بعدم إهتمام  :
_ أنا فعلاً كنت جاية لك لكن لقيت ناس كنت أعرفهم 

نظر لهم احمد وبلحظة شعر بالغيرة تنهش داخله عندما دقق النظر وتأكد من ملامح أمير الذي لم يتعرف علية من البداية وذلك لتغير ملامح وجههُ وجسدهِ الذي إفتقد كثيراً من وزنه ونشاطةُ وهيأته ككُل
تمالك من حالة الغيرة سريعً وتحدث بقلب الطبيب الإنسان  : 
_ أستاذ أمير  ،  خير فيه حاجه أقدر أقدمها لك هنا في المستشفي ؟ 
تحدث بنبرة قوية ليحافظ علي ماء وجهه   : 
_  متشكر يا دكتور،  مفيش حاجه
حين أردفت راوية التي وقفت سريعً وتحدثت بنبرة باكية  :
_ يبقي كتر خيرك يا دكتور لو تعرف تطمنا علي الأستاذ مصطفي جوزي،  هو عندة سكته قلبية وخدوة مننا جوة بقالهم أكتر من ساعة ومحدش طلع علينا يطمنا

لم تدري لما حَزن قلبها بهذا الشكل وتذكرت طيبة ذاك الرجُل الذي إتوجد في مكانهِ الخطأ بين هؤلاء البشعة
لم تعي علي حالها إلي وهي تتحدث إليها بنبرة هادئة: 
_ ألف سلامة علي أستاذ مصطفي،
ثم نظرت إلي زوجها وأردفت قائلة برجاء:
_  من فضلك يا أحمد تدخل تشوف حالته الصحية وتطمنهم عليه.
نظر إلي زوجته الحنون وشعر بالفخر أن ذات القلب الطيب الرحيم هي زوجتة
تحدث إليها  : 
_  أكيد هعمل كدة يا حبيبتي،  وكمان هبلغ الإدارة علشان تعمل لكم تخفيض في الفاتورة بما إنه في القِسم الإستثماري
تحدث أمير بخجل من كرم ذاك الثنائي الذي فاض عليهم  : 
_ مفيش داعي للتخفيض، الحاج بيتعالج تبع التأمين الصحي الخاص بمصلحة الضرايب
أومأ لهُ أحمد بتفهُم وتحدث إلي أمل بنبرة حنون  : 
_ أنا هدخل أطمن عليه وإنتِ إستنيني في عربيتك تحت يا حبيبي.

أجابته بإستعطاف  : 
_ معلش يا حبيبي، أنا هستناك هنا علشان أطمن علي أستاذ مصطفي،  ياريت ما تتأخرش جوة علشان ما نتأخرش علي الأولاد
أومأ لها ودلف لداخل غرفة العناية المشددة حين سألتها راوية مستفسرة  : 
_ هو أنتِ خلفتي غير كارما  ؟ 

إبتسمت لها وتحدثت بنبرة هادئة  : 
_ ربنا كان كريم معايا لأبعد حد،  لما لقاني صبرت علي مرضي وأحتسبته في ميزان حسناتي كافأني وغرقني بكرمة وشملني بعطفة ،
 
وأكملت بنبرة صوت مُتأثرة:
ربنا طبطب عليا ورزقني براجل عظيم وقف جنبي وسندني بكل قوته، عوضني بحنانة اللي غمرني بيه عن كل أذي شفته في حياتي
وكمل جميلة عليا ورزقني ب توينز،  عُمر وحمزة ،
ثم وجهت حديثها إلي راوية قائله:
_ شفتي ربنا عظيم قد أيه في جبره للمظلوم .

مالت ببصرها أسفل قدميها وشعرت بالخِزي والحُزن علي ما أصاب أولادها من خيبة وتأكدت أن ما حدث لهم ما هو إلا عقاب الله لهم علي ما أقترفتهُ أياديهم بحق تلك الملاك
أما شيرين فكان قلبها يغلي مُشتعلاً علي من كانت ومازالت تبغضها وتعتبرها غريمتها رغم طيبة أمل معها.

تحدثت شيرين بنبرة حقودة  : 
_ وإنتَ بقا واقفة تستعرضي علينا لبسك وشكلك وجوزك الدكتور و أولادك التوأم علشان تندمينا  ؟ 

اجابتها بإبتسامة جانبية  : 
_  أندمكم؟ 
أندمكم ليه وعلي إيه،  ده أنتم بتخليكم عني عملتوا فيا أكبر معروف في حياتي وفتحتولي باب الجنة اللي أنا عايشه فيها حالياً مع جوزي وأهله وأولادي.

وأكملت بإبتسامة ساخرة  : 
_ ثم إنتم مبقاش ليكم وجود في تفكيري أصلاً علشان أحاول أضايقكم،  صفحتكم أنا طويتها بحلوها ومُرها ونسيتها.

تحدثت راوية بإستعطاف  : 
_ ممكن يا بنتي بعد إذنك تبقي تبعتي كارما مع الدكتور علشان جدها يشوفها، إحنا لينا أكتر من سنتين ما شوفناش البنت وإنتِ حرمانا إنها تيجي تزورنا في البيت، ويدوب أبوها بيشوفها مرة كل إسبوعين ساعتين في الرؤية

أجابتها بهدوء  :
_ أنا محرمتش حضرتك من كارما، أنا بنفذ القانون وببعت البنت للمكان المخصص للرؤية وحضرتك ممكن تروحي تشوفيها فيه،  وده بعد ما أولاد بنتك وقعوها وكسروا لها دراعها  .

واكملت لتُذكرُها  :
_ وعلي ما أتذكر إن حضرتك اللي حرمتيني زمان من بنتي في عز ما أنا كنت محتاجة لضمة حُضنها

سحبت بصرها بعيداً عن مرمي عيناها خجلاً حين تحدث أمير بأسف  وعيون تإنُ من شدة ندمِها  :
_ أنا أسف يا أمل، ياريت لو فينا نرجع الزمن من تاني ونعيده، وصدقيني عمري ما كُنت هفرط فيكي أبداً. 

إبتسمت ساخرة وأردفت  : 
_ للدرجة دي كاره لي الخير اللي وصلت له نتيجة تخليك عني،  أنا وبنتك عايشين عيشة الأمراء يا أستاذ أمير

وهُنا خرج أحمد وتحدث بأسي ونبرة حزينة  : 
_  أنا أسف يا جماعة، البقاء لله.

صرخت شيرين وراوية وسند أمير برأسهُ علي جدار المبني بأسي، حين أهتز جسد أمل ونزلت دمعه من عيناها علي ذاك المصطفي صاحب الأخلاق الذي لم تري منه أي سوء طيلة فترة زواجها من نجله

إحتضنها أحمد وتحدث إليهم بهدوء  :
_ انا هوصي الإدارة يسرعوا في التصريح بالدفن، البقاء لله

وسحب أمل داخل أحضانه وتحرك بها إلي خارج المشفي وأستقل سيارتها وجاورته هي بعدما ترك سيارته هنا بجراچ المشفي وتحرك متجهً للخارج وتساءل بحنان  :
_ إنتِ كويسه يا حبيبي؟

أومأت له بنعم فتسائل مجدداً  :
_  طب تحبي نروح وبلاش غدا برة إنهاردة  ؟

تحركت بجسدها ورمت حالها لداخل أحضانه وتحدثت بنبرة رقيقه :
_  لا يا حبيبي، أنا حابة اتغدا معاك برة.
لف ذراعهِ حول كتفِها وضمها بحنان مُقبلاً جبينها
_____________________

بعد مرور عدة أعوام
داخل حديقة فيلا عزت
كانت الاجواء صاخبة حيث يجتمع العديد من الأهل والأصدقاء ليحتفلوا بذكري ميلاد الجميلة أمل التي تحولت حياتها إلي رائعة بفضل زوجها الحبيب ورعايتهُ لها ولأطفالها الثلاث
مالت علي قالب الحلوي الفخم والذي اعدهُ لها أحمد خصيصاً داخل أحد أكبر متاجر صُنع ذلك النوع من الحلوي

أطفأت شمعتها لتودع عامها الثالث والثلاثون وتبدأ عامً تتمني أن تُقضية بجوار رجُلها وسندها
أطفأت شمعتها ورفعت قامتها لتجد من يسحبها لداخل أحضانة ويميل بشفتاه فوق جبهتها ليُقبلُها وهو يتحدث بوجهٍ يشعُ سعادة  :
_كل سنة وإنتِ في حُضني يا أميرة زماني.

ثم أشار إلي عامل كان يقف جانبً وتناول منه عُلبة فخمة خاصة بإقتناء المجوهرات، قام بفتحها بوجه أميرة زمانهُ،  لقبها الذي اطلقهُ عليها تيمُناً بأنها اميرتهُ الذي كان يبحث عنها وخرجت إلية من أسطورتها لتُنير حياتهُ وتجعل منها رائعة بعدما كانت بدونها صحراء جرداء  
شهقت بسعادة وعيون مُتسعه من شدة جاذبية وأناقة ذلك العُقد الألماسي بجواهِرهِ النادرة المرصوصة حولهُ بعناية، والذي صُنعَ لها خصيصا حيث قام بتوصية أحد المختصين بصناعة الجواهر وابلغهُ بالمواصفات وبالفعل صنعهُ لها

تحدثت بعيون تكادُ تُدمع  :
_  إنتَ جميل أوي يا حبيبي، وكل حاجه عشتها معاك وشفتها منك مميزة ورائعة زيك،  بحبك .

إبتسم لها وتحدث بعيون تنطقُ عشقً وشغفً لم يقل يومً مُنذُ أن رأها بغرفة الإشعاع  :
_ حبيبتي كل سنة وإنتِ طببة.

تحدثت إنتصار بعيون سعيدة ونبرة حماسية.:
_العُقد يجنن ومُميز يا أحمد،  يسلم ذوقك يا حبيبي

نظر إلي عيون أمل وتحدث مسحوراً:
_ أميرتي تستحق كل ما هو مُميز وفريد.

إبتسمت له بسعادة وتحدثت إنتصار بتأكيد  :
_ في دي أكيد معاك حق،  أمل حقيقي تستحق كل مميز بأخلاقها وأحترامها وقلبها الأبيض
وأكملت وهي تُناولها هديتها التي كانت عبارة عن إسوارة من الألماس وتحدثت  :
_ كل سنه وإنتِ طيبة يا أمل،  وعلي فكرة دي مش كُل هديتك.

نظرت لها أمل وتحدثت بنبرة ممتنه سعيدة  :
_ وإنتِ طيبة ومنورة حياتي يا ماما، 
واكملت بإستحياء  :
_ كل ده ولسه فاضل هدية تانية،  ده كتير عليا أوي يا ماما  .

أردفت إنتصار وهي تنظر إليها  :
_مفيش حاجه كتيرة عليكِ يا وش الخير، 
ثم تبادلت النظر بينها وبين  عُلا زوجة حمزة وتحدثت بعدل  :
_ أنا حجزت لك إنتِ وعُلا كوليكشن الصيف من دار الأزياء اللي بتتعاملوا معاها،  إبقوا روحوا بكرة وإختاروا كل اللي يعجبكم.

تحدثت عُلا بسعادة بعدما إستشفت عدل وأهتمام والدة زوجها بها هي الأخري برغم ان المناسبة تخص أمل  :
_ ميرسي يا طنط لذوق حضرتك
وأكملت بمداعبة لطيفة:
_ بس يا تري فيه رِنچ معين للفلوس هنقف عندة ولا الحساب مفتوح؟

ضحك الجميع وتحدثت إنتصار  :
_ إطمني، الحساب مفتوح يا لمضة

إحتضن حمزة زوجته وتحدث مداعبً شقيقهُ  :
_إختاروا كل اللي نفسكم فيه واللي تقصر فيه ماما الدكتور يكملة،  ماشاء الله المستشفي الجديدة اللي إفتتحها للعرب شغالة أحلا شُغل وعيني عليه باردة.

قطب أحمد جبينهُ وتحدث بدُعابه مماثلة  :
_ ده شغل قر ده بقا ولا إيه؟
أجابهُ  :
_ أيوة،  هو كده بالظبط.

ضحك الجميع بسعادة حين تحدث عزت بنبرة جادة  :
_ طب إيه رأيكم محدش هيحاسب علي الفاتورة دي غيري أنا
ثم نظر لزوجتي ولداه وتحدث بأبوية ونبرة حنون  :
_ أمل وعُلا دول بناتي اللي ربنا رزقني بيهم ومسؤلين مني 
شكرته أمل بحب وتحدثت بعيون ممتنة  :
_ ربنا يخليك لينا يا بابا.

أما حسن الذي يجاور زوجتهُ الجميلة سحر فقدم هديتهُ إلي أمل وشكرته فهي باتت تحبهُ وتحترمهُ وتعاملهُ كأبيها الذي حُرمت منه مُبكراً وذلك بعدما استطاع اكتساب محبتهم جميعا واحترامهم، حيث كان يتعامل مع والدتهم بحب ولين وحسن معاملة ويعتبر إيهاب وأمل ورانيا كأبناء له

مال أحمد علي توأمهُ وقبلهما بسعاده وأيضاً كارما التي ما عادت تُناديه إلا بأبي لشدة حنانهِ واهتمامه بها وبكل ما يخُصها، حيثُ قدم لها في مدرسة لُغات وأشترك لها في نادي عريق لتتلقي به تدريباتها

وقفت برأسٍ شامخ تتطلع علي كل الوجوة حولها وتحمد الله علي عطاياة الكثيرة لها
تطلعت علي شقيقها وزوجته وابناءة،  والدتها وزوجها والحب الذي جعلهما يبدوان كشابان في مقتبل العمر،  شقيقتها وسعادتها مع زوجها الأصيل، زوجها الحبيب وعائلتهُ المُحبة التي رزقها اللهُ بها كتعويض عن ما مرت به بحياتها،  وتأكدت حينها أن الله رزقها بمحنتِها كي يخلق لها من بين رحَمِها مِنحتها التي غيرت مجري حياتها بالكامل وجعلتها أجمل

نظرت حولها وعادت بذاكرتها إلي ذاك اليوم، إبتسمت بخفة حين خُيل لها وكان التاريخ يُعيد نفسه، لكن بأشخاص جديدة بعيدة كل البُعد عن سابقيهم  ،  أشخاص ذوات قلوب رحيمة،  قلوب تخشي الله في اعمالهم،  قلوب تحيا حياتها وتستقبل يومها ببسمة أمل جديد
بسمة أمل
تمت النوفيلا بحمد الله
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي