لاعج

آمارلس`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-07-13ضع على الرف
  • 4.5K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

بدأت أحداث قصتنا مع نزول لُعبة جديدة إلى متجر الألعاب الرقمية بـاسم "إلياذة القصر الملكي" ولشدة تشويق البرومو الخاص بها حصدت الكثير من عمليات التحميل من مختلف أنحاء العالم العربي في وقت قصير يكاد يكون أقل من نص يوم منذ صدورها لكن اللاعبين لم يكونو على علم بأنها ليست كسابقتها من الألعاب
في مدينة القاهرة وتحديداً في منزل المحامي "عادل البنا"، كانت زوجته السيدة "رقية" تصرخ على اوسط أبناءهم "آية"؛ غضباً منها على ابنتها التي لم تستيقظ بعد
-ولا عمرها هتصحى دلوقتي يا ماما فـمتتعبيش نفسك وتزعقي على الفاضي
قالها ابنها الكبير في سخرية من أخته الصغرى فـاستفز حديثه الساخر جنون والدته لتصرخ عليه هو الأخر
-ما طول ما الزفت ده في ايدك أنت وهي ودافنين راسكم جواه زي النعام هتفضلوا مطلعين صوتي للجيران
شدت الهاتف من يده واسترسلت في غضب:
-سيب الزفت ده وأدخل صحي الهانم عشان تفطر وتلحق مدرستها
-حاضر.. حاضر
أجابها في إنزعاج شديد وأنصرف لغرفة أخته وما إن ولج إلى الغرفة وأغلق الباب، ألتقط أقرب وسادة رأتها عينه وأنهال عليها بضربات متفرقه صارخاً في غيظ شديد
-قومي يا كسوله يا تخينه يا خُم نوم
كانت "آية" تصرخ بصوتٍ ناعس وهي تتفادى الضربات بكفيها حتى دلفت والدتهما وقالت في هدوء غاضب
-عشر دقايق يا "آية" والاقيكي على السفرة أتفضلي قومي ألبسي، وأنت…
تحول بصرها إلى الابن وأشارت له بـسببابتها قائله:
-أدامي على بره
وثبت "آية" عن سريرها ووقف أمام المرآة تتفحص جسدها مع دمعة حزن ترقرقت في عينيها، فـكم تكره أخاها حين ينعتها بهذه الكلمات، هي لا ترى في نفسها سمينه إذا لما هو يراها هكذا، شرعت في أرتداء زي المدرسة وهي تستمع لتوبيخ والدتها لأخيها على ضربه لها لكنها سرعان ما نفخت خديها حين أنتهت
ترددت كثيراً في الخروج لكن الوقت كان متأخراً وليس أمامها دقائق أخرى تضيعها في الهروب من صراخ والدتها، والتي حين رأتها تقترب من السفرة هددتها مجدداً
-هتفضلي كده يا أبلة تسهري كل ليلة وتنامي وش الفجر، ويا ريتك بتذاكري لا ده أنتي بتسهري على الزفت وتقضيها لعب، أسمعي يا بت أنتي لأخر مره بحذرك لو ملمتيش نفسك والله لهقول لأبوكي وخليه يسحب منك التليفون لأخر السنه
أغضبها تهديد والدتها فتناولت شطيرة سريعاً وغادرت المنزل فهي وإن كان حديث والدتها وصراخها الدائم عليها يغضبها فهي لن ترد عليها أبداً فهذه قلة تهذيب
وصلت لـصفها متأخره بضع دقائق فـنالت حصة أخرى من الصراخ عليها وهذه المره كانت من معلمها لكنها كالعادة أعتذرت منه واستمعت لتهديداته بطردها خارج الفصل وإعطاءها علامات سيئة ثم أمرها بالجلوس وألا تتأخر المرة القادمة
اسرعت نحو صديقتها وجلست جوارها مبتسمة وسعيدة لرؤيتها ثم همست لها:
-أخيراً جيتي من السفر ده أنا زهقت من القعدة لوحدي
عانقتها سريعاً وأجابتها همساً كم أشتاقت لها وللعبهما معاً واحاديثهما التافهة والطويلة عن أي شيء وكل شيء
وعلى سيرة اللعب قاطعتها "آية" في حماسة شديدة:
-بت يا "منة" في لعبة جديدة اسمها "إلياذة القصر الملكي" لسه نازله أمبارح بليل والريڤيوهات عنها حلوة والبرومو بتاعها عظمة أوي حملتها أمبارح بس نمت
ضحكت ثم كتمت ضحكتها سريعاً ونظرت نحو المعلم فوجدته منهمك في شرح إحدى المعادلات للطلاب فـعادت بنظرها إلى صديقتها وفتحت هاتفها قائله في حماسة:
-ده شكلها حمليها دلوقتي عما تيجي الفسحه لأنها كبيرة وأول ما الجرس يضرب نشغلها
وافقتها "منة" وقد جذبها اسم اللُعبة وكلام "آية" عنها
........................
في السكن الجامعي لجامعة الاسكندريه لم يكن لديه محاضرات لليوم ولم يود الخروج كـرفاقه ففضّل المكوث داخل غرفته ولعب تلك اللُعبة التي قام بتحميلها صباحاً
فتح اللُعبة وأدخل بريده الإلكتروني وسرعان ما أُرسِل له رمزاً دونه في خانته على صفحة اللُعبة، حدد جنسه ومن أي دولة هو، فـظهر له رسالة
«أهلاً بك داخل لُعبة "إلياذة القصر الملكي" نحن الفريق المطور للُعبة سعداء جداً بأختيارك للُعبتنا، لكن عزيزي اللاعب عليك أن تحذر! فمنذ أن تختار شخصيتك داخل اللُعبة عليك إخفاء شخصيتك الحقيقية عن الجميع؛ فلا تدري ربما تود الشخصيات التخلص منك»
قرأها الشاب وأزداد إعجابه أكثر باللُعبة ليهتف بحماسة شديدة:
-والله اللي عمل اللعبة دي برنس
بدأ يتنقل بين الشخصيات الكثيرة إلى أن وقعت عيناه على شخصية "مُحمد" ملك شجاع وقوي، ويحكم أكبر مملكة بين ممالك اللُعبة فتحمس كثيراً للعب بشخصيته والعيش بـدوره فـضغط زر «أوافق» وأنتظر إنتهاء التحميل والذي حين أنتهى بقيت الشاشة بيضاء لفترة طويلة بعثت الملل لروح الشاب فأغلق اللُعبة وفتحها مجدداً لكن الاضاءه القوية الصادرة من الشاشة جعلته يغمض عينيه عنوة
.......................
وفِى نفس المدينة، في منزل بأحد شوارع الإسكندرية كان الوالد يصرخ على ابنه وينعته بأبشع الألفاظ ساخطاً عليه ونافراً من تصرفاته
-لأمتى هتفضل تعيد في الكلية هه؟ ما ترد..! سمعني جمال صوتك
صفعه بقوة فتراجع الشاب في صمت ووضع كفه على خده بينما انتفضت الأُم وركضت نحوهم ووقفت حائلاً بينهما قائله والدموع تتمايل في عينيها:
-بالله عليك ما تضربه، إذا هو غلط فـأنت ياخويا أقعد وأتكلم معاه وأسمع منه واللي فاهمه هو غلط صلحهوله أنت
نكزها في كتفها بغيظ وصرخ عليها:
-مهو طول ما أنتي عماله تدادي فيه وتحاميله هيفضل يتدلع، دي تاني سنه يسقط يا هانم تقدري تقوليلي ليه؟ ده لا بيشتغل ولا عنده مسئوليّة غير المذاكرة فـيتنيل يقعد ويذاكر..! طبعاً لا، أزاي يذاكر ويبقى راجل وأنتي عماله تدلعي فيه، يفضل يسهر ليل نهار على الزفت التليفون ويلعب ويروح الامتحانات حمار وتجيلي نتيجته ساقط
اقترب منه فأحتضنته الأُم تخشى عليه من غضب أبيه، دفعه الأب في صدره وصرخ عليه:
-فهمني أنت عاوز ايه؟
وكز رأسه بغيظ مسترسلاً:
-دماغك دي فيها ايه؟ يا أخي ده اللي في سنك داخلين تالته هندسة وأنت لسه مشرف في أولى، يا جبِله، يا فاشل، يا صايع، بذمتك أنت مش مكسوف من نفسك وأنت ساقط وبتاخد مني المصروف ها، ما ترد..!
جذب الهاتف من يد ابنه ورماه أرضاً ودهسه عدة مرات حتى تهشمت الشاشة بالكامل ثم صرخ عليه:
-وأدي يا سي "فارس" التليفون أتدغدغ ومفيش غيره، أبقى أنزل أشتغل بقا يا راجل وهاتلك واحد جديد
ترك المنزل وغادر في غضب فـركض "فارس" إلى غرفته وألتقط حقيبة ظهره وضع بها ثياب للنوم وأخرى تناسب الخروج وأخذ بطاقته الشخصية وبطاقة الإئتمان خاصته وغادر الغرفة فـلحقت به والدته ودموعها تنساب على خديها في حزن صارخه
-أنت رايح فين يا واد أنت؟ مش كفاية اللي حصل، أنت عاوز أبوك يولع في البيت عشان ترتاح، خش على أوضتك مفيش خروج من البيت غير لما أبوك يوافق، وكفاية لعب بقى وأدخل ذاكر
ضم "فارس" كتفيها وقبّل جبينها في حنان مجيباً بهدوء:
-أرجوكي يا أمي سيبيني أنزل أبويا لو رجع وشافني هيتخانق تاني ومش هنخلص أنهارده، وبعدين أنا مش هروح عند حد غريب.. أنا هبات عند "كريم" ابن عمتي يومين بس عما الأمور تهدى وأبويا ينسى الموضوع، بالله عليكي سيبيني على راحتي
قبّل جبهتها مره أخرى فـربتت على كتفه قائلاً:
-طب أبقى طمني عليك يا حبيبي وخلي بالك من نفسك
شكرها "فارس" وودعها ثم غادر المنزل نحو أقرب مصرف وسحب مبلغاً كبيراً ثم توجه نحو أقرب محل لبيع الهواتف، أختار هاتفاً وذهب لفرع شركة الإتصالات ليستخرج رقماً جديداً
وأخيراً بعد أن أكتمل الهاتف بين يديه هاتف ابن عمته "كريم" ليقابله في إحدى الكافيهات ثم ذهب إليها وجلس يلعب تلك اللعبة التي قام بتحميلها للتو، أكتملت كل خانات حسابه وأختار شخصية محارب ثم وافق على شروط اللعبة وحين أكتمل التحميل بقيت الشاشة بيضاء لمدة طويلة أستفزته فأغلق اللعبة وفتحها مجدداً لكن الاضاءه القوية الصادرة من الشاشة جعلته يضع يده على عينيه بغيظ
.....................
دق جرس المدرسة معلناً عن بدأ وقت الإستراحة فأسرعت الفتاتان بفتح اللعبة وبدأت كل منهما تلمئ بياناتها ثم ظهرت لهما الرسالة
«أهلاً بكِ داخل لُعبة "إلياذة القصر الملكي" نحن الفريق المطور للُعبة سعداء جداً بأختياركِ لُعبتنا، لكن عزيزتي اللاعبة عليكِ أن تحذرِ! فمنذ أن تختارِ شخصيتكِ داخل اللُعبة عليكي إخفاء شخصيتكِ الحقيقية عن الجميع؛ فلا تدري ربما تود الشخصيات التخلص منكِ»
ضحك الفتاتان بقوة والحماس يزداد داخل قلبهما لبدأ اللعبة، كانت "آية" تتنقل بين الشخصيات لتختار شخصيتها فوقع عينيها على أميرة جميلة، ساحرة بجمالها الأخاذ
أعجبت "منة" كثيراً بجمال الأميرة ومدحت "آية" على أختيارها بينما أختارت الأخرى أميرة جميلة أيضاً بشعرٍ أصهب ووافقن على شروط اللعبة
لكن التأخر في فتح اللعبة وخاصة بعد إكتمال التحميل جعلهما تتذمران ليغلقا اللعبة ويفتحاها مجدداً فباغتتهما إضاءه شديدة جعلتهما تغلقان عينيهما بسرعة
......................
حل مساء ذلك اليوم في مدينة بني سويف، عاد "إبراهيم" من عمله في محل والده لبيع قطع غيار السيارات، منهكاً وجائعاً
تناول العشاء مع والدته وأخواته واطمئن عليهن ثم تركهم ودخل غرفته ليتسطح فوق سريره يرغب في النوم لكن صديقه أرسل له رابط اللعبة ومعها رسالة مضمونها
«حملها وتعالى وريني نفسك» ختمها بوجه ضاحك فضحك "إبراهيم" وقد عادت له طاقته وتذكر أيام المراهقة فقام بتحميل اللعبة والإنتظار يزيده حماسة
أدخل كافة بياناته وأستلم الرسالة التي زادت حماسته تجاه اللعبة ومن بين الشخصيات جذبته شخصية عامل الاسطبل الملكي فما دور هذه الشخصية الثانوية المهم لتُضع بين الأمراء والملوك والمحاربين
لذا قرر تجاهل صديقه وأختيار هذه الشخصية وبعد محاولة فاشلة في تشغيل اللعبة ضربت عينه الاضاءه القوية ليغمض عينيه في هدوء وقد انعقد حاجباه في تعجب مما حدث
لكنه حين فتح عيناه مجدداً عندما خفتت الاضاءه صعقه ما رأى…
.............................
داخل غرفتها المظلمة كانت تختبىء أسفل الغطاء، ربما لم تغادره منذ الصباح ولم تأكل أيضاً على ما يبدو؛ فالطعام بجانب سريرها كما هو، إلا أنه برد وغلفته طبقة رقيقة من السمن
أسفل عينيها سواداً شديداً وأصابها إحمرار خفيف في عينيها برز لونهما الأخضر، لكن كل هذه الأشياء لم تمنعها من ممارسة اللعب
ربما انعزالها وبقاءها وحيده أغلب الوقت جعلها تصادق الألعاب الرقمية وتستمتع بتقمص الشخصيات
أنهت أخر مستوى في اللعبة فابتسمت في سعادة لتنقلب على ظهرها بعد أن حذفتها لتفرغ المساحه لأخرى جديدة
فتحت المتجر وبدأت بتصفحه حتى جذبها برومو لُعبة "إلياذة القصر الملكي" فأسرعت بتحميلها لكن مسحتها الكبيرة منعت نزولها فحذفت كل ما لديها من ألعاب لتفرغ لها مساحة كبيرة تناسبها
وأخيراً وبعد ما يقارب النصف ساعة من الإنتظار أصبحت اللعبة على هاتفها فأسرعت بتسجيل حسابها واتباع الإرشادات
ولم تمنعها تلك الرسالة من اكمال الحساب والدخول للُعبة بل زادتها إصراراً على اللعب فأختارت
شخصية وصيفة إحدى الملكات والتي كانت
تشبهها لحدٍ ما ببشرتها السمراء
لذا أختارتها ووافقت على شروط اللعبة وأنتظرت ورغم طول مدة الإنتظار لم تفكر في حذفها ولكنها
كررت المحاولة مجدداً فأصابت الاضاءه القوية عينيها لتغلقهما بـألم
فتحت عينيها مجدداً عندما جذب سمعها صوت الضجيج المفاجئ ولسوء حظها كانت تقف أمام المرآة فنظرت لوجهها بعدم تصديق وتحسسته ببطئ
لكنه لم يكن حُلماً
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي